المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور المرأة العراقية في مرحلة الجهاد والمقاومة



الفرقاني
20-07-2005, 05:42 PM
دور المرأة العراقية في مرحلة الجهاد والمقاومة



كان للدور المشرف الذي اضطلعت به المرأة في الحرب العراقية الايرانية اثرا كبيرا ومهما في النتيجة التي افضت اليها هذه الحرب بانتصار الجيش العراقي آنذاك. ولعل مساندتها للرجل وشغلها للكثير من ادواره التي عانت فراغا بسبب غيابه عنها وذهابه الى جبهات القتال آنذاك ، تدل على كفاءتها اذا ما اخذنا بعين الاعتبار المخرجات التي خلصت اليها عمليات الاداء لتلك الادوار . ورغم كثرة هذه المخرجات وصعوبه حصرها الا اننا لانجد ضيرا في الاشارة الى بعضها . ولعلنا نجد في الخلفية الاكاديمية والخلقية التي زرعتها في شخصية الجيل الثمانيني خير مثال على ذلك . وهو الامر الذي يمكن قياسه بارتفاع المستوى الدراسي ونسب النجاح ثم زيادة الاقبال على التدين بين ابناء وبنات هذا الجيل . وقد ينظر الكثيرون الى هذا الامر بتبسيط كبير، الا اننا نؤكد ان اهميته تكمن في قدرة المرأة العراقية آنذاك على اجتياز مرحلة (صراع الادوار) التي تعرضت اليها بسبب شغلها لادوار الرجل الغائب بالاضافة الى ادوارها الاساسية ، بنجاح يشار اليه بالبنان وفي قدرتها على التوفيق بين متطلبات الادوار جميعا دون ان تصاب اي مؤسسة بأخفاق الاداء ، ابتد
اءا من مؤسسة الاسرة وانتهاءا بالمؤسسات الحكومية .
اما دورها في مرحلة الحصار الظالم الذي تعرض اليه المجتمع العراقي ، فقد تجلت ابهى صوره في امكانيتها على التدبير الذي زادها تميزا على تميز وقدرة اكبر على التكيف في الظروف الصعبة وتقلبات الحياة الشاقة . فرغم المستوى الاقتصادي الجيد الذي عاشت ونشأت المرأة العراقية في ظله في المراحل التي سبقت الحصار ، الا ان قدرتها على اجتياز المصاعب وتكيفها مع الواقع المرير الجديد بكل مفرداته عليها جعلتها تكشف عن سمة قد لم تكن معروفة للبعض في شخصيتها ، وهي رضاها بالقليل وقناعتها بما يقسمه الله تعالى لها دون ان يضعف ذلك من طموحها للوصول نحو الافضل بالسبل المشروعة . فتنازت الفتيات عما تمتعت به اسلافهن في نفقات الزواج ومتطلباته ، ورضت الزوجات بما يجود به المرتب المتواضع للزوج ، بل وراحت تبدع في التدبير والاقتصاد و ابتكار العديد من الوسائل المشروعة لتدر دخلا اضافيا لاسرتها من ناحية ، ولتخفف ما تستطيعه من الاعباء عن زوجها من الناحية الاخرى . وأجد من الاهمية ان اشير هنا الى ان ثنائية القناعة والطموح هذه قد انفردت بها شخصية المرأة العراقية ، وهو ما اكدته نتائج بعض الدراسات الاجتماعية التي تناولت (اسباب انتشار ظاهرة العنوسة) في الوطن العربي .
الا اننا نرى ان دور المرأة العراقية اليوم في مرحلة الجهاد والمقاومة ، لازال يكتنفه شئ من الغموض و الضبابية ، التي قد يعود سببها الى حداثة هذه المرحلة بعض الشئ ، او الى ازدياد الاعباء والضغوطات التي تواجهها في ظل الاوضاع الراهنة و الذي يشكل انهيار الوضع الامني اهمها وليس آخرها . ومهما كانت الاسباب فلا بد للمرأة العراقية ان تعتلي على كل هذه المعوقات كما دأبت دوما ، وان تعيد لشخصيتها سمات التحدي والشجاعة والعبور فوق الجراحات ، التي عرفت بها ، تاركة بصماتها ايضا على هذه المرحلة المصيرية التي يمر بها العراق ... ويجدر بنا ان نشير هنا الى اننا نستثني من هذا الحديث ، خيرة نساء العراق على الاطلاق ، اللائي انجبتهن ارض الفلوجة ومثيلاتهن في الانبار كلها وباقي مدن الجهاد والرباط واللائي علمننا من دروس الصبر والثبات ما لم نتلقاه الا في سير الصحبيات.
اما عن جوانب مشاركة المرأة في التصدي لاخطار هذه المرحلة ، فهي كثيرة جدا وتزداد الحاجة اليها مع طول وقت المواجهة ، ومع ازدياد اقبال قوى الشرعلى التحالف والمتمثلة بالاحتلال واعوانه والمروجين اليه ، امام قوى الخير والايمان التي تمثلها جبهات الجهاد والمقاومة في عراقنا اليوم . وعموما فاننا سنشير الى بعض الجوانب الروحية والمادية التي نرى فيها اساسا مهما لبناء النفس المؤمنة القوية الجديرة بمواجهة اعباء هذه المرحلة . اذ تجد الكاتية ان الوصول للمعنويات العالية ، ووضوح الرؤى التي تشكل الركائز الاساسية التي يبنى عليها انتصار السلاح ، هي بأيقاد روح الايمان والثقة بالله تعالى .. علما ان اية امرأة يمكنها ابتكار وسائل اخرى للمشاركة و بحسبما تفرضه متطلبات الاوضاع الميدانية ، متأسية برجال المقاومة العراقية الذين تميزوا بأبداعهم الذي ادهشوا به العدو والصديق على السواء . .. ومن هذه الجوانب :
