الفرقاني
23-08-2005, 06:35 PM
الدرس انتهي.. لمٌوا المرتزقة
كاتب أمريكي لبوش:فقدت شعبك وجيشك.. فمتي تدرك أن الحرب في العراق انتهت؟!
هاني زايد
أثناء حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية التي أتت بجورج بوش الابن رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية لفترة رئاسية ثانية.. أظهرت إحدي الدراسات أن جورج بوش هو أغبي رئيس اعتلي المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.
الغريب أنه علي الرغم مما توصلت إليه هذه الدراسة، إلا أن الشعب الأمريكي جاء بالرئيس الأغبي في تاريخ أمريكا رئيسا لمرة أخري ليواصل مسلسل غبائه الفطري وليضرب بحماقاته وحماقة يمينه الصهيوني المسيحي استقرار العالم كله.
والأغرب من ذلك أن نجاح بوش هذه المرة جعله أكثر حماقة وكبرا حتي أصبح يدير العالم وكأنه سيده الأوحد.. أو يعيش في جزيرة معزولة لا يسمع فيها صوت أحد سوي المقربين منه ممن اعتادوا نفاقه طمعا في مكاسب أخري.. وهي مكاسب تقوم علي أسس صهيونية ومالية أكثر من أي شيء آخر.. ولعل هذا ما يفسر لنا ذلك التناقض الشديد بين نظرة الشعب الأمريكي للحرب علي العراق وكيف أنها تحولت إلي فيتنام جديدة لن تحمل في فصولها الأخيرة سوي خيبة الأمل والإحباط والهزيمة لأمريكا وجيشها الذي لم يعد الانضمام إليه حلما يداعب لا أمريكان بيض ولا حتي جنود مرتزقة.. وبين نظرة بوش وعصابته لتلك الحرب والذين لم يعوا بعد أن درس العراق انتهي وان عليهم الاعتراف بذلك بدلا من إصرارهم علي ضرب عرض الحائط بصيحات الشعب الأمريكي الرافض لهذه الحرب وبصرخات الأمهات الأمريكيات الرافضات لتلك الحرب بعد أن تحولت لنيران تلتهم أجساد ابنائهن.. وهو ما عبرت عنه كتابات عدد من الكتاب الأمريكيين وكأنهم يقولون للسيد بوش: 'انتهي درس العراق يا غبي'.. فتحت عنوان: 'الحرب انتهت' نشرت جريدة 'نيويورك تايمز' الأمريكية مقالا للكاتب الأمريكي 'فرانك ريتش' كتب فيه يقول: إن الرئيس الأمريكي جورج بوش أصبح اشبه بذلك الجندي الياباني والذي مكث لسنوات طويلة معزولا في جزيرة نائية و هو لا يعرف أن الحرب العالمية الثانية وضعت أوزارها.. فالرئيس الأمريكي هو آخر من يعلم أن الحرب العراقية قد انتهت.. فما زال يصر علي الخروج علينا من مزرعته بتكساس ليخطب فينا بإصرار قائلا: 'نحن سنواصل استكمال دورتنا'.
إن الواقع يؤكد أن الرئيس الأمريكي بوش لن يستطيع مواصلة ما بدأه في العراق لأن الرئيس لا يمكن أن يصمد في الحرب إذا كان مواطنوه وحلفاؤه غير مستعدين للبقاء معه.. وهو ما تؤكد عليه نسب استطلاعات الرأي حيث إن نسبة تأييد بوش في موقفه من العراق في تناقص مستمر وقد وصلت 34 % طبقا لاخر استطلاع رأي أجرته مجلة 'نيوزويك' الأمريكية في حين كانت أقل نسبة تأييد حصل عليها جونسون خلال حرب فيتنام 32 % . كما أن نسبة التأييد بالنسبة للرئيسين بصورة عامة كانت متقاربة حيث كانت نسبة تأييد مجمل سياسات جونسون 41 % في حين أن نسبة تأييد مجمل سياسات بوش حوالي 42 % .. وكانت نسبة التأييد الضعيفة تلك للرئيس الأسبق جونسون سببا في عدم خوضه انتخابات الرئاسة.
