الفرقاني
20-06-2005, 01:33 PM
المقاومة العراقية والمقاومة الفيتنامية: اوجه الشبه والاختلاف
بقلم: د. فيصل الفهد
للوهلة الاولى، قد تبدو حرب اميركا في العراق مشابهة لحربها في فيتنام. الا ان التمعن في التفاصيل يكشف صورة مختلفة.
ميدل ايست اونلاين
رغم إعجابنا الكبير بتجربة الشعب الفيتنامي البطل وانتصاره العظيم على العنجهية الأمريكية إلا أننا لا نميل إلى إجراء المقارنات بينها وبين المقاومة العراقية بحكم أن إجراء مثل هكذا مقارنة لا يستند إلى معايير موضوعية صحيحة يمكن أن تشكل الأساس لنجاحها ومن هنا حرصنا في هذا المقام أن نسلط الأضواء على ما يمكن أن نعده تأسيس لتقويم سليم لكلتا التجربتين رغم أن التجربة العراقية لازالت مستمرة وستستمر إلى مرحلة قادمة (ولكنها ليست بعيدة) وهنا لابد من الإشارة إلى جملة نقاط يمكن من خلالها فهم طبيعة كل من التجربتين ومنها:
المقاومة الفيتنامية
أولاً: الظرف الزماني
رغم أن نضال الشعب الفيتنامي ضد الاستعمار الفرنسي بدأ قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية إلى أن أهم مرحلة فيه كانت بعد دخول الاستعمار الأمريكي حلبة الصراع بشكل مباشر لاسيما بعد عام 1962 وحتى بداية 1973 حيث كان الزمن لعبة بيد مجموعة من القوى واحدة منها الولايات المتحدة ولذلك فالظروف الزمنية للقرن الماضي هي غيرها الآن وكلها كانت لصالح نضال الشعب الفيتنامي.
ثانياً: الوضع الدولي
كما أسلفنا كان الوضع الدولي عبارة عن معترك بين مجموعة قوى كبيرة مثل الاتحاد السوفيتي الذي كان في أوج عظمته وبريطانيا التي لم تنساق آنذاك وراء التهور الأمريكي والصين التي كان لها حضورها الفاعل ضد المخططات الأمريكية في تلك المنطقة وفرنسا هذا بالإضافة إلى هامش كبير من المرونة في مواقف دول مهمة في العالم كانت تتخذ مواقف أقلها أنها لم تكن مؤذية للطرف الفيتنامي وغير مؤيدة للعدوان الأمريكي وكان على الإدارة الأمريكية أن تأخذ كل هذه الدول بنظر الاعتبار وتحسب لها ألف حساب.
ثالثاً: الدعم السياسي للشعب الفيتنامي
حصل الشعب الفيتنامي على دعم سياسي كبير من قوى مهمة كثيرة في العالم وفي مقدمتها الاتحاد السوفيتي ومعه كل الدول الاشتراكية (المعسكر الشرقي) وكذلك دول كثيرة في العالم كانت على علاقات قوية مع السوفيت وكانت هذه المنظومة تقدم دعماً سياسياً هائلاً للفيتناميين في المحافل الدولية كذلك كان هناك دعم كبير من الصين ومن مجموعة دول عدم الانحياز وهي قوة دولية لا يمكن الاستهانة فيها ذلك الوقت.
رابعاً: الدعم الإعلامي
تأسيساً على وجود هذه المنظومات الدولية المستقلة بل والمناهضة للأمريكيين فإنها حتماً ستوظف قدراتها الإعلامية لخدمة القضية الفيتنامية وهذا ما حقق نتائج كبيرة في عرض القضية على العالم بل وحتى في التأثير لإيصالها إلى الرأي العام الأمريكي الذي كان له دور بارز في إنهاء العدوان وقد اعتمد الرئيس الأمريكي حينها في جانب مهم من تكوين قناعته بإنهاء الحرب على ما كانت تنشره الصحف الأمريكية لاسيما مقالات كبار الصحفيين في صحيفتي الواشنطن بوست والنيويورك تايمز وما كانت تنشره الصحافة الأمريكية الأخرى من تقارير ومعلومات عن الخسائر الأمريكية والفيتنامية وكذلك ما كانت ترتكبه قوات الاحتلال الأمريكية من جرائم ضد الشعب الفيتنامي ولعل أشهرها جريمة الإبادة الجماعية التي نفذها الملازم الأمريكي وليام كالي في قرية (لاي) عام 1968.
خامساً: الدعم العسكري
كان الفيتناميون يحصلون على دعم عسكري هائل من الاتحاد السوفيتي حيث ذكر أحد كبار المسؤولين السوفيت بعد انتهاء الحرب الفيتنامية أنهم أي السوفيت كانوا يرسلون يومياً 97 قطاراً مملوءً بالعتاد والذخيرة والأسلحة هذا عدا الصين التي كانت تقوم بإعادة كل المرافق والطرق والأبنية التي يدمرها القصف الأمريكي في فيتنام الشمالية كما هناك تأمين كامل لخطوط الإمدادات عن طريق كمبوديا (المعروف باسم طريق هوش منه) وهذا ما دفع الولايات المتحدة لفتح جبهة جديدة عليها عندما بادرت بالعدوان على كمبوديا في نهاية يونيو 1970 وهذا كان يعني خسائر أكبر ورأي عام عالمي متزايد ضد أمريكا... لقد كانت الحرب الفيتنامية في حقيقتها حرب غير مباشرة بين القوى الكبرى أمريكا وحلفائها من جهة والاتحاد السوفيتي والصين من جهة أخرى.
