الفرقاني
24-06-2005, 05:37 PM
المقاومة العراقية الوطنية وشائعة المفاوضات
بقلم: سومر المهداوي
رغم ما تقدمه المقاومة العراقية من تضحيات فاقت كل التصورات والتكهنات ، بل تجاوزت التفكير بالركون يوما ما الى طاولة المفاوضات باعتبارها تفريطا بدماء الشهداء الذين ضحوا من اجل حرية العراق كبلد عربي واسلامي ، وفقدان زمام المبادرة وتسهيل الافلات لقوات العدو من موت اكيد وهزيمة كتبتها اهداف تلك الحرب الظالمة التي اعتمدت امريكا فيها كل وسائل الكذب والتزوير، رغم كل ذلك ، تشهد الساحة العراقية والدولية حملات رهيبة لمحاصرة تلك المقاومة النبيلة التي تجاوزت اهدافها المشاركة في العملية السياسية الهزيلة واعتبارها خيانة للوطن والمبادئ ، وتاتي هذه الحملات بخطوط متوازية على مختلف الاصعدة .
فعلى الصعيد العراقي ، تاتي تصريحات الحكومة المتناقضة ، التي تتنكر في اغلبها الى وجود تلك المقاومة وعدم شرعية اهدافها ، واستهدافها المدنيين العراقيين الابرياء ، وبصدد ذلك نقول : هل الشرطة ابرياء ، هل الحرس الوثني ابرياء ؟ وهل قوات غدر ( بدر ) هم ابرياء ، وهل المقصود بالبراءة هي مداهمة قلاع المقاومة والتصدي الى عوائلهم واحتجاز اخواتهم وامهاتهم كرهائن ، وهل تمكنت هذه المليشيات من المقاومة ولم تقتص منها بابشع الطرق في التعذيب والموت ؟
عن أي براءة نتحدث ، عن حملات التطوع الواسعة من اجل قتل الوطنيين والشرفاء من هذا الشعب ، ام عن قتل العلماء ورجال الدين ، ام عن قتل الضباط السابقين والاطباء والاساتذة والمفكرين ، هل هذه هي البراءة التي عنها يتكلمون؟
لماذا لم تقوم المقاومة بقتل شرطة المرور مثلا ، وكلنا رأينا كبف كانت عناصر المقاومة تجوب في الرمادي وشرطة المرور في عملهم دون ان يلاقوا أي اذى منهم، لماذا ؟؟ هل سأل واحد من المتشدقين الذين ينطلقون في تحليلاتهم لواقع العراق والمقاومة تحديد من الشعور بالنقص اتجاه هذه الفئة المجاهدة التي ضحت بالمال والبنين والنفس والحياة من اجل العراق؟
بالمقابل كانت المقاومة في بداياتها تستهدف القوات الامريكية والغازية معها دون ان تفكر يوما بقتل عراقي يشاركها الانتماء الى الوطن ، مقتنعة بالرواية التي اطلقها القسم الاعظم من العراقيين المساومين بانهم يفضلون المقاومة السلمية ، وان رأي المرجعية هي اجلاء الاحتلال سلميا ، حتى بادرت قوات بدر والمليشيات الاخرى من حرس وثني وجيش ، بالتصدي الى المقاومين واهليهم ، وتزامن ذلك مع تصريحات استفزازية مهينة بشان المقومة والتهديد والوعيد بالثبور ، عندها ادركت المقاومة بان دائرة الهدف تتسع ، وان هناك اعداء من الداخل ، هم كل المتحالفين معه او المساهمين في تخريب العراق باسم الديمقراطية.
من جهة اخرى ، قامت القنوات الفضائية بحملة واسعة لتشويه الصورة البراقة للمقاومة بخلط مقصود للمقاومين الابطال مع اللصوص والقتلة وبالتنسيق مع اطراف عربية معروفة. ونسال اذا كان قتل المتعاونين مع الاحتلال هو ما ترفضه هذه الاوساط الموبوءة ، فهل قتل الامريكان ينال رضاهم ؟؟؟
الجواب يأتي على لسان (جبر صولاغ ) وزير الداخلية لحكومة المنطقة الخضراء ، يقول لاحد الصحفيين في المؤتمر الصحفي ( قتل الامريكان جريمة يحاسب عليها القانون ، ومن يمارسها مجرم ) ، هذه اذن الحقيقة واضحة ناصعة لا لبس فيها ان هؤلاء لا يعترفون بالمقاومة مهما كانت اهدافها.
