الفرقاني
31-05-2005, 07:56 PM
المؤسسة العسكرية الأمير كية وعالم الأوهام ..... ويليام فاف
بتاريخ: 30 /05 /2005 م
||
تظهر مؤسسات الدفاع الوطني الأميركي في الوقت الراهن، انفصالا مزعجا عن دنيا الواقع، وعن حقائق الأوضاع في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وغيرهما. ففي الوقت الذي تنشغل فيه القوات البرية الأميركية بكاملها في مهام في الوقت الراهن، وفي الوقت الذي نجد فيه قوات المارينز تئن تحت وطأة المهام التي تتجاوز طاقتها الفعلية، وفي الوقت الذي لا تجد فيه قوات الاحتياط العدد الكافي من المتطوعين الجدد، نجد أن المؤسسة العسكرية تشغل نفسها بالأسلحة النووية وحروب الفضاء.
فتلك المؤسسة تطالب الآن بتخصيص أموال طائلة لمشروعات ليس لها علاقة بحقائق الأوضاع الراهنة، حيث نجد البنتاغون يطالب بأسلحة نووية (أكثر قابلية للاستخدام) من النوع القادر على اختراق التربة وتفجير الملاجئ الحصينة تحت الأرض على الرغم من التكاليف الهائلة لمثل تلك الأسلحة والمحاذير السياسية العديدة المرتبطة بها..
وفي ذات الوقت نجد القوات الجوية الأميركية تطالب باستكمال المشروع المعروف بمشروع "تحقيق السيادة على الأجواء والمحافظة عليها" والذي أنفقت عليه مليارات الدولارات والذي قد تترتب عليه تداعيات خارجية، وقد يدفع الدول الأخرى إلى اتخاذ إجراءات مضادة.
في التاسع من الشهر الحالي، أدى دخول طائرة مدنية ضالة المجال الجوي لواشنطن، إلى حالة من الفزع المخجل، أدت إلى إخلاء مكاتب البيت الأبيض والبنتاغون.
هذا الحادث يدل في الحقيقة على أنه في الوقت الذي نطالب فيه بالمليارات من أجل السيطرة على الفضاء البعيد، فإن مجرد دخول طائرة صغيرة للمجال الجوي لواشنطن أدى إلى إصابة العاصمة كلها بالفزع.
في الآونة الأخيرة تم إنشاء مكتب يطلق عليه اسم (مكتب إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار) في وزارة الخارجية الأميركية، للاضطلاع بمهمة تنظيم عملية إعادة الإعمار، في البلاد التي ترى الولايات المتحدة أن التدخل فيها ضروري من أجل تحويلها إلى ديمقراطيات تعتمد مبادئ السوق.
يضع هذا المكتب في الوقت الراهن 25 دولة تحت الملاحظة باعتبارها دولا مرشحة لتدخل الولايات المتحدة فيها (أي لهدمها بواسطة البنتاغون ثم إعادة تعميرها بواسطة وزارة الخارجية).
يحدث هذا في الوقت الذي تقف فيه الولايات المتحدة عاجزة عن تهدئة الأوضاع في العراق وأفغانستان، وهما مجتمعان زراعيان يقل عدد سكانهما عن 25 مليون نسمة، لحق بهما قدر كبير من الدمار. فالمليارات التي قامت واشنطن بإنفاقها على إعادة الإعمار لم تحقق بعد العودة الكاملة للتيار الكهربائي، ولم توفر إمدادات مياه الشرب النظيفة، ولم تجعل نظام الصرف الصحي يعمل على الوجه المطلوب في مدينة بغداد ذاتها.
إن إنشاء مكتب مهمته إعادة إعمار 25 بلدا تفكر الولايات المتحدة في التدخل فيها مستقبلا، في وقت يقول فيه ضابط كبير في القوات المسلحة إن الولايات المتحدة في وارد التعرض إلى الهزيمة في بغداد، يعتبر أكثر الأمثلة سفوراً على انفصال واشنطن المَرضي عن دنيا الواقع.
إن أميركا تعاني من حالة من حالات تضخم القوة في سياق سياسي من الطموحات غير القابلة للتحقق، والفشل غير المعترف به في العراق وأفغانستان وفي الحرب على الإرهاب.
إن المرء يميل إلى النظر إلى ذلك باعتباره ناتجاً للضلال المؤسسي، أو باعتبارها وسيلة بيروقراطية لشغل الفراغ والتظاهر بالعمل، ولكن الحقيقة هي أنه يتساوق مع اهتمامات الرئيس المعلنة كما يبدو من التصريح الذي أدلى به أحد مساعديه عقب فوزه في الانتخابات حين قال: "إننا نصنع الواقع" ردا على سؤال وجهه له صحفي عن "الواقعية".
إذا ما تم ضبط جهاز الحكومة الأميركية وتشغيله بناء على فرضية مؤداها أن الأمة الأميركية تواجه حروباً جديدة، وأخطارا جديدة تحتاج إلى استخدام أسلحة نووية جديدة، وتواجه تهديدات من الفضاء ينبغي عليها أن تتخذ إجراءات استباقية لمواجهتها، فإن ذلك سوف يؤدي إلى خلق "حقائق مزيفة" تؤدي إلى تغذية جو الفوضى والحرب.