سادساً: وجود الدولة الحاضنة
كان أول انطلاقة منظمة لثوار الفيت كونج (الشيوعيون الفيتناميون) في فيتنام الجنوبية عام 1959 وبعد عام تأسست جبهة التحرير الوطني وكان الحاضن لهذه الجبهة هو فيتنام الشمالية حيث كانت تمدها بكل مقومات العمل المقاوم وكانت فيتنام الشمالية جزء رئيس في الحرب ولذلك كان الثوار يجدون ملاذهم الآمن والإمداد وكل أنواع الدعم البشري والعسكري والمادي من فيتنام الشمالية وهذه الأخيرة كانت تتلقى الدعم الذي أشرنا إليه من الدول الكبرى ودول أخرى كثيرة. والمفيد هنا أن أمريكا لم تغز فيتنام الشمالية بما يعني أنها بقت دولة حاضنة للمقاومة.
سابعاً: طبيعة التضاريس في فيتنام
جرت أكثر المعارك في فيتنام في مناطق أغلبها ذات طبيعة جبلية أو غابات وأحراش وهذا ما وفر فرص للثوار في تجنب أغلب عمليات الرصد والتصنت من قبل القوات الأمريكية كما وفر فرصة كبيرة للثوار بأن يقيموا شبكة واسعة من الأنفاق التي استغلوها في هجماتهم على القوات الأمريكية.
ثامناً: الإدارة الأمريكية حينها
كل العوامل السابقة أدت إلى وجود أرضية صلبة تقف عليها المقاومة وهذا ما جعل موقفها قوي ورفضت دخول المفاوضات والعملية السياسية التي طرحت عليها مرات عديدة ولم تفاوض إلا عندما وصلت الولايات المتحدة إلى درجة العجز وازداد عليها الضغط الخارجي وتألب عليها الرأي العام الأمريكي والعالمي إضافة إلى الخسائر البشرية والمادية في العمليات وازدياد فضائح الجرائم التي ترتكبها القوات الأمريكية الغازية… كل هذا جعل أمريكا تدخل المفاوضات وهي في وضع لا تحسد عليه وهنا لابد من الإشارة إلى نقطة مهمة وهي وجود بعض العقلاء في الإدارة الأمريكية حينها مثل هنري كيسنجر الذي فتح أبواب المفاوضات مع الفيتناميين عن طريق الصين (أحد الداعمين الرئيسيين للثوار) مع العلم أن تلك المفاوضات جرت في وقت ازدادت فيه ضربات الثوار المؤذية للقوات الأمريكية وهذه كانت إحدى وسائل الضغط على المسؤولين الأمريكيين للقبول بالشروط الفيتنامية.
ونضيف إلى كل ما تقدم إيمان وشجاعة واقتدار الشعب الفيتنامي وإصراره على تحقيق النصر الذي انتهى بسقوط حكومة سايغون وبعدها في 30 آذار 1972 هاجمت فيتنام الشمالية منطقة كانغ تري في فيتنام الجنوبية وبعدها بفترة تم إعادة توحيد شطري فيتنام.
المقاومة العراقية
عندما نتحدث عن المقاومة العراقية فإننا نشير الى مقاومة تستمد قوتها من قوة الشعب الذي يقف خلفها ويحتضنها، وكذلك الى قدرة قيادتها على التخطيط وتوفير مستلزمات ديمومتها.
صحيح أن المقاومة العراقية البطلة قد تم التخطيط لها منذ عام 1993 وانطلقت في نفس اليوم التي أعلنت فيه القوات الغازية تدنيس أرض العاصمة بغداد واحتلالها في 9/4/2003 إلا أن الظروف التي تحيط بهذه المقاومة ظروف مختلفة عن ما شهدته المقاومة الفيتنامية وهنا يمكن الإشارة إلى بعض منها:
أولاً: الزمن
انطلقت المقاومة العراقية في زمن لا توجد فيه سوى قوى واحدة غاشمة تريد تنفيذ مخططها الكوني لإقامة أكبر إمبراطورية انطلاقاً من العراق باستغلال موقعه الحيوي ونهب خيراته.
ثانياً: الوضع الدولي
لم يشهد تاريخ البشرية ظروف دولية أسوأ من المرحلة الحالية حيث أصبح العالم أحادي القطبية وبقية الدول تدور في فلكه بل إن الدول الكبرى ساهمت أكثر من غيرها في دفع أمريكا لغزو العراق أملاً في أن ذلك سيورطها ويبعدها عنهم لفترة يتمكنوا من إعادة ترتيب أوضاعهم للتعامل مع المراحل القادمة. أي أن الوضع الدولي الحالي هو ضد العراق ومقاومته وأغلب الدول تتفرج ولا تحرك ساكن إن لم نقل أنها تدعم الاحتلال الأمريكي للعراق.
ثالثاً: الدعم السياسي
بعكس ما توفر للمقاومة الفيتنامية فإن المقاومة العراقية لم تجد أي دعم من أي طرف دولي أو عربي بل العكس أن أغلب الأنظمة العربية كانت ولا تزال تتآمر على المقاومة وكذا الحال بالنسبة لدول المنطقة مثل إيران وتركيا ناهيك عن الكيان الصهيوني الذي يعتبر أحد المستفيدين الأساسيين من احتلال العراق ولذلك فالمقاومة العراقية تواجه هذه الدول من زاوية كونها دول معادية بعكس المقاومة الفيتنامية.
رابعاً: الدعم الإعلامي
في قضية العراق هناك حصار إعلامي شامل على المقاومة العراقية وإن نشرت أخبار عنها فتنشر بطريقة محرفة تخدم المحتلين وعملائهم... أي أن النشر هنا هدفه معادي للمقاومة وهذا ما نلاحظه في أغلب الأخبار التي يتم تناولها في وسائل الإعلام التي تخضع لجهات تقف مع المحتلين.
