المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار الحرب في العراق تصيب الأمريكيين بالإحباط



الفرقاني
24-06-2005, 08:11 PM
أخبار الحرب في العراق تصيب الأمريكيين بالإحباط


24-6-2005

وبالتأكيد، فإن هذه التقارير تساهم في ضعف الدعم والمساندة من جانب الشعب الأمريكي للعملية العسكرية الأمريكية بدرجة كبيرة، وتؤثر على اتجاهات الرأي العام، الذي أصبح أكثر من نصفه، وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة، يعتقد أن الغزو الأمريكي للعراق لم يجعل الولايات المتحدة أكثر أمنًا، ونحو 40% من الأمريكيين أصبحوا يشبهون الوضع الحالي في العراق بما حدث في حرب فيتنام.

بقلم عبدالله صالح

الأخبار والتقارير الواردة من العراق، والتي تضاءل اهتمام الصحف الأمريكية بها بعد إجراء انتخابات 3 يناير الماضي، عادت لتحتل من جديد مكان الصدارة في الصفحات الأولى، بسبب التصاعد الهائل في حجم العمليات المسلحة التي تنفذها المقاومة ضد قوات الاحتلال، وتزايد المأزق الأمريكي، نتيجة فشل القوات الأمريكية في تحقيق الحد الأدنى من الأمن والاستقرار، وتضاعف خسائرها المادية والبشرية، وهو ما أدى إلى تصاعد حالة الإحباط لدى الرأي العام الأمريكي، وتزايد الضغوط على الإدارة الأمريكية من أجل سحب قواتها من العراق.


تحت عنوان "الولايات المتحدة نفذ صبرها في العراق"، نشرت صحيفة "يو إس أيه توداي" على صدر صفحتها الأولى نتيجة استفتاء أجرته وشمل عينة ممثلة لكافة قطاعات الشعب العراقي، وكانت الأسئلة تدور بالأساس حول ما يجب على الولايات المتحدة أن تفعله إزاء تصاعد أعمال العنف ضد قواتها، وقد أكد 6 % ممن شملهم الاستطلاع ضرورة إجراء انسحاب كلي أو جزئي للقوات الأمريكية من العراق، فيما أسمته الجريدة بالرؤية الأكثر تشاؤمًا للحرب منذ بدايتها في عام 23.


أما صحيفة "فيلادلفيا أنكوايرر"، فقد نشرت في صفحتها الأولى تقريراً بعنوان "القوات الأمريكية عاجزة عن هزيمة المقاومة العراقية"، أشارت فيه إلى أن معظم القادة العسكريين الأمريكيين في العراق أصبح لديهم قناعة بأنه ليس بالإمكان التوصل إلى حل عسكري لأعمال العنف والعمليات العسكرية التي يشنها رجال المقاومة العراقية يومياً، والتي أسفرت خلال العامين الأخيرين عن مقتل الآلاف من العراقيين، فضلاً عن نحو 13 جنديا أمريكيا.


الصحيفة أبرزت تأكيد نائب الرئيس الأمريكي "ديك تشيني" منذ أسبوعين على أن رجال المقاومة العراقية يلفظون أنفاسهم الأخيرة، ثم أعقبته بحديث مع أحد الضباط العاملين في مجال تدريب القوات العراقية، الذي صرح قائلا: "لن نستطيع أن نقضي على المقاومة العراقية، لأن لديها احتياطيات بشرية بحجم الشعب العراقي، وعندما نقتل واحداً منهم، يخرج علينا ثلاثة يريدون الأخذ بالثأر له".


أما صحيفة "نيويورك تايمز"، فقد نشرت تقريراً ملخصه أن عملية تدريب وبناء الجيش العراقي الجديد قد تستغرق سنوات، مشيرة إلى أن كبار قادة الجيش الأمريكي الذين توقعوا منذ أربعة أشهر قيام الإدارة الأمريكية واشنطن بالبدء في سحب قواتها البالغ عددها 14 ألف جندي بنهاية هذا العام، يتحدثون الآن عن أن هذا الانسحاب قد يتم في غضون عامين.


