الفرقاني
14-07-2005, 04:34 PM
فليذهبوا إلى الجحيم!
شبكة البصرة
د. إبراهيم علوش
لم تنقل وسائل الإعلام العربية الصورة بالكامل. فبالنسبة للكثيرين في الشارع العربي، خارج الدوائر المألوفة الرسمية وغير الرسمية، كم كان رخيصاً واستفزازياً مشهد بازار الإدانات المسفوحة عند أقدام السادة الغربيين إثر تفجيرات لندن وإعدام السفير المصري لدى النظام العميل في بغداد!!
لم يكن مطلوباً ممن أدانوا وشجبوا أن يؤيدوا تلك العمليات على الملأ، ولا أن يذكروا بجرائم بريطانيا القديمة والحديثة ضدنا، كما حدث مثلاً خلال مساهمتها الفعالة في محاصرة واحتلال العراق، ولا أن يذكروا أن الرضوخ للضغوط الأمريكية للاعتراف ديبلوماسياً بنظام الحكم العميل في بغداد كان اغتيالاً سياسياً لسيادة الأمة على أرضها... لا، كان يكفيهم، احتراماً لأنفسهم ولمعاناة الأمة، أن يصمتوا، خاصةً بعدما أدمن كثيرون منهم الصمت إزاء مآسينا.
ولكن السادة الغربيين لم يكونوا ليقبلوا بالصمت، فقد باتت إدانة "الإرهاب" شرطاً لمجرد الحياة على السطح السياسي، للرسميين والمعارضين على حدٍ سواء، والمقصود بالتأكيد ليس إدانة "إرهاب الدولة" الذي يمارسه الطرف الأمريكي-الصهيوني أو بريطانيا العظمى منذ عقودٍ وقرون خلت.
لاحظوا إذن أن سطحاً سياسياً كهذا، يقلم المشاعر والأفكار المباحة لتنسجم مع المشهد الأمريكي، ولا يترك مكاناً فيه للمشاعر والأفكار الحقيقية، أصبح بحد ذاته أحد معامل تفريخ الإرهاب، إذا استعرنا هنيهةً إحدى التعبيرات الرائجة على السطح السياسي نفسه.
الإعلاميون والكتاب العرب، في معظمهم، أسهموا لدوافع مختلفة بصناعة هذا المشهد الموبوء المبتسر. فقد تنافحوا للذود عن المعتدي إذ تلقى كدمة صغيرة بعد أن أثخننا بالجراح. ولكن ثمة أسئلة حقيقية تطرح نفسها بقوة هنا بغض النظر عن موقف المرء السياسي أو الفكري من الذين قاموا بتفجيرات لندن أو بإعدام السفير المصري، مثلاً:
1) لماذا نترك تحديد قواعد الاشتباك للعدو؟ وهل من حقه أن ينقل الموت والدمار إلى بلادنا بينما ينعم هو بالطمأنينة والأمن؟
2) هل تشربّنا إلى هذه الدرجة علاقة الدونية الثقافية والنفسية تجاه "الخواجات" الغربيين، واحتقار الذات، أو تقديس هالة السلطة، حتى نثور ونفور حرصاً على "المدنيين الآمنين" في الغرب بعد البلادة الوضيعة إذ تكرر وسائل الإعلام على مسامعنا يومياً: طفل في الضفة... عائلة في سيارة قتلها الأمريكيون في العراق؟
3) هل يجوز أصلاً أن نقارن كمية ونوعية الضرر والأذى الذي ألحقه الغرب بنا بالضرر والأذى الذي لحق به، ولو افترضنا جدلاً أننا ضد التفجيرات وضد القاعدة وضد كل العمل المسلح؟ من البادئ؟ من الذي مارس المجازر الجماعية منذ القرن التاسع عشر في السودان والعراق وفلسطين؟
4) إذا كانت الأنظمة العربية متهاونة ومفرطة، فلماذا يتهاون المثقفون والمعارضون؟ هل نتجاهل حقيقة أن سير الإعلاميين والكتاب، وأحزاب المعارضة، مع التيار يعود عليهم بفوائد جمة، والعكس بالعكس؟
5) هل يطرحون على الأقل، كما فعل حزب الله، معادلة إخراج المدنيين الغربيين من المعركة (وليس في الكيان الصهيوني مدنيون)، مقابل إخراج مدنيينا من دائرة الاستهداف؟
6) هل يجوز أن نبني موقفنا السياسي برمته على حسابات أولئك العرب المعنيين بكسب "الغرب" والاندماج فيه بأي ثمن؟
يقولون لك أن ما حدث في لندن يثير الرأي العام الغربي ضدنا، خاصة المتضامن معنا في أوروبا. ولكن هل يقف الرأي العام ضد السياسات الظالمة والعدوانية لحكوماته، أم يقف معنا فقط إذا بقينا نذبح كالنعاج؟ بل أثبت التاريخ أن الرأي العام في المعسكر المعادي تزداد فائدته بمقدار ما تزداد فاعلية مقاومتنا المسلحة..
السفير؟ دمه على أيدي النظام المصري الذي قبل الرضوخ لأمريكا والاعتراف بالنظام العميل في بغداد. وقد كان بالمناسبة قائماً بالأعمال في السفارة المصرية في الكيان الصهيوني، وهذا لا عذر له فيه، حتى لو تجاهلنا اعترافه أن مهمته كانت التعرف على قيادات المقاومة العراقية لإبرازها لأمريكا... وعلى كل حال، من حق المقاومة العراقية أن تزعزع استقرار النظام العميل وأن تمنع السفارات المعترفة به من العمل بشكل طبيعي
http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/FalYathhabooElaaALJaheem.htm
شبكة البصرة
الاربعاء 7 جمادى الآخر 1426 / 13 تموز 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
شبكة البصرة
د. إبراهيم علوش
لم تنقل وسائل الإعلام العربية الصورة بالكامل. فبالنسبة للكثيرين في الشارع العربي، خارج الدوائر المألوفة الرسمية وغير الرسمية، كم كان رخيصاً واستفزازياً مشهد بازار الإدانات المسفوحة عند أقدام السادة الغربيين إثر تفجيرات لندن وإعدام السفير المصري لدى النظام العميل في بغداد!!
