البصري
29-07-2005, 07:09 AM
لكي نتعلم ماذا ننقل ، وكيف ننقل المقالات والأخبار .. إليك هذا المقال المفتخر الذي نُشر في شبكة البصرة : ــ
هل حان الوقت لعلنية العمل المقاوم ؟
شبكة البصرة
د. ثائر دوري
أثبتت المقاومة العراقية خلال سنتين و نيف، هما عمر الاحتلال الأمريكي، أنها تمتلك قيادة عسكرية و سياسية محنكة، تسير وفق خطة مرسومة بدقة شديدة و عناية بالغة، مع إمكانية سريعة للمناورة لمجابهة الأوضاع المستجدة على الأرض، إن لم تكن ملحوظة في خططها الأصلية. و الأمثلة أكثر من أن تعد و أن تحصى ! لقد انطلقت المقاومة من تشخيص صحيح للوضع الإقليمي و الدولي ، فاختارت الشكل التنظيمي الأكثر ملائمة لمجابهة الوضع المشخص . فكان أول ما أدركته قيادة المقاومة أن الإقليم (( كما اعتادت المقاومة أن تصف دول الجوار و تركيا و ايران في بياناتها )) ساقطة عسكريا و سياسياً ، إما بشكل مباشر أو غير مباشر بيد الأمريكان ، و بالتالي لا يوجد إمكانية للاعتماد على أي طرف من الأطراف الإقليمية ،لا سياسياً و لا عسكرياً و لا إعلامياً ، كما أعلنت أنها غير معنية بمصالح أي نظام من أنظمة المنطقة ، و قد كررت بيانات المقاومة أكثر من مرة أنها غير مكترثة بتأزيم الإقليم أو بفك أزمته ، و هذا الأمر حررها من أية التزامات قد تؤخر أو تعرقل مهمة تحرير العراق ، لذلك فإن إيقاع عملياتها العسكرية و تحركاتها السياسة كان مضبوطاً على توقيت استراتيجي واحد لا غير ، هو توقيت تحرير العراق و هزيمة المشروع الأمريكي - الصهيوني ، دون أية اعتبارات سوقية آنية لهذا النظام أو ذاك ، مهما بدت مواقفه وطنية ،لأنه في المحصلة النهائية جزء من الاستباحة الأمريكية للمنطقة ، سواء كان ضحية لهذه الاستباحة أم متعاونا معها .
و كذلك الأمر بالنسبة للوضع الدولي ، الذي شخصته قيادة المقاومة بطريقة صحيحة دون أن تتسرب إليها أية أوهام ، قد تكون قاتلة عن طبيعة النظام الدولي . لقد أدركت قيادة المقاومة أن النظام الدولي مترابط بشكل عضوي ، و مصالح الأطراف المسيطرة عليه واحدة ، و هي إما منغمسة مع الأمريكان بالعدوان ، أو صامتة أبدت اعتراضها على العدوان في البداية ( فرنسا و ألمانيا و روسيا ) ، لكنها لا ترغب بهزيمة المشروع الأمريكي ، و إن تمنت له بعض التعثر كي يستعين بها على عثراته فتحصل على حصة من الوليمة النفطية العراقية !
لقد شخصت المقاومة بطريقة صحيحة وحدة أطراف النظام الدولي و عدائه للمقاومة ، لأن انتصارها و هزيمة المشروع الأمريكي سيكون كارثة على كل الغرب ، كما قال كيسنجر ،فلم تعول المقاومة على أوهام الدعم الدولي .
في الأيام الأولى لانطلاقة المقاومة العراقية ، بدا أنها كعصفور حبيس في قفص سرعان ما يصطاده القط الأمريكي ، فلا طرف إقليمي قادر على احتضانها ، ولا طرف دولي راغب بدعمها . و عندما كنا نتحدث عن احتمالاتها المستقبلية ، كان بعضهم يبدي تشاؤماً بقابليتها للحياة لأنه لا توجد قوة خارجية تدعمها بالمال و السلاح ،أو تؤمن لها مظلة إعلامية على الأقل ، و هذا وضع لم تعرفه أية حركة من حركات المقاومة عبر التاريخ . لقد اعتبر هؤلاء الأشخاص هذا الأمر نقطة ضعف قاتلة . أما نحن فقد اعتبرناه نقطة قوة لأن استمرار المقاومة ، و قد استمرت ، بدون دعم خارجي ، من النظام الرسمي العربي ، أو من دولة عظمى . يشير إلى أن العرب ارتقوا إلى مستوى إنتاج مقاومة ذاتية ، قادرة على مقارعة القوى العظمى ، و هذا الأمر يعد تطورا تاريخياً خطيراً غير مسبوق منذ مئات السنين . لقد ارتقى العرب إلى مستوى مقارعة القوى العظمى ، بل القوة العظمى الوحيدة في العالم ، بإمكانياتهم الذاتية ، و هذا يفتح تاريخ العرب على احتمالات إيجابية لا حدود لها ، أقلها أن يتحولوا إلى قوة دولية أساسية ، بعد أن يتوجوا مقاومتهم بانتصار ، يتلوه بناء نظام سياسي و اقتصادي يستجيب لتطلعاتهم .
