محمد دغيدى
12-05-2005, 01:37 PM
لقمان.. عبد حبشي, أم نبي عظيم!؟
صلاح الدين إبراهيم أبوعرفة
قبل أن نجيب، نضع بين يدي القارئ هذا السؤال..
من هذا الذي يفرد له ربنا سورة باسمه في الثلث الأول من سور كتابه, ويرفع ذكره ويجعله لنا مثلاً واقتداء نحن المؤمنين, ولنبينا إمام الأنبياء من قبلنا.
فنرانا نتلو اسمه تلاوة، ونتدارس هديه دراسة، نتواصى بها من يوم نزلت الآيات حتى يرفع الله كتابه؟؟.
الحق أن ما نجده في جهد الأئمة المفسرين لا يجيب سائلاً، ولا يغني طالباً.
فالتفاسير تدور على خلافات لا يقوم واحد منها ببرهان – آية أو حديث ثابت- وسائرها أنه رجل اُوتي الحكمة، قد يكون فلاناً أو فلاناً, أو من بني فلان، وقيل وقيل, وليس عند المستمسك بالكتاب والحديث قيل وقيل, وكل هذا خلاف لظاهر القرآن, فهو "لقمان", رجل عَلَم بعينه لا يصح أن يكون مكانه غيره، فلو أراد الله من قصته فحواها وهداها وحسب، لما كان معنى لتخصيص الآيات وتتويج السورة باسمه.
أما جوابنا نحن مما نعقله عن ربنا من ظاهر القرآن ولغته البينة، وعرضه الميسر للذكر بأمر الله. ان "لقمان" نبي من النبيين، بدليل الآية {أن اشكر لله}, فالآية من ظاهرها وحي لرجل "أن اشكر لله". وهي أمر بأصل أصول النبوة الأولى من التوحيد.
ثم إن لم يكن نبياً، وكان من عامة الناس، فكيف يستوي أن يسترشد صاحب الوحي والهدى والرشاد محمد عليه الصلاة والسلام, برجل لا يُعرف من هو، ولا يرقى أن يكون صّديقا, إن لم يكن نبياً, كما تروى بعض التفاسير، من أنه عبد حبشي, فهذه المواعظ والمهديات، أولى بها النبيون والرسل الكرام على كثرتهم وتوافرهم. {فبهداهم اقتده}الانعام. والسؤال والبحث خير من الظن والجهل.
ثم إن له إبناً يتعاهده ويعظه ويربيه، والآيات كلها موقوفة على ما يبدو بين هذا "النبي" وابنه الموعوظ، فالمراد منها ذكره هو وابنه على حد سواء.
فلنرجع إلى ركننا الأول كما أمر رسول الله، كأننا نتلقى الوحي شفاهة من فم رسول الله قبل ان يكون اجتهاد أو خلاف, وقبل أن تصبح اجتهادات المجتهدين ديناً مفروضاً, تستوي ونصوص الوحي من الكتاب والحديث.
نرجع إلى كلام الله البيِّن المبيَن الذي يصدّق بعضه بعضاً، فنجدنا أمام "نبي" اُوتي الحكمة صراحة, وله ابن يأخذ عنه ويهتدي به!.
فلم يذكر كتاب الله إلا أربعة نبيين لهم بنون شهدوا حياتهم، ابراهيم وله إسماعيل وإسحق، ويعقوب وله يوسف، وزكريا وله يحيى، وداود وله سليمان.
ولم يُنسب نبي إلى الحكمة وتنسب هي له, أكثر مما كان لداود, فأول ما ذكر داود، ذكر في سورة البقرة {وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء}البقرة و في سورة ص {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب}, وهو نفسه الذي أمره الله وآله بالشكر {اعملوا آل داود شكرا}سبأ, {ان اشكر لله}.
