خطاب
17-07-2005, 06:00 AM
اقرأ ما قاله ليث العراق–نصره الله- في عام 1981
شبكة البصرة
د. صباح محمد سعيد الراوي
في البحث الذي زلت اعمل عليه الى الان (الدور الدنيء لال الصباح (مغتصبي قصبة كاظمة) في المؤامرة على العراق بدءا من عام 1990، كنت قد استشهدت في الفصل الاول من الجزء الثالث منه بجملة قالها الرئيس صدام حسين حين تحدث الى مجلة عربية اسمها المستقبل كانت تصدر في باريس وتوقفت عن الصدور في عام 1988. في الاجازة التي كنت فيها، استطعت (بعد بحث مضني في مكتبتي) ايجاد العدد الذي يحوي حديث ليث العراق الاسير – فك الله اسره – وها انا اورده الان حرفيا كما نقلته من المجلة.
وقبل أن اترك القاريء العربي مع حديث القائد المجاهد اقول، اننا نحن المتهمين بأننا صداميون او كما يحلو لبعض الخونة الانذال ان يقول اننا افراخ او ايتام صدام حسين، لنا الشرف كل الشرف ان يكون قدوتنا السياسية والجهادية في هذا العصر، سواء بالكلمة او البندقية قائد فريد من نوعه مثل صدام ، ولعل الكلمات الواردة في ثنايا هذا الحديث تظهر ان هذا الانسان كانت لديه نظرة استراتيجية قلما توجد لدى قرين من اقرانه في ايامنا هذه، انما كان تعلقنا بقيادة الرئيس صدام – فك الله اسره – لم يكن تعلقا عبثيا او غوغائيا، فالرجل كان يدرك كل كلمة يقولها، وكان يعرف مدلول كل جملة يقولها ايضا، لم يكن صدام حسين يتحدث من فراغ او عن جهل، انما كان حديثه حديث رجل قاريء جيد للتاريخ ورابط ممتاز بين الماضي والحاضر مستشفا ما سيحدث في المستقبل من واقع فهمه للماضي وادراكه لمقولة ان التاريخ يعيد نفسه.
أتمنى من القاريء العربي ان يتمعن جيدا في الكلام الوارد في حديث الليث ا – – وان يمعن في الكلمات الملونة الواردة في الاطار، وقد لونتها باللون الوردي، وليحكم كل قاريء من منطلق حيادي، اليس ما قاله صدام هو ما يحصل في ايامنا هذه الان ؟ لقد قال صدام تلك الكلمات في شهر (6) من عام 1981، اي قبل 24 عاما بالتمام والكمال ونحن اليوم في شهر 7 من عام 2005، الم تكن تلك النظرة ثاقبة وصحيحة ام لا ؟
ارجو من القراء الكرام الحكم بكل مصداقية وشفافية، ونترك القاريء العربي مع حديث صدام وقد نقلته حرفيا كما هو، علما بأن غلاف المجلة كانت عليه صورة الرئيس صدام وعلى رأسه الشماغ الاحمر على الطريقة الكردية.
كذلك ارجو أنبه الى أمر هام وهو بأن هناك بعض الجمل الهامة جدا التي وردت في حديث الليث – ارتأيت ان الونها باللون الاحمر وغيره نظرا لاهميتها وكي يلتفت نظر القاريء الكريم اليها.
العدد رقم 231 تاريخ 25/7/1981
صدام حسين للمستقبل:
لو كنا مكان العرب عندما وقعت الغارة لفعلنا أكثر مما فعلوا ....... كنا نتمنى أن لا تقع الحرب مع ايران.... سنتشاور مع العرب حول علاقاتنا مع فرنسا
بقلم فؤاد مطر
لابد لهذا الحديث من مقدمة قصيرة.....
والسبب، أن ما سيرد فيها لم يكن ضمن الحديث مع الرئيس صدام حسين، وإنما نتيجة لقاءات عديدة مع مسؤولين وقياديين في العاصمة العراقية. والمقدمة القصيرة تتلخص في ملاحظتين:
الملاحظة الأولى: إذا لم يحدث بعد 24 تموز/ يوليو 1981 حسم للوضع الداخلي في ايران وتقوم سلطة قادرة على اتخاذ القرار، فإن العراق قد يرفع من حدة المواجهة العسكرية. وتجدر الإشارة إلى انه يفترض أن يتم في 24 تموز/ يوليو انتخاب رئيس الجمهورية في ايران يخلف الرئيس ابوالحسن بني صدر أو يقدم جماعة بني صدر على خطوات لمصلحة الرئيس الغائب.
الملاحظة الثانية: أن خطط العراق الموضوعية بدءا من مشاريع الطرقات وانتهاءا بالمشروع الطموح لامتلاك القدرة النووية لاتحتمل أي تلكؤ ولا حتى إعادات نظر. ومن اجل ذلك، فإن لقاء المصارحة العراقي الفرنسي سيتم خلال فترة أقصاها شهر، وفي باريس. وقد يجوز الافتراضات انه سيكون اللقاء الحاسم، خصوصا أن العراق كان قبل فترة من سقوط فاليري جيسكار ديستان بدأ يرسل ملامح البديل في حال أن جمهورية فرانسوا ميتران ستعيد النظر في اساس العلاقة التي كانت مريحة للطرفين على مدى سنوات، وقد يجوز القول ان ملامح البديل اكتمل مع سقوط جيسكار ديستان، لكن هنالك الكثير من الحرص على ان تعطى فرنسا بعض الوقت لتحسم الامر وتقرر. وبعد ضرب المفاعل النووي من جانب اسرائيل بات حسم القرار الفرنسي مسالة ملحة.
في مكتبه في القصر الجمهوري، اجريت هذا الحديث مع الرئيس صدام حسين، وبدا لي من مقدمات الحديث التي سبقت طرح بعض الاسئلة المحددة ان الانتصارات التي تحققت في الحرب لم تغير من قناعاته التي تبلورت في السنتين الماضيتين حول ضرورة اعتماد المرونة المتناهية في معالجة الوضع العربي الراهن، بدأت الحديث بالسؤال الاتي:
هل كان لا مفر من الحرب ؟
أجاب:
في مؤتمر الطائف قدمنا بالادلة والوقائع اسباب النزاع العراقي الايراني، وكيف ان الجانب الايراني استمر يصعد الامور وبالشكل الذي اشعل فيه لهيب الحرب، ذلك واضح ومعروف، اما اذا كان يراد من السؤال ان يفهم بأن الذي قام بالحرب هو العراق وليس ايران، فالاجدر ان يوجه مثل هذا السؤال الى ايران، ويتم سؤالها ايضا عن الموجب لاقدامها على الحرب.
