المهند
02-09-2005, 06:39 PM
منهجية الجيش الاسلامي في العراق
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده فلا مضل له،ومن يضلل فلاهادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم،
أما بعد:ــ
فإنَّ العمل الجهادي هو مشروع متكامل مبني على ركنين أساسيين هما الدعوة إلى الله والقتال في سبيل الله كتاب يهدي وسيف ينصر ولا يقوم الدين إلا بهذين الأمرين العظيمين فلا يعطل أو يهمش أحد هما على حساب الآخر بل يسيران متوازيين والغاية هي التمكين لأمة الإسلام العظيمة المؤهلة لقيادة العالم والمختارة من قبل المليك العلام لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
إن إحياء فريضة الجهاد في الأمة وإيقاض الهمة واستنزاف العدو في المواجهة وكشف عملائه حكام ومحكومين إنما هي بعض ثمرات الجهاد المرحلية ومكتسباته الظرفية كما أن النكاية في العدو كعمل جهادي إنما هو وسيله من وسائل هذا المشروع ومرحلة من مراحله.
إنه لا يصح عقلاً ولا شرعا وليس من العدل في شيء أن يقطف ثمار الجهاد غير الذين ضحوا بدمائهم وأموالهم كما حصل في بعض التجارب الجهادية بعد سقوط ألخلافه الإسلامية حيث زرع المجاهدون وحصد العلمانيون عملاء الصليبيين ومن معهم.
ولابد للمجاهدين من برنامج وخطة عمل مدروسة كيلا تضيع ثمرة جهادهم فإن إسقاط طاغوت يخلفه شر منه وإخراج غازٍ محتل ليخلفه علماني مرتد وإن كان من أهل البلد لكنه بديل عن المحتل هو أمرٌ لا يستحق منا هذا العناء وتلك التضحيات بل هذا من تضييع الأمانة وهدر لطاقة الأمة من دون طائل،قال شيخ الإسلام (الفتاوى 28/126) : ( وإذا كان كذلك معلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإتمامه بالجهاد هو من أعظم المعروف الذي أُمرنا به ولهذا قيل ليكن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر وإن هذا من أعظم الواجبات والمستحبات.فالواجبات والمستحبات لابد أن تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة إذ بهذا بعثت الرسل ونزلت الكتب.والله لا يحب الفساد بل كل ما أمر الله به فهو صلاح وقد أثنى الله على الصلاح والمصلحين والذين آمنوا وعملوا الصالحات وذم المفسدين في غير موضع . فحيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته لم تكن ممن أمر الله به وان كان قد ترك واجباً وفعل محرماً إذ المؤمن عليه إن يتقي الله في عباده وليس عليه هداهم ) .
إذا لابد من المضي قدما وبكل المراحل، والمحافظة على كل المكتسبات إلى أن نصل إلى مرحلة التمكين الذي وعدنا الله إياه إذ يقول ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) النور:55
ولقوله (صلى الله عليه وسلم )..(ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ) وعلى المجاهدين إن لا يراوحوا في مكانهم مقتصرين على قتال النكاية بالعدو بل لابد لهم أن يلتفتوا إلى الأمر الأعظم والغاية العليا التي شرع لها الجهاد ألا وهو التمكين لدين الله وجهاد التمكين له مقوماته وأسبابه التي ينبغي الأخذ بها والعكوف على تحقيقها سيما ونحن أمة الإسلام لنا السبق الأعظم في تحقيق هذه الأسباب التي علمنا إياها وأرسى قواعدها نبي الرحمة نبي الملحمة (صلى الله عليه وسلم ) بوحي من الله تعالى وما علينا إلا إن نستن بهدية آخذين بنظر الاعتبار فقه الواقع الذي يحيط بنا مسترشدين بوصايا وتطبيقات أئمتنا العظام وسلفنا الصالح الذين تركوا لنا تركه عظيمة علمية وعملية في هذا المضمار .
بنوها على فهمهم العميق لهدي نبيهم قائد الأمة الأعظم (صلى الله عليه وسلم ) وحققوا على الأرض حضارة ومدنية فاضلة قائمة على العدل والإحسان والعلم، بقيت شامة في جبين التاريخ عز مثالها وانقطع نظيرها ولازالت مضرب المثل على لسان العدو والصديق، ولما تنحى المسلمون عن قيادة البشرية بسبب انحراف
جماهيرهم عن منهج السلف آخذين ذات اليمين وذات الشمال استلم القيادة بدلاً عنهم أكابر المجرمين أصحاب المناهج الجاهلية العلمانية ... فنكب العالم اجمع ونكب المسلمون الذين أصبحوا في ذيل القافلة وقد أجاد الأستاذ الندوي في وصف هذه الظاهرة في كتابه ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين .
فالمسلمون عموما والمجاهدون خصوصا أمام اختبار عسير كي يثبتوا للناس مرة أخرى أهليتهم لقيادة الأمة وفق المنهج الرباني الذي ينبغي أن يقيموه على أنفسهم قبل أن يقيموه على غيرهم.
إن لدينا زخماً شرعياً ومعرفياً ودفعاً حضارياً هائلاً وتجارب ثرية واقعية مليئة بالدروس والعبر، لو أنتدب لها أهل العلم و الفقة والفهم والبصيرة والغيرة أولوا الأيدي والأبصار لاستخلصوا برنامجاً يحيي الأمة ويبث فيها الروح لتقوم بدورها الريادي الذي كلفها الله به لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فلابد من ثلة تتصدى لهذا الأمر تكون بمثابة ركيزة وقاعدة صلبة ونواة تتمثل فيها صفات ومؤهلات أهل الاستخلاف الذين وصفهم الله تعالى بقوله..(يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينة فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ) (المائدة:54) .
