البطاينه
01-06-2004, 12:45 PM
مالِ رائحة النصر لا تعبق ...؟!
الموضوع منقول ويستحق القراءه للفائده
إن الإنسان ليعجب أشد العجب من أمة الإسلام اليوم ومن موقفها من انتصار الفلوجة ..!
أمة بقيت سنين طويلة ، أجيال تلو أجيال تعيش في نكبة وتموت في نكسة .. تحيا أسيرة وتسترزق أجيرة ، وتموت مقهورة حسيرة ..؟!
ليس لها من النصر من نصيب اللهم إلا أن تسترجع رياح النصر في غزوة بدر ، واليرموك والقادسية وحطين .. تحاول إعادة بعض روحها بتلك الرياح ..
فلما هبت عليها رياح النصر حقيقة من ربوع الفلوجة ، سكنت وسكتت وهمدت ، فلا يدري المرء ما سر هذا السكوت والهمود ..؟!
هل الإعلام سود وجهه ، وأطفأ وهجه بسلسلة المفاوضات النفاقية ..؟!
أم أنه النور القوي أعشى الأعين حين صدمها بالنظرة الأولى .,.؟!
أم أن الأنوف لم تتبين هذه الرائحة الرائعة الجديدة بعدما أدمنت شم ما يخدرها ..؟!
أم أن الأرواح قد يئست من نصر قريب في حياتها . فلما رأته ببصرها أنكرته بصيرتها ..؟!
أم أن المسلم أصبح لا يريد النصر إلا من بلده وحزبه ... فلا هم يقاتلون ولا هم ينتصرون ، ولا هم يفرحون بالمنتصرين ، ولا يدعون الناس يفرحون ..؟!
أم أن الخطة بإخراج فضائح التعذيب التي أخرجت ، قد حققت هدفها بتنسية انتصار الفلوجة ..؟!
لم يكن اعتباطاً إخراج فضائح التعذيب في هذا التاريخ ..؟!
ولم يكن اعتباطاً إخراج العورات والفضائح الجنسية ..؟!
ألم يكن هذا النصر على عدو الإسلام الأكبر ..؟!
ألم يكن نصراً على حامل الصليب الأكبر ، ونصير اليهودية الأحقر ..؟!
فإلى متى تغمد الأقلام ، ويعجم القريض عن اللسان ..؟!
فلا الشعراء نظموا ، ولا الأدباء كتبوا ، ولا المنشدون غردوا ، ولا أصحاب الفضائيات أعطوها ما تستحق ...!
وسارت موجة الجميع حيث سيرتها أمريكا ، فاتحة لها صفحة الظلم والعار ... غافلة عن صفحة العز والشرف والانتصار ..؟!
والله لو شهد وقعة الفلوجة شعراء الجاهلية لتفجرت قرائحهم عيوناً من القصائد لم يشهد لها تاريخ الشعر مثيلاً !
ولو شهدها حسان ، لنظم شعراً أمضى من السنان ..!
ولو رصدها ابن كثير وأمثاله في حوادث الإسلام لما رضي بتسميتها إلا بغزوة الفلوجة كما قال في البداية والنهاية 'غزوة القادسية '..
ومن شك في هذا أو ظن في هذا تضخيماً ، فما عليه إلا أن يرقب أحداث الأيام القادمة ، ويرقب فاعلية وقعة الفلوجة فيها ويتأمل التغييرات المستقبلية على الساحة العراقية والخليجية والشامية والفلسطينية والإسلامية والعالمية ، ويرقب أثر تلك الموقعة المباركة في تحريكها ، وفي الإسراع في تحقيقها أو تغييرها ..
أيها الخطباء ، أيها الشعراء ، أيها الأدباء ... يا مقدمي البرامج الغيورين ، إن قلوب العامة صفحة بيضاء ، تسجلون فيها في الصباح وفي المساء ما تشاؤون من أفكار ...
فما لصفحة النصر فارغة وقد أصبح النصر حقيقة ..؟!
أكان العدو ضعيفاً لا يستحق الذكر .. أم كانت المعركة مزاحاً وفي السر ...؟!
لقد كنتم تقولون أننا في شوق لهذا النوع من الشفاء ، فها قد جاءكم الدواء ، فما له لم يشف منكم الصدور ، ولم يظهر على المنابر والأوراق والأعلام السرور ... أم أنه ما وقع على موضعه ، أم أن الداء قد بلغ القلب ، فلم يعد ينفع إلا التيه والاستبدال ...
[قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ] التوبة 14
فلقد قاتلهم المؤمنون ، وعذبهم الله بأيديهم ، ونصرهم عليهم ... فماذا بقي ؟!
أي أمة لا تحب النصر ؟!! فما للحب لا تظهر آثاره عليكم ؟!!: [ وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ]
أمريكا ... أين المخرج ..؟!
يصعب على المرء أن يدرك أنه ثمة مخرج لأمريكا إلا بإزالة بوش وطاقمه وآثارهما من البيت الأبيض ... وهذا فيما يبدو هو قناعة أصحاب القرار الخفي في أمريكا ..
من حق القارئ أن يظن ـ لأول وهلة ـ أن هذا التحليل ضرباً من الخيال المحض ، ومن التحليل التآمري كما يحلو لأغلب من يعجز عن التحليل الصحيح وصمه بهذه الوصمة ، لكن من نظر في الانقلاب الهائل في إسقاط بوش ... علم أن إسقاطه وطاقمه هو الطريق الوحيد لإنقاذ أمريكا وإنقاذ الصهيونية العالمية وإسرائيل على وجه الخصوص ... فكيف ذلك ..؟!
إن الملاحظ أن أي خطوة يتخذها بوش اليوم أو اتخذها من قبل إنما هي طعنة في مقتل أمريكا ، أو ضربة في مفصلها ..
حتى جاءت الطعنة النجلاء التي فلجت هام أمريكا في الفلوجة ، وتبعتها فضائح الصور التعذيبية والجنسية ..
فلو أننا تصورنا أن هذه الإدارة فازت في الانتخابات الجديدة ، فماذا سيكون ..؟!
