المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل بدأت عملية تقسيم العراق ..؟ لا سمح الله



kimo17
17-08-2005, 02:09 PM
هل بدأت عملية تقسيم العراق ..؟


بقلم: عوني القلمجي

يمكن القول بان كل المؤشرات ، باتت تنذر ، بخطر تقسيم العراق ، وان هذا المخطط القديم الجديد ، قد دخل على ما يبدو حيز التنفيذ. بغض النظر عن امكانية النجاح او الفشل. ويبدو ان العقبات التي كانت تعترض تنفيذ هذا المخطط في السابق، اصبح بالامكان تذليلها بفضل وجود القوات الامريكية على ارض العراق ، كما اصبح بالامكان ايضا ازالة مخاوف الدوائر الغربية والاقليمية ، من انتقال تداعيات التقسيم ، او الصراع الاهلي العراقي الى الدول المجاورة. كما تمنع على سبيل المثال لا الحصر، ان تستغل ايران ، وجود دولة شيعية او اقليم شيعي في الجنوب ، للتمدد واكتساب المزيد من النفوذ داخل منطقة الخليج والمنطقة عموما. حيث بامكان الولايات المتحدة ،ان تلزم جميع الاطراف المستفيدة من تقسيم العراق ، باتفاق امني قوامه المساومات وتقديم التنازلات المتبادلة ، يحرم بموجبه استغلال الوضع الجديد وتداعياته ، وما قد يترتب عليه من نتائج . وهذا ما يفسر صمت هذه الدول ، التي كانت تتداعى فيما مضى ، الى عقد اجتماعات على وجه السرعة ، مثل تركيا وايران وسوريا والسعودية ، لمجرد ان تلوح في الافق ، نية لتقسيم العراق. وكانت هذه الاجتماعات ، عادة ما تنتهي بموجة من التاكيدات ، التي تطلق لاعلان الحرص على على وحدة ارض العراق وشعبه ودولته . بل ان امارة الكويت التي تتمنى ان يهدم العراق حجرا على حجر ، كانت تسارع بمشاركة هذه الدول مخاوفها المشروعة.


فاذا حدثت تلك الصفقة ، وهي على الارجح قد حدثت ، فان دعوة عبد العزيز الحكيم المفاجئة باقامة اقليم مستقل "للشيعة" ، يضم تسع محافظات ، ستشكل خطورة كبيرة على وحدة العراق وامنه وسلامة اراضيه . كونها تدخل في اطار هذا المخطط السيء الذكر، لا كونها تعبر عن رغبة اهالي الجنوب او شيعة العراق كما يدعي الحكيم. بدليل ان اول من تصدى لهذه الدعوة ، هم شيعة العراق وتياراتهم الدينية او السياسية ، وفي المقدمة منها التيار الصدري ، والتيار الخالصي ، كونه يؤدي الى تقسيم العراق ويخدم التحالف الامريكي الصهيوني.


قد يعتقد البعض جراء قراءة خاطئة ، بان ليس من مصلحة امريكا الان تقسيم العراق ، لاسباب منها ان من بين ما اشاعه الاعلام الامريكي ، بان دواعي احتلال العراق ليس من اجل تدميره ، او المساس بوحدته ، وانما ، بهدف ازالةالاسلحة المحظورة وانهاء الدكتاتورية ، وتحقيق الديمقراطية ، وجعل العراق واحة لها ، تشع "بركاتها" على عموم المنطقة. ولكي ينعم الشعب العراقي ايضا برغد العيش ونعمة الامان بعد معاناتهم الطويلة !!! . ويضيف هذا البعض ان امريكا وجراء مازقها القاتل في العراق ، قد لاتستطيع من خلال خطتها الامنية تلك ، ان تمنع ايران من احتواء، او ابتلاع الاقليم الجنوبي ، والامتداد على المدى البعيد غربا ، لاقامة الهلال الشيعي ، ليصل الى الشواطيء اللبنانية ، مرورا بسوريا . او في اسوأ الاحوال ، استخدام ايران للوضع الجديد ، كورقة مساومة قوية يجري التنازل عنها مؤقتا ، مقابل سكوت امريكا على مضي ايران قدما في برنامجها النووي . الامر الذي يحرج الادارة الامريكية ومصداقيتها امام العالم ، تجاه تعاملها بمكيالين مع الملفات النووية في الدول الاخرى. ناهيك عن خشية دول الجوار ودول الخليج العربي ، من الدخول في مراهنة خطيرة من هذا النوع ، يكون ابسط مشاكلها تهديد استقرارها الداخلي ، خاصة في ظل نهوض ملحوظ للاحزاب الصفوية في هذه البلدان.


لا تخلو هذه المرافعة من قيمة او فائدة. ولكن هذه المرافعة ، وعلى اهميتها ، تبقى ثانوية عندما يتعلق الامر بمصالح امريكا الاستراتجية وامنها القومي الاستثنائي، التي تعتبر ان تقسيم العراق ،أحد اهم الحلول ،التي تخرج امريكا من مازقها الحالي ، حيث من شانه ، ان يحد من توسيع رقعة المقاومة، الى المناطق الجنوبية . واذا حدث ذلك فان هزيمتها ستكون حتمية وان مخططها العالمي ، سيذهب ادراج الرياح. يضاف الى ذلك ، ان الكيان الصهيوني لن يهدا له بال ، قبل ان يرى العراق مقسما الى دويلات ، بل مقسما الى اجزاء متنائرة لاتقوم له قائمة. ومعلوم تاثير هذا الكيان في صنع القرارات الامريكية ، وعلى وجه الخصوص المتعلقة في العراق . ونجد نموذجا عنه ، في اعتراف << بول بريمر>> الحاكم المدني السابق ، بان حل الجيش العراقي ، جاء بضغط من اسرائيل.وفي كل الاحوال فان ما مطروح الان ، هو شكل من اشكال التقسيم ، لايقل خطورة عن تقسيم العراق الى دول مستقلة ، ومعترف بها. والمقصود بالشكل الاخر، هو استقلال مناطق الشمال والجنوب استقلالا تاما ، ولكن تحت شعار الفدراليات او الاقاليم.في ظل جمهورية العراق التي سماها الدستور جمهورية العراق الاتحادية.