بالامس طلع علينا احد المتسترين على انتهاك الحرمات في العراق ، يقول لبرنامج ماوراء الخبر في قناة الجزيرة ( ولا اعرف كيف يتسنى لنا الفرز بين المقاومة الشريفة والداعرة ) تصور اخي الكريم عندما يصاب شخص مثل هذا بالقصور بالتفكير وعدم امكانيته على الفرز بين العمل الوطني الخالص لوجه الله والعراق ويستهدف قتل اعداء الله والمتعاونين معهم وحتى المتسترين على فضائحهم وانتهاكاتهم ، وعمل اخر يستهدف قتل العلماء ورجال الدين الافاضل والنهب والسلب وتهريب الاثار ، هذا القاصر في التفكير يريد ان يحمل الوطن قصوره ويلغي المقاومة بكل اشكالها ، وبدل ان يطلع علينا مرفوع الراس ويشيد بالمقومة ويقترح صيغة لمحاربة الجريمة ويعترف بان هناك اطراف حكومية مثل الحكيم والجلبي تتآمر على هذا الشعب وتسعى لاشعاله ، يقول ( باسم العوادي ) الذي قدمته قناة الجزيرة كمحلل سياسي، ولكنه لا يعرف التمييز، ان مثل هذه النماذج وان تكلمت بالفاظ رنانة لكنها للاسف تنطلق من ذاك الضعف بقدرة العراقي في تحرير ارضه وشعبه من براثن الاحتلال المقيت ، يقول العوادي ( ان اغلب هؤلاء من اتباع النظام السابق ، وكأن الحرية التي يطالب بها هؤلاء تختلف عن مفهوم الحرية ، او كان الأمريكي اولى بالعراق من هؤلاء ، انها والله عقلية مريضة اما بالشعور بالهوان على الاخرين ، او بالعقد الطائفية التي تفضل التحالف مع النصارى واليهود على التعاون مع غيرهم من المسلمين ، او ما حصل سابقا مع سقوط بغداد على يد هولاكو ، حيث تحالف ابن العلقمي والطوسي مع الوثنيين لاسقاط الخلافة العباسية لانها اعتمدت مذهبا اخر ، هذه العقدة ظلت ملازمة لاتباع العلقمي والطوسي على مر الازمان.
وعلى الصعيد العربي ( الرسمي العربي ) حاول الاعلام العربي التركيز على المدنيين الذين غالبا مايكونوا طارئين على موقع الحدث وهم قليلون دائما ، لاظهار المقاومة بانها تستهدف المدنيين ، بينما الخسائر الامريكية لا احد يرى منها شيئا يذكر ، وان القوات الامريكية اول ما تقوم به هو تطويق المنطقة ، ومنع التصوير من قبل وسائل الاعلام ، والدليل انك ترى نفس اللقطات في جميع القنوات بل ومن نفس الزاوية. وهذا يعني وحدة المصدر الممول ، ولا اعرف ان امريكا امتلكت مصداقية في مجال ما كي نصدقها في اعلامها هذا.
ايضا هناك الاجرءات الامنية المشددة التي قامت بها سورية باقامة 500 نقطة مراقبة للحدود العراقية السورية ، ويبدو ان افضل وسيلة لاشغال الجيش السوري بعد خروجه من لبنان هو تحويله الى جندرمة لحماية القوات الامريكية من هجمات المقاومة ، وتاجيل تحرير الجولان اربعين سنة اخرى ، رافق ذلك تصريحات الشرع بافتتاح السفارة السورية لدى العراق يقابله التلويح المستمر بالعصا من قبل امريكا واتهامات مستمرة لسوريا بضرورة الانسحاب الكامل من لبنان كي تبقي الباب مفتوحا لاحتمالات اخرى. كذلك بقية الدول العربية التي شاركت بشكل جاد وفعال من اجل تشويه صورة المقاومة الباسلة وسلبها حقها الطبيعي في التاييد والمساندة من قبل اخوانهم العرب والمسلمين . ولا يفوتني الاشادة بالقناة العربية الوحيدة ( قناة اليمن ) التي تساهم بكل قدرتها على دعم تلك المقاومة الوطنية التي صعب على الكثير من ابناء العراق الفرز او التمييز بينها وبين الداعرة ( كما جاء على لسان الداعر باسم العوادي).