إنه القضاء الكامل والتذفيف النهائي على أمريكا من جميع نواحيها من الداخل ومن الخارج ..
فلقد أصبحت هذه الإدارة أشبه برجل عار موضوع في قفص بحدود جسده ، محاط من جميع جهاته بأمواس مدببة ، فأي حركة في أي اتجاه تقطع منه شيئاً ، فكل قرار تتخذه هذه الإدارة حتى لو كان قراراً مناسباً فإنما هو موس يقطع في ذلك البدن العاري ، بينما لو ضحوا بهذه الإدارة ، وجاؤوا بإدارة جديدة لكان نفس القرار الذي تتخذه الإدارة القادمة نجاة وإنقاذاً ، وحكمة ونصراً لأمريكا والقرار هو القرار ..؟!
هذا والله من العجب .. فإن الخيارات أمامها محدودة ومعلومة ، وليست مفتوحة ولا موهومة ..؟!
الخيار الأول : لو أن إدارة بوش قررت الآن الانسحاب من العراق لكان في هذا سقوطها المريع وسقوط اقتصادها بسقوط دولارها كما كان سقوط الروبل النهائي بانسحاب روسيا من أفغانستان ، فأصبحت آلاتها العسكرية عبئاً كعبء الصخر على ظهر سفينة توشك على الغرق في بحر متلاطم ، فليس ثمة من منجاة إلا أن تتخلص السفينة منه بإلقائه في البحر ، كبيع روسيا سلاحها في السوق بأبخس الأثمان ، لما عجزت عن تكاليف صيانة مصانعها ..
ولأنها ألقت بثقلها كله ، وربطت مصيرها بحربها على العراق ، واستقرارها فيه ، ومن خلال العراق سوف تعم مشاريعها على العرب والمسلمين ، وتحكم سيطرتها على العالم .. هكذا أرادت ..
لكن الواضح أن رأس السفينة اتجه نحو القاع المظلم ..؟!
والأمر في أمريكا أشد صعوبة لأن حمولتها أكثر وأخطر ، وبحرها أعمق وأسود ..؟.!
وعندها لا يفكر كل من في السفينة إلا أن ينجو بنفسه ، شعاره في ذلك : نفسي نفسي .. فتتمزق السفينة ويتفرق أفرادها على سطح البحر وفي لجته ..
وهذا التمزق بين الولايات الموعودة به أمريكا ليس خيالاً ولا مجرد أمنية بل هو سنة ماضية في الأمم العظيمة الطاغية ، ابتداءً من بني إسرائيل الذين قال الله فيهم : [وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ] الأعراف 160
ومروراً بسبأ الذين وحدهم الله ، وجمع بهم شتات قرى ومدن ، حتى أصبحوا أمة واحدة ثم طغوا فقطعهم الله وقال فيهم :
[ لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ] سبأ 16
وانتهاءً بروسيا ..
وليست أمريكا أكرم على الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي حين غيرت وبدلت قطعها الله بعد أن جمعها ، فأصبحت أمماً في صور دول مستقلة ..!
أما الخيار الثاني فهو الإصرار على البقاء في العراق : وهذا ما لا ترضاه الأمة الأمريكية ، وهي ترى ما ترى ، وقد أعلنت إدارة بوش عزيمتها على الانسحاب مؤخراً ، ولكن المصيبة كيف ستكون صورة هذا الانسحاب ..؟!
من سيخلفها من بعدها ..؟!
الشيعة .. لا ، فقد ثبت أنهم أضعف من أن يحفظوا حقوق أمريكا في العراق ، وأهون من أن يستأمنوا على تركها هناك ، فضلاً عن عدم قدرتهم على البقاء في حكم العراق في غياب الولي الأمريكي ..
الإرهابيون : كما تسميهم أمريكا ، فهذه كارثة الكوارث على أمريكا وإسرائيل والدول المجاورة ، وسيصبح العراق نقطة جذب لا نظير لها لكل إرهابيي العالم ، تغذيها حماسة العراقيين ، ويوقدها السلاح ..؟!
السنة : وهل في السنة من حزب جامع يمكن أن يجمع شأن العراق ... لا .
البعثيون : وقد أدرك الأمريكان أن هذا هو أهون الخيارات على الأمريكيين ، وهو ما شرع الأمريكيون في الابتداء به فعلياً ، وقد كان أكثر الناس قلقاً تجاه هذا التوجه هم أعضاء الحكم الانتقالي على وجه العموم والشيعة على وجه الخصوص ، وهو ما أجمعت على إنكاره رموز الشيعة المتنازعة .
فقد أنكر مقتدى الصدر في خطبة الجمعة ذلك التوجه ، كما أنكره الأسدي ، وغيره من مشايخهم .
لعل إدارة بوش قد فكرت بوصيه رئيس عربي ـ من قبل ـ حين أوصاها بالخروج خارج المدن والإقامة في قواعد عسكرية بعيدة .. ولعلها ترى الآن أن هذه الفكرة هي الأنسب للتطبيق ..
وأي حكومة قادمة لا تنفذ مطالبها تضربها من قواعدها داخل العراق ..!
ولكن : هل ترى الشعب الذي طهر مدنه من المحتلين سيتركهم يقبعون في معسكرات معزولة في البلاد ..؟!
وهل ترى الأمريكيون قادرون على هذه النزيف المستمر ، وهم من الهوان بحيث لا يوصف ، حتى لو كانوا بجوار المناطق الشيعية ..؟!
وهل العراقيون غير قادرين على التكيف وتطوير أسلحة وتطوير عملياتهم ، بحيث يصعب عليهم إخراج البقية الباقية ، فضلاً عن إزعاجها الليل والنهار ، وهم يرون مدنهم قد تحررت إلى هذه الأطواق الصغيرة ..؟!
لعل الإدارة الأمريكية ترى الأنسب هو أن تتحكم في العراق لا أن تحكمه ، وذلك عن طريق قواعدها الضاربة الكاشفة ، القائمة في الدول المجاورة ، وبالتالي تضرب من بعيد لتنجو من ضربات المقاومة ..؟!
