منصور بالله
08-05-2005, 08:11 PM
إقترب يوم الخلاص
وإن غدًا لناظره قريب
بقلم : محمود شنب
mahmoudshanap@yahoo.com
mahmoudshanap@hotmail.com
عودنا الأمن المصرى على قبول أسلوبه المعيب والمهين فى أعقاب كل حادث أمنى تشهده البلاد ـ صغر أم كبر ـ فنراه يستعرض عضلاته ويكشر عن أنيابه ويفرض سطوته على كل أفراد الشعب ، ويصبح الاعتقال العشوائى سمة من سمات هذه السطوه ، فنراه يأخذ كل من فى طريقه ـ عمال على بطال ـ دون حسابات لمردود الانتقام أو تفكر فى العواقب !!
إن أسلوب نشر الرعب بين المواطنين وإرباك الحياة فى مناطق الإشتباه أسلوب إجرامى وفاشل لأنه لا يراعى حرمات ولا مقدسات ، ويزيد من أعداء الشرطة التى تعيش فى سباق مع الزمن من أجل قفل ملف الحدث بأسرع ما يمكن حتى لو تم ذلك بالظلم والبهتان ، والأمن المصرى فى سبيل تحقيق هذا السبق يبالغ فى التنكيل بالمواطنين وإيذاء الآمنين والتباهى بالانتشار الأعمى والسريع وبالقوة الغاشمة التى ربما لا يفلت من ضررها كل من تصادف وجوده فى مكان الحدث !!
إن مصر كلها الآن أصبحت فى قبضة الأمن ، والأمن فى بلادنا لا سلطان عليه ولا رقيب .. يُعز من يشاء ويُذل من يشاء ولا معقب لظلمه .
فى كل محافظات مصر الآن تعربد قوى الأمن وتنكل بالمواطنين ، وتعتقل العشرات والمئات والآلاف ممن تحوم حولهم الشبهات ، وكل ذلك يتم لمجرد تحرك الشعب البسيط ومطالبته بالتغيير .. إن مجرد فتح الفم وإطلاق الهتافات يرهب النظام ويرعبه ويجعله فى حالة إرتباك وقلق خشية إنفلات الأمور وخروجها عن حدود السيطرة مدركًا أن معظم الضرر يأتى من مستصغر الشرر .
قوات الأمن متواجدة الآن وبكثرة فى كل مكان ... تقف على النواصى والميادين وتقطع الطرق وتروع الآمنين ، وأغلب أفرادها يتحركوا فى ملابس مدنية تلتقط الكلمات وتعد الأنفاس وتحصى الخطى ... والاشتباه لديهم هو سيد الأدلة فلا وقت للفحص أو التدقيق ... الكل إرهابى فى عين النظام الخائف ... إن جبروت الأمن فرض سلطانه على كل مجالات الحياة فى مصر ، وياليت هذا الجبروت اقتصر على الشأن السياسى وحده وإذًا لهان الأمر ، لكنه امتد وغطى كل نواحى الحياة وافترش الأرض وكأنه اخطبوط مرعب يضرب زوائده فى كل اتجاه .... الوظائف المدنية فى مصر ـ وهى على قلتها وندرتها ـ أصبحت تخضع خضوعًا كاملاًَ للتقارير الأمنية من وظيفة أستاذ الجامعة إلى وظيفة عامل المجارى حتى العمل خارج مصر صار مرهونـًا بتقارير الأمن سواء كان المسافر ضمن بعثة أو إعارة أو حتى تعاقد شخصى .
ولقد عودنا الأمن المصرى لسنوات طويلة على كل ما هو غير مألوف أو مقبول ، فمثلا إذا لم يجد الأمن المصرى الشخص المطلوب أخذ بدلا منه شقيقه البرئ أو والده المسن أو حتى زوجته الحامل ، وإذا تم اعتقال الشخص المطلوب مستقبلا فإن الرهائن لا يُفرج عنهم ويبقوا رهن الاعتقال دون محاكمة !!