ويضيف فرانك ريتش قائلا: لكن رئيسنا الحالي القادم من تكساس تجاوز سابقه جونسون، حيث فقد جيشه إضافة إلي شعب دولته، مشيرا إلي أن هناك عزوفا شديدا في أوساط الأمريكيين عن الاكتتاب في الجيش. فلا المراوغة بوسائل رفع المرتبات والعلاوات ولا غيرها من مظاهر التزييف نجحت في حل أزمة النقص الشديد في نسبة الإقبال علي الالتحاق بالجيش.. حتي أن شبكة إيه بي سي الأمريكية نشرت تقريرا اشارت فيه إلي ان قادة القوات المسلحة الأمريكية أصبحوا في شوق إلي أن ينضم للقوات المسلحة الأمريكية أشخاص يقبلون الإهانة دون ان يسألوا أو يخبروا أحدا بما يحدث أمام اعينهم.. واللعنة علي الجنود المستهترين الذين ينطقون بحرف مما يرون حتي لو كانوا ينطقون به للصحافة.
لقد أصاب التشويش صورة الرئيس الأمريكي بوش وأفراد إدارته.. ففي السفينة الغارقة يكون من الصعب معرفة من هو الفأر الذي سيثبت في مكانه.. وكما لو أن الجناح اليميني المنهار ليس ثابتا بما فيه الكفاية فإن القيادة العسكرية الأمريكية بداية من وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد والجنرال ريتشارد مايرز حاولوا بشدة أن يصفوا الحرب علي العراق بما أطلق عليه وزير الدفاع الأمريكي 'بالكفاح العالمي ضد التطرف العنيف'.. كفاح ضد صاحب الأرض.. وعندما تبدأ حرب علي مستوي عال مستخدما لفظ الكفاح بكل ما يحمله هذا التعبير من لطف علي حرب مميتة.. فإن هذا يكون علامة دلالة علي أن معركة إبقاء الشعب الأمريكي والرأي العام الأمريكي منغمرا بالرغبة في متابعة الحرب علي العراق قد انتهت بخسارة بوش وإدارته وهي معركة خسرتها إدارة بوش قبل أن تبدأ.
ففي خطابه المشئوم الذي ألقاه من أوهايو في السابع من أكتوبر عام 2002 والذي كان خطابا أشبه ببخار مسموم يحمل نصف الحقيقة ونصف الوهم وغرضه الأساسي هو الإثارة بغرض إسراع الكونجرس الأمريكي بإقرار الحرب علي العراق وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك بايام حيث تحدث الرئيس الأمريكي قائلا: 'نحن نعلم أن العراق والقاعدة علي اتصالات عالية وهي اتصالات يعود تاريخها إلي عقد من الزمان'.. وهي مبالغة اكتشفت لجنة المخابرات التابعة لمجلس الشيوخ فيما بعد أنها اعتمدت علي مبرر من الصعب تأكيده.. كما ذكر بوش في خطابه هذا أن 'صدام حسين يمكنه أن يمتلك سلاحا نوويا في أقل من عام إذا حصل علي نسبة قليلة من اليورانيوم المخصب لا تزيد علي حجم كرة صغيرة'.. وهي المعلومة التي اعتمدت أيضا علي براهين أكدت المخابرات الأمريكية بعد ذلك انها كانت ملتبسة وأن ما ورد عن سعي العراق للحصول علي اليورانيوم المخصب من أفريقيا معلومات اكتنفها الغموض الشديد.. وبناء علي هذه المعلومات التي كان من المفترض أنها منطقية تم إرسال الجنود الأمريكان الشجعان إلي الحرب.. ومن بين هؤلاء 19 من جنود الاحتياط الأمريكيين من ضواحي أوهايو لقوا حتفهم في خلال ثلاثة أيام.. وبينما كانوا يلقون حتفهم كان هناك أحد ضباط الاحتياط الأمريكيين الذين خاضوا الحرب في العراق علي مقربة من الفوز في انتخابات الولاية الخاصة بالكونجرس.. وهو المرشح الديمقراطي بول هاكيت و الذي رفع في حملته الانتخابية شعارا وصف فيه بوش بأنه 'صقر الفراخ'.. حيث حصل علي 48 % من أصوات ولاية أوهايو التي منحت بوش فرصة إعادة انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية عام .2004 إنها نفس أوراق الشاي التي يقرأها