كذلك فإن الإدارة الأمريكية تحكم الطوق على كل الأخبار بحيث لا يسمح لوسائل الإعلام الأمريكية نشر أي معلومات إلا التي تخدم مشروع الاحتلال الأمريكي ويدخل في ذلك عدم نشر أغلب الفضائح والجرائم التي يرتكبها المحتل وإن نشرت فبطريقة تعطي نتائج عكسية وإذا نظرنا مثلاً إلى عملية نشر الصور عن جرائم الاحتلال في معتقل أبو غريب فإنها هي الأخرى كانت زوبعة في فنجان وكذا الحال بالنسبة لجرائم القتل الجماعي واستخدام الأسلحة المحرمة في أغلب مناطق العراق وهذا كله وصل إلى المواطن الأمريكي ولم يحرك فيه ساكن بعكس ما كان يحصل في جرائم الأمريكيين في فيتنام التي كانت تصل إلى الشعوب الأمريكية من وسائل مختلفة وبطرق فعالة وهذا ما يفسر لنا عدم تحرك الرأي العام الأمريكي بشكل فعال كما حصل في حرب فيتنام ناهيك عن عدم نشر وسائل الإعلام الأمريكية لحجم الخسائر في العراق وهي أضعاف خسائرهم في فيتنام وعلى سبيل المثال أن معدل خسائر أمريكا في فيتنام كان يقل بشك كبير في السنتين الاولتين في الحرب عن خسائرها في العراق بشكل كبير. وقلة من الأمريكيين من يعرف هذه الحقيقة بسبب التعتيم الإعلامي ولا يزال الإعلام العالمي والأمريكي يتحدث عن الأرقام التي تسوقها المصادر الأمريكية وتضع امام الاميركي رقم 58 الف قتيل في فيتنام مقابل اقل من الفين قتيل لحد الان في العراق.
يقول نعوم شومسكي "إن الناس حين يمسكون بالحقيقة يمارسون حق المعارضة أقوى من ذلك لأن وضع نهاية لممارسات التعذيب في فيتنام فرضت بمعارضة شعبية لشعب يحصل على معلومات" وهذا ما لم يتحقق لما يجري في العراق من انتهاكات وجرائم يقوم بها المحتل وعملائه ولا يعرف عنها أغلب الشعوب الأمريكية.
خامساً: الدعم العسكري
تعتمد المقاومة العراقية بالكامل على ما هيأ لها من سلاح وعتاد قبل الاحتلال وهناك حصار كامل على هذه المقاومة من الدول المحيطة بالعراق بل إن هذه الدول تعمل مع الأمريكيين لفرض طوق على تحرك المقاومة وعملها. وصحيح أن هناك أسلحة تدخل للعراق لاسيما عن طريق إيران ولكن هذه الأسلحة لا تدخل لدعم المقاومة بل للقضاء عليها لأنها تذهب إلى القوى العميلة لإيران. هذا عدا عن دخول ونشر مئات آلاف الإيرانيين (مخابرات إيرانية) في محافظات كثيرة لاسيما في الجنوب والفرات الأوسط وهذه المحافظات بدل أن تكون حاضنة للمقاومة أصبحت مراكز للتآمر على الشعب العراقي ومقاومته ورغماً عن أنوف مواطنيها العراقيين الشرفاء.
سادساً: وجود الدولة الحاضنة
المقاومة عراقية 100% في كل شيء. ولا يوجد من نصير لها إلا الله والشعب العراقي وأرضه وكما أسلفنا فإن أغلب دول الجوار أصبحت حاضنة للاحتلال ضد الشعب العراقي ومقاومته الوطنية بل إن معظمها ساهم به وانطلقت من أراضيها القوات الغازية عدا أنها كانت تأوي كل العملاء الذين جاءوا مع الاحتلال لاسيما من إيران والأردن والكويت.
سابعاً: طبيعة التضاريس
طبيعة الأرض العراقية، باستثناء الشمال، أراضي منبسطة وهذا ما أضاف عبء على المقاومة وعملياتها. لكن حسن التخطيط والفطنة مكن المقاومة من التعامل مع هذه الخاصية التي تسهل كشف تحركات المقاومة ورصدها. واثبتت المقاومة العراقية كفاءة ملموسة في العمل في مثل هذه التضاريس وتكبيد المحتل وأعوانه الخسائر الفادحة.
ثامناً: الإدارة الأمريكية الحالية
إذا كنا نقول عن وجود بعض العقلاء في الإدارة الأمريكية إبان حرب فيتنام ووجود رأي عام نشط وإعلام فعال استطاع أن يؤثر على تلك الإدارة ويدفعها إلى استخدام منطق العقل والركون إلى المفاوضات المتكافئة فإننا في حالة العراق نجد العكس فالإدارة الأمريكية من رئيسها وبقية أركانه عبارة عن ثلة لا يهمها إلا تنفيذ الأوهام التي زرعوها في أدمغتهم. ولكن هذا لا يعني أن هؤلاء اليمينيين الجدد-المتصهينين لن ينصاعوا لإرادة الحق ليس لأنهم سيعودون لمنطق العقل بوعي وقناعة ذاتية ولكن بفضل شجاعة وإرادة العراقيين الصلبة وهي وحدها التي ستفرض على المحتلين الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع المقاومة الوطنية العراقية في وقت غير بعيد.
