المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لولا اقتراب الهزيمة لما اعترفت ادارة بوش بمفاوضات المقاومة



الفرقاني
07-07-2005, 02:24 PM
لولا اقتراب الهزيمة لما اعترفت ادارة بوش بمفاوضات المقاومة


بغداد-العرب اونلاين : قدم الرئيس الامريكى جورج بوش ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد، فضلا عن عدد من قادة القوات الامريكية، اعترافا هو الاول من نوعه الاسبوع الماضى بان الواقع فى العراق ليس ورديا كما دأبت ماكينة الدعاية الامريكية على الافتراض طوال السنتين الماضيتيين. ولم يقتصر الامر على القول ان عمليات المقاومة تشهد تصاعدا ملموسا، بل ذهبت الولايات المتحدة الى حد الاعتراف، للمرة الأولى أيضا، بوجود مفاوضات مع قيادة المقاومة.

بعض المصادر الامريكية تراهن على ان هذه المفاوضات يمكن ان تؤدى الى شق صفوف الجماعات المسلحة لكى تقع فى بعضها البعض، اذا قدم لها اغراءات من هنا وهناك. ولكن مصادر عراقية تقول ان قيادة المقاومة تدرك جيدا هذا الفخ وانها تحرص على عدم الوقوع فيه وذلك بالتمسك بالمواقف المبدئية التى تلتزم بها جميع اطراف وجهات المقاومة. وتضيف هذه المصادر ان الولايات المتحدة لم تكن لتقبل على الاعلان عن وجود مفاوضات، او حتى الاعتراف بوجود قوات مقاومة وطنية اصلا ما لم تشعر ان قواتها هى تطرق بالفعل ابواب الهزيمة.

وقالت المصادر ان الخيار الأمثل امام قوات المقاومة الوطنية، بمختلف مجموعاتها، هو تصعيد العمليات لكى يصبح الاعتراف بالهزيمة معلنا بما لا يقبل اللبس.

والسؤال الذى لم يمكن العثور على اجابة عليه هو: اذا خرجت دبابات الاحتلال من العراق، فى غضون سنة او اثنين، فماذا سيكون مصير عملاء هذه الدبابات؟ هل سيبقون فى العراق لاقامة تحالفات وبناء "ديمقراطية"، ام انهم سيهربون بما "خف حمله" مما نهبوه من اموال العراق؟

وتذهب الترجيحات انهم جميعا سوف يخرجون من الصورة لحساب قيادات عراقية جديدة. وبالتالى سيهرب العملاء والمأجورون بما سرقوه، ولكنهم سيحاولون الابقاء على قيادات شابة غير متورطة فى اعمال الفساد التى رعتها الادارات الامريكية المتعاقبة والتى اسفرت عن تبديد أكثر من ثمانية مليارات دولار اختفت فى حسابات ضبابية.

ويشمل الامر حزب البعث العربى الاشتراكى نفسه، حيث يتوقع ان تبرز قيادات جديدة، من تلك التى تتولى قيادة عمليات المقاومة، لتحل محل القيادات القديمة. ويرجح ان يحتفظ بعض هذه القيادات بمن فيها الرئيس السابق صدام حسين بمواقع شرفية.

اما فيما يتعلق بمحاكمات اركان النظام السابق، فمن المرجح ان يجرى تسوية الأمر كله بصفقة واحدة تقضى بالاعتراف بان عملاء الاحتلال ارتكبوا جرائم حرب مماثلة لجرائم الحرب التى ارتكبت فى ظل النظام السابق، وان العدالة تقتضى اما العفو عن الجميع فى اطار مشروع لمصالحة وطنية شاملة، او محاكمة الجميع فى ظل نظام قضائى مستقل، على ان تنفذ الاحكام ضد الجميع فى وقت واحد.

وكان الرئيس بوش حاول اظهار تماسك جبهته فى مواجهة تراجع شعبيته وانتقادات عدد متزايد من اعضاء الكونغرس وفشل الجيش الامريكى فى كسب متطوعين جدد بينما خسرت قواته حتى الآن 01 فى المائة من قوتها، بين قتيل "0571" وجريح "00531" من مجموع 051 الف جندي.

ويقول مراقبون فى حال استمرت الهجمات ضد القوات الامريكية والمليشيات الطائفية الموالية لها فان النتيجة ستكون مروعة أكثر، بحيث لن تمر سنة قبل ان يبدأ الهروب الكبير على غرار الهروب من سايغون.