لقد بدأت ايران الحرب علينا يوم 4 ايلول/سبتمبر 1980 عندما قصف الايرانيون مدنا عراقية (زرباطية، خانقين، مندلي، ونفط خانة) وقاموا بإغلاق شط العرب الذي هو منفذنا المائي الوحيد، وقصفوا البواخر الراسية فيه او المارة عبره، وكانوا قصفوا المنشآت النفطية ومدينة البصرة. وعلى هذا الاساس فإن ردنا الواسع عليهم يوم 22/ايلول سبتمبر انما كان ردا على هجوم وقع علينا، وهو امر كان لابد منه لابعاد الجيش الايراني وجعله بعيدا عن المحاور الداخلية، بما يجعل الحرب تدور داخل ايران وليس على ارض العراق، التي ارادوا ان تقوم الحرب عليها وان يكون الجيش الايراني على ترابها المقدس.
ماهو تصوركم لطبيعة الموقف في المنطقة لو ان الحرب العراقية الايرانية لم تحدث ؟
الموقف في المنطقة له جوانب كثيرة.. ما هو الجانب الذي تقصده؟
قلت: هل ان الحرب حالت مثلا دون حدوث امور معينة؟
اجاب:
كان واضحا ان لايران اطماع توسعية في المنطقة، ولذا فإن رد العراق للهجوم الايراني صد اطماع ايران عن العراق ووضعها امام حقائق جديدة كان لابد ان تستنتجها قبل قيامها بالحرب، لكن يبدو انها لم تستطع ادراكها الا بعدما قامت الحرب، ومع ذلك فما يزال التصرف الايراني بعيدا عن منطق العقل، فعلى رغم وضوح الحقائق التي تظهر قوة العراق ومقدرته العالية واندحار ايران وهزيمتها...... على رغم ذلك يعلن الايرانيون ان هدفهم هو اسقاط نظام صدام حسين، ويستمر تصرفهم بالاتجاه نفسه في الجزيرة والخليج علما بأن الجيش العراقي يقاتل داخل اراضيهم....
عندما اتخذتم قرار الحرب هل اوردتم في حسابكم احتمال حدوث هزيمة في الجانب العراقي ؟
شعب العراق العظيم هو قوتنا وهو سندنا وتأييد هذا الشعب ليس محصورا في مكان واحد، وبسبب هذا الشعور لم يرد في بالي اننا سنهزم امام ايران، الذي ورد في بالي هو اننا لابد سننتصر على الرغم اننا في الاصل كنا نتمنى ان لا تقع الحرب. وكان امر الشعور بالنصر واضحا من خلال ردي على بني صدر الذي قال في خطاب القاه في نيسان/ ابريل عام 1980 وهدد فيه العراقيين أن الجيش الايراني اذا تقدم الى حدود ايران الغربية فإن احدا لا يستطيع ايقاف زحفه الى بغداد، وفي ردي قلت لبني صدر بأنه لا انت ولا غيرك يستطيع ان يدخل ارض العراق الا اذا قتل جميع العراقيين... وانا اعرف العراقيين جيدا انهم عراقيون وعرب والمسألة المذهبية لا تجعلهم يلتقون مع الاجنبي على حساب وطنهم. ان الثانويات لا تطغى عند العراقيين على حساب الاساسيات لاننا لسنا في مرحلة تدهور او في ظروف انحطاط، بلدنا ليس في مرحلة تراجع او تخلف، وانما في مرحلة اعتزاز ونهوض، ولذلك فإن ولاء المواطنين عندنا لايضيع في الاطر الضيقة ولايغرق في ثانويات، لأن فهمه للامور ينصب على ادراكه لحقيقة انتمائه الوطني والقومي وتقديره للاساسيات التي يجب ان تكون فوق الامور الثانوية.
وهل تأخذون في الحساب احتمال حدوث تطورات في ايران تقود الى احدى حالتين اما بونابرتية من العسكريين تساندهم الولايات المتحدة واما حكم شيوعي يحظى بحماية فعالة من الاتحاد السوفياتي؟
كل الاحتمالات واردة وكل من هذه الاحتمالات له نسبة من النجاح، وبالنسبة الينا فان الذي يزعجنا هو مجيء النظام المناهض والمعادي للعراق والامة العربية، عدا ذلك فان أي نظام تنتهي اليه الحال في ايران سننظر اليه على انه مسألة داخلية تخص الشعوب الايرانية، سواء كان هذا النظام مواليا للولايات المتحدة الامريكية او للاتحاد السوفياتي. ان انظمة كثيرة من هذا النوع موجودة في العالم ونتعامل معها واذا كان لنا ان نتمنى فإن ما نتمناه هو قيام نظام وطني حر مستقل صديق للعراق وللعرب، نظام غير معادي يعترف بحقوقنا الوطنية والقومية وينهي حالة الحرب.
في الاطار نفسه، هل يجوز الافتراض ان اختفاء الرئيس ابو الحسن بني صدر يأتي في سياق سيناريو يكون الفصل الاخير فيه عودة الرجل الى الحكم بمساندة العسكريين؟
اكرر القول بأن باب الاحتمالات مفتوح، وبما أن اوضاع ايران متحركة فانني لا استطيع الجزم حول الافتراض الذي اوردته عن بني صدر.
