المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا سيقول بوش وحلفاؤه و"عربه" لو عاد صدام من فوهة بندقية المقاومة هذه المرة؟



ذي قار
31-05-2004, 02:38 AM
ماذا سيقول بوش وحلفاؤه و"عربه" لو عاد صدام من فوهة بندقية المقاومة هذه المرة؟



نبيل ابو جعفر

عندما اعلن الحاكم (المدني) للعراق بول بريمر للمرة الاولى ان قوات الاحتلال بدأت تواجه مقاومة منظمة للغاية، كان وزير الدفاع (العسكري) دونالد رامسفيلد فى مدينة لشبونة يجرى محادثات مع نظيره البرتغالى باولو بورتاس، وقد تعمد اثرها تخصيص جزء كبير من المؤتمر الصحفى الذى عقده فى اليوم نفسه للرد على كلام بريمر تساءل فيه للمرة الاولى ايضا: هل من الممكن ان تزول عمليات فلول النظام العراقي: فدائيو صدام والبعثيون وعلى الارجح الحرس الجمهورى ضد قواتنا فى شهر أو اثنين أو ثلاثة؟ اجيب: لا ، وتابع: هل من الممكن ان يزول ذلك بمجرد وصول فرقتين أو ثلاثة من قواتنا الى هناك؟ أُجيب ايضا: لا .
كان ذلك يوم الثلاثاء 10 حزيران الجاري. وبعد يومين من هذين الاعترافين وجه الرئيس صدام حسين (فجر 12 حزيران) رسالته الخطية الخامسة الى الشعب العراقى والامة العربية والاسلامية، اعطى فيها قوات الاحتلال مهلة للانسحاب حتى 17 حزيران الجاري، اى بعد خمسة ايام فقط، وقبل شهر كامل من حلول موعد قيام ثورة 17 تموز 1968 التى جلبت حزب البعث الى السلطة فى العراق، وهو الموعد الذى كان مقررا فى السابق كما تردد.
والسؤال: لماذا استعجل صدام هذا الموعد، طالما ان المقاومة موجودة فى الاساس، وبدأت بالتصاعد التدريجى الملموس على الارض، وهل جاء هذا القرار فى سياق استراتيجى معين، ام كان ردة فعل سريعة على تطور الاحداث! كالاعلان عن حيازة الكيماوى المزدوج وعرض نموذج للصاعق الذى صنعه العراق (فى العام 1990)؟
مصادر مقربة من حركة المقاومة العراقية للاحتلال تقول ان هذا الاعلان فرض نفسه بعد استعجال قوات الاحتلال فى استقدام القوات المشاركة من الدول المؤيدة لها للاشراف على ادارة مناطق العراق المختلفة ولاعطاء شرعية لوجود الاحتلال، مما وفر لهذه القوات فرصة التفرغ لملاحقة التجمعات والافراد، والبحث عن مراكز التدريب و المشبوهين والحزبيين والعسكريين.. الخ، ثم التفرغ لمحاسبة كل من يملك قطعة سلاح بعد استنكاف العراقيين عن تسليم ما لديهم منها.
وتزيد هذه المصادر فى توضيحها لهدف رسالة صدام الخامسة وتوقيتها قائلة ان لها هدفان: أولهما فورى والآخر يليه مباشرة بعد انتهاء مهلة الانذار. يتمثل الاول فى مواجهة القوى الداعمة للاحتلال الآن حتى تشعر بخطأ وفداحة ما تقترفه ضد الشعب العراقى وقد ذكر منها بالاسم بولندا والدنمارك كمثل، ثم اضاف وغيرها ممن يدعم جرائم المحتل . ويتمثل الثانى فى نقل المواجهة مع قوات الاحتلال (الى كل مكان داخل العراق وخارجه) وتصعيدها ان لم تنسحب ضمن المهلة المحددة فى الانذار، باستهداف مصالح دولها ورموزها مهما كانت صفتهم او وظيفتهم ، وهذا تعبير استعمله بحرفيته مرارا الرئيس صدام فى مناسبات عديدة سابقة.
وكان لافتا للانتباه ايضا شمول تحذير صدام كل الرعايا الاجانب من احتمال تعرضهم للأذي، ان تواجدوا فى الاماكن المستهدفة، ابراءًً للذمة من احتمال انعكاس اى فعل مقاوم عليهم، خصوصا مع تأكيده على ان كل الطائرات والحافلات والبواخر للدول المشاركة فى العدوان ستكون من بين الاهداف أينما تواجدت، لذلك طلب منهم صراحة سرعة الرحيل حتى لا يصيبهم ما سيصيب القوات الغازية.. وقد اعذر من انذر كما قال... وماذا لو عاد؟
إذا ادركنا ان كل هذه التطورات كانت متوقعة على صعيد المقاومة بعد كل ما حدث من انهيار غير متوقع على صعيد المواجهة العسكرية الرسمية ضد قوات الاحتلال، سواء عن طريق الخيانة او الانهيار، او نتيجة حسابات شخصية او خاطئة دفعت بعض كبار قادة الحرس الجمهورى فى عز لحظات فقدان التوازن الى اتخاذ قرار توفير ارواح ملايين العراقيين، والحؤول دون حتمية تكرار هيروشيما وناغازاكى (وهذا احتمال ممكن حتى لا نبقى نركّز فقط على تصوّر الخيانة المسبقة او اللاحقة وهو الاحتمال الارجح حتى الآن).
إذا ادركنا كل ذلك فإن المستجدات تدفعنا الى السؤال المنطقى والمشروع: بعد اخراجه من باب السلطة عنوة فى اشرس حرب غير مشروعة وبأحدث اسلحة الدمار الشامل تطورا لدى الدول الاعظم .