اتخذت قيادة المقاومة ، بناء على المعطيات السابقة ، هشاشة الإقليم و المناخ الدولي المعادي ، التدابير التي تتناسب مع هذا الوضع ، فتبنت سياسة الاعتماد الكامل على الذات ،فتم تخزين الأسلحة ، و الأموال ، و التجهيزات العسكرية الأخرى ، بكميات كبيرة تكفي لحرب عصابات تستمر لعقد من الزمان ، أو أكثر ، و ذلك كي لا ترتهن المقاومة لأي مصدر تمويل . كما أن المقاومة تبنت السرية المطلقة في العمل العسكري و السياسي و التنظيمي ، فابتعدت عن وسائل الإعلام ، و لم تعين ناطقا علنياً باسمها ، و لم تعلن عن جناح سياسي ، لأنها كانت تدرك الهيمنة المطلقة للعدو و همجية المنطلقة من عقالها ، التي لم تعد تميز بين هدف مدني ، أو عسكري ، بين جناح سياسي ، أو جناح عسكري !
كانت التدابير السابقة سر استمرار المقاومة و نجاحها في إلحاق الخسائر الكبيرة بالعدو ، فتحولت بسرعة إلى أحد الأطراف الأساسية المقررة في الإقليم ، في حين أن دولاً كبيرة بجيوشها و مخابراتها و حكومتها و سفاراتها تذل يومياً من قبل الإدارة الأمريكية ، و لا يؤخذ رأيها بشؤون الإقليم !و لو أن قيادة المقاومة تصرفت بغير هذه الطريقة ، فاعتمدت على هذا النظام أو ذاك في الإقليم، لكانت أوراقها تباع و تشترى بالبازار ، و على أرصفة السياسة الدولية خدمة للمصالح الآنية الضيقة لهذا النظام أو ذاك ،و هذا أمر رأيناه يحدث من قبل مع حركات تحرر كثيرة ..كما أن السرية المطلقة ، التي اعتمدتها قيادة المقاومة ، فلم تعين ناطقاً رسمياً باسمها في الداخل العراقي ، أو في دول الجوار الإقليمي ، ولم تشكل جناحاً سياسياً علنياً في الداخل أو الخارج ، كما ذكرنا من قبل . هذه السرية أدرك الجميع ، فيما بعد ، أنها نقطة قوة بعدم حسبوها من نقاط الضعف . فقد أظهرت الأحداث اللاحقة أن المرحلة التي تمر بها المنطقة و العالم لم تعد تحتمل العمل العلني المقاوم للأمريكان ، لأن كلفته باهظة و يمنح العدو إمكانية تحقيق نصر سهل بوجود رأس سهل القطع لأنه مكشوف . و شاهدنا ما تعرضت له فصائل المقاومة الفلسطينية من خسائر في كوادرها القيادية بسبب علنيتها ، و هي أدركت هذه الحقيقة متأخرة بعض الشيء فنزلت قيادتها السياسية تحت الأرض ملتجئة إلى العمل السري !
