kimo17
27-06-2005, 04:57 PM
بوش الجد يعتبر المسلمين أحط المخلوقات وأن النبي مدٌعي وعنصري ويخضع للهوي!!
مصطفي سليمان
د. الشيخ (مترجم الكتاب):
المؤلف يروج لمخططات إبادة العالم الإسلامي
في سابقة هي الأولي من نوعها وافق مجمع البحوث الإسلامية 'هيئة كبار العلماء بالأزهر' علي تداول والسماح بنشر كتاب 'حياة محمد مؤسس الدين الإسلامي والإمبراطورية الإسلامية' للقس 'جورج بوش' الجد الخامس للرئيس الأمريكي الحالي.
وعلي الرغم من أن الكتاب يحمل كثيرا من المغالطات والافتراءات ضد الإسلام والرسول صلي الله عليه وسلم إلا أن تقرير المجمع الذي أعده الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الحقوق جامعة حلوان بالموافقة علي تداول الكتاب اعتبر أنه عمل توثيقي نقدي لا يتضمن إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
ورغم اعتراف التقرير أن الكتاب وردت به بعض المغالطات حول الإسلام إلا أن الدكتور محمد الجندي قال إنها مغالطات غير مستغربة باعتبار أن المؤلف رجل دين مسيحي.
يتناول كتاب القس جورج بوش الجد حياة الرسول صلي الله عليه وسلم وسيرته الذاتية بداية من نشأته من حيث الأصول العربية ورعاية جده له بعد وفاة والديه وعمله بالتجارة مع السيدة خديجة، ووفق ما جاء في تقرير المجمع فإن مؤلف الكتاب يربط بين نشأة النبي محمد صلي الله عليه وسلم ووضعه والمصاعب التي واجهته لتحقيق هدف الدين العالمي الجديد. وفي ختام التقرير أشار د. محمد الشحات الجندي إلي أن المؤلف أورد بعض المغالطات وكان من أهمها تلك المتعلقة بزواج الرسول صلي الله عليه وسلم بأكثر من 4 زوجات علما بأن هذا مخالف للقرآن الذي حدد تعدد الزوجات بأربع نساء فقط.. وكذلك حديث رحلة الإسراء والمعراج وأنها غير منطقية وتتنافي مع العلم الحديث ولكن برر د. الشحات هذه المغالطات للمؤلف بأنها ليست مستغربة لأنها صادرة من رجل دين مسيحي تكونت معرفته طبقا للأسرة المسيحية التي نشأ فيها وظروف الزمان والمكان والبيئة.
كما أن هذه المغالطات اختلف فيها المسلمون والعلماء أنفسهم حتي وقتنا الراهن وبذلك أجاز الدكتور محمد الشحات الجندي تداول الكتاب والسماح بنشره رغم كل تلك المغالطات وعرض رأيه في جلسة مجلس المجمع يوم الأربعاء الماضي بالموافقة ولنقرأ قليلا مما جاء في الكتاب.. يزعم القس جورج بوش في كتابه أن هدف رسالة محمد صلي الله عليه وسلم ليس إدخال نظام ديني جديد تماما وإنما إعادة دين الآباء والأنبياء القدامي من آدم حتي المسيح، فهو الدين الوحيد الصحيح.. وفي هذا طعن واضح ضد العقيدة الإسلامية.
ووفق النص المترجم يضيف القس بوش: والذي أثر أكثر من أي شيء في إقلاق (الدٌîعي) والمقصود هو النبي صلي الله عليه وسلم هو مطالبته مرارا وتكرارا بإثبات صدق نبوته بالمعجزات وأن هذا المطلب تملص منه محمد صلي الله عليه وسلم بطرق شتي (وفي هذا إنكار واضح لكل المعجزات التي تواترت عنه صلي الله عليه وسلم في جميع كتب السير والتاريخ) ويصف المؤلف قصة الإسراء والمعراج بأنها رحلة مزيفة وتافهة وربما ابتدعها الدٌîعي ويقصد (النبي) أيضا كي يحقق لنفسه شهرة بوصفه قديسا وربما ليرفع نفسه فوق مقام موسي كليم الله فوق الجبل المقدس ويقول إنها تصورات أو خيالات صبيانية للنبي.. وهي قصة ملحمية غبية خدع بها السذج من أتباعه بما فيها من وصف حسي وأن هذه القصة أدت إلي تخلي عدد من أتباعه عنه وأن أبا بكر أنقذه من هذه الورطة التعسة حسب تعبير المؤلف حين أعلن تصديقه للنبي. ويضيف: ليس من المحتمل أن يكون هدف محمد صلي الله عليه وسلم مجرد إدهاش اتباعه فالمراقب اليقظ لخصائص الإسلام المميزة له لن يفشل في اكتشاف ما لا يحصي من أوجه الشبه بين النظام 'الإسلامي' والدين اليهودي الذي أوحي به الله، ويبدو حسب ما يقوله القس أن الدعي 'يقصد المصطفي عليه الصلاة والسلام' قصد التشبه بموسي علي قدر ما يمكنه ويقصد أن يدخل في دينه أكبر قدر من التفاصيل الموجودة في اليهودية دون أن يدمر البساطة التي اتسم بها دينه الإسلام.
وعن تغيير القبلة يقول المؤلف 'عندما وصل محمد صلي الله عليه وسلم إلي المدينة المنورة للمرة الأولي لم يحدد أي جهة يتوجه إليها المسلمون لصلاتهم لكنه رغبة منه في التقرب من اليهود وجه اتباعه لاستقبال القدس عند الصلاة، لكن عندما وجد اليهود عنيدين وغير متجاوبين عمد بعد ستة أشهر إلي تغيير القبلة نحو الكعبة وأن تغيير القبلة كان مصدر إزعاج لكثيرين من اتباعه إذ كان يعني بالنسبة لهم تقلبا في عقائد النبي فتخلوا عنه(!!) لكن تنامي كراهيته لليهود جعله يؤكد هذا التغيير في اتجاه القبلة من القدس إلي الكعبة (وفي هذا مغالطة كبيرة تحاول أن تظهر الرسول بأنه عنصري ويتجاهل المؤلف مواقف اليهود وخيانتهم للعهد الذي أبرموه معه ويتجاهل أيضا قصة اليهودي الذي زاره الرسول في بيته أثناء مرضه رغم أن هذا اليهودي كان يؤذيه).
