المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكاية دار سرقها الأشرار ( رائعة )



almansor313
03-08-2005, 12:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد

هى حكاية الاجيال التى لا ترضى بغير العزة رداء حتى وان احاطت بهم قوى الشر

هى حكاية امة تكالبت عليها جموع كثيرة وشوهت مقاومتها

هى حكاية شعب يسرق وأمة تباد وعالم يتفرج..وقلة ظاهرة على الحق

هى حكاية استعصت على النسيان انها جرح الامة المؤلم وهل يملك النوم من يتأوه من الألم؟؟

هى حكاية فلسطين مع يهود مجرمين وعرب مشغولين وفئة خونة من هنا وهناك

هى حكاية أبى النبى محمد (ص) الا ان يحسمها لتطمئن قلوب الفئة الصابرة المحتسبة ان النصر قادم لا محالة

ذلك حين روى عن النبى محمد ص معنى (لا تزال طائفة من امتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ...)

حول هذه المعانى نتفهم هذه المقالة الجميلة اعرضها بتصرف واضافة

سيد يوسف


حكاية دار سرقها الأشرار

مفكرة الإسلام: لو هاجم اللصوص دارك، فقتلوا أبناءك، وأسروا نساءك، ودمروا أثاثك، وسرقوا أموالك، وأكلوا ثمارك، وألقوك خارج بيتك، وأهانوك أمام جيرانك، فداسوا بأقدامهم رأسك، وركلوك حتى أبعدوك، فتوجهت إلى أشقائك وإخوانك وجيرانك، تشكو إليهم همك، وتسألهم نصرتك وإنقاذك، فوجدتهم قد علموا بحالك، ورأوا كل ما أصابك، ووعدوك ومنَّوك، لكنهم خذلوك وخانوك، واكتشفت أن بعضهم قد أعان اللصوص عليك، فاستضافهم وأمنهم ودلهم على عوراتك، وكشف لهم أسرارك، فصبرت على مصابك، وشكوت إلى الله حالك، وأقمت خيمة قرب بيوت جيرانك، ولا تبعد كثيرًا عن دارك التي صرت تنظر إليها من بعيد فتتحرك ذكرياتك، وتتجدد أشواقك، ويزداد عزمك وإصرارك، وأدركت برجاحة عقلك،أنك لو سكتَّ بحجة ضعف قوتك، وقلة حيلتك، وتخلِّي ذوي القربى عنك، ورضيت بالأمر الواقع، لبقي عارك، ولضاع حقك، ولنسيه حتى من ستنجبهم من أبنائك وأحفادك، فضلاً عن أبناء وأحفاد أشقائك وإخوانك وجيرانك.

وكنت رجلاً، فعزمت على قلع أشواكك ولو بأظفارك، وأصررت على تحرير منزلك، والانتقام من ظُلاّمك، ولو كلفك ذلك حياتك، وبدأت تناوش اللصوص وحدك، وتنتظر أن يكبر أبناؤك، ويكثر أحفادك، وتتحرك قلوب وضمائر أشقائك وإخوانك، فيجتمعون ويتوحدون لتحرير بيتك، ونجحتَ في تحقيق بعض أهدافك، فانتقمت من بعض اللصوص، وحرمتهم أن يهنئوا في دارك، وكبر أبناؤك، وكثر أحفادك، وتحركت ضمائر بعض أبناء وأحفاد إخوانك، واتخذوك جميعًا قدوة ومثلاً أعلى، وقرروا أن يقاتلوا معك، وقاتلوا فنالوا من اللصوص، وجعلوهم يصرخون ويتقهقرون، واضطر بعضهم لمغادرة بيتك والهروب إلى دارهم البعيدة، وكدت أن تحررها لولا تآمر وخيانة بعض أكابر إخوانك، حيث جردوكم من أسلحتكم، وأبعدوكم عن الميدان، وادعوا أنهم سيحررونها برجالهم في معركة فاصلة، وبدأ القتال التمثيلي الذي خططوا له، وصاروا يصدرون الأوامر برجالهم بالانسحاب والتقهقر، واللصوص يقتلون ويأسرون ويتقدمون إلى أن احتلوا مزيدًا من دور رجالهم الأكابر، الذين دخلوا مع اللصوص في مفاوضات انتهت بصلح يقضي بإعادة بعض دورهم مقابل أن يتعهدوا بعدم المطالبة بدارك، ويعترفوا بأنها دار اللصوص وليست دارك، وأن يحموها من هجمات أبنائك وأحفادك.

