الفرقاني
04-08-2005, 03:11 PM
ماذا بعد الهزيمة الأمريكيّة في العراق!
د. محمد مورو 27/6/1426
02/08/2005
المشروع الأمريكي في العراق، هو الجزء الأهم والأخطر في المشروع الإمبراطوري الأمريكي برمته، ومن ثم فإن نتيجة هذا المشروع سوف تحدّد إلى حد كبير شكل العالم، ومن هنا فإن اعتبار الهزيمة الأمريكية في العراق نقطة مفصلية في تاريخ العالم، بمعنى أننا يمكن في المستقبل المتوسط والبعيد أن نقول: ما قبل الهزيمة الأمريكية في العراق وما بعد الهزيمة الأمريكية في العراق، وأن نؤرخ بهذا الحادث على أساس أن تغييراً نوعياً وخطيراً في شكل المنطقة والعالم سيعتمد على ضوء تلك الهزيمة.
بداية فإننا نمتلك من الثقة في تحليلاتنا ـ بناء على محددات معلوماتية وإستراتيجيةـ أن نقول: إن المشروع الأمريكي في العراق قد مُني بهزيمة إستراتيجية، وإن إعلان هذه الهزيمة وتحديد شكلها والاعتراف بها مجرد تحصيل حاصل، والمسألة لم تعد أكثر من مسألة وقت. وعلينا من ثم أن نضع في اعتبارنا من الآن هذه الحقيقة، وأن ندرك بالتالي أن المشروع الإمبراطوري الأمريكي الصهيوني قد انهزم، وأن نراهن من الآن على قدرة الشعوب على انتزاع حقها وهزيمة أمريكا وأكبر من أمريكا.
حسب المعطيات المقدمة إعلامياً الآن؛ فإن الخسائر البشرية الأمريكية في عامين من الاحتلال حوالي (2000) جندي و(10) آلاف جريح، ومع الأخذ في الاعتبار أن البنتاجون لا يعلن إلا عن 20 % فقط من خسائره الحقيقية فإن الرقم يقفز إلى عشرة آلاف جندي قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، وأنه تم إنفاق أكثر من (300) مليار دولار على العمليات العسكرية في العراق في غضون عامين وهو رقم يفوق توقعات وميزانيات الأمريكيين المرصودة لهذا الأمر، ومن ثم فإن هذا الاستنزاف المادي والبشري لن يكون بلا سقف!! هذا بالإضافة إلى حالات الهروب من الجيش الأمريكي في العراق ـ يقدره البعض بـ (5000) آلاف جندي سنوياً، يلجؤون إلى دول أخرى ثم يعودون إلى أمريكا لمواجهة المحاكمة.
ووفقاً لتقرير أعده السيناتور الأمريكي (كارل ليفين) بعد دراسة مع فريق عمل في العراق فإن الروح المعنوية للجنود الأمريكيين متردّية جداً، وأنهم لا يفهمون لماذا جاؤوا إلى العراق، وأنهم يريدون العودة فوراً إلى بلدهم، وهذا يعني أن التبرير الأخلاقي والمعنوي الأمريكي لهذه الحرب قد سقط بالنسبة لهؤلاء الجنود، وهذا يؤدي مباشرة إلى الهزيمة.
على الجانب الآخر؛ فإنه وفقاً للمعلومات المتاحة والتي لا يشك أحد فيها فإن:
ـ المقاومة العراقية اندلعت بعد شهرين فقط من سقوط بغداد.
ـ المقاومة استمرت في تصاعد مستمر منذ بدايتها، وبالرغم من أن القوات الأمريكية فعلت كل شيء للقضاء عليها سواء بتنظيم عمليات من أمثال الأفعى ذات الأجراس، وعقرب الصحراء، وعمليات الخنجر والرمح والسيف ....الخ، وبالرغم من اقتحام عشرات المدن العراقية، وبالرغم من استخدام العراقيين من العملاء، واستخدام جيش عراقي تم تكوينه لصالح الأمريكيين (60 ألف جندي) وقوات شرطة، ومليشيات تابعة للشيعة والأكراد؛ فإن ذلك لم يزد المقاومة إلا إصراراً، وفي كل مرة يتحدث الأمريكيون أو الحكومة العراقية عن إضعاف المقاومة، فإن العمليات المنسوبة إلى المقاومة تزداد كماً وكيفاً.
ـ الإدارة الأمريكية استخدمت كل ما هو متاح وغير متاح سياسياً، من غطاء دولي عن طريق الأمم المتحدة، إلى تشكيل حكومات عراقية بعضها معيّن والآخر منتخب، إلى محاولة إحداث فتنة طائفية بين العراقيين، إلى الضغط على دول الجوار بهدف دفعها إلى منع المقاومين من الدخول إلى العراق وغيرها من الوسائل، ومع ذلك فإن المقاومة تزداد كماً ونوعاً.
