kimo17
23-08-2005, 04:43 PM
حديثة في قبضة المقاومة .. رغم أنف الاحتلال
تقارير رئيسية :عام :الاثنين 17 رجب 1426هـ – 22 أغسطس 2005م
عمر مهدي ـ مراسل الجارديان من مدينة 'حديثة'
مفكرة الإسلام: دخل مراسل جريدة 'الجارديان' البريطانية مدينة حديثة العراقية، وشهد فيها مظاهر سيطرة المقاومة العراقية السنية على كل ركن من أركانها، بل إن المقاومة هي التي تسيطر على الأمن وتمنع من انتشار الفوضى والسرقات داخل المدينة، وتحدد من الذي يمكنه العمل لصالح الحكومة الموالية للاحتلال ومن لا يستطيع، كما أنها تقوم بمعاقبة عملاء وجواسيس الاحتلال.
ويصف مراسل الجارديان عملية إعدام أحد العملاء التي جرت بعد فجر أحد الأيام على جسر الحقلانية على مدخل مدينة حديثة، وقد تجمعت عدة حشود لمشاهدة هذا الحدث بالرغم من أنه يتم تصويره وتوزيعه على أسطوانات DVD في أسواق المدينة بعد صلاة الظهر.
وكان أحد الذين نفذ فيهم حكم الإعدام الأسبوع الماضي شابًا يرتدي رداء رياضي أسود، ومثله مثل الآخرين تم إلقائه على بطنه على الحديد الأزرق الذي يحيط بالجسر من نهايته الجنوبية، وكانت رأسه المقطوعة ملقاة على ظهره بمواجهة مدينة بغداد، وقد صاح الصبية من حول جثته فرحين بعدما علموا أن في الغد سوف تكون هناك حالتا إعدام عن طريق قطع الرأس، فهناك رجل اسمه وطبان سوف يتم قطع رقابته هو وأخيه بعدما أدينا بتهمة التجسس لصالح القوات الأمريكية.
وبعد أن كثرت حالات إعدام عملاء الاحتلال على جسر الحقلانية تم تغيير اسم الجسر إلى 'جسر العملاء'، في حين سخر آخرون وغيروا اسمه من Agents' bridge أي جسر العملاء إلى Agents' fridge أي 'ثلاجة العملاء' في إشارة إلى ثلاجات المشرحة، واشتهر بهذا الاسم فيما بعد.
وقد زار المنطقة عمر مهدي أحد مراسلي جريدة الجارديان البريطانية الأسبوع الماضي لمدة ثلاثة أيام، وقد تأكد لدى المراسل في هذه الأيام الثلاثة ما كان ينكره الجيش الأمريكي والحكومة العراقية الموالية له، وهو أن مدينة حديثة الزراعية التي يقطنها 90 ألف مواطن على نهر الفرات قد أصبحت قلعة لرجال المقاومة، وأن المليشيات الإسلامية السنية المسلحة قد نشطت في هذه المنطقة، وأكد أن هذا لم يكن سرًا لدى المواطنين العراقيين، ولكن لم يكشف عن نطاق تلك السيطرة لوسائل الإعلام إلا الآن فقط؛ فهم السلطة الوحيدة التي تدير الأمن والشئون الإدارية والاتصالات في المدينة.
وتقع حديثة على بعد 3 ساعات شمالاً من بغداد، وتحت سمع وبصر القاعدة الأمريكية هناك، أصبحت المدينة كما يقول المراسل 'دولة مصغرة على غرار دولة طالبان'؛ فرجال المقاومة هم الذين يقررون من الذي يعيش ومن الذي يموت، مقدار الرواتب التي يتم دفعها للموظفين، وما الذي ترتديه النساء وما الذي يشاهدونه أو يستمعون إليه.
وقد كشفت حالة مدينة حديثة ضعف الحكومة العراقية الموالية للاحتلال الأمريكي وسلطة الجيش الأمريكي على الأرض، وذلك في الوقت الذي روج فيه الأمريكيون إلى أن الحكومة الجديدة 'المنتخبة' سوف تقطع شوطًا كبيرًا في تقدم العراق، مع الخطوات النهائية لتشكيل الدستور العراقي.
