الفرقاني
03-07-2005, 05:32 PM
فى أحدث شهادة أمام مجلس الشيوخ الأمريكي
حرب بوش فى العراق انتهت إلى هزيمة كبري
نحن نتعامل مع الخسائر العراقية باعتبارها أقل أهمية من خسائرنا
خلقنا خطة مساعدة طويلة الأجل مثيرة للسخرية
نحتاج أن نتوقف عن تضليل العراقيين والشعب الأمريكي
فى جلسة استماع عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى فى الأول من فبراير الماضى لموضوع استراتيجيات لإعادة تشكيل السياسة الأمريكية فى العراق والشرق الأوسط.
قدم أنتونى كوردسمان الأستاذ بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن تقريرا يعد بمثابة شهادة أمام اللجنة، قال فيها: يتوجب على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة للفشل فى العراق، إلا أن الخروج تكتيك وليس استراتيجية، فإن من شأن الخروج من العراق أن يمحو الخسائر البشرية الأمريكية ونفقات خوض الحرب، ولكنه يخلق من المشكلات قدر ما يحل، بل وأكثر، وبالتالى فإن ترك ميراث من الفشل السياسى والفوضى والصراع الأهلى فى العراق ليس استراتيجية.. وقال إن وضع استراتيجية يعنى أنه يتوجب علينا أن نعيد بناء موقفنا برمته فى الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا، وأن نعيد هيكلة سياستنا الأمنية ومركزنا الاقليمى فى منطقة تضمن نحو ستين بالمئة من احتياطيات النفط المؤكدة، وأن نواجه ما سيزعم التطرف الإسلامى أنه نصر هائل، وأن نتصدى لإيران نووية وأن نجد طريقا إلى إعادة توطيد صدقيتنا فى العالم. وقد يصبح التوقف والفرار ضرورة، ولكنه لا يمكن أن يكون استراتيجية، لا يمكن أن يكون إلا هزيمة كبرى.
يتعين علينا أيضا أن ندرك أننا حيث نحن اليوم بسبب ما يقارب سنتين من إخفاقات كان من الممكن تجنبها فى السياسة والقيادة الأمريكيتين، بقدر ما إننا حيث نحن اليوم بسبب المصاعب التى تنطوى عليها مساعدة العراق على أن يصبح بلدا مستقرا وناجحا.
وباختصار ارتكبنا تسعة أخطاء كبرى:
1- خضنا الحرب على أساس معلومات مخابراتية مغلوطة ومبررات لم نستطع الدفاع عنها أمام العالم وأمام العراقيين.
2- تخطينا عملية التنسيق بين الوكالات بتجاهلنا تحذيرا بعد آخر من خبراء فى المخابرات الأمريكية وقادة عسكريين ذوى خبرة بالمنطقة وخبراء خارجيين من أننا لن نستقبل استقبال محررين يخوضون حربا عادلة، إنما سيستقبلنا شعب ذو حس قومى عال ومنقسم لكنه لا يريد أجانب ومحتلين أن يقرروا مصيره.
3- خططنا لحرب خضناها لإزاحة صدام من السلطة دون أى خطة ذات معنى لعمليات تهدف إلى تحقيق الاستقرار، حيث سمحنا لفوضى سياسية واقتصادية أن تحل ونحن نتقدم وفى أعقاب سقوط صدام مباشرة.
4- لم تعد قواتنا المسلحة لمهمات عسكرية مدنية للتصدى للإرهاب والمقاومة، أو للعب دور المحتل فى أمة لها دين آخر ولغة أخرى وثقافة مغايرة، أو للمزج بين المخابرات البشرية والأسلحة التى تحتاج إليها هذه القوات من أجل الحرب بعد الحرب ونتيجة لهذا أجبرنا قواتنا على أن تتكيف ببطء تحت الضغط وفى مواجهة عدو أخذ بالنمو.