ثم يجتمع الناس من حولهم ويأتمون بهم كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) لما خص رجالا من أصحابه أمثال أبي بكر وعمر وبقية العشرة المبشرين بالجنة وأمثالهم من صفوة الصحابة( رضوان الله عليهم ) وكان يوليهم عناية خاصة لما وجد فيهم من خصائص تؤهلهم لأن يقودوا الأمة من بعده ويطبقوا المنهاج الذي أرسل به أليهم على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه . نحن لا نبتدئ من الصفر من حيث انتهى إليه العقلاء من قبلنا فلنبدأ برسم خطوط برامجنا الذي نربي عليه أفرادنا والبرنامج الذي يريد أن نطرحه على الناس ونطبقه على أرض الواقع ليحيى من حيَّ عن بينةٍ ويهلك من هلك عن بينة .
أهمية العقيدة والمنهج
إن العقيدة والمنهج هي الركيزة الأولى لقيام الجماعة المسلمة المجاهدة التي تريد إن تقيم أمر الله وأساس التقاء أفرادها وبناء صرحها . وبدون هذه العقيدة والمنهج الواضح يصبح التجمع خليطا من الناس لا يكتب له القبول والديمومة . والعقيدة الواحدة الصحيحة هي الضمان الوحيد لاستمرار قيام الجماعة ودوام عملها ، ذلك أن الاجتماع على المحنة أو المصلحة مثلا لا يلبث إن ينقطع بانتهاء المحنة أو نفاد المصلحة ثم النهاية الحتمية، وكذلك لابد من منهج يقوم على الإتباع وعدم الابتداع كما أمر الله جل وعلا.
والعقيدة هي المستند والأصل الذي تنطلق وتنبني عليه الخطط والأفكار والتصورات باتجاهها الصحيح بما يوافق معطيات الظرف والواقع من جهة ومعطيات الشريعة من جهة أخرى .
ولابد من منهج عملي يضبط مسيرة العمل الإسلامي الشامل بالاتجاه الصحيح. فبوجود العقيدة والمنهج وصحتهما توجد الجماعة ويصحح سيرها وتضمن ديمومتها، كما أن هذه الركيزة تحقق العلاقة الصحيحة والربط المتلاحم بين القيادة وقواعدها لأنها نقطة الاتفاق الأقوى بينهما والله الموفق .
عقيدتنا
-نؤمن بالله وحده لاشريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته .
فهو الخالق وحده،لاربَّ سواه،ولا رازق ولامالك ولا مدبر لهذا الوجود إلا هو،ونوحد الله في أفعاله –سبحانه-كما نوحده بأفعالنا .ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له فلا معبود بحق سواه مثبتين ما تثبته هذه الكلمة العظيمة من تجريد العبادة له وحده بشروطها وواجباتها وحقوقها نافين ما تنفيه من أنواع الشرك والتنديد وأنها الغاية التي خلق الله الخلق لها ، كما قال تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات :56
ومن لوازمها :
أنه لا مشرع بحق إلا الله تعالى كما قال سبحانه (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ) يوسف :40
ونتبرأ ونخلع ونكفر بكل مشرع سواه، فإن من اتخذ حكماً أو مشرعا غير الله تعالى على تشريع مناقض لشرعه سبحانه فقد اتخذ غير الله رباً ، وابتغى غير الإسلام ديناً.
ونعتقد أن حقيقة الديمقراطية مبنية على مفهوم كفري يعمل على تأليه المخلوق واتخاذه رباً من دون الله ، ولا نقول بقول من يحسنها في نظر المسلمين بالتأويلات الفاسدة قال تعالى (أم لهم شُركاء شَرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله ) ، فأخبر سبحانه أن كل تشريع لم يأذن به الله هو شرك بربوبيته وقال أيضاً (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)،فأخبر سبحانه أن حكم الناس دين لا ينبغي أن يكون إلا لله.
أما اختيار المسلمين من يمثلهم في المناصب الإدارية والخدمية المجردة التي ليس فيها تشريع مخالف لشرع الله فلا يدخل في المفهوم الكفري المذكور ، كذلك اختيار أغلبية أهل الحل والعقد من جماعة المسلمين من يرأسهم أمر مشروع (وأمرهم شورى بينهم).
ونوحده سبحانه في أسمائه وصفاته ، فلا سمي ولا شفيع ولا مثيل ولا ندّ ولا كفء له كما قال تعالى: ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )الإخلاص 1-4.
ونفرده سبحانه بصفات الجلال والكمال التي وصف بها نفسه في كتابه ، أو وصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم ولا نضرب له سبحانه الأمثال أو نشبهه بأحد من خلقه ، ولا نلحد في أسمائه وصفاته ، ونؤمن بها على وجه الحقيقة لا المجاز من غير تغيير ولا تكييف ولا تمثيل كما قال تعالى: ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ( الشورى : 11 ).
ولا نقول بقول أهل التحريف والتعطيل باسم التأويل ، على ما هو مفصل في كتب السلف الصالح- رضي الله عنهم –
ونؤمن بملائكة الله ، وأنهم عباد الله المكرمون ، فنتولاهم ونحبهم ، ونبغض من يبغضهم ، وهم كما وصفهم ربنا في الوحيين- الكتاب والسنة -
ونؤمن بكتب الله تعالى المنزلة على رسله عليهم الصلاة والسلام بالجملة وأن خاتمها القرآن العظيم.وأن القرآن كلام رب العالمين حقيقة بحروفه ومعانيه ، نزل به الروح الأمين على محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المرسلين ، وأنه كلام الله تعالى غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، ومن قال ( إن هذا إلا قول البشر ) ( المدثر: 25 ) فقد كفر ، وحقَّ عليه إن لم يرجع عن ذلك ويتوب قوله تعالى ( سأصليه سقر ) ( المدثر: 26 ).
ونؤمن بأنبياء الله ورسله أجمعين الذين أخبر الله- تعالى – عنهم في كتابه أو أخبر رسوله- صلى الله عليه وسلم – عنهم في سنته ، من قص الله علينا خبرهم ومن لم يقصص ، ولا نفرق بين أحد منهم ، وأنهم قد بعثوا جميعاً بأصل واحد ألا وهو إفراد الله ( سبحانه وتعالى ) بالعبادة والنهي عن الشرك وعن عبادة الطاغوت كما قال - سبحانه – ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) ( النحل: 36 ).