لم يكن مطلوباً ممن أدانوا وشجبوا أن يؤيدوا تلك العمليات على الملأ، ولا أن يذكروا بجرائم بريطانيا القديمة والحديثة ضدنا، كما حدث مثلاً خلال مساهمتها الفعالة في محاصرة واحتلال العراق، ولا أن يذكروا أن الرضوخ للضغوط الأمريكية للاعتراف ديبلوماسياً بنظام الحكم العميل في بغداد كان اغتيالاً سياسياً لسيادة الأمة على أرضها... لا، كان يكفيهم، احتراماً لأنفسهم ولمعاناة الأمة، أن يصمتوا، خاصةً بعدما أدمن كثيرون منهم الصمت إزاء مآسينا.
ولكن السادة الغربيين لم يكونوا ليقبلوا بالصمت، فقد باتت إدانة "الإرهاب" شرطاً لمجرد الحياة على السطح السياسي، للرسميين والمعارضين على حدٍ سواء، والمقصود بالتأكيد ليس إدانة "إرهاب الدولة" الذي يمارسه الطرف الأمريكي-الصهيوني أو بريطانيا العظمى منذ عقودٍ وقرون خلت.
لاحظوا إذن أن سطحاً سياسياً كهذا، يقلم المشاعر والأفكار المباحة لتنسجم مع المشهد الأمريكي، ولا يترك مكاناً فيه للمشاعر والأفكار الحقيقية، أصبح بحد ذاته أحد معامل تفريخ الإرهاب، إذا استعرنا هنيهةً إحدى التعبيرات الرائجة على السطح السياسي نفسه.
الإعلاميون والكتاب العرب، في معظمهم، أسهموا لدوافع مختلفة بصناعة هذا المشهد الموبوء المبتسر. فقد تنافحوا للذود عن المعتدي إذ تلقى كدمة صغيرة بعد أن أثخننا بالجراح. ولكن ثمة أسئلة حقيقية تطرح نفسها بقوة هنا بغض النظر عن موقف المرء السياسي أو الفكري من الذين قاموا بتفجيرات لندن أو بإعدام السفير المصري، مثلاً:
1) لماذا نترك تحديد قواعد الاشتباك للعدو؟ وهل من حقه أن ينقل الموت والدمار إلى بلادنا بينما ينعم هو بالطمأنينة والأمن؟
2) هل تشربّنا إلى هذه الدرجة علاقة الدونية الثقافية والنفسية تجاه "الخواجات" الغربيين، واحتقار الذات، أو تقديس هالة السلطة، حتى نثور ونفور حرصاً على "المدنيين الآمنين" في الغرب بعد البلادة الوضيعة إذ تكرر وسائل الإعلام على مسامعنا يومياً: طفل في الضفة... عائلة في سيارة قتلها الأمريكيون في العراق؟
3) هل يجوز أصلاً أن نقارن كمية ونوعية الضرر والأذى الذي ألحقه الغرب بنا بالضرر والأذى الذي لحق به، ولو افترضنا جدلاً أننا ضد التفجيرات وضد القاعدة وضد كل العمل المسلح؟ من البادئ؟ من الذي مارس المجازر الجماعية منذ القرن التاسع عشر في السودان والعراق وفلسطين؟
4) إذا كانت الأنظمة العربية متهاونة ومفرطة، فلماذا يتهاون المثقفون والمعارضون؟ هل نتجاهل حقيقة أن سير الإعلاميين والكتاب، وأحزاب المعارضة، مع التيار يعود عليهم بفوائد جمة، والعكس بالعكس؟
5) هل يطرحون على الأقل، كما فعل حزب الله، معادلة إخراج المدنيين الغربيين من المعركة (وليس في الكيان الصهيوني مدنيون)، مقابل إخراج مدنيينا من دائرة الاستهداف؟
6) هل يجوز أن نبني موقفنا السياسي برمته على حسابات أولئك العرب المعنيين بكسب "الغرب" والاندماج فيه بأي ثمن؟
يقولون لك أن ما حدث في لندن يثير الرأي العام الغربي ضدنا، خاصة المتضامن معنا في أوروبا. ولكن هل يقف الرأي العام ضد السياسات الظالمة والعدوانية لحكوماته، أم يقف معنا فقط إذا بقينا نذبح كالنعاج؟ بل أثبت التاريخ أن الرأي العام في المعسكر المعادي تزداد فائدته بمقدار ما تزداد فاعلية مقاومتنا المسلحة..
السفير؟ دمه على أيدي النظام المصري الذي قبل الرضوخ لأمريكا والاعتراف بالنظام العميل في بغداد. وقد كان بالمناسبة قائماً بالأعمال في السفارة المصرية في الكيان الصهيوني، وهذا لا عذر له فيه، حتى لو تجاهلنا اعترافه أن مهمته كانت التعرف على قيادات المقاومة العراقية لإبرازها لأمريكا... وعلى كل حال، من حق المقاومة العراقية أن تزعزع استقرار النظام العميل وأن تمنع السفارات المعترفة به من العمل بشكل طبيعي
http://www.freearabvoice.org/arabi/maqalat/FalYathhabooElaaALJaheem.htm
شبكة البصرة
الاربعاء 7 جمادى الآخر 1426 / 13 تموز 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس