المهند
05-09-2005, 03:42 PM
5-9-2005/الجيش الإسلامي في العراق / موقف أهل الثغور من التصويت بـ ( لا ) على الدستور
إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد ....
مما لا شك فيه أن الدستور الذي وضعته الدولة مخالف لشريعة الله تعالى ومخالف لحكم الله تعالى الذي هو من أخص خصوصيات الله سبحانه وتعالى قال تعالى : (( أن الحكم ألا لله أمر أن لا تعبدوا ألا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) وهؤلاء الذين نصبوا أنفسهم مشرعين من دون الله حيث أوجدوا قوانين وسنوا دساتير مخالفة لشريعة الله يريدون أن يحملوا الناس للتحاكم أليها من دون شريعة الله ومن يفعل ذلك فقد نصب نفسه شريكا لله تعالى , قال تعالى عنهم (( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)) ومع ذلك فقد تبجحوا بأنهم جعلوا مع القرآن مصادر أخرى للتشريع من نفايات قوانين وأنظمة دول الكفر . وهؤلاء المشرعون هم نوع من أنواع الطواغيت المعبودة من دون الله تعالى في هذا الزمان، والواجبُ على كلِّ موحِّد أن يكفر بها ويتبرأ منها ومن أتباعها ليستمسك بالعروة الوثقى وينجوَ من النَّار؛ هذه الآلهة الزائفة والأرباب المزعومون الذين اتخذهم كثيرٌ من الخلق شركاء مشرِّعين من دون الله تعالى... {أمْ لهم شُركاءُ شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمةُ الفصل لقُضِيَ بينهم...} حيث تابعوهم على جعل التشريع حقاً وصفةً لهم ولبرلماناتهم وهيئاتهم الحاكمة الدولية أو الإقليمية أو المحلية... ونصوا على ذلك في قوانينهم ودساتيرهم وهو معروفٌ مشهورٌ عندهم فكانوا بذلك أرباباً لكلِّ من أطاعهم وتابعهم وتواطأ معهم على هذا الكفر والشرك الصُراح كما حكم الله تعالى على النصارى لما تابعوا الأحبار والرهبان في مثل ذلك... بل حال هؤلاء شرٌّ وأخبث لأن أولئك الأحبار فعلوه وتواطئوا عليه ولم يُقننوه أو يُنظموه، ولا جعلوا له دساتير وكتباً ومراسيم، يُعاقب الخارج عنها والطاعن فيها، ويعدلون بها كتاب الله بل تُهيمن وتحكم عليه، كما هو حال هؤلاء... [ أنظر كتاب الديمقراطية دين لأبي محمد المقدسي ]
فكل حكم يعارض حكم الله فهو حكم باطل ومن رضي به وهو يعلم مناقضته لحكم الله فهو كافر ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
فهذه هي نضرتنا لهذا الدستور والقوانين الباطلة , من الناحية الشرعية .
أما من الناحية الواقعية والتي هي مرتبطة أيضا بالناحية الشرعية فنظرتنا لهذا الدستور هي كما يلي :ـ
1 / أن ترك الأمر للكفار وأذنابهم بإمرار هذا المشروع يعني :ـ
آ/ تقسيم العراق إلى أقاليم جغرافية متعددة خاضعة لسلطة عميلة للمحتل تقهر الناس وتذلهم وتسومهم سوء العذاب .
ب/ استبدال معظم القوانين والنظم الإسلامية بقوانين ونظم كافرة من عندهم .
ج/ سلخ العراق عن الهوية الإسلامية والعربية وفصله عن الوطن العربي أرض المقدسات ومنبع الرسالة .
د / تغيير مناهج التعليم لإخراج أجيال جديدة تؤمن بالمفهوم الغربي للحياة وتعادي العقيدة والشريعة الإسلامية.
و / تحويل مقدرات المسلمين وأموالهم وثرواتهم نهبا للمستعمر الكافر الذي استغلها أسوأ استغلال واستذل المؤمنين أعظم الذل ومعلوم أن المسلمين في كل مكان جاهدوا هذه الأوضاع , وإنما جاء الدين الإسلامي لحفظ ضروريات المسلم .
هـ / سيطرة هؤلاء العملاء وخصوصا الرافضة على المناصب الإدارية والتي قاموا من خلالها بقتل المسلمين بأبشع الطرق والأساليب الوحشية مستخدمين هذا الغطاء لتبرير أفعالهم الإجرامية , والقتل الجماعي لأبناء السنة الذي يحدث كل يوم شاهدا على ذلك .
2 / الموقف من الاستفتاء على هذا الدستور :ـ فنحن لا نقول بما تقول به الجماعات الإسلامية كجماعة ( الإسلام المستنير ) الذين يرون أن النظام الديمقراطي لا يناقض الدين بل يوافق الإسلام وأنه لا يختلف عن الشورى , وهذا الفريق مستعد للتنازل عن كثير من أحكام الإسلام فهم يملكون منهجا لتسيير الواقع وتسويق الانحراف القائم أكثر مما يملكون منهجا لتغيير الواقع نحو الإسلام .
ولا نقول بما تقول به الجماعات المتشددة التي ترى أن كل وظيفة في ظل هذه الدول هو كفر وردة عن الإسلام , قال شكري مصطفى بعد أن ذكر مجموعة من الوظائف : ( كل ذلك أنما هو سلطان الطاغوت ودائرة اختصاصه ومواد آلوهيته , والداخلون في نظامه هم عبدته وأن لا شيء مما ذكرنا ولا حتى قشة ترفع في الطريق بأمر البلدية في بلد الطاغوت إلا وهي داخلة في إلوهيته ) { الخلافة ـ 6 / 13 } .
ولا بقول جماعة ( العزلة والانتظار ) الذين لا يملكون تصورا واضحا لتغيير الواقع ولا كيفية التعامل معه , وإنما ننطلق من النظرة الشاملة لكل الإسلام والتعامل مع الواقع بما يناسبه على حسب أصول وقواعد الشريعة الإسلامية , فالذي شرع لنا الكفر بالطاغوت وتوحيد الله وحده لا شريك له , هو الذي شرع لنا منهج التعامل مع الواقع والأخذ بجميع نصوص الدين وأصوله وقواعده الكلية التي مشى عليها الأنبياء عليهم السلام ومشى عليها الصحابة والتابعون لهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
ومن هذه الأصول والقواعد الكلية ( المصالح والمفاسد ) والأخذ بالأسباب الشرعية , فإن الموقف من الدستور يكون على ثلاثة أوجه :ـ
1/ أن تقول نعم للدستور وبهذا تمرر دستورا كفريا مخالفا لشرع الله وبذلك تخدم المخطط الصليبي الصفوي على أرض العراق .