هناك أيضًا فى السجون المصرية الآلاف من المعتقلين الأبرياء ، وهذا باعتراف السلطات التى لم تجد لهم تهمة .. هؤلاء الأبرياء لم يقدموا للمحاكمة رغم قضاء الواحد منهم أكثر من خمسة عشر عامًا رهن الاعتقال دون محاكمة تدينه أو تبرئ ساحته متنقلا من سجن إلى سجن فى ربوع مصر العامرة بالظلم والمآسى واستعباد البشر .. سجون عديدة لا حصر لها .. العقرب .. وادى النطرون .. أبو زعبل .. طره .. الفيوم .. الاستقبال .. المزرعة .. الوادى الجديد .... وما خفى كان أعظم !!
يموت المعتقل وتهدر آدميته دون أن يشعر به أحد .. تهان أسرته وتتقطع بها السبل ويشقى أفرادها دون أن يعلم بمآسيها أحد ، وأوامر الإفراج التى يصدرها القضاء المصرى تكون مواكبة لأوامر الاعتقال التى يصدرها الأمن دون أن يخرج المعتقل المفرج عنه من سجنه ويرى ضوء الشمس فى بلاده الظالمة !!
وياليت الأمور تتوقف عند هذا الحد ويقتصر جبروت الأمن على أفعال رجاله بل إنه يمتد لسابع جد ويسبغ الحماية على كل من له قريب ينتمى لجهاز الشرطة !!
أصبح يحيط بكل عقيد أو لواء أو حتى الضابط الصغير جيش من ذوى النفوذ والمنتفعين بمركز الباشا وقدرته على الضرر وسطوته على الشعب حتى تداولت بين أفراد الشعب مقولة "إبعد عنه ده له ولد فى الشرطة" .
إن القبضة الأمنية فى مصر لم تترك شيئـًا فى البلاد إلا واحتوته ، واستمرار قانون الطوارئ زاد الأمور تدهورً وتعقيدًا ، وعلاقة الشرطة بالنظام زادت من مساحة الإجرام وفعل كل ما هو حرام ..
منذ أيام قليلة نشرت الجرائد المصرية قصة المدرس الذى تناوب على ضربه ولى أمر مسنود يعمل بجهة سيادية ومعه إبنه الذى يلعب التايكوندو ... الوالد ونجله ظلا يضربان المعلم الذى يعمل بمدرسة مبارك التجريبية للغات بمدينة نصر حتى أفقداه الوعى وأحدثا كسرًا فى أنفه وكسرًا فى فكه الأيسر وتركوه غارقـًا فى دمائه فى عرض الطريق ، وامتدادًا لسطوة الأجارم رفض مستشفى هليوموليس استخراج تقرير حالة للمدرس المضروب مما دعاه للتوجه إلى مستشفى التأمين الصحى ، ثم تواصلت سطوة أصحاب النفوذ ووصلت حتى الجهة التى ينتمى إليها المعلم والتى من المفترض أن تدافع عنه ، حيث أصدرت وزارة التربية والتعليم قرارها رقم 93 الذى يقضى بنقل المدرس من المدرسة بحجة تهدئة الأمور بعد أن تضامن معه مجلس آباء المدرسة الذى قرر فصل طالب التايكوندو وشقيقته بناءً على توصية مجلس إدارة المدرسة .. المدرس حتى الآن لم يجد من يعيد له كرامته المفقودة ولا من يأخذ له حقه من الرجل المسنود وإبنه المجرم على الرغم من أن المدرس يتمتع بسمعة طيبة ومشهود له بالخلق والاستقامة وهو فوق كل ذلك حاصل على جائزة فى الشعر لكونه شاعر وأديب .. هذا المعلم المدعو ماهر مهران أمسك بالقلم بدلا من أن يمسك بالرشاش وكتب يدعو الآخرين للهجرة من مصر وترك البلد لأصحاب السطوة والنفوذ قائلاً : ( إرمى الشنطه فوق الكتف .. وياله عدى الحدود .. مش إنت ياما حصدت أشواك .. رغم إنك بتزرع ورود .. سيبك منها وياله هج .. دى يا ولد غابه ماينفعش يعيش فيها غير نصاب أو أراجوز أو واحد يكون مسنود .. يا كل مسكين ومظلوم .. يا كل واحد من الناس الغلابه .. ماتدورش على العدل تانى فى مصر .. ده العدل فى السما والحق فى السما ، إنما فى بلدى هنا أنا شفت ميزان العدل مايل فى قلب النيابه ) .