تاسعاً: الجانب التكنولوجي
رغم أن إمكانيات الولايات المتحدة إبان عدوانها على فيتنام كانت على درجة كبيرة من التطور العلمي إلا أن تلك التكنولوجيا التي استخدمت ضد الثوار الفيتناميين هي بسيطة جداً إذا ما قورنت بما تستخدمه القوات الأمريكية الآن ضد العراقيين. فعلى سبيل المثال كانت القوات الأمريكية تستعين بأعداد كبيرة من عناصر الاستطلاع وكان هؤلاء يحملون أجهزة لاسلكية محمولة على الكتف يتصلون من خلالها عبر القمر الصناعي بالقواعد الجوية لغرض إرسال طائرات B52 الإستراتيجية لتقصف تجمعات الثوار. أما الآن فالجهد الاستطلاعي يعتمد على أكثر من عشرة أقمار صناعية عسكرية وأعداد كبيرة من طائرات الاستطلاع بطيار وبدون طيار وكلها تعمل وفق منظومة تكنولوجية متطورة عدا الأسلحة الذكية. ومع كل هذا الكم من التكنولوجيا العسكرية المتطورة والآلة الحربية الفائقة فإن المقاومة العراقية التي تواجه هذه التكنولوجيا بطرق مذهلة وهذا ما أفقد الأمريكيين صوابهم وأكد لهم حجم تطور العقل العراقي المقاوم.
هل ستنجح المقاومة العراقية؟
رغم أننا لا نريد أن نبالغ في حجم تفاؤلنا إلا أننا ولكي نؤسس بطريقة علمية موضوعية لهذا التفاؤل لابد من استعراض بعض ما أنجزته المقاومة الوطنية العراقية لإفشال المشروع الأمريكي ونشير هنا إلى أبرزها وهي:
1. فشل ذريع في إنجاز الانتخابات بالطريقة التي تخدم المشروع الأمريكي. والإدارة الأمريكية كما يتضح الآن نادمة لأنها أسرعت بإقامة هذه المسرحية وأنها اعتمدت على استنتاجات خاطئة استمدتها من وثائق لتنظيمات طالبان في أفغانستان وكانت هذه الوثائق على ما يبدو تشير إلى أن بعض قيادات طالبان تعتقد أنه كان عليها أن تدخل لعبة الانتخابات التي أجريت في أفغانستان. واعتقد الأمريكان وكالعادة بدفع من عملائهم الذين ورطوهم باحتلال العراق، بأن رأي طالبان هذا يمكن أن يكون ذاته رأي المقاومة العراقية.
2. فشل تشكيل قوى حليفة للاحتلال في العراق.
3. فشل مسرحية الإعمار الأكذوبة وانكشاف زيفها.
4. فشل في استغلال خيرات العراق لتمويل ماكنتهم العدوانية.
5. فشل بناء قوات عميلة للاحتلال في العراق.
6. فشل المشروع الديمقراطي النموذجي المزعوم في العراق والمنوي تصديره إلى الدول الأخرى.
7. فشل الاحتلال في تحقيق أي قدر من الاستقرار الأمني اللهم إلا في سراديب المنطقة الخضراء.
8. تعطيل وتأجيل كل المشروع الأمريكي في المنطقة والعالم.
9. الخسائر البشرية والمادية التي أصبحت أكبر من قدرة الولايات المتحدة على تحملها أو إخفائها على الشعب الأمريكي والعالم.
10. تفكك التحالفات مع الأمريكيين.
11. تراجع شعبية بوش وحزبه الجمهوري بين أوساط الشعوب الأمريكية.
وفي الجانب الثاني تنامت القوى والأصوات الرافضة المعادية للاحتلال سواء داخل العراق أو داخل أمريكا ذاتها أو في العالم وهذه أخذت أشكال عمل منظم فعال بدأت آثاره واضحة على الرأي العام وكذلك على مواقف الإدارة الأمريكية.
إن الذي وفر هذه الظروف لحصول هذه المتغيرات وغيرها وأن تأخذ طريقها إلى مسرح الأحداث هو اداء المقاومة الوطنية العراقية... وإدارة بوش التي وعدت قواتها بأنها ستستقبل من العراقيين بالورود تعاني اليوم الأمرين بسبب غرقها في المستنقع العراقي وهذا ما دفع بعدد من الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي أن يطالبوا بوش بإعلان جدول زمني لانسحاب القوات الغازية من العراق وهؤلاء جميعهم كانوا من المؤيدين للحرب على العراق وقد عاد إليهم وعيهم واكتشفوا أنهم ذهبوا في الاتجاه والمكان الخطأ ويريدون اليوم قبل غداً أن ينقذوا ماء وجههم.
إننا في الوقت الذي حاولنا فيه تسليط الضوء على تجربتي مقاومتين عظيمتين، الفيتنامية والعراقية، فإن الشيء الذي أصبحنا متأكدين منه هو أن تجربة المقاومة العراقية سيكتب لها النصر رغم عدم توفر ذات الإمكانيات والعوامل المساعدة التي توفرت للمقاومة الفيتنامية. وهذا سيسجل للعراقيين سبق وريادة سيخلدها التاريخ الإنساني الحر مع تأشير ملاحظة نتمنى أن ننتبه إليها جميعاً لاسيما في إطار عمل قيادة المقاومة وهو محاولات التفتيت في عضد المقاومة التي تقوم بها قوى الاحتلال عبر إغراءات وعروض منح بعض المزايا بشكل مباشر أو من خلال بعض الوسطاء الذين يصطادون بالماء العكر. وهنا يجب أن يستفاد من تجربة الفيتناميين الذين لم يجلسوا إلى طاولة المفاوضات مع المعتدين إلا بعد أن أوصلوهم إلى درجة العجز وبدأت المفاوضات في ذات الوقت الذي زادت فيه عمليات الهجوم على الأمريكيين قوة وشراسة. ولذلك فإن فكر البعض بهذا المسلك أي التفاوض فيجب أن يكون في الوقت الذي يصل فيه الأمريكيين إلى درجة العجز التام وسيصلوه في وقت قريب. وحتى إن بدأت المفاوضات فيجب أن تزداد فيه قوة العمليات كماً ونوعاً بحيث لا يجد المحتلين مخرجاً إلا الانصياع لإرادة ومطالب الشعب العراقي ومقاومته وهي مطالب أصبحت معروفة لكل وطني شريف.