ويتناول المؤلف فريضة الصلاة عند المسلمين مؤكدا أنهم يؤدونها بطريقة تتسم بروح التباهي والتظاهر، فالمسلم يصلي في السوق وفي الشارع حتي يراه الناس فيقال إنه من الصالحين ويدعي المؤلف علي الرسول صلي الله عليه وسلم أنه كان يعلم الكتابة فيدعي أنه أي النبي طلب ذات مرة بعد أن أفاق من حمي شديدة قلما ورقاعا ليكتب للمسلمين كتابا يوجههم فيه لكن عمر بن الخطاب رفض تلبية الطلب خشية أن يملي النبي المحتضر ما يخالف القرآن. ويضيف المؤلف أن تاريخ محمد كله يظهر أن التعصب والطموح والشهوة كانت هي الدوافع التي تحركه كذلك العواطف والانفعالات المتأججة في صدره. وفي معرض تحليله لشخصية النبي يزعم المؤلف أن العصر الذي ظهر فيه والبلاد التي بزع فيها نجمه كانا يتسمان بالفظاظة والبربرية. وربما كان مستواه الحضاري عظيما بين القبائل البدوية ولكنه ما كان ليكون أكثر من إنسان عادي لو عاش في المحيط الأوربي المتحضر(!!)
ويتجاهل المؤلف دور الحضارة الإسلامية التي بزخ نورها في المحيط الأوربي كله وفي وقت كانت فيه أوربا تعيش عصور الظلام، ويضيف المؤلف في تجريحه 'ومع أنه كان متحمسا بطبعه إلا أنه أصبح بحكم الظروف السياسية مرائيا وكلما زادت ميوله ونزعاته انحرافا، لم يتورع عن إشباعها علي حساب الحق والعدل والصداقة والروح الإنسانية وعندما عدد الزوجات لم يفعل أكثر مما كان الناس يفعلونه في تلك البلاد إذ ساد بينهم تعدد الزوجات منذ وقت باكر.. وأيضا ينزع العرب والمسلمون وعلي رأسهم نبيهم كما يقول المؤلف إلي القسوة والعنف وهي نزعة متأصلة عندهم.. ومع أن هذا النبي طهر شرائع قومه الأخلاقية إلا أنه عمل علي استمرار ممارسة أسوأ ما كان لديهم من أفكار ولم يراع القواعد والأخلاق التي قال بها هو نفسه والتي فرضها علي الآخرين بأوامر صارمة مزعجة.. ولقد أساء استعمال حقوق النبوة التي ادعاها ليستر اسرافه في حياته الشخصية مثل زواجه بأكثر من 4 سيدات.. وينتقل المؤلف إلي الطعن في القرآن الكريم مدعيا أن الجزء الكبير منه قد صيغ لتحقيق أغراض خاصة ليكون ذريعة قلما تفشل إذا تعذرت الذرائع الأخري فجبريل ينزل بوحي يكوندائما مطابقا للغرض المطلوب تحقيقه إن شرع النبي في مشروع جديد وإن واجه اعتراضات جديدة وإن كانت هناك صعوبات يجب حلها أو تجاوزها وإن نشب نزاع بين اتباعه.. لذا فإننا نجد كنتيجة حتمية لهذا وتناقضات في هذا الكتاب (يقصد القرآن الكريم) يصعب إنكارها.. هذا بعض مما جاء في الكتاب من ذم وطعن في الرسول والإسلام ولكن الأمر الخطير الآخر إلي جانب ذلك هو ما يحمله هذا القس من أفكار صهيونية تتعلق بحتمية قيام الدولة العبرية الكبري التي يؤمن بها هذا القس جورج بوش وذلك من خلال ما ترجمه الدكتور عبد الرحمن الشيخ للكتاب والملحقات التي أوردها به.
يؤكد الدكتور عبد الرحمن عبد الله الشيخ صاحب الترجمة العربية الوحيدة للكتاب والصادرة عن دار المريخ للنشر أن الكتاب يضم أشنع ما كتب عن العرب والمسلمين والنبي محمد صلي الله عليه وسلم، والكتاب موجود في مكتبة الكونجرس الأمريكي ولهذا المؤلف عشرات من الكتب في شروح أسفار العهد القديم ويعتبر كتاب 'وادي الرؤي: إحياء رميم بني إسرائيل' من تأليف القس جورج بوش الجد من أبرز محطات الصهيونية الأمريكية الداعية إلي ضرورة العمل من أجل تجميع يهود العالم في فلسطين وتدمير امبراطورية 'السارازان' وهو الاسم الذي كان يطلقه الصليبيون وأوروبيو القرون الوسطي علي العرب والمسلمين، يعد هذا الكتاب من أهم ما ألفه جورج بوش الجد في نفس التوقيت الذي ألف فيه كتاب حياة محمد.
لقد أعيد طبع الكتاب سنة 1830 ثلاث مرات متواكبا مع تأسيس الامبراطورية الأمريكية التي قامت علي إبادة الهنود واحتلال الأراضي علي أساس أن إبادة الهنود هي الحل الضروري للحيلولة دون تلوث العرق الأبيض وأن اصطياد الوحوش في الغابات وهم العرب والمسلمون حسب تصور المؤلف مهمة أخلاقية لازمة لكي يبقي الإنسان فعلا علي صورة الله 'وهو الإنسان الأمريكي' وفي هذا الكتاب كما يقول د. عبد الرحمن الشيخ يصف الأمة العربية الإسلامية بأنها أمة من الهوام والجراد ويربط د. عبد الرحمن بين ظهور هذا الكتاب للقس جورج بوش الجد وبين ظهور كتابه الآخر في نفس التوقيت وطبعهما في هذه المرحلة من الزمن وهو كتاب 'وادي الرؤي: إحياء رميم بني إسرائيل' حيث يؤكد في كتابه الأول أن الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية قد تنبأت بظهور محمد صلي الله عليه وسلم ودينه ولا يمكن فيما يري تناول الإسلام وانتشاره بمعزل عن النبوءات اليهودية والمسيحية التي تنبأت به، إلي هنا والمسلم يري هذا الكلام في صالح الإسلام ولكن بوش يستطرد قائلا: إن الله أنزله (أي النبي صلي الله عليه وسلم) سوط عذاب للكنائس التي ضلت السبيل غير أنه يدعو الكنائس القائمة فعلا إلي العودة إلي الدين المسيحي الصحيح ساعتها فيما يقول سينزاح عنها هذا العذاب الممثل في دين محمد صلي الله عليه وسلم الذي أرسله الله لفترة محددة ليبلو به المسيحية والعالم المتحضر.