والآخرون لن يقبلوا بهذه النسخة الأميركية المزيفة من الحقيقة، كما أن الأميركيين - على المدى الطويل- قد لا يحبونها أيضاً..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــا
المصدر/ الاتحاد 30/5/2005
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "تريبيون ميديا سيرفيس"
بتاريخ: 30 /05 /2005 م
||
تظهر مؤسسات الدفاع الوطني الأميركي في الوقت الراهن، انفصالا مزعجا عن دنيا الواقع، وعن حقائق الأوضاع في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وغيرهما. ففي الوقت الذي تنشغل فيه القوات البرية الأميركية بكاملها في مهام في الوقت الراهن، وفي الوقت الذي نجد فيه قوات المارينز تئن تحت وطأة المهام التي تتجاوز طاقتها الفعلية، وفي الوقت الذي لا تجد فيه قوات الاحتياط العدد الكافي من المتطوعين الجدد، نجد أن المؤسسة العسكرية تشغل نفسها بالأسلحة النووية وحروب الفضاء.
فتلك المؤسسة تطالب الآن بتخصيص أموال طائلة لمشروعات ليس لها علاقة بحقائق الأوضاع الراهنة، حيث نجد البنتاغون يطالب بأسلحة نووية (أكثر قابلية للاستخدام) من النوع القادر على اختراق التربة وتفجير الملاجئ الحصينة تحت الأرض على الرغم من التكاليف الهائلة لمثل تلك الأسلحة والمحاذير السياسية العديدة المرتبطة بها..
وفي ذات الوقت نجد القوات الجوية الأميركية تطالب باستكمال المشروع المعروف بمشروع "تحقيق السيادة على الأجواء والمحافظة عليها" والذي أنفقت عليه مليارات الدولارات والذي قد تترتب عليه تداعيات خارجية، وقد يدفع الدول الأخرى إلى اتخاذ إجراءات مضادة.
في التاسع من الشهر الحالي، أدى دخول طائرة مدنية ضالة المجال الجوي لواشنطن، إلى حالة من الفزع المخجل، أدت إلى إخلاء مكاتب البيت الأبيض والبنتاغون.
هذا الحادث يدل في الحقيقة على أنه في الوقت الذي نطالب فيه بالمليارات من أجل السيطرة على الفضاء البعيد، فإن مجرد دخول طائرة صغيرة للمجال الجوي لواشنطن أدى إلى إصابة العاصمة كلها بالفزع.
في الآونة الأخيرة تم إنشاء مكتب يطلق عليه اسم (مكتب إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار) في وزارة الخارجية الأميركية، للاضطلاع بمهمة تنظيم عملية إعادة الإعمار، في البلاد التي ترى الولايات المتحدة أن التدخل فيها ضروري من أجل تحويلها إلى ديمقراطيات تعتمد مبادئ السوق.
يضع هذا المكتب في الوقت الراهن 25 دولة تحت الملاحظة باعتبارها دولا مرشحة لتدخل الولايات المتحدة فيها (أي لهدمها بواسطة البنتاغون ثم إعادة تعميرها بواسطة وزارة الخارجية).
يحدث هذا في الوقت الذي تقف فيه الولايات المتحدة عاجزة عن تهدئة الأوضاع في العراق وأفغانستان، وهما مجتمعان زراعيان يقل عدد سكانهما عن 25 مليون نسمة، لحق بهما قدر كبير من الدمار. فالمليارات التي قامت واشنطن بإنفاقها على إعادة الإعمار لم تحقق بعد العودة الكاملة للتيار الكهربائي، ولم توفر إمدادات مياه الشرب النظيفة، ولم تجعل نظام الصرف الصحي يعمل على الوجه المطلوب في مدينة بغداد ذاتها.
إن إنشاء مكتب مهمته إعادة إعمار 25 بلدا تفكر الولايات المتحدة في التدخل فيها مستقبلا، في وقت يقول فيه ضابط كبير في القوات المسلحة إن الولايات المتحدة في وارد التعرض إلى الهزيمة في بغداد، يعتبر أكثر الأمثلة سفوراً على انفصال واشنطن المَرضي عن دنيا الواقع.
إن أميركا تعاني من حالة من حالات تضخم القوة في سياق سياسي من الطموحات غير القابلة للتحقق، والفشل غير المعترف به في العراق وأفغانستان وفي الحرب على الإرهاب.
إن المرء يميل إلى النظر إلى ذلك باعتباره ناتجاً للضلال المؤسسي، أو باعتبارها وسيلة بيروقراطية لشغل الفراغ والتظاهر بالعمل، ولكن الحقيقة هي أنه يتساوق مع اهتمامات الرئيس المعلنة كما يبدو من التصريح الذي أدلى به أحد مساعديه عقب فوزه في الانتخابات حين قال: "إننا نصنع الواقع" ردا على سؤال وجهه له صحفي عن "الواقعية".
إذا ما تم ضبط جهاز الحكومة الأميركية وتشغيله بناء على فرضية مؤداها أن الأمة الأميركية تواجه حروباً جديدة، وأخطارا جديدة تحتاج إلى استخدام أسلحة نووية جديدة، وتواجه تهديدات من الفضاء ينبغي عليها أن تتخذ إجراءات استباقية لمواجهتها، فإن ذلك سوف يؤدي إلى خلق "حقائق مزيفة" تؤدي إلى تغذية جو الفوضى والحرب.
والآخرون لن يقبلوا بهذه النسخة الأميركية المزيفة من الحقيقة، كما أن الأميركيين - على المدى الطويل- قد لا يحبونها أيضاً..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــا
المصدر/ الاتحاد 30/5/2005
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "تريبيون ميديا سيرفيس"