كيف ـ بعد هذا الحا دث المؤسف ـ يعيش هذا المدرس بين تلاميذه وزملاءه وأفراد أسرته ، وكيف يعلم الانتماء لتلاميذه وكيف يسترد قيمته وكرامته المهدرة ؟!!
إنها قصة من بين آلاف القصص التى نـُلعن بسببها صباح مساء تصديقـًا لقول رسولنا الكريم : (( لعن الله قومًا ضاع الحق بينهم )) أصبحنا لا نثور من أجل أحد مثلما لا يثور حكامنا من أجل العراق ، وأصبحنا لا نتحرك من أجل أحد مثلما تقاعس حكامنا عن نجدة الأهل فى فلسطين .. لم نعد نتحرك من أجل معلم شريف ولا جار عفيف ولا معتقل مهذب يحمل كتاب الله ..!!
كل مصرى أصبح يعيش فى حالة إنعزال عن المجتمع حتى لو كان الضحية إبنه أو شقيقه أو صديقه .. لا أحد يفكر ـ من قسوة الأمن ـ فى التضامن مع أحد .. أصبحت أيامنا مثل يوم القيامة كل فرد منا يقول : نفسى نفسى !!
أصبحنا أشبه بشعب أحمد مطر الذى يقول عنه فى "أوصاف ناقصة" :
قال : ما الشئ الذى يمشى كما تهوى القدم ؟
قلت : شعبى
قال : كلا .. هو جلد ما به لحم ودم
قلت : شعبى
قال : كلا .. هو ما تركبه الأمم ..
قلت : شعبى
قال : فكر جيدًا ..
فيه فم من غير فم
ولسان موثق لا يشتكى رغم الألم
قلت : شعبى
قال : ما هذا الغباء؟
إننى أعنى الحذاء!
قلت : ما الفرق؟
هما فى كل ما قلت سواء!
لم تقل لى إنه ذو قيمة
أو إنه لم يتعرض للتهم
لم تقل لى هو ضاق برجل
ورم الرجل ولم يشك الورم
لم تقل لى هو شئ
لم يقل يوما .. ( نعم ) !
نعم يا أحمد مطر .. أصبحنا بعد الصمت سواسية !
لقد نشرت جريدة الأسبوع صورة رهيبة فى صدر عددها الأخير الصادر فى 2/5/2005 هذه الصورة لو اكتفت الجريدة بنشرها ولم تكتب سطرًا واحدًا ـ فى هذا العدد ـ لكفت هذه الصورة وقالت كل شئ .. الصورة تعبر بصدق عن علاقة الأمن بالمواطن المصرى لحظة وقوع أى حدث .. الصورة تظهر بوليس سرى فى زى مدنى عدده أكثر من عدد من يلبسون زى الشرطة ـ أربعة منهم يمسكوا بتلابيب رجل مسن ذو لحية مزقوا له ثيابه من كل اتجاه .. منهم من يمسكه من قفاه ومنهم من يمسكه من ذراعه ومنهم من يمسكه من الأمام ومنهم من يمسكه من الخلف وفى يد أحدهم قضيب حديدى لا يمكن التعامل معه ، وفى نفس الصورة من الجهة اليمنى ضباط شرطة يمسكوا بشاب كان يمر فى الطريق إلى جواره إشارات المرور ، ومن الجهة اليسرى هراوات مرفوعة وكلاب بوليسية متحفزة للفريسة .... إنها السطوة التى لا رادع لها ولا محاسب .. تشعرك الصورة بأنك فى بلد محتل لا يعرف الرحمة أو القانون ..!!
إن المعادلة أصبحت واضحة تمام الوضوح .. رجال الشرطة فى خدمة مبارك .. ومبارك فى خدمة رجال الشرطة ، والشعب وقع بين فكى الكماشة وما بين المطرقة والسندان !!
إن الشعب المصرى ليس شعبًا فاقدًا للأهلية ، ولا هو من الشعوب الميتة التى ترضى بالهوان والذل إلى أبد الآبدين ... كل ما فى الأمر إنه شعب صبور لا يمل من الصبر ، لكنه يوم ينتفض فلا شئ يردعه ولا قوة تنال منه ولا شئ يستعصى عليه ..
إفعل يا مبارك ما شئت فقد افترب يوم الخلاص ... وإن غدًا لناظره قريب .