ويقول التقرير أنه بالنسبة للدبلوماسيين والسياسيين في المنطقة الخضراء عالية التحصين ببغداد فإن الدستور العراقي ما هو إلا وسيلة لاستقرار العراق ومنع العرب السنة من الثورة والمقاومة، ولكن بالنسبة لمدينة حديثة التي تبعد 225 كم شمال غرب بغداد، فسواء اتفق على الدستور أم لا فهذا ليس من شأنهم، فالسكان هناك لديهم بالفعل منظومة من القوانين والقواعد التي أعلنتها عليهم رجال المقاومة السنية.
وبعد عدة دقائق من السير بالسيارة إلى داخل المدينة أوقفت مجموعة من الرجال مراسل الجارديان وطلبوا منه تعريف نفسه، فيجب على المجاهدين ـ كما يسميهم رجال المدينة ـ أن يعرفوا من الذي يدخل ومن الذي يخرج من المدينة.
ولكن مراسل الجارديان لم يصرح لهم بأنه يعمل لحساب جريدة بريطانية، وذلك من أجل حماية أنفسهم وحماية المواطنين الذين يجرون معهم حوارات داخل المدينة.
ويقول المراسل: أنه لم يشاهد قتالاً في المدينة وذلك لسبب بسيط هو أنه لا يوجد أحد بالمدينة يستطيع مقاومة المجاهدين، فمراكز الشرطة والمكاتب المحلية تم تدميرها العام الماضي، ولم تقم قوات المارينز التابعة للاحتلال الأمريكي سوى بزيارة واحدة خاطفة عبر المدينة منذ عدة أشهر.
ويقول المراسل: إن مدينة حديثة مدينة هادئة في محافظة الأنبار غرب العراق، وتقع في قلب ما يعرف بالمثلث السني وكانت تنظر بشكوك عميقة إلى الحكومة الموالية للاحتلال بقيادة الشيعة في بغداد، ولكنها لم تكن في ذلك الوقت ملجئًا للمجاهدين.. حتى ذلك اليوم الذي جاءت فيه قوات الشرطة العراقية التي معظمها من الشيعة، ويقول السكان إنهم عاملوا أبناء المدينة معاملة قاسية.
يقول أحد المواطنين: 'هذه كانت البداية'، فقد تكاثفت الهجمات على الشرطة العراقية حتى فروا مذعورين من المدينة، مما خلق فراغًا ملأه رجال المقاومة العراقية.
ومع قدوم المجاهدين تم منع الخمور والمعازف، وطلبوا من النساء ارتداء الحجاب وتم وضع قيود على الاختلاط ما بين الجنسين، وبالرغم من أن شبكات الهواتف المحمولة تم إغلاقها بالمدينة، إلا أن رجال المقاومة ظلوا يحتفظون بهواتفهم الخلوية التي تعمل بالأقمار الصناعية إضافة إلى أجهزة اللاسلكي الأخرى، وتم حجز حارات الطرق اليمنى في الشوارع الرئيسة لإيقاف سياراتهم.
ويقول المراسل أنه طبقًا لمعدل الهجمات على الاحتلال الأمريكي والجيش العراقي الموالي له بمحافظة الأنبار، فإن مدن القائم والرمادي تعد معاقل أخرى لرجال المقاومة ولكن بدرجات متفاوتة.
ويقول التقرير إنه في مدينة حديثة مسموح للمدرسين وأطقم المستشفيات بأخذ الرواتب بالرمادي عاصمة الأنبار، ولكن الموظفين المدنيين الآخرين غير مسموح لهم ويجب أن يقدموا استقالتهم.
وفي العام الماضي روج الاحتلال الأمريكي بصورة كبيرة لإعادة افتتاح محطة طاقة بمنطقة مجاورة ووصفته بأنه إنجاز كبير، وقالت: 'إن التقدم المذهل في مدينة حديثة هو واحد من الأمثلة الكبيرة على الخطوات الواسعة التي حققها سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي'.