الافتراءات
ويقول القس جورج بوش الجد أيضا إن الله أراد للإسلام أن ينتصر علي يد هذا النبي المحارب ليؤدب الكنائس المسيحية التي ضلت السبيل إلي حين وأن من أسلموا سيتركون إسلامهم مرة أخري ليعودوا إلي حضن كنيسة أخري سليمة العقيدة وربما كان هذا عند عودة المسيح في الألفية وهذا يوضح بكل تأكيد تجليات المسيحية الصهيونية في عقيدة بوش الجد ويفسر أيضا السلوك العنيف للرئيس الأمريكي الحالي تجاه العالم الإسلامي وقبله أبوه جورج بوش ويؤكد الأسباب الحقيقية لمساندة أمريكا للكيان الصهيوني.
يعتبر بوش الجد أن التدخل الإلهي ومشيئته هي التي أنقذت الرسول في كل الغزوات والمؤامرات التي حيكت ضده في بداية دعوته وقيام 'هرطقته' يقصد الإسلام التي هي رأس الهرطقات.. إن صح تفسيرنا لنبوءتي دانيال ويوحنا فإن الخداع المحمدي (الإسلام) لاحظوا الألفاظ البذيئة وهي مترجمة من النص الانجليزي علي مسئولية د. عبد الرحمن الشيخ حقيقة تشهد بصحة محتوي كتبنا المقدسة، وحقيقة تاريخية تشهد بظهور الإسلام وانتشاره.
ويتساءل جورج بوش الجد قائلا: وإذا كان ما يذكر بشأن ظهور الإسلام وتقدمه وسلطانه غير كاف وإذا كانت الأسباب الدنيوية لفهم انتشار الإسلام مازالت تبدو غير كافية فإن إرادة الله هي التي غلبت لانتشار هذا الخداع المحمدي فقد أراد الله أن يعذب المسيحيين الضالين واليهود الذين خرجوا عن دينهم الصحيح فمحمد صلي الله عليه وسلم حسب ما زعمه هذا القس محنة للمسيحيين ليعود بعدها من آمن به إلي الدين الصحيح 'المسيحية علي وفق مذهبه'.
يعتبر جورج بوش الجد وطائفته من المسيحيين أن محمدا صلي الله عليه وسلم هو إنسان الخطية حاشاه أن يكون كذلك وهذا الإنسان تنبأت به رسالة بولس الثانية إلي أهل 'اليونان'، هو إنسان يظهر ويعلو شأنه قبل المجيء الثاني للمسيح عليه السلام وحسب ما ورد في الرسالة المذكورة أنه 'أي المسيح' في مجيئه الثاني لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولا ويستعلن إنسان الخطية (أي يجهر بدعوته) ابن الهلاك، المقاوم والمرتفع علي كل من يïدعي إلها أو معبودا حتي إنه يجلس في هيكل الله كإله، ويعتقد جورج بوش الجد أن إنسان الخطية المشار إليه في النبوءة هو محمد صلي الله عليه وسلم وأن الارتداد الذي يسبق المجيء الثاني للمسيح هو انتشار الإسلام، ويعتبرون جلوس إنسان الخطية في هيكل الله هو فتح المسلمين للشام وللقدس خاصة حيث الهيكل، والمؤلف وطائفته يتوقعون أيضا عند بداية كل ألفية مجيء المسيح ثانية وعودة المسلمين إلي المسيحية أو ارتدادهم عن الإسلام.
يصف جورج بوش القس معجزة شق صدر النبي صلي الله عليه وسلم وتنقية قلبه علي يد ملكين بأنها حكايات توصف بأنها من الغباء.
لذا فإن أخلاقه ظلت فوق مستوي الجنس البشري لكننا والكلام للجد بوش نجد أن تاريخ حياته وصفحات القرآن الكريم تمكننا من النظر إلي هذه الأمور التي نسبوها إليه من خلال انجازاته الشخصية مما يجعلنا نتشكك فيها ولابد.. لكن عندما نكون رأيا حول الصفات الخلقية التي عïرف بها النبي وتحلي بها لايمكن أن ننسي أنه كانت له غايات خاصة يريد تحقيقها.. لذا فمن المحال أن نفصل بين دوافعه لعمل الخيرات الصادرة عن قلب نبيل ودوافعه لعمل الخيرات لتحقيق مصالح سياسية.
ويقول القس أيضا إن النبي صلي الله عليه وسلم استغل نبوته بوصفها أداة لاشباع الرغبات الجنسية ومن الأمثلة علي ذلك ما حدث من اتصاله بالجارية المصرية مارية (القبطية). لقد وصل هذا الحب المحظور كما يقول المؤلف لمسمع إحدي زوجاته الشرعيات فوبخته فوعدها مقسما ليهدئها ألا يعود لهذا.. لكن طبيعته غلبت عليه بعد ذلك بوقت غير بعيد فلجأ إلي الوحي ليغطي هذا الخزي كما يزعم القس بوش!! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.
وإذا قرأنا السيرة الذاتية لجورج بوش الجد سنعرف بدقة من هو هذا القس وما هي أفكاره التي يدعو إليها وما الأغراض الحقيقية لتأليفه كتاب 'حياة محمد' ومحاولات الإدارة الأمريكية نشر هذا الكتاب في هذا التوقيت في العالم الإسلامي والعربي.. فليس المقصود منها فقط القدح وسب النبي صلي الله عليه وسلم والطعن في صلب العقيدة الإسلامية بل المقصود هو الترويج لفكرة الإمبراطورية الأمريكية خاصة في عهد جورج بوش الابن الرئيس الحالي وأنها هي المخلصة لهذا العالم من شرور المسلمين بما يعطي صبغة دينية لحرب الإبادة الجماعية للعالم الإسلامي بداية من أفغانستان وحتي العراق ثم محاولات التبشير بعقيدة بوش المسيحية اليمينية المحافظة فجورج بوش الجد المولود عام 1796 والمتوفي عام 1859 كان واعظا بارعا في الجدال والمناظرة وراعيا لإحدي الكنائس في إنديانا بولس واستاذا في اللغة العبرية والآداب الشرقية في جامعة نيويورك وله مؤلفات وأبحاث في شروح أسفار العهد القديم ومن أهمها كتابه الذي بين أيدينا وله تفسيرات عنصرية لنبوءتي دانيال ويوحنا وهما من الرسل الأوائل للمسيحية، فتفسيراته لهاتين النبوءتين توضح لنا وتفسر ما أصبح موجودا الآن كما يقول د. عبد الرحمن الشيخ في ترجمته لكتاب 'حياة محمد' حيث يقول: إن هذه النبوءات التي فسرها جورج بوش الجد هي التي تخطط السياسات أو هذه السياسات التي يتبعها جورج بوش الابن وتخطط الإدارة الأمريكية علي وفق نصوص هذه النبوءات التي توصف بأنها دينية لإزاحة المسلمين وتفريقهم وتقسيمهم علي أن تتولي الشعوب تدمير نفسها بنفسها ببث الخلاف بينها وإثارة مختلف النعرات فيسقط العالم الإسلامي من الداخل.
