المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخلاق المجاهد (الحلقة الثالثة)



أبو العز الجبريني
22-05-2004, 02:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أخلاق المجاهد

تصنيف
الشيخ المجاهد أبي عمر محمد بن عبد الله السيف
رئيس محكمة التمييز العليا في الشيشان

باب: في تمني الشهيد أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات :

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيءإلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة» وفي رواية: «لما يرى من فضل الشهادة» متفق عليه.

باب: في أن أرواح الشهداء في الجنة :

قال الله تعالى: «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين، الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم».
عن مسروق قال: سألت عبد الله هو ابن مسعود عن هذه الآية: «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك فقال: «أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: أيَّ شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا، قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا. رواه مسلم.

باب: تمني الشهادة وطلبها :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والذي نفسي بيده لولا أن رجالا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل» رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خير معاش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل والموت مظانه، أو رجل في غُنيمه في رأس شعفة من هذه الشعف، أو بطن واد من هذه الأودية يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير» رواه مسلم.
العنان: اللجام.
هيعة: الصوت عند حضور العدو.
والفزعة: النهوض إلى العدو.
والشعفة: أعلى الجبل.
ومظانه: أي يطلب القتل في مواطنه لرغبته في الشهادة.
واليقين: الموت.
وفضل اعتزال الناس وترك مخالطتهم مقيد بزمان الفتن.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رجل: أين أنا يا رسول الله إن قتلت؟ قال: «في الجنة»، فألقى تمرات كن في يده، ثم قاتل حتى قتل. رواه مسلم.
وعن أنس رضي الله عنه قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه» فدنا المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى جنة عرضها السماوات الأرض» قال: يقول عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه: يا رسول الله، جنة عرضها السماوات الأرض؟ قال: «نعم» قال: بخ بخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يحملك على قولك بخ بخ؟» قال:لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: «فإنك من أهلها» فأخرج تمرات من قرَنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل. رواه مسلم.
بخ: كلمة تطلق لتفخيم الأمر وتعظيمه في الخير.
والقرَن: هو جعبة النشاب.
وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» رواه مسلم.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه» رواه مسلم.

باب: في أن من مات في سبيل الله فهو شهيد :

قال الله تعالى: «ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون، ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون».
وقال الله تعالى: «والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين، ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم».
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من فصل في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد أو وقصه فرسه أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله مات فإنه شهيد وإن له الجنة» رواه أبو داود.
فصل: أي خرج.
ووقصه: أي رماه فكسر عنقه.
والحتف: الموت.
والهامة: إحدى الهوام وهي ذوات السموم من حية وعقرب ونحوهما.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صرع من دابته في سبيل الله فمات فهو شهيد» رواه الطبراني وحسنه الحافظ ابن حجر.

باب: في سيد الشهداء :

عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمر ونهاه فقتله». رواه الحاكم.

باب: في ما يجد الشهيد من ألم القتل :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة» رواه الترمذي.

باب: في فضل الرباط في سبيل الله :

قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون».
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود» رواه ابن حبان والبيهقي وغيرهما.
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله تعالى أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» متفق عليه.
وعن سلمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات أُجْرِيَ عليه عمله الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان» رواه مسلم.
وعن عثمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
باب: في أن من مات مرابطا فإن عمله يجري له إلى يوم القيامة :

عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه يُنَمَّى له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن فتنة القبر» رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.

باب: في فضل الغدوة والروحة في سبيل الله :

قال الله تعالى: «ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنه لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطأ يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين، ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون».
عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس أوغربت» أخرجه مسلم.
الغدوة: هي المرة الواحدة من الغدو وهوالخروج من أي وقت من أول النهار إلى انتصافه.
والروحة: هي المرة الواحدة من الرواح وهو الخروج من أي وقت من زوال الشمس إلى غروبها.
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها» متفق عليه.

باب: في فضل الغبار في سبيل الله :

عن أبي عبس عبد الرحمن بن جبر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار» رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم» رواه الترمذي.