منذ فترة ليست بالقصيرة وانت تكافيء بعض المقاتلين والطيارين ويبث التلفزيون صورا حية للمناسبة التي يتم فيها التكريم وتنشر الصحف الصور، هل معنى ذلك ان الحرب قاربت على الانتهاء وانه لا بد من البدء بتكريم المقاتلين اصحاب الادوار الجيدة ام ان الحرب طويلة ولابد من عمليات شحذ للهمم من وقت الى آخر، ام ان هؤلاء قاموا بعمليات لايحتمل تكريمهم وترقيتهم عليها التأجيل، اقول ذلك على اساس ان تكريم المقاتلين يبدأ مع نهايات الحرب ؟
موضوع التكريم بدأ في الشهر الثاني او الشهر الثالث لقيام الحرب، ولقد ناقشنا ذلك في القيادة العامة، كان امامنا سؤال خلاصته هل نبدأ بتكريم المقاتلين ام ننتظر الى ان تنتهي الحرب؟ وكان رايي ان الرجال يجب ان يأخذوا حقوقهم وألا ندع الزمن يمر وألا يتكرر ما حدث عام 1974 في الحرب التي خاضها جيشنا على مدى اثني عشر شهرا ضد التدخل الايراني المتستر خلف تمرد الملا مصطفى البرزاني، في حينه انتظرنا ان تنتهي الحرب لكي نبدأ تكريم المقاتلين، لكن الانتظار فوت فرصا كثيرة على رجال كانوا يستحقون التكريم وحرم آخرين، فضلا عن ان الانتظار جعل النظر الى التكريم لا يأخذ حالته الحية.
في المناقشة التي تمت في القيادة العامة قلت انني ارى ان نباشر بتكريم المقاتلين وقد اعتمدنا ذلك، واوكلنا جزءا من صلاحيتنا الى القيادات الميدانية لكي تكرم في مواقعها ما تراه من حالات، وترفع الينا حالات اخرى، التي لايقع التكريم في نطاق الصلاحيات المخولة لها، مع ارفاق ذلك بالتفاصيل التي تؤكد بسالة المقاتل.
انت الرئيس المقبـل لحركـة عـدم الانحياز، وهذا يرتب عليكم صيغة تعامل معدلة مع القوى الكبرى، ومع الاحـداث علــى اسـاس انكم تتطلعون الى دور فعال لحركة عدم الانحياز تعيد الى الاذهان دورها في الستينات، والقصد من هذا القول هــو معرفـــة ما اذا كانت القمة المقبلة لدول عدم الانحياز ستنعقد في بغداد بينما العلاقات بينكم وبين الولايات المتحدة مقطوعة، يقابل ذلك علاقات مع الاتحاد السوفياتي بدأت تشهد شيئا من الجودة مع دخول الحرب شهرها العاشر..
على رغم اننا لانسقط من الحساب ان الولايات المتحدة هي احدى الدولتين العظميين، الا ان الذي نركز عليه في الدرجة الاساس هو ان نكون امناء على مباديء حركة الانحياز التي لا تنتمي اليها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وهذا ما سنؤكده في القمة السابعة لدول عدم الانحياز التي ستنعقد في بغداد. باستثناء ايران فان جميع دول حركة عدم الانحياز تربطنا بها علاقات جيدة ويتسم تعاملنا معها بالود.
هل انتم مطمئنون الى ان فرنسا الاشتراكية لن تفرط في العلاقات الممتازة التي بنتها فرنسا غير الاشتراكية مع العراق ؟
انا لااريد ان استبق الامور واعطي احكاما مسبقة، لكنني اقول ان لفرنسا مصلحة في علاقاتها مع العراق وان العراق له مصلحة في علاقاته مع فرنسا، وعلى اساس المصالح المتبادلة تطورت العلاقات بين البلدين.
من هنا فإنه اذا حرصت فرنسا على تطوير العلاقات فسوف تحرص بدورنا عليها ايضا، اما اذا اختارت غير ذلك فسيكون لنا خيارنا الذي نحدده، وسنـتشـاور مع العرب في هذا الخصوص.
في كل مرة تعرضون رغبتكم في وقف اطلاق النار وترفض ايران. لماذا ؟
هنالك فرق بين ان نحتاج ذلك انسانيا وبين ان نخشى الحرب، اننا لا نخاف من استمرار القتال خشية من تطور الامور الى العكس فنحن لا نزال في الجبهة وفي المواقع نفسها ونحن لانخشى المستقبل، لقد سبق وقال الايرانيون انهم يحتاجون الى شهر للقيام بهجوم كاسح على العراق ومرت الاشهر ونحن الان في الشهر العاشر والجيش العراقي لايزال ثابتا في مواقعه وقادرا على التحرك الى الامام اذا اردنا ذلك، وبعد هذه المدة نرى اننا في صعود دائم بينما ايران تتدهور وتخبط، هذا على الرغم اننا في الاساس كنا نتمنى لو ان الحرب لم تقع، أي لو لم تقم ايران بشن الهجوم علينا، نحن نحترم شعبنا ونهتم به وهم لايقيمون لشعبهم أي اهتمام، الشهيد عندنا خسارة لانسان عراقي لايعوضه مليون قتيل، نحن نحرص على العراقيين ولكن نقبل التضحية عندما تكون الخيار الوحيد الذي يقود الى مجد العراقيين وعزهم ويحفظ كرامتهم، نحن نريد وقف اطلاق النار ونتمنى ان تنتهي الحرب دون ان يعني ذلك التنازل عن حقوقنا او التفريط بها.
هل هي الحقوق التاريخية فقط، ام الحقوق التي اضافتها الحرب كما سبق ان اشرتم مرة؟
نحن نطالب بحقوقنا الاساسية لكن استمرار ايران بالحرب يضيف الينا حقا آخر ترتبه دماء الشهداء واستمرار التضحيات.
هل انتم مطمئنون من انه لم تنشأ لدى العراقيين مشاعر اقليمية لان العرب لم يهبوا ويقفوا الى جانبهم في الحرب؟
أنا لاانفي وجود بعض المرارة في نفوس العراقيين على رغم اننا لم نكشف بالتوعية عن عورات الواقع العربي، الا ان العراقيين قادرون على ان ينفذوا ببصيرتهم الى بعض الامور التي سببت لهم هذه المرارة، لكن الامر لم يصل الى حد التعالي، فرسالتهم هي خدمة العرب وان يحبوا الامة سواء كانت ممزقة الثياب او مكتسية في حالة نهوض، او عندما يناضلون لرفع رأسهم عندما تكون في حالة ركوع، يحبونها عندما تكون تابعة وعندما تكون متحررة بفعلهم او بفعل غيرهم او بفعليهما معا...
