المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقاومة العراقية والانتصار القريب



الفرقاني
27-06-2005, 03:05 PM
المقاومة العراقية والانتصار القريب


بقلم: صلاح عمر العلي

في معرض الرد على السناتور الجمهوري البارز شال هاغيل الذي اعتبر ان بلاده تخسر الحرب، وان ادارة الرئيس بوش منفصلة عن الواقع في مقابلة اجرتها مجلة يو. اس. نيوز اند وورلد ريبورت الاسبوعية نشرتها يوم الاحد، قال وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ان بلاده ليست في صدد خسارة الحرب في العراق، وان الذين يرددون هذه المقولة مخطئون، الا ان رمسفيلد لم يشر كما كان عليه في السابق الى ان بلاده كسبت او ستكسب هذه الحرب، الامر الذي يثير تساؤلا مهما حول مفهوم الخسارة والربح في قاموس السيد رامسفيلد في حربه على العراق.

فاذا كانت كلفة الحرب على العراق تزيد على مئتي مليار دولار حتى الان وفرضت على ميزانية الدولة الاميركية ديونا باهظة لم تشهدها اميركا طوال حياتها، وفرضت على كاهل المواطن الامريكي مزيدا من الضرائب، اضافة الى مقتل الالاف من الجنود الاميركان والاف اخرى من الجرحى والمعوقين وتدمير العديد من الاليات العسكرية المختلفة، بفعل ضربات المقاومة الوطنية العراقية والفشل الذريع الذي رافق الحكومات العراقية التي عينتها حكومته منذ احتلال العراق ولغاية الان في توفير الحد الادنى من الامن والخدمات الحياتية، وعجزها عن ايقاف التدهور المريع في مختلف اوجه الحياة العامة في البلاد، وشلال الدم العراقي يتواصل بصورة ماساوية بحيث لا يمر يوم على بغداد دون ان يقتل العشرات من المواطنين العراقيين، وتتواصل دائرة التفجيرات وتتسع في الايام الاخيرة لتشمل منطقتي كركوك وكردستان اللتين كانتا الى وقت قريب تتمتعان بهدوء وامن نسبي. اذا كان كل ذلك لم يمثل خسارة في قاموس السيد رامسفيلد فما هو مفهوم الخسارة لديه اذن؟ ان مكابرة السيد رامسفيلد وعدم اعترافه بالخسارة تذكرنا بما كان وزير الدفاع الامريكي الاسبق مكنمارا يقوله ابان حربه العدوانية على فيتنام ويردده من ادعاءات بصدد كسب الحرب حتى قبل اعلان هزيمته بايام قلائل.

ان مطالبة نواب اميركيين من كلا الحزبين بوضع استراتيجية خروج من العراق الذي شبهوه بالمستنقع الدموي لاشك بانه جاء بناء على معلومات مؤكدة وارقام دقيقة تختلف عن الارقام المعلنة عن حجم الخسائر التي يعاني منها الجيش الاميركي بسبب نشاط المقاومة العراقية المتصاعد والذي لم تزده خطة الرعد والرمح والخنجر وغيرها من الخطط الاخرى الا نشاطا وشراسة. وما يعزز هذه الحقيقة ما جاء على لسان الرئيس الأمريكى جورج بوش بأن الأوضاع فى العراق صعبة، وأن الحرب التى يشنها على العراقيين باتت عسيرة.

وطبقا لصحيفة نيويورك تايمز فان سجلات عسكرية أمريكية اكدت أن الخسائر الأمريكية جراء هجمات القنابل في العراق، سجلت أعلى مستوياتها في الشهرين الماضيين، في الوقت الذي بدأ فيه رجال المقاومة العراقية يطورون عبوات ناسفة تؤدي إلى إعطاب العربات المدرعة بشكل متزايد.

كما اوضحت الصحيفة: "إنه كان هناك نحو 700 هجوم ضد القوات الأمريكية باستخدام العبوات الناسفة بدائية الصنع في الشهر الماضي، وهو أعلى رقم منذ بداية العدوان على العراق في 2003، بحسب القيادة العسكرية للاحتلال الأمريكي في العراق ومسؤولي البنتاغون .

