المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نعم... العمود الفقري للمقاومين من تنظيمات الرئيس صدام حسين*اعزه الله*



الفرقاني
06-05-2005, 07:26 PM
د. ظافر العاني المفكر والمحلل السياسي العراقي :

نعم... العمود الفقري للمقاومين من تنظيمات الرئيس صدام حسين

شبكة البصرة
حوار ممدوح محمد علي - الشروق
في رحاب فندق سميراميس على نيل القاهرة التقت «الشروق» المفكر والمحلل السياسي العراقي الدكتور ظافر العاني مدير برنامج الدراسات العراقية بمركز الخليج للأبحاث بدبي والمحلل السياسي.
وتناول الحوار كافة المستجدات على الساحة العراقية حذر فيه من أن العراق بات يقف على مفترق طرق إما إنهاء الاحتلال أوحرب الأحزاب السياسية العميلة، إلا أنه شدّد على أن المستقبل للمقاومة مشيرا إلى أنها حازت على تقدير الجميع بما فيهم المحتلين أنفسهم، وكشف عن اتصالات تجرى مع المقاومة في إطار سيناريو للانسحاب الجميل، وأوضح أن الأحزاب العميلة تعمل على تشويه صورة المقاومة حتى لا تكشف موقفها المتآمر.
قال العاني إن سجل صدام حافل بالإنجازات ولم يكن نظامه بذلك القبح الذي يروجون له لإيجاد مبرر للاحتلال بعد تهاوي الأكاذيب الأخرى، وقال: أروني مشروعا واحدا شهده العراق منذ الاحتلال أو مسؤولا واحدا عفيفا فيها.

وفيما يلي نص الحوار

* بداية... ما هو تقييمكم لتشكيل الحكومة العراقية.
ـ الحكومة العراقية ليست كاملة حتى الآن، والخلافات العميقة ليست فقط بين أعضاء الحكومة بل بين الجميع ومتشعبة أيضا ومنها تحجيم البعثيين وتطهير المؤسسات الأمنية وإحلال الميليشيات المرتبطة بالأحزاب الكردية والشيعية ذات الارتباط بإيران بدلا منها ولعل ذلك ما جعل أمريكا تشعر بالقلق بسبب تصاعد النفوذ الإيراني بالعراق.
وعلى الرغم من أنه من المفترض أن تلك الحكومة انتقالية إلا أن الخلاف يؤكد أن حلفاء الأمس الذين كانوا خارج العراق ووحدتهم المظلة الأمريكية قد أصبحوا اليوم متناحرين ويقوم ذلك التناحر على الطائفية والمصالح الحزبية ولعل ذلك هو ما استقبله الشارع العراقي باستهجان شديد، فبعد ثلاثة أشهر من فراغ السلطة وتفشي الفساد بحيث أصبح العراق الدولة الثانية في العالم من حيث انتنشار الفساد المالي والاداري، بل يمكن القول بأن العراق يتعرض لأكبر عملية نهب منظم في التاريخ.


العروبة في خطر

* السؤال الأهم هو: هل في رأيكم أن هذه الحكومة الجديدة تعبر بحق عن الشعب العراقي؟
ـ بالطبع هي لا تعبر أبدا عن الشارع العراقي خاصة مع مقاطعة أكثر من 40 من الشعب العراقي للانتخابات، والمشكلة ان هذه النسبة تمثل طائفة محددة وهي السنة، ولذلك شهدنا محاولات «الترقيع» من خلال اسناد بعض المهام الشرفية للسنة العرب، مقابل استحواذ القائمة الكردية والأحزاب الطائفية المرتبطة بإيران على المناصب المهمة، والأخطر من ذلك وجود عملية منهجية لنزع العروبة عن العراق، صحيح أن أمريكا تحتل العراق عسكريا، لكن النفوذ الفعلي الآن هو لايران حيث ان قوات الاحتلال محصورة في المنطقة الخضراء داخل دباباتها ذعرا من المقاومة في حين أن ايران هي التي تتحرك وتعمل على الأرض.
وأرى أن هناك خشية حقيقية لدى القوى العروبية السنية والشيعية في العراق من ضياع الهوية القومية للعراق، وللأسف أن الحكومات العربية تبدو وكأنها غير معنية بالأمر، وذلك على الرغم من أن المقاومة تؤمن بأن نضالها وتضحياتها في العراق إنما تقوم به نيابة عن أمة بأكملها.