2/ أن تقاطع التصويت وتمنع الناس عنه وهذا في الواقع يصب في مصلحة الأعداء حيث أنك أسقطت صوتك وصوت من منعته وبالنتيجة هو يقلل من أصوات رافضي الدستور ويرجح كفة الراغبين فيه وهذا عين ما يريده الأعداء , فاستمع أخي المسلم إلى هذا البيان التي تبثه جماعة فيلق بدر بين الناس لتدرك حقيقة هذا الأمر الخطير فأليك نص بيانهم : [ باسمه تعالى , اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد واللعنة على أعدائهم إلى يوم الدين , يا أحباب آل بيت النبوة يا أتباع الزهراء , أن صناديق الاقتراع القادمة هي المعركة الحقيقية المنتظرة لنصرة أهل البيت فلا تتركوا صناديق الاقتراع لغيركم حرام عليكم أن تتركوا فرصة للنواصب ليتحكموا بكم مرة أخرى , لا تشجعوا غيركم على الانتخابات القادمة , هل نسيتم حكم المجرم صدام وأعوانه ؟ أدرسوا كل السبل التي تصرف غيركم عن الانتخابات ليس بالتفجيرات والمفخخات كما يفعل التكفيريون أنما بالعقل والحكمة وتشجيع الأصوات التي لا تؤيد الانتخابات وإشاعة الرعب والخوف في قلوب الناخبين عن طريق ترويج بيانات التكفيريين , أو أنهم سيلغمون جميع الدوائر الانتخابية في المناطق السنية وتظاهروا بالتعاطف معهم , والله لئن قدروا عليكم لا سامح الله فلن تقوم لكم قائمة , يا أنصار أهل البيت فأعلنوا في مناطقكم أن المقاومة ستقتل كل من يدلي بصوته وأن استدعى الأمر أن تنشروا باسم التكفيريين والبعثيين والصداميين منشورات تهدد الناخبين بالقتل إذا توجهوا إلى صناديق الاقتراع .
يا شيعة آل البيت توحدوا واعلموا أن الانتخابات إذا شارك فيها أبناء العامة لكل شرائحهم فأنهم سيتفقون مع الأكراد ويومها ستكون الطامة الكبرى لأن في هذه الفترة الزمنية تجمعت الأحقاد في قلوبهم , فإياكم يا أتباع الزهراء من الغفلة لأن الخطر قادم فأعدوا له عدته بكل وسائلكم وأفضل العدة اليوم أن تصرفوهم عن الانتخابات ليتسنى لنا الحكم أربع سنوات لكي نقود ولا نقاد , هذا وقد أعذر من أنذر ] أهـ .
3/ التصويت على الدستور بلا , وهذا في الحقيقة يؤدي إلى رفض الدستور وإفشال المخطط وإسقاط الحكومة العميلة وتخليص المسلمين من شرها وهذه مصلحة عظيمة لعموم أهل السنة تفوق مفسدة الذهاب إلى مراكز التصويت .
فنظرتنا لحث الناس على التصويت( بلا ) لهذا الدستور هو مبني على أساس النظر إلى النتائج وما تؤول أليه الأمور والموازنة بين المصالح والمفاسد المترتبة على هذا الأمر , فالمصالح والمفاسد هي الأساس والطريق للحكم على الوسائل , فمما لا شك فيه أن طريق الحكم على وسيلة ما بأنها صالحة أو لا , هو بمقدار ما تحققه من المصالح الشرعية أو تخلفه من الأضرار والمفاسد فالنظر في العواقب وتدبر الأمور وحساب الأرباح والخسائر الدينية هو ما يجب النظر إليه والتعويل عليه , وهكذا يجب أن يكون النظر في كل خطوة من خطوات الدعوة ووسيلة من وسائلها وأسلوب من أساليبها , ومن هنا جاءت القواعد الأصولية الشرعية كقاعدة ( دفع أشد الضررين بتحمل أخفهما ) وقاعدة ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) وكذلك باب المصالح المرسلة وهو باب عظيم في أصول الفقه مفاده : أن كل أمر لم تأت الشريعة بإلغائه أو أيجابه , ورأينا فيه مصلحة جاز لنا فعله بشرطين :ـ
1/ أن لا يفوت ما هو أعظم منه مصلحة ونفعا .
2/ أن لا يؤدي إلى ضرر مماثل له أو أكبر منه .
والأدلة على ذلك كثيرة نذكر بعضا منها :
1/ تولي نبي الله يوسف عليه السلام الولاية على خزائن أرض مصر ليقيم العدل في دولة كافرة ويجنب شعبا من الشعوب خطر المجاعة , حيث عرض نفسه على ملك مصر قائلا : ( أجعلني على خزائن الأرض أني حفيظ عليم ) , وقد جعل الله هذا منا منه ونعمة على عبده يوسف عليه السلام قال تعالى : (( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء )) قال شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله : [ ومن هذا الباب تولى يوسف الصديق على خزائن الأرض لملك مصر , بل ومسائلته على أن يجعله على خزائن الأرض وكان الملك وقومه كفارا , قال تعالى : (( ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وإباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان )) ومعلوم أنه مع كفرهم لا بد أن يكون لهم عادة وسنة في تقسيم الأموال على حاشية الملك وأهل بيته وجنده ورعيته ولا تكون جارية على سنة الأنبياء وعدلهم , ...إلى أن قال : لكنه فعل الممكن من العدل والإحسان وهذا كله داخل في قوله تعالى : (( فاتقوا الله ما استطعتم )) ] { المجموع / 20 / 56 ـ 57 }
وكذلك ما فعله يوسف عليه السلام في استبقاء أخيه , ولم يطبق عليه قانون ملك مصر , وإنما طبق عليه ما عند بني إسرائيل في استرقاق أللص قال تعالى : (( قال فما جزاؤه أن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين )) فأجرى يوسف عليه السلام قانونهم وتشريعهم في ذلك كما قال تعالى : (( وكذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك )) ودين الملك هو تشريع ملك مصر , ولا شك أن شرعه في أللصوص وغيرهم مخالفا لشرع الأنبياء .
