المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقاومة العراقية:مقاومة حتى دحر الاحتلال، أم مقاومة حتى المشاركة؟؟!!



الفرقاني
26-08-2005, 04:51 PM
المقاومة العراقية

مقاومة حتى دحر الاحتلال، أم مقاومة حتى المشاركة؟؟!!

منصور الاطرش/القريا - سوريا (7 آب 2005)

تردد في الأوساط الإعلامية أن فريقا من العراقيين يسعى لإقناع بعض فصائل المقاومة العراقية كي تدخل في حوار مع الأمريكان. ولم تتضح لنا بكل تأكيد الغاية الفعلية من هذه المحاولة، غير أننا نخمن أن الأمريكان يتمنون أن يسود الحوار بينهم وبين المقاومة وأن يجر هذا الحوار سكوت البندقية على الأقل، ولسوف يتبع ذلك بكل تأكيد مساومات على وضع مقبل يستوعب هذا الفصيل المحاور في الأوضاع القائمة على ما تفتقر إليه من شرعية وغياب السيادة في ظل الاحتلال الأمريكي، وقد ينتج عن هذا الحوار أيضا هدنة ما تتيح للأمريكان التقاط بعض أنفاسهم ويسهل لهم بالنتيجة الاتفاق مع الفصيل العراقي على إعلان نوايا عن جلاء قريب بعد أن يكونوا كسبوا موطن قدم هنا وهناك في ارض الرافدين.

نحن لا نتهم هذا السعي بالعمالة للأمريكان لأن الوضع في العراق، حساس للغاية ولقد بلغت المعاناة عند أبناء الشعب إلى أقصاها، وعلى الأخص عند أبناء المثلث ((المتمرد)). أن كل حرب تنتهي أما بالمصالحة وإما بالغلبة لأحد الطرفين الذي يفرض شروطه حسب ما تقتضيه الأوضاع العامة في البلاد.

غير أن محاربة الأمريكان لا يجوز أن تنتهي بالمصالحة لأنها تعني تمكين الأمريكان من أهدافهم كما تعني تبريرا لحربهم الظالمة، ولذلك فمن الخطأ الفادح أن نسعى لوقف القتال ما دامت المقاومة تفتك بالمحتل وتحمله خسائر فادحة تزيد في إرباكه وتسفيه حربه في أمريكا نفسها وفي العالم كله حكومات ومواطنين، نهاية واحدة لهذه الحرب هي دحر الاحتلال والخروج من العراق بلا شروط ولا مكاسب من هذه الحرب الظالمة.

إن فوز المقاومة يستتبع بالضرورة انهيار تركيبة الحكم القائم حتى ولو نال من الاعترافات الدولية والعربية ما يدفع أركانه للدعاء بالشرعية، فالعقدة الصعبة هي إذن وصول العراقيين إلى اتفاق مقبل فيما بينهم بنوده الأساسية جلاء الأمريكان دون قيد أو شرط، وإقامة سلطة يكون للمقاومة المنتصرة الرأي الأول فيها.

العراقيون القائمون على السلطة حتى الساعة يعتبرون اقتسامهم الحكم حسب ما أشار عليهم المحتل من الحقوق المكتسبة وعلى الأخص الأكراد.

إن المشكلة الكردية في نزوعها إلى الانفصال الذي لا تخفض بوادره قد فرضت على العراق مناخا مغايرا لوحدة الشعب ولوحدة الأرض، حتى العرب صاروا يطالبون بالفيدرالية لأنها مدخل لبعضهم لرفض ولاية الآخرين عليهم، فأهل الجنوب "متمسكون بحكم أنفسهم" بروح محلية، وهذا الإصرار يثير مخاوف العرب الآخرين الحريصين على إبعاد العراق على كل نفوذ يتسرب من البلاد المجاورة وعلى الأخص انتشار الممارسات المذهبية العابرة للحدود في جنوب العراق.

إذا تذرع الأكراد بقوميتهم المتميزة عن القومية العربية عذرناهم، ولكن ما عذر عرب الجنوب كي يصروا على الفيدرالية؟ فإن اللامركزية في الإدارة توفر لهم هذه الغاية؟ لأن الفيدرالية فيها بذور انفصالية، وعلى الأخص إذا كان مثلها فدرالية كردستان وما نسمع في إصرار الأكراد على تعين حدود الإقليم في الدستور ونشر خرائط لا ينتج عنها في حال تطبيقها إلا محو العراق من خارطة الوطن العربي ولاسيما أنهم يطالبون بالنص في الدستور على شرعية الاستفتاء مستقبلا على الانفصال التام. لذلك نرى أن تبقى المقاومة بعيدة عن أي مساومة ما دامت تلحق بالأمريكان ومشاريعهم خسائر كبيرة تراكمها سيكون الاندحار التام وانتصار حركة التحرير من الاحتلال والمشاريع التقسيمية واستفحال الشعور بالخاص والمحلي والمذهبي ومن تغييب صورة الوطن وهويته العربية.

إن ما ننتظره من العرب في جنوب العراق دعم المقاومة في الشمال تحت شعار تحرير الوطن من المحتل، إن وجود القوات الأجنبية في الجنوب يوجب عليهم شرعيا ووطنيا المقاومة، وأن إحجامهم لا يعني عمليا سوى تخفيف الضغط عن الاحتلال ومنحه هدنة رحيمة لا يستحقها، إن الاحتلال واحد ولا فرق بين الانكليز والبولنديين والاستراليين والأمريكيين وحتى اليابانيين، نريدهم جميعا خارج العراق.

إن ترويج الأمريكان وحلفاؤهم مفهومهم الزائف عن المقاومة ودفعها بالإرهاب تكذبه أفعالهم وتدابيرهم حين يتعلق الأمر بحماية بلدهم ومصالحهم، إنهم يتجاوزون كل الموازين الحضارية والأخلاقية والدستورية ولذلك فأن المقاومة تتمتع بالشرعية المطلقة حين تتمرد على هذا المفهوم الزائف، وأننا لنغبط ((المتمردين)) هؤلاء ونقف معهم مهما كان مصيرهم.

إن الضغط الأمريكي على الأقطار المجاورة لأرض الرافدين، مهما اشتد لن يحول دون استمرار التسلل إلى أرض المعركة، على الرغم من كل الجهود الرسمية الملتزمة بحراسة الحدود ومنع هذا التسلل، فهذه حالة يعيشها كل عربي مهما بلغت إمكانياته القتالية والمادية.

نحن نتمنى لو أن العروبة الرسمية تعيش هذه الحالة؟ ولكن الواقع يكذب كل أمنياتنا، فلم يبق لنا إلا أبناء الشعب الذين يعيشون بكل صدق حالة القلق والمشاركة والتضامن مع شعبنا الصامد في أرض الرافدين.

رحم الله الشاعر العربي حين قال:

إذا الشعب يوما أراد الحياة / فلا بد أن يستجير القدر