كذلك فان المسؤولين العراقيين ومنهم ( اياد علاوي ) اعترف بان الامارات العربية اقامت جسرا جويا لمده بالاسلحة ، وكذلك الاردن والسعودية ، ولك ان تتصور من هذا الاعتراف حرص الحكومات العربية على القضاء على الجذوة الوطنية العراقية ، وافراغها من توجهها الوطني القومي الاسلامي بكل الوسائل المتاحة ، اضف الى ذلك تعيين مصر لسفيرها في بغداد بعد زيارة رايس لها ، ومطالبة الاعلام المصري بشكل رسمي ( عدم ذكر المقاومة العراقية بوسائل الاعلام الا وهي مقترنة بالارهاب والغاء صفة الوطنية عنها ).
هل ياتي كل ذلك مصادفة ، هل فكر الحكام العرب اخيرا ببناء العراق وهم ما انفكوا في يوم من التامر عليه والقضاء على عروبته.
على الصعيد الاقليمي، فان دور ايران يفوق كل ذلك وهي التي ساهمت بشكل كبير في تشويه صورة المقاومة ، بالتفجيرات في المناطق المدنية حتى امتزجت الدماء الزكية الطاهرة للابرياء مع الدماء الاسنة لافراد الشرطة والعملاء التي تتصدى لها المقاومة الوطنية ، واصيب العراقي بحيرة في الامر وتلاعبت به الاهواء والافكار عن مغزى هذا القتل. اضف الى ذلك فان ايران جندت الكثير من عملاءها ومخابراتها لاغتيال العناصر الوطنية العراقية من الشيعة والسنة ، وقامت بتفجير الكثير من دور العبادة للمسلمين على التناوب ومن غير المسلمين لتثير الغبار حول المقاومة الوطنية وبالتالي سحب تاييد الشعب العراقي لها ومحاولة عزلها ، والتشويش على الاهداف الرئيسية واطالة مشوار المقاومة نحو النصر النهائي . وبالمقابل فان تركيا لم تكن بافضل فلطالما احتضنت المؤتمرات والتنسيق من جل اخراج الاحتلال من مأزقه.
وعلى الصعيد الدولي، اطلقت امريكا عدة بالونات للاختبار في وقت واحد ، الاول شائعة المفاوضات مع اطراف محددة من المقاومة لغرض المشاركة في العملية السياسية وكأن المقاومة ليس لها من هدف سوى تلك المشاركة ، او انها عاجزة عن تلك المشاركة لو ارادت ، وقد قامت بتقسيم عملائها الى قسمين قسم يؤيد ذلك ويدعي مساهمته شخصيا بتلك المحاولة ، وهذا ورد على لسان ايهم السامرائي ، والقسم الثاني ينفي وجود محاولات من هذا النوع ويتنكر لها والمطالبة بالقصاص العادل من تلك العناصر الارهابية ، ثم يطل علينا مسؤول امريكي وهو يعترف بوجودها ، ويطلب اعادة النظر في الواقع السياسي العراقي وان هناك قوة لا يستهان بها ترفض الاحتلال وتريد المشاركة وهذا من حقها وان هؤلاء متمردين وليس ارهابيين ، ودعم هذا الرأي كل من رايس ودونالد رامسفيلد ، لكن ما يكذب هذه الادعاءات انها جاءت متزامنة مع عمليات عسكرية واسعة في الكرابلة ( عملية الرمح ) ، ومن ثم الخنجر ، بالتنسيق مع عملية واسعة داخل بغداد قامت بها قوات العميل المرتد ( سعدون الدليمي ) سميت بالبرق.
البالون الاخر: قامت امريكا بتسريب تقرير للاستخبارات الامريكية مفاده ( ان اغلب العمليات التي تحصل في العراق ذات دوافع مادية ، وان الموالين للنظام السابق يدفعون 100 دولار احيانا كل هجوم ). اية سخافة واي تسطيح هذا ، كل ما يحصل في العراق تحركه مئات الدولارات ، ولا اريد ان ازيد على ما ورد على لسان المفكر العراقي الوطني الشجاع ( لقاء مكي ) عندما قال للجزيرة ، وماذا نقول لمن يترك اهله ، ويقدم روحه فداء ، هل سيتقاضى هذا 100 دولار ؟
على صعيد اخر امريكي ايضا تصريحات رايس ورامسفيلد وبوش بان الحرب في العراق عسيرة ، لكن ذلك لا يثنيهم عن مهمتهم ، وهم بذلك يطلبوا المزيد من التاييد وحشد الطاقات من اجل اجتثاث تلك المقاومة الباسلة ( سواء ان كان هذا التأييد من داخل المجتمع الأمريكي ومؤسساته او من القوى المتحالفة دوليا).
