المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من يحتضر في العراق؟



kimo17
28-06-2005, 03:59 PM
من يحتضر في العراق؟


بقلم: السيد زهره

منذ اسابيع، ادلى ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي بتصريح شهير قال فيه ان المتمردين في العراق، يقصد المقاومة ورجالها، في النزع الاخير يحتضرون ويلفظون انفاسهم الاخيرة. ما ان ادلى تشيني بهذا التصريح، حتى اصبح موضع سخرية الجميع في امريكا نفسها من جانب الساسة والكتاب ورجال الاعلام على حد سواء. اعتبروا ان تشيني يهذي ويتحدث عن وهم لا وجود له الا لديه هو، ولا يخدع احدا الا نفسه.


ومن متابعة ما كتب ونشر في الصحف الامريكية في الاسابيع القليلة الماضية حول حقيقة وابعاد ومستقبل الصراع بين المقاومة العراقية والاحتلال امكننا رصد خمسة جوانب كبرى استند اليها الساسة والكتاب والمحللون الامريكيون في سخريتهم من تصريح تشيني: اولا: الوقائع التي تجري فعلا في العراق، والتي تؤكد يوميا ان عمليات المقاومة في العراق لم تتراجع ابدا. ليس هذا فحسب، بل انها في تصاعد كبير كما ونوعا. ثانيا: اعترافات وتقديرات كبار القادة العسكريين الامريكيين. وعلى رأس هؤلاء الجنرال جون ابوزيد ، قائد القيادة الامريكية الوسطى، والشهادة التي ادلى بها في الكونجرس واكد فيها ان اعداد رجال المقاومة في ازدياد وعملياتها في تصاعد وانها ابعد ما تكون عن الانحسار. وغير هذه الشهادة، نشرت صحف امريكية في الفترة القليلة الماضية شهادات لكبار القادة العسكريين في العراق لا تكذب فقط ما قاله تشيني، بل تذهب الى ابعد من هذا بتأكيدهم ان قوات الاحتلال ليس بمقدورها هزيمة المقاومة. من هذا القبيل مثلا، ان صحيفة «فيلادلفيا انكوايرر« الامريكية نشرت تحقيقا عنوانه يلخص ما فيه «قادة عسكريون: الجيش لا يستطيع انهاء المقاومة». ثالثا: تقارير نشرتها صحف امريكية استنادا الى معلومات من العراق تؤكد ان الغالبية الساحقة جدا من رجال المقاومة هم عراقيون، وليسوا «ارهابيون» قادمون من الخارج على نحو ما يزعم المسئولون الامريكيون باستمرار. وبمعنى ان محاولة تحميل دول الجوار او ما تعتبره ادارة بوش «جماعات ارهابية» خارجية مسئولية عمليات المقاومة مجرد ذريعة واهية لن تنفع امريكا في محاولتها التقليل من شأن المقاومة ومستقبلها. رابعا: وفي الايام القليلة الماضية، نقلت صحف امريكية وبريطانية اخبارا جديدة مفزعة لادارة بوش ولحليفه توني بلير تتعلق بقدرات المقاومة. اخبار تقول، نقلا عن قادة عسكريين امريكيين في العراق، ان المقاومة العراقية تقوم بتطوير قدراتها العسكرية بشكل سريع ومذهل. فقد نجحت المقاومة مثلا في الفترة القليلة الماضية في تطوير قنبلة بمقدورها اختراق العربات العسكرية المصفحة. كما نجحت المقاومة في تطوير طريقة لتفجير القنابل عن بعد بواسطة اشعة ليزر تحت الحمراء بدلا من تفجيرها عن طريق الهواتف النقالة التي يمكن التشويش عليها. وبحسب القادة الامريكيين فإن هذا التطوير في قدرات المقاومة هو الذي يفسر النجاح الكبير لعملياتها ضد قوات الاحتلال في الفترة القليلة الماضية وارتفاع اعداد القتلى من الجنود الامريكيين. خامسا: صحيفة «واشنطن بوست» الامريكية نشرت تقارير تلفت النظر الى جانب آخر مفزع بالنسبة للإدارة الامريكية في حربها مع المقاومة العراقية. الصحيفة نشرت تقارير لمراسليها تتحدث عن انهيار رهيب في معنويات جنود الاحتلال في العراق، وعن يأسهم من قدرات قوات الحكومة العراقية. نقلت الصحيفة عن مراسليها قولهم ، بناء على المقابلات التي اجروها مع جنود الاحتلال في العراق، ان هؤلاء الجنود لم يعودوا يعرفون، لماذا يحاربون في العراق بالضبط ولأي غاية على وجه التحديد. اذن، بناء على هذه الامور الخمسة، بمقدورنا القول انه اصبح هناك شبه اجماع في امريكا اليوم على ان الذي يحتضر في العراق ويلفظ انفاسه الاخيرة، ليس المقاومة العراقية ولا رجالها ولا عملياتها، وانما الاحتلال الامريكي والمشروع الاستعماري الامريكي في العراق. بعبارة اخرى، اصبحت هناك قناعة تترسخ يوما بعد يوم في امريكا اليوم بأنه لا شيء ينتظر الاحتلال في حربه مع المقاومة سوى الهزيمة. ومع هذا ليست الهزيمة في العراق هي فقط ما تفزع ادارة بوش. هناك ما اصبح يمثل لها مصدر رعب اكبر من هذا، وبسبب المقاومة العراقية ايضا. وهذا حديث آخر.


السيد زهرة