ولكن : من لم يستطع الحكم ولا التحكم ، وجنده وقواعده في البلاد
وقواعده الأخرى في البلاد المجاورة ... أفيستطيع إذا خرجت قواته وأمسكت الحدود ..؟!
وهل عاش العراق سنوات الحصار أم مات ؟
ولقد عاش أحسن من البلاد المجاورة إنتاجاً ذاتياً ، وتصنيعاً مدنياً وعسكرياً ، وثروة هائلة من العلماء .. وهو طاهر من القواعد الصليبية .
فكل هذه الاحتمالات ساقطة ... ومن يدري كيف سيمكر الله بتلك الأمة الساقطة ..؟!
الخيار الثالث : هو إعادة صدام حسين نفسه للحكم ، وهو أبعد ما يكون عن السياسة الأمريكية ، لأنه في عرف السياسة هو الردة الكبرى ، فكيف تقاتل لتحقيق أمر ثم لما تحققه تعود ثانية وتعيده ..؟!
وبهذا يتبين ما قررناه أولاً : أن أي قرار تتخذه حكومة بوش إنما هو خطيئة كبرى في حق أمريكا ، بغض النظر عن ذلك القرار ، وإن مما يزيد الأمر سوءًا أن القرار المطلوب هنا لا بد أن يكون قراراً مصيرياً ، قرارً كبيراً بكل معنى الكلمة ، ذلك أن القرارات الجزئية أو التحسينية على السياسة البوشية قد فقدت صلاحيتها ، وتحولت على قرارات تشويهية على صورة أمريكا المشوهة في أساسها .. وإن المناورة بسفينة أمريكا نحو النجاة إنما هو إغراق للسفينة على يد هذا الربان وطاقمه ..؟!
فلم يبق بعد كل هذا من قرار تتخذه الحكومة الخفية لأمريكا أو الشعب الأمريكي أحسن من قرار التخلص من بوش وطاقمه ..؟!
وقد شرعت به فعلياً بعد هزيمة الفلوجة بإظهار الصور الفاضحة للتعذيب وللجنس .
من حق القارئ أن يتساءل :
وما هي المصالح الكبرى بذهاب بوش وقدوم كيري ..؟!
إن المصلحة الحقيقية تتمثل في كلمة واحدة وهي { إنقاذ أمريكا }..
فبمجرد ذهاب بوش وطاقمه الجمهوري ، ومجيء كيري وطاقمه الديموقراطي يتحول كل شيء .. نعم كل شيء رأساً على عقب .. إلى هذه الدرجة وزيادة ..
فكيف ذلك ..؟!
ليستحضر القارئ نفس الاختيارات الأربع التي لو اتخذ بوش أياً منها كان فيها ذهاب أمريكا ، ثم ليقلب الصفحة من صفحة بوش إلى صفحة كيري ، ويرى ماذا لو أن كيري اتخذ نفس تلك القرارات الأربع المدمرة لأمريكا ..؟!
الجواب : لو اتخذ كيري نفس تلك القرارات كان فيها إنقاذاً لأمريكا .. هذا من العجب ..!
فلو اتخذ بوش قرار الانسحاب لقضى عليها ، أما لو اتخذه كيري فإنه سيكون هو القرار المنقذ لأمريكا من مستنقع العراق سيكون يوم عودة القوات الأمريكية يوم احتفالات وأفراح وأعياد ، كما حصل في أسبانيا ، وربما ارتفع الدولار ، وحدث من الإيجابيات مالم يحسبوا له حساباً ..؟!
وإعلام أمريكا قادر بمسختها الهلويدية على صبغ أولئك المنسحبين بصبغة الفاتحين ..؟!
فشتان ما بين النتيجتين مع أن القرار هو القرار ..؟!
ولا يخفى ما لو أن بوش اتخذ قرار إعادة صدام للحكم من آثار كارثية عليه شخصياً ، وعلى حكومته ، وعلى أمريكا وسمعتها ومبدئيتها . بينما لو أن كيري قرر إعادة صدام حسين إلى سدة الحكم في العراق ، لكان هذا هو القرار العادل في نظر أغلب دول العالم ورؤسائها ، سواءً كان القرار بحكم محكمة دولية أم بغير حكم المحكمة ..؟!
وكيف ذلك ..؟!
ذلك أن كيري ربما أعاد الأمر إلى مجلس الأمن ، أو إلى محكمة العدل الدولية مع إعلانه تفويضهم بأي حكم ، والتزامه بحكم تلك المؤسسات ، أياً كان حكمها ، وهو يعلم يقيناً أن تلك المحاكم حين تسحب أمريكا ضغطها عليها سوف تقرر بأن الحرب على العراق كانت عدواناً .. بالإضافة إلى أن مبرراتها باطلة ..؟!
وعندها سوف تقرر المحكمة بأن قرار احتلال العراق قرار باطل وأن ما بني على باطل فهو باطل ، وعليه فخلع صدام باطل ، وقرارات الحكومة الانتقالية باطلة ، وهكذا ... وصدام ما يزال الرئيس الشرعي المعترف به من قبل مجلس الأمن ودول العالم ، كما أنه الرئيس المنتخب .. وما إلى ذلك ؟؟
وهكذا أيا القارئ تتحول الكارثة إلى إنقاذ حين يرحل بوش وطاقمه ملعونين في نظر الأمريكان قبل غيرهم ، وتبدل سيئاتهم حسنات لكيري وأزلامه ، هذا هو ما يرجونه ...
لكن الذي أعتقده أنهم مهما غيروا وبدلوا ، فإن مكر الله بهم متواصل ، وهم وإن صحوا من إغمائهم قليلاً في أول عهد كيري ـ ربما ـ فتلك صحوة الموت ، ومقدمة الأخذة التي لا يعقبها إفلات ' إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ' .
