الفرقاني
28-06-2005, 02:31 PM
هل بات خروج القوات الأمريكية من العراق وشيكاً؟
بقلم: عبدالله صالح
لم يكن إقرار "دونالد راميسفيلد"وزير الدفاع الأمريكي بالأمس بإجراء مفاوضات مع رجال المقاومة العراقية مفاجأة لكثير من المراقبين، إذ سبق أن مهدت وزيرة الخارجية لذلك منذ أسبوعين، عندما أكدت أن الإدارة الأميركية تركت الباب مفتوحا أمام مسئولين عراقيين للتفاوض مع رجال المقاومة، لاسيما بعدما فشلت قواتها في الانتصار عليهم عسكرياً، وأصبحت خسائرها المادية والبشرية في تزايد مستمر، على نحو أدى إلى زيادة حدة الضغوط من أجل إجراء انسحاب كلى أو جزئي للقوات الأمريكية من العراق، وهو الأمر الذي أصبح يلقى تأييداً من جانب عدد كبير من المسئولين في إدارة بوش.
كانت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية قد تحدثت أمس عن لقاءين عقدا أوائل الشهر الجاري بين قادة بعض فصائل المقاومة العراقية، وخصوصاً حركة "جيش أنصار السنة"، وأربعة مسئولين أميركيين هم ممثلان عن الجيش والاستخبارات وعضو في الكونجرس وممثل لسفارة الولايات المتحدة في بغداد ، مما اضطر وزير الدفاع الأميركي للاعتراف بأن مسؤولين في البنتاجون شاركوا في مفاوضات مع مجموعات مسلحة عراقية، لكن ليس مع جماعة أبو مصعب الزرقاوي، وقال رامسفيلد في سلسلة مقابلات تلفزيونية تهدف إلى احتواء الاستياء المتنامي لدى الرأي العام الأميركي حول أداء الإدارة في العراق، إن اللقاءات مع المسلحين لا تدخل في إطار التفاوض مع من أسماهم بالإرهابيين.
المفاوضات الأخيرة بين القوات الأميركية وفصائل المقاومة العراقية لم تكن هي الأولى من نوعها، فقد شهدت الأشهر الأخيرة العديد من اللقاءات بين المسئولين الأمريكيين وبعض فصائل المقاومة في بعض المدن العراقية التي شهدت قتالاً عنيفاً بين القوات الأمريكية ورجال المقاومة مثل القائم والرمادي، وأسفرت هذه المفاوضات عن فك الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة على مدينة الرمادي.
ورغم فشل الكونجرس مؤخراً في تمرير قرار يطالب الرئيس الأمريكي بسحب قواته من العراق، فإن أعداداً متزايدة من قيادات الحزب الجمهوري نفسه أصبحت تطالب بإيجاد مخرج للقوات الأمريكية من المستنقع العراقي، بعد أن كانت هذه القيادات من أشد المتحمسين لقرار شن الحرب على العراق، الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية للمبادرة بالتفاوض مع رجال المقاومة، بهدف إقناع أعضاء الكونجرس والرأي العام الأمريكي بأن واشنطن تسعى لإيجاد مخرج للأزمة العراقية، لاسيما بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن أكثر من 6% من الأمريكيين يرون ضرورة إجراء انسحاب كلى أو جزئي للقوات الأمريكية من العراق، ونحو 4% يرون أن الإدارة الأمريكية قد تورطت في العراق على نحو يماثل ورطتها في حرب فيتنام.
لقد اضطرت الإدارة الأمريكية للاعتراف بأنها أجرت مفاوضات مع مسلحين عراقيين، بعد أن أصبحت عاجزة عن تبرير استمرار أعمال العنف وتصاعد المقاومة، رغم ما تمتلكه قواتها في العراق، والبالغ عددها 14 ألف جندي، من أسلحة حديثة ومتقدمة، وقيام هذه القوات بعمليات مداهمة وتدمير واعتقال واسعة النطاق خلال العامين الماضيين في مختلف المدن العراقية.
القوات الأميركية أصبحت أمام خيارين كلاهما مر، فبقاءها في العراق يعنى مزيداً من الخسائر المادية والبشرية، في ظل تصاعد أعمال العنف وعجزها عن تحقيق الحد الأدنى من الأمن والاستقرار، كما أن الانسحاب الكامل للقوات يؤثر سلباً على صورة الولايات المتحدة ومكانتها كقوة عظمى، ولهذا بدأت الإدارة الأمريكية تفكر في بعض الحلول الوسط، ومن بينها البدء في سحب قواتها من المدن، ووضع خطة تدريجية للانسحاب ، وإحلال القوات الدولية محل القوات الأمريكية، وهى الحلول التي طرحت من جانب بعض فصائل المقاومة خلال المفاوضات الأخيرة مع المسئولين الأمريكيين.