صادف انه مع اليوم الاول لشهر رمضان بدأ اليوم الاول من الشهر الحادي عشر للحرب، ولقد كان ملاحظا انه على رغم استمرار الحرب حرصت على ان تشارك في ندوة موسعة خاصة بمناقشة ورقة عمل قطاع التربية والتعليم العالي، هل ان المشكلة في قطاع التربية والتعليم حادة الى الدرجة التي يصعب تأجيل البحث فيها الى ما بعد انتهاء الحرب ؟
كيف تفهم النجاح في الحرب؟ هل هو مجرد اعداد عسكري ام هو اعداد انساني متكامل متوازن الحركة في كل الميادين السياسية والاقتصادية في الجيش وفي القطاع المدني وفي العمال والفلاحين وفي الطلبة والاطفال ؟ نحن نعتبر ان اسباب النجاح في الحرب هي اننا نجحنا في قيادة الحياة وامتلاك ناحيتها بما يعكس هذا الدور القيادي في عقلية العراقيين وضمائرهم وعلى تطلعهم للمستقبل وعلى ما يصبون اليه وما تحقق في التربية قيمتها معروفة ولذلك فلا يجوز تأجيل حالة واجبة الى اشهر اخرى قد تستمر الحرب فيها، من هنا اننا نناقش كل اعمالنا على رغم وجود حالة الحرب.
التضامن المطلوب والغارة على المفاعل
بما ان حديث التضامن العربي مطروح في هذه الايام فما هو التضامن الذي تريدونه؟
أي حد ادنى لايحمل الذل والعار والتبعية والضعف وصولا الى حالة ارقى منه.
المعروف عنكم حرصكم الشديد على قاعدة الثواب والعقاب، هل انه بسبب الحرب حدث تأجيل للاخذ بهذه القاعدة في موضوع الغارة الاسرائيلية على المفاعل النووي وكيف انه لم يتم اسقاط الطائرات المغيرة او اسقاط احداها ؟
نحن لسنا دولة كبرى وانما دولة صغرى تستورد السلاح من الخارج، لذلك لايجوز التصور بأن كل مساحة العراق مغطاة برادارات، هناك اسبقية في هذا الميدان وعندما نكون مع دولة لايكن توزيع راداراتنا في الشرق وفي الغرب، وحتى مع وجودها في هذه الحالة لايمكن أن نتصور أن سلاح الطيران لا يصل إلى هدفه ويأخذ غفلة تمكنه من ذلك، وهو يستطيع ذلك خصوصا عندما تكون هناك خطة معدة سلفا وطيارون مدربون لهذا الغرض، إن مثل هذا الأمر ليس مستغرب الحدوث لاتقينا ولا إنسانيا وهو متوقع.
في ضوء الذي حدث هل ستعتمدون على فنيين أجانب أم أن العلماء العراقيين وإخوتهم العرب على قدر من الكفاءة التقنية التي تخولهم العمل في مجال الطاقة النووية؟
الاثنان معا. نتعاون مع الأجانب حينما تتاح فرص التعاون ونستخدم العراقيين بما يطور مقدرتنا في استخدام الذرة للأغراض السلمية.
هل ان ما ذكرته في مجلس الوزراء (انظر الكادر) واضح لكل القادة العرب وهل ان رد الفعل الذي صدر عنهم كان في مستوى خطورة الاعتداء الذي جرى ؟
كلامنا غير معقد ومن يقرأه يفهمه لأنه لم يكن فلسفة وإنما كان حديثا صريحا، أما هل إن رد الفعل العربي كان في مستوى الغارة، فان ردي على ذلك هو أننا لانطمح أن يقوم العرب، وهم في وضعهم الراهن بأكثر مما قاموا به، إلا أننا لو كنا مكانهم لكنا فعلنا أكثر مما قاموا به.
وهل سيستمر الوضع العربي على ما هو عليه ؟
إذا تصورنا أن امتنا حية فمعنى ذلك أنها تتحرك إلى الأمام، ونحن لدينا ثقة بأن العرب يتحركون في استمرار نحو الأفضل، ولكن يراد الصبر كثيرا على العرب الرسميين، والى ذلك فإن تعاملنا معهم يجب أن لايكون على أساس ما في ذهننا وإنما على أساس الممكن على طريق الطموح، إن أي شيء أفضل من السيئ هو جيد.
لقد دخلت السياسات الدولية في الأجزاء العربية وبدأت تستغل الخصوصيات العربية وتحولها إلى عوامل تناقض واستفزاز وتناحر وعلينا أن نصبر ونعمل كي تغدو حالة الأمة بصورة أفضل.
في جلسة مجلس الوزراء العراقي المنعقد بتاريخ 23 حزيران/ يونيو 1981 ألقى الرئيس صدام حسين كلمة جاء فيها:
على العرب جميعا أن يدركوا انه حتى إذا اعترف العرب جميعا لما يسمى بإسرائيل بحدود آمنة ضمن الأرض العربية المحتلة بكاملها الآن واحترموا من طرفهم هذه الحالة والتزموا بها أو فلنقل رضخوا لها فان الكيان الصهيوني لن يقبل بهذه الحالة. ليس فقط في استمرار التوسع في الأرض على حساب السيادة العربية وإنما سيتدخل الكيان الصهيوني حتى في الطريق الذي يمتد في مكان ما من ارض السعودية ويطلب تغيير مساره باعتباره يهدد الكيان الصهيوني أو باعتباره حالة لا تقبل بها إسرائيل وسوف يفرضون على العرب أن يحذفوا من منهاج التدريس في الكليات وفي الثانويات تدريس الكيمياء والفيزياء والرياضيات والفلك باعتبارها علوما قد تفضي إلى تكوين خبرة بشرية في ميدان عسكري خطير على أمنها. وسيصل تدخل إسرائيل إلى حد تغيير أمراء واستبدالهم بآخرين وتغيير الملوك واستبدالهم بآخرين وتغيير الوزراء واستبدالهم بآخرين وتغيير الوزراء واستبدالهم بآخرين وربما تصل طلبات الكيان الصهيوني إلى حد تغيير مدير مدرسة ابتدائية لأنه يربي الطلاب في مدرسيته تربية وطنية وتربية قومية وسيصل أن يطلبوا من العرب أن يعدلوا تاريخهم وان يكتبوه باتجاه جديد بما في ذلك تاريخ النبي محمد صلى الله عليه وسلم......
انتهى حديث الليث في ليلة مباركة – وليعلق كل قاريء بما يريد القول، اما انا شخصيا فلا اقول الا ما قاله المثل العربي قديما، اللي ما يعرف الصقر يشويه، والعرب تسابقوا لشوي العراق وليث العراق، لكنهم بهذا العمل فإنهم قد حرقوا انفسهم وحرقوا دولهم وشعوبهم والايام القادمة ستشهد ذلك.
