المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القائم تقاوم ببسالة تحت ضراوة القصف الأمريكي متعدد الأشكال



الفرقاني
23-06-2005, 09:40 PM
القائم تقاوم ببسالة تحت ضراوة القصف الأمريكي متعدد الأشكال

التاريخ:16/05/1426 الموافق |القراء:743 | نسخة للطباعة

المختصر/

قدس برس / عادت آليات الاحتلال الأمريكي وطائراته تقصف بقوة مدينة القائم، الواقعة غرب العراق، في محاولة جديدة تهدف، بحسب ما أعلنه الجيش الأمريكي، إلى تضييق الخناق على المقاومين المنتشرين في المدينة، التي كانت قد شهدت قبل نحو شهر عملية عسكرية مماثلة، استمرت لسبعة أيام، أطلق عليها الأمريكيون اسم مصارع الثيران، إلا أنها باءت بالفشل، لتعاود محاولاتها لاقتحام المدينة بمشاركة سلاح الجو البريطاني.

فعلى مقربة من المدينة، التي ما تزال تتعرض إلى عمليات عسكرية واسعة، منذ أربعة أيام، انتشرت العشرات من العائلات التي كانت تسكن المدينة حولها، تاركة منازلها التي راحت تتصدع من شدة القصف الجوي الأمريكي، وولت وجهتها شطر الصحراء القاحلة، التي احتضنت عشرات العائلات الهاربة من جحيم القصف الجوي الأمريكي.

ويقول أحمد سعد من أهالي قرية الكرابلة لوكالة "قدس برس" إن الطائرات الأمريكية قصفت القرية في الليلة الأولى من الهجوم بوحشية. وأضاف "كانوا يقصفون كل شيء في المدينة، دمروا المركز الصحي تدميرا كاملا، كما دمروا ثلاثة مساجد وعشرات المنازل.. هناك منازل دمرت على رؤوس ساكنيها، عائلات بأكملها أبيدت.. لا أدري ما حجم الحقد الذي يحملونه ضدنا".

سعد الذي يدرس في جامعة الأنبار في كلية الآداب ترك امتحاناته النهائية ورابط مع أبويه وعائلته المؤلفة من أربعة ذكور وثلاثة بنات، بالإضافة إلى أبناء إخوانه.. حمل ما يمكن أن يحمل وغادر مع عائلته صوب الصحراء "أقمنا خيمة وجلبنا بعضا من أمتعتنا، غير أننا نعاني من شح الماء في هذه الصحراء.. الماء الذي جلبناه معنا بدأ بالنفاد، هناك بعض المحسنين من حديثة وهيت والرمادي قاموا بجلب خزانات ماء إلى العائلات النازحة، غير أنهم تعرضوا للكثير من المضايقات من قبل قوات الاحتلال الأمريكي، مما أعاق وصولهم إلى العائلات النازحة".

عائلة أخرى كانت تفترش الأرض وتلتحف السماء، على مقربة من العائلة التي قابلناها أولا، إلا أن مشكلة هذه العائلة أن أحد أبناءها ويدعى محمد قتل برصاص قناص أمريكي في اليوم الثاني من الهجوم، كما اخبرنا شقيقه أسامة العاني.

وأضاف "في اليوم الثاني للهجوم الأمريكي على القائم قتل أخي محمد برصاص قناص أمريكي، كان يعتلي أحد السطوح القريبة من محيط المدينة.. لم يكن أخي من المقاومين، غير أنه اضطر للخروج إلى باحة المنزل، من أجل ربط أنبوب الماء، غير أن رصاصة أمريكية باغتته فاستشهد في الحال، بعدها قررنا الخروج بعد أن دفناه في حديقة المنزل، فخرجنا رافعين رايات بيضاء، أملين أن لا نخسر أحدا آخر من العائلة".

وسكت العاني قليلا ثم أضاف بحرقة شديدة "هناك العشرات من المدنيين مازالوا تحت أنقاض المنازل، لا أحد يستطيع أن يصل إليهم.. الطائرات الأمريكية لا تزال تلقي بحممها على المدينة".

القوات الأمريكية استخدمت، بحسب ما يرويه ناجون من "مجزرة الرمح"، كما يصفها أهالي القائم، كل أشكال الحرب وكل أدوات القتل والتدمير ضد المدينة، إذ قال أحد الناجين لوكالة "قدس برس" إن المدينة تعاني من انقطاع الماء، قبل بدء الهجوم الأخير بيومين، كما إن الحصار الذي تفرضه القوات الأمريكية منع وصول الغذاء والمساعدات إلى الأهالي، الذين مازالوا في داخل المدينة، كما أن خطوط الهاتف معطلة، والكهرباء مقطوعة، وليس هناك من أحد يستطيع أن يتجول في داخل المدينة، فالقناصة الأمريكان ينتشرون على أسطح البنايات العالية القريبة".

حالة المدينة التي مازالت تقاوم الموت الأمريكي لا تسر صديقا ولا عدوا، فالبيوت مهدمة، والمدارس أخذت نصيبها من "الحرية" الأمريكية، وكل شيء في المدينة ينبئك بآثار الدمار.. وبعيدا عن أطلال القائم فان بقية أهلها الباقية لم تجد ملجأ غير الصحراء الحارة، لتهرب من جحيم الموت الذي أعدته القوات الأمريكية للقائم .. نساء وأطفال شيوخ وعجائز آوتهم الصحراء القاسية وسط الرمال الملتهبة، وسؤال على الشفاه يبحث عن جواب "ما ذنبنا حتى نجني كل هذا؟