وإن غدًا لناظره قريب
بقلم : محمود شنب
mahmoudshanap@yahoo.com
mahmoudshanap@hotmail.com
عودنا الأمن المصرى على قبول أسلوبه المعيب والمهين فى أعقاب كل حادث أمنى تشهده البلاد ـ صغر أم كبر ـ فنراه يستعرض عضلاته ويكشر عن أنيابه ويفرض سطوته على كل أفراد الشعب ، ويصبح الاعتقال العشوائى سمة من سمات هذه السطوه ، فنراه يأخذ كل من فى طريقه ـ عمال على بطال ـ دون حسابات لمردود الانتقام أو تفكر فى العواقب !!
إن أسلوب نشر الرعب بين المواطنين وإرباك الحياة فى مناطق الإشتباه أسلوب إجرامى وفاشل لأنه لا يراعى حرمات ولا مقدسات ، ويزيد من أعداء الشرطة التى تعيش فى سباق مع الزمن من أجل قفل ملف الحدث بأسرع ما يمكن حتى لو تم ذلك بالظلم والبهتان ، والأمن المصرى فى سبيل تحقيق هذا السبق يبالغ فى التنكيل بالمواطنين وإيذاء الآمنين والتباهى بالانتشار الأعمى والسريع وبالقوة الغاشمة التى ربما لا يفلت من ضررها كل من تصادف وجوده فى مكان الحدث !!
إن مصر كلها الآن أصبحت فى قبضة الأمن ، والأمن فى بلادنا لا سلطان عليه ولا رقيب .. يُعز من يشاء ويُذل من يشاء ولا معقب لظلمه .
فى كل محافظات مصر الآن تعربد قوى الأمن وتنكل بالمواطنين ، وتعتقل العشرات والمئات والآلاف ممن تحوم حولهم الشبهات ، وكل ذلك يتم لمجرد تحرك الشعب البسيط ومطالبته بالتغيير .. إن مجرد فتح الفم وإطلاق الهتافات يرهب النظام ويرعبه ويجعله فى حالة إرتباك وقلق خشية إنفلات الأمور وخروجها عن حدود السيطرة مدركًا أن معظم الضرر يأتى من مستصغر الشرر .
قوات الأمن متواجدة الآن وبكثرة فى كل مكان ... تقف على النواصى والميادين وتقطع الطرق وتروع الآمنين ، وأغلب أفرادها يتحركوا فى ملابس مدنية تلتقط الكلمات وتعد الأنفاس وتحصى الخطى ... والاشتباه لديهم هو سيد الأدلة فلا وقت للفحص أو التدقيق ... الكل إرهابى فى عين النظام الخائف ... إن جبروت الأمن فرض سلطانه على كل مجالات الحياة فى مصر ، وياليت هذا الجبروت اقتصر على الشأن السياسى وحده وإذًا لهان الأمر ، لكنه امتد وغطى كل نواحى الحياة وافترش الأرض وكأنه اخطبوط مرعب يضرب زوائده فى كل اتجاه .... الوظائف المدنية فى مصر ـ وهى على قلتها وندرتها ـ أصبحت تخضع خضوعًا كاملاًَ للتقارير الأمنية من وظيفة أستاذ الجامعة إلى وظيفة عامل المجارى حتى العمل خارج مصر صار مرهونـًا بتقارير الأمن سواء كان المسافر ضمن بعثة أو إعارة أو حتى تعاقد شخصى .
ولقد عودنا الأمن المصرى لسنوات طويلة على كل ما هو غير مألوف أو مقبول ، فمثلا إذا لم يجد الأمن المصرى الشخص المطلوب أخذ بدلا منه شقيقه البرئ أو والده المسن أو حتى زوجته الحامل ، وإذا تم اعتقال الشخص المطلوب مستقبلا فإن الرهائن لا يُفرج عنهم ويبقوا رهن الاعتقال دون محاكمة !!