ونؤمن بمعجزات الأنبياء ونحفظ لهم حقهم ، وهم أفضل البشر على الإطلاق ، وإن خاتمهم وأفضلهم نبينا صلى الله عليه وسلم الذي بعث بالشريعة المهيمنة على سائر الشرائع ، فلا يقبل الله- سبحانه وتعالى- بعد بعثته ديناً إلا دين الإسلام ( ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) ( آل عمران: 58 ).
وإنه لا يحل لمن استبانت له السنة أن يدعها لقول أحد كائناً من كان ، فديننا دين إتباع لا ابتداع ، فكل رجل يؤخذ من قوله ويرد حاشا رسول الله- صلى الله عليه وسلم .
ونحب نبينا-صلى الله عليه وسلم - ونحب صحابته رضوان الله عليهم وآل بيته الأطهار الأخيار ومن تبعهم بإحسان ، ونتولاهم جميعاً ، ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير لا نذكرهم وحبهم عندنا دين وإيمان ، وبغضهم نفاق وطغيان ، ونبرأ إلى الله من طريقة الروافض والنواصب فيهم ، ونكف عما شجر بينهم ولا نذكرهم إلا بخير ، وهم فيما شجر بينهم بين الأجر والأجرين وإنهم خير القرون.
ونؤمن باليوم الآخر والبعث بعد الموت ، والعرض والحساب والحوض والميزان والصراط والجنة والنار.
ونؤمن بالشفاعة لمن أذن الله - تعالى - له بها , وبشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم في أهل الموقف وأهل الجنة وفيمن استحق النار من الموحدين .
ونؤمن برؤية المؤمنين ربهم بأبصارهم يوم القيامة .
ونؤمن بالقدر خيره وشره وأنه من الله ( سبحانه وتعالى ) وأن مشيئته – سبحانه – نافذة وفوق كل مشيئة , وأن أفعال العباد مخلوقة وأنهم فاعلون على الحقيقة فنحن في القدر وسط بين القدرية والجبرية .
والإيمان عندنا قول وعمل ونية وسنة فهو اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالجوارح , وأن العمل ركن فيه , وأن اعتقاد الجنان : قوله وعمله , والقول : قول القلب واللسان , والعمل : عمل القلب والجوارح , وكل ذلك مقيد بسنة النبي – صلى الله عليه وسلم - . وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية , وأن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الترك أو الاعتقاد أو الشك إذ أن الكفر لا يحصر بالقلب فقط , وأما الاستحلال فإنه يشترط في التكفير للذنوب التي هي دون الكفر . ولا نقول بقول الخوارج الذين يكفرون بالكبائر ولا بقول المرجئة الذين يقولون : ( لا يضر مع الإيمان ذنب ) .
ونؤمن بأن كل من دان بغير دين الإسلام فهو كافر في أحكام الدنيا سواء بلغته الرسالة أو لم تبلغه ولكننا لا نجاهد جهاد الطلب إلا من بلغته الرسالة , وإن الله - تعالى – لا يعذب أحداً يوم القيامة إلا بعد بلوغه الحجة الرسالية , قال تعالى : ( وما كنا معذبين حنى نبعث رسولا ) ( الإسراء : 15 )
وأحكام الدنيا في التكفير مبنية على الظاهر والله يتولى السرائر . وليس من منهجنا التعجل بالتكفير دون تثبت أو بينة , وليس كل من أتى بمكفر يكفر بعينه حتى تتوفر الشروط وتنتفي الموانع , ولا نكفر بالمآل أو بلازم القول وليس كل كافر يقتل وقد يقتل من ليس بكافر كما هو مفصل في كتب أهل العلم.
ونحفظ لعلمائنا حقهم وكذلك دعاتنا المجاهدين الذين يبلغون رسالات ربهم ويخشونه (تعالى) ولا يخشون أحداً سواه.
ونرى الصلاة خلف كل برٍّ وفاجرٍ من أهل القبلة ، وعلى من مات منهم ما لم يتلبس بناقض للإسلام .
والجهاد ماض مع الأمير براًَ كان أو فاجراً إلى يوم القيامة لا يمنعه جور جائر ولا عدل عادل . ولكن الجهاد تحت الراية السنية أحب إلينا وأولى وأوجب ولا نحكم بالسيف على أحد من أهل القبلة إلا إذا وجب في حقه بدليل قطعي . و لا يشترط لجهاد الدفع الشروط الواجبة لجهاد الطلب بل يجب دفع الصائل بحسب الإمكان . وأنه يجب على المسلمين الإعداد للجهاد إذا عجزوا عنه وأنه لابد من استكمال الإعداد لجهاد الطلب قبل البدء به مع أخذ المشورة والنصيحة من العلماء العاملين وأهل التجربة من المجاهدين ونقبل منهم النصح والتوجيه لأن المسلمين إخوةٌ بعضهم من بعض وهم يد على من سواهم .
ونؤمن بما أخبر به النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن الطائفة المنصورة بقوله ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة )، قال: فينزل عيسى بن مريم(عليه السلام)، فيقول أميرهم تعال صلَّ لنا فيقول( لا ، إن بعضكم لبعض أمراء تكرمة لهذه الأمة ).... رواه مسلم عن جابر مرفوعاً
ولا نرى الخروج على أئمة المسلمين وأمرائهم وإن جاروا ، ولا ننزع يداً من طاعتهم ما أقاموا فينا الصلاة وكانوا مسلمين ، وندعو لهم بالهداية والصلاح ، فإن طرأ عليهم الكفرالبواح وجب الخروج عليهم عند الاستطاعة وعدم المفسدة الراجحة .
ونرى وجوب الاجتماع تحت راية واحدة .