2/ عقد النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع تميم أن يرجعوا برجالهم في [ الخندق ] ولهم ثلث ثمار المدينة , ومع أن الرسول صلى الله عليه وسلم كتب العهد بينه وبينهم ولم يوقعه إلا أن الأنصار رفضوا العهد وقالوا له : يا رسول الله , أهذا شيء أمرك الله به فنطيع أم شيء تحبه لنا ؟ فقال : [ بل رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة فأحببت أن أنفس عنكم إلى حين ] { البداية / ج4 / ص 104 } فالرسول صلى الله عليه وسلم شرع في أرضاء هؤلاء الكفار بضريبة عظيمة وذلك حتى ينفس عن المسلمين بعد أن رأى كل قوى الكفر قد اجتمعت عليهم من اليهود ومشركي العرب .
وهاهو التاريخ يعيد نفسه , وما أشبه اليوم بالبارحة فقد اجتمعت قوى الكفر من اليهود والنصارى وأذنابهم من العملاء لحرب المسلمين تضربهم عن قوس واحدة فقد دمرت مدن وقرى المسلمين ونهبت خيراتهم وانتهكت أعراضهم , فرفض هذا الدستور [ الصهيوصليبي ألصفوي ] هو إسقاط لمخططاتهم وتنفيس عن المسلمين إلى حين .
3 / ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية , حيث قبل برد المسلمين إلى الكفار , مع ما فيه من قبول بالذل وإسلام المسلم لأعدائه الذين يفتنونه عن دينه , وقد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك لما كان في هذه الاتفاقية من بنود تحقق معها عزة الإسلام مستقبلا كالسلم وفتح مكة أمام الدعوة الإسلامية واعتراف قريش أن للمسلمين دولتهم وكيانهم ودينهم وفتح المجال لدخول القبائل حلفاء للمسلمين وغير ذلك .
وقد رجح الرسول صلى الله عليه وسلم جانب المصالح العظيمة بوحي من الله فهو ليس تغييرا للتشريع ولا للأحكام كقوله تعالى : (( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا )) { النساء / 75 } فالآية أمرة بوجوب نصر المؤمنين أخوانهم من ظلم الكفار , وقوله صلى الله عليه وسلم : [ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ] { متفق عليه } ومعنى يسلمه : [ يخلي بينه وبين أعدائه ] فالذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم هو من باب جلب المصالح العظيمة للأمة الإسلامية في ذلك الوقت .
قال شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله : [ إذا اجتمع محرمان لا يمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما لم يكن فعل الأدنى في هذه الحال محرما في الحقيقة , وإن سمي ذلك ترك واجب , وسمي هذا فعل محرم باعتبار الإطلاق لم يضر , ويقال في مثل هذا ترك الواجب لعذر وفعل المحرم للمصلحة الراجحة أو للضرورة أو لدفع ما هو أحرم ] { المجموع / ج20 / ص 57 } .
وشيخ الإسلام ابن تيمية عاش في زمان يماثل ما نحن فيه من وجوه كثيرة فمن ذلك سقوط الخلافة العباسية بأيدي التتر , وغلبة الجهل والظلم على أهلها وحكم بالإسلام تارة وبالأعراف والتقاليد وتشريعاتهم تارة أخرى, واستئثارهم لأنفسهم لكثير من الأموال دون المسلمين , فكان يفتي بأنه لا يجوز التخلي عن تولي الولايات العامة في مثل هذه الدويلات على ما فيها حيث قال : [ فالواجب على المسلم أن يجتهد في ذلك حسب وسعه , فمن ولي ولاية يقصد بها طاعة الله , وإقامة ما يمكنه من دينه ومصالح المسلمين وأقام فيها ما يمكنه من الواجبات واجتناب ما يمكنه من المحرمات لا يؤاخذ بما يعجز عنه , فأن تولية الأبرار خير للأمة من تولية الفجار ] { المجموع / ج28 / 390 ـ 397 }
4 / قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره عند قوله تعالى : (( قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وأنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز )) قال رحمه الله في الفوائد المتحصلة من هذه الآية : [ ومنها أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة قد يعلمون بعضها وقد لا يعلمون شيئا منها , وربما دفع عنهم بسبب قبيلتهم وأهل وطنهم الكفار كما دفع الله عن شعيب رجم قومه بسبب رهطه, وأن هذه الروابط التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين لا بأس بالسعي فيها , بل ربما تعين ذلك لأن الإصلاح مطلوب حسب القدرة والإمكان .
فعلى هذا لو سعى المسلمون الذين تحت ولاية الكفار وعملوا على جعل الولاية جمهورية يتمكن فيها الأفراد والشعوب من حقوقهم الدينية والدنيوية لكان أولى من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم الدينية والدنيوية , وتحرص على أبادتها , وجعلهم عملة وخدما لهم .
نعم أن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين وهم الحكام فهو المتعين , ولكن لعدم أمكان هذه المرتبة فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا مقدمة , والله أعلم ] { تيسير الكريم الرحمن / ج2 / ص 289 } .
وأنت ترى هنا أن مدار هذه الفتوى وهذا الاستنباط من الآية الكريمة مبني على القاعدة الفقهية [ارتكاب أخف الضررين ] وعلى هذا الأساس أفتى بعض العلماء في الدخول في مثل هذا العمل كابن باز رحمه الله وابن عثيمين رحمه الله والألباني رحمه الله وغيرهم من العلماء , وعلى أساس هذا المنطلق اتجهت بعض الجماعات الإسلامية بالدخول والمشاركة في مثل هذه البرلمانات كجماعة الأخوان المسلمين والجماعة السلفية في الكويت وجبهة الإنقاذ في الجزائر وغيرها من الجماعات , ولم نسمع عن أحد من العلماء كفرهم وقال أن هؤلاء يتحاكمون إلى شرع الطاغوت فضلا عن أن يكفر عوام الناس الذين انجروا ورائهم بدخول تلك الانتخابات , وقد بين هذا الأمر الشيخ أبو محمد المقدسي في كتابه [النكت أللوامع ] عندما ذكر كلام الشيخ عبد القادر عبد العزيز في كتابه[ الجامع في طلب العلم الشريف ]
حيث قال :
تكلم المصنف (ص780) في المجالس التشريعية (البرلمانات)، وذكر أن سبب كفر المرشَّحين ومن ينتخبونهم فيها، هو (قصد الفعل المكفر نفسه وهو الترشيح أو الانتخاب فهو كافر دون النظر إلى قصده القلبي) أهـ.