هل يعود الرئيس صدام حسين من باب المقاومة والتحرير..؟

وكيف سيكون موقف العالم عندها، خصوصا تلك الدول التى ارسلت قوات لتبقى الاحتلال اطول مدة كما قال صدام نفسه فى رسالته؟ وبأى وجه سيواجه الحكام العرب الذين فتحوا صدورهم وأراضيهم لقوات الاحتلال أو تواطؤا معها أو صمتوا على جرائمها. وهل سيصفونه بالعنف والدكتاتورية وارتكاب جرائم ضد الانسانية اذا علق المشانق للخونة، وللعملاء من المعارضين الذين باعوا بلدهم بالمال وتجسسوا عليه ودخلوه فاتحين مع اولى دبابات القوات الغازية وسهلوا احتلاله؟!
هذا الاحتمال الوارد جدا، بدأ يؤرق الامريكان ومعظم الحكام العرب اكثر مما كان يؤرقهم وضع العراق قبل احتلاله، ذلك لانه كانت لديهم وقتها مبررات جاهزة ضد نظامه، تعزف على انغام الديكتاتورية، واستمرار زج البلد فى حروب مفتعلة متتالية، ومعاداة الجيران، وحيازة اسلحة الدمار الشامل.. وما الى ذلك. فماذا سيقولون الآن؟

وماذا لو عاد صدام من بين الناس .. واحتل موقعه القيادى ثانية . ومن فوهة البندقية المقاومة للاحتلال، لا من على ظهر دبابة عسكرية رسمية؟