5- لمدة عام افترضنا أن الحكم العام فى صورة سلطة التحالف المؤقتة يمكن أن يحكم العراق ويخطط مستقبله بدلا من العراقيين.. زودنا كثيرا منهم بطواقم أفراد يفتقرون إلى الخبرة من المعينين والموالين عقائديا، فكانوا ينفقون كل وقتهم تقريبا فى جيب آمن، وكانوا يؤدون الخدمة فقط لفترات قصيرة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر.
6- لمدة عام طورنا خططا مثلى للإصلاح السياسى لم تستطع البقاء حية بعد اشتباك مع الواقع، ركزنا لأبعد كثيرا مما يجب على إجراء انتخابات عامة وصياغة دستور دون أن نركز بدرجة مماثلة على حكم فعال على الأصعدة الوطنية والمناطقية والمحلية.
7- لمدة عام كانت لدينا قيادة عسكرية فى العراق لم تكن تستطيع أن تعمل فى تعاون وثيق مع قيادة سلطة التحالف المؤقتة، قيادة عاشت فى حالة إنكار بشأن مستوى العداء الشعبى الذى نواجهه ومقاومة تنمو بإطراد.
8- لمدة عام لم نقم بمحاولة جادة لخلق قوات عسكرية وأمنية وشرطة عراقية تستطيع الوقوف بذاتها فى التصدى لمقاومة تزداد نموا وإرهابا وخروجا على القانون. عوضا عن ذلك رأينا قوات عراقية من نوع يشكل تهديدا ممكنا لديمقراطيتنا المثلى، وشعرنا بأن بإمكان قواتنا أن تلحق بسهولة هزيمة بمقاومة مؤلفة من عدد يتراوح بين 5000 و 6000 من الموالين لنظام الحكم السابق.
9- لمدة عام حاولنا معالجة أمر الاقتصاد العراقى الذى كان بمثابة حكم قيادة من اللصوص كما لو أن بالإمكان تحويلها بسرعة وبسهولة إلى اقتصاد حديث تحركه السوق. لقد أرسلنا إلى هناك خبراء لسلطة التحالف المؤقتة لا يملكون خبرة حقيقية ويفتقرون إلى الاستمرارية.
لقد خلقنا خطة مساعدة طويلة الأجل مثيرة للسخرية وتفتقر إلى فهم ذى مغزى أو مسح للمشكلات الاقتصادية التى يواجهها العراق، وفهم لاحتياجات العراقيين وتوقعاتهم، وتفتقر إلى الموهبة لدى الحكومة الأمريكية أو لدى جماعات المقاولين المتعاقدين، لتنفيذ مثل هذه الخطة أو تطوير نوع الخطط والبرامج التى تركز على متطلبات الأجلين القصير والمتوسط التى يحتاج إليها العراق فعلا.
السؤال الآن ما هو الذى ينبغى عمله لتعزيز الخطوات التى اتخذناها بالفعل:
إن على أن أشدد على أن إجاباتى المقترحة كان ينبغى أن تصاغ فى مناخ موجه فيه قدر قليل ملحوظ من الواقعية من جانب الحكومة الأمريكية فى نشر التقارير عن القياسات الضرورية لفهم الطبيعة الحقيقية للمقاومة.
فلدينا قدر ضئيل من المعلومات ذات المغزى عن نتائج جهودنا لخلق قوى عراقية فعالة، وعبر المشكلات الاقتصادية التى يواجهها العراق، وعن الأثر الفعلى لمساعدتنا. لقد استعضنا عن الاستطلاعات المفيدة لنا ذاتيا فى تبرير مواقفنا بدلا من استطلاع إدراكات العراقيين بصورة جدية وموضوعية.