فالله تعالى أعظم من أن يخادعه هؤلاء [ يخادعون الله وهو خادعهم ] ، وهو أعظم من أن يرفع عنهم ما نزل بهم ، لمجرد أنهم غيروا مظهرهم أو رئيسهم ، وحسنوا صورتهم في نظر العالم وحقيقتهم واحدة : [ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد] البقرة 204
ثم إن الصراع العالمي أصبح صراعاً مكشوفاً ، والعالم يعلم مدى الضعف الذي بلغته
أمريكا ، ومن ثم فإنه لن يسمح لها عالمياً بالإفاقة وإن تظاهرت بها ..!
وهذا ما يجده المرء اليوم ، حيث تعقب العالم لأمريكا كلما حاولت التصحيح أو العودة قطعوا عليها الطريق بشروط تعجيزية ، كشروط فرنسا ، وروسيا ومن لف لفهما ..
إن أمريكا وإن أظهرت ما أظهرت فإن حالها من التردي وعدم القدرة على المماسة ، كحال ذاك السامري الملعون الذي أصبح ينادي في الناس : [ لا مساس ] .
أما واقع المجاورين للفلوجة ، فقد كان شيئاً آخر ... لقد قاموا بدور الفئة لأمريكا ، حيث احتضنوا فارّها ، وآووا جريحها ، وأحاطوها من ورائها ، وحرسوا ظهرها ، وكفّوا عليها ضيعتها ..!
أليس هذا هو الواقع ..؟!
إنه الدور المتمم للدور الأول في إسقاط بغداد ، وإسلامها لليهود والصليبيين ، ومن قرأ مذكرات [ خطة الهجوم ] ، ذلك الكتاب الأوسع انتشاراً في العالم الآن يعرف بغير قصد من كان أحرص الناس على إسقاط صدام من داخل الإدارة الأمريكية ..؟!
إنهم الطاقم اليهودي الذي تجلل ظهور الطاقم الصليبي فقدمه في العلن رافعاً لواء الصليب والصليبية ، معلناً أنها حرب صليبية ..
نعم لقد كانت الفلوجة هي العلامة الفارقة ما بين عهدين لأمريكا ، ولإسرائيل ، وللعالم وللتاريخ ..
ومن لم يتصور ذلك جيداً فليقارن ما بين عهدين ، العهد الأول : أمريكا ما قبل الفلوجة . والعهد الثاني : أمريكا ما بعد الفلوجة ؟
ولينظر كيف جاءت للفلوجة ، وكيف عادت منها ، ولير كيف كان مكر الله سبحانه وتعالى بها عظيماً ؟
جاءت أمريكا ترعد وتزبد لأجل أربعة أمريكان ، فأذهب الله من جيشها المئات ..!
جاءت لتهيئ البلاد للحكومة الجديدة ، فأصبحت تتهيأ هي للخروج من العراق ..؟!
جاءت لتجعل من الفلوجة عبرة للعراقيين ، فأصبحت هي عبرة للعالمين ..؟!
جاءت لتحقيق المهابة من المساس بأي أمريكي حياً كان أو ميتاً ... فسقطت مهابة أمريكا بأكلمها ، وبلغت الجرأة على الأمريكان حداً لم تبلغه في حياتها ..؟!
جاءت وعندها قانون حماية الجندي الأمريكي من المحاكمة ، فأصبح قادتها يحاكمون أمام العالم ..؟!
جاءت لتقاتل كما زعمت شرذمة من الإرهابيين فحولت أهل الفلوجة ، وما حولها إلى أشد من الإرهابيين عليها ..؟!
ثم انظر من جهة أخرى أي تمكن في العراق خاصة وفي العالم كافة كانت ستبلغه أمريكا لو أنها سحقت الفلوجة ؟
أي علو سيبلغه اليهود في العراق خاصة والعالم عامة لو استسلمت الفلوجة ..؟!
أي ضربة نجلاء ستكون في هام المقاومة الإسلامية في العالم كله لو اجتيحت الفلوجة ,,.!
أي كبر سيبلغ بمن تولوا كبرهم من أعضاء المجلس الانتقالي على ظهور العراقيين المستضعفين لو قلعت شوكة الفلوجة ..؟!
أي تمكن لأئمة النفاق من أئمة الشيعة الرافضين للجهاد المتربصين بأهل السنة الدوائر ، المنتظرين المتضرعين القانتين لنصرة الأمريكان على 'الوهابيين' كما يسمونهم لو قضي على هؤلاء المجاهدين في الفلوجة ..؟!
أي مداهمات ستتواصل ضد أهل السنة في العراق في كل مكان ، وأي سجون سوف تسع
جموع النازلين الجدد لو تم لهم ما أرادوا في الفلوجة ..؟!
وأي أعراض عراقية طاهرة سوف تهتك لو سحقت الفلوجة واستسلم رجالها ، وهل كان سيظهر شيء من تلك الفضائح لو انتصر الأمريكان في الفلوجة..؟!
وأي بجاحة ستبلغ بالمنافقين المتراصين مع الأمريكان في القتال صفاً واحداً ضد أهل الفلوجة ...؟!
فما انتهت المعركة بعد إلا وقامت قمبرة النفاق والأنوثة تفاخر بشرف مشاركتها في قتال أهل الفلوجة هي وقوات البشمركة ..
فسبحان من قلب كل تلك الحسابات عليهم ، وأحاق بهم مكرهم ، وشرف أهل الفلوجة بهذا النصر ..
وحمى العالمين من عتو أمريكي يهودي لا نظير له ..
كل ذلك في وقته المحدد ، ومكانه المحدد ، ورجاله المخصوصين ...
فمن كان يعرف الفلوجة في العالم قبل هذا اليوم العظيم .. حتى تكتب في التاريخ بكل لغات الدنيا .. وتتغنى بانتصاراتها الألسن على اختلافاتها ... ويتلذذ بثمراتها العالم ... وينشق الفجر الصادق على الظلام الماحق فيسلخه من خراباتها ، وبساتينها ، وهضابها وفراتها ....
فهل كان يوم الفلوجة العظيم يوماً عادياً من أيام الدنيا ..؟!
لقد انحنى التاريخ حقيقة عند مفترق الفلوجة ..؟!