أحد قادة الجيش الأمريكي في العراق اعترف بحدوث مفاوضات بين بعض ممثلي المقاومة العراقية وعدد من المسئولين الأمريكيين، وأن هذه المفاوضات كانت تجري في إحدى المدن العراقية التي تبعد 4 ميلاً عن العاصمة بغداد. وأضاف الجنرال الأمريكي: "منذ عدة أشهر ونحن نتابع هذه اللقاءات التي تتم مع أشخاص من جماعة أنصار السنة وبعض قادة الجماعات المسلحة الأخرى الذين تصفهم واشنطون بالإرهابيين".
لكن جماعة "جيش أنصار السنة" نفت في بيان لها على الإنترنت بالأمس حدوث أي لقاءات مع مسئولين عن الإدارة الأميركية، وأكدت عزمها على استمرار المقاومة. وجاء في البيان الذي وقعه "أبو عبد الله الحسن بن محمود أمير جيش أنصار السنة" أمس "إننا في الوقت الذي ننفي فيه نفيا قاطعا وجود أي محادثات بين جيش أنصار السنة وبين أي صليبي أو مرتد نقول للصليبيين وأذنابهم.. إن الجهاد هو الوسيلة الوحيدة لإعادة عزة وهيبة هذه الأمة". كما أنكر تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين إجراء أي اتصالات مع الأمريكيين في العراق. وقال بيان على الإنترنت حمل توقيع أبو ميسرة العراقي مسئول القسم الإعلامي بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين: "إن الكلام قد كثر حول مفاوضات كاذبة خاطئة مع الصليبيين واليهود والعجب ممن يثق بكلام من أشرك بالله تعالي وكفر به".
القوات الأمريكية في العراق باتت تعاني أزمة طاحنة، في ظل تصاعد أعمال المقاومة والتدمير في كافة المدن العراقية، وتفاقم خسائرها البشرية إلى أكثر من 1400 جنديا خلال العامين الماضيين حسب التقديرات الأمريكية الرسمية، إضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين، فضلاً عن ضغوط الرأي العام وأعضاء الكونجرس الأمريكي على إدارة بوش من أجل الخروج من العراق بأقل الخسائر..فهل تتمكن الإدارة الأمريكية من التوصل إلى صيغة للانسحاب تحفظ ما تبقى لها من كرامة ومصداقية..أم تصر على البقاء في ظل ما تواجهه من تهديدات أمنية خطيرة؟
عبدالله صالح
بقلم: عبدالله صالح
لم يكن إقرار "دونالد راميسفيلد"وزير الدفاع الأمريكي بالأمس بإجراء مفاوضات مع رجال المقاومة العراقية مفاجأة لكثير من المراقبين، إذ سبق أن مهدت وزيرة الخارجية لذلك منذ أسبوعين، عندما أكدت أن الإدارة الأميركية تركت الباب مفتوحا أمام مسئولين عراقيين للتفاوض مع رجال المقاومة، لاسيما بعدما فشلت قواتها في الانتصار عليهم عسكرياً، وأصبحت خسائرها المادية والبشرية في تزايد مستمر، على نحو أدى إلى زيادة حدة الضغوط من أجل إجراء انسحاب كلى أو جزئي للقوات الأمريكية من العراق، وهو الأمر الذي أصبح يلقى تأييداً من جانب عدد كبير من المسئولين في إدارة بوش.
كانت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية قد تحدثت أمس عن لقاءين عقدا أوائل الشهر الجاري بين قادة بعض فصائل المقاومة العراقية، وخصوصاً حركة "جيش أنصار السنة"، وأربعة مسئولين أميركيين هم ممثلان عن الجيش والاستخبارات وعضو في الكونجرس وممثل لسفارة الولايات المتحدة في بغداد ، مما اضطر وزير الدفاع الأميركي للاعتراف بأن مسؤولين في البنتاجون شاركوا في مفاوضات مع مجموعات مسلحة عراقية، لكن ليس مع جماعة أبو مصعب الزرقاوي، وقال رامسفيلد في سلسلة مقابلات تلفزيونية تهدف إلى احتواء الاستياء المتنامي لدى الرأي العام الأميركي حول أداء الإدارة في العراق، إن اللقاءات مع المسلحين لا تدخل في إطار التفاوض مع من أسماهم بالإرهابيين.
المفاوضات الأخيرة بين القوات الأميركية وفصائل المقاومة العراقية لم تكن هي الأولى من نوعها، فقد شهدت الأشهر الأخيرة العديد من اللقاءات بين المسئولين الأمريكيين وبعض فصائل المقاومة في بعض المدن العراقية التي شهدت قتالاً عنيفاً بين القوات الأمريكية ورجال المقاومة مثل القائم والرمادي، وأسفرت هذه المفاوضات عن فك الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة على مدينة الرمادي.