أقول بالنسبة للمنتخِبين فلا بدّ فيهم من التفصيل، وذلك لأن المنتخِب لا يباشر التشريع ولا يقع في المكفرات العديدة التي يقع فيها العضو الذي ينتخبه للبرلمان من قسم على احترام الدستور والولاء لأربابه، أو تحاكم إلى القوانين، وتشريع ما لم يأذن به الله وفق القوانين الوضعية وغير ذلك، يكفر إذا انتخبه ووكّله وأنابه عنه، للقيام بهذه الأعمال الكفرية، ولذلك يسمّى العضو نائباً لأنه ينوب عن قطاع الشعب الذي ينتخبهم في التشريع أو غيره من المهام التي يمارسها وفق نصوص الدستور.
وعلى هذا فمن انتخبهم لأجل ذلك فقد كفر لأنه أنابهم عن نفسه في ممارسة الكفر، وتواطأ معهم واجتمع على دين الديمقراطية الذي هو حكم وتشريع الشعب للشعب، وليس تشريع الله، وهذا هو قصد الفعل المكفر الذي يجب أن يشترط في تكفير المنتخِبين (بكسر الخاء)، لا قصد الكفر أي الخروج من الملّة كما يشترط البعض.
أما قصد الانتخاب، هكذا دون تفصيل كما ذكره المصنف، فإنه غير دقيق بسبب التباس حال هذه البرلمانات على الناس جعل كثير من العامة والعجائز الذين يؤتى بهم ليُدْلوا بأصواتهم لأقربائهم أو غيرهم ممن يرفعون شعارات (الإسلام هو الحل) ونحوه، فإن منهم من لا يعرف حقيقة الانتخاب ومعناه، ولا حقيقة هذه البرلمانات وواقعها ووظيفة نوابها وما يمارسونه فيها، فمنهم من يظنهم ويتعامل معهم وينتخبهم على أساس أنهم نواب خدمات يقدمونها لمناطقهم وعشائرهم ومنتخبيهم كبناء مستشفيات أو مطالبة بشق طرق أو رفع بعض المظالم وهكذا، أو يظن بأنه بانتخابه الشيخ الفلاني فإنه سيحكم بالإسلام ولا يعرف أن الشيخ صاحب الفضيلة! والعمامة الطويلة، سيقسم في أول مراحل عمله على احترام الكفر (الدستور)، والولاء للكفار والطواغيت، وأنه لا يمارس أي سلطة وعمل من أعماله، إلا وفقاً لنصوص الدستور وقوانين الكفر، وأن أهم أعماله كلها التشريع الذي منه اشتق اسم (المشرّع)، واسم مجلس التشريع.
فمن كان يعرف ذلك فهو كافر كما قال المصنّف (ص780): (لأن انتخابهم هذا هو حقيقةً اتخاذ أرباب من دون الله، كما أنه في مضمونه إقرار بوظيفة البرلمانات التشريعية المطلقة، وهذا كله من الكفر الصراح) أهـ من الجامع.
فمن اختار وانتخب وأناب عن نفسه نائباً وهو يعرف أن هذه هي حقيقة وظيفته فهو كافر وإن كان يجهل أن التشريع والطاعة فيه كفر وشرك، ما دام قد قصد العمل المكفّر نفسه، فإن الذين أطاعوا الأحبار والرهبان وتابعوهم على التشريع، لم يكونوا يعرفون أن هذه الطاعة والمتابعة عبادة، كما في حديث عدي بن حاتم الطائي ولم يكن ذلك مانعاً من كونهم قد أشركوا مع الله أرباباً.
أما ما عذرنا به العوام هنا، فهو عدم قصدهم واختيارهم للعمل المكفّر، بل كثير منهم كما هو معروف عند من خالط العوام والعجائز وخَبِرَهُمْ، لا يعرفون ماهية هذه المجالس ولا حقيقتها ولا يختارون من يختارونهم على أنهم مشرعون، ولا يعرفون حقيقة عملهم، بل يختارونهم للخدمات أو لتحكيم الشرع دون أن يعرفوا الكيفية، فهم هنا لم يقصدوا العمل المكفر بل قصدوا غيره.
وهذا هو الخطأ (انتفاء القصد) الذي ذكره الله تعالى في قوله: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً} [الأحزاب: 5] فظاهر هؤلاء أنهم ارتكبوا عملاً مكفّراً، ولكنهم لا يكفّرون إلا بعد إقامة الحجة بتعريفهم بحقيقة هذه البرلمانات وحقيقة نوابها.
والخلاصة:
أنا لم نعذر هؤلاء في جهلهم أن اختيار المشرعين وطاعتهم في التشريع كفر، ولا بما يُشقْشِقُ به البعض من أنه لا يكفر إلا من قصد الكفر والخروج من الملّة، بل لأنهم ما قصدوا العمل المكفّر نفسه، بل قصدوا شيئاً آخر، وذلك بسبب جهلهم بحقيقة هذه البرلمانات وواقعها، فكان حالهم كحال الأعجمي الذي ينطق بكلمة الكفر وهو لا يعرف مدلولها [ النكت أللوامع / 21 ] .
* * * *
نقول : وكلام الشيخ هنا في من دخل هذه الانتخابات بشكل عام فكيف بمن دخل أصلا لرفض هذه البرلمانات وهذا الدستور جملة وتفصيلا وقطع الطريق على أعداء الله في تمرير مشروعهم بالسيطرة على العراق بحجة هذا الدستور , فكيف يكون هؤلاء الرافضون لهذا الدستور كفارا فضلا عن أن يقتلوا ؟ فاعتبروا يا أولي الأبصار .
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الهيئة الشرعية
للجيش الإسلامي في العراق.
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/images/imgcache/2005/09/14.jpg
إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد ....