ويقول المسؤولون إن هذا التدفق الشديد في الهجمات يتزامن مع ظهور "تطور مهم" في تصميم القنبلة، ويشمل استخدام شحنات تركز الانفجار وتعطي له فرصة أفضل لاختراق العربات المصفحة، مسببة خسائر أعلى. ويقول قائد أمريكي كبير: "إن هناك تغيراً آخر يتمثل باستخدام أشعة الليزر تحت الحمراء، في تفجير المتفجرات وهو الابتكار الذي يستهدف الأجهزة التي تقوم بالتشويش على المفجرات التي تعمل بموجات الراديو". وذكرت الصحيفة أنه في إشارة لتزايد القلق الأمريكي، دعا الجيش إلى مؤتمر صحافي في "فورت إيروين"، في صحراء كاليفورنيا، حيث تباحث مهندسون ومتعاقدون وقادة كبار حول المشاكل التي تفرضها القنابل الجديدة.

الامر الذي اجبر الكولونيول بوب دافيس، خبير المتفجرات في الجيش الأمريكي على وصف العناصر الجديدة في بعض المتفجرات، بأنها "مزعجة" على نحو "بارع". وأشارت الصحيفة إلى أن إتقان المقاومة العراقية صناعة القنابل يبرز قدرة المقاومين على التكيف من جهة، ويبرز من جهة أخرى الصعوبات التي يواجهها "البنتاغون" برغم جهوده لاحتواء هذا التهديد. فقد احدثت العبوات الناسفة 70% من الخسائر الأمريكية في العراق.

اما الجنرال فينيس فقد قال في اتصال هاتفي من العراق للصحافيين الثلاثاء الماضي، إن تكتيكات المقاومة أصبحت أكثر تطوراً في بعض الحالات، زاعماً أنه من المحتمل اعتماد المقاومة على خبراء في صنع القنابل، من خارج العراق والجيش العراقي القديم.

وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الأمريكيين قلقون أيضاً من أن تصاعد الهجمات، يهدد بعرقلة عمل الحكومة العراقية الموالية للاحتلال, وقد يهدد استراتيجية بوش للإبقاء على دعم شعبي للوجود الأمريكي في العراق. واعترف البريجادير جنرال جوزيف فوتيل الذي يقود قوة مكافحة العبوات الناسفة بأن من أسماهم "المتمردين" يكثفون من هجماتهم في الوقت الحالي، وقال: "إن الوقت سيبين قدرتهم على تعزيز ذلك".

ونذكر بان مطالبة نواب في الحكومة الاميرية والمعارضة بوضع استراتيجية خروج من المستنقع الدموي في العراق تشبه مطالبات مماثلة في الاشهر الاخيرة من الحرب الفيتنامية، فوزير الدفاع الامريكي في ذلك الوقت كان يكرر الاقوال نفسها التي يرددها رامسفيلد الان.

فالقيادة الامريكية كانت تكرر دائما انها لا تريد الاذعان لـ الارهابيين في فيتنام، ولكنها جلست معهم مضطرة الى مائدة المفاوضات ووقعت صك الهزيمة مكرهة.

وليس من دون مغزى ان يطالب المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية جون دوتش، في خطاب القاه في جامعة هارفارد، بسحب القوات الأمريكية من العراق بأقصى السرعة الممكنة. وجاء هذا الخطاب صدى لاقتراح قدمه السناتور ادوارد كينيدي في كانون الثاني (يناير) الماضي جاء فيه أن على القوات الأميركية أن تبدأ بالانسحاب العسكري وتترك العراقيين اتخاذ قراراتهم السياسية بأنفسهم.

وشهد مجلس النواب في الايام الاخيرة، قيام فريق يضم أعضاء من الحزبيين الجمهوري والديموقراطي بوضع مشروع قرار يطالب الرئيس بوش بتقديم استراتيجية لسحب القوات الأمريكية من العراق.

اما كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية فقد حاولت في بروكسل هذا الأسبوع أن تطالب بإلحاح بدعم دولي بالرجال والمال من أجل الحرب في العراق.

ان هذه المؤشرات والوقائع التي تحدث على ارضية الاحداث الجارية في العراق تؤكد ان المقاومة في العراق ستنتصر مثلما انتصرت نظيراتها في فيتنام والجزائر وجنوب افريقيا وجنوب لبنان وقطاع غزة، وكل القارة الافريقية، فهذه هي سنة الحياة، وهكذا تفيد تجارب التاريخ. ورامسفيلد يدرك هذه الحقيقة جيدا، ولن تنفعه المكابرة المصطنعة وتهربه الدائم من مواجهة الحقيقة المرة قريبا.


صلاح عمر العلي