فهل من مستثمر لهذا ..؟!
الموضوع منقول ويستحق القراءه للفائده
إن الإنسان ليعجب أشد العجب من أمة الإسلام اليوم ومن موقفها من انتصار الفلوجة ..!
أمة بقيت سنين طويلة ، أجيال تلو أجيال تعيش في نكبة وتموت في نكسة .. تحيا أسيرة وتسترزق أجيرة ، وتموت مقهورة حسيرة ..؟!
ليس لها من النصر من نصيب اللهم إلا أن تسترجع رياح النصر في غزوة بدر ، واليرموك والقادسية وحطين .. تحاول إعادة بعض روحها بتلك الرياح ..
فلما هبت عليها رياح النصر حقيقة من ربوع الفلوجة ، سكنت وسكتت وهمدت ، فلا يدري المرء ما سر هذا السكوت والهمود ..؟!
هل الإعلام سود وجهه ، وأطفأ وهجه بسلسلة المفاوضات النفاقية ..؟!
أم أنه النور القوي أعشى الأعين حين صدمها بالنظرة الأولى .,.؟!
أم أن الأنوف لم تتبين هذه الرائحة الرائعة الجديدة بعدما أدمنت شم ما يخدرها ..؟!
أم أن الأرواح قد يئست من نصر قريب في حياتها . فلما رأته ببصرها أنكرته بصيرتها ..؟!
أم أن المسلم أصبح لا يريد النصر إلا من بلده وحزبه ... فلا هم يقاتلون ولا هم ينتصرون ، ولا هم يفرحون بالمنتصرين ، ولا يدعون الناس يفرحون ..؟!
أم أن الخطة بإخراج فضائح التعذيب التي أخرجت ، قد حققت هدفها بتنسية انتصار الفلوجة ..؟!
لم يكن اعتباطاً إخراج فضائح التعذيب في هذا التاريخ ..؟!
ولم يكن اعتباطاً إخراج العورات والفضائح الجنسية ..؟!
ألم يكن هذا النصر على عدو الإسلام الأكبر ..؟!
ألم يكن نصراً على حامل الصليب الأكبر ، ونصير اليهودية الأحقر ..؟!
فإلى متى تغمد الأقلام ، ويعجم القريض عن اللسان ..؟!
فلا الشعراء نظموا ، ولا الأدباء كتبوا ، ولا المنشدون غردوا ، ولا أصحاب الفضائيات أعطوها ما تستحق ...!
وسارت موجة الجميع حيث سيرتها أمريكا ، فاتحة لها صفحة الظلم والعار ... غافلة عن صفحة العز والشرف والانتصار ..؟!
والله لو شهد وقعة الفلوجة شعراء الجاهلية لتفجرت قرائحهم عيوناً من القصائد لم يشهد لها تاريخ الشعر مثيلاً !
ولو شهدها حسان ، لنظم شعراً أمضى من السنان ..!
ولو رصدها ابن كثير وأمثاله في حوادث الإسلام لما رضي بتسميتها إلا بغزوة الفلوجة كما قال في البداية والنهاية 'غزوة القادسية '..
ومن شك في هذا أو ظن في هذا تضخيماً ، فما عليه إلا أن يرقب أحداث الأيام القادمة ، ويرقب فاعلية وقعة الفلوجة فيها ويتأمل التغييرات المستقبلية على الساحة العراقية والخليجية والشامية والفلسطينية والإسلامية والعالمية ، ويرقب أثر تلك الموقعة المباركة في تحريكها ، وفي الإسراع في تحقيقها أو تغييرها ..
أيها الخطباء ، أيها الشعراء ، أيها الأدباء ... يا مقدمي البرامج الغيورين ، إن قلوب العامة صفحة بيضاء ، تسجلون فيها في الصباح وفي المساء ما تشاؤون من أفكار ...
فما لصفحة النصر فارغة وقد أصبح النصر حقيقة ..؟!
أكان العدو ضعيفاً لا يستحق الذكر .. أم كانت المعركة مزاحاً وفي السر ...؟!
لقد كنتم تقولون أننا في شوق لهذا النوع من الشفاء ، فها قد جاءكم الدواء ، فما له لم يشف منكم الصدور ، ولم يظهر على المنابر والأوراق والأعلام السرور ... أم أنه ما وقع على موضعه ، أم أن الداء قد بلغ القلب ، فلم يعد ينفع إلا التيه والاستبدال ...
[قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ] التوبة 14
فلقد قاتلهم المؤمنون ، وعذبهم الله بأيديهم ، ونصرهم عليهم ... فماذا بقي ؟!
أي أمة لا تحب النصر ؟!! فما للحب لا تظهر آثاره عليكم ؟!!: [ وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ]
أمريكا ... أين المخرج ..؟!
يصعب على المرء أن يدرك أنه ثمة مخرج لأمريكا إلا بإزالة بوش وطاقمه وآثارهما من البيت الأبيض ... وهذا فيما يبدو هو قناعة أصحاب القرار الخفي في أمريكا ..
من حق القارئ أن يظن ـ لأول وهلة ـ أن هذا التحليل ضرباً من الخيال المحض ، ومن التحليل التآمري كما يحلو لأغلب من يعجز عن التحليل الصحيح وصمه بهذه الوصمة ، لكن من نظر في الانقلاب الهائل في إسقاط بوش ... علم أن إسقاطه وطاقمه هو الطريق الوحيد لإنقاذ أمريكا وإنقاذ الصهيونية العالمية وإسرائيل على وجه الخصوص ... فكيف ذلك ..؟!
إن الملاحظ أن أي خطوة يتخذها بوش اليوم أو اتخذها من قبل إنما هي طعنة في مقتل أمريكا ، أو ضربة في مفصلها ..
حتى جاءت الطعنة النجلاء التي فلجت هام أمريكا في الفلوجة ، وتبعتها فضائح الصور التعذيبية والجنسية ..
فلو أننا تصورنا أن هذه الإدارة فازت في الانتخابات الجديدة ، فماذا سيكون ..؟!
