المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حصل معي في بغداد - قصة واقعية(منقول)



القادم
19-04-2004, 06:07 PM
منذ نعومة أظفاري واستيقظت وفي بيتنا همّ القدس وفلسطين .
لم يفتأ والدي يقول لي : إسمع يا مُصعَب إن أنا متُّ في يوم من الأيام فاعلم أن فلسطين أمانة في عنقك حتى تلقى الله وستُسأل والله ماذا فعلت كي تساعد فلسطسن حتى وأنت بعيد عنها.
كنّا من القرى القريبة من دير ياسين وهاجر أهلي مباشرة بعد المذبحة . ربما في مناسبات عديدة بعد ذلك ودُّوا لو أنهم صمدوا مكانهم.
فكبرت وأكملت دراستي (وكأي فلسطيني في المنفى علمت أنه لا فلاح لنا إلا بالعلم والإسلام) وبدأت العمل في بلد عربي كمهندس مقاول.
كنت أحب العراق حبّاً شديداً لنفسية شعبه المناضل والصامد رغم كل الأزمات. كنت أحبه لأنه لم يجعل غربة الفلسطينيين غربتين كما في باقي الدول العربية . كنت أحبه تعامله معنا – نحن الفلسطينيين – على أن مصيرنا مثل بعض كشعب عربي أوحد لعن الله من فرّقه.
حتى سنحت لي الفرصة في سنة 2002 م للعمل هناك. حاول والداي أن يقنعاني ألا أذهب ولكني كنت مصمم.
كان مسكني وعملي في ورشة بناء قرب مطار بغداد. رغم حصار هذا البلد العظيم كان لا يزال مصمماً على الثبات.
كثرت التهديدات للعراق في أول العام 2003 وكان أحد العمّال ينصح الآخرين بالإنضمام الى عائلاتهم إذ طرأ أي طارئ. لم يوافق البقية على ما قاله ، حتى أن أحدهم قالله : يا هذا ، مالك جبان الى هذا الحد ؟ الله يحمي عائلاتنا ولكننا نضحي من أجل بلادنا إن حصل أي شيء . واجابه البقية أي والله صدقت ، ماكو أحلى من الدفاع عن الأرض!
كنت لا أبارح تتبّع الأخبار أمام التلفاز عندما أعود لبيتي وفي العمل كان يرافقني راديو صغير أستمع إليه في وقت راحتي . تحدد وقت الهجوم على العراق بعد غد ، وعندما ترى وجوه العمّال في العمل كأنّ التهديد لا يعنيهم من قريب أو بعيد . في فترة الظهيرة وعند وقت تناول الغداء ، قال هذا العامل نفسه : يا جماعة سيهجم علينا الأمريكان بكل ما عندهم من آلات عسكرية وطائرات ولن يتركونا حتى يدمّرونا عن بكرة أبينا .
قام أحد العمال وأمسك بهذا العامل ووضع قبضته الضخمة حول عنقه وقال له : إسمع يا هذا ، سئمنا من كلماتك التي تدعو الى الإحباط والتخاذل ونحن لا ننوي أن نجعل العراق فلسطين ثانية . لن نترك أرضنا ، أتسمع ؟ من يقاوم في فلسطين هم أهل الأرض الذين بقوا فيها ونحن سنبقى وأسلحتنا معنا . ومخططنا أن نجعل الأمريكيين يكفرون بكل ما يؤمنون به ويلعنون الساعة التي جاؤوا فيبها الى هذه الديار ! إن لم تكن معنا فأنت علينا وأنت منهم. نظر هذا العامل الى البقية فإذا بهم ينوون الإنقضاض عليهم مثل الأسود ، فقال لهم بعد أن إصفرّ لونه :
لا لا أنا معكم ، ولكني خائف . فأجابه بإبتسامة صفراوية إذاً إذهب منذ الآن الى دارك وابق مع النساء فللحروب رجالها الذين لا تنتمي لهم لأن المؤمن لا يخاف من الشهادة.