ولا نميز أنفسنا عن باقي المسلمين بشئ بل إن المسلمين كلهم أمة واحدة ، ولا يفوتنا واجب النصح ، لهم ولا تأخذنا في الله لومة لائم في بيان انحراف من انحرف عن السنة وهدي السلف الصالح .....( رضي الله عنهم ).
وإن مجتمعاتنا التي يحكمها الكفر مجتمعات إسلامية وإن تفشت فيها الجاهلية من المعاصي والآثام بمعنى أن الأصل في مجتمعاتنا الإسلام . بخلاف المجتمعات التي غلب على أهلها الوقوع في ناقض من نوا قض الإسلام فلا يحكم لها بالإسلام .
ملامح في المنهج
في النظر والاسـتدلال :
- منهجنا في النظر والإستدلال يكون مبنياً على الأسس العلمية المنضبطة بالكتاب والسنة الصحيحة على فهم سلف الأمة .
- الوسطية والاعتدال بين الغلو والجفاء فلا إفراط ولا تفريط قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شُهداءَ على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً وما جعلنا القبلة التي كُنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول
ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم ) (البقرة : 143) فالوسطية عندنا هي الالتزام بالإسلام كله قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ) فلا نعني بها التميع والتفريط في الأحكام الشرعية كما هو حال بعض الجماعات البدعية .
الأخذ من السيرة وأخبار السلف يجب أن يراعى فيه الأحوال والعوائد التي كانت في زمنهم قال أبن القيم في إعلام الموقعين (ج4ص205 ) فإنَّ الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعوائد والأحوال وذلك كله من دين الله .
المرجعية لأهل العلم والحكمة والخبرة السابقة المشهود لهم بالصدق والاستقامة والثبات التاريخ الناصع .
الشرع دائر على تحقيق المصالح ودرء المفاسد والموازنة بينها عند التزاحم قال أبن تيمية في السياسة الشرعية (ج1 ص43 ) ..( الواجب تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها فإذا تعارضت كان التحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما هو المشروع) – وقال ابن القيم في الجواب الكافي (والتحكيم في هذا الباب للقاعدة الكبرى التي يكون عليها مدار الشرع والقدر وإليها يرجع الخلق والأمر وهي إيثار أكبر المصلحتين وأعلاهما وإن فاتـت المصلحة التي هي دونها والدخول في أدنى المفسدتين لدفع ما هو اكبر منهما فتفوت مصلحة لتحصيل ما هو أكبر منهما ويرتكب مفسدة لدفع ما هو أعظم منهما ) وأنه لا مصلحة أعلى من التوحيد ولا مفسدة أعظم من الشرك ، والأمر في ذلك إلى أمير الجماعة .
قال الشاطبي في الموافقات..( 4/194ــ 198 ط دار المعرفة)..(النظر في مالأت الأفعال معتبر مقصود شرعاً، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة أي مأذونا ًفيها أو منهيا عنها ، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو الأحجام ألا بعد نظره إلى ما يؤول أليه ذلك الفعل )1 . هــــــ
مراعاة فقه الأولويات
لا سياسة إلا ما وافق الشرع بمعنى لا نخالفه وليس بالضرورة وجود دليل شرعي على كل مفردة .
العلم بالسياسة الشرعية أمر ضروري قال شيخ الإسلام (ص325-326ج28) ..(لهذا كان المفسرون عن علم الحجج والدلالات، وعلم السياسة والإمارات، مقهورين مع هذين الصنفين، تارة بالاحتياج إليهم إذا هجم عدو يفسد الدين بالجدل أو الدنيا بالظلم، و تارة بالاحتياج إليهم إذا هجم على أنفسهم من أنفسهم ذلك، و تارة بالاحتياج إليهم لتخليص بعضهم من شر بعض في الدين والدنيا، وتارة يعيشون في ظلهم في مكان ليس فيه مبتدع يستطيل عليهم، ولا وال يظلمهم وما ذاك إلا لوجود علماء الحجج الدامغة لأهل البدع والساسة الدافعة للظلم ) .
إذا ورد في مسألة قولان فقهيان معتبران لأهل العلم فلأمير الجماعة أن يتبنى أحد هذين القولين لمناسبته للواقع ويصبح هذا القول ملزماً للجماعة قال ابن تيمية (ج20 ص207).. (مسائل الاجتهاد من عمل فيها من قول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه وإذا كان في المسألة قولان فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين ) .
في إدارة الصراع
استحضار الأهداف العليا التي شرع من أجلها الجهاد وعدم حصره وتقزيمه بجعله عملا ثأرياً ينكأ بالعدو فقط تلازم الدعوة والجهاد فلا يقصر بأحد الأمرين على حساب الأخر .
التجمع على أساس المنهج والشرع، لا الأشخاص والأسماء .
الاستفادة من الجماعات الجهادية التي سبقتنا بأخذ إيجابياتها وطرح سلبياتها واستكمال نقاط القوة فيها. البعد عن النظريات والتصورات الخيالية و اعتماد النظرة الواقعية في التقييم والمعالجة .
إقامة ما يمكن إقامته من الدين على قدر الاستطاعة إذا لم نستطع إ قامة الدين كله قال شيخ الإسلام (ج20 ص148- 149) .
( وكثيراً ما يتولى الرجل الإمامة والقضاء بين المسلمين والتتار والكافرين وفي نفسه كثير من العدل والشرع لا يستطيع أن يقيمه لأن الأمر خارج عن يده وأرادته). وأيضاً (ج28 ص599) ( فكما يجب إزالة الظلم يجب تقليله عند العجز عن إزالتة بالكلية فهذا أصل عظيم والله أعلم ) .
ينبغي أن يراعى في بعض الأحكام التي يتناولها المنهج في بحوثه أنها متعلقة بواقع العراق المحتل من قبل عدوٍ صائلٍ له خصوصية قد لا تتوفر في واقع أخر .
الإكثار من مشاورة أهل الحل والعقد أولي الأحلام والنهى من أهل العلم والاختصاص .