* هل يؤكد كلامك ما يتردد عن طموح ايراني بتشكيل هلال شيعي يضم العراق وسوريا والأردن وايران.. وهل من الممكن أن ينجح مثل ذلك التوجه؟
ـ الذي فشلت فيه ايران عام 1979 بعد مجيء الخميني للسلطة في ايران، يبدو أن أمريكا بحماقتها تقدمه على طبق من ذهب لايران، ولا يخفى أن طهران تستثمر نفوذها في العراق كورقة ضاغطة في حوارها مع أمريكا وأوروبا حول ملفها النووي، ويلاحظ حاليا ان الضغط الأمريكي على ايران بدأ يخف بعد أن أدركت الادارة الأمريكية ان لدى ايران أوراقا مهمة ومزعجة في العراق.
ومن يتابع الحركة الايرانية يستطيع أن يفهم استمرار ايران في اثارة القضية الطائفية في الوطن العربي، وهو الأمر الذي نشاهده حاليا في الكويت والبحرين والسعودية واليمن، ومحاولتها تفجير التركيبة الداخلية للأقطار العربية حتى تكون في موقف تفاوضي مريح مع العرب وأمريكا في نفس الوقت، وأعتقد أن فكرة الهلال الشيعي ليست أكذوبة عندما وصفها بذلك الملك عبد اللّه الثاني عاهل الأردن، ولكن حقيقة تساندها الأدلة اليومية.


اسرائيل والأكراد

* وماذا عن الأكراد.. وبالتحديد جلال طالباني.. وهل يستطيع بعد زرعه في منصب رئاسة العراق أن يقود البلاد لصالح العراق.. والعراق فقط؟!
ـ منصب رئيس الجمهورية أصبح شرفيا وبصلاحيات محددة، والمشاكل التي يواجهها العراق اليوم أكبر بكثير من أن يكون لجلال طالباني دور فيها، فضلا عن التحفظات العربية على طالباني ليس لكونه كرديا، ولكن لسجله السياسي غير المريح، ويبقى الدور المهم لرئيس الحكومة ابراهيم الجعفري، وقد استطاع الأكراد بالفعل تحقيق مكاسب كبيرة وخاصة ذلك الاتفاق السري المكتوب بين الائتلاف والقائمة الكردية، والذي يضمن للأحزاب الكردية عرقلة العملية السياسية عندما لا تكون في مصلحتها مثل الانسحاب من البرلمان، وإعادة الانتخابات خصوصا وأن هيئة الرئاسة مكونة من ثلاثة كردي وسني وشيعي تصدر قراراتها بالاجماع.


* وماذا عن الدور الاسرائيلي في شمال العراق بمعاونة الأكراد.. وهل يمكن أن تتسع دائرته؟
ـ للأكراد علاقات تاريخية معروفة مع اسرائيل، وهم لا ينكرونها، وقد ازداد نفوذ اسرائيل خلال فترة التسعينيات حينما انفصل الأكراد في شبه دولة مستقلة، وهناك اليوم مكاتب علنية في المنطقة الكردية، وللموساد الاسرائيلي نفوذ سواء عبر الأكراد أو عبر القوات الأمريكية نفسها، والقيادات الكردية نفسها تم الضغط عليها بحيث يكون لاسرائيل نفوذ واسع في العراق، إلا أن العراقيين يستهجنون، وسيقفون ضد أي محاولة للتقارب مع اسرائيل.

حقائق حلبجة

* وماذا عن محاولات اقحام التركمان في العملية السياسية التي يروج لها الاحتلال؟
ـ هذه المحاولات جزء من عملية تفكيك العراق على أسس طائفية وعرقية، وهو نموذج لما يمكن أن يجري في الوطن العربي، واستخدام قضايا الأقليات لهز الكيانات السياسية العربية، فحصه التركمان في الحكم إبان الرئيس صدام حسين كانت أكثر بكثير وعلى أساس أنهم عراقيون وليس تركمان، وكذلك المسيحيون ففي الوقت الذي كان فيه عدد منهم ليس بالقليل يتقلد المناصب العليا وعلى رأسهم طارق عزيز، وكذلك كان الأمر بالنسبة للأكراد، ولكن لم يعد أحد يدرك ذلك الاختلاف العرقي والطائفي إلا بعد الاحتلال.