كييف – اوكرانيا
شبكة البصرة
د. صباح محمد سعيد الراوي
في البحث الذي زلت اعمل عليه الى الان (الدور الدنيء لال الصباح (مغتصبي قصبة كاظمة) في المؤامرة على العراق بدءا من عام 1990، كنت قد استشهدت في الفصل الاول من الجزء الثالث منه بجملة قالها الرئيس صدام حسين حين تحدث الى مجلة عربية اسمها المستقبل كانت تصدر في باريس وتوقفت عن الصدور في عام 1988. في الاجازة التي كنت فيها، استطعت (بعد بحث مضني في مكتبتي) ايجاد العدد الذي يحوي حديث ليث العراق الاسير – فك الله اسره – وها انا اورده الان حرفيا كما نقلته من المجلة.
وقبل أن اترك القاريء العربي مع حديث القائد المجاهد اقول، اننا نحن المتهمين بأننا صداميون او كما يحلو لبعض الخونة الانذال ان يقول اننا افراخ او ايتام صدام حسين، لنا الشرف كل الشرف ان يكون قدوتنا السياسية والجهادية في هذا العصر، سواء بالكلمة او البندقية قائد فريد من نوعه مثل صدام ، ولعل الكلمات الواردة في ثنايا هذا الحديث تظهر ان هذا الانسان كانت لديه نظرة استراتيجية قلما توجد لدى قرين من اقرانه في ايامنا هذه، انما كان تعلقنا بقيادة الرئيس صدام – فك الله اسره – لم يكن تعلقا عبثيا او غوغائيا، فالرجل كان يدرك كل كلمة يقولها، وكان يعرف مدلول كل جملة يقولها ايضا، لم يكن صدام حسين يتحدث من فراغ او عن جهل، انما كان حديثه حديث رجل قاريء جيد للتاريخ ورابط ممتاز بين الماضي والحاضر مستشفا ما سيحدث في المستقبل من واقع فهمه للماضي وادراكه لمقولة ان التاريخ يعيد نفسه.
أتمنى من القاريء العربي ان يتمعن جيدا في الكلام الوارد في حديث الليث ا – – وان يمعن في الكلمات الملونة الواردة في الاطار، وقد لونتها باللون الوردي، وليحكم كل قاريء من منطلق حيادي، اليس ما قاله صدام هو ما يحصل في ايامنا هذه الان ؟ لقد قال صدام تلك الكلمات في شهر (6) من عام 1981، اي قبل 24 عاما بالتمام والكمال ونحن اليوم في شهر 7 من عام 2005، الم تكن تلك النظرة ثاقبة وصحيحة ام لا ؟
ارجو من القراء الكرام الحكم بكل مصداقية وشفافية، ونترك القاريء العربي مع حديث صدام وقد نقلته حرفيا كما هو، علما بأن غلاف المجلة كانت عليه صورة الرئيس صدام وعلى رأسه الشماغ الاحمر على الطريقة الكردية.
كذلك ارجو أنبه الى أمر هام وهو بأن هناك بعض الجمل الهامة جدا التي وردت في حديث الليث – ارتأيت ان الونها باللون الاحمر وغيره نظرا لاهميتها وكي يلتفت نظر القاريء الكريم اليها.
العدد رقم 231 تاريخ 25/7/1981
صدام حسين للمستقبل:
لو كنا مكان العرب عندما وقعت الغارة لفعلنا أكثر مما فعلوا ....... كنا نتمنى أن لا تقع الحرب مع ايران.... سنتشاور مع العرب حول علاقاتنا مع فرنسا
بقلم فؤاد مطر
لابد لهذا الحديث من مقدمة قصيرة.....
والسبب، أن ما سيرد فيها لم يكن ضمن الحديث مع الرئيس صدام حسين، وإنما نتيجة لقاءات عديدة مع مسؤولين وقياديين في العاصمة العراقية. والمقدمة القصيرة تتلخص في ملاحظتين:
الملاحظة الأولى: إذا لم يحدث بعد 24 تموز/ يوليو 1981 حسم للوضع الداخلي في ايران وتقوم سلطة قادرة على اتخاذ القرار، فإن العراق قد يرفع من حدة المواجهة العسكرية. وتجدر الإشارة إلى انه يفترض أن يتم في 24 تموز/ يوليو انتخاب رئيس الجمهورية في ايران يخلف الرئيس ابوالحسن بني صدر أو يقدم جماعة بني صدر على خطوات لمصلحة الرئيس الغائب.
الملاحظة الثانية: أن خطط العراق الموضوعية بدءا من مشاريع الطرقات وانتهاءا بالمشروع الطموح لامتلاك القدرة النووية لاتحتمل أي تلكؤ ولا حتى إعادات نظر. ومن اجل ذلك، فإن لقاء المصارحة العراقي الفرنسي سيتم خلال فترة أقصاها شهر، وفي باريس. وقد يجوز الافتراضات انه سيكون اللقاء الحاسم، خصوصا أن العراق كان قبل فترة من سقوط فاليري جيسكار ديستان بدأ يرسل ملامح البديل في حال أن جمهورية فرانسوا ميتران ستعيد النظر في اساس العلاقة التي كانت مريحة للطرفين على مدى سنوات، وقد يجوز القول ان ملامح البديل اكتمل مع سقوط جيسكار ديستان، لكن هنالك الكثير من الحرص على ان تعطى فرنسا بعض الوقت لتحسم الامر وتقرر. وبعد ضرب المفاعل النووي من جانب اسرائيل بات حسم القرار الفرنسي مسالة ملحة.
في مكتبه في القصر الجمهوري، اجريت هذا الحديث مع الرئيس صدام حسين، وبدا لي من مقدمات الحديث التي سبقت طرح بعض الاسئلة المحددة ان الانتصارات التي تحققت في الحرب لم تغير من قناعاته التي تبلورت في السنتين الماضيتين حول ضرورة اعتماد المرونة المتناهية في معالجة الوضع العربي الراهن، بدأت الحديث بالسؤال الاتي:
هل كان لا مفر من الحرب ؟
أجاب:
في مؤتمر الطائف قدمنا بالادلة والوقائع اسباب النزاع العراقي الايراني، وكيف ان الجانب الايراني استمر يصعد الامور وبالشكل الذي اشعل فيه لهيب الحرب، ذلك واضح ومعروف، اما اذا كان يراد من السؤال ان يفهم بأن الذي قام بالحرب هو العراق وليس ايران، فالاجدر ان يوجه مثل هذا السؤال الى ايران، ويتم سؤالها ايضا عن الموجب لاقدامها على الحرب.