نظرت اليهم بفخر ولاحظوا إبتسامة على وجههي تعبّر عن فخري بوجودي معهم ، يا لهم من رجال أشاوس لا يرعبهم ذكر الموت. قلت لهم : ليت لكل بلد عربي من يدافع عنه وعنده مثل إقدامكم هذا ، بارك الله لكم بوطنكم وبحياتكم.
بدأ القصف وبدأت النار تحيط ببغداد من كل جانب . لا تستغرب يا أخي كيف أكتب والنار من حولي ، فبغداد كبيرة وخنادقها كثيرة وشعبها جبّار وقد اكتسبت من صمودهم ما يمكن أن يبقيني حيّاً ولو أحاطوا بي من كل جنب حتى ألقى ربّي صابراً . كنت أطمئن اهلي يومياً وقبل إنقطاع الهاتف بيومين كنت أقول لهم لا تقلقوا عليّ إن لم أتّصل بكم فأنا في أمان ، ولا تخف يا أبتي الصمود جانب العراقيين موقف عزّ سيجعلك تفخر بي في يوم من الأيام ، فيضحك أبي خلف دموعه وهو يعلم أنه ربّى فيّ العزيمة من صغري وهو فخور بي.
كانت الأخبار لصالحنا وما يقوله الصحّاف يشدّ من عزيمة أي متخاذل أو مشكك ، أخبرني أحد العمّال وقال لي : يا استاذ نحن جاهزون لمقابلة الأمريكان وعندنا من العزيمة ما نزوّد به كل الحكام العرب إذ يظهر أنهم متخاذلون ولن ينصرونا وكما باعوا فلسطين سيبيعوا العراق ولكن الدور عليهم بإذن الديّان. وشيئاً آخر ، هذا العامل الخائف ، وجدناه يحكي مع أحد الجواسيس بالانكليزي فهو الآن مع الخونة بين يدي الحقّ سبحانه وتعالى .

كنت أحيي ثبات هذه الفئة القليلة (التي أكيد هناك الكثيرون مثلها) حتى كان يوم لقاء عمالي ومن معهم من العراقيين بالأمريكيين في ساحة المطار.
كانت أسلحة العراقيين بسيطة ومقارنة بأسلحة الأمريكان كالرصاصة بالمدفع. إختبأ العراقيون خلف سواتر تظهر وكأنها حيطان من فولاذ ونزل الأمريكيون ضاحكون من طائراتهم ويتجاذبون أطراف الحديث كأنهم في مقهى والفخر ظاهراً على وجوههم ووجوه العراقيين خلف السواتر تعد بأقسى لقاء ! كان عدد الأمريكان يتجاوز الأربعمائة وعدد العراقيين يقرب على المئتين .
أنا أرقب كل هذا من نافذة منزلي ولساني يلهج بالدعاء لهم من كل قلبي : اللهم كن معهم اللهم كن معهم.
وفجأة أطلق أحد العراقيين صرخة خطفت كل اللون من وجوه الأمريكان ، ألقوا السواتر الحديدية وانطلقوا ، بكل أسلحتهم البسيطة ودروعهم الشبه معدومة ، إنطلقوا بكل عزم وقوة ، بكل إيمان ويقين الى الجموع المحصّنة المدرّعة المجهّزة بأسلحتها . أكاد أشهد أن الكثيرين من الأمريكان أغمي عليهم قبل أن يقترب منهم العراقي الضخم بجثته القوي بايمانه . وبدأ الأمريكان بتصويب بنادقهم الى صدور العراقيين ولم يكن هذا ليثنيهم عمّا عاهدوا الله عليه.
دارت معارك طاحنة ، لم أكن لأميّز منها الغلبة لمن ، بعد ساعتين أو أكثر رأيت منظراً عجيباً : خرج عمّالي وبعض العراقيين ووجوههم عليها غبار وفي يدهم ... لن تصدقوا كانت في يدهم رؤوس جنود أمريكيين .