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده فلا مضل له،ومن يضلل فلاهادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم،
أما بعد:ــ
فإنَّ العمل الجهادي هو مشروع متكامل مبني على ركنين أساسيين هما الدعوة إلى الله والقتال في سبيل الله كتاب يهدي وسيف ينصر ولا يقوم الدين إلا بهذين الأمرين العظيمين فلا يعطل أو يهمش أحد هما على حساب الآخر بل يسيران متوازيين والغاية هي التمكين لأمة الإسلام العظيمة المؤهلة لقيادة العالم والمختارة من قبل المليك العلام لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
إن إحياء فريضة الجهاد في الأمة وإيقاض الهمة واستنزاف العدو في المواجهة وكشف عملائه حكام ومحكومين إنما هي بعض ثمرات الجهاد المرحلية ومكتسباته الظرفية كما أن النكاية في العدو كعمل جهادي إنما هو وسيله من وسائل هذا المشروع ومرحلة من مراحله.
إنه لا يصح عقلاً ولا شرعا وليس من العدل في شيء أن يقطف ثمار الجهاد غير الذين ضحوا بدمائهم وأموالهم كما حصل في بعض التجارب الجهادية بعد سقوط ألخلافه الإسلامية حيث زرع المجاهدون وحصد العلمانيون عملاء الصليبيين ومن معهم.
ولابد للمجاهدين من برنامج وخطة عمل مدروسة كيلا تضيع ثمرة جهادهم فإن إسقاط طاغوت يخلفه شر منه وإخراج غازٍ محتل ليخلفه علماني مرتد وإن كان من أهل البلد لكنه بديل عن المحتل هو أمرٌ لا يستحق منا هذا العناء وتلك التضحيات بل هذا من تضييع الأمانة وهدر لطاقة الأمة من دون طائل،قال شيخ الإسلام (الفتاوى 28/126) : ( وإذا كان كذلك معلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإتمامه بالجهاد هو من أعظم المعروف الذي أُمرنا به ولهذا قيل ليكن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر وإن هذا من أعظم الواجبات والمستحبات.فالواجبات والمستحبات لابد أن تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة إذ بهذا بعثت الرسل ونزلت الكتب.والله لا يحب الفساد بل كل ما أمر الله به فهو صلاح وقد أثنى الله على الصلاح والمصلحين والذين آمنوا وعملوا الصالحات وذم المفسدين في غير موضع . فحيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته لم تكن ممن أمر الله به وان كان قد ترك واجباً وفعل محرماً إذ المؤمن عليه إن يتقي الله في عباده وليس عليه هداهم ) .
إذا لابد من المضي قدما وبكل المراحل، والمحافظة على كل المكتسبات إلى أن نصل إلى مرحلة التمكين الذي وعدنا الله إياه إذ يقول ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) النور:55
ولقوله (صلى الله عليه وسلم )..(ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ) وعلى المجاهدين إن لا يراوحوا في مكانهم مقتصرين على قتال النكاية بالعدو بل لابد لهم أن يلتفتوا إلى الأمر الأعظم والغاية العليا التي شرع لها الجهاد ألا وهو التمكين لدين الله وجهاد التمكين له مقوماته وأسبابه التي ينبغي الأخذ بها والعكوف على تحقيقها سيما ونحن أمة الإسلام لنا السبق الأعظم في تحقيق هذه الأسباب التي علمنا إياها وأرسى قواعدها نبي الرحمة نبي الملحمة (صلى الله عليه وسلم ) بوحي من الله تعالى وما علينا إلا إن نستن بهدية آخذين بنظر الاعتبار فقه الواقع الذي يحيط بنا مسترشدين بوصايا وتطبيقات أئمتنا العظام وسلفنا الصالح الذين تركوا لنا تركه عظيمة علمية وعملية في هذا المضمار .
بنوها على فهمهم العميق لهدي نبيهم قائد الأمة الأعظم (صلى الله عليه وسلم ) وحققوا على الأرض حضارة ومدنية فاضلة قائمة على العدل والإحسان والعلم، بقيت شامة في جبين التاريخ عز مثالها وانقطع نظيرها ولازالت مضرب المثل على لسان العدو والصديق، ولما تنحى المسلمون عن قيادة البشرية بسبب انحراف
جماهيرهم عن منهج السلف آخذين ذات اليمين وذات الشمال استلم القيادة بدلاً عنهم أكابر المجرمين أصحاب المناهج الجاهلية العلمانية ... فنكب العالم اجمع ونكب المسلمون الذين أصبحوا في ذيل القافلة وقد أجاد الأستاذ الندوي في وصف هذه الظاهرة في كتابه ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين .
فالمسلمون عموما والمجاهدون خصوصا أمام اختبار عسير كي يثبتوا للناس مرة أخرى أهليتهم لقيادة الأمة وفق المنهج الرباني الذي ينبغي أن يقيموه على أنفسهم قبل أن يقيموه على غيرهم.
إن لدينا زخماً شرعياً ومعرفياً ودفعاً حضارياً هائلاً وتجارب ثرية واقعية مليئة بالدروس والعبر، لو أنتدب لها أهل العلم و الفقة والفهم والبصيرة والغيرة أولوا الأيدي والأبصار لاستخلصوا برنامجاً يحيي الأمة ويبث فيها الروح لتقوم بدورها الريادي الذي كلفها الله به لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فلابد من ثلة تتصدى لهذا الأمر تكون بمثابة ركيزة وقاعدة صلبة ونواة تتمثل فيها صفات ومؤهلات أهل الاستخلاف الذين وصفهم الله تعالى بقوله..(يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينة فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ) (المائدة:54) .
