المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخلاق المجاهد (الحلقة الرابعة)



أبو العز الجبريني
22-05-2004, 03:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أخلاق المجاهد

تصنيف
الشيخ المجاهد أبي عمر محمد بن عبد الله السيف
رئيس محكمة التمييز العليا في الشيشان

باب: الترهيب من الجبن :

قال الله تعالى: «أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين».
وقال الله تعالى: «إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين».
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع» رواه أبو داود.
والخالع: هو الذي يخلع القلب لشدة تمكنه منه ويمنعه عن الإقدام.

باب: في التعوذ من الجبن والبخل :

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال» رواه البخاري ومسلم.
ضلع الدين: ثقله وشدته.


باب: فضل تجهيز الغازي وإخلاف الغازي والشهيد في أهله :

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدخل بيتا بالمدينة غير بيت أم سليم إلا على أزواجه فقيل له، فقال: «إني أرحمها، قتل أخوها معي». رواه البخاري ومسلم.
وعن زيد بن خالد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا» متفق عليه.
وعن أنس رضي الله عنه أن فتى من أسلم قال: يا رسول الله إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به، قال: «ائت فلانا فإنه قد كان تجهز فمرض» فأتاه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول: أعطني الذي تجهزت به، قال: يا فلانة أعطيه الذي كنت تجهزت به، ولا تحبسي عنه شيئا، فوالله لا تحبسين منه شيئا فيبارك لك فيه. رواه مسلم.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يغز، أو يجهز غازيا، أو يخلف غازيا في أهله بخير، أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة» رواه أبو داود.

باب: تعظيم حرمة نساء المجاهدين :

عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من عمله ما شاء، فما ظنكم؟» أخرجه مسلم.
فما ظنكم: أي هل تظنون أن يترك شيئا من عمله.

باب: فضل القتال في الصف :

قال الله تعالى: «إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص».
عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل عند الله من عبادة الرجل ستين سنة». رواه الدارمي والحاكم واللفظ له.
وعن معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة، ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت: لونها الزعفران، وريحها كالمسك» رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.
فواق ناقة: ما بين الحلبتين من الراحة.
نكبة: هي ما يصيب الإنسان من الحوادث.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: مر رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعب فيه عيينة من ماء عذبة، فأعجبته، فقال: لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما، ألا تحبون أن يغفر الله لكم، ويدخلكم الجنة، أغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة» رواه الترمذي وقال حديث حسن.

باب: فضل الحراسة في سبيل الله :

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله» رواه الترمذي.
وعن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه أنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأطنبوا السير حتى كان عشية فحضرت صلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فارس فقال: يا رسول الله إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت على جبل كذا وكذا فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بظعنهم ونعمهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله»، ثم قال: «من يحرسنا الليلة؟» قال أنس بن أبي مرثد الغنوي: أنا يا رسول الله، قال: فاركب، فركب فرسا له وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه، ولا نُغَرَّنَّ مِن قِبَلِك الليلة»، فلما أصبحنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه فركع ركعتين، ثم قال: «هل أحسستم فارسكم؟» قالوا: يارسول الله ما أحسسناه، فثوب بالصلاة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب حتى إذا قضى صلاته وسلم قال: «أبشروا، فقد جاء فارسكم» فجعلنا ننظر إلى خلال الشجر في الشعب فإذا هو قد جاء حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشعب حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبحت اطلعت الشعبين كليهما فنظرت فلم أر أحدا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل نزلت الليلة؟»، قال: لا إلا مصليا، أو قاضيا حاجة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أوجبت فلا عليك ألا تعمل بعدها». رواه النسائي وأبو داود واللفظ له.
فأطنبوا السير: أي بالغوا فيه، وتبع بعض الإبل بعضا.
على بكرة آبائهم: أي جاؤوا جميعا.
بظعنهم: أي بنسائهم. والشعب: ما انفرج بين الجبلين.
ولا نغرن: أي لا يجيئنا العدو من قبلك على غفلة.
أوجبت: أي أتيت بفعل أوجب لك الجنة.

باب: في الإيثار والمواساة في الجهاد :

قال الله تعالى: «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون».
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له» قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه مسلم.
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم» متفق عليه.
أرملوا: أي فنى طعامهم.

باب: عون الله للمجاهدين :

قال الله تعالى: «كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين».
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف». رواه الترمذي وأحمد والنسائي.

باب: فضل قتل الكافر المحارب :

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا». رواه مسلم وأبو داود.


باب: الترهيب من الغلول من الغنائم :

قال الله تعالى: «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة».
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: كركرة، فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هو في النار»، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها. رواه البخاري.
والثقل: هو الغنيمة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني عمر رضي الله عنه قال: لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شهيد، وفلان شهيد، وفلان شهيد، حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا إني رأيته في النار في بردة غلها (أو عباءة غلها) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ابن الخطاب اذهب فناد في الناس: إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون». رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره حتى قال: «لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء، يقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيئ يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
لا ألفين: أي لا أجدن.
والرغاء: هو صوت الإبل وذوات الخف.
والحمحمة: هو صوت الفرس.
والثغاء: هو صوت الغنم.
والنفس: ما يغله من الرقيق، من إمرأة أوصبي.
والرقاع: جمع رقعة وهو ما تحفظ فيه الحقوق وقيل الثياب.
وتخفق: أي تتحرك وتضطرب.
والصامت: الذهب والفضة، وقيل: ما لا روح فيه من أصناف المال.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل رحله فرمي بسهم فكان فيه حتفه، فقلنا: هنيئا له الشهادة يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلا والذي نفس محمد بيده إن الشملة لتلتهب عليه نارا، أخذها من الغنائم لم تصبها المقاسم» قال: ففزع الناس فجاء رجل بشراك أوشراكين فقال: أصبت يوم خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شراك من نار (أو) شراكان من نار». رواه البخاري ومسلم.
الشملة: كساء أصغر من القطيفة يُتَّشح بها.

باب: في ما يجب على المجاهدين من حفظ أموال المسلمين ورد الأمانات كالأسلحة وغيرها :

قال الله تعالى: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها».
وقال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله ورسوله وتخونوا أماناتكم و أنتم تعلمون».
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» متفق عليه.
وعن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة» رواه البخاري.
يتخوضون: أي يتصرفون.
وعن أبي حميد الساعدي قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد على صدقات بني سليم يدعى بن اللتبية، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم، وهذه هدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا»، ثم خطبنا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم، وهذه هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا، والله لا يأخذ أحد منكم منها شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى يحمله يوم القيامة فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر» ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه، ثم قال: «هل بلغت بصر عيني وسمع أذني» رواه مسلم.