باب: وجوب طاعة الأمير بالمعروف وفضلها :

قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فأن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا».
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة» - زاد في رواية - «وعبد القطيفة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إذا استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع» رواه البخاري.
تعس: شقي، القطيفة: كساء، والخميصة: ثوب معلم من خز أو صوف.
انتكس: أي انقلب على رأسه خيبة وخسارة أو عاوده المرض.
شيك: أي دخلت في جسمه شوكة، والانتقاش: من نزعها بالمنقاش.
وهذا مثل معناه إذا أصيب فلا انجبر.
وطوبى: اسم الجنة أو شجرة فيها، وقيل فعلى من الطيب.
الساقة: جمع سائق وهم الذين يسوقون جيش الغزاة ويكونون من ورائه يحفظونه.
وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإذا أمر فلا سمع ولا طاعة» متفق عليه.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني» متفق عليه.

باب: في فضل الإعداد والرماية :

قال الله تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون».
عن عمر بن عنبسة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة، ومن رمى بسهم في سبيل الله فبلغ به العدو أو لم يبلغ كان له كعتق رقبة ومن أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار عضوا بعضو» رواه النسائي بإسناد صحيح، وأفرد الترمذي منه ذكر الشيب، وأبو داود ذكر العتق.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: «(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» رواه مسلم.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو: فقد عصى" رواه مسلم.

باب: الجهاد باب من أبواب الجنة يُذهب الله به الهم والغم :

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جاهدوا في سبيل الله فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة ينجي الله تبارك وتعالى به من الهم والغم» رواه أحمد.

باب: في الثبات وحرمة الفرار من الزحف :

قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إذالقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار، ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير».
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات» قالوا: «يا رسول الله وما هن؟» قال: «الإشراك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» رواه البخاري ومسلم.

باب: الشجاعة والصدق عند القتال :

قال الله تعالى: «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا».
وقال الله تعالى: «أشداء على الكفار رحماء بينهم».
وقال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم».
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان» رواه مسلم.
وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس، ولقد فزع أهل المدينة فكان النبي صلى الله عليه وسلم سبقهم على فرس وقال: «وجدناه بحرا» أخرجه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري.
وجدناه بحرا: أي وجدنا الفرس واسع الجري.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان في غزوة مؤتة قال فالتمسنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فوجدناه في القتلى فوجدنا بما أقبل من جسده بضعا وتسعين بين ضربة ورمية وطعنة، (وفي رواية: فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره) يعني: ظهره. رواه البخاري.
وعن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري قال: سمعت أبي رضي الله عنه وهو بحضرة العدو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف» فقام رجل رث الهيئة فقال: يا أبا موسى أأنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا؟ قال: نعم، فرجع إلى أصحابه فقال: أقرأ عليكم السلام، ثم كسر جفن سيفه فألقاه، ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل. رواه مسلم.
رث الهيئة: خلق الثياب، وجفن سيفه: غلافه.
وعن أنس رضي الله عنه قال: غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه عن قتال بدر فقال: يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء ـ يعني أصحابه ـ وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء ـ يعني المشركين ـ ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد، فقال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس : فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه، قال أنس: كنا نرى ـ أو نظن ـ أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا» رواه البخاري.
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد فقال: «من يأخذ مني هذا» فبسطوا أيديهم كل إنسان منهم يقول: أنا أنا، قال: «فمن يأخذه بحقه قال فأحجم القوم، فقال سماك بن خرشة أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، قال فأخذه ففلق به هام المشركين» رواه مسلم.
فأحجم القوم: أي تأخروا وكفوا.
وقوله: ففلق به هام المشركين: أي شق رؤوسهم.
وعن قيس بن أبي حازم قال سمعت خالد بن الوليد يقول: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية. رواه البخاري.
والصفيحة: السيف العريض.
وعنه قال: قال خالد بن الوليد: ما ليلة تهدى إلى بيتي فيها عروس أنا لها محب وأبشر فيه بغلام بأحب إلي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بها العدو. رواه أبو يعلى، قال في المجمع: ورجاله رجال الصحيح.