هناك أيضًا فى السجون المصرية الآلاف من المعتقلين الأبرياء ، وهذا باعتراف السلطات التى لم تجد لهم تهمة .. هؤلاء الأبرياء لم يقدموا للمحاكمة رغم قضاء الواحد منهم أكثر من خمسة عشر عامًا رهن الاعتقال دون محاكمة تدينه أو تبرئ ساحته متنقلا من سجن إلى سجن فى ربوع مصر العامرة بالظلم والمآسى واستعباد البشر .. سجون عديدة لا حصر لها .. العقرب .. وادى النطرون .. أبو زعبل .. طره .. الفيوم .. الاستقبال .. المزرعة .. الوادى الجديد .... وما خفى كان أعظم !!
يموت المعتقل وتهدر آدميته دون أن يشعر به أحد .. تهان أسرته وتتقطع بها السبل ويشقى أفرادها دون أن يعلم بمآسيها أحد ، وأوامر الإفراج التى يصدرها القضاء المصرى تكون مواكبة لأوامر الاعتقال التى يصدرها الأمن دون أن يخرج المعتقل المفرج عنه من سجنه ويرى ضوء الشمس فى بلاده الظالمة !!
وياليت الأمور تتوقف عند هذا الحد ويقتصر جبروت الأمن على أفعال رجاله بل إنه يمتد لسابع جد ويسبغ الحماية على كل من له قريب ينتمى لجهاز الشرطة !!
أصبح يحيط بكل عقيد أو لواء أو حتى الضابط الصغير جيش من ذوى النفوذ والمنتفعين بمركز الباشا وقدرته على الضرر وسطوته على الشعب حتى تداولت بين أفراد الشعب مقولة "إبعد عنه ده له ولد فى الشرطة" .
إن القبضة الأمنية فى مصر لم تترك شيئـًا فى البلاد إلا واحتوته ، واستمرار قانون الطوارئ زاد الأمور تدهورً وتعقيدًا ، وعلاقة الشرطة بالنظام زادت من مساحة الإجرام وفعل كل ما هو حرام ..
منذ أيام قليلة نشرت الجرائد المصرية قصة المدرس الذى تناوب على ضربه ولى أمر مسنود يعمل بجهة سيادية ومعه إبنه الذى يلعب التايكوندو ... الوالد ونجله ظلا يضربان المعلم الذى يعمل بمدرسة مبارك التجريبية للغات بمدينة نصر حتى أفقداه الوعى وأحدثا كسرًا فى أنفه وكسرًا فى فكه الأيسر وتركوه غارقـًا فى دمائه فى عرض الطريق ، وامتدادًا لسطوة الأجارم رفض مستشفى هليوموليس استخراج تقرير حالة للمدرس المضروب مما دعاه للتوجه إلى مستشفى التأمين الصحى ، ثم تواصلت سطوة أصحاب النفوذ ووصلت حتى الجهة التى ينتمى إليها المعلم والتى من المفترض أن تدافع عنه ، حيث أصدرت وزارة التربية والتعليم قرارها رقم 93 الذى يقضى بنقل المدرس من المدرسة بحجة تهدئة الأمور بعد أن تضامن معه مجلس آباء المدرسة الذى قرر فصل طالب التايكوندو وشقيقته بناءً على توصية مجلس إدارة المدرسة .. المدرس حتى الآن لم يجد من يعيد له كرامته المفقودة ولا من يأخذ له حقه من الرجل المسنود وإبنه المجرم على الرغم من أن المدرس يتمتع بسمعة طيبة ومشهود له بالخلق والاستقامة وهو فوق كل ذلك حاصل على جائزة فى الشعر لكونه شاعر وأديب .. هذا المعلم المدعو ماهر مهران أمسك بالقلم بدلا من أن يمسك بالرشاش وكتب يدعو الآخرين للهجرة من مصر وترك البلد لأصحاب السطوة والنفوذ قائلاً : ( إرمى الشنطه فوق الكتف .. وياله عدى الحدود .. مش إنت ياما حصدت أشواك .. رغم إنك بتزرع ورود .. سيبك منها وياله هج .. دى يا ولد غابه ماينفعش يعيش فيها غير نصاب أو أراجوز أو واحد يكون مسنود .. يا كل مسكين ومظلوم .. يا كل واحد من الناس الغلابه .. ماتدورش على العدل تانى فى مصر .. ده العدل فى السما والحق فى السما ، إنما فى بلدى هنا أنا شفت ميزان العدل مايل فى قلب النيابه ) .