مما لا شك فيه أن الدستور الذي وضعته الدولة مخالف لشريعة الله تعالى ومخالف لحكم الله تعالى الذي هو من أخص خصوصيات الله سبحانه وتعالى قال تعالى : (( أن الحكم ألا لله أمر أن لا تعبدوا ألا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) وهؤلاء الذين نصبوا أنفسهم مشرعين من دون الله حيث أوجدوا قوانين وسنوا دساتير مخالفة لشريعة الله يريدون أن يحملوا الناس للتحاكم أليها من دون شريعة الله ومن يفعل ذلك فقد نصب نفسه شريكا لله تعالى , قال تعالى عنهم (( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)) ومع ذلك فقد تبجحوا بأنهم جعلوا مع القرآن مصادر أخرى للتشريع من نفايات قوانين وأنظمة دول الكفر . وهؤلاء المشرعون هم نوع من أنواع الطواغيت المعبودة من دون الله تعالى في هذا الزمان، والواجبُ على كلِّ موحِّد أن يكفر بها ويتبرأ منها ومن أتباعها ليستمسك بالعروة الوثقى وينجوَ من النَّار؛ هذه الآلهة الزائفة والأرباب المزعومون الذين اتخذهم كثيرٌ من الخلق شركاء مشرِّعين من دون الله تعالى... {أمْ لهم شُركاءُ شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمةُ الفصل لقُضِيَ بينهم...} حيث تابعوهم على جعل التشريع حقاً وصفةً لهم ولبرلماناتهم وهيئاتهم الحاكمة الدولية أو الإقليمية أو المحلية... ونصوا على ذلك في قوانينهم ودساتيرهم وهو معروفٌ مشهورٌ عندهم فكانوا بذلك أرباباً لكلِّ من أطاعهم وتابعهم وتواطأ معهم على هذا الكفر والشرك الصُراح كما حكم الله تعالى على النصارى لما تابعوا الأحبار والرهبان في مثل ذلك... بل حال هؤلاء شرٌّ وأخبث لأن أولئك الأحبار فعلوه وتواطئوا عليه ولم يُقننوه أو يُنظموه، ولا جعلوا له دساتير وكتباً ومراسيم، يُعاقب الخارج عنها والطاعن فيها، ويعدلون بها كتاب الله بل تُهيمن وتحكم عليه، كما هو حال هؤلاء... [ أنظر كتاب الديمقراطية دين لأبي محمد المقدسي ]
فكل حكم يعارض حكم الله فهو حكم باطل ومن رضي به وهو يعلم مناقضته لحكم الله فهو كافر ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
فهذه هي نضرتنا لهذا الدستور والقوانين الباطلة , من الناحية الشرعية .
أما من الناحية الواقعية والتي هي مرتبطة أيضا بالناحية الشرعية فنظرتنا لهذا الدستور هي كما يلي :ـ
1 / أن ترك الأمر للكفار وأذنابهم بإمرار هذا المشروع يعني :ـ
آ/ تقسيم العراق إلى أقاليم جغرافية متعددة خاضعة لسلطة عميلة للمحتل تقهر الناس وتذلهم وتسومهم سوء العذاب .
ب/ استبدال معظم القوانين والنظم الإسلامية بقوانين ونظم كافرة من عندهم .
ج/ سلخ العراق عن الهوية الإسلامية والعربية وفصله عن الوطن العربي أرض المقدسات ومنبع الرسالة .
د / تغيير مناهج التعليم لإخراج أجيال جديدة تؤمن بالمفهوم الغربي للحياة وتعادي العقيدة والشريعة الإسلامية.
و / تحويل مقدرات المسلمين وأموالهم وثرواتهم نهبا للمستعمر الكافر الذي استغلها أسوأ استغلال واستذل المؤمنين أعظم الذل ومعلوم أن المسلمين في كل مكان جاهدوا هذه الأوضاع , وإنما جاء الدين الإسلامي لحفظ ضروريات المسلم .
هـ / سيطرة هؤلاء العملاء وخصوصا الرافضة على المناصب الإدارية والتي قاموا من خلالها بقتل المسلمين بأبشع الطرق والأساليب الوحشية مستخدمين هذا الغطاء لتبرير أفعالهم الإجرامية , والقتل الجماعي لأبناء السنة الذي يحدث كل يوم شاهدا على ذلك .
2 / الموقف من الاستفتاء على هذا الدستور :ـ فنحن لا نقول بما تقول به الجماعات الإسلامية كجماعة ( الإسلام المستنير ) الذين يرون أن النظام الديمقراطي لا يناقض الدين بل يوافق الإسلام وأنه لا يختلف عن الشورى , وهذا الفريق مستعد للتنازل عن كثير من أحكام الإسلام فهم يملكون منهجا لتسيير الواقع وتسويق الانحراف القائم أكثر مما يملكون منهجا لتغيير الواقع نحو الإسلام .
ولا نقول بما تقول به الجماعات المتشددة التي ترى أن كل وظيفة في ظل هذه الدول هو كفر وردة عن الإسلام , قال شكري مصطفى بعد أن ذكر مجموعة من الوظائف : ( كل ذلك أنما هو سلطان الطاغوت ودائرة اختصاصه ومواد آلوهيته , والداخلون في نظامه هم عبدته وأن لا شيء مما ذكرنا ولا حتى قشة ترفع في الطريق بأمر البلدية في بلد الطاغوت إلا وهي داخلة في إلوهيته ) { الخلافة ـ 6 / 13 } .
ولا بقول جماعة ( العزلة والانتظار ) الذين لا يملكون تصورا واضحا لتغيير الواقع ولا كيفية التعامل معه , وإنما ننطلق من النظرة الشاملة لكل الإسلام والتعامل مع الواقع بما يناسبه على حسب أصول وقواعد الشريعة الإسلامية , فالذي شرع لنا الكفر بالطاغوت وتوحيد الله وحده لا شريك له , هو الذي شرع لنا منهج التعامل مع الواقع والأخذ بجميع نصوص الدين وأصوله وقواعده الكلية التي مشى عليها الأنبياء عليهم السلام ومشى عليها الصحابة والتابعون لهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
ومن هذه الأصول والقواعد الكلية ( المصالح والمفاسد ) والأخذ بالأسباب الشرعية , فإن الموقف من الدستور يكون على ثلاثة أوجه :ـ
1/ أن تقول نعم للدستور وبهذا تمرر دستورا كفريا مخالفا لشرع الله وبذلك تخدم المخطط الصليبي الصفوي على أرض العراق .