دوليا ايضا مؤتمر بروكسل ومطالبة الجعفري بالمزيد من الدعم من اجل الانسان في كل العالم الذي يتهدده الخطر الارهابي القادم من المجموعات المسلحة في العراق.
الا ان البالون الذي قد ينفجر بشكل حقيقي ويفسد على امريكا اختبارها هي اطلاق الصيحات المدوية من قبل الجمهوريين انصار بوش وبعض الديمقراطيين بضرورة جدولة الانسحاب الامريكي من العراق . هذا قد يحول اللعبة الى حقيقة تدركها الادارة الامريكية لذا اطلقتها علانية كي تجعلها ورقة تحفظ من خلالها ماء وجهها اذا ما اشتدت التحديات اكثر واصبحت المقاومة العراقية الباسلة على ابواب النصر ( ان شاء الله تعالى ) ، خصوصا بعد فشل كل العمليات الواسعة منفردة كانت ام مشتركة ، عززت القناعة الامريكية بضرورة التفكير ولو على مضض.
واخيرا جاء تعيين زلماي خليل زادة ، سفيرا لامريكا في العراق كي يظفر هذه العوامل مجتمعة ويعمل على شق المقاومة ، كما فعل في افغانستان.
والسؤال الذي يفرض نفسه بعد هذا ، هل من يفكر بالحوار مع المجموعات المسلحة ( المقاومة العراقية البطلة ) ان يجند لها كل هذا عراقيا وعربيا وعالميا ؟ ام هي محاولة لقتل روح المقاومة والتلاعب بعقول العراقيين والعرب والمسلمين وخصوصا المؤلفة قلوبهم الذين يمضون في الطريق بخطوات واهنة ويد مرتعشة ، ومن ثم محاصرة هذه المقاومة وعزلها والتمكن منها ، وهكذا ومن هذا كله يتضح المغزى من ترويج شائعة المفاوضات.
الذين يتربصون بالمقاومة شرا انما ينطلقون من مصالح ذاتية او فئوية ضيقة تحقق لهم مكتسبات على حساب الدم العراقي أيا كان وهم للاسف قلة طارئة على العراق لم يحركهم وازع ولا ضمير بالتفريط بمقدرات العراق وقتل شعبه ، ولكن العراقيين الاصلاء يدركون تماما ان المقاومة العراقية هي جزء من حالة النهوض الوطني والقومي والاسلامي لرفض الحنوع والذل الذي فرضته القوى الغاشمة لعصور ولت ، وان دعم المقاومة بكل الوسائل المتاحة جزء من واجب وطني واخلاقي لالحاق الهزيمة بالطاغوت الامريكي وردعه حتى يرى بعين قريرة انسحاب اليانكي الاخير من ارض العراق المقدسة.
لذا فان فرصة النصر اتية لاريب وان تفويت تلك الفرصة هي نسف لكل الجهود الجبارة وتفريط بكل الدماء الزكية التي سالت من اجل حرية العراق وكلمة ( الله اكبر ) ، وكما قال عنترة ( ما النصر الا صبر ساعة ) ، وكما قال علي ( رض ) لصحبه الميامين اعيروني رقابكم ساعة ، فالنصر ات والبرق سيخطف ابصارهم ، والرمح سيرد الى نحورهم ، والخنجر سيغمد في صدورهم ، والايام القليلة القادمة حبلى بالمفاجاءات الكفيلة بعودة الحق الى نصابه والكشف عن وجه المقاومة الوضاء فشدوا على يد المقاومة قبل ان يفوت الاوان ، وتستعبد نساءكم ، وتستباح حرماتكم ، ويندم من له ضمير وحس وطني صميم بانه لم يقف الى صف المقاومة ولو بكلمة او قطرة دم او دينار ، ولقد هان على الناس من هانت عليه نفسه ولابد من ثقة كاملة بما تقدمه هذه المقاومة البطلة ، ولا تصدقوا تفاهات الاعلام الامريكي والموالي الكاذب المخادع ، فالمقاومة ماضية في طريقها حتى التحرير والله على نصرهم لقادر ، ( يريدون ان يطفئوا نور الله بافواههم ، ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون).