مع ذلك فإننى أعتقد أن هناك معلومات كافية متاحة للبرهنة على أن هناك خمس خطوات يمكن أن تزيد فرص نجاحنا إلى ما يتجاوز مستوى خمسين على خمسين، ويحتاج هذا بوضوح لأن يتم فورا إذا كان لنا أن نتحرك قدما نحو النجاح خلال السنة المقبلة.
علينا أن نفعل كل ما باستطاعتنا للبرهنة على استقلال الهيكل السياسى العراقى البازغ بينما نشجع الشمول وشكلا ما من أشكال الفدرالية ونعين عملية الحكم. إن افتتاننا بالانتخابات يحتاج لأن يسايره تركيز عملى على مساعدة الحكم بينما نمحو تدريجيا وبصورة مطردة أى مستوى عال من التدخل أو الضغط على الحكومة العراقية.
إن العراقيين لا يقيسون الشرعية أساسا بمعايير الانتخابات. إنهم يقيسونها بمعايير القدرة الحقيقية على الحكم وعلى إعطاء العراقيين كافة نصيبا عادلا من الثروة والسلطة، وعلى توفير الأمن الشخصى، وعلى توفير العمل والفرص الاقتصادية، وعلى توفير الخدمات التعليمية والصحية، وتوفير الماء والكهرباء والصرف الصحى.
كذلك فإن العراقيين لا يقيسون الشرعية بمعايير قدرة حكومة عراقية على تنفيذ سياسات مستقلة، والاختلاف مع الولايات المتحدة وقوى خارجية أخرى، واتخاذ قرارات مرئية دون أن يكون أحد يراقب الحكومة العراقية من ورائها.
إننا لا يمكن أن نتوقف عن تقديم المشورة، ولكن يتعين علينا أن نتوقف عن الإملاء، فحيثما توجد حاجة إلى دعم خارجى، سيكون من المستحسن دائما أن تأتى من الأمم المتحدة أو من البريطانيين أو من جهود دولية أوسع وليس نتيجة فعل انفرادى تقوم به الولايات المتحدة.
إن كل شيء نفعله فى العراق سيفشل ما لم نطور خطة مقنعة لخلق قوى عراقية لديها القيادة والخبرة والتجهيزات والتسهيلات التى تحتاج إليها لتأمين بلدها بدوننا وتنفيذها فعليا.
إن خلق قوى عراقية محل قوات التحالف هو الشرط الضرورى للعمل الأمريكى. وليس هناك نقد أشد تدميرا للإخفاقات المتواصلة فى السياسة الأمريكية من الافتقار إلى خطة كهذه فى شكل علنى إذا كان هناك وجود لمثل هذه الخطة على الإطلاق. وعلاوة على هذا فإنها ينبغى أن تكون خطة تبرهن للشعب العراقى والمنطقة و الكونجرس والشعب الأمريكى، على أننا نستطيع أن ننجز شكلا ذا معنى من أشكال الانتصار فى العراق.
وليست التجهيزات والتسهيلات مسألة عارضة. لا شيء مما نفعله حتى يومنا هذا بدأ يصبح كافيا. والحقيقة أننى كأمريكى أجد من الأمور التى تثير الازدراء غالبا ما ننتقد القوات العراقية على سلوكها حينما نرسلها إلى منشآت لا يمكن حمايتها فى عربات غير محمية لا يمكن لأمريكى أن يكون مستعدا لاستخدامها راغبا وبأسلحة أدنى من أسلحة أعدائهم. ونحن عندئذ نرفض أن نصدر تقريرا دقيقا بالخسائر البشرية العراقية جنبا إلى جنب مع خسائرنا نحن، ونتعامل مع خسائرهم، باعتبارها أقل أهمية من خسائرنا.