كيف ـ بعد هذا الحا دث المؤسف ـ يعيش هذا المدرس بين تلاميذه وزملاءه وأفراد أسرته ، وكيف يعلم الانتماء لتلاميذه وكيف يسترد قيمته وكرامته المهدرة ؟!!
إنها قصة من بين آلاف القصص التى نـُلعن بسببها صباح مساء تصديقـًا لقول رسولنا الكريم : (( لعن الله قومًا ضاع الحق بينهم )) أصبحنا لا نثور من أجل أحد مثلما لا يثور حكامنا من أجل العراق ، وأصبحنا لا نتحرك من أجل أحد مثلما تقاعس حكامنا عن نجدة الأهل فى فلسطين .. لم نعد نتحرك من أجل معلم شريف ولا جار عفيف ولا معتقل مهذب يحمل كتاب الله ..!!
كل مصرى أصبح يعيش فى حالة إنعزال عن المجتمع حتى لو كان الضحية إبنه أو شقيقه أو صديقه .. لا أحد يفكر ـ من قسوة الأمن ـ فى التضامن مع أحد .. أصبحت أيامنا مثل يوم القيامة كل فرد منا يقول : نفسى نفسى !!
أصبحنا أشبه بشعب أحمد مطر الذى يقول عنه فى "أوصاف ناقصة" :
قال : ما الشئ الذى يمشى كما تهوى القدم ؟
قلت : شعبى
قال : كلا .. هو جلد ما به لحم ودم
قلت : شعبى
قال : كلا .. هو ما تركبه الأمم ..
قلت : شعبى
قال : فكر جيدًا ..
فيه فم من غير فم
ولسان موثق لا يشتكى رغم الألم
قلت : شعبى
قال : ما هذا الغباء؟
إننى أعنى الحذاء!
قلت : ما الفرق؟
هما فى كل ما قلت سواء!
لم تقل لى إنه ذو قيمة
أو إنه لم يتعرض للتهم
لم تقل لى هو ضاق برجل
ورم الرجل ولم يشك الورم
لم تقل لى هو شئ
لم يقل يوما .. ( نعم ) !
نعم يا أحمد مطر .. أصبحنا بعد الصمت سواسية !
لقد نشرت جريدة الأسبوع صورة رهيبة فى صدر عددها الأخير الصادر فى 2/5/2005 هذه الصورة لو اكتفت الجريدة بنشرها ولم تكتب سطرًا واحدًا ـ فى هذا العدد ـ لكفت هذه الصورة وقالت كل شئ .. الصورة تعبر بصدق عن علاقة الأمن بالمواطن المصرى لحظة وقوع أى حدث .. الصورة تظهر بوليس سرى فى زى مدنى عدده أكثر من عدد من يلبسون زى الشرطة ـ أربعة منهم يمسكوا بتلابيب رجل مسن ذو لحية مزقوا له ثيابه من كل اتجاه .. منهم من يمسكه من قفاه ومنهم من يمسكه من ذراعه ومنهم من يمسكه من الأمام ومنهم من يمسكه من الخلف وفى يد أحدهم قضيب حديدى لا يمكن التعامل معه ، وفى نفس الصورة من الجهة اليمنى ضباط شرطة يمسكوا بشاب كان يمر فى الطريق إلى جواره إشارات المرور ، ومن الجهة اليسرى هراوات مرفوعة وكلاب بوليسية متحفزة للفريسة .... إنها السطوة التى لا رادع لها ولا محاسب .. تشعرك الصورة بأنك فى بلد محتل لا يعرف الرحمة أو القانون ..!!
إن المعادلة أصبحت واضحة تمام الوضوح .. رجال الشرطة فى خدمة مبارك .. ومبارك فى خدمة رجال الشرطة ، والشعب وقع بين فكى الكماشة وما بين المطرقة والسندان !!
إن الشعب المصرى ليس شعبًا فاقدًا للأهلية ، ولا هو من الشعوب الميتة التى ترضى بالهوان والذل إلى أبد الآبدين ... كل ما فى الأمر إنه شعب صبور لا يمل من الصبر ، لكنه يوم ينتفض فلا شئ يردعه ولا قوة تنال منه ولا شئ يستعصى عليه ..
إفعل يا مبارك ما شئت فقد افترب يوم الخلاص ... وإن غدًا لناظره قريب .