الآن ينسب المواطنون في المدينة الفضل لرجال المقاومة، وذلك لأنهم أجبروا مديري المحطة على توفير الطاقة الكهربائية 24 ساعة يوميًا للمدينة، وهذه 'رفاهية غير موجودة في بقية أنحاء العراق' كما يقول المراسل.
ويقول المراسل: إن المحاكم المدنية تعمل فقط في قضايا الطلاق والزواج، أما المجرمون المدانون فيتم معاقبتهم في أسواق المدينة، وقد شهد مراسل الجارديان ناظر إحدى المدارس وقد اتهم بجريمة الزنا، وتم جلده [مائة جلدة] بأسلاك كهربائية، وقد التف حوله الناس بعدما انتقع ثوبه بالدماء.
ويصف مراسل الجارديان إحدى الحوادث التي تم سرقة محل صرافة أجنبي، فقام رجال المقاومة بالقبض على المتهمين وطرحوهما أرضًا وقاموا بتعزيرهما بالضرب على أيديهما، وقد عرض صاحب محل الصرافة مكافأة لرجال المقاومة، ولكنهم رفضوا رفضًا قاطعًا.
وفي مدينة حديثة يتم توزيع أسطوانات DVD بها العديد من حالات قطع رقاب العملاء على جسر الحقلانية، ويتم توزيعها مجانًا على المواطنين داخل الأسواق، ويقول المراسل: إن 'الأطفال يفضلونها عن مشاهدة أفلام الكرتون'، ويقول أحد الأجداد أن 'الأطفال لا يجب عليهم مشاهدة مثل تلك المشاهد'، ولكن آباء الأطفال لا يبدو عليهم الانزعاج من مشاهدة أطفالهم لتلك المشاهد.
وفي إحدى الأسطوانات يظهر شاب أشقر مفتول العضلات تم نزع أحشائه الداخلية، وذلك لأنه كان عضوًا بمجموعة تتكون من 6 أفراد من القناصة الأمريكيين الذين تم نصب كمين لهم وقتلوا في الأول من أغسطس الجاري، ويقول السكان: إن رجال المقاومة طافوا به في أنحاء المدينة قبل أن يتم إعدامه.
وقد أنكر الجيش الأمريكي الواقعة، وقال إنهم استعادوا 6 جثث للقناصة في ذلك الكمين، وقالوا إن 'الجميع بدا وأنهم قد قتلوا أثناء المعارك'، ولكن بعد وقت قصير من الكمين انفجرت 3 ألغام أرضية أسفرت عن مصرع 14 جنديًا من المارينز استهدفت قافلة غامرت بالخروج من قاعدتها خارج المدينة.
وقد قام الجيش الأمريكي بمحاولتين في الأشهر الأخيرة لإخراج المقاومة من المدينة، وذلك عن طريق عمليات عسكرية مدعومة بالطائرات والمدرعات التي اكتسحت أنحاء المدينة، كما قام الجيش الأمريكي بعدة عمليات في الأنباء، ولم يقتل أو يعتقل إلا القليل من رجال المقاومة، في حين أعلن الجيش الأمريكي 'نجاح المهام' في غرب العراق.
وعلى أرض الواقع يقول السكان: إن رجال المقاومة يقومون بالانسحاب التكتيكي لعدة أيام ثم يعودون مع رحيل الاحتلال الأمريكي، فقد تعلموا من دروس نوفمبر الماضي في معارك الفلوجة عندما قتل مئات المجاهدين في قتالهم مع المارينز الذين يسيطرون على بعض أجزاء المدينة.
والآن تعتمد استراتيجية المقاومة على انتظار قوات الاحتلال الأمريكي ونصب الكمائن لهم، ويتوقع رجال المقاومة أن الاحتلال الأمريكي سينسحب في غضون سنوات، وعندئذ يقولون إنهم سيشنون حربهم الحقيقية على عملاء الاحتلال من الحكومة الشيعية التي سمحت ببقاء الاحتلال وتقلدت مناصب حكومية في حماية أسلحته.