هل يمكن لأى عضو فى مجلس الشيوخ أو فى مجلس النواب أن يرسل ابنه أو ابنته فى ظل ظروف كهذه لو كانوا عراقيين؟ هل يتوقع أى عضو فى الكونجرس أن يقف ابنه أو ابنته وأن يموت بلا هدف؟
لقد حان الوقت لكى تشرح الإدارة كيف ستلبى خططنا الراهنة على وجه التحديد الحاجة إلى قوات عراقية قوية ومستقلة، ومتى ستزود القوات العراقية بالتجهيزات والمنشآت والقدرات التى تحتاج إليها حقا لإلحاق هزيمة بالمقاومين وحدها.
إننا بحاجة لأن تتم إعادة تنظيم جهود المعونة التى نقوم بها للتركيز على الاستقرار فى الأجلين القصير والقريب ولدعم حملة مكافحة المقاومة وللنظر بعين الجد فى الاستعاضة عن قيادة وكالة المعونة الدولية الأمريكية فى جهود مساعدة العراق. إن أمور السياسةدقيقة، ولكن الاقتصادات دقيقة بالمثل. ونحن بحاجة إلى برنامج لتلبية احتياجات العراق الاقتصادية الفورية، وللمساعدة فى إقرار الأمن، وأن يتم هذا بإدارة العراقيين وتنفيذهم بالطريق التى توفر فى النهاية كل المال للعراقيين.
وأننى أقدر حقيقة أن معظم التركيز بلا عقل على جهود المعونة الطويلة الأجل الذى شكل طلباتنا المبدئية للعون قد استبدلت ببرمجة معتبرة لمشروعات قصيرة الأجل تلبى الحاجات العراقية، وتعطى مالا للعراقيين وتجلب استقرارا ودعما للجهود الأمنية.
وعلى أى الأحوال، وحتى فى ظل أفضل الظروف ينبغى أن نغادر العراق خلال سنتين أو ثلاث، وبمجرد أن تستطيع قوات عراقية أن تحل محلنا وليس هذا خيارا، حيث إنه لا سياسة فى العراق أو فى هذه المنطقة أو فى العالم يمكن أن تنجح، حيث تسعى الولايات المتحدة للاحتفاظ بقواعد أو البقاء بصفة محتل.
باتفاق خاص مع مجلة المستقبل العربي
حرب بوش فى العراق انتهت إلى هزيمة كبري
نحن نتعامل مع الخسائر العراقية باعتبارها أقل أهمية من خسائرنا
خلقنا خطة مساعدة طويلة الأجل مثيرة للسخرية
نحتاج أن نتوقف عن تضليل العراقيين والشعب الأمريكي
فى جلسة استماع عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى فى الأول من فبراير الماضى لموضوع استراتيجيات لإعادة تشكيل السياسة الأمريكية فى العراق والشرق الأوسط.
قدم أنتونى كوردسمان الأستاذ بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن تقريرا يعد بمثابة شهادة أمام اللجنة، قال فيها: يتوجب على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة للفشل فى العراق، إلا أن الخروج تكتيك وليس استراتيجية، فإن من شأن الخروج من العراق أن يمحو الخسائر البشرية الأمريكية ونفقات خوض الحرب، ولكنه يخلق من المشكلات قدر ما يحل، بل وأكثر، وبالتالى فإن ترك ميراث من الفشل السياسى والفوضى والصراع الأهلى فى العراق ليس استراتيجية.. وقال إن وضع استراتيجية يعنى أنه يتوجب علينا أن نعيد بناء موقفنا برمته فى الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا، وأن نعيد هيكلة سياستنا الأمنية ومركزنا الاقليمى فى منطقة تضمن نحو ستين بالمئة من احتياطيات النفط المؤكدة، وأن نواجه ما سيزعم التطرف الإسلامى أنه نصر هائل، وأن نتصدى لإيران نووية وأن نجد طريقا إلى إعادة توطيد صدقيتنا فى العالم. وقد يصبح التوقف والفرار ضرورة، ولكنه لا يمكن أن يكون استراتيجية، لا يمكن أن يكون إلا هزيمة كبرى.