وقررتَ أن تواصل الطريق لتحرير دارك بالرغم من كل ذلك، فاستنهضت أبناءك، وحرضتهم لقتال عدوك، وحذرتهم من الوقوع في جرم الأكابر، والتفريط ولو بحبة رمل من ترابك، فطمأنوك وعاهدوك ووعدوك وبدأتم قتال اللصوص من جديد، بعزيمة من حديد، وليس معك إلا أبناءك وأحفادك، فأوجعتموهم ضربًا وقتلاً، فأخذوا يصرخون ويستنجدون، واضطر بعضهم للرحيل، وأوشكتم على تحرير جزء كبير من الدار، وحصلتم على دعم وتأييد المزيد من أبناء الإخوة والأشقاء الذين أعلنوا استعدادهم لنصرتكم، والقتال معكم، وكانوا أسودًا صادقين، فقد نجحوا في قتل الكثير من اللصوص وملاحقتهم في كل مكان، فازداد صراخهم وعويلهم بسبب شدة ضرباتكم، واستماتة أبنائكم، وإصرارهم الكبير على تحرير كل الدار.

لكنَّ من بقي من اللصوص لجئوا إلى الخداع والحيلة، فعرضوا على أبنائك المقاتلين أن يعطوهم غرفة ضيقة (أو قل حماما من بيت كبير)ليتخذوها دارًا، واشترطوا أن تحاط هذه الغرفة بسور عال، وأن لا يدخلها أحد أو يخرج منها إلا بإذنهم، وأنَّ من حقهم أن يفتحوها أو يغلقوها متى شاءوا، وأنْ يأسروا أو يسلبوا أو يقتلوا من أرادوا أثناء دخولهم إليها أو خروجهم منها، وجعلوا مصادر الماء والغذاء والكهرباء والدواء الذي يصل إلى الغرفة في أيديهم، ولهم حق التحكم في إدخال أو منع هذه الضروريات عن سكان الغرفة، وحرَّموا عليهم حفر بئر ماء في أرضها، أو الصعود على سطحها، كما اشترطوا أن يكتب أبناؤك اعترافًا يقرون فيه أن دارك صارت دارهم، وأنكم لا تملكون منها إلا الغرفة المحاصرة، وأن يحموهم من أشقائهم الذين لا يعجبهم الاتفاق، وأن يجعلوا جزءًا من الغرفة الضيقة زنزانة خاصة يوضع فيها المُصِرُّون على الرفض، وأعلنوا استعدادهم لتقديم الاستشارات والمعونات وكل وسائل القمع والتعذيب التي تضمن سيطرة الموقِّعين من أبنائك على الغرفة وعلى حدود دارك المغتصبة.

واختلفت آراء أبنائك، فمنهم من رفض العرض رفضًا قاطعًا، وأصر على القتال حتى تحرير كل الدار، ومنهم من قبل العرض والشروط، ووقع على أنها صارت دار اللصوص، وأنه لا حق له إلا في الغرفة النائية الصغيرة؛ ولقي هؤلاء الموقِّعون الدعم من اللصوص ومن أكابر ذوي القربى الذين صالحوا اللصوص من قبل، فأقاموا زنزانة مجهزة بكل وسائل التعذيب في الغرفة، وساقوا إليها أشقاءهم الذين أصروا على القتال لتحرير كل الدار، وصبر المعذَّبون على ظلمهم، حتى لا تكون فتنة وتكون الجهود كلها مركزة في قتال اللصوص، لكن التعذيب والظلم والاضطهاد اشتد وزاد، وتطور إلى قرار بقتل الذين يصرون على تحرير كل الدار.

وما نريد له جوابًا منك بعد الوصول إلى هذا الحال هو: ماذا تقول لإخوانك الذين خذلوك وتركوك؟! ولأبنائك الذين رضوا بالغرفة الصغيرة وتنازلوا عن دارك، وحاربوا أشقاءهم؟! ولأبنائك الذين يصرون على تحريرها كاملة مهما كان الثمن ومهما طال الزمن؟!

أجاب الشيخ الكبير صاحب الدار باختصار قائلاً: أقول إلى إخواني الذين أعانوا اللصوص عليَّ، ولم تحركهم دماء أبنائي المسفوكة، واستغاثات أعراضي المنتهكة، لقد سجل التاريخ عليكم عارًا لا تمسحه مياه البحار، وسوف تلعنكم الأجيال

وأقول إلى أبنائي المتمسكين بحقهم المجاهدين في سبيله: أنتم أبنائي الذين أفتخر بهم وأعتز، وسوف تنتصرون وتتحرر داركم، فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.

د.خالد يونس الخالدي

أستاذ التاريخ المشارك - الجامعة الإسلامية - غزة