ولعل عرض هذه الأفكار يفسر لنا أسباب محاولات نشر هذا الكتاب فكيف وافق الأزهر علي نشره.. كان لابد أن نسأل الدكتور محمد الشحات الجندي الذي راجع النص الانجليزي للكتاب وأجاز نشره فقال لنا 'هذا المؤلف لم يشكك ولم يطعن في المسائل العقائدية الجوهرية.. بل العكس من يقرأ الكتاب يجد أنه نسب أمورا تعد بالمقاييس العلمية الصحيحة إضافة واعترافا جيدا من إنسان لا يؤمن بالإسلام خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الظروف التي تشكل عقليته، فهو رجل دين عاش في أوساط مسيحية وبحكم تدينه فهو يتعصب لدينه المسيحي لكن مع ذلك تكلم عن الموازنة في مواضع من كتابه فيما يتعلق بالوحدانية في الإسلام وعقيدة التثليث في المسيحية وأن المؤلف أشار بعبارات ضمنية إلي أن الدين الإسلامي أقرب منطقيا وأكثر اقناعا في مسألة الوحدانية عن التثليث وهذا في رأيي كما يقول د. الشحات الجندي يعد انتصارا إذا صح التعبير للإسلام لأنها تصدر لا لشيء إلا أنها تصدر من قس أمريكي لكن هذا لا يمنع أن المؤلف تعرض لبعض المسائل المثيرة للخلاف في الدين الإسلامي مثل 'الإسراء والمعراج' حيث يري المؤلف أنها مسألة لا تتفق مع العلم.. وقال: هل من المعقول أن أصعد من مكة إلي السماوات العلي وأذهب إلي المسجد الأقصي في ليلة واحدة؟ فبالمقاييس العادية هذا غير ممكن.. لكن طبعا كان من الضروري أن نقول في التقرير ردا علي هذا الكلام إن هذه الواقعة تعد من المعجزات، والمعجزة هي أمر خارق يتجاوز المقاييس العادية والعلمية، ويضيف د. محمد الشحات الجندي قائلا 'لقد قرأت النص الأصلي باللغة الانجليزية واحتكمت في رأيي إلي قاعدتين هما: إذا كان هناك مساس بالعقيدة أو إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة يجب عدم إجازة الكتاب.. لكن لم أجد ذلك وإنما كل ما تعرض له الكتاب مسائل اختلف فيها بعض المسلمين أنفسهم مثل، هل كان إسراء الرسول بالروح أم بالجسد؟.. وتعدد زوجات النبي أيضا فهو يتساءل أي المؤلف أن القرآن قد حدد تعدد الزوجات بأربع فقط فكيف يتزوج الرسول أكثر من ذلك؟ فلجأ إلي الكتابات الإسلامية واحتكم إلي القرآن.. فهو مجرد سرد وحكي وليس قدحا أو ذما في النبي صلي الله عليه وسلم.
ويضيف الدكتور الشحات الجندي في تبريراته للتصريح بنشر الكتاب قائلا: 'طبقا للعقلية الغربية وطبقا لهذه الأسرة (بوش) إذا أخذ ما ورد في هذا الكتاب بانصاف لبعض الحقائق الجوهرية للإسلام ولشخص الرسول صلي الله عليه وسلم فإن هذا الكتاب يكون في صالح الإسلام وليس ضده، كما قد يتبادر إلي ذهن البعض'.
وإذا كانت هذه هي رؤية د. الشحات الجندي التي يتوجب احترامها انطلاقا من حرية الرأي والفكر فإننا نقول له إن السفارة الأمريكية ذاتها اعترفت بأن الكتاب يحمل إساءة بالغة للإسلام وذلك في بيان أصدرته السفارة العام الماضي حينما نشرت وكالة رويترز قصته عن تداول الكتاب في الأول من ديسمبر عام 2004 وأكدت الوكالة أن الكتاب شوه سمعة العرب والمسلمين ويصفهم بأنهم أعراق منحطة وحشرات وجرذان وأفاعي.
وكان ل 'الأسبوع' السبق وقتها حينما نشرت عرضا للكتاب علي صفحة كاملة.
ويعلق الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية علي قصة الخلاف بين إدارة البحوث والترجمة التي أوصت بمنع نشر الكتاب وتقرير د. الشحات الجندي حول نفس الكتاب وإجازة نشره قائلا: إن المجمع به هذه الإدارة وهي تتكون من أكثر من باحث، وحينما يأتي إليها أي كتاب من أية جهة خاصة إذا كانت رسمية يقرؤه أحد الباحثين ويصدر تقريره إما بالموافقة علي النشر وإما لا، فإذا كان القرار بإجازة النشر يسير الأمر عاديا وإذا كان التقرير بوقف ومنع النشر والتداول يتم عرض الكتاب في هذه الحالة علي أحد أعضاء مجلس المجمع وهم أساتذة جامعات وعلماء في مختلف التخصصات لمراجعة الكتاب وكتابة تقرير عنه سواء بالموافقة علي النشر أو عدم الموافقة ثم يعرض التقرير في جلسة المجمع للمناقشة وينتهي بعدها الرأي بالموافقة علي النشر.
وبالنسبة لكتاب حياة 'محمد' فلم يقرأه أحد من علماء المجمع سوي الدكتور محمد الشحات الجندي ولم يجد فيه ما يسيء إلي العقيدة أو يطعن في الثوابت ولكن إذا ثبت أن الكتاب به مغالطات تسيء إلي الإسلام فهذا مما يستوجب منع نشره ومن المفترض أن تعرض هذه المغالطات في التقرير وتناقش في المجمع لكن هذا لم يحدث.