يتعين علينا أيضا أن ندرك أننا حيث نحن اليوم بسبب ما يقارب سنتين من إخفاقات كان من الممكن تجنبها فى السياسة والقيادة الأمريكيتين، بقدر ما إننا حيث نحن اليوم بسبب المصاعب التى تنطوى عليها مساعدة العراق على أن يصبح بلدا مستقرا وناجحا.
وباختصار ارتكبنا تسعة أخطاء كبرى:
1- خضنا الحرب على أساس معلومات مخابراتية مغلوطة ومبررات لم نستطع الدفاع عنها أمام العالم وأمام العراقيين.
2- تخطينا عملية التنسيق بين الوكالات بتجاهلنا تحذيرا بعد آخر من خبراء فى المخابرات الأمريكية وقادة عسكريين ذوى خبرة بالمنطقة وخبراء خارجيين من أننا لن نستقبل استقبال محررين يخوضون حربا عادلة، إنما سيستقبلنا شعب ذو حس قومى عال ومنقسم لكنه لا يريد أجانب ومحتلين أن يقرروا مصيره.
3- خططنا لحرب خضناها لإزاحة صدام من السلطة دون أى خطة ذات معنى لعمليات تهدف إلى تحقيق الاستقرار، حيث سمحنا لفوضى سياسية واقتصادية أن تحل ونحن نتقدم وفى أعقاب سقوط صدام مباشرة.
4- لم تعد قواتنا المسلحة لمهمات عسكرية مدنية للتصدى للإرهاب والمقاومة، أو للعب دور المحتل فى أمة لها دين آخر ولغة أخرى وثقافة مغايرة، أو للمزج بين المخابرات البشرية والأسلحة التى تحتاج إليها هذه القوات من أجل الحرب بعد الحرب ونتيجة لهذا أجبرنا قواتنا على أن تتكيف ببطء تحت الضغط وفى مواجهة عدو أخذ بالنمو.
5- لمدة عام افترضنا أن الحكم العام فى صورة سلطة التحالف المؤقتة يمكن أن يحكم العراق ويخطط مستقبله بدلا من العراقيين.. زودنا كثيرا منهم بطواقم أفراد يفتقرون إلى الخبرة من المعينين والموالين عقائديا، فكانوا ينفقون كل وقتهم تقريبا فى جيب آمن، وكانوا يؤدون الخدمة فقط لفترات قصيرة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر.
6- لمدة عام طورنا خططا مثلى للإصلاح السياسى لم تستطع البقاء حية بعد اشتباك مع الواقع، ركزنا لأبعد كثيرا مما يجب على إجراء انتخابات عامة وصياغة دستور دون أن نركز بدرجة مماثلة على حكم فعال على الأصعدة الوطنية والمناطقية والمحلية.
7- لمدة عام كانت لدينا قيادة عسكرية فى العراق لم تكن تستطيع أن تعمل فى تعاون وثيق مع قيادة سلطة التحالف المؤقتة، قيادة عاشت فى حالة إنكار بشأن مستوى العداء الشعبى الذى نواجهه ومقاومة تنمو بإطراد.
8- لمدة عام لم نقم بمحاولة جادة لخلق قوات عسكرية وأمنية وشرطة عراقية تستطيع الوقوف بذاتها فى التصدى لمقاومة تزداد نموا وإرهابا وخروجا على القانون. عوضا عن ذلك رأينا قوات عراقية من نوع يشكل تهديدا ممكنا لديمقراطيتنا المثلى، وشعرنا بأن بإمكان قواتنا أن تلحق بسهولة هزيمة بمقاومة مؤلفة من عدد يتراوح بين 5000 و 6000 من الموالين لنظام الحكم السابق.
9- لمدة عام حاولنا معالجة أمر الاقتصاد العراقى الذى كان بمثابة حكم قيادة من اللصوص كما لو أن بالإمكان تحويلها بسرعة وبسهولة إلى اقتصاد حديث تحركه السوق. لقد أرسلنا إلى هناك خبراء لسلطة التحالف المؤقتة لا يملكون خبرة حقيقية ويفتقرون إلى الاستمرارية.