وقد رفض الجيش الأمريكي الرد على الأسئلة التي تتعلق بسيطرة رجال المقاومة على مدينة حديثة، ولكن هناك دلائل كثيرة تشير إلى وجود تعاون وثيق بين رجال المقاومة في مدن العراق، فيقول المراسل: إن مجموعة من المجاهدين في الفلوجة ـ حيث يتم تجميع خطوط المقاومة ـ كتبت رسالة مؤخرًا إلى المجاهدين في حديثة تطلب منهم خلفية عن اثنين من المقاتلين المتطوعين جاءوا إليهم من مدينة حديثة.
أحد هذين الرجلين في الأربعينيات من عمره، وأراد أن يشن هجومًا فدائيًا استشهاديًا ليكفر الله عنه سيئاته ويحجز مقعده بين الشهداء في الجنة؛ ولكن يقول مراسل الجارديان: إن 'المجاهدين لم يسمحوا له بذلك، وقالوا إنه لديه 8 أطفال ومن واجبه رعايتهم والسهر عليهم'.
يقول مشايخ القبائل إنهم يحترمون رجال المقاومة لحفاظهم على الأمن والنظام وأنهم لم يحولوا المدينة إلى ساحة قتال، ويضيف المراسل إن مشايخ القبائل تبنوا وجهة نظر المقاومة السنية التي تدين الجماعات السياسية حتى السنية منها التي تقبل بالانخراط في العمل السياسي في ظل الاحتلال، بما في ذلك من يشتركون في المحادثات لكتابة الدستور العراقي والمحادثات عن الاستفتاء في أكتوبر القادم والانتخابات في ديسمبر، كلها تعتبر شكلاً من أشكال التعاون مع الاحتلال، والتي لا عقاب لها إلا الموت. وتكمن استراتيجية المقاومة العراقية في الفترة الراهنة بمقاتلة الاحتلال الأمريكي وزعزعة الحكومة العراقية الموالية له، وهذا هو ما تصفه مدينة حديثة بأنه مستقبل العراق.
عرض وترجمة: محمد الزواوي
http://www.islammemo.cc/taqrer/one_news.asp?IDnews=483
تقارير رئيسية :عام :الاثنين 17 رجب 1426هـ – 22 أغسطس 2005م
عمر مهدي ـ مراسل الجارديان من مدينة 'حديثة'
مفكرة الإسلام: دخل مراسل جريدة 'الجارديان' البريطانية مدينة حديثة العراقية، وشهد فيها مظاهر سيطرة المقاومة العراقية السنية على كل ركن من أركانها، بل إن المقاومة هي التي تسيطر على الأمن وتمنع من انتشار الفوضى والسرقات داخل المدينة، وتحدد من الذي يمكنه العمل لصالح الحكومة الموالية للاحتلال ومن لا يستطيع، كما أنها تقوم بمعاقبة عملاء وجواسيس الاحتلال.
ويصف مراسل الجارديان عملية إعدام أحد العملاء التي جرت بعد فجر أحد الأيام على جسر الحقلانية على مدخل مدينة حديثة، وقد تجمعت عدة حشود لمشاهدة هذا الحدث بالرغم من أنه يتم تصويره وتوزيعه على أسطوانات DVD في أسواق المدينة بعد صلاة الظهر.
وكان أحد الذين نفذ فيهم حكم الإعدام الأسبوع الماضي شابًا يرتدي رداء رياضي أسود، ومثله مثل الآخرين تم إلقائه على بطنه على الحديد الأزرق الذي يحيط بالجسر من نهايته الجنوبية، وكانت رأسه المقطوعة ملقاة على ظهره بمواجهة مدينة بغداد، وقد صاح الصبية من حول جثته فرحين بعدما علموا أن في الغد سوف تكون هناك حالتا إعدام عن طريق قطع الرأس، فهناك رجل اسمه وطبان سوف يتم قطع رقابته هو وأخيه بعدما أدينا بتهمة التجسس لصالح القوات الأمريكية.