2/ أن تقاطع التصويت وتمنع الناس عنه وهذا في الواقع يصب في مصلحة الأعداء حيث أنك أسقطت صوتك وصوت من منعته وبالنتيجة هو يقلل من أصوات رافضي الدستور ويرجح كفة الراغبين فيه وهذا عين ما يريده الأعداء , فاستمع أخي المسلم إلى هذا البيان التي تبثه جماعة فيلق بدر بين الناس لتدرك حقيقة هذا الأمر الخطير فأليك نص بيانهم : [ باسمه تعالى , اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد واللعنة على أعدائهم إلى يوم الدين , يا أحباب آل بيت النبوة يا أتباع الزهراء , أن صناديق الاقتراع القادمة هي المعركة الحقيقية المنتظرة لنصرة أهل البيت فلا تتركوا صناديق الاقتراع لغيركم حرام عليكم أن تتركوا فرصة للنواصب ليتحكموا بكم مرة أخرى , لا تشجعوا غيركم على الانتخابات القادمة , هل نسيتم حكم المجرم صدام وأعوانه ؟ أدرسوا كل السبل التي تصرف غيركم عن الانتخابات ليس بالتفجيرات والمفخخات كما يفعل التكفيريون أنما بالعقل والحكمة وتشجيع الأصوات التي لا تؤيد الانتخابات وإشاعة الرعب والخوف في قلوب الناخبين عن طريق ترويج بيانات التكفيريين , أو أنهم سيلغمون جميع الدوائر الانتخابية في المناطق السنية وتظاهروا بالتعاطف معهم , والله لئن قدروا عليكم لا سامح الله فلن تقوم لكم قائمة , يا أنصار أهل البيت فأعلنوا في مناطقكم أن المقاومة ستقتل كل من يدلي بصوته وأن استدعى الأمر أن تنشروا باسم التكفيريين والبعثيين والصداميين منشورات تهدد الناخبين بالقتل إذا توجهوا إلى صناديق الاقتراع .
يا شيعة آل البيت توحدوا واعلموا أن الانتخابات إذا شارك فيها أبناء العامة لكل شرائحهم فأنهم سيتفقون مع الأكراد ويومها ستكون الطامة الكبرى لأن في هذه الفترة الزمنية تجمعت الأحقاد في قلوبهم , فإياكم يا أتباع الزهراء من الغفلة لأن الخطر قادم فأعدوا له عدته بكل وسائلكم وأفضل العدة اليوم أن تصرفوهم عن الانتخابات ليتسنى لنا الحكم أربع سنوات لكي نقود ولا نقاد , هذا وقد أعذر من أنذر ] أهـ .
3/ التصويت على الدستور بلا , وهذا في الحقيقة يؤدي إلى رفض الدستور وإفشال المخطط وإسقاط الحكومة العميلة وتخليص المسلمين من شرها وهذه مصلحة عظيمة لعموم أهل السنة تفوق مفسدة الذهاب إلى مراكز التصويت .
فنظرتنا لحث الناس على التصويت( بلا ) لهذا الدستور هو مبني على أساس النظر إلى النتائج وما تؤول أليه الأمور والموازنة بين المصالح والمفاسد المترتبة على هذا الأمر , فالمصالح والمفاسد هي الأساس والطريق للحكم على الوسائل , فمما لا شك فيه أن طريق الحكم على وسيلة ما بأنها صالحة أو لا , هو بمقدار ما تحققه من المصالح الشرعية أو تخلفه من الأضرار والمفاسد فالنظر في العواقب وتدبر الأمور وحساب الأرباح والخسائر الدينية هو ما يجب النظر إليه والتعويل عليه , وهكذا يجب أن يكون النظر في كل خطوة من خطوات الدعوة ووسيلة من وسائلها وأسلوب من أساليبها , ومن هنا جاءت القواعد الأصولية الشرعية كقاعدة ( دفع أشد الضررين بتحمل أخفهما ) وقاعدة ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) وكذلك باب المصالح المرسلة وهو باب عظيم في أصول الفقه مفاده : أن كل أمر لم تأت الشريعة بإلغائه أو أيجابه , ورأينا فيه مصلحة جاز لنا فعله بشرطين :ـ
1/ أن لا يفوت ما هو أعظم منه مصلحة ونفعا .
2/ أن لا يؤدي إلى ضرر مماثل له أو أكبر منه .
والأدلة على ذلك كثيرة نذكر بعضا منها :
1/ تولي نبي الله يوسف عليه السلام الولاية على خزائن أرض مصر ليقيم العدل في دولة كافرة ويجنب شعبا من الشعوب خطر المجاعة , حيث عرض نفسه على ملك مصر قائلا : ( أجعلني على خزائن الأرض أني حفيظ عليم ) , وقد جعل الله هذا منا منه ونعمة على عبده يوسف عليه السلام قال تعالى : (( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء )) قال شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله : [ ومن هذا الباب تولى يوسف الصديق على خزائن الأرض لملك مصر , بل ومسائلته على أن يجعله على خزائن الأرض وكان الملك وقومه كفارا , قال تعالى : (( ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وإباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان )) ومعلوم أنه مع كفرهم لا بد أن يكون لهم عادة وسنة في تقسيم الأموال على حاشية الملك وأهل بيته وجنده ورعيته ولا تكون جارية على سنة الأنبياء وعدلهم , ...إلى أن قال : لكنه فعل الممكن من العدل والإحسان وهذا كله داخل في قوله تعالى : (( فاتقوا الله ما استطعتم )) ] { المجموع / 20 / 56 ـ 57 }
وكذلك ما فعله يوسف عليه السلام في استبقاء أخيه , ولم يطبق عليه قانون ملك مصر , وإنما طبق عليه ما عند بني إسرائيل في استرقاق أللص قال تعالى : (( قال فما جزاؤه أن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين )) فأجرى يوسف عليه السلام قانونهم وتشريعهم في ذلك كما قال تعالى : (( وكذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك )) ودين الملك هو تشريع ملك مصر , ولا شك أن شرعه في أللصوص وغيرهم مخالفا لشرع الأنبياء .
