الفرقاني
02-07-2005, 05:43 PM
عفوا .. الديمقراطية انتشرت بحد السيف
25/5/1426
أمير سعيد
حينما تطرق أذناي هذه العبارة "الإسلام انتشر بالسيف" يستدعي خيالي أول ما يستدعي صورة شيخ تقليدي ترتسم على محياه أمارات الخجل وهو يدافع بكل قواه ترهات المستشرقين والمستغربين حول الإسلام.
"لا , الإسلام لم ينتشر بحد السيف" يقول لمحدثيه . وما يعتمل في نفس الشيخ البسيط أنه بصدد مناظرة ستفضي في الأخير إلى قناعة تترسخ عند خصومه تحدوهم لأن يتراجعوا عن تخرصاتهم حول الإسلام.
قبل 14 قرناً كان خالد بن الوليد رضي الله عنه منطلقاً بجيشه الظافر عبر الأنبار من قلب العراق إلى تخوم الشام مخلصاًً العرب من حيف الرومان بعد الفرس , ويوم الثلاثاء 28 يونيو 2005 سيرت الولايات المتحدة حملتها العسكرية الخامسة للقضاء على من تسميهم الولايات المتحدة الأمريكية بالإرهابيين والمسلحين الأجانب (الأجانب أي العرب في بلد العروبة/العراق) في منطقة الأنبار ذاتها وتحديداً ـ ووفقاً لبيان مشاة البحرية الأمريكية ـ على طول نهر الفرات في المنطقة الواقعة بين مدينتي حديثة وهيت , وإلى هنا وليس في الأمر جديد , لكن الداعي إلى التوقف التاريخي عند هذه المحطة العسكرية من محطات الاعتداء الأمريكية على البلد الحضاري العريق/العراق هو ما أطلقته الولايات المتحدة على هذه الحملة وهو اسم "السيف".
جدلية انتشار الإسلام بحد السيف من عدمها تتضاءل كثيراً أمام ما يمكن أن نسميه تغول الديمقراطية الأمريكية الزائفة التي تستبيح لنفسها تكرار الاعتداءات على بلدان مسالمة باسم نشر الحرية والديمقراطية
لا ريب الاعتداءات متكررة ونسمع بها صباح مساء , وقد حصدت في طريقها "التحريري" عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء في حروب العراق النظامية وغير النظامية ومثلهم حملتهم على القيد خلف قضبان الحرية الأمريكية في أبي غريب وأم قصر وغيرهما , بيد أن الجديد هو هذا الإعلان الصريح الذي يشي بكل وضوح بأن الديمقراطية الأمريكية تنتشر بحد السيف وعبر حملة السيف وقبلها حملة الحربة والماتادور.
أنا لن أجادل في كينونة هذه الديمقراطية المجتزأة التي تروج لها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ولن أحاول أن ألمح تناقضاً بين الحملة الجديدة وتصريح وزيرة الخارجية الأمريكية أثناء لقائها مع مجموعة "الإصلاحيين التسعة" في شيراتون القاهرة قبل حملة السيف بثمانية أيام والتي قالت فيه :"إننا نعرف أنه لا توجد ديمقراطية تفرض على الشعوب , ولكن كل ما تريده الشعوب يتحقق" , وإنما فقط أريد أن أشدد على أن العراق يوم فتحه خالد لم يكن يطفو على بحر من النفط يحوي أكبر احتياطي نفطي في العالم , ولم تكن "إسرائيل" قد قامت إلى جواره لتحمل أكبر خطيئة احتلالية في التاريخ , لم يكن قد قطع الفيافي ليضمن لها الأمن وللمستوطنين الاستقرار.
جدلية انتشار الإسلام بحد السيف من عدمها تتضاءل كثيراً أمام ما يمكن أن نسميه تغول الديمقراطية الأمريكية الزائفة التي تستبيح لنفسها تكرار الاعتداءات على بلدان مسالمة باسم نشر الحرية والديمقراطية , وهل يمكن إلا أن نضع الضغوط الأمريكية للتسويق لمنتج أمريكي بائر هو الديمقراطية الانتقائية التي تستبعد سوى محازبيها من الجنة الأمريكية الموعودة في خانة نشر هذه الديمقراطية الأعرج في التاريخ بقوة السيف الذي عاد إلى الظهور برمزيته القاهرة من خلال حملات الأنبار في الرمادي والفلوجة والقائم وغيرها..
بإمكان الشيخ البسيط أو معلمنا في المرحلة الإعدادية أن يصيح بكل حباله الصوتية بأن خالد بن الوليد لم تكن فتوحاته إلا صورة استباقية من الضربات والحروب الاستباقية التي نفذها ضد الفرس والروم على حد سواء والتي لم تبتدعها الولايات المتحدة الأمريكية , بإمكانه أن يقول إنها كانت في سياق نشر الحريات في العالم , بإمكانه أن يصيخ أسماعنا بأن الحرية دائماً تنتشر بحد السيف ودوما في الأنبار !!