وبعد أن كثرت حالات إعدام عملاء الاحتلال على جسر الحقلانية تم تغيير اسم الجسر إلى 'جسر العملاء'، في حين سخر آخرون وغيروا اسمه من Agents' bridge أي جسر العملاء إلى Agents' fridge أي 'ثلاجة العملاء' في إشارة إلى ثلاجات المشرحة، واشتهر بهذا الاسم فيما بعد.
وقد زار المنطقة عمر مهدي أحد مراسلي جريدة الجارديان البريطانية الأسبوع الماضي لمدة ثلاثة أيام، وقد تأكد لدى المراسل في هذه الأيام الثلاثة ما كان ينكره الجيش الأمريكي والحكومة العراقية الموالية له، وهو أن مدينة حديثة الزراعية التي يقطنها 90 ألف مواطن على نهر الفرات قد أصبحت قلعة لرجال المقاومة، وأن المليشيات الإسلامية السنية المسلحة قد نشطت في هذه المنطقة، وأكد أن هذا لم يكن سرًا لدى المواطنين العراقيين، ولكن لم يكشف عن نطاق تلك السيطرة لوسائل الإعلام إلا الآن فقط؛ فهم السلطة الوحيدة التي تدير الأمن والشئون الإدارية والاتصالات في المدينة.
وتقع حديثة على بعد 3 ساعات شمالاً من بغداد، وتحت سمع وبصر القاعدة الأمريكية هناك، أصبحت المدينة كما يقول المراسل 'دولة مصغرة على غرار دولة طالبان'؛ فرجال المقاومة هم الذين يقررون من الذي يعيش ومن الذي يموت، مقدار الرواتب التي يتم دفعها للموظفين، وما الذي ترتديه النساء وما الذي يشاهدونه أو يستمعون إليه.
وقد كشفت حالة مدينة حديثة ضعف الحكومة العراقية الموالية للاحتلال الأمريكي وسلطة الجيش الأمريكي على الأرض، وذلك في الوقت الذي روج فيه الأمريكيون إلى أن الحكومة الجديدة 'المنتخبة' سوف تقطع شوطًا كبيرًا في تقدم العراق، مع الخطوات النهائية لتشكيل الدستور العراقي.
ويقول التقرير أنه بالنسبة للدبلوماسيين والسياسيين في المنطقة الخضراء عالية التحصين ببغداد فإن الدستور العراقي ما هو إلا وسيلة لاستقرار العراق ومنع العرب السنة من الثورة والمقاومة، ولكن بالنسبة لمدينة حديثة التي تبعد 225 كم شمال غرب بغداد، فسواء اتفق على الدستور أم لا فهذا ليس من شأنهم، فالسكان هناك لديهم بالفعل منظومة من القوانين والقواعد التي أعلنتها عليهم رجال المقاومة السنية.
وبعد عدة دقائق من السير بالسيارة إلى داخل المدينة أوقفت مجموعة من الرجال مراسل الجارديان وطلبوا منه تعريف نفسه، فيجب على المجاهدين ـ كما يسميهم رجال المدينة ـ أن يعرفوا من الذي يدخل ومن الذي يخرج من المدينة.
ولكن مراسل الجارديان لم يصرح لهم بأنه يعمل لحساب جريدة بريطانية، وذلك من أجل حماية أنفسهم وحماية المواطنين الذين يجرون معهم حوارات داخل المدينة.
ويقول المراسل: أنه لم يشاهد قتالاً في المدينة وذلك لسبب بسيط هو أنه لا يوجد أحد بالمدينة يستطيع مقاومة المجاهدين، فمراكز الشرطة والمكاتب المحلية تم تدميرها العام الماضي، ولم تقم قوات المارينز التابعة للاحتلال الأمريكي سوى بزيارة واحدة خاطفة عبر المدينة منذ عدة أشهر.
ويقول المراسل: إن مدينة حديثة مدينة هادئة في محافظة الأنبار غرب العراق، وتقع في قلب ما يعرف بالمثلث السني وكانت تنظر بشكوك عميقة إلى الحكومة الموالية للاحتلال بقيادة الشيعة في بغداد، ولكنها لم تكن في ذلك الوقت ملجئًا للمجاهدين.. حتى ذلك اليوم الذي جاءت فيه قوات الشرطة العراقية التي معظمها من الشيعة، ويقول السكان إنهم عاملوا أبناء المدينة معاملة قاسية.