وبالتأكيد فإن هذه الرؤية تعد أكثر تفاؤلاً ، مقارنة بالتقرير الذي نشرته الصحيفة ذاتها قبل أيام بعنوان "تدريب القوات العراقية ..المهمة المستحيلة"، والذي كتبه أنطون شديد، الصحفي الأمريكي الذي يجيد التحدث باللغة العربية بطلاقة، بناء على مقابلات ميدانية أجراها في العراق. التقرير أشار إلى تزايد حالات العصيان المدني بين الجنود العراقيين المتلقين لتدريبات على يد القوات الأمريكية، وعدم وجود رغبة لديهم في تولي مهام أمنية نيابة عن القوات الأمريكية، التي فشلت في مواجهة المقاومة العراقية، رغم ما تتمتع به من معدات تكنولوجية حديثة، وأجهزة مخابرات ذات خبرة عالية


أحد ضباط الاحتياط ويدعى "كينريك كاتو" تحدث ساخراً من تصريحات البيت الأبيض والبنتاجون عن أن قوات الأمن العراقية ستكون جاهزة قريبا للقضاء على المقاومة العراقية، وقال: "إنني على يقين من أنهم لن يكونوا جاهزين قبل أن أغادر العراق، وربما أعود مرة أخرى بعد ثلاث أو أربع سنوات، ولا أعتقد أيضاً أنهم آنذاك سيكونون جاهزين".


صحيفة "بوستون جلوب" قالت إن العراق بعد فترة من الإطاحة بصدام حسين، تحول إلى ساحة لحرب عصابات كلاسيكية. وبالرغم من محاولات القوات الأمريكية لضمان الاستقرار والأمن في المدن والشوارع، وادعائها بقتل أو أسر ما بين ألف إلى ثلاثة آلاف من رجال المقاومة شهرياً، فإن عدد الهجمات اليومية للمقاومة تضاعف خلال الأربعة أشهر الأخيرة، وأصبحت الولايات المتحدة تفقد نحو ثلاثة من جنودها يوميا.


الصحيفة أشارت أيضاً إلى استفتاء أجري في العراق مؤخراً، وكشف أن 45 % من السكان يساندون أعمال المقاومة، في حين عبر 15% فقط ممن شملهم الاستفتاء عن مساندتهم لقوات الاحتلال بقيادة الولايات المتحدة. مسئولو الإدارة الأمريكية يخشون من المعلومات التي تشير إلى مساندة بعض أعضاء الحكومة العراقية المنتخبة لرجال المقاومة، وتحولهم إلى مصدر تهديد للوجود الأمريكي في العراق.


وبالتأكيد، فإن هذه التقارير تساهم في ضعف الدعم والمساندة من جانب الشعب الأمريكي للعملية العسكرية الأمريكية بدرجة كبيرة، وتؤثر على اتجاهات الرأي العام، الذي أصبح أكثر من نصفه، وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة، يعتقد أن الغزو الأمريكي للعراق لم يجعل الولايات المتحدة أكثر أمنًا، ونحو4 % من الأمريكيين أصبحوا يشبهون الوضع الحالي في العراق بما حدث في حرب فيتنام.


كان مجلس النواب الأمريكي قد رفض مؤخراً قراراً يتضمن التوصية بسحب القوات الأمريكية من العراق، وذلك بأغلبية 3عضواً مقابل 128، ونتيجة التصويت تضمنت تأييد 122 عضوا من الديمقراطيين (مقابل 77) لخطة الانسحاب، إضافة إلى خمس أعضاء من الجمهوريين، من بينهم ثلاثة كانوا قد ساندوا قرار شن الحرب على العراق.


استطلاعات الرأي كشفت أن توجهات أعضاء الكونجرس بشأن القضية العراقية لا تختلف كثيراً عن توجهات الرأي العام، وأن قرابة 72 % من الديمقراطيين و65 % من المستقلين، إضافة إلي 41 % من الجمهوريين عبروا عن تفضيلهم لانسحاب القوات الأمريكية كلياً أو جزئياً من العراق.


الانسحاب الأمريكي لن تكون له تداعيات أسوأ من الوضع الحالي بالنسبة للعراق أو الولايات المتحدة على حد سواء، خاصة في ضوء فشل القوات الأمريكية في السيطرة على الأمور، وتصاعد فاتورة استمرار بقاءها في العراق مادياً بشرياً، وبرحيلها قد تصبح الأجواء أكثر ملائمة لوقف الأعمال المسلحة، والبدء في عملية بناء الدولة. أما بالنسبة لواشنطن، فإن الانسحاب سيوقف نزيف الخسائر الأمريكية، وسيحفظ لإدارة بوش ما تبقى لها من ماء الوجه أمام العالم، وأمام الرأي العام الأمريكي أيضاً.