ثم يجتمع الناس من حولهم ويأتمون بهم كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) لما خص رجالا من أصحابه أمثال أبي بكر وعمر وبقية العشرة المبشرين بالجنة وأمثالهم من صفوة الصحابة( رضوان الله عليهم ) وكان يوليهم عناية خاصة لما وجد فيهم من خصائص تؤهلهم لأن يقودوا الأمة من بعده ويطبقوا المنهاج الذي أرسل به أليهم على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه . نحن لا نبتدئ من الصفر من حيث انتهى إليه العقلاء من قبلنا فلنبدأ برسم خطوط برامجنا الذي نربي عليه أفرادنا والبرنامج الذي يريد أن نطرحه على الناس ونطبقه على أرض الواقع ليحيى من حيَّ عن بينةٍ ويهلك من هلك عن بينة .
أهمية العقيدة والمنهج
إن العقيدة والمنهج هي الركيزة الأولى لقيام الجماعة المسلمة المجاهدة التي تريد إن تقيم أمر الله وأساس التقاء أفرادها وبناء صرحها . وبدون هذه العقيدة والمنهج الواضح يصبح التجمع خليطا من الناس لا يكتب له القبول والديمومة . والعقيدة الواحدة الصحيحة هي الضمان الوحيد لاستمرار قيام الجماعة ودوام عملها ، ذلك أن الاجتماع على المحنة أو المصلحة مثلا لا يلبث إن ينقطع بانتهاء المحنة أو نفاد المصلحة ثم النهاية الحتمية، وكذلك لابد من منهج يقوم على الإتباع وعدم الابتداع كما أمر الله جل وعلا.
والعقيدة هي المستند والأصل الذي تنطلق وتنبني عليه الخطط والأفكار والتصورات باتجاهها الصحيح بما يوافق معطيات الظرف والواقع من جهة ومعطيات الشريعة من جهة أخرى .
ولابد من منهج عملي يضبط مسيرة العمل الإسلامي الشامل بالاتجاه الصحيح. فبوجود العقيدة والمنهج وصحتهما توجد الجماعة ويصحح سيرها وتضمن ديمومتها، كما أن هذه الركيزة تحقق العلاقة الصحيحة والربط المتلاحم بين القيادة وقواعدها لأنها نقطة الاتفاق الأقوى بينهما والله الموفق .
عقيدتنا
-نؤمن بالله وحده لاشريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته .
فهو الخالق وحده،لاربَّ سواه،ولا رازق ولامالك ولا مدبر لهذا الوجود إلا هو،ونوحد الله في أفعاله –سبحانه-كما نوحده بأفعالنا .ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له فلا معبود بحق سواه مثبتين ما تثبته هذه الكلمة العظيمة من تجريد العبادة له وحده بشروطها وواجباتها وحقوقها نافين ما تنفيه من أنواع الشرك والتنديد وأنها الغاية التي خلق الله الخلق لها ، كما قال تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات :56
ومن لوازمها :
أنه لا مشرع بحق إلا الله تعالى كما قال سبحانه (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ) يوسف :40
ونتبرأ ونخلع ونكفر بكل مشرع سواه، فإن من اتخذ حكماً أو مشرعا غير الله تعالى على تشريع مناقض لشرعه سبحانه فقد اتخذ غير الله رباً ، وابتغى غير الإسلام ديناً.
ونعتقد أن حقيقة الديمقراطية مبنية على مفهوم كفري يعمل على تأليه المخلوق واتخاذه رباً من دون الله ، ولا نقول بقول من يحسنها في نظر المسلمين بالتأويلات الفاسدة قال تعالى (أم لهم شُركاء شَرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله ) ، فأخبر سبحانه أن كل تشريع لم يأذن به الله هو شرك بربوبيته وقال أيضاً (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)،فأخبر سبحانه أن حكم الناس دين لا ينبغي أن يكون إلا لله.
أما اختيار المسلمين من يمثلهم في المناصب الإدارية والخدمية المجردة التي ليس فيها تشريع مخالف لشرع الله فلا يدخل في المفهوم الكفري المذكور ، كذلك اختيار أغلبية أهل الحل والعقد من جماعة المسلمين من يرأسهم أمر مشروع (وأمرهم شورى بينهم).
ونوحده سبحانه في أسمائه وصفاته ، فلا سمي ولا شفيع ولا مثيل ولا ندّ ولا كفء له كما قال تعالى: ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )الإخلاص 1-4.
ونفرده سبحانه بصفات الجلال والكمال التي وصف بها نفسه في كتابه ، أو وصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم ولا نضرب له سبحانه الأمثال أو نشبهه بأحد من خلقه ، ولا نلحد في أسمائه وصفاته ، ونؤمن بها على وجه الحقيقة لا المجاز من غير تغيير ولا تكييف ولا تمثيل كما قال تعالى: ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ( الشورى : 11 ).
ولا نقول بقول أهل التحريف والتعطيل باسم التأويل ، على ما هو مفصل في كتب السلف الصالح- رضي الله عنهم –
ونؤمن بملائكة الله ، وأنهم عباد الله المكرمون ، فنتولاهم ونحبهم ، ونبغض من يبغضهم ، وهم كما وصفهم ربنا في الوحيين- الكتاب والسنة -
ونؤمن بكتب الله تعالى المنزلة على رسله عليهم الصلاة والسلام بالجملة وأن خاتمها القرآن العظيم.وأن القرآن كلام رب العالمين حقيقة بحروفه ومعانيه ، نزل به الروح الأمين على محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المرسلين ، وأنه كلام الله تعالى غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، ومن قال ( إن هذا إلا قول البشر ) ( المدثر: 25 ) فقد كفر ، وحقَّ عليه إن لم يرجع عن ذلك ويتوب قوله تعالى ( سأصليه سقر ) ( المدثر: 26 ).
ونؤمن بأنبياء الله ورسله أجمعين الذين أخبر الله- تعالى – عنهم في كتابه أو أخبر رسوله- صلى الله عليه وسلم – عنهم في سنته ، من قص الله علينا خبرهم ومن لم يقصص ، ولا نفرق بين أحد منهم ، وأنهم قد بعثوا جميعاً بأصل واحد ألا وهو إفراد الله ( سبحانه وتعالى ) بالعبادة والنهي عن الشرك وعن عبادة الطاغوت كما قال - سبحانه – ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) ( النحل: 36 ).
