المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لَمحَ الرعب مِنْ داخل عجلة الهمفي في العراق



العربي بن سالم
15-05-2005, 09:18 PM
آن سكوت تايسن*



ترجمة كهلان القيسي



اللطيفية- العراق -- قادَ العريف يوشع عجلة الهمفي في تأني َ تاركا مسافة بينه وبين العربةِ التي أمامه مستكشفا الطريقَ بعناية من القنابلِ أمام قافلةَ من الجيشَ الأمريكي كانت تتجه إلى المنطقةِ الفوضويةِ والتي عَرفتْ إلى الجنود بمثلث الموتِ.

في جنوب بغداد و على جانبي الطريق صف طويل من القرى المبعثرة و الأرضي الزراعيةِ و مركّباتِ وحداتِ الجيشِ العراقي القديمةِ و مصانعِ الذخيرةِ التي كانت قاعدةَ صدام حسين الصناعية العسكرية. اليوم تسمى هذه المنطقة "حنجرة بغداد" ونتيجة لقلة تواجد القواتِ الأمريكيةِ والعراقيةِ فقد استغلها المقاومون كقاعدة لتجمعهم وتنظيم هجمات على العاصمة.



قال العقيد ماك ماستر قائد فوجِ سلاحِ الفرسان المسلّحِ الثالثِ, هل ترى تلك المدينة على يسارك ؟؟ إنها مكان مرعب حقا. "ثم صاح بجنوده راقبوا المكان بحذر “قال ذلك بينما كانت القافلةَ تمر بمنطقة متربة، على ما يبدو كانت منطقة عسكرية مهجورة تسمى الملا فياض.



خلال ثواني حدث إنفجار قوي مزّقَ عجلة الهامفي التي أمامنا ببضع ياردات ثم إطلاق نار وارتفت غيمة من حطامِ العربة والغبار عاليا في الهواءِ.



أقسمَ العقيد ماك ماستر بصوت عالي، ثمّ صَرخَ، "توقّف! نحن نتوقع هناك انفجارات إضافية. ولكنها لم تحصل، عندها امر العقيد ماك ماستر بالتقدم للأمام بعيدا مِنْ منطقةِ الانفجار ويتخذون موضع الهجوم في حالة حصول هجمات أكثر.

الهمر التي كانت الهدف إنقلبَت على جنبها في خندق مجاور وضلت تتدحرج إلى أن توقّفت. ثم خرج منها جنديان يترنحان، واحدهم مغطى بالدمِّ. لقد رأيت الرعب والصدمة على وجوه هذين الرجلين، كان احد أبواب الهامفي مدمرا وتناثرت بقية الأجزاء على جانبي الطريق. وقد أدركتُ فوراً بأنّها كَانَت العربةَ التي أنا كُنْتُ أَرْكبُا فيها قبل 10 دقائقِ.



ثم صاح احدهم أين الرامي ابحث عنه: ثم انتشر الجنود وبدواء بإطلاق النار من مدافعهم على احد الاتجاهات, ثم قفز احد الجنود خارج العربة واخذ يطلق النار باتجاه المهاجمين لتامين وصوله إلى العربة المصابة ثم عاد بعد دقائق وعاد بأنباء سيئة لدينا مصابين الرامي إصابته خطيرة.

تعويذة وصلاة للطريق



قبل هجومِ صباح الأحدَ، كنا قد تجمعنا على شكل حلقة وطأطأنا رؤؤسنا, بينما القسيسَ، الرائد ديفيد كوسي،. ، يصَلّى إلى الله لكي يحفظنا من الأذى في الطريق: ((أيها السيد الإله “، نحن لَسنا سذّجَ لكننا نستمر بالحرب الغير مؤذية، لَكنَّنا نَصلّي ثانيةً لمهمّة آمنة."))



ثمّ فتح صندوق كارتوني واخرج أكياس بلاستيكية مملوءة بالحلوبات ( تسمى لولي)، و شوكولاته ملفوفة بقصاصات من الورق التي تَحْملُ قصصَ إلهاميةَ. "وزعها على من تصل يده إليهم ،ثم اخرج حقيبةً أخرى، هذه الحصّة معدن صغير وصورة المسيح المصلوب على الخشبِ. أما أنا فقد

أعطيتُ حقيبةَ الحلوى إلى احد الجنود الذي لم يحصل على أية بركات وأبقيتُ الصليبِ معي.