سومر المهداوي
الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر وليخسأ الخاسئون
بقلم: سومر المهداوي
رغم ما تقدمه المقاومة العراقية من تضحيات فاقت كل التصورات والتكهنات ، بل تجاوزت التفكير بالركون يوما ما الى طاولة المفاوضات باعتبارها تفريطا بدماء الشهداء الذين ضحوا من اجل حرية العراق كبلد عربي واسلامي ، وفقدان زمام المبادرة وتسهيل الافلات لقوات العدو من موت اكيد وهزيمة كتبتها اهداف تلك الحرب الظالمة التي اعتمدت امريكا فيها كل وسائل الكذب والتزوير، رغم كل ذلك ، تشهد الساحة العراقية والدولية حملات رهيبة لمحاصرة تلك المقاومة النبيلة التي تجاوزت اهدافها المشاركة في العملية السياسية الهزيلة واعتبارها خيانة للوطن والمبادئ ، وتاتي هذه الحملات بخطوط متوازية على مختلف الاصعدة .
فعلى الصعيد العراقي ، تاتي تصريحات الحكومة المتناقضة ، التي تتنكر في اغلبها الى وجود تلك المقاومة وعدم شرعية اهدافها ، واستهدافها المدنيين العراقيين الابرياء ، وبصدد ذلك نقول : هل الشرطة ابرياء ، هل الحرس الوثني ابرياء ؟ وهل قوات غدر ( بدر ) هم ابرياء ، وهل المقصود بالبراءة هي مداهمة قلاع المقاومة والتصدي الى عوائلهم واحتجاز اخواتهم وامهاتهم كرهائن ، وهل تمكنت هذه المليشيات من المقاومة ولم تقتص منها بابشع الطرق في التعذيب والموت ؟
عن أي براءة نتحدث ، عن حملات التطوع الواسعة من اجل قتل الوطنيين والشرفاء من هذا الشعب ، ام عن قتل العلماء ورجال الدين ، ام عن قتل الضباط السابقين والاطباء والاساتذة والمفكرين ، هل هذه هي البراءة التي عنها يتكلمون؟
لماذا لم تقوم المقاومة بقتل شرطة المرور مثلا ، وكلنا رأينا كبف كانت عناصر المقاومة تجوب في الرمادي وشرطة المرور في عملهم دون ان يلاقوا أي اذى منهم، لماذا ؟؟ هل سأل واحد من المتشدقين الذين ينطلقون في تحليلاتهم لواقع العراق والمقاومة تحديد من الشعور بالنقص اتجاه هذه الفئة المجاهدة التي ضحت بالمال والبنين والنفس والحياة من اجل العراق؟
بالمقابل كانت المقاومة في بداياتها تستهدف القوات الامريكية والغازية معها دون ان تفكر يوما بقتل عراقي يشاركها الانتماء الى الوطن ، مقتنعة بالرواية التي اطلقها القسم الاعظم من العراقيين المساومين بانهم يفضلون المقاومة السلمية ، وان رأي المرجعية هي اجلاء الاحتلال سلميا ، حتى بادرت قوات بدر والمليشيات الاخرى من حرس وثني وجيش ، بالتصدي الى المقاومين واهليهم ، وتزامن ذلك مع تصريحات استفزازية مهينة بشان المقومة والتهديد والوعيد بالثبور ، عندها ادركت المقاومة بان دائرة الهدف تتسع ، وان هناك اعداء من الداخل ، هم كل المتحالفين معه او المساهمين في تخريب العراق باسم الديمقراطية.
من جهة اخرى ، قامت القنوات الفضائية بحملة واسعة لتشويه الصورة البراقة للمقاومة بخلط مقصود للمقاومين الابطال مع اللصوص والقتلة وبالتنسيق مع اطراف عربية معروفة. ونسال اذا كان قتل المتعاونين مع الاحتلال هو ما ترفضه هذه الاوساط الموبوءة ، فهل قتل الامريكان ينال رضاهم ؟؟؟
الجواب يأتي على لسان (جبر صولاغ ) وزير الداخلية لحكومة المنطقة الخضراء ، يقول لاحد الصحفيين في المؤتمر الصحفي ( قتل الامريكان جريمة يحاسب عليها القانون ، ومن يمارسها مجرم ) ، هذه اذن الحقيقة واضحة ناصعة لا لبس فيها ان هؤلاء لا يعترفون بالمقاومة مهما كانت اهدافها.