د. فيصل الفهد
بقلم: د. فيصل الفهد
للوهلة الاولى، قد تبدو حرب اميركا في العراق مشابهة لحربها في فيتنام. الا ان التمعن في التفاصيل يكشف صورة مختلفة.
ميدل ايست اونلاين
رغم إعجابنا الكبير بتجربة الشعب الفيتنامي البطل وانتصاره العظيم على العنجهية الأمريكية إلا أننا لا نميل إلى إجراء المقارنات بينها وبين المقاومة العراقية بحكم أن إجراء مثل هكذا مقارنة لا يستند إلى معايير موضوعية صحيحة يمكن أن تشكل الأساس لنجاحها ومن هنا حرصنا في هذا المقام أن نسلط الأضواء على ما يمكن أن نعده تأسيس لتقويم سليم لكلتا التجربتين رغم أن التجربة العراقية لازالت مستمرة وستستمر إلى مرحلة قادمة (ولكنها ليست بعيدة) وهنا لابد من الإشارة إلى جملة نقاط يمكن من خلالها فهم طبيعة كل من التجربتين ومنها:
المقاومة الفيتنامية
أولاً: الظرف الزماني
رغم أن نضال الشعب الفيتنامي ضد الاستعمار الفرنسي بدأ قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية إلى أن أهم مرحلة فيه كانت بعد دخول الاستعمار الأمريكي حلبة الصراع بشكل مباشر لاسيما بعد عام 1962 وحتى بداية 1973 حيث كان الزمن لعبة بيد مجموعة من القوى واحدة منها الولايات المتحدة ولذلك فالظروف الزمنية للقرن الماضي هي غيرها الآن وكلها كانت لصالح نضال الشعب الفيتنامي.
ثانياً: الوضع الدولي
كما أسلفنا كان الوضع الدولي عبارة عن معترك بين مجموعة قوى كبيرة مثل الاتحاد السوفيتي الذي كان في أوج عظمته وبريطانيا التي لم تنساق آنذاك وراء التهور الأمريكي والصين التي كان لها حضورها الفاعل ضد المخططات الأمريكية في تلك المنطقة وفرنسا هذا بالإضافة إلى هامش كبير من المرونة في مواقف دول مهمة في العالم كانت تتخذ مواقف أقلها أنها لم تكن مؤذية للطرف الفيتنامي وغير مؤيدة للعدوان الأمريكي وكان على الإدارة الأمريكية أن تأخذ كل هذه الدول بنظر الاعتبار وتحسب لها ألف حساب.
ثالثاً: الدعم السياسي للشعب الفيتنامي
حصل الشعب الفيتنامي على دعم سياسي كبير من قوى مهمة كثيرة في العالم وفي مقدمتها الاتحاد السوفيتي ومعه كل الدول الاشتراكية (المعسكر الشرقي) وكذلك دول كثيرة في العالم كانت على علاقات قوية مع السوفيت وكانت هذه المنظومة تقدم دعماً سياسياً هائلاً للفيتناميين في المحافل الدولية كذلك كان هناك دعم كبير من الصين ومن مجموعة دول عدم الانحياز وهي قوة دولية لا يمكن الاستهانة فيها ذلك الوقت.
رابعاً: الدعم الإعلامي
تأسيساً على وجود هذه المنظومات الدولية المستقلة بل والمناهضة للأمريكيين فإنها حتماً ستوظف قدراتها الإعلامية لخدمة القضية الفيتنامية وهذا ما حقق نتائج كبيرة في عرض القضية على العالم بل وحتى في التأثير لإيصالها إلى الرأي العام الأمريكي الذي كان له دور بارز في إنهاء العدوان وقد اعتمد الرئيس الأمريكي حينها في جانب مهم من تكوين قناعته بإنهاء الحرب على ما كانت تنشره الصحف الأمريكية لاسيما مقالات كبار الصحفيين في صحيفتي الواشنطن بوست والنيويورك تايمز وما كانت تنشره الصحافة الأمريكية الأخرى من تقارير ومعلومات عن الخسائر الأمريكية والفيتنامية وكذلك ما كانت ترتكبه قوات الاحتلال الأمريكية من جرائم ضد الشعب الفيتنامي ولعل أشهرها جريمة الإبادة الجماعية التي نفذها الملازم الأمريكي وليام كالي في قرية (لاي) عام 1968.
خامساً: الدعم العسكري
كان الفيتناميون يحصلون على دعم عسكري هائل من الاتحاد السوفيتي حيث ذكر أحد كبار المسؤولين السوفيت بعد انتهاء الحرب الفيتنامية أنهم أي السوفيت كانوا يرسلون يومياً 97 قطاراً مملوءً بالعتاد والذخيرة والأسلحة هذا عدا الصين التي كانت تقوم بإعادة كل المرافق والطرق والأبنية التي يدمرها القصف الأمريكي في فيتنام الشمالية كما هناك تأمين كامل لخطوط الإمدادات عن طريق كمبوديا (المعروف باسم طريق هوش منه) وهذا ما دفع الولايات المتحدة لفتح جبهة جديدة عليها عندما بادرت بالعدوان على كمبوديا في نهاية يونيو 1970 وهذا كان يعني خسائر أكبر ورأي عام عالمي متزايد ضد أمريكا... لقد كانت الحرب الفيتنامية في حقيقتها حرب غير مباشرة بين القوى الكبرى أمريكا وحلفائها من جهة والاتحاد السوفيتي والصين من جهة أخرى.