2/ عقد النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع تميم أن يرجعوا برجالهم في [ الخندق ] ولهم ثلث ثمار المدينة , ومع أن الرسول صلى الله عليه وسلم كتب العهد بينه وبينهم ولم يوقعه إلا أن الأنصار رفضوا العهد وقالوا له : يا رسول الله , أهذا شيء أمرك الله به فنطيع أم شيء تحبه لنا ؟ فقال : [ بل رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة فأحببت أن أنفس عنكم إلى حين ] { البداية / ج4 / ص 104 } فالرسول صلى الله عليه وسلم شرع في أرضاء هؤلاء الكفار بضريبة عظيمة وذلك حتى ينفس عن المسلمين بعد أن رأى كل قوى الكفر قد اجتمعت عليهم من اليهود ومشركي العرب .
وهاهو التاريخ يعيد نفسه , وما أشبه اليوم بالبارحة فقد اجتمعت قوى الكفر من اليهود والنصارى وأذنابهم من العملاء لحرب المسلمين تضربهم عن قوس واحدة فقد دمرت مدن وقرى المسلمين ونهبت خيراتهم وانتهكت أعراضهم , فرفض هذا الدستور [ الصهيوصليبي ألصفوي ] هو إسقاط لمخططاتهم وتنفيس عن المسلمين إلى حين .
3 / ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية , حيث قبل برد المسلمين إلى الكفار , مع ما فيه من قبول بالذل وإسلام المسلم لأعدائه الذين يفتنونه عن دينه , وقد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك لما كان في هذه الاتفاقية من بنود تحقق معها عزة الإسلام مستقبلا كالسلم وفتح مكة أمام الدعوة الإسلامية واعتراف قريش أن للمسلمين دولتهم وكيانهم ودينهم وفتح المجال لدخول القبائل حلفاء للمسلمين وغير ذلك .
وقد رجح الرسول صلى الله عليه وسلم جانب المصالح العظيمة بوحي من الله فهو ليس تغييرا للتشريع ولا للأحكام كقوله تعالى : (( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا )) { النساء / 75 } فالآية أمرة بوجوب نصر المؤمنين أخوانهم من ظلم الكفار , وقوله صلى الله عليه وسلم : [ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ] { متفق عليه } ومعنى يسلمه : [ يخلي بينه وبين أعدائه ] فالذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم هو من باب جلب المصالح العظيمة للأمة الإسلامية في ذلك الوقت .
قال شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله : [ إذا اجتمع محرمان لا يمكن ترك أعظمهما إلا بفعل أدناهما لم يكن فعل الأدنى في هذه الحال محرما في الحقيقة , وإن سمي ذلك ترك واجب , وسمي هذا فعل محرم باعتبار الإطلاق لم يضر , ويقال في مثل هذا ترك الواجب لعذر وفعل المحرم للمصلحة الراجحة أو للضرورة أو لدفع ما هو أحرم ] { المجموع / ج20 / ص 57 } .
وشيخ الإسلام ابن تيمية عاش في زمان يماثل ما نحن فيه من وجوه كثيرة فمن ذلك سقوط الخلافة العباسية بأيدي التتر , وغلبة الجهل والظلم على أهلها وحكم بالإسلام تارة وبالأعراف والتقاليد وتشريعاتهم تارة أخرى, واستئثارهم لأنفسهم لكثير من الأموال دون المسلمين , فكان يفتي بأنه لا يجوز التخلي عن تولي الولايات العامة في مثل هذه الدويلات على ما فيها حيث قال : [ فالواجب على المسلم أن يجتهد في ذلك حسب وسعه , فمن ولي ولاية يقصد بها طاعة الله , وإقامة ما يمكنه من دينه ومصالح المسلمين وأقام فيها ما يمكنه من الواجبات واجتناب ما يمكنه من المحرمات لا يؤاخذ بما يعجز عنه , فأن تولية الأبرار خير للأمة من تولية الفجار ] { المجموع / ج28 / 390 ـ 397 }
4 / قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسيره عند قوله تعالى : (( قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وأنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز )) قال رحمه الله في الفوائد المتحصلة من هذه الآية : [ ومنها أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة قد يعلمون بعضها وقد لا يعلمون شيئا منها , وربما دفع عنهم بسبب قبيلتهم وأهل وطنهم الكفار كما دفع الله عن شعيب رجم قومه بسبب رهطه, وأن هذه الروابط التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين لا بأس بالسعي فيها , بل ربما تعين ذلك لأن الإصلاح مطلوب حسب القدرة والإمكان .
فعلى هذا لو سعى المسلمون الذين تحت ولاية الكفار وعملوا على جعل الولاية جمهورية يتمكن فيها الأفراد والشعوب من حقوقهم الدينية والدنيوية لكان أولى من استسلامهم لدولة تقضي على حقوقهم الدينية والدنيوية , وتحرص على أبادتها , وجعلهم عملة وخدما لهم .
نعم أن أمكن أن تكون الدولة للمسلمين وهم الحكام فهو المتعين , ولكن لعدم أمكان هذه المرتبة فالمرتبة التي فيها دفع ووقاية للدين والدنيا مقدمة , والله أعلم ] { تيسير الكريم الرحمن / ج2 / ص 289 } .
وأنت ترى هنا أن مدار هذه الفتوى وهذا الاستنباط من الآية الكريمة مبني على القاعدة الفقهية [ارتكاب أخف الضررين ] وعلى هذا الأساس أفتى بعض العلماء في الدخول في مثل هذا العمل كابن باز رحمه الله وابن عثيمين رحمه الله والألباني رحمه الله وغيرهم من العلماء , وعلى أساس هذا المنطلق اتجهت بعض الجماعات الإسلامية بالدخول والمشاركة في مثل هذه البرلمانات كجماعة الأخوان المسلمين والجماعة السلفية في الكويت وجبهة الإنقاذ في الجزائر وغيرها من الجماعات , ولم نسمع عن أحد من العلماء كفرهم وقال أن هؤلاء يتحاكمون إلى شرع الطاغوت فضلا عن أن يكفر عوام الناس الذين انجروا ورائهم بدخول تلك الانتخابات , وقد بين هذا الأمر الشيخ أبو محمد المقدسي في كتابه [النكت أللوامع ] عندما ذكر كلام الشيخ عبد القادر عبد العزيز في كتابه[ الجامع في طلب العلم الشريف ]
حيث قال :
تكلم المصنف (ص780) في المجالس التشريعية (البرلمانات)، وذكر أن سبب كفر المرشَّحين ومن ينتخبونهم فيها، هو (قصد الفعل المكفر نفسه وهو الترشيح أو الانتخاب فهو كافر دون النظر إلى قصده القلبي) أهـ.