كان المنظر بعد أن راح الغبار تدريجياً مرعباً أكثر من مائة من الجنود الأمريكان رأسهم مفصول عن جسدهم وممددون على الأرض والعراقيين هم من غلبوا . كان شعوري لا يوصف ، كما كان خلف سور المطار رجل يصوّر كل هذا ومعه أحد الصحافيين. كنت أشعر بالفخر لأن العراقيين رفعوا العار عنهم ولكن ما هي إلا دقائق حتى كانت الطائرات الأمريكية تحوم حول المكان وتحيط بالمطار .
انتظر العراقيون بكل عزم على أرض المطار ما سيحصل ، لم ينزل جنو أمريكان بل سقطت قنابل أذابت من شدة فتكها الأسلحة الحديدية فما بالك بما فعلنه بالبشر . قضى أحد رجالي وهو يقول : الله أكبر ، وكان جسده يبدأ بالذوبان وما هي إلا لحظات حتى غاب كل جماد وبشر عن الوجود في منظر سيظل في مخيلتي حتى أموت.
كان المنظر هو كتلة واحدة من اللهب والحمم تنصهر في مزيج من عدة ألوان ، أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه جريمة في حق الإنسانية. من بعيد هرب المصوّر والصحفي ولكن كاميرات الطائرات كانت تعرف من هم.
أحاط الجنود الأمريكان الذين نزلوا بعد حين بالمطار ومُنِعَ أي مصوّر أو صحفي من الإقتراب من المطار ولا زال هذا الأمر حتى كتابة هذه السطور بعد سنة.
أغلقت النافذة وجلست أرضاً كي أسترجع أنفاسي . لا أعرف كيف ومتى هربت خارج المبنى .
في اليوم التالي ، كانت الدبابات تجوب العاصمة بغداد بعد سقوطها .
كان شعوراً مّراً طعمه كالعلقم لم أشأ تصديقه حتى الآن. حتى رأت سيارة النفايات تجلب من منطقة المطار ، قطعة من جلد حذاء لأحد العمال طارت أثناء المعارك ، فعلمت أني لم أكن في كابوس بل في حقيقة يجب أن أقولها .
لم يعلم أحد كيف سقطت مدينة الشرف والإباء بغداد ولكن بعد عام وبعد أن سمعت عن أحداث المدينة الصامدة الفلوجة ، ووحدة تلاحم الفئات في العراق ، قررت أن أنشر ما حصل معي ، وأنا أعلم أن النصر سيكون معهم إن عاجلاً أم آجلاً وأن الدعاء واجبٌ لهم حتى نكفّر نوعاً ما عن تخاذلنا في نصرة أهلنا من قبل في فلسطين .

ملاحظة : تم القبض على الصحفي في بلد أجنبي وبقي فترة غير قصيرة في السجن وأخذت قوات الإحتلال الأميركي الشريط ولكن في مكان ما نسخة منه توزّع سراً ، الله يعلم متى سيتم عرضها على الرأي العام الأمريكي كي يعلموا ماذا فعلت حكومتهم الديموقراطية بشعب على أرضه التي حاولت سلبها حتى تأخذ كل ثروته من وراء كذبة. سيدفعون والله الثمن من دمائهم.

صدام العرب
20-04-2004, 11:17 AM
حيا الله المجاهدون
والشهداء أكرم منا جميعا
وباسم العراق وباسم الأمة العربية و شرفائها
آتوك يا أقصى
فوالله لن تنتهي الحواسم حتى تحسم الحق من الباطل
حقنا الأقصى
وللحق ناصرون
والله أكبر
وعاش جيش العراق البطل وسفره الخالد
ألله أكبر
وعاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر
ألله أكبر
وليخسأ الخاسئون