سادساً: وجود الدولة الحاضنة
كان أول انطلاقة منظمة لثوار الفيت كونج (الشيوعيون الفيتناميون) في فيتنام الجنوبية عام 1959 وبعد عام تأسست جبهة التحرير الوطني وكان الحاضن لهذه الجبهة هو فيتنام الشمالية حيث كانت تمدها بكل مقومات العمل المقاوم وكانت فيتنام الشمالية جزء رئيس في الحرب ولذلك كان الثوار يجدون ملاذهم الآمن والإمداد وكل أنواع الدعم البشري والعسكري والمادي من فيتنام الشمالية وهذه الأخيرة كانت تتلقى الدعم الذي أشرنا إليه من الدول الكبرى ودول أخرى كثيرة. والمفيد هنا أن أمريكا لم تغز فيتنام الشمالية بما يعني أنها بقت دولة حاضنة للمقاومة.
سابعاً: طبيعة التضاريس في فيتنام
جرت أكثر المعارك في فيتنام في مناطق أغلبها ذات طبيعة جبلية أو غابات وأحراش وهذا ما وفر فرص للثوار في تجنب أغلب عمليات الرصد والتصنت من قبل القوات الأمريكية كما وفر فرصة كبيرة للثوار بأن يقيموا شبكة واسعة من الأنفاق التي استغلوها في هجماتهم على القوات الأمريكية.
ثامناً: الإدارة الأمريكية حينها
كل العوامل السابقة أدت إلى وجود أرضية صلبة تقف عليها المقاومة وهذا ما جعل موقفها قوي ورفضت دخول المفاوضات والعملية السياسية التي طرحت عليها مرات عديدة ولم تفاوض إلا عندما وصلت الولايات المتحدة إلى درجة العجز وازداد عليها الضغط الخارجي وتألب عليها الرأي العام الأمريكي والعالمي إضافة إلى الخسائر البشرية والمادية في العمليات وازدياد فضائح الجرائم التي ترتكبها القوات الأمريكية الغازية… كل هذا جعل أمريكا تدخل المفاوضات وهي في وضع لا تحسد عليه وهنا لابد من الإشارة إلى نقطة مهمة وهي وجود بعض العقلاء في الإدارة الأمريكية حينها مثل هنري كيسنجر الذي فتح أبواب المفاوضات مع الفيتناميين عن طريق الصين (أحد الداعمين الرئيسيين للثوار) مع العلم أن تلك المفاوضات جرت في وقت ازدادت فيه ضربات الثوار المؤذية للقوات الأمريكية وهذه كانت إحدى وسائل الضغط على المسؤولين الأمريكيين للقبول بالشروط الفيتنامية.
ونضيف إلى كل ما تقدم إيمان وشجاعة واقتدار الشعب الفيتنامي وإصراره على تحقيق النصر الذي انتهى بسقوط حكومة سايغون وبعدها في 30 آذار 1972 هاجمت فيتنام الشمالية منطقة كانغ تري في فيتنام الجنوبية وبعدها بفترة تم إعادة توحيد شطري فيتنام.
المقاومة العراقية
عندما نتحدث عن المقاومة العراقية فإننا نشير الى مقاومة تستمد قوتها من قوة الشعب الذي يقف خلفها ويحتضنها، وكذلك الى قدرة قيادتها على التخطيط وتوفير مستلزمات ديمومتها.
صحيح أن المقاومة العراقية البطلة قد تم التخطيط لها منذ عام 1993 وانطلقت في نفس اليوم التي أعلنت فيه القوات الغازية تدنيس أرض العاصمة بغداد واحتلالها في 9/4/2003 إلا أن الظروف التي تحيط بهذه المقاومة ظروف مختلفة عن ما شهدته المقاومة الفيتنامية وهنا يمكن الإشارة إلى بعض منها:
أولاً: الزمن
انطلقت المقاومة العراقية في زمن لا توجد فيه سوى قوى واحدة غاشمة تريد تنفيذ مخططها الكوني لإقامة أكبر إمبراطورية انطلاقاً من العراق باستغلال موقعه الحيوي ونهب خيراته.
ثانياً: الوضع الدولي
لم يشهد تاريخ البشرية ظروف دولية أسوأ من المرحلة الحالية حيث أصبح العالم أحادي القطبية وبقية الدول تدور في فلكه بل إن الدول الكبرى ساهمت أكثر من غيرها في دفع أمريكا لغزو العراق أملاً في أن ذلك سيورطها ويبعدها عنهم لفترة يتمكنوا من إعادة ترتيب أوضاعهم للتعامل مع المراحل القادمة. أي أن الوضع الدولي الحالي هو ضد العراق ومقاومته وأغلب الدول تتفرج ولا تحرك ساكن إن لم نقل أنها تدعم الاحتلال الأمريكي للعراق.
ثالثاً: الدعم السياسي
بعكس ما توفر للمقاومة الفيتنامية فإن المقاومة العراقية لم تجد أي دعم من أي طرف دولي أو عربي بل العكس أن أغلب الأنظمة العربية كانت ولا تزال تتآمر على المقاومة وكذا الحال بالنسبة لدول المنطقة مثل إيران وتركيا ناهيك عن الكيان الصهيوني الذي يعتبر أحد المستفيدين الأساسيين من احتلال العراق ولذلك فالمقاومة العراقية تواجه هذه الدول من زاوية كونها دول معادية بعكس المقاومة الفيتنامية.
رابعاً: الدعم الإعلامي
في قضية العراق هناك حصار إعلامي شامل على المقاومة العراقية وإن نشرت أخبار عنها فتنشر بطريقة محرفة تخدم المحتلين وعملائهم... أي أن النشر هنا هدفه معادي للمقاومة وهذا ما نلاحظه في أغلب الأخبار التي يتم تناولها في وسائل الإعلام التي تخضع لجهات تقف مع المحتلين.