أقول بالنسبة للمنتخِبين فلا بدّ فيهم من التفصيل، وذلك لأن المنتخِب لا يباشر التشريع ولا يقع في المكفرات العديدة التي يقع فيها العضو الذي ينتخبه للبرلمان من قسم على احترام الدستور والولاء لأربابه، أو تحاكم إلى القوانين، وتشريع ما لم يأذن به الله وفق القوانين الوضعية وغير ذلك، يكفر إذا انتخبه ووكّله وأنابه عنه، للقيام بهذه الأعمال الكفرية، ولذلك يسمّى العضو نائباً لأنه ينوب عن قطاع الشعب الذي ينتخبهم في التشريع أو غيره من المهام التي يمارسها وفق نصوص الدستور.
وعلى هذا فمن انتخبهم لأجل ذلك فقد كفر لأنه أنابهم عن نفسه في ممارسة الكفر، وتواطأ معهم واجتمع على دين الديمقراطية الذي هو حكم وتشريع الشعب للشعب، وليس تشريع الله، وهذا هو قصد الفعل المكفر الذي يجب أن يشترط في تكفير المنتخِبين (بكسر الخاء)، لا قصد الكفر أي الخروج من الملّة كما يشترط البعض.
أما قصد الانتخاب، هكذا دون تفصيل كما ذكره المصنف، فإنه غير دقيق بسبب التباس حال هذه البرلمانات على الناس جعل كثير من العامة والعجائز الذين يؤتى بهم ليُدْلوا بأصواتهم لأقربائهم أو غيرهم ممن يرفعون شعارات (الإسلام هو الحل) ونحوه، فإن منهم من لا يعرف حقيقة الانتخاب ومعناه، ولا حقيقة هذه البرلمانات وواقعها ووظيفة نوابها وما يمارسونه فيها، فمنهم من يظنهم ويتعامل معهم وينتخبهم على أساس أنهم نواب خدمات يقدمونها لمناطقهم وعشائرهم ومنتخبيهم كبناء مستشفيات أو مطالبة بشق طرق أو رفع بعض المظالم وهكذا، أو يظن بأنه بانتخابه الشيخ الفلاني فإنه سيحكم بالإسلام ولا يعرف أن الشيخ صاحب الفضيلة! والعمامة الطويلة، سيقسم في أول مراحل عمله على احترام الكفر (الدستور)، والولاء للكفار والطواغيت، وأنه لا يمارس أي سلطة وعمل من أعماله، إلا وفقاً لنصوص الدستور وقوانين الكفر، وأن أهم أعماله كلها التشريع الذي منه اشتق اسم (المشرّع)، واسم مجلس التشريع.
فمن كان يعرف ذلك فهو كافر كما قال المصنّف (ص780): (لأن انتخابهم هذا هو حقيقةً اتخاذ أرباب من دون الله، كما أنه في مضمونه إقرار بوظيفة البرلمانات التشريعية المطلقة، وهذا كله من الكفر الصراح) أهـ من الجامع.
فمن اختار وانتخب وأناب عن نفسه نائباً وهو يعرف أن هذه هي حقيقة وظيفته فهو كافر وإن كان يجهل أن التشريع والطاعة فيه كفر وشرك، ما دام قد قصد العمل المكفّر نفسه، فإن الذين أطاعوا الأحبار والرهبان وتابعوهم على التشريع، لم يكونوا يعرفون أن هذه الطاعة والمتابعة عبادة، كما في حديث عدي بن حاتم الطائي ولم يكن ذلك مانعاً من كونهم قد أشركوا مع الله أرباباً.
أما ما عذرنا به العوام هنا، فهو عدم قصدهم واختيارهم للعمل المكفّر، بل كثير منهم كما هو معروف عند من خالط العوام والعجائز وخَبِرَهُمْ، لا يعرفون ماهية هذه المجالس ولا حقيقتها ولا يختارون من يختارونهم على أنهم مشرعون، ولا يعرفون حقيقة عملهم، بل يختارونهم للخدمات أو لتحكيم الشرع دون أن يعرفوا الكيفية، فهم هنا لم يقصدوا العمل المكفر بل قصدوا غيره.
وهذا هو الخطأ (انتفاء القصد) الذي ذكره الله تعالى في قوله: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً} [الأحزاب: 5] فظاهر هؤلاء أنهم ارتكبوا عملاً مكفّراً، ولكنهم لا يكفّرون إلا بعد إقامة الحجة بتعريفهم بحقيقة هذه البرلمانات وحقيقة نوابها.
والخلاصة:
أنا لم نعذر هؤلاء في جهلهم أن اختيار المشرعين وطاعتهم في التشريع كفر، ولا بما يُشقْشِقُ به البعض من أنه لا يكفر إلا من قصد الكفر والخروج من الملّة، بل لأنهم ما قصدوا العمل المكفّر نفسه، بل قصدوا شيئاً آخر، وذلك بسبب جهلهم بحقيقة هذه البرلمانات وواقعها، فكان حالهم كحال الأعجمي الذي ينطق بكلمة الكفر وهو لا يعرف مدلولها [ النكت أللوامع / 21 ] .
* * * *
نقول : وكلام الشيخ هنا في من دخل هذه الانتخابات بشكل عام فكيف بمن دخل أصلا لرفض هذه البرلمانات وهذا الدستور جملة وتفصيلا وقطع الطريق على أعداء الله في تمرير مشروعهم بالسيطرة على العراق بحجة هذا الدستور , فكيف يكون هؤلاء الرافضون لهذا الدستور كفارا فضلا عن أن يقتلوا ؟ فاعتبروا يا أولي الأبصار .
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الهيئة الشرعية
للجيش الإسلامي في العراق.
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/images/imgcache/2005/09/14.jpg