ونؤمن بمعجزات الأنبياء ونحفظ لهم حقهم ، وهم أفضل البشر على الإطلاق ، وإن خاتمهم وأفضلهم نبينا صلى الله عليه وسلم الذي بعث بالشريعة المهيمنة على سائر الشرائع ، فلا يقبل الله- سبحانه وتعالى- بعد بعثته ديناً إلا دين الإسلام ( ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) ( آل عمران: 58 ).
وإنه لا يحل لمن استبانت له السنة أن يدعها لقول أحد كائناً من كان ، فديننا دين إتباع لا ابتداع ، فكل رجل يؤخذ من قوله ويرد حاشا رسول الله- صلى الله عليه وسلم .
ونحب نبينا-صلى الله عليه وسلم - ونحب صحابته رضوان الله عليهم وآل بيته الأطهار الأخيار ومن تبعهم بإحسان ، ونتولاهم جميعاً ، ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير لا نذكرهم وحبهم عندنا دين وإيمان ، وبغضهم نفاق وطغيان ، ونبرأ إلى الله من طريقة الروافض والنواصب فيهم ، ونكف عما شجر بينهم ولا نذكرهم إلا بخير ، وهم فيما شجر بينهم بين الأجر والأجرين وإنهم خير القرون.
ونؤمن باليوم الآخر والبعث بعد الموت ، والعرض والحساب والحوض والميزان والصراط والجنة والنار.
ونؤمن بالشفاعة لمن أذن الله - تعالى - له بها , وبشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم في أهل الموقف وأهل الجنة وفيمن استحق النار من الموحدين .
ونؤمن برؤية المؤمنين ربهم بأبصارهم يوم القيامة .
ونؤمن بالقدر خيره وشره وأنه من الله ( سبحانه وتعالى ) وأن مشيئته – سبحانه – نافذة وفوق كل مشيئة , وأن أفعال العباد مخلوقة وأنهم فاعلون على الحقيقة فنحن في القدر وسط بين القدرية والجبرية .
والإيمان عندنا قول وعمل ونية وسنة فهو اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالجوارح , وأن العمل ركن فيه , وأن اعتقاد الجنان : قوله وعمله , والقول : قول القلب واللسان , والعمل : عمل القلب والجوارح , وكل ذلك مقيد بسنة النبي – صلى الله عليه وسلم - . وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية , وأن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الترك أو الاعتقاد أو الشك إذ أن الكفر لا يحصر بالقلب فقط , وأما الاستحلال فإنه يشترط في التكفير للذنوب التي هي دون الكفر . ولا نقول بقول الخوارج الذين يكفرون بالكبائر ولا بقول المرجئة الذين يقولون : ( لا يضر مع الإيمان ذنب ) .
ونؤمن بأن كل من دان بغير دين الإسلام فهو كافر في أحكام الدنيا سواء بلغته الرسالة أو لم تبلغه ولكننا لا نجاهد جهاد الطلب إلا من بلغته الرسالة , وإن الله - تعالى – لا يعذب أحداً يوم القيامة إلا بعد بلوغه الحجة الرسالية , قال تعالى : ( وما كنا معذبين حنى نبعث رسولا ) ( الإسراء : 15 )
وأحكام الدنيا في التكفير مبنية على الظاهر والله يتولى السرائر . وليس من منهجنا التعجل بالتكفير دون تثبت أو بينة , وليس كل من أتى بمكفر يكفر بعينه حتى تتوفر الشروط وتنتفي الموانع , ولا نكفر بالمآل أو بلازم القول وليس كل كافر يقتل وقد يقتل من ليس بكافر كما هو مفصل في كتب أهل العلم.
ونحفظ لعلمائنا حقهم وكذلك دعاتنا المجاهدين الذين يبلغون رسالات ربهم ويخشونه (تعالى) ولا يخشون أحداً سواه.
ونرى الصلاة خلف كل برٍّ وفاجرٍ من أهل القبلة ، وعلى من مات منهم ما لم يتلبس بناقض للإسلام .
والجهاد ماض مع الأمير براًَ كان أو فاجراً إلى يوم القيامة لا يمنعه جور جائر ولا عدل عادل . ولكن الجهاد تحت الراية السنية أحب إلينا وأولى وأوجب ولا نحكم بالسيف على أحد من أهل القبلة إلا إذا وجب في حقه بدليل قطعي . و لا يشترط لجهاد الدفع الشروط الواجبة لجهاد الطلب بل يجب دفع الصائل بحسب الإمكان . وأنه يجب على المسلمين الإعداد للجهاد إذا عجزوا عنه وأنه لابد من استكمال الإعداد لجهاد الطلب قبل البدء به مع أخذ المشورة والنصيحة من العلماء العاملين وأهل التجربة من المجاهدين ونقبل منهم النصح والتوجيه لأن المسلمين إخوةٌ بعضهم من بعض وهم يد على من سواهم .
ونؤمن بما أخبر به النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن الطائفة المنصورة بقوله ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة )، قال: فينزل عيسى بن مريم(عليه السلام)، فيقول أميرهم تعال صلَّ لنا فيقول( لا ، إن بعضكم لبعض أمراء تكرمة لهذه الأمة ).... رواه مسلم عن جابر مرفوعاً
ولا نرى الخروج على أئمة المسلمين وأمرائهم وإن جاروا ، ولا ننزع يداً من طاعتهم ما أقاموا فينا الصلاة وكانوا مسلمين ، وندعو لهم بالهداية والصلاح ، فإن طرأ عليهم الكفرالبواح وجب الخروج عليهم عند الاستطاعة وعدم المفسدة الراجحة .
ونرى وجوب الاجتماع تحت راية واحدة .
