almansor313
21-07-2005, 09:55 AM
د. إبراهيم علوش
http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/AlTaboonAlFalasteenee.htm
ها هم العراقيون يشمون رائحة اقتراب النصر بعد تزايد خسائر المحتلين وأعوانهم إلى ضفاف النقطة الحرجة بعد سنتين ونيف فقط من عدوان القوة الأعظم في العالم عليهم. لم يضيع العراقيون وقتهم بلعب دور الضحية، حرصاً على استدرار عطف "الرأي العام العالمي" مثلاً، ولم يشلوا فعالياتهم الميدانية، خوفاً "من أن يستغلها العدو إعلامياً" ضدنا.. ضدنا.. ضدنا، كما تهتف جماعة السلطة الفلسطينية، ولم يتساهلوا مع كل من تسول نفسه أن يضع يده بيد المحتل، حفاظاً على "الوحدة الداخلية" مع العملاء.
العراقيون اليوم أقرب للنصر وللتحرير لأنهم رسموا خطوطاً حمراء بالدم يعرف كل من يتجاوزها أن المقاومة ستستهدفه،لأنهم باختصار لم يسمحوا بانتشار الميوعة السياسية وحالة اختلاط الأوراق التي تسود الساحة الفلسطينية. فنقيض الاحتلال هو التحرير ( لا "إعادة تكوين الدولة العراقية" مثلاً), والتحرير يكون بتصعيد العمل المسلح تحت عنوان برنامج سياسي من نقطة واحدة: ارحل.
لهذا، المقاومة العراقية أقرب اليوم لفرض الانسحاب غير المشروط على المحتلين بعد عامين فحسب، من المقاومة الفلسطينية بعد عقود من النضال الحقيقي ولكن المبددة ثماره. فالأوطان لا تحرر بعملية عسكرية استشهادية أو غير استشهادية مرة كل بضعة أشهر نظل نتغنى بها سنوات، بل بعملياتٍ لا يقل عددها عن عدد الركعات في الصلاة: اثنتان بعيد الفجر، وثلاث بعد المغرب، وأربع مع كل من الظهر والعصر والعشاء. وعندما نصعد العمل الميداني بهذا الشكل دون استعداد لمجرد التعاطي مع مشاريع الحلول التصفوية، يمكن أن ينشأ أمل واقعي بانسحاب العدو دون قيد أو شرط.
ورب معترضٍ أن العراق أضعاف فلسطين مساحةً وسكاناً وطاقات... ولكن أمريكا أيضاً أضعاف الكيان الصهيوني مساحةً وسكاناً وطاقات. لذا، لا تكمن المشكلة بحجم العراق مقابل حجم فلسطين، ولا بوجود عملاء في فلسطين فهم كثرةٌ في العراق أيضاً، ولا بقلة استعداد الشعب العربي الفلسطيني للتضحية، فقد قدم نماذج في التضحية والفداء والمعاناة على مدى أكثر من قرن يعز نظيرها.
بل تكمن المشكلة تاريخياً في العقلية التي تحكم المقاومة الفلسطينية مقابل العقلية التي تحكم المقاومة العراقية، بالتحديد بالخط السياسي وبالقيادة التي تحكمت بالعقل السياسي الفلسطيني منذ بدء الغزو الصهيوني. وفي ما عدا بعض الاستثناءات مثل عز الدين القسام في ثورة ال36 وبعض الكوادر والقيادات الميدانية في الثورة الفلسطينية المعاصرة من الخارج للداخل، لقد كنا عامة أميل للميوعة باسم التكتيك، وللتساهل مع السلوكيات الخيانية باسم وحدة الصف، وللحرص على مشاعر الرأي العام المعادي أكثر من حرصنا على مصالحنا المشروعة وحقوقنا التاريخية. فماذا لو تعاطفوا معنا مرة؟ سيظل العالم يدوس على الضعفاء...
العفو عن المعتدين على الأمة عند العجز ليس فضيلة. وعلى كل حال، أين أوصلتنا هذه العقلية إلا لتبديد التضحيات الغزيرة التي يقدمها شعبنا؟ نلاحظ دون كبير عناء أن المقاوم في العراق كان يمتلك قيادةً ونهجاً سياسياً مقاومين . أما المقاوم الفلسطيني، فيحارب على جبهتين، ويكبله ويبدد تضحياته نهجٌ سياسيٌ يقف على وهم الحلول التسووية. وبدون مزايدة على أحد، حتى القوى المناهضة للتسوية يكبلها تساهلها مع النهج التفريطي للسلطة الفلسطينية وقيادة م.ت.ف.
حتى الجاهل سياسياً يدرك أن الانسحاب الصهيوني من غزة ليس مقدمة للدولة الفلسطينية المزعومة. فالجدار يشيد، والأراضي تصادر، والمشروع الصهيوني لا تتوقف دورته. والعدو الصهيوني لم ينسحب من غزة إلا مجبراً. فلماذا نوافق على تهدئة لم يلتزم الكيان الصهيوني بأبسط شروطها؟ والأسرى لم يفرج عنهم، والاعتقالات لم تتوقف، والتصفيات على قدمٍ وساق، والعالم يتفرج؟
ثمة عبء ثقيل على كاهل المقاوم الفلسطيني اسمه النهج التسووي والقيادات المفرطة. ولذلك، لن نحقق شيئاً من مشروع التحرير دون التخلص من كليهما. وكل من يقف بين المقاومة وبين العدو يجب أن يعامل كالعدو. فالطابون الفلسطيني يحتاج للكثير من حرارة المقاومة العراقية.