إن وجود ناطق رسمي علني ، أو جناح سياسي علني ، أو حكومة في المنفى أو داخل العراق ، يشترط توافر أحد أمرين ، إما منطقة محررة بالكامل لا يقدر أن ينالها العدو لا جوا، و لا براً ، و هذا أمر لم يحصل حتى اليوم في ظل حرب العصابات التي تخوضها المقاومة ، و التي تمنحها سيطرة مطلقة على الأرض ، في حين أن العدو بتفوقه التكنولوجي ما زال يبسط سيطرته على الجو و يستطيع أن يدك أية منطقة ! أو يجب أن يتوافر مناخ إقليمي يستطيع أن يحتضن المقاومة العراقية و يكون عصياً على الضغوط الأمريكية ، و لا شبهة على وطنيته ، و يتبنى برنامج المقاومة العراقية . عندها يقدم المقر لناطق إعلامي أو لحكومة منفى ، لكن هذا غير متوفر الآن . لذلك لا يسعنا إلا أن نصاب بالدهشة، و نحن نسمع عن محاولات بعض الوطنيين تشكيل هياكل سياسية في المنفى ، من جبهة وطنية تضم المقاومة ، إلى إعداد دستور ، وصولاً إلى تشكيل حكومة منفى! فنسأل أنفسنا السؤال البديهي التالي : من هو الطرف المتحرر من هيمنة الولايات المتحدة القادر على احتضان هذه الخطوة ؟ و نسأل أيضاً : هل تغير شيء في الوضع الإقليمي ، أو الدولي ، كما شخصته المقاومة و بنت عليه استراتيجيتها ؟
بالطبع الجواب معروف ، فلم يتغير شيء حتى الآن ، بل إن الإقليم زاد ارتهانه للأمريكان ، و الوضع الدولي على حاله ، ينوء بين أمنيات بتعثر الأمريكان و رغبة أكيدة بعدم هزيمتهم . و في هذه الظروف لن يجرأ أي طرف إقليمي أو دولي على احتضان هيئات تمثيلية ، أو سياسية عراقية بدون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية ، و بالتالي سيكون تشكيل هكذا هيئات ضمن البدائل التي تحاول الولايات المتحدة توفيرها للخروج من ورطتها في العراق مع الحفاظ على مصالحها الإستراتيجية ، و التي لا يستقيم أي تحرير حقيقي للعراق مع تحقيقها .
إن الوقت لم يحن بعد لإطلاق هيئات سياسية علنية تمثل المقاومة ، و بهذا الخصوص للسومريين حكمة خالدة ، تقول :
(( الأمور بأوقاتها )) .
لكن الإنسان خلق عجولا
الخميس 22 جمادى الآخر 1426 / 28 تموز 2005
شبكة البصرة
الاحد 11 جمادى الآخر 1426 / 17 تموز 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
هل حان الوقت لعلنية العمل المقاوم ؟
شبكة البصرة
د. ثائر دوري
أثبتت المقاومة العراقية خلال سنتين و نيف، هما عمر الاحتلال الأمريكي، أنها تمتلك قيادة عسكرية و سياسية محنكة، تسير وفق خطة مرسومة بدقة شديدة و عناية بالغة، مع إمكانية سريعة للمناورة لمجابهة الأوضاع المستجدة على الأرض، إن لم تكن ملحوظة في خططها الأصلية. و الأمثلة أكثر من أن تعد و أن تحصى ! لقد انطلقت المقاومة من تشخيص صحيح للوضع الإقليمي و الدولي ، فاختارت الشكل التنظيمي الأكثر ملائمة لمجابهة الوضع المشخص . فكان أول ما أدركته قيادة المقاومة أن الإقليم (( كما اعتادت المقاومة أن تصف دول الجوار و تركيا و ايران في بياناتها )) ساقطة عسكريا و سياسياً ، إما بشكل مباشر أو غير مباشر بيد الأمريكان ، و بالتالي لا يوجد إمكانية للاعتماد على أي طرف من الأطراف الإقليمية ،لا سياسياً و لا عسكرياً و لا إعلامياً ، كما أعلنت أنها غير معنية بمصالح أي نظام من أنظمة المنطقة ، و قد كررت بيانات المقاومة أكثر من مرة أنها غير مكترثة بتأزيم الإقليم أو بفك أزمته ، و هذا الأمر حررها من أية التزامات قد تؤخر أو تعرقل مهمة تحرير العراق ، لذلك فإن إيقاع عملياتها العسكرية و تحركاتها السياسة كان مضبوطاً على توقيت استراتيجي واحد لا غير ، هو توقيت تحرير العراق و هزيمة المشروع الأمريكي - الصهيوني ، دون أية اعتبارات سوقية آنية لهذا النظام أو ذاك ، مهما بدت مواقفه وطنية ،لأنه في المحصلة النهائية جزء من الاستباحة الأمريكية للمنطقة ، سواء كان ضحية لهذه الاستباحة أم متعاونا معها .