إنه القضاء الكامل والتذفيف النهائي على أمريكا من جميع نواحيها من الداخل ومن الخارج ..
فلقد أصبحت هذه الإدارة أشبه برجل عار موضوع في قفص بحدود جسده ، محاط من جميع جهاته بأمواس مدببة ، فأي حركة في أي اتجاه تقطع منه شيئاً ، فكل قرار تتخذه هذه الإدارة حتى لو كان قراراً مناسباً فإنما هو موس يقطع في ذلك البدن العاري ، بينما لو ضحوا بهذه الإدارة ، وجاؤوا بإدارة جديدة لكان نفس القرار الذي تتخذه الإدارة القادمة نجاة وإنقاذاً ، وحكمة ونصراً لأمريكا والقرار هو القرار ..؟!
هذا والله من العجب .. فإن الخيارات أمامها محدودة ومعلومة ، وليست مفتوحة ولا موهومة ..؟!
الخيار الأول : لو أن إدارة بوش قررت الآن الانسحاب من العراق لكان في هذا سقوطها المريع وسقوط اقتصادها بسقوط دولارها كما كان سقوط الروبل النهائي بانسحاب روسيا من أفغانستان ، فأصبحت آلاتها العسكرية عبئاً كعبء الصخر على ظهر سفينة توشك على الغرق في بحر متلاطم ، فليس ثمة من منجاة إلا أن تتخلص السفينة منه بإلقائه في البحر ، كبيع روسيا سلاحها في السوق بأبخس الأثمان ، لما عجزت عن تكاليف صيانة مصانعها ..
ولأنها ألقت بثقلها كله ، وربطت مصيرها بحربها على العراق ، واستقرارها فيه ، ومن خلال العراق سوف تعم مشاريعها على العرب والمسلمين ، وتحكم سيطرتها على العالم .. هكذا أرادت ..
لكن الواضح أن رأس السفينة اتجه نحو القاع المظلم ..؟!
والأمر في أمريكا أشد صعوبة لأن حمولتها أكثر وأخطر ، وبحرها أعمق وأسود ..؟.!
وعندها لا يفكر كل من في السفينة إلا أن ينجو بنفسه ، شعاره في ذلك : نفسي نفسي .. فتتمزق السفينة ويتفرق أفرادها على سطح البحر وفي لجته ..
وهذا التمزق بين الولايات الموعودة به أمريكا ليس خيالاً ولا مجرد أمنية بل هو سنة ماضية في الأمم العظيمة الطاغية ، ابتداءً من بني إسرائيل الذين قال الله فيهم : [وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ] الأعراف 160
ومروراً بسبأ الذين وحدهم الله ، وجمع بهم شتات قرى ومدن ، حتى أصبحوا أمة واحدة ثم طغوا فقطعهم الله وقال فيهم :
[ لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ] سبأ 16
وانتهاءً بروسيا ..
وليست أمريكا أكرم على الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي حين غيرت وبدلت قطعها الله بعد أن جمعها ، فأصبحت أمماً في صور دول مستقلة ..!
أما الخيار الثاني فهو الإصرار على البقاء في العراق : وهذا ما لا ترضاه الأمة الأمريكية ، وهي ترى ما ترى ، وقد أعلنت إدارة بوش عزيمتها على الانسحاب مؤخراً ، ولكن المصيبة كيف ستكون صورة هذا الانسحاب ..؟!
من سيخلفها من بعدها ..؟!
الشيعة .. لا ، فقد ثبت أنهم أضعف من أن يحفظوا حقوق أمريكا في العراق ، وأهون من أن يستأمنوا على تركها هناك ، فضلاً عن عدم قدرتهم على البقاء في حكم العراق في غياب الولي الأمريكي ..
الإرهابيون : كما تسميهم أمريكا ، فهذه كارثة الكوارث على أمريكا وإسرائيل والدول المجاورة ، وسيصبح العراق نقطة جذب لا نظير لها لكل إرهابيي العالم ، تغذيها حماسة العراقيين ، ويوقدها السلاح ..؟!
السنة : وهل في السنة من حزب جامع يمكن أن يجمع شأن العراق ... لا .
البعثيون : وقد أدرك الأمريكان أن هذا هو أهون الخيارات على الأمريكيين ، وهو ما شرع الأمريكيون في الابتداء به فعلياً ، وقد كان أكثر الناس قلقاً تجاه هذا التوجه هم أعضاء الحكم الانتقالي على وجه العموم والشيعة على وجه الخصوص ، وهو ما أجمعت على إنكاره رموز الشيعة المتنازعة .
فقد أنكر مقتدى الصدر في خطبة الجمعة ذلك التوجه ، كما أنكره الأسدي ، وغيره من مشايخهم .
لعل إدارة بوش قد فكرت بوصيه رئيس عربي ـ من قبل ـ حين أوصاها بالخروج خارج المدن والإقامة في قواعد عسكرية بعيدة .. ولعلها ترى الآن أن هذه الفكرة هي الأنسب للتطبيق ..
وأي حكومة قادمة لا تنفذ مطالبها تضربها من قواعدها داخل العراق ..!
ولكن : هل ترى الشعب الذي طهر مدنه من المحتلين سيتركهم يقبعون في معسكرات معزولة في البلاد ..؟!
وهل ترى الأمريكيون قادرون على هذه النزيف المستمر ، وهم من الهوان بحيث لا يوصف ، حتى لو كانوا بجوار المناطق الشيعية ..؟!
وهل العراقيون غير قادرين على التكيف وتطوير أسلحة وتطوير عملياتهم ، بحيث يصعب عليهم إخراج البقية الباقية ، فضلاً عن إزعاجها الليل والنهار ، وهم يرون مدنهم قد تحررت إلى هذه الأطواق الصغيرة ..؟!
لعل الإدارة الأمريكية ترى الأنسب هو أن تتحكم في العراق لا أن تحكمه ، وذلك عن طريق قواعدها الضاربة الكاشفة ، القائمة في الدول المجاورة ، وبالتالي تضرب من بعيد لتنجو من ضربات المقاومة ..؟!