مصطفي سليمان
د. الشيخ (مترجم الكتاب):
المؤلف يروج لمخططات إبادة العالم الإسلامي
في سابقة هي الأولي من نوعها وافق مجمع البحوث الإسلامية 'هيئة كبار العلماء بالأزهر' علي تداول والسماح بنشر كتاب 'حياة محمد مؤسس الدين الإسلامي والإمبراطورية الإسلامية' للقس 'جورج بوش' الجد الخامس للرئيس الأمريكي الحالي.
وعلي الرغم من أن الكتاب يحمل كثيرا من المغالطات والافتراءات ضد الإسلام والرسول صلي الله عليه وسلم إلا أن تقرير المجمع الذي أعده الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الحقوق جامعة حلوان بالموافقة علي تداول الكتاب اعتبر أنه عمل توثيقي نقدي لا يتضمن إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
ورغم اعتراف التقرير أن الكتاب وردت به بعض المغالطات حول الإسلام إلا أن الدكتور محمد الجندي قال إنها مغالطات غير مستغربة باعتبار أن المؤلف رجل دين مسيحي.
يتناول كتاب القس جورج بوش الجد حياة الرسول صلي الله عليه وسلم وسيرته الذاتية بداية من نشأته من حيث الأصول العربية ورعاية جده له بعد وفاة والديه وعمله بالتجارة مع السيدة خديجة، ووفق ما جاء في تقرير المجمع فإن مؤلف الكتاب يربط بين نشأة النبي محمد صلي الله عليه وسلم ووضعه والمصاعب التي واجهته لتحقيق هدف الدين العالمي الجديد. وفي ختام التقرير أشار د. محمد الشحات الجندي إلي أن المؤلف أورد بعض المغالطات وكان من أهمها تلك المتعلقة بزواج الرسول صلي الله عليه وسلم بأكثر من 4 زوجات علما بأن هذا مخالف للقرآن الذي حدد تعدد الزوجات بأربع نساء فقط.. وكذلك حديث رحلة الإسراء والمعراج وأنها غير منطقية وتتنافي مع العلم الحديث ولكن برر د. الشحات هذه المغالطات للمؤلف بأنها ليست مستغربة لأنها صادرة من رجل دين مسيحي تكونت معرفته طبقا للأسرة المسيحية التي نشأ فيها وظروف الزمان والمكان والبيئة.
كما أن هذه المغالطات اختلف فيها المسلمون والعلماء أنفسهم حتي وقتنا الراهن وبذلك أجاز الدكتور محمد الشحات الجندي تداول الكتاب والسماح بنشره رغم كل تلك المغالطات وعرض رأيه في جلسة مجلس المجمع يوم الأربعاء الماضي بالموافقة ولنقرأ قليلا مما جاء في الكتاب.. يزعم القس جورج بوش في كتابه أن هدف رسالة محمد صلي الله عليه وسلم ليس إدخال نظام ديني جديد تماما وإنما إعادة دين الآباء والأنبياء القدامي من آدم حتي المسيح، فهو الدين الوحيد الصحيح.. وفي هذا طعن واضح ضد العقيدة الإسلامية.
ووفق النص المترجم يضيف القس بوش: والذي أثر أكثر من أي شيء في إقلاق (الدٌîعي) والمقصود هو النبي صلي الله عليه وسلم هو مطالبته مرارا وتكرارا بإثبات صدق نبوته بالمعجزات وأن هذا المطلب تملص منه محمد صلي الله عليه وسلم بطرق شتي (وفي هذا إنكار واضح لكل المعجزات التي تواترت عنه صلي الله عليه وسلم في جميع كتب السير والتاريخ) ويصف المؤلف قصة الإسراء والمعراج بأنها رحلة مزيفة وتافهة وربما ابتدعها الدٌîعي ويقصد (النبي) أيضا كي يحقق لنفسه شهرة بوصفه قديسا وربما ليرفع نفسه فوق مقام موسي كليم الله فوق الجبل المقدس ويقول إنها تصورات أو خيالات صبيانية للنبي.. وهي قصة ملحمية غبية خدع بها السذج من أتباعه بما فيها من وصف حسي وأن هذه القصة أدت إلي تخلي عدد من أتباعه عنه وأن أبا بكر أنقذه من هذه الورطة التعسة حسب تعبير المؤلف حين أعلن تصديقه للنبي. ويضيف: ليس من المحتمل أن يكون هدف محمد صلي الله عليه وسلم مجرد إدهاش اتباعه فالمراقب اليقظ لخصائص الإسلام المميزة له لن يفشل في اكتشاف ما لا يحصي من أوجه الشبه بين النظام 'الإسلامي' والدين اليهودي الذي أوحي به الله، ويبدو حسب ما يقوله القس أن الدعي 'يقصد المصطفي عليه الصلاة والسلام' قصد التشبه بموسي علي قدر ما يمكنه ويقصد أن يدخل في دينه أكبر قدر من التفاصيل الموجودة في اليهودية دون أن يدمر البساطة التي اتسم بها دينه الإسلام.
وعن تغيير القبلة يقول المؤلف 'عندما وصل محمد صلي الله عليه وسلم إلي المدينة المنورة للمرة الأولي لم يحدد أي جهة يتوجه إليها المسلمون لصلاتهم لكنه رغبة منه في التقرب من اليهود وجه اتباعه لاستقبال القدس عند الصلاة، لكن عندما وجد اليهود عنيدين وغير متجاوبين عمد بعد ستة أشهر إلي تغيير القبلة نحو الكعبة وأن تغيير القبلة كان مصدر إزعاج لكثيرين من اتباعه إذ كان يعني بالنسبة لهم تقلبا في عقائد النبي فتخلوا عنه(!!) لكن تنامي كراهيته لليهود جعله يؤكد هذا التغيير في اتجاه القبلة من القدس إلي الكعبة (وفي هذا مغالطة كبيرة تحاول أن تظهر الرسول بأنه عنصري ويتجاهل المؤلف مواقف اليهود وخيانتهم للعهد الذي أبرموه معه ويتجاهل أيضا قصة اليهودي الذي زاره الرسول في بيته أثناء مرضه رغم أن هذا اليهودي كان يؤذيه).