يقول أحد المواطنين: 'هذه كانت البداية'، فقد تكاثفت الهجمات على الشرطة العراقية حتى فروا مذعورين من المدينة، مما خلق فراغًا ملأه رجال المقاومة العراقية.
ومع قدوم المجاهدين تم منع الخمور والمعازف، وطلبوا من النساء ارتداء الحجاب وتم وضع قيود على الاختلاط ما بين الجنسين، وبالرغم من أن شبكات الهواتف المحمولة تم إغلاقها بالمدينة، إلا أن رجال المقاومة ظلوا يحتفظون بهواتفهم الخلوية التي تعمل بالأقمار الصناعية إضافة إلى أجهزة اللاسلكي الأخرى، وتم حجز حارات الطرق اليمنى في الشوارع الرئيسة لإيقاف سياراتهم.
ويقول المراسل أنه طبقًا لمعدل الهجمات على الاحتلال الأمريكي والجيش العراقي الموالي له بمحافظة الأنبار، فإن مدن القائم والرمادي تعد معاقل أخرى لرجال المقاومة ولكن بدرجات متفاوتة.
ويقول التقرير إنه في مدينة حديثة مسموح للمدرسين وأطقم المستشفيات بأخذ الرواتب بالرمادي عاصمة الأنبار، ولكن الموظفين المدنيين الآخرين غير مسموح لهم ويجب أن يقدموا استقالتهم.
وفي العام الماضي روج الاحتلال الأمريكي بصورة كبيرة لإعادة افتتاح محطة طاقة بمنطقة مجاورة ووصفته بأنه إنجاز كبير، وقالت: 'إن التقدم المذهل في مدينة حديثة هو واحد من الأمثلة الكبيرة على الخطوات الواسعة التي حققها سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي'.
الآن ينسب المواطنون في المدينة الفضل لرجال المقاومة، وذلك لأنهم أجبروا مديري المحطة على توفير الطاقة الكهربائية 24 ساعة يوميًا للمدينة، وهذه 'رفاهية غير موجودة في بقية أنحاء العراق' كما يقول المراسل.
ويقول المراسل: إن المحاكم المدنية تعمل فقط في قضايا الطلاق والزواج، أما المجرمون المدانون فيتم معاقبتهم في أسواق المدينة، وقد شهد مراسل الجارديان ناظر إحدى المدارس وقد اتهم بجريمة الزنا، وتم جلده [مائة جلدة] بأسلاك كهربائية، وقد التف حوله الناس بعدما انتقع ثوبه بالدماء.
ويصف مراسل الجارديان إحدى الحوادث التي تم سرقة محل صرافة أجنبي، فقام رجال المقاومة بالقبض على المتهمين وطرحوهما أرضًا وقاموا بتعزيرهما بالضرب على أيديهما، وقد عرض صاحب محل الصرافة مكافأة لرجال المقاومة، ولكنهم رفضوا رفضًا قاطعًا.
وفي مدينة حديثة يتم توزيع أسطوانات DVD بها العديد من حالات قطع رقاب العملاء على جسر الحقلانية، ويتم توزيعها مجانًا على المواطنين داخل الأسواق، ويقول المراسل: إن 'الأطفال يفضلونها عن مشاهدة أفلام الكرتون'، ويقول أحد الأجداد أن 'الأطفال لا يجب عليهم مشاهدة مثل تلك المشاهد'، ولكن آباء الأطفال لا يبدو عليهم الانزعاج من مشاهدة أطفالهم لتلك المشاهد.
وفي إحدى الأسطوانات يظهر شاب أشقر مفتول العضلات تم نزع أحشائه الداخلية، وذلك لأنه كان عضوًا بمجموعة تتكون من 6 أفراد من القناصة الأمريكيين الذين تم نصب كمين لهم وقتلوا في الأول من أغسطس الجاري، ويقول السكان: إن رجال المقاومة طافوا به في أنحاء المدينة قبل أن يتم إعدامه.