ولا نميز أنفسنا عن باقي المسلمين بشئ بل إن المسلمين كلهم أمة واحدة ، ولا يفوتنا واجب النصح ، لهم ولا تأخذنا في الله لومة لائم في بيان انحراف من انحرف عن السنة وهدي السلف الصالح .....( رضي الله عنهم ).
وإن مجتمعاتنا التي يحكمها الكفر مجتمعات إسلامية وإن تفشت فيها الجاهلية من المعاصي والآثام بمعنى أن الأصل في مجتمعاتنا الإسلام . بخلاف المجتمعات التي غلب على أهلها الوقوع في ناقض من نوا قض الإسلام فلا يحكم لها بالإسلام .
ملامح في المنهج
في النظر والاسـتدلال :
- منهجنا في النظر والإستدلال يكون مبنياً على الأسس العلمية المنضبطة بالكتاب والسنة الصحيحة على فهم سلف الأمة .
- الوسطية والاعتدال بين الغلو والجفاء فلا إفراط ولا تفريط قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شُهداءَ على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً وما جعلنا القبلة التي كُنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول
ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم ) (البقرة : 143) فالوسطية عندنا هي الالتزام بالإسلام كله قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ) فلا نعني بها التميع والتفريط في الأحكام الشرعية كما هو حال بعض الجماعات البدعية .
الأخذ من السيرة وأخبار السلف يجب أن يراعى فيه الأحوال والعوائد التي كانت في زمنهم قال أبن القيم في إعلام الموقعين (ج4ص205 ) فإنَّ الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعوائد والأحوال وذلك كله من دين الله .
المرجعية لأهل العلم والحكمة والخبرة السابقة المشهود لهم بالصدق والاستقامة والثبات التاريخ الناصع .
الشرع دائر على تحقيق المصالح ودرء المفاسد والموازنة بينها عند التزاحم قال أبن تيمية في السياسة الشرعية (ج1 ص43 ) ..( الواجب تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها فإذا تعارضت كان التحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما هو المشروع) – وقال ابن القيم في الجواب الكافي (والتحكيم في هذا الباب للقاعدة الكبرى التي يكون عليها مدار الشرع والقدر وإليها يرجع الخلق والأمر وهي إيثار أكبر المصلحتين وأعلاهما وإن فاتـت المصلحة التي هي دونها والدخول في أدنى المفسدتين لدفع ما هو اكبر منهما فتفوت مصلحة لتحصيل ما هو أكبر منهما ويرتكب مفسدة لدفع ما هو أعظم منهما ) وأنه لا مصلحة أعلى من التوحيد ولا مفسدة أعظم من الشرك ، والأمر في ذلك إلى أمير الجماعة .
قال الشاطبي في الموافقات..( 4/194ــ 198 ط دار المعرفة)..(النظر في مالأت الأفعال معتبر مقصود شرعاً، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة أي مأذونا ًفيها أو منهيا عنها ، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو الأحجام ألا بعد نظره إلى ما يؤول أليه ذلك الفعل )1 . هــــــ
مراعاة فقه الأولويات
لا سياسة إلا ما وافق الشرع بمعنى لا نخالفه وليس بالضرورة وجود دليل شرعي على كل مفردة .
العلم بالسياسة الشرعية أمر ضروري قال شيخ الإسلام (ص325-326ج28) ..(لهذا كان المفسرون عن علم الحجج والدلالات، وعلم السياسة والإمارات، مقهورين مع هذين الصنفين، تارة بالاحتياج إليهم إذا هجم عدو يفسد الدين بالجدل أو الدنيا بالظلم، و تارة بالاحتياج إليهم إذا هجم على أنفسهم من أنفسهم ذلك، و تارة بالاحتياج إليهم لتخليص بعضهم من شر بعض في الدين والدنيا، وتارة يعيشون في ظلهم في مكان ليس فيه مبتدع يستطيل عليهم، ولا وال يظلمهم وما ذاك إلا لوجود علماء الحجج الدامغة لأهل البدع والساسة الدافعة للظلم ) .
إذا ورد في مسألة قولان فقهيان معتبران لأهل العلم فلأمير الجماعة أن يتبنى أحد هذين القولين لمناسبته للواقع ويصبح هذا القول ملزماً للجماعة قال ابن تيمية (ج20 ص207).. (مسائل الاجتهاد من عمل فيها من قول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه وإذا كان في المسألة قولان فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين ) .
في إدارة الصراع
استحضار الأهداف العليا التي شرع من أجلها الجهاد وعدم حصره وتقزيمه بجعله عملا ثأرياً ينكأ بالعدو فقط تلازم الدعوة والجهاد فلا يقصر بأحد الأمرين على حساب الأخر .
التجمع على أساس المنهج والشرع، لا الأشخاص والأسماء .
الاستفادة من الجماعات الجهادية التي سبقتنا بأخذ إيجابياتها وطرح سلبياتها واستكمال نقاط القوة فيها. البعد عن النظريات والتصورات الخيالية و اعتماد النظرة الواقعية في التقييم والمعالجة .
إقامة ما يمكن إقامته من الدين على قدر الاستطاعة إذا لم نستطع إ قامة الدين كله قال شيخ الإسلام (ج20 ص148- 149) .
( وكثيراً ما يتولى الرجل الإمامة والقضاء بين المسلمين والتتار والكافرين وفي نفسه كثير من العدل والشرع لا يستطيع أن يقيمه لأن الأمر خارج عن يده وأرادته). وأيضاً (ج28 ص599) ( فكما يجب إزالة الظلم يجب تقليله عند العجز عن إزالتة بالكلية فهذا أصل عظيم والله أعلم ) .
ينبغي أن يراعى في بعض الأحكام التي يتناولها المنهج في بحوثه أنها متعلقة بواقع العراق المحتل من قبل عدوٍ صائلٍ له خصوصية قد لا تتوفر في واقع أخر .
الإكثار من مشاورة أهل الحل والعقد أولي الأحلام والنهى من أهل العلم والاختصاص .