بالامس طلع علينا احد المتسترين على انتهاك الحرمات في العراق ، يقول لبرنامج ماوراء الخبر في قناة الجزيرة ( ولا اعرف كيف يتسنى لنا الفرز بين المقاومة الشريفة والداعرة ) تصور اخي الكريم عندما يصاب شخص مثل هذا بالقصور بالتفكير وعدم امكانيته على الفرز بين العمل الوطني الخالص لوجه الله والعراق ويستهدف قتل اعداء الله والمتعاونين معهم وحتى المتسترين على فضائحهم وانتهاكاتهم ، وعمل اخر يستهدف قتل العلماء ورجال الدين الافاضل والنهب والسلب وتهريب الاثار ، هذا القاصر في التفكير يريد ان يحمل الوطن قصوره ويلغي المقاومة بكل اشكالها ، وبدل ان يطلع علينا مرفوع الراس ويشيد بالمقومة ويقترح صيغة لمحاربة الجريمة ويعترف بان هناك اطراف حكومية مثل الحكيم والجلبي تتآمر على هذا الشعب وتسعى لاشعاله ، يقول ( باسم العوادي ) الذي قدمته قناة الجزيرة كمحلل سياسي، ولكنه لا يعرف التمييز، ان مثل هذه النماذج وان تكلمت بالفاظ رنانة لكنها للاسف تنطلق من ذاك الضعف بقدرة العراقي في تحرير ارضه وشعبه من براثن الاحتلال المقيت ، يقول العوادي ( ان اغلب هؤلاء من اتباع النظام السابق ، وكأن الحرية التي يطالب بها هؤلاء تختلف عن مفهوم الحرية ، او كان الأمريكي اولى بالعراق من هؤلاء ، انها والله عقلية مريضة اما بالشعور بالهوان على الاخرين ، او بالعقد الطائفية التي تفضل التحالف مع النصارى واليهود على التعاون مع غيرهم من المسلمين ، او ما حصل سابقا مع سقوط بغداد على يد هولاكو ، حيث تحالف ابن العلقمي والطوسي مع الوثنيين لاسقاط الخلافة العباسية لانها اعتمدت مذهبا اخر ، هذه العقدة ظلت ملازمة لاتباع العلقمي والطوسي على مر الازمان.
وعلى الصعيد العربي ( الرسمي العربي ) حاول الاعلام العربي التركيز على المدنيين الذين غالبا مايكونوا طارئين على موقع الحدث وهم قليلون دائما ، لاظهار المقاومة بانها تستهدف المدنيين ، بينما الخسائر الامريكية لا احد يرى منها شيئا يذكر ، وان القوات الامريكية اول ما تقوم به هو تطويق المنطقة ، ومنع التصوير من قبل وسائل الاعلام ، والدليل انك ترى نفس اللقطات في جميع القنوات بل ومن نفس الزاوية. وهذا يعني وحدة المصدر الممول ، ولا اعرف ان امريكا امتلكت مصداقية في مجال ما كي نصدقها في اعلامها هذا.
ايضا هناك الاجرءات الامنية المشددة التي قامت بها سورية باقامة 500 نقطة مراقبة للحدود العراقية السورية ، ويبدو ان افضل وسيلة لاشغال الجيش السوري بعد خروجه من لبنان هو تحويله الى جندرمة لحماية القوات الامريكية من هجمات المقاومة ، وتاجيل تحرير الجولان اربعين سنة اخرى ، رافق ذلك تصريحات الشرع بافتتاح السفارة السورية لدى العراق يقابله التلويح المستمر بالعصا من قبل امريكا واتهامات مستمرة لسوريا بضرورة الانسحاب الكامل من لبنان كي تبقي الباب مفتوحا لاحتمالات اخرى. كذلك بقية الدول العربية التي شاركت بشكل جاد وفعال من اجل تشويه صورة المقاومة الباسلة وسلبها حقها الطبيعي في التاييد والمساندة من قبل اخوانهم العرب والمسلمين . ولا يفوتني الاشادة بالقناة العربية الوحيدة ( قناة اليمن ) التي تساهم بكل قدرتها على دعم تلك المقاومة الوطنية التي صعب على الكثير من ابناء العراق الفرز او التمييز بينها وبين الداعرة ( كما جاء على لسان الداعر باسم العوادي).