من ناحية ثالثة فإن الداخل الأمريكي ذاته بدأً يتحرك ضد الحرب، ويطالب بعودة الجنود الأمريكيين إلى بلادهم، وبعد أن كان غزو العراق يحظى بشعبية لدى الرأي العام الأمريكي أظهرت استطلاعات الرأي العام مؤخراً أن نسبة الأمريكيين الذين يرفضون استمرار الحرب ويطالبون بعودة الجنود قد تزايدت عن الذين يطالبون باستمرار الحرب، وأن النسبة في زيادة مطردة، ومن جانب آخر فإن أعضاء الكونجرس بما فيهم جمهوريون أصبحوا يطالبون علناً بوضع جدول زمني للانسحاب من العراق، وتم مناقشة ذلك في الكونجرس، وبدهيّ أن المسألة ستتفاقم في النهاية لتصل إلى قرار الانسحاب، ومن ثم إعلان هزيمة أمريكا في العراق.
ما بعد الهزيمة الأمريكية فإن عالماً جديداً سوف يتشكل ستشعر فيه الشعوب بقدرتها على مواجهة العدوان الأمريكي والصمود أمام آلة الحرب الأمريكية الضخمة والهائلة، والتي قد تستطيع هزيمة الجيوش والدول بسهولة لوجود الفارق الهائل في ميزان القوى، ولكنها لا تستطيع هزيمة المجتمعات والشعوب وحركات المقاومة الشعبية، إنه عصر انتصار الإنسان الآلة. عالم جديد ستتصاعد فيه حركات مقاومة العولمة، ورفض الخضوع للهيمنة الأمريكية الصهيونية، وسوف تصبح فيه الشعوب الإسلامية طليعة شعوب العالم في مواجهة الاستكبار والظلم، ويصبح فيه الإسلام أيديولوجية الفقراء والمستضعفين سلمية وغير سلمية، في عصر ما بعد الهزيمة الأمريكية في العراق ستتصاعد حركات المقاومة في كل مكان، ويبدأ العد التنازلي في عمر المشروع الصهيوني، وينفتح باب الأمل أمام استشراف نظام دولي ـ اقتصادي اجتماعي سياسي لا مكان فيه للنهب والظلم والاستكبار.
ما بعد الهزيمة الأمريكية في العراق سيكون كل هم الولايات المتحدة الأمريكية النجاة بنفسها، ومنع وصول الإرهاب إلى أراضيها، وتقليل آثار الهزيمة ما أمكن ذلك، وسوف تظهر قوى وأقطاب دولية جديدة، ولن تنفرد الولايات المتحدة بالقوة في العالم، إنه عصر الإنسان، وتحية إلى المقاومة العراقية التي انتزعت هذا الفجر من دياجير الظلام.
د. محمد مورو 27/6/1426
02/08/2005
المشروع الأمريكي في العراق، هو الجزء الأهم والأخطر في المشروع الإمبراطوري الأمريكي برمته، ومن ثم فإن نتيجة هذا المشروع سوف تحدّد إلى حد كبير شكل العالم، ومن هنا فإن اعتبار الهزيمة الأمريكية في العراق نقطة مفصلية في تاريخ العالم، بمعنى أننا يمكن في المستقبل المتوسط والبعيد أن نقول: ما قبل الهزيمة الأمريكية في العراق وما بعد الهزيمة الأمريكية في العراق، وأن نؤرخ بهذا الحادث على أساس أن تغييراً نوعياً وخطيراً في شكل المنطقة والعالم سيعتمد على ضوء تلك الهزيمة.
بداية فإننا نمتلك من الثقة في تحليلاتنا ـ بناء على محددات معلوماتية وإستراتيجيةـ أن نقول: إن المشروع الأمريكي في العراق قد مُني بهزيمة إستراتيجية، وإن إعلان هذه الهزيمة وتحديد شكلها والاعتراف بها مجرد تحصيل حاصل، والمسألة لم تعد أكثر من مسألة وقت. وعلينا من ثم أن نضع في اعتبارنا من الآن هذه الحقيقة، وأن ندرك بالتالي أن المشروع الإمبراطوري الأمريكي الصهيوني قد انهزم، وأن نراهن من الآن على قدرة الشعوب على انتزاع حقها وهزيمة أمريكا وأكبر من أمريكا.
حسب المعطيات المقدمة إعلامياً الآن؛ فإن الخسائر البشرية الأمريكية في عامين من الاحتلال حوالي (2000) جندي و(10) آلاف جريح، ومع الأخذ في الاعتبار أن البنتاجون لا يعلن إلا عن 20 % فقط من خسائره الحقيقية فإن الرقم يقفز إلى عشرة آلاف جندي قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، وأنه تم إنفاق أكثر من (300) مليار دولار على العمليات العسكرية في العراق في غضون عامين وهو رقم يفوق توقعات وميزانيات الأمريكيين المرصودة لهذا الأمر، ومن ثم فإن هذا الاستنزاف المادي والبشري لن يكون بلا سقف!! هذا بالإضافة إلى حالات الهروب من الجيش الأمريكي في العراق ـ يقدره البعض بـ (5000) آلاف جندي سنوياً، يلجؤون إلى دول أخرى ثم يعودون إلى أمريكا لمواجهة المحاكمة.