استقلينا أربعة عربات هامفي مسلّحة ونَزلنَا على الطريق الترابي، حيث تَوَقُّفوا في بابِ المعسكرِ لكي يحشوا أسلحتهم استعدادا للرمي ثمّ ركبنا الطريق الرئيسيِ السريعِ المؤدي إلى جنوب بغداد.



ثم قال لي العريف "إربطْ حزامَ مقعدكَ لكي لا تسقط عندما نستدير بسرعة ثم لا تغلق باب العربة "قضيب معدني الذي يَبقي البابَ مغلقا أثناء القتال.” “أُريدُ التأكّد من ذلك لأنه يتوجب علي القفز خارجا أثناء الهجوم.،



الجنود هنا يعرفون حساب التفاضل والتكاملَ القاتلَ هنا مِنْ التجوال في الطرقِ العراقيةِ. يَعْرفونَ إن المقعد الخلفي على جانبِ السائقَ الأكثر أماناً في الهمفي.و يَعْرفونَ إن العربةَ الأمامية في القافلة لا تضرب في أغلب الأحيان. ويتذكرون أسوأ حالات الطريق السريعِ، يقول لهم الضابط “ أبطء قليلا ولا تخرج راسك عاليا وحاول أن ترى أحدا.



"أنتبه هنا. هذا وعاءُ هنا. هذه منطقة خطرة كبيرة، " ثم دَخلنَا بلدةَ المحمودية، التي تسمّى بمثلثِ الموتِ. طبيعة هذه البلدة تجعلها حصينة وخطرة على القوات الأمريكية. لقد قتل فيها في الأيام القليلة أكثر من دزينة من الجنود الأمريكان, ونحاول الرد والهجوم عليهم بمساعدة الشرطة والحرس العراقيين.



فقدان الأمل بالحياة



بعد عشْرة دقائقِ، اتصل احدهم بالقائد" وقال بصوت مرعوب لقد ضُرِبنَا بمتفجرات وأسلحة خفيفة احتاج إلى مساندة من الطيران ِ وإسعاف فوري,

وصلت عربتا قتال برادلي تَحْملانِ التعزيزاتَ جاءتْ متجهة نحونا خرج منها. جنود المشاة وجَثموا بِجانب حائط لتَوجيه نارهم إلى بيت ريفي مجاور لحفرةِ القنبلةَ المزروعة. أطلقَت البرادلي النيران عدة مرات، وفرقة المشاةَ فتشت البيتِ وحَجزتْ خمسة رجالِ.



خلال 15 دقيقة وصلت مروحيتان هجوميتان الهجوميةِ تحلقان على ارتفاع منخفض لكي تتابعان المقاومين الفارين من موقع الحدث. كان المترجم العراقي الملقب بالعم وجهه مغطى بالدماء وقال لي انك محضوض, ثم حاول تنظيف وجهه من الدماء وهذا ثاني حادث له, وقد قلت له انك شجاع كي تبقى تعمل في هذه الظروف. أما العربة التي أصيبت فقد كان في داخلها جنديان مصابان وحاول الآخرين إنقاذهم بصعوبة , وتوفي احدهم نتيجة فقدانه كمية كبيرة من الدماء.



الرقيب أوّل ماثيو Hodges، عريف فصيلِ Knott الجندي القتيل، أَخذَ صليب خشبي و سبحةِ ووضعها على صدرَ الجندي وصلوا عليه . وبدا بعض الناس في قرية بالتجمهر. ثم قام الرقيب برش التراب على الدم وهو يقول سوف لن اترك لهم هذا الدم ليرقصوا عليه ليس اليوم ولا غدا فهم الذين فعلوا ذلك. لقد تذكر هذا العريف اول جندي قتل في قنابل الطريق وهو يقول انه شيء فضيع ان تموت في قنبلة على الطريق مزروعة لك في كل شبر.



* الواشنطن بوست 24 نيسان 2005