اليوم كل الديمقراطيين وليس بول هاكيت فقط حتي أن نيوت جينجريتش وصف اقتراب هاكيت من تحقيق الانتصار بأنها 'صرخة استيقاظ'.. كما أن المؤيدين للرئيس الأمريكي وللحرب ضد العراق انفسهم استعطفوا بوش بأن يبدي نوعا من القيادة بالظهور في أوهايو وبتقديم التحية للجنود الذين فقدوا ارواحهم في هذه الحرب ولعائلاتهم.. فلقد نصح جورج آلان * عضو الكونجرس الأمريكي عن ولاية فرجينيا وأحد أشد المخلصين للرئيس الأمريكي بوش * الرئيس الأمريكي بلقاء سيندي شيهان تلك الأم الأمريكية التي فقدت ابنها في الحرب والتي اعلنت اعتصامها حتي تقابل الرئيس.. وكانت نصيحة آلان قائمة علي ضرورة أن يظهر الرئيس بوش نوعا من اللياقة و الكياسة لأغراض سياسية.
إن الرئيس الأمريكي بوش في حاجة لمن يخبره بأن أي رئيس لا يمكنه أن ينعم براحة الضمير بينما هناك أحد أبوين يتعذب علي موت وحيده.. إن المبررات السياسية التي ساقها بوش من شأنها أن تعجل بانتهاء الحرب.. لقد كنت الحرب ضد العراق حرب اختيار ولم تكن حرب ضرورة.. فإدارة الرئيس بوش كانت عازمة علي شن الحرب ضد العراق حتي قبل أن تكون هناك هجمات الحادي عشر من سبتمبر.. فطبقا لما ذكره ريتشارد كلارك في كتابه 'ضد كل الأعداء' فإنه في غضون الساعات القليلة التي تبعت صدمة هذه الهجمات كان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد يقدم العراق علي أنها موقع للحرب.. ولم يكن السبب في ذلك أن عدو أمريكا الذي ارتكب هجمات الحادي عشر من سبتمبر كان موجودا هناك وإنما لأن بها خيرات أفضل من المعقل الإرهابي الموجود في أفغانستان.. وهذا في حد ذاته كان من الناحية السياسية دافعا سيئا في اختيار جهة الحرب.. وبالتالي فإن هذا الاختيار كان أشبه باستخدام محرك محكوم عليه بالفشل.
الغريب أن الرئيس الأمريكي جورج بوش صرح في مقابلة أجريت معه أوائل العام الماضي بأن 'الدرس الذي تعلمته من حرب فيتنام وأنا أرجع بذاكرتي إليها هو أنها كانت حربا سياسية وأن هذا هو سر ما خلفته من مشكلات.. والدرس الجوهري الذي تعلمته منها هو أن لا أدع للسياسيين فرصة اتخاذ قرارات عسكرية'.. لكن الشيء الكارثة هو أن بوش تجاهل هذا الدرس وترك رامسفيلد يوبخ علانية رئيس أركان الجيش إريك شينيسكي لأنه تجرأ وذكر حقيقة أن هناك حاجة لوجود مئات الآلاف من القوات الأمريكية في العراق لتحقيق الأمن بها.. وهو الأمن الذي فشلنا حتي اليوم في تحقيقه.. بل والأكثر من ذلك أن هذا الأمن الذي حاولنا تحقيقه حول العراق إلي مأوي للإرهابيين علي العكس مما كانت عليه الأوضاع قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر.. إن بوش يصر علي الحديث عن العراق بوصفها 'جبهة مركزية للحرب علي الإرهاب' في محاولة منه لكي يجعلنا ننسي أنه هو الذي صنع هذه الجبهة.. إن نهاية لعبة تورط أمريكا في العراق سيكون جزءا من هذا التاريخ المؤسف.. فلا شيء يحدث في العراق علي أرض الواقع يمكن أن يحول دفة القدر الذي ينتظر الولايات المتحدة الأمريكية من جراء هذه الحرب.. لا الدستور الذي تم الإسراع به لمواجهة القتل العشوائي.. ولا الانتخابات العراقية. وليست هناك فلوجة جديدة.. وليس هناك متطوعون جدد ولا أموال اخري لدفعها إلي قوات إضافية من شأنها دعم الموقف الأمني في العراق.. إن ما ينتظرنا في العراق ليس النصر الذي لم يعرفه الرئيس بوش لنا بوضوح وإنما استراتيجية للخروج من العراق تماثل تلك الخطة