لقد خلقنا خطة مساعدة طويلة الأجل مثيرة للسخرية وتفتقر إلى فهم ذى مغزى أو مسح للمشكلات الاقتصادية التى يواجهها العراق، وفهم لاحتياجات العراقيين وتوقعاتهم، وتفتقر إلى الموهبة لدى الحكومة الأمريكية أو لدى جماعات المقاولين المتعاقدين، لتنفيذ مثل هذه الخطة أو تطوير نوع الخطط والبرامج التى تركز على متطلبات الأجلين القصير والمتوسط التى يحتاج إليها العراق فعلا.
السؤال الآن ما هو الذى ينبغى عمله لتعزيز الخطوات التى اتخذناها بالفعل:
إن على أن أشدد على أن إجاباتى المقترحة كان ينبغى أن تصاغ فى مناخ موجه فيه قدر قليل ملحوظ من الواقعية من جانب الحكومة الأمريكية فى نشر التقارير عن القياسات الضرورية لفهم الطبيعة الحقيقية للمقاومة.
فلدينا قدر ضئيل من المعلومات ذات المغزى عن نتائج جهودنا لخلق قوى عراقية فعالة، وعبر المشكلات الاقتصادية التى يواجهها العراق، وعن الأثر الفعلى لمساعدتنا. لقد استعضنا عن الاستطلاعات المفيدة لنا ذاتيا فى تبرير مواقفنا بدلا من استطلاع إدراكات العراقيين بصورة جدية وموضوعية.
مع ذلك فإننى أعتقد أن هناك معلومات كافية متاحة للبرهنة على أن هناك خمس خطوات يمكن أن تزيد فرص نجاحنا إلى ما يتجاوز مستوى خمسين على خمسين، ويحتاج هذا بوضوح لأن يتم فورا إذا كان لنا أن نتحرك قدما نحو النجاح خلال السنة المقبلة.
علينا أن نفعل كل ما باستطاعتنا للبرهنة على استقلال الهيكل السياسى العراقى البازغ بينما نشجع الشمول وشكلا ما من أشكال الفدرالية ونعين عملية الحكم. إن افتتاننا بالانتخابات يحتاج لأن يسايره تركيز عملى على مساعدة الحكم بينما نمحو تدريجيا وبصورة مطردة أى مستوى عال من التدخل أو الضغط على الحكومة العراقية.
إن العراقيين لا يقيسون الشرعية أساسا بمعايير الانتخابات. إنهم يقيسونها بمعايير القدرة الحقيقية على الحكم وعلى إعطاء العراقيين كافة نصيبا عادلا من الثروة والسلطة، وعلى توفير الأمن الشخصى، وعلى توفير العمل والفرص الاقتصادية، وعلى توفير الخدمات التعليمية والصحية، وتوفير الماء والكهرباء والصرف الصحى.
كذلك فإن العراقيين لا يقيسون الشرعية بمعايير قدرة حكومة عراقية على تنفيذ سياسات مستقلة، والاختلاف مع الولايات المتحدة وقوى خارجية أخرى، واتخاذ قرارات مرئية دون أن يكون أحد يراقب الحكومة العراقية من ورائها.
إننا لا يمكن أن نتوقف عن تقديم المشورة، ولكن يتعين علينا أن نتوقف عن الإملاء، فحيثما توجد حاجة إلى دعم خارجى، سيكون من المستحسن دائما أن تأتى من الأمم المتحدة أو من البريطانيين أو من جهود دولية أوسع وليس نتيجة فعل انفرادى تقوم به الولايات المتحدة.