http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/AlTaboonAlFalasteenee.htm
ها هم العراقيون يشمون رائحة اقتراب النصر بعد تزايد خسائر المحتلين وأعوانهم إلى ضفاف النقطة الحرجة بعد سنتين ونيف فقط من عدوان القوة الأعظم في العالم عليهم. لم يضيع العراقيون وقتهم بلعب دور الضحية، حرصاً على استدرار عطف "الرأي العام العالمي" مثلاً، ولم يشلوا فعالياتهم الميدانية، خوفاً "من أن يستغلها العدو إعلامياً" ضدنا.. ضدنا.. ضدنا، كما تهتف جماعة السلطة الفلسطينية، ولم يتساهلوا مع كل من تسول نفسه أن يضع يده بيد المحتل، حفاظاً على "الوحدة الداخلية" مع العملاء.
العراقيون اليوم أقرب للنصر وللتحرير لأنهم رسموا خطوطاً حمراء بالدم يعرف كل من يتجاوزها أن المقاومة ستستهدفه،لأنهم باختصار لم يسمحوا بانتشار الميوعة السياسية وحالة اختلاط الأوراق التي تسود الساحة الفلسطينية. فنقيض الاحتلال هو التحرير ( لا "إعادة تكوين الدولة العراقية" مثلاً), والتحرير يكون بتصعيد العمل المسلح تحت عنوان برنامج سياسي من نقطة واحدة: ارحل.
لهذا، المقاومة العراقية أقرب اليوم لفرض الانسحاب غير المشروط على المحتلين بعد عامين فحسب، من المقاومة الفلسطينية بعد عقود من النضال الحقيقي ولكن المبددة ثماره. فالأوطان لا تحرر بعملية عسكرية استشهادية أو غير استشهادية مرة كل بضعة أشهر نظل نتغنى بها سنوات، بل بعملياتٍ لا يقل عددها عن عدد الركعات في الصلاة: اثنتان بعيد الفجر، وثلاث بعد المغرب، وأربع مع كل من الظهر والعصر والعشاء. وعندما نصعد العمل الميداني بهذا الشكل دون استعداد لمجرد التعاطي مع مشاريع الحلول التصفوية، يمكن أن ينشأ أمل واقعي بانسحاب العدو دون قيد أو شرط.
ورب معترضٍ أن العراق أضعاف فلسطين مساحةً وسكاناً وطاقات... ولكن أمريكا أيضاً أضعاف الكيان الصهيوني مساحةً وسكاناً وطاقات. لذا، لا تكمن المشكلة بحجم العراق مقابل حجم فلسطين، ولا بوجود عملاء في فلسطين فهم كثرةٌ في العراق أيضاً، ولا بقلة استعداد الشعب العربي الفلسطيني للتضحية، فقد قدم نماذج في التضحية والفداء والمعاناة على مدى أكثر من قرن يعز نظيرها.
بل تكمن المشكلة تاريخياً في العقلية التي تحكم المقاومة الفلسطينية مقابل العقلية التي تحكم المقاومة العراقية، بالتحديد بالخط السياسي وبالقيادة التي تحكمت بالعقل السياسي الفلسطيني منذ بدء الغزو الصهيوني. وفي ما عدا بعض الاستثناءات مثل عز الدين القسام في ثورة ال36 وبعض الكوادر والقيادات الميدانية في الثورة الفلسطينية المعاصرة من الخارج للداخل، لقد كنا عامة أميل للميوعة باسم التكتيك، وللتساهل مع السلوكيات الخيانية باسم وحدة الصف، وللحرص على مشاعر الرأي العام المعادي أكثر من حرصنا على مصالحنا المشروعة وحقوقنا التاريخية. فماذا لو تعاطفوا معنا مرة؟ سيظل العالم يدوس على الضعفاء...
العفو عن المعتدين على الأمة عند العجز ليس فضيلة. وعلى كل حال، أين أوصلتنا هذه العقلية إلا لتبديد التضحيات الغزيرة التي يقدمها شعبنا؟ نلاحظ دون كبير عناء أن المقاوم في العراق كان يمتلك قيادةً ونهجاً سياسياً مقاومين . أما المقاوم الفلسطيني، فيحارب على جبهتين، ويكبله ويبدد تضحياته نهجٌ سياسيٌ يقف على وهم الحلول التسووية. وبدون مزايدة على أحد، حتى القوى المناهضة للتسوية يكبلها تساهلها مع النهج التفريطي للسلطة الفلسطينية وقيادة م.ت.ف.
حتى الجاهل سياسياً يدرك أن الانسحاب الصهيوني من غزة ليس مقدمة للدولة الفلسطينية المزعومة. فالجدار يشيد، والأراضي تصادر، والمشروع الصهيوني لا تتوقف دورته. والعدو الصهيوني لم ينسحب من غزة إلا مجبراً. فلماذا نوافق على تهدئة لم يلتزم الكيان الصهيوني بأبسط شروطها؟ والأسرى لم يفرج عنهم، والاعتقالات لم تتوقف، والتصفيات على قدمٍ وساق، والعالم يتفرج؟
ثمة عبء ثقيل على كاهل المقاوم الفلسطيني اسمه النهج التسووي والقيادات المفرطة. ولذلك، لن نحقق شيئاً من مشروع التحرير دون التخلص من كليهما. وكل من يقف بين المقاومة وبين العدو يجب أن يعامل كالعدو. فالطابون الفلسطيني يحتاج للكثير من حرارة المقاومة العراقية.