التي اتبعها الرئيس الأمريكي الأسبق جونسون في الانسحاب من فيتنام في مارس عام .1968 وهي خطة تقوم علي إجراء مفاوضات مع عناصر من السنة المنتمين للمقاومة العراقية.. ويتبع ذلك مزاعم مبالغ فيها عن استعداد قوات محلية باستلام مقاليد الأمور.. وهذه النتيجة قد تقود إلي كارثة أكبر.. لكن هذه الإدارة فقدت منذ فترة طويلة المصداقية المطلوبة من أجل توفير الدعم المادي والبشري الذي من شأنه منع استمرار سقوط العراق في مستنقع حرب أهلية وتحويل العراق إلي مركز جهادي.. وبالتالي فإن ماذكره الرئيس بوش عن أنه لم يتخذ قرارا حتي الآن بشأن سحب القوات الأمريكية من العراق يمكن التعامل معه بجدية تماثل جدية التعامل مع المشهد الخيالي الذي ذكر فيه نائب الرئيس الأمريكي أن المقاومة العراقية في 'رمقها الأخير'. يا سيد بوش لقد اتخذ الشعب الأمريكي قراره بالفعل نيابة عن سيادتك.. إننا الآن خارج هذه اللعبة.. والآن تأتي المهمة الصعبة وهي تحديد القادة الذين يتحملون علي عاتقهم مسئولية جعلنا أكثرعرضة لهجمات قد تصيبنا غدا ممن هاجمونا منذ أربع سنوات..
كاتب أمريكي لبوش:فقدت شعبك وجيشك.. فمتي تدرك أن الحرب في العراق انتهت؟!
هاني زايد
أثناء حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية التي أتت بجورج بوش الابن رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية لفترة رئاسية ثانية.. أظهرت إحدي الدراسات أن جورج بوش هو أغبي رئيس اعتلي المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.
الغريب أنه علي الرغم مما توصلت إليه هذه الدراسة، إلا أن الشعب الأمريكي جاء بالرئيس الأغبي في تاريخ أمريكا رئيسا لمرة أخري ليواصل مسلسل غبائه الفطري وليضرب بحماقاته وحماقة يمينه الصهيوني المسيحي استقرار العالم كله.
والأغرب من ذلك أن نجاح بوش هذه المرة جعله أكثر حماقة وكبرا حتي أصبح يدير العالم وكأنه سيده الأوحد.. أو يعيش في جزيرة معزولة لا يسمع فيها صوت أحد سوي المقربين منه ممن اعتادوا نفاقه طمعا في مكاسب أخري.. وهي مكاسب تقوم علي أسس صهيونية ومالية أكثر من أي شيء آخر.. ولعل هذا ما يفسر لنا ذلك التناقض الشديد بين نظرة الشعب الأمريكي للحرب علي العراق وكيف أنها تحولت إلي فيتنام جديدة لن تحمل في فصولها الأخيرة سوي خيبة الأمل والإحباط والهزيمة لأمريكا وجيشها الذي لم يعد الانضمام إليه حلما يداعب لا أمريكان بيض ولا حتي جنود مرتزقة.. وبين نظرة بوش وعصابته لتلك الحرب والذين لم يعوا بعد أن درس العراق انتهي وان عليهم الاعتراف بذلك بدلا من إصرارهم علي ضرب عرض الحائط بصيحات الشعب الأمريكي الرافض لهذه الحرب وبصرخات الأمهات الأمريكيات الرافضات لتلك الحرب بعد أن تحولت لنيران تلتهم أجساد ابنائهن.. وهو ما عبرت عنه كتابات عدد من الكتاب الأمريكيين وكأنهم يقولون للسيد بوش: 'انتهي درس العراق يا غبي'.. فتحت عنوان: 'الحرب انتهت' نشرت جريدة 'نيويورك تايمز' الأمريكية مقالا للكاتب الأمريكي 'فرانك ريتش' كتب فيه يقول: إن الرئيس الأمريكي جورج بوش أصبح اشبه بذلك الجندي الياباني والذي مكث لسنوات طويلة معزولا في جزيرة نائية و هو لا يعرف أن الحرب العالمية الثانية وضعت أوزارها.. فالرئيس الأمريكي هو آخر من يعلم أن الحرب العراقية قد انتهت.. فما زال يصر علي الخروج علينا من مزرعته بتكساس ليخطب فينا بإصرار قائلا: 'نحن سنواصل استكمال دورتنا'.