ماذا سيبقى للامريكان وحلفائهم (وخصوصا معظم انظمتنا) من مبررات وذرائع واتهامات؟ ثم، هل سيتمكن هو فى الاستمرار فى مواجهة كل هذا الحقد المتراكم عليه، خصوصا اذا علمنا ان كل الحروب التى شنت ضده منذ ما قبل اجتياح الكويت حتى اجتياح بغداد قد جاءت على خلفية موقفه (الارهابي) من الامريكيين الذى عبّر عنه مرارا وتكراراً وبأساليب مختلفة كان اكثرها وضوحا قوله فى اجتماع موسع مع قيادة منظمة التحرير برئاسة ابو عمار وحضور كل من ابو اللطف، ابو على مصطفي، سليمان النجاب، ياسر عبد ربه، عبدالله الحوراني، جمال الصوراني، المطران ايليا خوري، جديد الغصين، عبدالرزاق اليحيي، محمد ملحم، وشارك فيه ايضا الشيخ عبدالحميد السائح.
كما حضره من الجانب العراقي: طه ياسين رمضان، طارق عزيز وعدد من المسؤولين، وقد عقد هذا الاجتماع ـ بالتحديد ـ الساعة الثامنة مساء يوم 19 نيسان 1990 (الذى صادف فى شهر رمضان)، وقبل الافطار بساعة ونصف حسب توقيت بغداد وقال الرئيس صدام ما يلى بالحرف : لقد كانت السنوات الماضية ـ ايها الاخوة ـ مليئة بالمرارة، حوصرت هذه الامة بكامب ديفيد ونتائجه. واستنزفت فى حروب ومواجهات ما زالت مستمرة حتى الآن. يجب علينا نحن العرب ان نفقه لغة سياسية اكثر وضوحا وصلابة بعد الآن وإلا لماذا تعقد القمم العربية. إذا كانت لأجل البيانات (نحن لا نريدها)، نريدها ان تواجه التحدى بتحد مقابل .
فى رأيى ان كابول ليست اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، بل هى القدس، ويجب ان تضرب المنظمة (اى منظمة التحرير) بالعصا على رأس هذه الانظمة لأخذ حقوقها وليس بأسلوب الترجى .
وبعد استعراض مسهب للاوضاع السياسية وصولا الى حديثه عن تهديد امريكى ضمنى ابلغه اياه وفد من الكونغرس عبر رسالة رسمية تقول ان امريكا تعتبر الصواريخ العراقية تهديدا لمصالحها تابع الرئيس صدام كلامه قائلا بالحرف ايضا : تمام، ولم لا؟ مادامت امريكا هى سند اسرائيل المعتدية على الشعب الفلسطينى والامة العربية. ان علينا ان نستعد لمواجهة امريكا، وان نجهز انفسنا لهذه المهمة. نحن ليس لدينا صواريخ تصل واشنطن (لو كان عندنا لضربناها). لكننا نستطيع الوصول بطرق اخري، فصاحب الحق لا يخاف وعليه ان يقاتل من اجل حقه. ونقول لهم ردا على ما ابلغوه لنا: سنضرب اسرائيل ولن نعتذر لأحد عما اعلناه حتى تنصاع للحق العربى (وكان قبلها قد اعلن تصريحه المشهور سنحرق نصف اسرائيل اذا اعتدت علينا). انه صدام.. بلا تشكيك
هذا بعض ما قاله صدام بالامس واليوم وهو يعكس بوضوح عقليته المعروفة للجميع، ومع ذلك اصرت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية وحدها من بين وكالات وصحف ووسائل اعلام العالم الى التشكيك بالرسالة الاخيرة المنسوبة اليه، ووصفتها على لسان مصدر عراقى موثوق كما قالت بـ المزورة لأن التوقيع الظاهر فيها ليس توقيعه!
ردا على هذا الكلام صرح الناطق الاعلامى باسم القوات العراقية المسلحة قائلا: ان توقيع الرئيس فى الازمات هو هذا ويمكنكم التأكد من ذلك بالرجوع الى ارشيف حرب الخليج الاولى والثانية والثالثة ايضا، لقد كان توقيعه هكذا دوما .
.. وبعيدا عن شكل التوقيع ومدى صحته الى آخر مما يراد اثارته لمجرد خلط الاوراق من اجل التشكيك بوجود المقاومة وصدام.. ومن اجل استمرار العزف على موال الحرية والتحرير والديمقراطية وضرورة استمرار عمليات التفتيش على اسلحة الدمار الشامل، الموجودة حتما كما يقولون بعيدا عن ذلك، يجزم كل من يعرف هذا الرجل، ان الكلام كلامه والمفردات مفرداته والعقلية العربية ، البدوية ، الرافضة للذل عقليته... والايام بيننا.