ولكن : من لم يستطع الحكم ولا التحكم ، وجنده وقواعده في البلاد
وقواعده الأخرى في البلاد المجاورة ... أفيستطيع إذا خرجت قواته وأمسكت الحدود ..؟!
وهل عاش العراق سنوات الحصار أم مات ؟
ولقد عاش أحسن من البلاد المجاورة إنتاجاً ذاتياً ، وتصنيعاً مدنياً وعسكرياً ، وثروة هائلة من العلماء .. وهو طاهر من القواعد الصليبية .
فكل هذه الاحتمالات ساقطة ... ومن يدري كيف سيمكر الله بتلك الأمة الساقطة ..؟!
الخيار الثالث : هو إعادة صدام حسين نفسه للحكم ، وهو أبعد ما يكون عن السياسة الأمريكية ، لأنه في عرف السياسة هو الردة الكبرى ، فكيف تقاتل لتحقيق أمر ثم لما تحققه تعود ثانية وتعيده ..؟!
وبهذا يتبين ما قررناه أولاً : أن أي قرار تتخذه حكومة بوش إنما هو خطيئة كبرى في حق أمريكا ، بغض النظر عن ذلك القرار ، وإن مما يزيد الأمر سوءًا أن القرار المطلوب هنا لا بد أن يكون قراراً مصيرياً ، قرارً كبيراً بكل معنى الكلمة ، ذلك أن القرارات الجزئية أو التحسينية على السياسة البوشية قد فقدت صلاحيتها ، وتحولت على قرارات تشويهية على صورة أمريكا المشوهة في أساسها .. وإن المناورة بسفينة أمريكا نحو النجاة إنما هو إغراق للسفينة على يد هذا الربان وطاقمه ..؟!
فلم يبق بعد كل هذا من قرار تتخذه الحكومة الخفية لأمريكا أو الشعب الأمريكي أحسن من قرار التخلص من بوش وطاقمه ..؟!
وقد شرعت به فعلياً بعد هزيمة الفلوجة بإظهار الصور الفاضحة للتعذيب وللجنس .
من حق القارئ أن يتساءل :
وما هي المصالح الكبرى بذهاب بوش وقدوم كيري ..؟!
إن المصلحة الحقيقية تتمثل في كلمة واحدة وهي { إنقاذ أمريكا }..
فبمجرد ذهاب بوش وطاقمه الجمهوري ، ومجيء كيري وطاقمه الديموقراطي يتحول كل شيء .. نعم كل شيء رأساً على عقب .. إلى هذه الدرجة وزيادة ..
فكيف ذلك ..؟!
ليستحضر القارئ نفس الاختيارات الأربع التي لو اتخذ بوش أياً منها كان فيها ذهاب أمريكا ، ثم ليقلب الصفحة من صفحة بوش إلى صفحة كيري ، ويرى ماذا لو أن كيري اتخذ نفس تلك القرارات الأربع المدمرة لأمريكا ..؟!
الجواب : لو اتخذ كيري نفس تلك القرارات كان فيها إنقاذاً لأمريكا .. هذا من العجب ..!
فلو اتخذ بوش قرار الانسحاب لقضى عليها ، أما لو اتخذه كيري فإنه سيكون هو القرار المنقذ لأمريكا من مستنقع العراق سيكون يوم عودة القوات الأمريكية يوم احتفالات وأفراح وأعياد ، كما حصل في أسبانيا ، وربما ارتفع الدولار ، وحدث من الإيجابيات مالم يحسبوا له حساباً ..؟!
وإعلام أمريكا قادر بمسختها الهلويدية على صبغ أولئك المنسحبين بصبغة الفاتحين ..؟!
فشتان ما بين النتيجتين مع أن القرار هو القرار ..؟!
ولا يخفى ما لو أن بوش اتخذ قرار إعادة صدام للحكم من آثار كارثية عليه شخصياً ، وعلى حكومته ، وعلى أمريكا وسمعتها ومبدئيتها . بينما لو أن كيري قرر إعادة صدام حسين إلى سدة الحكم في العراق ، لكان هذا هو القرار العادل في نظر أغلب دول العالم ورؤسائها ، سواءً كان القرار بحكم محكمة دولية أم بغير حكم المحكمة ..؟!
وكيف ذلك ..؟!
ذلك أن كيري ربما أعاد الأمر إلى مجلس الأمن ، أو إلى محكمة العدل الدولية مع إعلانه تفويضهم بأي حكم ، والتزامه بحكم تلك المؤسسات ، أياً كان حكمها ، وهو يعلم يقيناً أن تلك المحاكم حين تسحب أمريكا ضغطها عليها سوف تقرر بأن الحرب على العراق كانت عدواناً .. بالإضافة إلى أن مبرراتها باطلة ..؟!
وعندها سوف تقرر المحكمة بأن قرار احتلال العراق قرار باطل وأن ما بني على باطل فهو باطل ، وعليه فخلع صدام باطل ، وقرارات الحكومة الانتقالية باطلة ، وهكذا ... وصدام ما يزال الرئيس الشرعي المعترف به من قبل مجلس الأمن ودول العالم ، كما أنه الرئيس المنتخب .. وما إلى ذلك ؟؟
وهكذا أيا القارئ تتحول الكارثة إلى إنقاذ حين يرحل بوش وطاقمه ملعونين في نظر الأمريكان قبل غيرهم ، وتبدل سيئاتهم حسنات لكيري وأزلامه ، هذا هو ما يرجونه ...
لكن الذي أعتقده أنهم مهما غيروا وبدلوا ، فإن مكر الله بهم متواصل ، وهم وإن صحوا من إغمائهم قليلاً في أول عهد كيري ـ ربما ـ فتلك صحوة الموت ، ومقدمة الأخذة التي لا يعقبها إفلات ' إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ' .