إن الواقع يؤكد أن الرئيس الأمريكي بوش لن يستطيع مواصلة ما بدأه في العراق لأن الرئيس لا يمكن أن يصمد في الحرب إذا كان مواطنوه وحلفاؤه غير مستعدين للبقاء معه.. وهو ما تؤكد عليه نسب استطلاعات الرأي حيث إن نسبة تأييد بوش في موقفه من العراق في تناقص مستمر وقد وصلت 34 % طبقا لاخر استطلاع رأي أجرته مجلة 'نيوزويك' الأمريكية في حين كانت أقل نسبة تأييد حصل عليها جونسون خلال حرب فيتنام 32 % . كما أن نسبة التأييد بالنسبة للرئيسين بصورة عامة كانت متقاربة حيث كانت نسبة تأييد مجمل سياسات جونسون 41 % في حين أن نسبة تأييد مجمل سياسات بوش حوالي 42 % .. وكانت نسبة التأييد الضعيفة تلك للرئيس الأسبق جونسون سببا في عدم خوضه انتخابات الرئاسة.
ويضيف فرانك ريتش قائلا: لكن رئيسنا الحالي القادم من تكساس تجاوز سابقه جونسون، حيث فقد جيشه إضافة إلي شعب دولته، مشيرا إلي أن هناك عزوفا شديدا في أوساط الأمريكيين عن الاكتتاب في الجيش. فلا المراوغة بوسائل رفع المرتبات والعلاوات ولا غيرها من مظاهر التزييف نجحت في حل أزمة النقص الشديد في نسبة الإقبال علي الالتحاق بالجيش.. حتي أن شبكة إيه بي سي الأمريكية نشرت تقريرا اشارت فيه إلي ان قادة القوات المسلحة الأمريكية أصبحوا في شوق إلي أن ينضم للقوات المسلحة الأمريكية أشخاص يقبلون الإهانة دون ان يسألوا أو يخبروا أحدا بما يحدث أمام اعينهم.. واللعنة علي الجنود المستهترين الذين ينطقون بحرف مما يرون حتي لو كانوا ينطقون به للصحافة.
لقد أصاب التشويش صورة الرئيس الأمريكي بوش وأفراد إدارته.. ففي السفينة الغارقة يكون من الصعب معرفة من هو الفأر الذي سيثبت في مكانه.. وكما لو أن الجناح اليميني المنهار ليس ثابتا بما فيه الكفاية فإن القيادة العسكرية الأمريكية بداية من وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد والجنرال ريتشارد مايرز حاولوا بشدة أن يصفوا الحرب علي العراق بما أطلق عليه وزير الدفاع الأمريكي 'بالكفاح العالمي ضد التطرف العنيف'.. كفاح ضد صاحب الأرض.. وعندما تبدأ حرب علي مستوي عال مستخدما لفظ الكفاح بكل ما يحمله هذا التعبير من لطف علي حرب مميتة.. فإن هذا يكون علامة دلالة علي أن معركة إبقاء الشعب الأمريكي والرأي العام الأمريكي منغمرا بالرغبة في متابعة الحرب علي العراق قد انتهت بخسارة بوش وإدارته وهي معركة خسرتها إدارة بوش قبل أن تبدأ.