وفى خطاب استهدف اخماد الشكوك بين الامريكيين المنزعجين من تزايد عدد القتلى الامريكيين فى العراق قال بوش "أمامنا المزيد من العمل وستكون هناك لحظات صعبة تختبر فيها عزيمة امريكا. اننا نقاتل ضد رجال تتملكهم الكراهية العمياء ومسلحين بأسلحة فتاكة وبوسعهم ان يرتكبوا أى فظائع". ولكن بوش لم يعلن فى خطابه الذى اذاعه التلفزيون على الهواء يوم الثلاثاء الماضى أى تغيير فى استراتيجيته ودعا الى التحلى بالصبر مصرا على ان الجنود الامريكيين سيبقون فى العراق لحين تدريب عدد كاف من وحدات الجيش العراقى لحماية البلاد من المسلحين الذين اغتالوا فى اليوم نفسه عضوا بارزا بالبرلمان العراقى وقتلوا جنديين امريكيين. مذكرين حكومة الاحتلال بان اعضاءها لن يستطيعون العيش يوما واحدا خارج المنطقة الخضراء.

وقال بوش ان تحديد موعد لانسحاب القوات الامريكية مثلما يطالب بعض اعضاء الكونغرس الامريكى سيكون "خطأ خطيرا". وأضاف "وسط كل هذا العنف..أعرف أن الامريكيين يتساءلون هل تستحق الحرب التضحيات .. انها تستحق وهى حيوية لامن بلدنا فى المستقبل".

ومع الاعتراف بوجود مفاوضات، فان السؤال الذى يفرض نفسه: مع من تجرى هذه المفاوضات وهل الجماعات التى تجرى معها الولايات المتحدة مفاوضاتها تمثل شيئا مهما فى البلد الذى تتوالد فيه الجماعات المسلحة كل يوم بحيث غدت تعد بالعشرات دون ان يكون لاى منها الثقل الذى يجعلها تستطيع الحد من العمليات المسلحة التى يقوم بها الاخرون.

وحسب الطريقة الامريكية المعتادة تم تسريب اخبار المفاوضات عبر صحيفة بريطانية هى "صاندى تايمز" ثم اكدها وزير الدفاع الامريكى دونالد رامسفيلد الذى اقر بعقد لقاءات مع ممثلى فصائل من المقاومة فى العراق بمبادرة من الولايات المتحدة.

واشارت تلك الاخبار الى ان المفاوضات حضرها ممثلون عن جماعة انصار السنة، والجيش الاسلامى فى العراق، وجيش التحرير العراقي، وجيش محمد وفصائل صغيرة اخري، غير ان جماعة انصار السنة نفت فى بيان على الانترنت قطعيا ان يكون اى من ممثليها التقى مع ممثلين عن الادارة الامريكية واكدت تصميمها على مواصلة المقاومة.

وينتظر ان تنفى الجماعات الاخرى انباء المفاوضات حتى وان كانت صحيحة.

لكن المشكلة الاساسية هى هل هذه الجماعات التى ذكرتها الصحيفة البريطانية تمثل ثقلا فى المقاومة وهل سيؤدى الاتفاق معها لو تم الى ايقاف العمليات المسلحة فى العراق؟

اكبر الظن ان الجواب هو بالنفى ففى العراق العشرات من هذه الجماعات وهى غير موحدة وليس لها اهداف مشتركة واذا ما تأكد ان احداها او كلها دخلت فى اتفاق مع الامريكيين فان الجماعات الاخرى ستصمها بالعمالة او على اقل تقدير تعلن انها لا تمثل المقاومة.

وكان رامسفيلد وصف الأنباء عن المفاوضات بأنها مضخمة، ولكن قائد القوات الأميركية فى العراق الجنرال جورج كيسي، ترك الباب مفتوحا أمام مثل هذا الاحتمال.

وقال كيسي: "إن قادتنا بمستوى قادة الفرق والألوية يلتقون روتينيا بزعماء العشائر المحلية، وليس صحيحا اعتبار مثل هذه المباحثات بمثابة مفاوضات".

وأضاف: "إن هذه المباحثات تهدف أساسا إلى إلحاق هؤلاء القادة السنة والناس الذين يمثلونهم بالعملية السياسية.

ولكننا لم نصل بعد إلى المرحلة التى يمكن معها اعتبارها مفاوضات مع المتمردين لوقف تمردهم".

ولكنه لفت إلى "إننا قد نبدأ بالتحرك فى ذلك الاتجاه".