بالفعل يمكنه أن يردد تلك الأحاديث التي تحمل من الهزل أكثر مما تحمل من الجد , فقط لكي لا يشعر الأبناء بالخجل الذي يريد الآباء أن يشعروهم به من حضارتهم العريقة التي حقيق على الحضارة الغربية ـ مجازاً ـ أن تحني رأسها لها معلنة أنها بالهمجية جاءت وبالعدوان أتت.
التاريخ الصادق يشهد بأن أربعة أخماس من دخلوا في الإسلام اعتنقوه عن طريق التجارة ؛ فهل حملت لنا سلسلة قمم "دافوس" واتفاقية الجات والتجارة الحرة غير تكريس هيمنة رأس المال الغربي الطاغي وانسياب مناطق احتكاراته لتشمل كل يوم مزيداً من المناطق "الحرة" الاقتصادية ؟ إن العالم أضحى الآن يئن بكل اللغات من وطأة الهيمنة الغربية الرهيبة على معظم المقاطع المفصلية في اقتصاده النامي ببطء , والذي يعد أحد أسباب بطئه الرئيسة هو هذا السيف المسلط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية الحائل وانطلاقة الاقتصاد العالمي من دون سطوة الأمريكيين. (بلغت مبيعات الولايات المتحدة من الأسلحة على مدار السنوات الست الماضية ما قيمته 151.9 مليار دولار لدول أسيوية وإفريقية عديدة / صحيفة سيدني هيرالد 26 يونيو 2005)
سيف دافوس , وسيف الأنبار وغير الأنبار وتعليمات كونداليزا رايس كلها سيوف تنتشر بحدها السلطة المفردة للولايات المتحدة وقيمها الاقتصادية والعسكرية والثقافية , عشرات الملايين من القتلى من الهنود الحمر واليابانيين والأوربيين والعرب والأسيويين حصدهم السيف الأمريكي , ومئات الملايين حصدهم سيف الإفقار الأمريكي في بلدان آسيا وإفريقيا وما زال الشيخ البسيط يجادل خصومه : هل الإسلام انتشر بالسيف !!
-------------------------------
مواد اخرى للكـاتب :-
بوش وصدام: أيهما العاري؟!
ثمانون عاماً و"أحوازنا" العربية محتلة
طرقات خطاب بوش على أبواب أوروبا ورؤوس حكام المنطقة
عيد العالم الإسلامي .. إطلالة أمل عابرة للأحزان
بعد صعود عباس، الانتفاضة إلى النحر أو النصر؟!
تسونامي.. وطوفان الأفكار
في مصر .. كيف تنصرت منتقبة ؟!
تأملات في الانتخابات البلدية السعودية
بين الخاطف والمخطوف
يوم غزة .. ويوم الرجيع
25/5/1426
أمير سعيد
حينما تطرق أذناي هذه العبارة "الإسلام انتشر بالسيف" يستدعي خيالي أول ما يستدعي صورة شيخ تقليدي ترتسم على محياه أمارات الخجل وهو يدافع بكل قواه ترهات المستشرقين والمستغربين حول الإسلام.
"لا , الإسلام لم ينتشر بحد السيف" يقول لمحدثيه . وما يعتمل في نفس الشيخ البسيط أنه بصدد مناظرة ستفضي في الأخير إلى قناعة تترسخ عند خصومه تحدوهم لأن يتراجعوا عن تخرصاتهم حول الإسلام.
قبل 14 قرناً كان خالد بن الوليد رضي الله عنه منطلقاً بجيشه الظافر عبر الأنبار من قلب العراق إلى تخوم الشام مخلصاًً العرب من حيف الرومان بعد الفرس , ويوم الثلاثاء 28 يونيو 2005 سيرت الولايات المتحدة حملتها العسكرية الخامسة للقضاء على من تسميهم الولايات المتحدة الأمريكية بالإرهابيين والمسلحين الأجانب (الأجانب أي العرب في بلد العروبة/العراق) في منطقة الأنبار ذاتها وتحديداً ـ ووفقاً لبيان مشاة البحرية الأمريكية ـ على طول نهر الفرات في المنطقة الواقعة بين مدينتي حديثة وهيت , وإلى هنا وليس في الأمر جديد , لكن الداعي إلى التوقف التاريخي عند هذه المحطة العسكرية من محطات الاعتداء الأمريكية على البلد الحضاري العريق/العراق هو ما أطلقته الولايات المتحدة على هذه الحملة وهو اسم "السيف".
جدلية انتشار الإسلام بحد السيف من عدمها تتضاءل كثيراً أمام ما يمكن أن نسميه تغول الديمقراطية الأمريكية الزائفة التي تستبيح لنفسها تكرار الاعتداءات على بلدان مسالمة باسم نشر الحرية والديمقراطية
لا ريب الاعتداءات متكررة ونسمع بها صباح مساء , وقد حصدت في طريقها "التحريري" عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء في حروب العراق النظامية وغير النظامية ومثلهم حملتهم على القيد خلف قضبان الحرية الأمريكية في أبي غريب وأم قصر وغيرهما , بيد أن الجديد هو هذا الإعلان الصريح الذي يشي بكل وضوح بأن الديمقراطية الأمريكية تنتشر بحد السيف وعبر حملة السيف وقبلها حملة الحربة والماتادور.