1) الاقلاع عن الاثام والخطايا ، والعودة الصادقة الى الله تعالى . حيث ان غضب الله تعالى وعقابه تنزله آثام العباد ، وترفعه توبتهم .
2) الاكثار من الدعاء للمجاهدين والمقاومين في العراق بصدق واخلاص ، وتحري اوقات الاجابة ، كالدعاء في السجود والقنوت وفي الثلث الاخير من الليل وساعة الجمعة وغيرها ، وقد قال رسولنا الكريم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك \" انما ينصر الله هذه الامة بضعيفها ، بدعوتهم ، وصلاتهم ، واخلاصهم \".
3) دعم المجاهدين بالمال والذهب وكل ما يحتاجه المقاوم من الماديات. فعن رسولنا الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم انه قال :\" من اظل رأس غاز ، اظله الله يوم القيامة ، ومن جهز غازيا حتى يستقل كان له مثل اجره حتى يموت\" .
4) معاضدة اهل المجاهدين وكفالة اولادهم ونسائهم ومحاولة سد النقص الذي يحدثه غياب الرجل عنهم ، مجاهدا كان ام اسيرا ام شهيدا ، فهو جهاد ايضا ، حيث قال نبينا الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم : \" من جهز غازيا او خلفه في اهله بخير فأنه معنا \" (سند احمد) .
5) زرع الايمان الصادق واليقين بنصر الله تعالى في نفوس الاطفال وتنشئتهم على حب الجهاد والشجاعة .
6) توعية النساء الاخريات اللائي شغلتهن امور الحياة ، باهمية دورهن في هذه المرحلة ، واستغلال الجلسات النسائية بتداول اطراف احاديث مهمة كهذه بدل ترهات المواضيع التي تشهدها تلك المجالس ، وحبذا لو اسندت تلك الاحاديث بكتب واشرطة لعلماء الاسلام المعروفين ببلاغة الحديث وقدرة التأثير ، تدعيما للأمر .
7) جهاد كل ذات علم بعلمها والمقاومة به . فالطبيبة والممرضة تجاهد بما تعلمته لتسد الفراغ الكبير الذي تعاني منه المستشفيات في المناطق التي ابى اهلها ان يركعوا لغير الله وفي مقدمتها محافظة الانبار . .. كما تجاهد الكاتبة والاعلامية برفد المواقع والمنابر الاعلامية الشريفة بكتابات تكشف حقيقة ما يجري على ارض العراق وتعمل على فضح جل الانتهاكات والاكاذيب التي تروج لها قوى الشر حيث قال رسولنا الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم في صحيح البخاري \" جاهدوا المشركين باموالكم وانفسكم والسنتكم \" . كذلك تجاهد المعلمات في تعليم الاطفال الذين شردتهم الايادي الاثيمة عن مدنهم ومدارسهم لا لشئ الا لان آبائهم لم يفرطوا في دينهم وارضهم .وقد قال عليه الصلاة والسلام ايضا \" ان مثل علم لاينفع كمثل كنز لاينفق في سبيل الله \" ( صحيح البخاري ومسلم ) .
8) التخلص من الآفات الاربعة التي تحجم الانسان وتخرجه من انسانيته اذا ما ادمنها. واول هذه الآفات هي ، جهل المرأة بامور دينها ، لذا وجب عليها التفقه في القرآن الكريم وصحاح الاحاديث لرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ، فانها ايسر واضمن السبل وابعدها عن الضلالة والتضليل . اما الآفة الثانية فهي البخل والشح في الانفاق والخوف من الفقر والفاقة رغم وعد الله تعالى ورسوله الكريم بان ما ينفقه المسلم سيخلف له اضعافه في الدنيا كما في الآخرة . والآفة الثالثة فهي الجبن والخوف من الموت او الاعتقال ، رغم ان الموت يلاحق حتى من هم بالمدرعات المحصنة اذا ما وقع امر الله تعالى عليهم ، ورغم ان الاعتقال والتعذيب لم يستثن من منعهم خوفهم من المشاركة في الجهاد والمقاومة . .. في حين تكمن الآفة الرابعة في الشعور بالاحباط الذي يثبط الهمة وعدم اليقين بنصر الله تعالى رغم وعده عزوجل لعباده بالنصر اذا ما ثبتوا ورابطوا واخذوا باسباب النصر ، ورغم كل المبشرات المنبثقة من صرخات العدو التي لم يستطع كظمها والتي تفائل بها غير العراقيين فكيف باهل العراق الشرفاء !! . . لذا كان حريّا بالمرأة العراقية ان تتجاوز م
ثل هذه الكبوات وتعين اخواتها على تجاوزها ، وان تسعى في ذات الوقت لاعداد النشئ الجديد معافا منها .

ولابد لنا من التأكيد اخيرا ، على أن الاستمرار في الاعمال الصالحة والصبر عليها وعدم الاستعجال بالدعاء ، لهي انجع السبل للوصول الى المبتغى ، اذ ان خير الاعمال ادومها .

كتبته لوكالة حق اسماء بكري
داعية واخصائية اجتماعية