وقد أنكر الجيش الأمريكي الواقعة، وقال إنهم استعادوا 6 جثث للقناصة في ذلك الكمين، وقالوا إن 'الجميع بدا وأنهم قد قتلوا أثناء المعارك'، ولكن بعد وقت قصير من الكمين انفجرت 3 ألغام أرضية أسفرت عن مصرع 14 جنديًا من المارينز استهدفت قافلة غامرت بالخروج من قاعدتها خارج المدينة.
وقد قام الجيش الأمريكي بمحاولتين في الأشهر الأخيرة لإخراج المقاومة من المدينة، وذلك عن طريق عمليات عسكرية مدعومة بالطائرات والمدرعات التي اكتسحت أنحاء المدينة، كما قام الجيش الأمريكي بعدة عمليات في الأنباء، ولم يقتل أو يعتقل إلا القليل من رجال المقاومة، في حين أعلن الجيش الأمريكي 'نجاح المهام' في غرب العراق.
وعلى أرض الواقع يقول السكان: إن رجال المقاومة يقومون بالانسحاب التكتيكي لعدة أيام ثم يعودون مع رحيل الاحتلال الأمريكي، فقد تعلموا من دروس نوفمبر الماضي في معارك الفلوجة عندما قتل مئات المجاهدين في قتالهم مع المارينز الذين يسيطرون على بعض أجزاء المدينة.
والآن تعتمد استراتيجية المقاومة على انتظار قوات الاحتلال الأمريكي ونصب الكمائن لهم، ويتوقع رجال المقاومة أن الاحتلال الأمريكي سينسحب في غضون سنوات، وعندئذ يقولون إنهم سيشنون حربهم الحقيقية على عملاء الاحتلال من الحكومة الشيعية التي سمحت ببقاء الاحتلال وتقلدت مناصب حكومية في حماية أسلحته.
وقد رفض الجيش الأمريكي الرد على الأسئلة التي تتعلق بسيطرة رجال المقاومة على مدينة حديثة، ولكن هناك دلائل كثيرة تشير إلى وجود تعاون وثيق بين رجال المقاومة في مدن العراق، فيقول المراسل: إن مجموعة من المجاهدين في الفلوجة ـ حيث يتم تجميع خطوط المقاومة ـ كتبت رسالة مؤخرًا إلى المجاهدين في حديثة تطلب منهم خلفية عن اثنين من المقاتلين المتطوعين جاءوا إليهم من مدينة حديثة.
أحد هذين الرجلين في الأربعينيات من عمره، وأراد أن يشن هجومًا فدائيًا استشهاديًا ليكفر الله عنه سيئاته ويحجز مقعده بين الشهداء في الجنة؛ ولكن يقول مراسل الجارديان: إن 'المجاهدين لم يسمحوا له بذلك، وقالوا إنه لديه 8 أطفال ومن واجبه رعايتهم والسهر عليهم'.
يقول مشايخ القبائل إنهم يحترمون رجال المقاومة لحفاظهم على الأمن والنظام وأنهم لم يحولوا المدينة إلى ساحة قتال، ويضيف المراسل إن مشايخ القبائل تبنوا وجهة نظر المقاومة السنية التي تدين الجماعات السياسية حتى السنية منها التي تقبل بالانخراط في العمل السياسي في ظل الاحتلال، بما في ذلك من يشتركون في المحادثات لكتابة الدستور العراقي والمحادثات عن الاستفتاء في أكتوبر القادم والانتخابات في ديسمبر، كلها تعتبر شكلاً من أشكال التعاون مع الاحتلال، والتي لا عقاب لها إلا الموت. وتكمن استراتيجية المقاومة العراقية في الفترة الراهنة بمقاتلة الاحتلال الأمريكي وزعزعة الحكومة العراقية الموالية له، وهذا هو ما تصفه مدينة حديثة بأنه مستقبل العراق.
عرض وترجمة: محمد الزواوي
http://www.islammemo.cc/taqrer/one_news.asp?IDnews=483