ورغم فشل الكونجرس مؤخراً في تمرير قرار يطالب الرئيس الأمريكي بسحب قواته من العراق، فإن أعداداً متزايدة من قيادات الحزب الجمهوري نفسه أصبحت تطالب بإيجاد مخرج للقوات الأمريكية من المستنقع العراقي، بعد أن كانت هذه القيادات من أشد المتحمسين لقرار شن الحرب على العراق، الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية للمبادرة بالتفاوض مع رجال المقاومة، بهدف إقناع أعضاء الكونجرس والرأي العام الأمريكي بأن واشنطن تسعى لإيجاد مخرج للأزمة العراقية، لاسيما بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن أكثر من 6% من الأمريكيين يرون ضرورة إجراء انسحاب كلى أو جزئي للقوات الأمريكية من العراق، ونحو 4% يرون أن الإدارة الأمريكية قد تورطت في العراق على نحو يماثل ورطتها في حرب فيتنام.
لقد اضطرت الإدارة الأمريكية للاعتراف بأنها أجرت مفاوضات مع مسلحين عراقيين، بعد أن أصبحت عاجزة عن تبرير استمرار أعمال العنف وتصاعد المقاومة، رغم ما تمتلكه قواتها في العراق، والبالغ عددها 14 ألف جندي، من أسلحة حديثة ومتقدمة، وقيام هذه القوات بعمليات مداهمة وتدمير واعتقال واسعة النطاق خلال العامين الماضيين في مختلف المدن العراقية.
القوات الأميركية أصبحت أمام خيارين كلاهما مر، فبقاءها في العراق يعنى مزيداً من الخسائر المادية والبشرية، في ظل تصاعد أعمال العنف وعجزها عن تحقيق الحد الأدنى من الأمن والاستقرار، كما أن الانسحاب الكامل للقوات يؤثر سلباً على صورة الولايات المتحدة ومكانتها كقوة عظمى، ولهذا بدأت الإدارة الأمريكية تفكر في بعض الحلول الوسط، ومن بينها البدء في سحب قواتها من المدن، ووضع خطة تدريجية للانسحاب ، وإحلال القوات الدولية محل القوات الأمريكية، وهى الحلول التي طرحت من جانب بعض فصائل المقاومة خلال المفاوضات الأخيرة مع المسئولين الأمريكيين.
أحد قادة الجيش الأمريكي في العراق اعترف بحدوث مفاوضات بين بعض ممثلي المقاومة العراقية وعدد من المسئولين الأمريكيين، وأن هذه المفاوضات كانت تجري في إحدى المدن العراقية التي تبعد 4 ميلاً عن العاصمة بغداد. وأضاف الجنرال الأمريكي: "منذ عدة أشهر ونحن نتابع هذه اللقاءات التي تتم مع أشخاص من جماعة أنصار السنة وبعض قادة الجماعات المسلحة الأخرى الذين تصفهم واشنطون بالإرهابيين".
لكن جماعة "جيش أنصار السنة" نفت في بيان لها على الإنترنت بالأمس حدوث أي لقاءات مع مسئولين عن الإدارة الأميركية، وأكدت عزمها على استمرار المقاومة. وجاء في البيان الذي وقعه "أبو عبد الله الحسن بن محمود أمير جيش أنصار السنة" أمس "إننا في الوقت الذي ننفي فيه نفيا قاطعا وجود أي محادثات بين جيش أنصار السنة وبين أي صليبي أو مرتد نقول للصليبيين وأذنابهم.. إن الجهاد هو الوسيلة الوحيدة لإعادة عزة وهيبة هذه الأمة". كما أنكر تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين إجراء أي اتصالات مع الأمريكيين في العراق. وقال بيان على الإنترنت حمل توقيع أبو ميسرة العراقي مسئول القسم الإعلامي بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين: "إن الكلام قد كثر حول مفاوضات كاذبة خاطئة مع الصليبيين واليهود والعجب ممن يثق بكلام من أشرك بالله تعالي وكفر به".
القوات الأمريكية في العراق باتت تعاني أزمة طاحنة، في ظل تصاعد أعمال المقاومة والتدمير في كافة المدن العراقية، وتفاقم خسائرها البشرية إلى أكثر من 1400 جنديا خلال العامين الماضيين حسب التقديرات الأمريكية الرسمية، إضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين، فضلاً عن ضغوط الرأي العام وأعضاء الكونجرس الأمريكي على إدارة بوش من أجل الخروج من العراق بأقل الخسائر..فهل تتمكن الإدارة الأمريكية من التوصل إلى صيغة للانسحاب تحفظ ما تبقى لها من كرامة ومصداقية..أم تصر على البقاء في ظل ما تواجهه من تهديدات أمنية خطيرة؟
عبدالله صالح