ويتناول المؤلف فريضة الصلاة عند المسلمين مؤكدا أنهم يؤدونها بطريقة تتسم بروح التباهي والتظاهر، فالمسلم يصلي في السوق وفي الشارع حتي يراه الناس فيقال إنه من الصالحين ويدعي المؤلف علي الرسول صلي الله عليه وسلم أنه كان يعلم الكتابة فيدعي أنه أي النبي طلب ذات مرة بعد أن أفاق من حمي شديدة قلما ورقاعا ليكتب للمسلمين كتابا يوجههم فيه لكن عمر بن الخطاب رفض تلبية الطلب خشية أن يملي النبي المحتضر ما يخالف القرآن. ويضيف المؤلف أن تاريخ محمد كله يظهر أن التعصب والطموح والشهوة كانت هي الدوافع التي تحركه كذلك العواطف والانفعالات المتأججة في صدره. وفي معرض تحليله لشخصية النبي يزعم المؤلف أن العصر الذي ظهر فيه والبلاد التي بزع فيها نجمه كانا يتسمان بالفظاظة والبربرية. وربما كان مستواه الحضاري عظيما بين القبائل البدوية ولكنه ما كان ليكون أكثر من إنسان عادي لو عاش في المحيط الأوربي المتحضر(!!)
ويتجاهل المؤلف دور الحضارة الإسلامية التي بزخ نورها في المحيط الأوربي كله وفي وقت كانت فيه أوربا تعيش عصور الظلام، ويضيف المؤلف في تجريحه 'ومع أنه كان متحمسا بطبعه إلا أنه أصبح بحكم الظروف السياسية مرائيا وكلما زادت ميوله ونزعاته انحرافا، لم يتورع عن إشباعها علي حساب الحق والعدل والصداقة والروح الإنسانية وعندما عدد الزوجات لم يفعل أكثر مما كان الناس يفعلونه في تلك البلاد إذ ساد بينهم تعدد الزوجات منذ وقت باكر.. وأيضا ينزع العرب والمسلمون وعلي رأسهم نبيهم كما يقول المؤلف إلي القسوة والعنف وهي نزعة متأصلة عندهم.. ومع أن هذا النبي طهر شرائع قومه الأخلاقية إلا أنه عمل علي استمرار ممارسة أسوأ ما كان لديهم من أفكار ولم يراع القواعد والأخلاق التي قال بها هو نفسه والتي فرضها علي الآخرين بأوامر صارمة مزعجة.. ولقد أساء استعمال حقوق النبوة التي ادعاها ليستر اسرافه في حياته الشخصية مثل زواجه بأكثر من 4 سيدات.. وينتقل المؤلف إلي الطعن في القرآن الكريم مدعيا أن الجزء الكبير منه قد صيغ لتحقيق أغراض خاصة ليكون ذريعة قلما تفشل إذا تعذرت الذرائع الأخري فجبريل ينزل بوحي يكوندائما مطابقا للغرض المطلوب تحقيقه إن شرع النبي في مشروع جديد وإن واجه اعتراضات جديدة وإن كانت هناك صعوبات يجب حلها أو تجاوزها وإن نشب نزاع بين اتباعه.. لذا فإننا نجد كنتيجة حتمية لهذا وتناقضات في هذا الكتاب (يقصد القرآن الكريم) يصعب إنكارها.. هذا بعض مما جاء في الكتاب من ذم وطعن في الرسول والإسلام ولكن الأمر الخطير الآخر إلي جانب ذلك هو ما يحمله هذا القس من أفكار صهيونية تتعلق بحتمية قيام الدولة العبرية الكبري التي يؤمن بها هذا القس جورج بوش وذلك من خلال ما ترجمه الدكتور عبد الرحمن الشيخ للكتاب والملحقات التي أوردها به.
يؤكد الدكتور عبد الرحمن عبد الله الشيخ صاحب الترجمة العربية الوحيدة للكتاب والصادرة عن دار المريخ للنشر أن الكتاب يضم أشنع ما كتب عن العرب والمسلمين والنبي محمد صلي الله عليه وسلم، والكتاب موجود في مكتبة الكونجرس الأمريكي ولهذا المؤلف عشرات من الكتب في شروح أسفار العهد القديم ويعتبر كتاب 'وادي الرؤي: إحياء رميم بني إسرائيل' من تأليف القس جورج بوش الجد من أبرز محطات الصهيونية الأمريكية الداعية إلي ضرورة العمل من أجل تجميع يهود العالم في فلسطين وتدمير امبراطورية 'السارازان' وهو الاسم الذي كان يطلقه الصليبيون وأوروبيو القرون الوسطي علي العرب والمسلمين، يعد هذا الكتاب من أهم ما ألفه جورج بوش الجد في نفس التوقيت الذي ألف فيه كتاب حياة محمد.
لقد أعيد طبع الكتاب سنة 1830 ثلاث مرات متواكبا مع تأسيس الامبراطورية الأمريكية التي قامت علي إبادة الهنود واحتلال الأراضي علي أساس أن إبادة الهنود هي الحل الضروري للحيلولة دون تلوث العرق الأبيض وأن اصطياد الوحوش في الغابات وهم العرب والمسلمون حسب تصور المؤلف مهمة أخلاقية لازمة لكي يبقي الإنسان فعلا علي صورة الله 'وهو الإنسان الأمريكي' وفي هذا الكتاب كما يقول د. عبد الرحمن الشيخ يصف الأمة العربية الإسلامية بأنها أمة من الهوام والجراد ويربط د. عبد الرحمن بين ظهور هذا الكتاب للقس جورج بوش الجد وبين ظهور كتابه الآخر في نفس التوقيت وطبعهما في هذه المرحلة من الزمن وهو كتاب 'وادي الرؤي: إحياء رميم بني إسرائيل' حيث يؤكد في كتابه الأول أن الكتب المقدسة اليهودية والمسيحية قد تنبأت بظهور محمد صلي الله عليه وسلم ودينه ولا يمكن فيما يري تناول الإسلام وانتشاره بمعزل عن النبوءات اليهودية والمسيحية التي تنبأت به، إلي هنا والمسلم يري هذا الكلام في صالح الإسلام ولكن بوش يستطرد قائلا: إن الله أنزله (أي النبي صلي الله عليه وسلم) سوط عذاب للكنائس التي ضلت السبيل غير أنه يدعو الكنائس القائمة فعلا إلي العودة إلي الدين المسيحي الصحيح ساعتها فيما يقول سينزاح عنها هذا العذاب الممثل في دين محمد صلي الله عليه وسلم الذي أرسله الله لفترة محددة ليبلو به المسيحية والعالم المتحضر.