فالله تعالى أعظم من أن يخادعه هؤلاء [ يخادعون الله وهو خادعهم ] ، وهو أعظم من أن يرفع عنهم ما نزل بهم ، لمجرد أنهم غيروا مظهرهم أو رئيسهم ، وحسنوا صورتهم في نظر العالم وحقيقتهم واحدة : [ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد] البقرة 204
ثم إن الصراع العالمي أصبح صراعاً مكشوفاً ، والعالم يعلم مدى الضعف الذي بلغته
أمريكا ، ومن ثم فإنه لن يسمح لها عالمياً بالإفاقة وإن تظاهرت بها ..!
وهذا ما يجده المرء اليوم ، حيث تعقب العالم لأمريكا كلما حاولت التصحيح أو العودة قطعوا عليها الطريق بشروط تعجيزية ، كشروط فرنسا ، وروسيا ومن لف لفهما ..
إن أمريكا وإن أظهرت ما أظهرت فإن حالها من التردي وعدم القدرة على المماسة ، كحال ذاك السامري الملعون الذي أصبح ينادي في الناس : [ لا مساس ] .
أما واقع المجاورين للفلوجة ، فقد كان شيئاً آخر ... لقد قاموا بدور الفئة لأمريكا ، حيث احتضنوا فارّها ، وآووا جريحها ، وأحاطوها من ورائها ، وحرسوا ظهرها ، وكفّوا عليها ضيعتها ..!
أليس هذا هو الواقع ..؟!
إنه الدور المتمم للدور الأول في إسقاط بغداد ، وإسلامها لليهود والصليبيين ، ومن قرأ مذكرات [ خطة الهجوم ] ، ذلك الكتاب الأوسع انتشاراً في العالم الآن يعرف بغير قصد من كان أحرص الناس على إسقاط صدام من داخل الإدارة الأمريكية ..؟!
إنهم الطاقم اليهودي الذي تجلل ظهور الطاقم الصليبي فقدمه في العلن رافعاً لواء الصليب والصليبية ، معلناً أنها حرب صليبية ..
نعم لقد كانت الفلوجة هي العلامة الفارقة ما بين عهدين لأمريكا ، ولإسرائيل ، وللعالم وللتاريخ ..
ومن لم يتصور ذلك جيداً فليقارن ما بين عهدين ، العهد الأول : أمريكا ما قبل الفلوجة . والعهد الثاني : أمريكا ما بعد الفلوجة ؟
ولينظر كيف جاءت للفلوجة ، وكيف عادت منها ، ولير كيف كان مكر الله سبحانه وتعالى بها عظيماً ؟
جاءت أمريكا ترعد وتزبد لأجل أربعة أمريكان ، فأذهب الله من جيشها المئات ..!
جاءت لتهيئ البلاد للحكومة الجديدة ، فأصبحت تتهيأ هي للخروج من العراق ..؟!
جاءت لتجعل من الفلوجة عبرة للعراقيين ، فأصبحت هي عبرة للعالمين ..؟!
جاءت لتحقيق المهابة من المساس بأي أمريكي حياً كان أو ميتاً ... فسقطت مهابة أمريكا بأكلمها ، وبلغت الجرأة على الأمريكان حداً لم تبلغه في حياتها ..؟!
جاءت وعندها قانون حماية الجندي الأمريكي من المحاكمة ، فأصبح قادتها يحاكمون أمام العالم ..؟!
جاءت لتقاتل كما زعمت شرذمة من الإرهابيين فحولت أهل الفلوجة ، وما حولها إلى أشد من الإرهابيين عليها ..؟!
ثم انظر من جهة أخرى أي تمكن في العراق خاصة وفي العالم كافة كانت ستبلغه أمريكا لو أنها سحقت الفلوجة ؟
أي علو سيبلغه اليهود في العراق خاصة والعالم عامة لو استسلمت الفلوجة ..؟!
أي ضربة نجلاء ستكون في هام المقاومة الإسلامية في العالم كله لو اجتيحت الفلوجة ,,.!
أي كبر سيبلغ بمن تولوا كبرهم من أعضاء المجلس الانتقالي على ظهور العراقيين المستضعفين لو قلعت شوكة الفلوجة ..؟!
أي تمكن لأئمة النفاق من أئمة الشيعة الرافضين للجهاد المتربصين بأهل السنة الدوائر ، المنتظرين المتضرعين القانتين لنصرة الأمريكان على 'الوهابيين' كما يسمونهم لو قضي على هؤلاء المجاهدين في الفلوجة ..؟!
أي مداهمات ستتواصل ضد أهل السنة في العراق في كل مكان ، وأي سجون سوف تسع
جموع النازلين الجدد لو تم لهم ما أرادوا في الفلوجة ..؟!
وأي أعراض عراقية طاهرة سوف تهتك لو سحقت الفلوجة واستسلم رجالها ، وهل كان سيظهر شيء من تلك الفضائح لو انتصر الأمريكان في الفلوجة..؟!
وأي بجاحة ستبلغ بالمنافقين المتراصين مع الأمريكان في القتال صفاً واحداً ضد أهل الفلوجة ...؟!
فما انتهت المعركة بعد إلا وقامت قمبرة النفاق والأنوثة تفاخر بشرف مشاركتها في قتال أهل الفلوجة هي وقوات البشمركة ..
فسبحان من قلب كل تلك الحسابات عليهم ، وأحاق بهم مكرهم ، وشرف أهل الفلوجة بهذا النصر ..
وحمى العالمين من عتو أمريكي يهودي لا نظير له ..
كل ذلك في وقته المحدد ، ومكانه المحدد ، ورجاله المخصوصين ...
فمن كان يعرف الفلوجة في العالم قبل هذا اليوم العظيم .. حتى تكتب في التاريخ بكل لغات الدنيا .. وتتغنى بانتصاراتها الألسن على اختلافاتها ... ويتلذذ بثمراتها العالم ... وينشق الفجر الصادق على الظلام الماحق فيسلخه من خراباتها ، وبساتينها ، وهضابها وفراتها ....
فهل كان يوم الفلوجة العظيم يوماً عادياً من أيام الدنيا ..؟!
لقد انحنى التاريخ حقيقة عند مفترق الفلوجة ..؟!
فهل من مستثمر لهذا ..؟!