أنا لن أجادل في كينونة هذه الديمقراطية المجتزأة التي تروج لها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ولن أحاول أن ألمح تناقضاً بين الحملة الجديدة وتصريح وزيرة الخارجية الأمريكية أثناء لقائها مع مجموعة "الإصلاحيين التسعة" في شيراتون القاهرة قبل حملة السيف بثمانية أيام والتي قالت فيه :"إننا نعرف أنه لا توجد ديمقراطية تفرض على الشعوب , ولكن كل ما تريده الشعوب يتحقق" , وإنما فقط أريد أن أشدد على أن العراق يوم فتحه خالد لم يكن يطفو على بحر من النفط يحوي أكبر احتياطي نفطي في العالم , ولم تكن "إسرائيل" قد قامت إلى جواره لتحمل أكبر خطيئة احتلالية في التاريخ , لم يكن قد قطع الفيافي ليضمن لها الأمن وللمستوطنين الاستقرار.
جدلية انتشار الإسلام بحد السيف من عدمها تتضاءل كثيراً أمام ما يمكن أن نسميه تغول الديمقراطية الأمريكية الزائفة التي تستبيح لنفسها تكرار الاعتداءات على بلدان مسالمة باسم نشر الحرية والديمقراطية , وهل يمكن إلا أن نضع الضغوط الأمريكية للتسويق لمنتج أمريكي بائر هو الديمقراطية الانتقائية التي تستبعد سوى محازبيها من الجنة الأمريكية الموعودة في خانة نشر هذه الديمقراطية الأعرج في التاريخ بقوة السيف الذي عاد إلى الظهور برمزيته القاهرة من خلال حملات الأنبار في الرمادي والفلوجة والقائم وغيرها..
بإمكان الشيخ البسيط أو معلمنا في المرحلة الإعدادية أن يصيح بكل حباله الصوتية بأن خالد بن الوليد لم تكن فتوحاته إلا صورة استباقية من الضربات والحروب الاستباقية التي نفذها ضد الفرس والروم على حد سواء والتي لم تبتدعها الولايات المتحدة الأمريكية , بإمكانه أن يقول إنها كانت في سياق نشر الحريات في العالم , بإمكانه أن يصيخ أسماعنا بأن الحرية دائماً تنتشر بحد السيف ودوما في الأنبار !!
بالفعل يمكنه أن يردد تلك الأحاديث التي تحمل من الهزل أكثر مما تحمل من الجد , فقط لكي لا يشعر الأبناء بالخجل الذي يريد الآباء أن يشعروهم به من حضارتهم العريقة التي حقيق على الحضارة الغربية ـ مجازاً ـ أن تحني رأسها لها معلنة أنها بالهمجية جاءت وبالعدوان أتت.
التاريخ الصادق يشهد بأن أربعة أخماس من دخلوا في الإسلام اعتنقوه عن طريق التجارة ؛ فهل حملت لنا سلسلة قمم "دافوس" واتفاقية الجات والتجارة الحرة غير تكريس هيمنة رأس المال الغربي الطاغي وانسياب مناطق احتكاراته لتشمل كل يوم مزيداً من المناطق "الحرة" الاقتصادية ؟ إن العالم أضحى الآن يئن بكل اللغات من وطأة الهيمنة الغربية الرهيبة على معظم المقاطع المفصلية في اقتصاده النامي ببطء , والذي يعد أحد أسباب بطئه الرئيسة هو هذا السيف المسلط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية الحائل وانطلاقة الاقتصاد العالمي من دون سطوة الأمريكيين. (بلغت مبيعات الولايات المتحدة من الأسلحة على مدار السنوات الست الماضية ما قيمته 151.9 مليار دولار لدول أسيوية وإفريقية عديدة / صحيفة سيدني هيرالد 26 يونيو 2005)
سيف دافوس , وسيف الأنبار وغير الأنبار وتعليمات كونداليزا رايس كلها سيوف تنتشر بحدها السلطة المفردة للولايات المتحدة وقيمها الاقتصادية والعسكرية والثقافية , عشرات الملايين من القتلى من الهنود الحمر واليابانيين والأوربيين والعرب والأسيويين حصدهم السيف الأمريكي , ومئات الملايين حصدهم سيف الإفقار الأمريكي في بلدان آسيا وإفريقيا وما زال الشيخ البسيط يجادل خصومه : هل الإسلام انتشر بالسيف !!
-------------------------------
مواد اخرى للكـاتب :-
بوش وصدام: أيهما العاري؟!
ثمانون عاماً و"أحوازنا" العربية محتلة
طرقات خطاب بوش على أبواب أوروبا ورؤوس حكام المنطقة
عيد العالم الإسلامي .. إطلالة أمل عابرة للأحزان
بعد صعود عباس، الانتفاضة إلى النحر أو النصر؟!
تسونامي.. وطوفان الأفكار
في مصر .. كيف تنصرت منتقبة ؟!
تأملات في الانتخابات البلدية السعودية
بين الخاطف والمخطوف
يوم غزة .. ويوم الرجيع