المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شاهد التاريخ



ثورة الغضب
23-05-2004, 09:31 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

هذه القصيدة الشعرية لشاعر الدعوة والأمة الدكتور / عبدالرحمن العشماوي ....

شـــاهد التاريــخ
اسقني من ماءِ نَهرِ الكوثرِ **** شَربَةً تغسل عني كدري

وانطلق بي في ميادين الهدى **** بحصانِ المكرُمَاتِ العبقري

لا تدعني واقفاً وحدي على **** مركب الحُزنِ الذي لم يَعبُرِ

لا تدعني خائفاً من حُلُمي **** ساهراً، همِّي يُغذِّي سهري

أرقبُ النجمَ الذي أَثكله **** في دُجَى الظلماءِ، فَقدُ القمر

اسقني ياحارسَ النَّبع ولا **** تَبقَ مثلَ الآدِبِ المُنتَقِرِ

فأنا أحمل قلباً خافقاً **** بوفاءٍ نادرٍ في البشَرِ

هذه كفّي التي صافحَها **** موسمُ الخصب بكفِّ المَطَرِ

مدَّها نحوَك حُبٌّ صادقٌ **** فَلتُصافحها بروح الزَّهَرِ

أَسأَلُ الأَمجادَ عن تاريخنا **** فتُريني منه أَبهَى الصُّوَر

وتُريني لوحةً مشرقةً **** نُقِشَت فيها أَجَلُّ العِبَرِ

وتُريني صورةَ المجد التي **** برزت في البيتِ عند الحجرِ

وتُريني المسجدَ الأقصى الذي **** ظلَّ يروي خبراً عن خَبَرِ

صامداً في رحلة الحق التي **** حفظت هذا البناءَ الأَثَريِ

ثابتاً كالجبل الضَّخم الذي **** واجهَ الأزَمانَ لم يندحرِ

عالياً كالكوكب الدُّريِّ في **** سُبُحاتِ الأُفُقِ المزدهرِ

كابتهاج الشمس في رَأدِ الضُّحَى **** في نهار الأَمَلِ المنتظَرِ

أيُّها المسجدُ، ما زلنا نرى **** شاهدَ التاريخ فوقَ المنبرِ

أنتَ أقصى أيُّها المسجدُ في **** داخلِ القلبِ عميقُ الأَثَرِ

لم تزل تُلقي علينا خُطبةً **** لَفظُها الصادقُ لم ينحدرِ

أيُّها الناسُ اسمعوني إنني **** سوف استنهضكم بالنُّذُرِ

أبحرت بي سُفُنُ الأيام في **** لُجَّةٍ ممزوجةٍ بالَخطَر

كان للأمواج فيها قصصٌ **** أسهبت فيها ولم تختصرِ

كم رأت عينايَ من جيلٍ مضى **** وطوى أيَّامَه في سَفَرِ

هكذا الدنيا، كما جرَّبتُها **** طولُ ما فيها شديدُ القِصَرِ

أيُّها الناسُ اسمعوا، إني أرى **** نارَ حربٍ قذفت بالشَّرَرِ

وأرى قَلبَ اليهوديِّ الذي **** لم يزل يعكس معنى سَقَرِ

وأرى خُطَّةَ حَربِ، ربما **** سبقت كلَّ لبيبٍ حَذِرِ

وأرى دائرةً مُحكَمَةً **** لم تزل واقفةً لم تَدُرِ

ربما دارت بنا نَحوَ الرَّدَى **** لو رضينا بحياةِ الخَدَرِ

أيُّها الناسُ أفيقوا، واذكروا **** صورةَ ابنِ العَلقميِّ الأَشِرِ

واذكروا بغدادَ كيف احترقت **** حين كانت هَجَماتُ التَّتَرِ

واذكروا دَورَةَ أيامِ الأسى **** كيف ساقَتنا إلى المنحدَرِ

واسألوا الأندلُسَ المفقودَ عن **** طائر العزم الذي لم يَطِرِ