إن كل شيء نفعله فى العراق سيفشل ما لم نطور خطة مقنعة لخلق قوى عراقية لديها القيادة والخبرة والتجهيزات والتسهيلات التى تحتاج إليها لتأمين بلدها بدوننا وتنفيذها فعليا.
إن خلق قوى عراقية محل قوات التحالف هو الشرط الضرورى للعمل الأمريكى. وليس هناك نقد أشد تدميرا للإخفاقات المتواصلة فى السياسة الأمريكية من الافتقار إلى خطة كهذه فى شكل علنى إذا كان هناك وجود لمثل هذه الخطة على الإطلاق. وعلاوة على هذا فإنها ينبغى أن تكون خطة تبرهن للشعب العراقى والمنطقة و الكونجرس والشعب الأمريكى، على أننا نستطيع أن ننجز شكلا ذا معنى من أشكال الانتصار فى العراق.
وليست التجهيزات والتسهيلات مسألة عارضة. لا شيء مما نفعله حتى يومنا هذا بدأ يصبح كافيا. والحقيقة أننى كأمريكى أجد من الأمور التى تثير الازدراء غالبا ما ننتقد القوات العراقية على سلوكها حينما نرسلها إلى منشآت لا يمكن حمايتها فى عربات غير محمية لا يمكن لأمريكى أن يكون مستعدا لاستخدامها راغبا وبأسلحة أدنى من أسلحة أعدائهم. ونحن عندئذ نرفض أن نصدر تقريرا دقيقا بالخسائر البشرية العراقية جنبا إلى جنب مع خسائرنا نحن، ونتعامل مع خسائرهم، باعتبارها أقل أهمية من خسائرنا.
هل يمكن لأى عضو فى مجلس الشيوخ أو فى مجلس النواب أن يرسل ابنه أو ابنته فى ظل ظروف كهذه لو كانوا عراقيين؟ هل يتوقع أى عضو فى الكونجرس أن يقف ابنه أو ابنته وأن يموت بلا هدف؟
لقد حان الوقت لكى تشرح الإدارة كيف ستلبى خططنا الراهنة على وجه التحديد الحاجة إلى قوات عراقية قوية ومستقلة، ومتى ستزود القوات العراقية بالتجهيزات والمنشآت والقدرات التى تحتاج إليها حقا لإلحاق هزيمة بالمقاومين وحدها.
إننا بحاجة لأن تتم إعادة تنظيم جهود المعونة التى نقوم بها للتركيز على الاستقرار فى الأجلين القصير والقريب ولدعم حملة مكافحة المقاومة وللنظر بعين الجد فى الاستعاضة عن قيادة وكالة المعونة الدولية الأمريكية فى جهود مساعدة العراق. إن أمور السياسةدقيقة، ولكن الاقتصادات دقيقة بالمثل. ونحن بحاجة إلى برنامج لتلبية احتياجات العراق الاقتصادية الفورية، وللمساعدة فى إقرار الأمن، وأن يتم هذا بإدارة العراقيين وتنفيذهم بالطريق التى توفر فى النهاية كل المال للعراقيين.
وأننى أقدر حقيقة أن معظم التركيز بلا عقل على جهود المعونة الطويلة الأجل الذى شكل طلباتنا المبدئية للعون قد استبدلت ببرمجة معتبرة لمشروعات قصيرة الأجل تلبى الحاجات العراقية، وتعطى مالا للعراقيين وتجلب استقرارا ودعما للجهود الأمنية.
وعلى أى الأحوال، وحتى فى ظل أفضل الظروف ينبغى أن نغادر العراق خلال سنتين أو ثلاث، وبمجرد أن تستطيع قوات عراقية أن تحل محلنا وليس هذا خيارا، حيث إنه لا سياسة فى العراق أو فى هذه المنطقة أو فى العالم يمكن أن تنجح، حيث تسعى الولايات المتحدة للاحتفاظ بقواعد أو البقاء بصفة محتل.
باتفاق خاص مع مجلة المستقبل العربي