كذلك فإن الإدارة الأمريكية تحكم الطوق على كل الأخبار بحيث لا يسمح لوسائل الإعلام الأمريكية نشر أي معلومات إلا التي تخدم مشروع الاحتلال الأمريكي ويدخل في ذلك عدم نشر أغلب الفضائح والجرائم التي يرتكبها المحتل وإن نشرت فبطريقة تعطي نتائج عكسية وإذا نظرنا مثلاً إلى عملية نشر الصور عن جرائم الاحتلال في معتقل أبو غريب فإنها هي الأخرى كانت زوبعة في فنجان وكذا الحال بالنسبة لجرائم القتل الجماعي واستخدام الأسلحة المحرمة في أغلب مناطق العراق وهذا كله وصل إلى المواطن الأمريكي ولم يحرك فيه ساكن بعكس ما كان يحصل في جرائم الأمريكيين في فيتنام التي كانت تصل إلى الشعوب الأمريكية من وسائل مختلفة وبطرق فعالة وهذا ما يفسر لنا عدم تحرك الرأي العام الأمريكي بشكل فعال كما حصل في حرب فيتنام ناهيك عن عدم نشر وسائل الإعلام الأمريكية لحجم الخسائر في العراق وهي أضعاف خسائرهم في فيتنام وعلى سبيل المثال أن معدل خسائر أمريكا في فيتنام كان يقل بشك كبير في السنتين الاولتين في الحرب عن خسائرها في العراق بشكل كبير. وقلة من الأمريكيين من يعرف هذه الحقيقة بسبب التعتيم الإعلامي ولا يزال الإعلام العالمي والأمريكي يتحدث عن الأرقام التي تسوقها المصادر الأمريكية وتضع امام الاميركي رقم 58 الف قتيل في فيتنام مقابل اقل من الفين قتيل لحد الان في العراق.
يقول نعوم شومسكي "إن الناس حين يمسكون بالحقيقة يمارسون حق المعارضة أقوى من ذلك لأن وضع نهاية لممارسات التعذيب في فيتنام فرضت بمعارضة شعبية لشعب يحصل على معلومات" وهذا ما لم يتحقق لما يجري في العراق من انتهاكات وجرائم يقوم بها المحتل وعملائه ولا يعرف عنها أغلب الشعوب الأمريكية.
خامساً: الدعم العسكري
تعتمد المقاومة العراقية بالكامل على ما هيأ لها من سلاح وعتاد قبل الاحتلال وهناك حصار كامل على هذه المقاومة من الدول المحيطة بالعراق بل إن هذه الدول تعمل مع الأمريكيين لفرض طوق على تحرك المقاومة وعملها. وصحيح أن هناك أسلحة تدخل للعراق لاسيما عن طريق إيران ولكن هذه الأسلحة لا تدخل لدعم المقاومة بل للقضاء عليها لأنها تذهب إلى القوى العميلة لإيران. هذا عدا عن دخول ونشر مئات آلاف الإيرانيين (مخابرات إيرانية) في محافظات كثيرة لاسيما في الجنوب والفرات الأوسط وهذه المحافظات بدل أن تكون حاضنة للمقاومة أصبحت مراكز للتآمر على الشعب العراقي ومقاومته ورغماً عن أنوف مواطنيها العراقيين الشرفاء.
سادساً: وجود الدولة الحاضنة
المقاومة عراقية 100% في كل شيء. ولا يوجد من نصير لها إلا الله والشعب العراقي وأرضه وكما أسلفنا فإن أغلب دول الجوار أصبحت حاضنة للاحتلال ضد الشعب العراقي ومقاومته الوطنية بل إن معظمها ساهم به وانطلقت من أراضيها القوات الغازية عدا أنها كانت تأوي كل العملاء الذين جاءوا مع الاحتلال لاسيما من إيران والأردن والكويت.
سابعاً: طبيعة التضاريس
طبيعة الأرض العراقية، باستثناء الشمال، أراضي منبسطة وهذا ما أضاف عبء على المقاومة وعملياتها. لكن حسن التخطيط والفطنة مكن المقاومة من التعامل مع هذه الخاصية التي تسهل كشف تحركات المقاومة ورصدها. واثبتت المقاومة العراقية كفاءة ملموسة في العمل في مثل هذه التضاريس وتكبيد المحتل وأعوانه الخسائر الفادحة.
ثامناً: الإدارة الأمريكية الحالية
إذا كنا نقول عن وجود بعض العقلاء في الإدارة الأمريكية إبان حرب فيتنام ووجود رأي عام نشط وإعلام فعال استطاع أن يؤثر على تلك الإدارة ويدفعها إلى استخدام منطق العقل والركون إلى المفاوضات المتكافئة فإننا في حالة العراق نجد العكس فالإدارة الأمريكية من رئيسها وبقية أركانه عبارة عن ثلة لا يهمها إلا تنفيذ الأوهام التي زرعوها في أدمغتهم. ولكن هذا لا يعني أن هؤلاء اليمينيين الجدد-المتصهينين لن ينصاعوا لإرادة الحق ليس لأنهم سيعودون لمنطق العقل بوعي وقناعة ذاتية ولكن بفضل شجاعة وإرادة العراقيين الصلبة وهي وحدها التي ستفرض على المحتلين الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع المقاومة الوطنية العراقية في وقت غير بعيد.