ووفقاً لتقرير أعده السيناتور الأمريكي (كارل ليفين) بعد دراسة مع فريق عمل في العراق فإن الروح المعنوية للجنود الأمريكيين متردّية جداً، وأنهم لا يفهمون لماذا جاؤوا إلى العراق، وأنهم يريدون العودة فوراً إلى بلدهم، وهذا يعني أن التبرير الأخلاقي والمعنوي الأمريكي لهذه الحرب قد سقط بالنسبة لهؤلاء الجنود، وهذا يؤدي مباشرة إلى الهزيمة.
على الجانب الآخر؛ فإنه وفقاً للمعلومات المتاحة والتي لا يشك أحد فيها فإن:
ـ المقاومة العراقية اندلعت بعد شهرين فقط من سقوط بغداد.
ـ المقاومة استمرت في تصاعد مستمر منذ بدايتها، وبالرغم من أن القوات الأمريكية فعلت كل شيء للقضاء عليها سواء بتنظيم عمليات من أمثال الأفعى ذات الأجراس، وعقرب الصحراء، وعمليات الخنجر والرمح والسيف ....الخ، وبالرغم من اقتحام عشرات المدن العراقية، وبالرغم من استخدام العراقيين من العملاء، واستخدام جيش عراقي تم تكوينه لصالح الأمريكيين (60 ألف جندي) وقوات شرطة، ومليشيات تابعة للشيعة والأكراد؛ فإن ذلك لم يزد المقاومة إلا إصراراً، وفي كل مرة يتحدث الأمريكيون أو الحكومة العراقية عن إضعاف المقاومة، فإن العمليات المنسوبة إلى المقاومة تزداد كماً وكيفاً.
ـ الإدارة الأمريكية استخدمت كل ما هو متاح وغير متاح سياسياً، من غطاء دولي عن طريق الأمم المتحدة، إلى تشكيل حكومات عراقية بعضها معيّن والآخر منتخب، إلى محاولة إحداث فتنة طائفية بين العراقيين، إلى الضغط على دول الجوار بهدف دفعها إلى منع المقاومين من الدخول إلى العراق وغيرها من الوسائل، ومع ذلك فإن المقاومة تزداد كماً ونوعاً.
من ناحية ثالثة فإن الداخل الأمريكي ذاته بدأً يتحرك ضد الحرب، ويطالب بعودة الجنود الأمريكيين إلى بلادهم، وبعد أن كان غزو العراق يحظى بشعبية لدى الرأي العام الأمريكي أظهرت استطلاعات الرأي العام مؤخراً أن نسبة الأمريكيين الذين يرفضون استمرار الحرب ويطالبون بعودة الجنود قد تزايدت عن الذين يطالبون باستمرار الحرب، وأن النسبة في زيادة مطردة، ومن جانب آخر فإن أعضاء الكونجرس بما فيهم جمهوريون أصبحوا يطالبون علناً بوضع جدول زمني للانسحاب من العراق، وتم مناقشة ذلك في الكونجرس، وبدهيّ أن المسألة ستتفاقم في النهاية لتصل إلى قرار الانسحاب، ومن ثم إعلان هزيمة أمريكا في العراق.
ما بعد الهزيمة الأمريكية فإن عالماً جديداً سوف يتشكل ستشعر فيه الشعوب بقدرتها على مواجهة العدوان الأمريكي والصمود أمام آلة الحرب الأمريكية الضخمة والهائلة، والتي قد تستطيع هزيمة الجيوش والدول بسهولة لوجود الفارق الهائل في ميزان القوى، ولكنها لا تستطيع هزيمة المجتمعات والشعوب وحركات المقاومة الشعبية، إنه عصر انتصار الإنسان الآلة. عالم جديد ستتصاعد فيه حركات مقاومة العولمة، ورفض الخضوع للهيمنة الأمريكية الصهيونية، وسوف تصبح فيه الشعوب الإسلامية طليعة شعوب العالم في مواجهة الاستكبار والظلم، ويصبح فيه الإسلام أيديولوجية الفقراء والمستضعفين سلمية وغير سلمية، في عصر ما بعد الهزيمة الأمريكية في العراق ستتصاعد حركات المقاومة في كل مكان، ويبدأ العد التنازلي في عمر المشروع الصهيوني، وينفتح باب الأمل أمام استشراف نظام دولي ـ اقتصادي اجتماعي سياسي لا مكان فيه للنهب والظلم والاستكبار.
ما بعد الهزيمة الأمريكية في العراق سيكون كل هم الولايات المتحدة الأمريكية النجاة بنفسها، ومنع وصول الإرهاب إلى أراضيها، وتقليل آثار الهزيمة ما أمكن ذلك، وسوف تظهر قوى وأقطاب دولية جديدة، ولن تنفرد الولايات المتحدة بالقوة في العالم، إنه عصر الإنسان، وتحية إلى المقاومة العراقية التي انتزعت هذا الفجر من دياجير الظلام.