نحن اذن امام مواجهة مع صفحة جديدة من مخطط الاحتلال ، لا تنطوي على تقسيم هذا البلد ، وتمزيق وحدته الوطنية فحسب ، وانما زج الشعب العراقي ، في صراع اهلي ، شبية لحد ما بالحرب الاهلية ، في الجنوب.، وحرب عرقية في الشمال ، سواء خلال عملية التحرير او بعدها ، فهذه الكيانات الجديدة ستدافع عن بمكتسباتها ، التي حصلت عليها بكل الوسائل المتاحة .فمثل هذه الفرصة لا يمكن ان تتكرر لهؤلاء الانفصاليين ، لا على المدى القريب ولا البعيد. وان من يعتقد عكس ذلك ، يكون قد ساهم في تمرير عملية التقسيم بسهولة ، او على الاقل في تذليل العقبات امامها ويعيق بالمقابل افشال هذا المشروع الغادر.


ليس من الحكمة السياسية تجاهل هذه الحقيقة ، او السكوت عنها ، تحت حجة قوية ومشروعة، مثل ان ما يحدث ليس له قيمة ، وانه لن يؤثر على عملية التحرير ، كون المقاومة الوطنية العراقية طويلة القامة ، وقادرة على احباط هذا المخطط السيء الذكرعاجلا ام اجلا ، اواعتبار، ما يحدث جراء قصور في الفهم السياسي لطبيعة الصراع والياته وطريقة ادارته ، هو نوع من اشكال الحكم ، الذي تعتمده دول عديدة في العالم ، يستند على الفدرالية التي من شانها ان تساعد في ادارة البلاد ، وتخفف من عبيء السلطة المركزية ، ويضربون مثلا بسويسرا . خاصة وان هناك موجة اعلامية ضخمة ، تديرها اجهزة اعلام عملاقة ، تدير الرؤوس وتطحن العقول ، وتقلب الحقائق راسا على عقب تروج لهذه الطروحات وبكثافة. ولسنا هنا بصدد دحض وجهات النظر تلك في مساحة ضيقة جدا ، قد تفقد اذا فعلنا ذلك ، فاعليتها او تاثيرها ، ولكن يكفي القول ، بان النظام الفدرالي في سويسرا او ما يشابها من الدول الاخرى ، قد تم بين كيانات مستقلة اصلا ، وتطمح للوصول الى الوحدة ،لتصب اساسا في مصلحة هذه الكيانات، وتعزز من قدراتها وتقدمها ، في حين ان ما يحدث في العراق ، عكس ذلك تماما. اذ يجري تقسيم العراق الموحد الى كونتونات مذهبية وعرقية بفعل فاعل، لتصب في خدمة مخططات المحتل الكونية وليس تصب في خدمة مصلحة العراق واهله.او حتى مصلحتها هي.


ان السبب الذي دعانا للتذكير بهذه الحقائق ، والتاكيد عليها ، مرده يعود الى ان ردود الفعل في الشارع العراقي عموما ، لا تتناسب على الاطلاق وحجم هذه المؤامرة الكبيرة والخطيرة. اما القيادات الوطنية المناهضة للاحتلال ، فكان ردود فعلها خجولة ، حيث اكتفى التيار الصدري والخالصي وبعض ايات الله كالبغدادي ، وكذلك المؤتمر التاسيسي ، وهيئة علماء المسلمين ، والتيار القومي ، باصدار بيانات مقتضبة ، او بعض التصريحات في حين كان المفروض ان يجري تحشيدا الشعب العراقي ، للخروج بتظاهرات ضد الدعوات الانفصالية ، في الشمال والجنوب ، والقيام باعتصامات ، وصولا الى العصيان المدني ، ونظن ان هذا يدخل في صميم النضال السلمي والعلني ، الذي حد ثنا عنه طويلا وتباهو به ،الذين اجتمعوا في ندوة بيروت ، حيث اكدوا في ندائهم للشعب العراقي ، من ان القوى الوطنية << تتكون من الشعب المقاوم بالسلاح ومن الشعب المقاوم بوسائل النضال السلمي والعلني واذي يؤيد المقاومة المسلحة للاحتلال وانهما يكمل احدهما الاخر ويقوي احدهما الاخر ويحتاج احدهما الاخر >> . اللهم الا اذا كان يخشى هؤلاء ، ان تدخل مثل هذه الفعاليات في اطار المقاومة المسلحة. !!!


ليس مهما ان ينص الدستور العتيد على نظام الفدراليات ام لا ، فان السير في تكريس الانفصال على ارض الواقع ، يسير على قدم وساق. نحن مطالبون لدحر هذا المخطط وقبرحلقته الجديدة ، بالشروع ودون ابطاء ، بتوحيد فصائل المقاومة الوطنية العراقية ، تحت قيادة واحدة وبرنامج سياسي واحد واقامة الجبهة الوطنية المنشودة في العراق وليس في بيروت ، شريطة ان تسير بموازاة خط المقاومة الباسلة. او كجناح سياسي لها ، ومن دون ذلك سنواجه صعوبات تعترض عملية تحرير العراق ،او تؤخر من اقتراب ساعته. ترى هل سنسمع مثل هذه البشرى في القريب العاجل؟


عوني القلمجي

15/8/2005