كذلك فان المسؤولين العراقيين ومنهم ( اياد علاوي ) اعترف بان الامارات العربية اقامت جسرا جويا لمده بالاسلحة ، وكذلك الاردن والسعودية ، ولك ان تتصور من هذا الاعتراف حرص الحكومات العربية على القضاء على الجذوة الوطنية العراقية ، وافراغها من توجهها الوطني القومي الاسلامي بكل الوسائل المتاحة ، اضف الى ذلك تعيين مصر لسفيرها في بغداد بعد زيارة رايس لها ، ومطالبة الاعلام المصري بشكل رسمي ( عدم ذكر المقاومة العراقية بوسائل الاعلام الا وهي مقترنة بالارهاب والغاء صفة الوطنية عنها ).
هل ياتي كل ذلك مصادفة ، هل فكر الحكام العرب اخيرا ببناء العراق وهم ما انفكوا في يوم من التامر عليه والقضاء على عروبته.
على الصعيد الاقليمي، فان دور ايران يفوق كل ذلك وهي التي ساهمت بشكل كبير في تشويه صورة المقاومة ، بالتفجيرات في المناطق المدنية حتى امتزجت الدماء الزكية الطاهرة للابرياء مع الدماء الاسنة لافراد الشرطة والعملاء التي تتصدى لها المقاومة الوطنية ، واصيب العراقي بحيرة في الامر وتلاعبت به الاهواء والافكار عن مغزى هذا القتل. اضف الى ذلك فان ايران جندت الكثير من عملاءها ومخابراتها لاغتيال العناصر الوطنية العراقية من الشيعة والسنة ، وقامت بتفجير الكثير من دور العبادة للمسلمين على التناوب ومن غير المسلمين لتثير الغبار حول المقاومة الوطنية وبالتالي سحب تاييد الشعب العراقي لها ومحاولة عزلها ، والتشويش على الاهداف الرئيسية واطالة مشوار المقاومة نحو النصر النهائي . وبالمقابل فان تركيا لم تكن بافضل فلطالما احتضنت المؤتمرات والتنسيق من جل اخراج الاحتلال من مأزقه.
وعلى الصعيد الدولي، اطلقت امريكا عدة بالونات للاختبار في وقت واحد ، الاول شائعة المفاوضات مع اطراف محددة من المقاومة لغرض المشاركة في العملية السياسية وكأن المقاومة ليس لها من هدف سوى تلك المشاركة ، او انها عاجزة عن تلك المشاركة لو ارادت ، وقد قامت بتقسيم عملائها الى قسمين قسم يؤيد ذلك ويدعي مساهمته شخصيا بتلك المحاولة ، وهذا ورد على لسان ايهم السامرائي ، والقسم الثاني ينفي وجود محاولات من هذا النوع ويتنكر لها والمطالبة بالقصاص العادل من تلك العناصر الارهابية ، ثم يطل علينا مسؤول امريكي وهو يعترف بوجودها ، ويطلب اعادة النظر في الواقع السياسي العراقي وان هناك قوة لا يستهان بها ترفض الاحتلال وتريد المشاركة وهذا من حقها وان هؤلاء متمردين وليس ارهابيين ، ودعم هذا الرأي كل من رايس ودونالد رامسفيلد ، لكن ما يكذب هذه الادعاءات انها جاءت متزامنة مع عمليات عسكرية واسعة في الكرابلة ( عملية الرمح ) ، ومن ثم الخنجر ، بالتنسيق مع عملية واسعة داخل بغداد قامت بها قوات العميل المرتد ( سعدون الدليمي ) سميت بالبرق.
البالون الاخر: قامت امريكا بتسريب تقرير للاستخبارات الامريكية مفاده ( ان اغلب العمليات التي تحصل في العراق ذات دوافع مادية ، وان الموالين للنظام السابق يدفعون 100 دولار احيانا كل هجوم ). اية سخافة واي تسطيح هذا ، كل ما يحصل في العراق تحركه مئات الدولارات ، ولا اريد ان ازيد على ما ورد على لسان المفكر العراقي الوطني الشجاع ( لقاء مكي ) عندما قال للجزيرة ، وماذا نقول لمن يترك اهله ، ويقدم روحه فداء ، هل سيتقاضى هذا 100 دولار ؟
على صعيد اخر امريكي ايضا تصريحات رايس ورامسفيلد وبوش بان الحرب في العراق عسيرة ، لكن ذلك لا يثنيهم عن مهمتهم ، وهم بذلك يطلبوا المزيد من التاييد وحشد الطاقات من اجل اجتثاث تلك المقاومة الباسلة ( سواء ان كان هذا التأييد من داخل المجتمع الأمريكي ومؤسساته او من القوى المتحالفة دوليا).