لقد بدأت ايران الحرب علينا يوم 4 ايلول/سبتمبر 1980 عندما قصف الايرانيون مدنا عراقية (زرباطية، خانقين، مندلي، ونفط خانة) وقاموا بإغلاق شط العرب الذي هو منفذنا المائي الوحيد، وقصفوا البواخر الراسية فيه او المارة عبره، وكانوا قصفوا المنشآت النفطية ومدينة البصرة. وعلى هذا الاساس فإن ردنا الواسع عليهم يوم 22/ايلول سبتمبر انما كان ردا على هجوم وقع علينا، وهو امر كان لابد منه لابعاد الجيش الايراني وجعله بعيدا عن المحاور الداخلية، بما يجعل الحرب تدور داخل ايران وليس على ارض العراق، التي ارادوا ان تقوم الحرب عليها وان يكون الجيش الايراني على ترابها المقدس.
ماهو تصوركم لطبيعة الموقف في المنطقة لو ان الحرب العراقية الايرانية لم تحدث ؟
الموقف في المنطقة له جوانب كثيرة.. ما هو الجانب الذي تقصده؟
قلت: هل ان الحرب حالت مثلا دون حدوث امور معينة؟
اجاب:
كان واضحا ان لايران اطماع توسعية في المنطقة، ولذا فإن رد العراق للهجوم الايراني صد اطماع ايران عن العراق ووضعها امام حقائق جديدة كان لابد ان تستنتجها قبل قيامها بالحرب، لكن يبدو انها لم تستطع ادراكها الا بعدما قامت الحرب، ومع ذلك فما يزال التصرف الايراني بعيدا عن منطق العقل، فعلى رغم وضوح الحقائق التي تظهر قوة العراق ومقدرته العالية واندحار ايران وهزيمتها...... على رغم ذلك يعلن الايرانيون ان هدفهم هو اسقاط نظام صدام حسين، ويستمر تصرفهم بالاتجاه نفسه في الجزيرة والخليج علما بأن الجيش العراقي يقاتل داخل اراضيهم....
عندما اتخذتم قرار الحرب هل اوردتم في حسابكم احتمال حدوث هزيمة في الجانب العراقي ؟
شعب العراق العظيم هو قوتنا وهو سندنا وتأييد هذا الشعب ليس محصورا في مكان واحد، وبسبب هذا الشعور لم يرد في بالي اننا سنهزم امام ايران، الذي ورد في بالي هو اننا لابد سننتصر على الرغم اننا في الاصل كنا نتمنى ان لا تقع الحرب. وكان امر الشعور بالنصر واضحا من خلال ردي على بني صدر الذي قال في خطاب القاه في نيسان/ ابريل عام 1980 وهدد فيه العراقيين أن الجيش الايراني اذا تقدم الى حدود ايران الغربية فإن احدا لا يستطيع ايقاف زحفه الى بغداد، وفي ردي قلت لبني صدر بأنه لا انت ولا غيرك يستطيع ان يدخل ارض العراق الا اذا قتل جميع العراقيين... وانا اعرف العراقيين جيدا انهم عراقيون وعرب والمسألة المذهبية لا تجعلهم يلتقون مع الاجنبي على حساب وطنهم. ان الثانويات لا تطغى عند العراقيين على حساب الاساسيات لاننا لسنا في مرحلة تدهور او في ظروف انحطاط، بلدنا ليس في مرحلة تراجع او تخلف، وانما في مرحلة اعتزاز ونهوض، ولذلك فإن ولاء المواطنين عندنا لايضيع في الاطر الضيقة ولايغرق في ثانويات، لأن فهمه للامور ينصب على ادراكه لحقيقة انتمائه الوطني والقومي وتقديره للاساسيات التي يجب ان تكون فوق الامور الثانوية.
وهل تأخذون في الحساب احتمال حدوث تطورات في ايران تقود الى احدى حالتين اما بونابرتية من العسكريين تساندهم الولايات المتحدة واما حكم شيوعي يحظى بحماية فعالة من الاتحاد السوفياتي؟
كل الاحتمالات واردة وكل من هذه الاحتمالات له نسبة من النجاح، وبالنسبة الينا فان الذي يزعجنا هو مجيء النظام المناهض والمعادي للعراق والامة العربية، عدا ذلك فان أي نظام تنتهي اليه الحال في ايران سننظر اليه على انه مسألة داخلية تخص الشعوب الايرانية، سواء كان هذا النظام مواليا للولايات المتحدة الامريكية او للاتحاد السوفياتي. ان انظمة كثيرة من هذا النوع موجودة في العالم ونتعامل معها واذا كان لنا ان نتمنى فإن ما نتمناه هو قيام نظام وطني حر مستقل صديق للعراق وللعرب، نظام غير معادي يعترف بحقوقنا الوطنية والقومية وينهي حالة الحرب.
في الاطار نفسه، هل يجوز الافتراض ان اختفاء الرئيس ابو الحسن بني صدر يأتي في سياق سيناريو يكون الفصل الاخير فيه عودة الرجل الى الحكم بمساندة العسكريين؟
اكرر القول بأن باب الاحتمالات مفتوح، وبما أن اوضاع ايران متحركة فانني لا استطيع الجزم حول الافتراض الذي اوردته عن بني صدر.
منذ فترة ليست بالقصيرة وانت تكافيء بعض المقاتلين والطيارين ويبث التلفزيون صورا حية للمناسبة التي يتم فيها التكريم وتنشر الصحف الصور، هل معنى ذلك ان الحرب قاربت على الانتهاء وانه لا بد من البدء بتكريم المقاتلين اصحاب الادوار الجيدة ام ان الحرب طويلة ولابد من عمليات شحذ للهمم من وقت الى آخر، ام ان هؤلاء قاموا بعمليات لايحتمل تكريمهم وترقيتهم عليها التأجيل، اقول ذلك على اساس ان تكريم المقاتلين يبدأ مع نهايات الحرب ؟
موضوع التكريم بدأ في الشهر الثاني او الشهر الثالث لقيام الحرب، ولقد ناقشنا ذلك في القيادة العامة، كان امامنا سؤال خلاصته هل نبدأ بتكريم المقاتلين ام ننتظر الى ان تنتهي الحرب؟ وكان رايي ان الرجال يجب ان يأخذوا حقوقهم وألا ندع الزمن يمر وألا يتكرر ما حدث عام 1974 في الحرب التي خاضها جيشنا على مدى اثني عشر شهرا ضد التدخل الايراني المتستر خلف تمرد الملا مصطفى البرزاني، في حينه انتظرنا ان تنتهي الحرب لكي نبدأ تكريم المقاتلين، لكن الانتظار فوت فرصا كثيرة على رجال كانوا يستحقون التكريم وحرم آخرين، فضلا عن ان الانتظار جعل النظر الى التكريم لا يأخذ حالته الحية.