و كذلك الأمر بالنسبة للوضع الدولي ، الذي شخصته قيادة المقاومة بطريقة صحيحة دون أن تتسرب إليها أية أوهام ، قد تكون قاتلة عن طبيعة النظام الدولي . لقد أدركت قيادة المقاومة أن النظام الدولي مترابط بشكل عضوي ، و مصالح الأطراف المسيطرة عليه واحدة ، و هي إما منغمسة مع الأمريكان بالعدوان ، أو صامتة أبدت اعتراضها على العدوان في البداية ( فرنسا و ألمانيا و روسيا ) ، لكنها لا ترغب بهزيمة المشروع الأمريكي ، و إن تمنت له بعض التعثر كي يستعين بها على عثراته فتحصل على حصة من الوليمة النفطية العراقية !
لقد شخصت المقاومة بطريقة صحيحة وحدة أطراف النظام الدولي و عدائه للمقاومة ، لأن انتصارها و هزيمة المشروع الأمريكي سيكون كارثة على كل الغرب ، كما قال كيسنجر ،فلم تعول المقاومة على أوهام الدعم الدولي .
في الأيام الأولى لانطلاقة المقاومة العراقية ، بدا أنها كعصفور حبيس في قفص سرعان ما يصطاده القط الأمريكي ، فلا طرف إقليمي قادر على احتضانها ، ولا طرف دولي راغب بدعمها . و عندما كنا نتحدث عن احتمالاتها المستقبلية ، كان بعضهم يبدي تشاؤماً بقابليتها للحياة لأنه لا توجد قوة خارجية تدعمها بالمال و السلاح ،أو تؤمن لها مظلة إعلامية على الأقل ، و هذا وضع لم تعرفه أية حركة من حركات المقاومة عبر التاريخ . لقد اعتبر هؤلاء الأشخاص هذا الأمر نقطة ضعف قاتلة . أما نحن فقد اعتبرناه نقطة قوة لأن استمرار المقاومة ، و قد استمرت ، بدون دعم خارجي ، من النظام الرسمي العربي ، أو من دولة عظمى . يشير إلى أن العرب ارتقوا إلى مستوى إنتاج مقاومة ذاتية ، قادرة على مقارعة القوى العظمى ، و هذا الأمر يعد تطورا تاريخياً خطيراً غير مسبوق منذ مئات السنين . لقد ارتقى العرب إلى مستوى مقارعة القوى العظمى ، بل القوة العظمى الوحيدة في العالم ، بإمكانياتهم الذاتية ، و هذا يفتح تاريخ العرب على احتمالات إيجابية لا حدود لها ، أقلها أن يتحولوا إلى قوة دولية أساسية ، بعد أن يتوجوا مقاومتهم بانتصار ، يتلوه بناء نظام سياسي و اقتصادي يستجيب لتطلعاتهم .
اتخذت قيادة المقاومة ، بناء على المعطيات السابقة ، هشاشة الإقليم و المناخ الدولي المعادي ، التدابير التي تتناسب مع هذا الوضع ، فتبنت سياسة الاعتماد الكامل على الذات ،فتم تخزين الأسلحة ، و الأموال ، و التجهيزات العسكرية الأخرى ، بكميات كبيرة تكفي لحرب عصابات تستمر لعقد من الزمان ، أو أكثر ، و ذلك كي لا ترتهن المقاومة لأي مصدر تمويل . كما أن المقاومة تبنت السرية المطلقة في العمل العسكري و السياسي و التنظيمي ، فابتعدت عن وسائل الإعلام ، و لم تعين ناطقا علنياً باسمها ، و لم تعلن عن جناح سياسي ، لأنها كانت تدرك الهيمنة المطلقة للعدو و همجية المنطلقة من عقالها ، التي لم تعد تميز بين هدف مدني ، أو عسكري ، بين جناح سياسي ، أو جناح عسكري !