حكيم حاكم بين الناس, وليس حكيما لنفسه
وها هو لقمان يحكم بحكمته, ويعلم اُصولها لابنه قبل أن يعلمه اُصول الصلاة, {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله, إن الله لطيف خبير}لقمان, إنها مفاتيح الحكم والقضاء ذاتها التي يقضي بها الله في سورة الأنبياء, {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا, وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} فهو يورث ابنه الهدى والحكم والقضاء على حد سواء. {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين, ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً}.الانبياء
موعظة في محلها
{ولا تصعّر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً}لقمان, فلو لم يكن هذا النبي وابنه بمنزلة القوامة على الناس والفضل المبين، لكانت الآية بغير شاهد، إذ ما معنى أن يعظ رجل مغمور ابنه المغمور ألا يتكبر على الناس, ما لم يكن الأخير على الأقل بمنزلة قد يهفو بها فيختال ويظلم!.
{واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}, فمن هذا الذي يبدأ بأصول النبوة والتوحيد ويعرج على الحكم، فينتهي بعلم الأصوات وموجاتها المترددة؟. إنه بلا منازع داود صاحب المزامير وآله من بعده {وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علّمنا منطق الطير واُوتينا من كل شيء، ان هذا لهو الفضل المبين}. كما صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام, لما سمع أبا موسى الأشعري يقرأ القرآن فقال: "لقد اُوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود"!.
فهو كما يظهر للسائل المتدبر دون تخريص ولا اعتماد على ما لا أصل له..
داود وابنه سليمان, لقمان وابنه سليمان!.
وقد يتمسك من يخالفنا بأحاديث ضعيفة لا تصلح لترد ظاهر القرآن.
أو بأحسن حال ماروي عن انس بن مالك من أن لقمان كان عند داود, ليحتج بها أن لقمان رجل غير داود.
فنقول إن قول الصحابي أنس رضي الله عنه يقف عنده, ولم يثبت رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد تكون رواية عن أهل الكتاب أو غيرهم, إذ الأصل كما قلنا أن نلتزم نصوص رسول الله المحكمة, وكل يؤخذ من فمه ويرد عليه إلا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
بعد هذا، نظن والله أعلم بمراده، أن لقمان هو داود عليه السلام والله أعلم.
ومنا من يسأل: ما معنى "لقمان"؟
لقمان, من لقم, وهي الوحيدة في القرآن {فالتقمه الحوت وهو مليم}, ولك أن تتخيل صورة الفعل "لقم" من اللقط والإمساك, فتصبح في جوف اللاقط, وفي لسان العرب "أكلت لقمتين بلَقمة", فهو لقمان سريع الحاضرة والبديهة, فيمسك بالجواب ويأتي به ويفصل بالخطاب, فيصيب القضاء, {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله, إن الله لطيف خبير}.
فآتاه الله مفاتيح الحكم والقضاء وأهّله لها, ثم أرسله خليفة في الأرض ليحكم بين الناس بالحق.
وقد يسأل سائل, إن كان لقمان هو داود, فلم لا يقول القرآن "داود", والسؤال نفسه فيما ورد عن ذي القرنين وسليمان؟.
فالجواب..
أما لماذا يذكر لقمان فيما يراد داود, وذو القرنين فيما يراد سليمان -والله أعلم-, فيجاب ابتداء, هل من الممكن أن نجد أحدا بأكثر من أسم, ولنكن أكثر تحديدا, هل من الممكن أن نجد أحدا بإسم, وبصفة, وتوصيف وظيفي, كأن نقول: عمر بن الخطاب, ثم أمير المؤمنين, ثم الفاروق, ثم الخليفة العادل!.
فيتضح أنها من تمام المعقول والوارد.
بالتالي نجيب, أنه إن كان "داود" هو الأسم, فلعل "لقمان" هي الصفة التي تفوق الاسم في السياق المسرود في سورة لقمان, فهو هنا "لقمان" أكثر منه داود, وذكر ها هنا على مراد "لقمان" وما فيه من الحكمة والعلم. كما نقول "الفاروق" عندما نريد دلالة الصفة, في موقف عدلي حازم, فنبدي هذه الصفة على الاسم الدارج المعلوم.
ومثلها ذو القرنين, فذكرت حيث يراد الذي ملك قرني الارض اكثر مما يراد ابن داود, ومثل هذا, أن يذكر الله ذا النون وهو يريد يونس, أو إسرائيل وهو يريد يعقوب!.
والله أعلم!ّ
ربنا هذا مبلغنا من العلم, فاغفر لنا إن نسينا أو أخطأنا!.
{ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل}.
صلاح الدين إبراهيم أبوعرفة
قبل أن نجيب، نضع بين يدي القارئ هذا السؤال..
من هذا الذي يفرد له ربنا سورة باسمه في الثلث الأول من سور كتابه, ويرفع ذكره ويجعله لنا مثلاً واقتداء نحن المؤمنين, ولنبينا إمام الأنبياء من قبلنا.
فنرانا نتلو اسمه تلاوة، ونتدارس هديه دراسة، نتواصى بها من يوم نزلت الآيات حتى يرفع الله كتابه؟؟.
الحق أن ما نجده في جهد الأئمة المفسرين لا يجيب سائلاً، ولا يغني طالباً.
فالتفاسير تدور على خلافات لا يقوم واحد منها ببرهان – آية أو حديث ثابت- وسائرها أنه رجل اُوتي الحكمة، قد يكون فلاناً أو فلاناً, أو من بني فلان، وقيل وقيل, وليس عند المستمسك بالكتاب والحديث قيل وقيل, وكل هذا خلاف لظاهر القرآن, فهو "لقمان", رجل عَلَم بعينه لا يصح أن يكون مكانه غيره، فلو أراد الله من قصته فحواها وهداها وحسب، لما كان معنى لتخصيص الآيات وتتويج السورة باسمه.
أما جوابنا نحن مما نعقله عن ربنا من ظاهر القرآن ولغته البينة، وعرضه الميسر للذكر بأمر الله. ان "لقمان" نبي من النبيين، بدليل الآية {أن اشكر لله}, فالآية من ظاهرها وحي لرجل "أن اشكر لله". وهي أمر بأصل أصول النبوة الأولى من التوحيد.
ثم إن لم يكن نبياً، وكان من عامة الناس، فكيف يستوي أن يسترشد صاحب الوحي والهدى والرشاد محمد عليه الصلاة والسلام, برجل لا يُعرف من هو، ولا يرقى أن يكون صّديقا, إن لم يكن نبياً, كما تروى بعض التفاسير، من أنه عبد حبشي, فهذه المواعظ والمهديات، أولى بها النبيون والرسل الكرام على كثرتهم وتوافرهم. {فبهداهم اقتده}الانعام. والسؤال والبحث خير من الظن والجهل.
ثم إن له إبناً يتعاهده ويعظه ويربيه، والآيات كلها موقوفة على ما يبدو بين هذا "النبي" وابنه الموعوظ، فالمراد منها ذكره هو وابنه على حد سواء.
فلنرجع إلى ركننا الأول كما أمر رسول الله، كأننا نتلقى الوحي شفاهة من فم رسول الله قبل ان يكون اجتهاد أو خلاف, وقبل أن تصبح اجتهادات المجتهدين ديناً مفروضاً, تستوي ونصوص الوحي من الكتاب والحديث.
نرجع إلى كلام الله البيِّن المبيَن الذي يصدّق بعضه بعضاً، فنجدنا أمام "نبي" اُوتي الحكمة صراحة, وله ابن يأخذ عنه ويهتدي به!.
فلم يذكر كتاب الله إلا أربعة نبيين لهم بنون شهدوا حياتهم، ابراهيم وله إسماعيل وإسحق، ويعقوب وله يوسف، وزكريا وله يحيى، وداود وله سليمان.
ولم يُنسب نبي إلى الحكمة وتنسب هي له, أكثر مما كان لداود, فأول ما ذكر داود، ذكر في سورة البقرة {وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء}البقرة و في سورة ص {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب}, وهو نفسه الذي أمره الله وآله بالشكر {اعملوا آل داود شكرا}سبأ, {ان اشكر لله}.