في المناقشة التي تمت في القيادة العامة قلت انني ارى ان نباشر بتكريم المقاتلين وقد اعتمدنا ذلك، واوكلنا جزءا من صلاحيتنا الى القيادات الميدانية لكي تكرم في مواقعها ما تراه من حالات، وترفع الينا حالات اخرى، التي لايقع التكريم في نطاق الصلاحيات المخولة لها، مع ارفاق ذلك بالتفاصيل التي تؤكد بسالة المقاتل.
انت الرئيس المقبـل لحركـة عـدم الانحياز، وهذا يرتب عليكم صيغة تعامل معدلة مع القوى الكبرى، ومع الاحـداث علــى اسـاس انكم تتطلعون الى دور فعال لحركة عدم الانحياز تعيد الى الاذهان دورها في الستينات، والقصد من هذا القول هــو معرفـــة ما اذا كانت القمة المقبلة لدول عدم الانحياز ستنعقد في بغداد بينما العلاقات بينكم وبين الولايات المتحدة مقطوعة، يقابل ذلك علاقات مع الاتحاد السوفياتي بدأت تشهد شيئا من الجودة مع دخول الحرب شهرها العاشر..
على رغم اننا لانسقط من الحساب ان الولايات المتحدة هي احدى الدولتين العظميين، الا ان الذي نركز عليه في الدرجة الاساس هو ان نكون امناء على مباديء حركة الانحياز التي لا تنتمي اليها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وهذا ما سنؤكده في القمة السابعة لدول عدم الانحياز التي ستنعقد في بغداد. باستثناء ايران فان جميع دول حركة عدم الانحياز تربطنا بها علاقات جيدة ويتسم تعاملنا معها بالود.
هل انتم مطمئنون الى ان فرنسا الاشتراكية لن تفرط في العلاقات الممتازة التي بنتها فرنسا غير الاشتراكية مع العراق ؟
انا لااريد ان استبق الامور واعطي احكاما مسبقة، لكنني اقول ان لفرنسا مصلحة في علاقاتها مع العراق وان العراق له مصلحة في علاقاته مع فرنسا، وعلى اساس المصالح المتبادلة تطورت العلاقات بين البلدين.
من هنا فإنه اذا حرصت فرنسا على تطوير العلاقات فسوف تحرص بدورنا عليها ايضا، اما اذا اختارت غير ذلك فسيكون لنا خيارنا الذي نحدده، وسنـتشـاور مع العرب في هذا الخصوص.
في كل مرة تعرضون رغبتكم في وقف اطلاق النار وترفض ايران. لماذا ؟
هنالك فرق بين ان نحتاج ذلك انسانيا وبين ان نخشى الحرب، اننا لا نخاف من استمرار القتال خشية من تطور الامور الى العكس فنحن لا نزال في الجبهة وفي المواقع نفسها ونحن لانخشى المستقبل، لقد سبق وقال الايرانيون انهم يحتاجون الى شهر للقيام بهجوم كاسح على العراق ومرت الاشهر ونحن الان في الشهر العاشر والجيش العراقي لايزال ثابتا في مواقعه وقادرا على التحرك الى الامام اذا اردنا ذلك، وبعد هذه المدة نرى اننا في صعود دائم بينما ايران تتدهور وتخبط، هذا على الرغم اننا في الاساس كنا نتمنى لو ان الحرب لم تقع، أي لو لم تقم ايران بشن الهجوم علينا، نحن نحترم شعبنا ونهتم به وهم لايقيمون لشعبهم أي اهتمام، الشهيد عندنا خسارة لانسان عراقي لايعوضه مليون قتيل، نحن نحرص على العراقيين ولكن نقبل التضحية عندما تكون الخيار الوحيد الذي يقود الى مجد العراقيين وعزهم ويحفظ كرامتهم، نحن نريد وقف اطلاق النار ونتمنى ان تنتهي الحرب دون ان يعني ذلك التنازل عن حقوقنا او التفريط بها.
هل هي الحقوق التاريخية فقط، ام الحقوق التي اضافتها الحرب كما سبق ان اشرتم مرة؟
نحن نطالب بحقوقنا الاساسية لكن استمرار ايران بالحرب يضيف الينا حقا آخر ترتبه دماء الشهداء واستمرار التضحيات.
هل انتم مطمئنون من انه لم تنشأ لدى العراقيين مشاعر اقليمية لان العرب لم يهبوا ويقفوا الى جانبهم في الحرب؟
أنا لاانفي وجود بعض المرارة في نفوس العراقيين على رغم اننا لم نكشف بالتوعية عن عورات الواقع العربي، الا ان العراقيين قادرون على ان ينفذوا ببصيرتهم الى بعض الامور التي سببت لهم هذه المرارة، لكن الامر لم يصل الى حد التعالي، فرسالتهم هي خدمة العرب وان يحبوا الامة سواء كانت ممزقة الثياب او مكتسية في حالة نهوض، او عندما يناضلون لرفع رأسهم عندما تكون في حالة ركوع، يحبونها عندما تكون تابعة وعندما تكون متحررة بفعلهم او بفعل غيرهم او بفعليهما معا...