تاسعاً: الجانب التكنولوجي
رغم أن إمكانيات الولايات المتحدة إبان عدوانها على فيتنام كانت على درجة كبيرة من التطور العلمي إلا أن تلك التكنولوجيا التي استخدمت ضد الثوار الفيتناميين هي بسيطة جداً إذا ما قورنت بما تستخدمه القوات الأمريكية الآن ضد العراقيين. فعلى سبيل المثال كانت القوات الأمريكية تستعين بأعداد كبيرة من عناصر الاستطلاع وكان هؤلاء يحملون أجهزة لاسلكية محمولة على الكتف يتصلون من خلالها عبر القمر الصناعي بالقواعد الجوية لغرض إرسال طائرات B52 الإستراتيجية لتقصف تجمعات الثوار. أما الآن فالجهد الاستطلاعي يعتمد على أكثر من عشرة أقمار صناعية عسكرية وأعداد كبيرة من طائرات الاستطلاع بطيار وبدون طيار وكلها تعمل وفق منظومة تكنولوجية متطورة عدا الأسلحة الذكية. ومع كل هذا الكم من التكنولوجيا العسكرية المتطورة والآلة الحربية الفائقة فإن المقاومة العراقية التي تواجه هذه التكنولوجيا بطرق مذهلة وهذا ما أفقد الأمريكيين صوابهم وأكد لهم حجم تطور العقل العراقي المقاوم.
هل ستنجح المقاومة العراقية؟
رغم أننا لا نريد أن نبالغ في حجم تفاؤلنا إلا أننا ولكي نؤسس بطريقة علمية موضوعية لهذا التفاؤل لابد من استعراض بعض ما أنجزته المقاومة الوطنية العراقية لإفشال المشروع الأمريكي ونشير هنا إلى أبرزها وهي:
1. فشل ذريع في إنجاز الانتخابات بالطريقة التي تخدم المشروع الأمريكي. والإدارة الأمريكية كما يتضح الآن نادمة لأنها أسرعت بإقامة هذه المسرحية وأنها اعتمدت على استنتاجات خاطئة استمدتها من وثائق لتنظيمات طالبان في أفغانستان وكانت هذه الوثائق على ما يبدو تشير إلى أن بعض قيادات طالبان تعتقد أنه كان عليها أن تدخل لعبة الانتخابات التي أجريت في أفغانستان. واعتقد الأمريكان وكالعادة بدفع من عملائهم الذين ورطوهم باحتلال العراق، بأن رأي طالبان هذا يمكن أن يكون ذاته رأي المقاومة العراقية.
2. فشل تشكيل قوى حليفة للاحتلال في العراق.
3. فشل مسرحية الإعمار الأكذوبة وانكشاف زيفها.
4. فشل في استغلال خيرات العراق لتمويل ماكنتهم العدوانية.
5. فشل بناء قوات عميلة للاحتلال في العراق.
6. فشل المشروع الديمقراطي النموذجي المزعوم في العراق والمنوي تصديره إلى الدول الأخرى.
7. فشل الاحتلال في تحقيق أي قدر من الاستقرار الأمني اللهم إلا في سراديب المنطقة الخضراء.
8. تعطيل وتأجيل كل المشروع الأمريكي في المنطقة والعالم.
9. الخسائر البشرية والمادية التي أصبحت أكبر من قدرة الولايات المتحدة على تحملها أو إخفائها على الشعب الأمريكي والعالم.
10. تفكك التحالفات مع الأمريكيين.
11. تراجع شعبية بوش وحزبه الجمهوري بين أوساط الشعوب الأمريكية.
وفي الجانب الثاني تنامت القوى والأصوات الرافضة المعادية للاحتلال سواء داخل العراق أو داخل أمريكا ذاتها أو في العالم وهذه أخذت أشكال عمل منظم فعال بدأت آثاره واضحة على الرأي العام وكذلك على مواقف الإدارة الأمريكية.
إن الذي وفر هذه الظروف لحصول هذه المتغيرات وغيرها وأن تأخذ طريقها إلى مسرح الأحداث هو اداء المقاومة الوطنية العراقية... وإدارة بوش التي وعدت قواتها بأنها ستستقبل من العراقيين بالورود تعاني اليوم الأمرين بسبب غرقها في المستنقع العراقي وهذا ما دفع بعدد من الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي أن يطالبوا بوش بإعلان جدول زمني لانسحاب القوات الغازية من العراق وهؤلاء جميعهم كانوا من المؤيدين للحرب على العراق وقد عاد إليهم وعيهم واكتشفوا أنهم ذهبوا في الاتجاه والمكان الخطأ ويريدون اليوم قبل غداً أن ينقذوا ماء وجههم.
إننا في الوقت الذي حاولنا فيه تسليط الضوء على تجربتي مقاومتين عظيمتين، الفيتنامية والعراقية، فإن الشيء الذي أصبحنا متأكدين منه هو أن تجربة المقاومة العراقية سيكتب لها النصر رغم عدم توفر ذات الإمكانيات والعوامل المساعدة التي توفرت للمقاومة الفيتنامية. وهذا سيسجل للعراقيين سبق وريادة سيخلدها التاريخ الإنساني الحر مع تأشير ملاحظة نتمنى أن ننتبه إليها جميعاً لاسيما في إطار عمل قيادة المقاومة وهو محاولات التفتيت في عضد المقاومة التي تقوم بها قوى الاحتلال عبر إغراءات وعروض منح بعض المزايا بشكل مباشر أو من خلال بعض الوسطاء الذين يصطادون بالماء العكر. وهنا يجب أن يستفاد من تجربة الفيتناميين الذين لم يجلسوا إلى طاولة المفاوضات مع المعتدين إلا بعد أن أوصلوهم إلى درجة العجز وبدأت المفاوضات في ذات الوقت الذي زادت فيه عمليات الهجوم على الأمريكيين قوة وشراسة. ولذلك فإن فكر البعض بهذا المسلك أي التفاوض فيجب أن يكون في الوقت الذي يصل فيه الأمريكيين إلى درجة العجز التام وسيصلوه في وقت قريب. وحتى إن بدأت المفاوضات فيجب أن تزداد فيه قوة العمليات كماً ونوعاً بحيث لا يجد المحتلين مخرجاً إلا الانصياع لإرادة ومطالب الشعب العراقي ومقاومته وهي مطالب أصبحت معروفة لكل وطني شريف.
د. فيصل الفهد