حكيم حاكم بين الناس, وليس حكيما لنفسه
وها هو لقمان يحكم بحكمته, ويعلم اُصولها لابنه قبل أن يعلمه اُصول الصلاة, {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله, إن الله لطيف خبير}لقمان, إنها مفاتيح الحكم والقضاء ذاتها التي يقضي بها الله في سورة الأنبياء, {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا, وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} فهو يورث ابنه الهدى والحكم والقضاء على حد سواء. {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين, ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً}.الانبياء
موعظة في محلها
{ولا تصعّر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً}لقمان, فلو لم يكن هذا النبي وابنه بمنزلة القوامة على الناس والفضل المبين، لكانت الآية بغير شاهد، إذ ما معنى أن يعظ رجل مغمور ابنه المغمور ألا يتكبر على الناس, ما لم يكن الأخير على الأقل بمنزلة قد يهفو بها فيختال ويظلم!.
{واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}, فمن هذا الذي يبدأ بأصول النبوة والتوحيد ويعرج على الحكم، فينتهي بعلم الأصوات وموجاتها المترددة؟. إنه بلا منازع داود صاحب المزامير وآله من بعده {وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علّمنا منطق الطير واُوتينا من كل شيء، ان هذا لهو الفضل المبين}. كما صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام, لما سمع أبا موسى الأشعري يقرأ القرآن فقال: "لقد اُوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود"!.
فهو كما يظهر للسائل المتدبر دون تخريص ولا اعتماد على ما لا أصل له..
داود وابنه سليمان, لقمان وابنه سليمان!.
وقد يتمسك من يخالفنا بأحاديث ضعيفة لا تصلح لترد ظاهر القرآن.
أو بأحسن حال ماروي عن انس بن مالك من أن لقمان كان عند داود, ليحتج بها أن لقمان رجل غير داود.
فنقول إن قول الصحابي أنس رضي الله عنه يقف عنده, ولم يثبت رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد تكون رواية عن أهل الكتاب أو غيرهم, إذ الأصل كما قلنا أن نلتزم نصوص رسول الله المحكمة, وكل يؤخذ من فمه ويرد عليه إلا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
بعد هذا، نظن والله أعلم بمراده، أن لقمان هو داود عليه السلام والله أعلم.
ومنا من يسأل: ما معنى "لقمان"؟
لقمان, من لقم, وهي الوحيدة في القرآن {فالتقمه الحوت وهو مليم}, ولك أن تتخيل صورة الفعل "لقم" من اللقط والإمساك, فتصبح في جوف اللاقط, وفي لسان العرب "أكلت لقمتين بلَقمة", فهو لقمان سريع الحاضرة والبديهة, فيمسك بالجواب ويأتي به ويفصل بالخطاب, فيصيب القضاء, {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله, إن الله لطيف خبير}.
فآتاه الله مفاتيح الحكم والقضاء وأهّله لها, ثم أرسله خليفة في الأرض ليحكم بين الناس بالحق.
وقد يسأل سائل, إن كان لقمان هو داود, فلم لا يقول القرآن "داود", والسؤال نفسه فيما ورد عن ذي القرنين وسليمان؟.
فالجواب..
أما لماذا يذكر لقمان فيما يراد داود, وذو القرنين فيما يراد سليمان -والله أعلم-, فيجاب ابتداء, هل من الممكن أن نجد أحدا بأكثر من أسم, ولنكن أكثر تحديدا, هل من الممكن أن نجد أحدا بإسم, وبصفة, وتوصيف وظيفي, كأن نقول: عمر بن الخطاب, ثم أمير المؤمنين, ثم الفاروق, ثم الخليفة العادل!.
فيتضح أنها من تمام المعقول والوارد.
بالتالي نجيب, أنه إن كان "داود" هو الأسم, فلعل "لقمان" هي الصفة التي تفوق الاسم في السياق المسرود في سورة لقمان, فهو هنا "لقمان" أكثر منه داود, وذكر ها هنا على مراد "لقمان" وما فيه من الحكمة والعلم. كما نقول "الفاروق" عندما نريد دلالة الصفة, في موقف عدلي حازم, فنبدي هذه الصفة على الاسم الدارج المعلوم.
ومثلها ذو القرنين, فذكرت حيث يراد الذي ملك قرني الارض اكثر مما يراد ابن داود, ومثل هذا, أن يذكر الله ذا النون وهو يريد يونس, أو إسرائيل وهو يريد يعقوب!.
والله أعلم!ّ
ربنا هذا مبلغنا من العلم, فاغفر لنا إن نسينا أو أخطأنا!.
{ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل}.