صادف انه مع اليوم الاول لشهر رمضان بدأ اليوم الاول من الشهر الحادي عشر للحرب، ولقد كان ملاحظا انه على رغم استمرار الحرب حرصت على ان تشارك في ندوة موسعة خاصة بمناقشة ورقة عمل قطاع التربية والتعليم العالي، هل ان المشكلة في قطاع التربية والتعليم حادة الى الدرجة التي يصعب تأجيل البحث فيها الى ما بعد انتهاء الحرب ؟
كيف تفهم النجاح في الحرب؟ هل هو مجرد اعداد عسكري ام هو اعداد انساني متكامل متوازن الحركة في كل الميادين السياسية والاقتصادية في الجيش وفي القطاع المدني وفي العمال والفلاحين وفي الطلبة والاطفال ؟ نحن نعتبر ان اسباب النجاح في الحرب هي اننا نجحنا في قيادة الحياة وامتلاك ناحيتها بما يعكس هذا الدور القيادي في عقلية العراقيين وضمائرهم وعلى تطلعهم للمستقبل وعلى ما يصبون اليه وما تحقق في التربية قيمتها معروفة ولذلك فلا يجوز تأجيل حالة واجبة الى اشهر اخرى قد تستمر الحرب فيها، من هنا اننا نناقش كل اعمالنا على رغم وجود حالة الحرب.
التضامن المطلوب والغارة على المفاعل
بما ان حديث التضامن العربي مطروح في هذه الايام فما هو التضامن الذي تريدونه؟
أي حد ادنى لايحمل الذل والعار والتبعية والضعف وصولا الى حالة ارقى منه.
المعروف عنكم حرصكم الشديد على قاعدة الثواب والعقاب، هل انه بسبب الحرب حدث تأجيل للاخذ بهذه القاعدة في موضوع الغارة الاسرائيلية على المفاعل النووي وكيف انه لم يتم اسقاط الطائرات المغيرة او اسقاط احداها ؟
نحن لسنا دولة كبرى وانما دولة صغرى تستورد السلاح من الخارج، لذلك لايجوز التصور بأن كل مساحة العراق مغطاة برادارات، هناك اسبقية في هذا الميدان وعندما نكون مع دولة لايكن توزيع راداراتنا في الشرق وفي الغرب، وحتى مع وجودها في هذه الحالة لايمكن أن نتصور أن سلاح الطيران لا يصل إلى هدفه ويأخذ غفلة تمكنه من ذلك، وهو يستطيع ذلك خصوصا عندما تكون هناك خطة معدة سلفا وطيارون مدربون لهذا الغرض، إن مثل هذا الأمر ليس مستغرب الحدوث لاتقينا ولا إنسانيا وهو متوقع.
في ضوء الذي حدث هل ستعتمدون على فنيين أجانب أم أن العلماء العراقيين وإخوتهم العرب على قدر من الكفاءة التقنية التي تخولهم العمل في مجال الطاقة النووية؟
الاثنان معا. نتعاون مع الأجانب حينما تتاح فرص التعاون ونستخدم العراقيين بما يطور مقدرتنا في استخدام الذرة للأغراض السلمية.
هل ان ما ذكرته في مجلس الوزراء (انظر الكادر) واضح لكل القادة العرب وهل ان رد الفعل الذي صدر عنهم كان في مستوى خطورة الاعتداء الذي جرى ؟
كلامنا غير معقد ومن يقرأه يفهمه لأنه لم يكن فلسفة وإنما كان حديثا صريحا، أما هل إن رد الفعل العربي كان في مستوى الغارة، فان ردي على ذلك هو أننا لانطمح أن يقوم العرب، وهم في وضعهم الراهن بأكثر مما قاموا به، إلا أننا لو كنا مكانهم لكنا فعلنا أكثر مما قاموا به.
وهل سيستمر الوضع العربي على ما هو عليه ؟
إذا تصورنا أن امتنا حية فمعنى ذلك أنها تتحرك إلى الأمام، ونحن لدينا ثقة بأن العرب يتحركون في استمرار نحو الأفضل، ولكن يراد الصبر كثيرا على العرب الرسميين، والى ذلك فإن تعاملنا معهم يجب أن لايكون على أساس ما في ذهننا وإنما على أساس الممكن على طريق الطموح، إن أي شيء أفضل من السيئ هو جيد.
لقد دخلت السياسات الدولية في الأجزاء العربية وبدأت تستغل الخصوصيات العربية وتحولها إلى عوامل تناقض واستفزاز وتناحر وعلينا أن نصبر ونعمل كي تغدو حالة الأمة بصورة أفضل.
في جلسة مجلس الوزراء العراقي المنعقد بتاريخ 23 حزيران/ يونيو 1981 ألقى الرئيس صدام حسين كلمة جاء فيها:
على العرب جميعا أن يدركوا انه حتى إذا اعترف العرب جميعا لما يسمى بإسرائيل بحدود آمنة ضمن الأرض العربية المحتلة بكاملها الآن واحترموا من طرفهم هذه الحالة والتزموا بها أو فلنقل رضخوا لها فان الكيان الصهيوني لن يقبل بهذه الحالة. ليس فقط في استمرار التوسع في الأرض على حساب السيادة العربية وإنما سيتدخل الكيان الصهيوني حتى في الطريق الذي يمتد في مكان ما من ارض السعودية ويطلب تغيير مساره باعتباره يهدد الكيان الصهيوني أو باعتباره حالة لا تقبل بها إسرائيل وسوف يفرضون على العرب أن يحذفوا من منهاج التدريس في الكليات وفي الثانويات تدريس الكيمياء والفيزياء والرياضيات والفلك باعتبارها علوما قد تفضي إلى تكوين خبرة بشرية في ميدان عسكري خطير على أمنها. وسيصل تدخل إسرائيل إلى حد تغيير أمراء واستبدالهم بآخرين وتغيير الملوك واستبدالهم بآخرين وتغيير الوزراء واستبدالهم بآخرين وتغيير الوزراء واستبدالهم بآخرين وربما تصل طلبات الكيان الصهيوني إلى حد تغيير مدير مدرسة ابتدائية لأنه يربي الطلاب في مدرسيته تربية وطنية وتربية قومية وسيصل أن يطلبوا من العرب أن يعدلوا تاريخهم وان يكتبوه باتجاه جديد بما في ذلك تاريخ النبي محمد صلى الله عليه وسلم......
انتهى حديث الليث في ليلة مباركة – وليعلق كل قاريء بما يريد القول، اما انا شخصيا فلا اقول الا ما قاله المثل العربي قديما، اللي ما يعرف الصقر يشويه، والعرب تسابقوا لشوي العراق وليث العراق، لكنهم بهذا العمل فإنهم قد حرقوا انفسهم وحرقوا دولهم وشعوبهم والايام القادمة ستشهد ذلك.
كييف – اوكرانيا