دوليا ايضا مؤتمر بروكسل ومطالبة الجعفري بالمزيد من الدعم من اجل الانسان في كل العالم الذي يتهدده الخطر الارهابي القادم من المجموعات المسلحة في العراق.
الا ان البالون الذي قد ينفجر بشكل حقيقي ويفسد على امريكا اختبارها هي اطلاق الصيحات المدوية من قبل الجمهوريين انصار بوش وبعض الديمقراطيين بضرورة جدولة الانسحاب الامريكي من العراق . هذا قد يحول اللعبة الى حقيقة تدركها الادارة الامريكية لذا اطلقتها علانية كي تجعلها ورقة تحفظ من خلالها ماء وجهها اذا ما اشتدت التحديات اكثر واصبحت المقاومة العراقية الباسلة على ابواب النصر ( ان شاء الله تعالى ) ، خصوصا بعد فشل كل العمليات الواسعة منفردة كانت ام مشتركة ، عززت القناعة الامريكية بضرورة التفكير ولو على مضض.
واخيرا جاء تعيين زلماي خليل زادة ، سفيرا لامريكا في العراق كي يظفر هذه العوامل مجتمعة ويعمل على شق المقاومة ، كما فعل في افغانستان.
والسؤال الذي يفرض نفسه بعد هذا ، هل من يفكر بالحوار مع المجموعات المسلحة ( المقاومة العراقية البطلة ) ان يجند لها كل هذا عراقيا وعربيا وعالميا ؟ ام هي محاولة لقتل روح المقاومة والتلاعب بعقول العراقيين والعرب والمسلمين وخصوصا المؤلفة قلوبهم الذين يمضون في الطريق بخطوات واهنة ويد مرتعشة ، ومن ثم محاصرة هذه المقاومة وعزلها والتمكن منها ، وهكذا ومن هذا كله يتضح المغزى من ترويج شائعة المفاوضات.
الذين يتربصون بالمقاومة شرا انما ينطلقون من مصالح ذاتية او فئوية ضيقة تحقق لهم مكتسبات على حساب الدم العراقي أيا كان وهم للاسف قلة طارئة على العراق لم يحركهم وازع ولا ضمير بالتفريط بمقدرات العراق وقتل شعبه ، ولكن العراقيين الاصلاء يدركون تماما ان المقاومة العراقية هي جزء من حالة النهوض الوطني والقومي والاسلامي لرفض الحنوع والذل الذي فرضته القوى الغاشمة لعصور ولت ، وان دعم المقاومة بكل الوسائل المتاحة جزء من واجب وطني واخلاقي لالحاق الهزيمة بالطاغوت الامريكي وردعه حتى يرى بعين قريرة انسحاب اليانكي الاخير من ارض العراق المقدسة.
لذا فان فرصة النصر اتية لاريب وان تفويت تلك الفرصة هي نسف لكل الجهود الجبارة وتفريط بكل الدماء الزكية التي سالت من اجل حرية العراق وكلمة ( الله اكبر ) ، وكما قال عنترة ( ما النصر الا صبر ساعة ) ، وكما قال علي ( رض ) لصحبه الميامين اعيروني رقابكم ساعة ، فالنصر ات والبرق سيخطف ابصارهم ، والرمح سيرد الى نحورهم ، والخنجر سيغمد في صدورهم ، والايام القليلة القادمة حبلى بالمفاجاءات الكفيلة بعودة الحق الى نصابه والكشف عن وجه المقاومة الوضاء فشدوا على يد المقاومة قبل ان يفوت الاوان ، وتستعبد نساءكم ، وتستباح حرماتكم ، ويندم من له ضمير وحس وطني صميم بانه لم يقف الى صف المقاومة ولو بكلمة او قطرة دم او دينار ، ولقد هان على الناس من هانت عليه نفسه ولابد من ثقة كاملة بما تقدمه هذه المقاومة البطلة ، ولا تصدقوا تفاهات الاعلام الامريكي والموالي الكاذب المخادع ، فالمقاومة ماضية في طريقها حتى التحرير والله على نصرهم لقادر ، ( يريدون ان يطفئوا نور الله بافواههم ، ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون).
سومر المهداوي
الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر وليخسأ الخاسئون