الافتراءات
ويقول القس جورج بوش الجد أيضا إن الله أراد للإسلام أن ينتصر علي يد هذا النبي المحارب ليؤدب الكنائس المسيحية التي ضلت السبيل إلي حين وأن من أسلموا سيتركون إسلامهم مرة أخري ليعودوا إلي حضن كنيسة أخري سليمة العقيدة وربما كان هذا عند عودة المسيح في الألفية وهذا يوضح بكل تأكيد تجليات المسيحية الصهيونية في عقيدة بوش الجد ويفسر أيضا السلوك العنيف للرئيس الأمريكي الحالي تجاه العالم الإسلامي وقبله أبوه جورج بوش ويؤكد الأسباب الحقيقية لمساندة أمريكا للكيان الصهيوني.
يعتبر بوش الجد أن التدخل الإلهي ومشيئته هي التي أنقذت الرسول في كل الغزوات والمؤامرات التي حيكت ضده في بداية دعوته وقيام 'هرطقته' يقصد الإسلام التي هي رأس الهرطقات.. إن صح تفسيرنا لنبوءتي دانيال ويوحنا فإن الخداع المحمدي (الإسلام) لاحظوا الألفاظ البذيئة وهي مترجمة من النص الانجليزي علي مسئولية د. عبد الرحمن الشيخ حقيقة تشهد بصحة محتوي كتبنا المقدسة، وحقيقة تاريخية تشهد بظهور الإسلام وانتشاره.
ويتساءل جورج بوش الجد قائلا: وإذا كان ما يذكر بشأن ظهور الإسلام وتقدمه وسلطانه غير كاف وإذا كانت الأسباب الدنيوية لفهم انتشار الإسلام مازالت تبدو غير كافية فإن إرادة الله هي التي غلبت لانتشار هذا الخداع المحمدي فقد أراد الله أن يعذب المسيحيين الضالين واليهود الذين خرجوا عن دينهم الصحيح فمحمد صلي الله عليه وسلم حسب ما زعمه هذا القس محنة للمسيحيين ليعود بعدها من آمن به إلي الدين الصحيح 'المسيحية علي وفق مذهبه'.
يعتبر جورج بوش الجد وطائفته من المسيحيين أن محمدا صلي الله عليه وسلم هو إنسان الخطية حاشاه أن يكون كذلك وهذا الإنسان تنبأت به رسالة بولس الثانية إلي أهل 'اليونان'، هو إنسان يظهر ويعلو شأنه قبل المجيء الثاني للمسيح عليه السلام وحسب ما ورد في الرسالة المذكورة أنه 'أي المسيح' في مجيئه الثاني لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولا ويستعلن إنسان الخطية (أي يجهر بدعوته) ابن الهلاك، المقاوم والمرتفع علي كل من يïدعي إلها أو معبودا حتي إنه يجلس في هيكل الله كإله، ويعتقد جورج بوش الجد أن إنسان الخطية المشار إليه في النبوءة هو محمد صلي الله عليه وسلم وأن الارتداد الذي يسبق المجيء الثاني للمسيح هو انتشار الإسلام، ويعتبرون جلوس إنسان الخطية في هيكل الله هو فتح المسلمين للشام وللقدس خاصة حيث الهيكل، والمؤلف وطائفته يتوقعون أيضا عند بداية كل ألفية مجيء المسيح ثانية وعودة المسلمين إلي المسيحية أو ارتدادهم عن الإسلام.
يصف جورج بوش القس معجزة شق صدر النبي صلي الله عليه وسلم وتنقية قلبه علي يد ملكين بأنها حكايات توصف بأنها من الغباء.
لذا فإن أخلاقه ظلت فوق مستوي الجنس البشري لكننا والكلام للجد بوش نجد أن تاريخ حياته وصفحات القرآن الكريم تمكننا من النظر إلي هذه الأمور التي نسبوها إليه من خلال انجازاته الشخصية مما يجعلنا نتشكك فيها ولابد.. لكن عندما نكون رأيا حول الصفات الخلقية التي عïرف بها النبي وتحلي بها لايمكن أن ننسي أنه كانت له غايات خاصة يريد تحقيقها.. لذا فمن المحال أن نفصل بين دوافعه لعمل الخيرات الصادرة عن قلب نبيل ودوافعه لعمل الخيرات لتحقيق مصالح سياسية.
ويقول القس أيضا إن النبي صلي الله عليه وسلم استغل نبوته بوصفها أداة لاشباع الرغبات الجنسية ومن الأمثلة علي ذلك ما حدث من اتصاله بالجارية المصرية مارية (القبطية). لقد وصل هذا الحب المحظور كما يقول المؤلف لمسمع إحدي زوجاته الشرعيات فوبخته فوعدها مقسما ليهدئها ألا يعود لهذا.. لكن طبيعته غلبت عليه بعد ذلك بوقت غير بعيد فلجأ إلي الوحي ليغطي هذا الخزي كما يزعم القس بوش!! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.
وإذا قرأنا السيرة الذاتية لجورج بوش الجد سنعرف بدقة من هو هذا القس وما هي أفكاره التي يدعو إليها وما الأغراض الحقيقية لتأليفه كتاب 'حياة محمد' ومحاولات الإدارة الأمريكية نشر هذا الكتاب في هذا التوقيت في العالم الإسلامي والعربي.. فليس المقصود منها فقط القدح وسب النبي صلي الله عليه وسلم والطعن في صلب العقيدة الإسلامية بل المقصود هو الترويج لفكرة الإمبراطورية الأمريكية خاصة في عهد جورج بوش الابن الرئيس الحالي وأنها هي المخلصة لهذا العالم من شرور المسلمين بما يعطي صبغة دينية لحرب الإبادة الجماعية للعالم الإسلامي بداية من أفغانستان وحتي العراق ثم محاولات التبشير بعقيدة بوش المسيحية اليمينية المحافظة فجورج بوش الجد المولود عام 1796 والمتوفي عام 1859 كان واعظا بارعا في الجدال والمناظرة وراعيا لإحدي الكنائس في إنديانا بولس واستاذا في اللغة العبرية والآداب الشرقية في جامعة نيويورك وله مؤلفات وأبحاث في شروح أسفار العهد القديم ومن أهمها كتابه الذي بين أيدينا وله تفسيرات عنصرية لنبوءتي دانيال ويوحنا وهما من الرسل الأوائل للمسيحية، فتفسيراته لهاتين النبوءتين توضح لنا وتفسر ما أصبح موجودا الآن كما يقول د. عبد الرحمن الشيخ في ترجمته لكتاب 'حياة محمد' حيث يقول: إن هذه النبوءات التي فسرها جورج بوش الجد هي التي تخطط السياسات أو هذه السياسات التي يتبعها جورج بوش الابن وتخطط الإدارة الأمريكية علي وفق نصوص هذه النبوءات التي توصف بأنها دينية لإزاحة المسلمين وتفريقهم وتقسيمهم علي أن تتولي الشعوب تدمير نفسها بنفسها ببث الخلاف بينها وإثارة مختلف النعرات فيسقط العالم الإسلامي من الداخل.