ففي خطابه المشئوم الذي ألقاه من أوهايو في السابع من أكتوبر عام 2002 والذي كان خطابا أشبه ببخار مسموم يحمل نصف الحقيقة ونصف الوهم وغرضه الأساسي هو الإثارة بغرض إسراع الكونجرس الأمريكي بإقرار الحرب علي العراق وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك بايام حيث تحدث الرئيس الأمريكي قائلا: 'نحن نعلم أن العراق والقاعدة علي اتصالات عالية وهي اتصالات يعود تاريخها إلي عقد من الزمان'.. وهي مبالغة اكتشفت لجنة المخابرات التابعة لمجلس الشيوخ فيما بعد أنها اعتمدت علي مبرر من الصعب تأكيده.. كما ذكر بوش في خطابه هذا أن 'صدام حسين يمكنه أن يمتلك سلاحا نوويا في أقل من عام إذا حصل علي نسبة قليلة من اليورانيوم المخصب لا تزيد علي حجم كرة صغيرة'.. وهي المعلومة التي اعتمدت أيضا علي براهين أكدت المخابرات الأمريكية بعد ذلك انها كانت ملتبسة وأن ما ورد عن سعي العراق للحصول علي اليورانيوم المخصب من أفريقيا معلومات اكتنفها الغموض الشديد.. وبناء علي هذه المعلومات التي كان من المفترض أنها منطقية تم إرسال الجنود الأمريكان الشجعان إلي الحرب.. ومن بين هؤلاء 19 من جنود الاحتياط الأمريكيين من ضواحي أوهايو لقوا حتفهم في خلال ثلاثة أيام.. وبينما كانوا يلقون حتفهم كان هناك أحد ضباط الاحتياط الأمريكيين الذين خاضوا الحرب في العراق علي مقربة من الفوز في انتخابات الولاية الخاصة بالكونجرس.. وهو المرشح الديمقراطي بول هاكيت و الذي رفع في حملته الانتخابية شعارا وصف فيه بوش بأنه 'صقر الفراخ'.. حيث حصل علي 48 % من أصوات ولاية أوهايو التي منحت بوش فرصة إعادة انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية عام .2004 إنها نفس أوراق الشاي التي يقرأها اليوم كل الديمقراطيين وليس بول هاكيت فقط حتي أن نيوت جينجريتش وصف اقتراب هاكيت من تحقيق الانتصار بأنها 'صرخة استيقاظ'.. كما أن المؤيدين للرئيس الأمريكي وللحرب ضد العراق انفسهم استعطفوا بوش بأن يبدي نوعا من القيادة بالظهور في أوهايو وبتقديم التحية للجنود الذين فقدوا ارواحهم في هذه الحرب ولعائلاتهم.. فلقد نصح جورج آلان * عضو الكونجرس الأمريكي عن ولاية فرجينيا وأحد أشد المخلصين للرئيس الأمريكي بوش * الرئيس الأمريكي بلقاء سيندي شيهان تلك الأم الأمريكية التي فقدت ابنها في الحرب والتي اعلنت اعتصامها حتي تقابل الرئيس.. وكانت نصيحة آلان قائمة علي ضرورة أن يظهر الرئيس بوش نوعا من اللياقة و الكياسة لأغراض سياسية.
إن الرئيس الأمريكي بوش في حاجة لمن يخبره بأن أي رئيس لا يمكنه أن ينعم براحة الضمير بينما هناك أحد أبوين يتعذب علي موت وحيده.. إن المبررات السياسية التي ساقها بوش من شأنها أن تعجل بانتهاء الحرب.. لقد كنت الحرب ضد العراق حرب اختيار ولم تكن حرب ضرورة.. فإدارة الرئيس بوش كانت عازمة علي شن الحرب ضد العراق حتي قبل أن تكون هناك هجمات الحادي عشر من سبتمبر.. فطبقا لما ذكره ريتشارد كلارك في كتابه 'ضد كل الأعداء' فإنه في غضون الساعات القليلة التي تبعت صدمة هذه الهجمات كان وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد يقدم العراق علي أنها موقع للحرب.. ولم يكن السبب في ذلك أن عدو أمريكا الذي ارتكب هجمات الحادي عشر من سبتمبر كان موجودا هناك وإنما لأن بها خيرات أفضل من المعقل الإرهابي الموجود في أفغانستان.. وهذا في حد ذاته كان من الناحية السياسية دافعا سيئا في اختيار جهة الحرب.. وبالتالي فإن هذا الاختيار كان أشبه باستخدام محرك محكوم عليه بالفشل.