أيُّها الناسُ، أنا مسجدكم **** مسجدُ المَسرَى لخير البَشَرِ

مرَّتِ الأحداثُ بي داميةً **** فأنا في وَردِها والصَّدَرِ

فلكم ذقتُ الأسى بعد الأسى **** من خياناتِ الصَّليبِ القَذِرِ

يالَها من ظُلمةٍ حالكةٍ **** سوَّدَت وجه المدى في نظري

ضاقَ بي الأَرحَبُ حتى خِلتُني **** لن أذوق الصَّفوَ بعد الكَدَرِ

وطواني البُؤسُ حتى هزَّني **** ذلك الشَّهمُ الأَبيُّ العبقري

أرسل النورَ إلى أروقتي **** وبغيث الحقِّ روَّى شجري

ما صلاحُ الدين إلا فارسٌ **** شدَّ من أزري وجلَّى بصري

قادني والليل مسكوبٌ على **** ساحتي والموجُ لم ينحسر

غسل الشاطىءَ من أدرانه **** ورمى نحوي بأغلى الدُّرَرِ

وأراني بسمةً مشرقةً **** وصفاءً في جبين القمرِ

ليت أيَّامي هنا قد وقفت **** عند رُمحِ الفارسِ المنتصرِ

ليتَها، لكنَّها أُمنيَّةٌ **** قتلتها غَدرَةٌ من غُدَرِ

وَعدُ بِلفُورَ الذي صيَّرني **** كسبايا الفُرسِ عند الخَزَرِ

أيُّها الناسُ أَفيقوا، وارحموا **** أمَلاً في قلبيَ المُنصَهِرِ

ما يَهودُ الغَدر إلا أَنفسٌ **** غُمِسَت في حقدها المُستَعِرِ

لم أزل أشربُ كأساً مُرَّةً **** من رزاياهم وأشكو ضَجَري

سلبوني نعمةَ الأمن التي **** حفظت قدري وصانت جوهري

زرعوا هَيكَلَهم قنبلةً **** فاحذروا من صوتها المُنفجرِ

ما يَهودُ الغدر إلَّا عُملَةٌ **** نُقِشَت فيها حروفُ البَطَرِ

عُملَةٌ زائفةٌ، قيمتُها **** في تضاعيف الرِّبا والمَيسِرِ

إن مضى قِردٌ، فقردٌ قادمٌ **** وخَبَال الرَّأي للمنتظر

ما لكم يا قوم، هل ترجون من **** قاتلِ الأطفالِ حُسنَ المَعشَرِ؟!

آهِ من أمَّتنا ما لبثَت **** تخسر المجدَ، كأن لم تَخسَرِ

كسَدَت سوق الدَّعاوى حَولَها **** وهي في سوق الدَّعاوى تشتري

أزهرت كلُّ الرُّبَى من حولها **** وهي في جَدب الأسى لم تُزهِرِ

لم تزل تستنجدُ الغَربَ، وهل **** عندَه إلاَّ جنونُ البَقَرِ

كيف ترجو من سرابٍ كاذبٍ **** شَربَةً للظامىء، المُحتضِرِ؟؟!

مسجدُ الاقصى أنا، أُخبركم **** أنني لا أَنثني للخطر

منهج الإسلام عندي واضحٌ **** فبه أسمو عن المنحَدَرِ

وبه أسلك دَربَ المجد، لا **** اشتكي من شوكه والحُفَرِ

صاحبي منكم، هو الشَّهمُ الذي **** يجعل الغُصنَ قريبَ الثَّمَرِ

صاحبي منكم هو الحادي الذي **** يُسمع القُدسَ نشيد الظَّفَرِ

صاحبي، مَن لايُريني غَفلَةً **** ويُريني جَبهةَ المنكسرِ

صاحبي مَن يحمل القرآن في **** قلبه يكسر بابَ الضَّجَرِ

صاحبي طفلٌ أَبيٌّ لم يَزَل **** يُسمع الدنيا غناءَ الحَجَرِ


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الراوي
25-05-2004, 02:38 AM
بوركت أخي ثورة الغضب على الكلمات الرائعة