ولعل عرض هذه الأفكار يفسر لنا أسباب محاولات نشر هذا الكتاب فكيف وافق الأزهر علي نشره.. كان لابد أن نسأل الدكتور محمد الشحات الجندي الذي راجع النص الانجليزي للكتاب وأجاز نشره فقال لنا 'هذا المؤلف لم يشكك ولم يطعن في المسائل العقائدية الجوهرية.. بل العكس من يقرأ الكتاب يجد أنه نسب أمورا تعد بالمقاييس العلمية الصحيحة إضافة واعترافا جيدا من إنسان لا يؤمن بالإسلام خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الظروف التي تشكل عقليته، فهو رجل دين عاش في أوساط مسيحية وبحكم تدينه فهو يتعصب لدينه المسيحي لكن مع ذلك تكلم عن الموازنة في مواضع من كتابه فيما يتعلق بالوحدانية في الإسلام وعقيدة التثليث في المسيحية وأن المؤلف أشار بعبارات ضمنية إلي أن الدين الإسلامي أقرب منطقيا وأكثر اقناعا في مسألة الوحدانية عن التثليث وهذا في رأيي كما يقول د. الشحات الجندي يعد انتصارا إذا صح التعبير للإسلام لأنها تصدر لا لشيء إلا أنها تصدر من قس أمريكي لكن هذا لا يمنع أن المؤلف تعرض لبعض المسائل المثيرة للخلاف في الدين الإسلامي مثل 'الإسراء والمعراج' حيث يري المؤلف أنها مسألة لا تتفق مع العلم.. وقال: هل من المعقول أن أصعد من مكة إلي السماوات العلي وأذهب إلي المسجد الأقصي في ليلة واحدة؟ فبالمقاييس العادية هذا غير ممكن.. لكن طبعا كان من الضروري أن نقول في التقرير ردا علي هذا الكلام إن هذه الواقعة تعد من المعجزات، والمعجزة هي أمر خارق يتجاوز المقاييس العادية والعلمية، ويضيف د. محمد الشحات الجندي قائلا 'لقد قرأت النص الأصلي باللغة الانجليزية واحتكمت في رأيي إلي قاعدتين هما: إذا كان هناك مساس بالعقيدة أو إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة يجب عدم إجازة الكتاب.. لكن لم أجد ذلك وإنما كل ما تعرض له الكتاب مسائل اختلف فيها بعض المسلمين أنفسهم مثل، هل كان إسراء الرسول بالروح أم بالجسد؟.. وتعدد زوجات النبي أيضا فهو يتساءل أي المؤلف أن القرآن قد حدد تعدد الزوجات بأربع فقط فكيف يتزوج الرسول أكثر من ذلك؟ فلجأ إلي الكتابات الإسلامية واحتكم إلي القرآن.. فهو مجرد سرد وحكي وليس قدحا أو ذما في النبي صلي الله عليه وسلم.
ويضيف الدكتور الشحات الجندي في تبريراته للتصريح بنشر الكتاب قائلا: 'طبقا للعقلية الغربية وطبقا لهذه الأسرة (بوش) إذا أخذ ما ورد في هذا الكتاب بانصاف لبعض الحقائق الجوهرية للإسلام ولشخص الرسول صلي الله عليه وسلم فإن هذا الكتاب يكون في صالح الإسلام وليس ضده، كما قد يتبادر إلي ذهن البعض'.
وإذا كانت هذه هي رؤية د. الشحات الجندي التي يتوجب احترامها انطلاقا من حرية الرأي والفكر فإننا نقول له إن السفارة الأمريكية ذاتها اعترفت بأن الكتاب يحمل إساءة بالغة للإسلام وذلك في بيان أصدرته السفارة العام الماضي حينما نشرت وكالة رويترز قصته عن تداول الكتاب في الأول من ديسمبر عام 2004 وأكدت الوكالة أن الكتاب شوه سمعة العرب والمسلمين ويصفهم بأنهم أعراق منحطة وحشرات وجرذان وأفاعي.
وكان ل 'الأسبوع' السبق وقتها حينما نشرت عرضا للكتاب علي صفحة كاملة.
ويعلق الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية علي قصة الخلاف بين إدارة البحوث والترجمة التي أوصت بمنع نشر الكتاب وتقرير د. الشحات الجندي حول نفس الكتاب وإجازة نشره قائلا: إن المجمع به هذه الإدارة وهي تتكون من أكثر من باحث، وحينما يأتي إليها أي كتاب من أية جهة خاصة إذا كانت رسمية يقرؤه أحد الباحثين ويصدر تقريره إما بالموافقة علي النشر وإما لا، فإذا كان القرار بإجازة النشر يسير الأمر عاديا وإذا كان التقرير بوقف ومنع النشر والتداول يتم عرض الكتاب في هذه الحالة علي أحد أعضاء مجلس المجمع وهم أساتذة جامعات وعلماء في مختلف التخصصات لمراجعة الكتاب وكتابة تقرير عنه سواء بالموافقة علي النشر أو عدم الموافقة ثم يعرض التقرير في جلسة المجمع للمناقشة وينتهي بعدها الرأي بالموافقة علي النشر.
وبالنسبة لكتاب حياة 'محمد' فلم يقرأه أحد من علماء المجمع سوي الدكتور محمد الشحات الجندي ولم يجد فيه ما يسيء إلي العقيدة أو يطعن في الثوابت ولكن إذا ثبت أن الكتاب به مغالطات تسيء إلي الإسلام فهذا مما يستوجب منع نشره ومن المفترض أن تعرض هذه المغالطات في التقرير وتناقش في المجمع لكن هذا لم يحدث.