الغريب أن الرئيس الأمريكي جورج بوش صرح في مقابلة أجريت معه أوائل العام الماضي بأن 'الدرس الذي تعلمته من حرب فيتنام وأنا أرجع بذاكرتي إليها هو أنها كانت حربا سياسية وأن هذا هو سر ما خلفته من مشكلات.. والدرس الجوهري الذي تعلمته منها هو أن لا أدع للسياسيين فرصة اتخاذ قرارات عسكرية'.. لكن الشيء الكارثة هو أن بوش تجاهل هذا الدرس وترك رامسفيلد يوبخ علانية رئيس أركان الجيش إريك شينيسكي لأنه تجرأ وذكر حقيقة أن هناك حاجة لوجود مئات الآلاف من القوات الأمريكية في العراق لتحقيق الأمن بها.. وهو الأمن الذي فشلنا حتي اليوم في تحقيقه.. بل والأكثر من ذلك أن هذا الأمن الذي حاولنا تحقيقه حول العراق إلي مأوي للإرهابيين علي العكس مما كانت عليه الأوضاع قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر.. إن بوش يصر علي الحديث عن العراق بوصفها 'جبهة مركزية للحرب علي الإرهاب' في محاولة منه لكي يجعلنا ننسي أنه هو الذي صنع هذه الجبهة.. إن نهاية لعبة تورط أمريكا في العراق سيكون جزءا من هذا التاريخ المؤسف.. فلا شيء يحدث في العراق علي أرض الواقع يمكن أن يحول دفة القدر الذي ينتظر الولايات المتحدة الأمريكية من جراء هذه الحرب.. لا الدستور الذي تم الإسراع به لمواجهة القتل العشوائي.. ولا الانتخابات العراقية. وليست هناك فلوجة جديدة.. وليس هناك متطوعون جدد ولا أموال اخري لدفعها إلي قوات إضافية من شأنها دعم الموقف الأمني في العراق.. إن ما ينتظرنا في العراق ليس النصر الذي لم يعرفه الرئيس بوش لنا بوضوح وإنما استراتيجية للخروج من العراق تماثل تلك الخطة التي اتبعها الرئيس الأمريكي الأسبق جونسون في الانسحاب من فيتنام في مارس عام .1968 وهي خطة تقوم علي إجراء مفاوضات مع عناصر من السنة المنتمين للمقاومة العراقية.. ويتبع ذلك مزاعم مبالغ فيها عن استعداد قوات محلية باستلام مقاليد الأمور.. وهذه النتيجة قد تقود إلي كارثة أكبر.. لكن هذه الإدارة فقدت منذ فترة طويلة المصداقية المطلوبة من أجل توفير الدعم المادي والبشري الذي من شأنه منع استمرار سقوط العراق في مستنقع حرب أهلية وتحويل العراق إلي مركز جهادي.. وبالتالي فإن ماذكره الرئيس بوش عن أنه لم يتخذ قرارا حتي الآن بشأن سحب القوات الأمريكية من العراق يمكن التعامل معه بجدية تماثل جدية التعامل مع المشهد الخيالي الذي ذكر فيه نائب الرئيس الأمريكي أن المقاومة العراقية في 'رمقها الأخير'. يا سيد بوش لقد اتخذ الشعب الأمريكي قراره بالفعل نيابة عن سيادتك.. إننا الآن خارج هذه اللعبة.. والآن تأتي المهمة الصعبة وهي تحديد القادة الذين يتحملون علي عاتقهم مسئولية جعلنا أكثرعرضة لهجمات قد تصيبنا غدا ممن هاجمونا منذ أربع سنوات..