كانت التدابير السابقة سر استمرار المقاومة و نجاحها في إلحاق الخسائر الكبيرة بالعدو ، فتحولت بسرعة إلى أحد الأطراف الأساسية المقررة في الإقليم ، في حين أن دولاً كبيرة بجيوشها و مخابراتها و حكومتها و سفاراتها تذل يومياً من قبل الإدارة الأمريكية ، و لا يؤخذ رأيها بشؤون الإقليم !و لو أن قيادة المقاومة تصرفت بغير هذه الطريقة ، فاعتمدت على هذا النظام أو ذاك في الإقليم، لكانت أوراقها تباع و تشترى بالبازار ، و على أرصفة السياسة الدولية خدمة للمصالح الآنية الضيقة لهذا النظام أو ذاك ،و هذا أمر رأيناه يحدث من قبل مع حركات تحرر كثيرة ..كما أن السرية المطلقة ، التي اعتمدتها قيادة المقاومة ، فلم تعين ناطقاً رسمياً باسمها في الداخل العراقي ، أو في دول الجوار الإقليمي ، ولم تشكل جناحاً سياسياً علنياً في الداخل أو الخارج ، كما ذكرنا من قبل . هذه السرية أدرك الجميع ، فيما بعد ، أنها نقطة قوة بعدم حسبوها من نقاط الضعف . فقد أظهرت الأحداث اللاحقة أن المرحلة التي تمر بها المنطقة و العالم لم تعد تحتمل العمل العلني المقاوم للأمريكان ، لأن كلفته باهظة و يمنح العدو إمكانية تحقيق نصر سهل بوجود رأس سهل القطع لأنه مكشوف . و شاهدنا ما تعرضت له فصائل المقاومة الفلسطينية من خسائر في كوادرها القيادية بسبب علنيتها ، و هي أدركت هذه الحقيقة متأخرة بعض الشيء فنزلت قيادتها السياسية تحت الأرض ملتجئة إلى العمل السري !
إن وجود ناطق رسمي علني ، أو جناح سياسي علني ، أو حكومة في المنفى أو داخل العراق ، يشترط توافر أحد أمرين ، إما منطقة محررة بالكامل لا يقدر أن ينالها العدو لا جوا، و لا براً ، و هذا أمر لم يحصل حتى اليوم في ظل حرب العصابات التي تخوضها المقاومة ، و التي تمنحها سيطرة مطلقة على الأرض ، في حين أن العدو بتفوقه التكنولوجي ما زال يبسط سيطرته على الجو و يستطيع أن يدك أية منطقة ! أو يجب أن يتوافر مناخ إقليمي يستطيع أن يحتضن المقاومة العراقية و يكون عصياً على الضغوط الأمريكية ، و لا شبهة على وطنيته ، و يتبنى برنامج المقاومة العراقية . عندها يقدم المقر لناطق إعلامي أو لحكومة منفى ، لكن هذا غير متوفر الآن . لذلك لا يسعنا إلا أن نصاب بالدهشة، و نحن نسمع عن محاولات بعض الوطنيين تشكيل هياكل سياسية في المنفى ، من جبهة وطنية تضم المقاومة ، إلى إعداد دستور ، وصولاً إلى تشكيل حكومة منفى! فنسأل أنفسنا السؤال البديهي التالي : من هو الطرف المتحرر من هيمنة الولايات المتحدة القادر على احتضان هذه الخطوة ؟ و نسأل أيضاً : هل تغير شيء في الوضع الإقليمي ، أو الدولي ، كما شخصته المقاومة و بنت عليه استراتيجيتها ؟
بالطبع الجواب معروف ، فلم يتغير شيء حتى الآن ، بل إن الإقليم زاد ارتهانه للأمريكان ، و الوضع الدولي على حاله ، ينوء بين أمنيات بتعثر الأمريكان و رغبة أكيدة بعدم هزيمتهم . و في هذه الظروف لن يجرأ أي طرف إقليمي أو دولي على احتضان هيئات تمثيلية ، أو سياسية عراقية بدون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية ، و بالتالي سيكون تشكيل هكذا هيئات ضمن البدائل التي تحاول الولايات المتحدة توفيرها للخروج من ورطتها في العراق مع الحفاظ على مصالحها الإستراتيجية ، و التي لا يستقيم أي تحرير حقيقي للعراق مع تحقيقها .
إن الوقت لم يحن بعد لإطلاق هيئات سياسية علنية تمثل المقاومة ، و بهذا الخصوص للسومريين حكمة خالدة ، تقول :
(( الأمور بأوقاتها )) .
لكن الإنسان خلق عجولا
الخميس 22 جمادى الآخر 1426 / 28 تموز 2005
شبكة البصرة
الاحد 11 جمادى الآخر 1426 / 17 تموز 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس