الفرقاني
17-05-2005, 06:11 PM
ما لم تستوعبه الإدارة الأمريكية في العراق
14-5-2005
وقد قرر أحد كبار القادة الأمريكيين في العراق الاعتماد على قوات الأمن الشيعية لحفظ الأمن والنظام في مدينة الرمادي، انطلاقا من أن الشيعة أقل عداء للولايات المتحدة من السنة. وهذا مثال واضح على أن بعض التكتيكات التي تستخدمها الولايات المتحدة تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث أدى الاعتماد على القوات الشيعية وبعض الميليشيات الخاصة، وإجبار الحكومة العراقية على الاستعانة بها، للقيام بأغراض أمنية في مدينة الرمادي السنية، إلى اشتعال المقاومة بها بدرجة كبيرة.
بقلم عبدالله صالح
كيف يمكن أن تخوض الولايات المتحدة حرباً ضد أناس لا يتبعون أية قواعد للحرب، باستثناء استعدادهم للموت من أجل قضيّتهم؟ يبدو أنه لا أحد على الجانب الأمريكي لديه إجابة .. تكتيك جديد توصلت إليه الولايات المتحدة، واعتقدت أنه سيقلل المخاطر التي يتعرض لها جنودها، هو استخدام القوات الشيعية ضد المقاومة السنية، وهي محاولة قد توفر قدراً من الأمن على المدى القريب، لكنها تحمل في طياتها مخاطر اندلاع حرب أهلية.
في المرحلة الأولى من الغزو الأمريكي، أعلنت معظم فصائل المقاومة رفضها لحكومة معينة من قبل الولايات المتحدة. وفي أعقاب انتخابات 3 يناير، قررت هذه الفصائل أيضاً أن أي حكومة منتخبة وفقاً لدستور وضعه الأمريكان لن يسمح لها بأن تحكم العراق.. لقد قررت المقاومة العراقية منذ البداية أن أحد أطراف الصراع يجب أن يستأصل تماماً أو يهزم هزيمة ساحقة.
وبطبيعة الحال، فإن الجانب الأمريكي لا يمكن أن يُستأصل، كما أن رجال المقاومة لن يُهزموا، طالما أن لديهم الرغبة في الموت من أجل قضيتهم.أحد جنود البحرية الأمريكية وصف المعركة الأخيرة مع المقاومة العراقية في منطقة العبيدي الواقعة على بعد 15 ميلا من الحدود السورية قائلاً: "إن رجال المقاومة جاءوا هنا من أجل الموت..كل ما يريدونه هو أن يأخذونا لنموت معهم".
المقاومة العراقية تضم العديد من الجماعات، من بينهم البعثيون والقوميون العرب، ويشكل هؤلاء جانبا لا يستهان به من المقاومة العراقية. وتشير بعض التقارير الأمريكية أن لديهم رغبة قوية في تدمير النظام العراقي الحالي، الذي يعتبرونه نظاما غير شرعي، لأن الولايات المتحدة هي التي صنعته.
وهناك أيضاً الإسلاميون السنة الذين يرغبون في إقامة نظام سياسي مستقل عن الوصاية الأمريكية، إضافة إلى التنظيمات المسلحة، وهؤلاء يرفعون راية "الجهاد" من أجل تحرير "أرض الإسلام" من المحتل "الكافر"، الذي يرون ضرورة أن طرده من العراق مهما كانت التكلفة. وفي هذا السياق، ليس هناك حلول وسط، فإما الموت لهم أو لعدوهم أو لكليهما معاً.
لقد قال السياسي الأمريكي الشهير "باتريك هنري" منذ ثلاثة قرون جملة شهيرة "أعطني الحرية..أو أعطني الموت"، ووفقا لذلك، فإن رجال المقاومة لا يرغبون في العيش في ظل نظام عراقي صنعته الولايات المتحدة، واختاروا الموت ثمنا لتدمير هذا النظام. ولكنهم لن يموتوا، قبل أن يقتلوا أكبر عدد ممكن من الأمريكيين والعراقيين المتعاونين معهم، وبالتأكيد، ليس هذا هو الواقع الذي أرادت الولايات المتحدة تحقيقه في العراق.
وتحاول إدارة بوش الاعتماد بصورة أكبر على قوات الأمن العراقية، مع تطوير القدرات والمهارات القتالية لجنودها، بما يمكنهم من مفاجأة رجال المقاومة وأسر أو استئصال قادتهم، على نحو قد يؤدي في النهاية إلى هزيمة المقاومة. ولا تريد الولايات المتحدة أن تعترف بأن التزايد المستمر في حجم وخطورة المقاومة العراقية وانتشار عملياتها، أدى إلى عجز القوات الأمريكية عن الحفاظ على الحد الأدنى من الأمن والاستقرار.
وقد قرر أحد كبار القادة الأمريكيين في العراق الاعتماد على قوات الأمن الشيعية لحفظ الأمن والنظام في مدينة الرمادي، انطلاقا من أن الشيعة أقل عداء للولايات المتحدة من السنة. وهذا مثال واضح على أن بعض التكتيكات التي تستخدمها الولايات المتحدة تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث أدى الاعتماد على القوات الشيعية وبعض الميليشيات الخاصة، وإجبار الحكومة العراقية على الاستعانة بها، للقيام بأغراض أمنية في مدينة الرمادي السنية، إلى اشتعال المقاومة بها بدرجة كبيرة.
الإدارة الأمريكية رأت أن الاستعانة بهذه القوات يشكل نوعا من التوازن بين عناصر المقاومة ويقلل الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها القوات الأمريكية في حالة المواجهة المباشرة مع المقاومة السنية. كما أن مثل هذه القوات الشيعية لن تتعرض لهجمات قاسية كتلك التي تتعرض لها القوات الأمريكية ، بالنظر إلى أنها ليست قوات احتلال.
قد تبدو وجهة نظر هذه صحيحة نظرياً وعلى المدى القصير، ولكن الاعتماد على القوات الشيعية في مواجهة المقاومة السنية تمخض عنه، من الناحية العملية، مزيدا من اشتعال المقاومة السنية وشراستها، ويتوقع أن يؤدي على المدى البعيد إلى تصعيد الصراع بين الطوائف الدينية والمجموعات العرقية والقبائل ضدّ بعضها البعض بما قد يهدد بنشوب حرب أهلية في العراق.
لا أحد يعرف متي ستنتهي حالة الفوضى وعدم الاستقرار في العراق، رجال المقاومة لديهم اعتقاد راسخ بأن إقامة حكومة تسيطر عليها الولايات المتحدة، ليست هي البداية السليمة لتحرر العراق، ولذلك يحاولون منع بزوغ هذا الواقع الجديد، حتى ولو كان الثمن هو حياتهم، أما الإدارة الأمريكية، فما يؤرقها هو أرواح جنودها التي تحصدها هجمات المقاومة، وعجزها عن التوصل إلى حل للمعادلة الأمنية في العراق.
14-5-2005
وقد قرر أحد كبار القادة الأمريكيين في العراق الاعتماد على قوات الأمن الشيعية لحفظ الأمن والنظام في مدينة الرمادي، انطلاقا من أن الشيعة أقل عداء للولايات المتحدة من السنة. وهذا مثال واضح على أن بعض التكتيكات التي تستخدمها الولايات المتحدة تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث أدى الاعتماد على القوات الشيعية وبعض الميليشيات الخاصة، وإجبار الحكومة العراقية على الاستعانة بها، للقيام بأغراض أمنية في مدينة الرمادي السنية، إلى اشتعال المقاومة بها بدرجة كبيرة.
بقلم عبدالله صالح
كيف يمكن أن تخوض الولايات المتحدة حرباً ضد أناس لا يتبعون أية قواعد للحرب، باستثناء استعدادهم للموت من أجل قضيّتهم؟ يبدو أنه لا أحد على الجانب الأمريكي لديه إجابة .. تكتيك جديد توصلت إليه الولايات المتحدة، واعتقدت أنه سيقلل المخاطر التي يتعرض لها جنودها، هو استخدام القوات الشيعية ضد المقاومة السنية، وهي محاولة قد توفر قدراً من الأمن على المدى القريب، لكنها تحمل في طياتها مخاطر اندلاع حرب أهلية.
في المرحلة الأولى من الغزو الأمريكي، أعلنت معظم فصائل المقاومة رفضها لحكومة معينة من قبل الولايات المتحدة. وفي أعقاب انتخابات 3 يناير، قررت هذه الفصائل أيضاً أن أي حكومة منتخبة وفقاً لدستور وضعه الأمريكان لن يسمح لها بأن تحكم العراق.. لقد قررت المقاومة العراقية منذ البداية أن أحد أطراف الصراع يجب أن يستأصل تماماً أو يهزم هزيمة ساحقة.
وبطبيعة الحال، فإن الجانب الأمريكي لا يمكن أن يُستأصل، كما أن رجال المقاومة لن يُهزموا، طالما أن لديهم الرغبة في الموت من أجل قضيتهم.أحد جنود البحرية الأمريكية وصف المعركة الأخيرة مع المقاومة العراقية في منطقة العبيدي الواقعة على بعد 15 ميلا من الحدود السورية قائلاً: "إن رجال المقاومة جاءوا هنا من أجل الموت..كل ما يريدونه هو أن يأخذونا لنموت معهم".
المقاومة العراقية تضم العديد من الجماعات، من بينهم البعثيون والقوميون العرب، ويشكل هؤلاء جانبا لا يستهان به من المقاومة العراقية. وتشير بعض التقارير الأمريكية أن لديهم رغبة قوية في تدمير النظام العراقي الحالي، الذي يعتبرونه نظاما غير شرعي، لأن الولايات المتحدة هي التي صنعته.
وهناك أيضاً الإسلاميون السنة الذين يرغبون في إقامة نظام سياسي مستقل عن الوصاية الأمريكية، إضافة إلى التنظيمات المسلحة، وهؤلاء يرفعون راية "الجهاد" من أجل تحرير "أرض الإسلام" من المحتل "الكافر"، الذي يرون ضرورة أن طرده من العراق مهما كانت التكلفة. وفي هذا السياق، ليس هناك حلول وسط، فإما الموت لهم أو لعدوهم أو لكليهما معاً.
لقد قال السياسي الأمريكي الشهير "باتريك هنري" منذ ثلاثة قرون جملة شهيرة "أعطني الحرية..أو أعطني الموت"، ووفقا لذلك، فإن رجال المقاومة لا يرغبون في العيش في ظل نظام عراقي صنعته الولايات المتحدة، واختاروا الموت ثمنا لتدمير هذا النظام. ولكنهم لن يموتوا، قبل أن يقتلوا أكبر عدد ممكن من الأمريكيين والعراقيين المتعاونين معهم، وبالتأكيد، ليس هذا هو الواقع الذي أرادت الولايات المتحدة تحقيقه في العراق.
وتحاول إدارة بوش الاعتماد بصورة أكبر على قوات الأمن العراقية، مع تطوير القدرات والمهارات القتالية لجنودها، بما يمكنهم من مفاجأة رجال المقاومة وأسر أو استئصال قادتهم، على نحو قد يؤدي في النهاية إلى هزيمة المقاومة. ولا تريد الولايات المتحدة أن تعترف بأن التزايد المستمر في حجم وخطورة المقاومة العراقية وانتشار عملياتها، أدى إلى عجز القوات الأمريكية عن الحفاظ على الحد الأدنى من الأمن والاستقرار.
وقد قرر أحد كبار القادة الأمريكيين في العراق الاعتماد على قوات الأمن الشيعية لحفظ الأمن والنظام في مدينة الرمادي، انطلاقا من أن الشيعة أقل عداء للولايات المتحدة من السنة. وهذا مثال واضح على أن بعض التكتيكات التي تستخدمها الولايات المتحدة تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث أدى الاعتماد على القوات الشيعية وبعض الميليشيات الخاصة، وإجبار الحكومة العراقية على الاستعانة بها، للقيام بأغراض أمنية في مدينة الرمادي السنية، إلى اشتعال المقاومة بها بدرجة كبيرة.
الإدارة الأمريكية رأت أن الاستعانة بهذه القوات يشكل نوعا من التوازن بين عناصر المقاومة ويقلل الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها القوات الأمريكية في حالة المواجهة المباشرة مع المقاومة السنية. كما أن مثل هذه القوات الشيعية لن تتعرض لهجمات قاسية كتلك التي تتعرض لها القوات الأمريكية ، بالنظر إلى أنها ليست قوات احتلال.
قد تبدو وجهة نظر هذه صحيحة نظرياً وعلى المدى القصير، ولكن الاعتماد على القوات الشيعية في مواجهة المقاومة السنية تمخض عنه، من الناحية العملية، مزيدا من اشتعال المقاومة السنية وشراستها، ويتوقع أن يؤدي على المدى البعيد إلى تصعيد الصراع بين الطوائف الدينية والمجموعات العرقية والقبائل ضدّ بعضها البعض بما قد يهدد بنشوب حرب أهلية في العراق.
لا أحد يعرف متي ستنتهي حالة الفوضى وعدم الاستقرار في العراق، رجال المقاومة لديهم اعتقاد راسخ بأن إقامة حكومة تسيطر عليها الولايات المتحدة، ليست هي البداية السليمة لتحرر العراق، ولذلك يحاولون منع بزوغ هذا الواقع الجديد، حتى ولو كان الثمن هو حياتهم، أما الإدارة الأمريكية، فما يؤرقها هو أرواح جنودها التي تحصدها هجمات المقاومة، وعجزها عن التوصل إلى حل للمعادلة الأمنية في العراق.