* وكيف تقيمون تلك التقارير التي تتاجر بقضية استخدام السلاح الكيماوي في حلبجة.. وما هي حقيقتها؟
ـ هناك عدد من التقارير الأمريكية تؤكد توافر أدلة على أن ايران هي التي قامت بضرب حلبجة، وأرى ضرورة أن يخضع ذلك لتحقيق دولي نزيه ومحاكمة المسؤول عنه، ولا ننسى ان تلك الضجة التي أثيرت حول صدام حسين ليست سوى عملية ملفقة لتشويه صورته ونظامه من أجل تبرير الاحتلال أمام الرأي العام العربي والعالمي بعد أن تهاوت كافة الذرائع وتهاوت دعاوى امتلاك أسلحة الدمار الشامل أو العلاقة بأحداث سبتمبر الأمريكية، وجعلهم ذلك يفكرون في أسباب أخرى لتبرير عدوانهم من خلال اظهار نظام صدام حسين بصورة وحشية.
ولم يكن نظام صدام حسين ملائكيا ولكنه لم يكن بذلك القدر من القبح، فله سجل حافل بالانجازات في كافة المجالات حتى جاءت فترة الحصار على العراق التي كانت قاسية بكل المقاييس أعادتهم سنوات إلى الخلف، ومات بسببه كثير من الأطفال والنساء، ويكفي ما ذكرته الجمعية الطبية البريطانية قبل أربعة شهور بوحشية أمريكا وارتكابها جرائم الابادة الجماعية للعراقيين مشيرة إلى استشهاد أكثر من مائة ألف عراقي خلال الغارات الجوية على العراقيين.
وأرجو أن يحدثني أحد عن مشروع واحد أنجز في العراق منذ سقوط بغداد، أو أرني مسؤولا عراقيا اليوم عفيف اليد، ناهيك عن غياب الأمن والاستقرار، إن هدفهم لم يكن نظام صدام حسين، ولكن هدم دولة برمتها ومحو حضارتها.


فيلق الغدر

* كيف تنظرون إلى عملية استبعاد بعض التيارات من العملية السياسية مثل البغدادية والخالصية والتيار الصدري؟
ـ لأنهم محسوبون على العروبيين، فهناك تيار عروبي كبير في أوساط الشيعة، وهو الأكبر والأهم، ولكن التيار المرتبط بايران هو الأكثر فاعلية لدعمه من الحرس الثوري الايراني، ومن هنا نلاحظ أن الذين حاربوا هذه التيارات هم الأحزاب الشيعية الموالية لايران، وفي المقابل نجد التحالف السياسي الواضح بين الشيعة العروبيين والأحزاب الوطنية القومية في العراق.


* هناك تقارير أخرى بوجود اتفاق سياسي بين مقتدى الصدر، والأمريكيين.. ما تقييمكم لها؟
ـ السيد مقتدى الصدر طرح وجهة نظره أكثر من مرة في أنه لن يكون جزءا من الحكومة، وثارت ضده موجة من الغضب، وخاصة تجاه جيش المهدي في حين لم يحدث ذلك ولم تكن هناك أدنى حساسية بشأن المليشيات الأخرى مثل المليشيات الكردية وفيلق بدر وحزب الدعوة، وذلك على الرغم من أن قانون الدولة الانتقالية يؤكد على حلها، ومازال فيلق بدر موجودا وان تغير اسمه إلى منظمة بدر، وهذا ما لاحظناه في تصريح عبد العزيز الحكيم حين قال إنه مستعد بمفرده لحماية المقار الانتخابية بمائة ألف من أفراد فيلق بدر، ونحن بدورنا نتساءل: من أين يمول هذا الجيش الجرار، وما هي ارتباطاته الخارجية، وكيف يتم تسليحه، وما دوره الحقيقي في الشارع العراقي؟ وهناك محاولة مكشوفة لالحاق «فيلق بدر» الذي أطلق العراقيون عليه «فيلق غدر» بالمؤسسة الأمنية كما حدث مع المليشيات الكردية، وكما هو الحال في الحرس الوطني الذي يطلق العراقيون عليه اسم «الحرس الوثني» لدوره القذر وانتهاكه المستمر أثناء ملاحقة القوى الوطنية والمقاومة المشروعة.

تشويه المقاومة


* بمناسبة الحديث عن فيلق بدر.. فهل هناك معلومات عن مشاركته إلى جانب ايران في القتال أثناء الحرب الايرانية ـ العراقية؟
ـ فيلق بدر أنشأته ايران ويرتبط بشكل مباشر بالحرس الثوري الايراني، وقد أجبر ذلك الفيلق الأسرى العراقيين في الحرب سواء بالترغيب أو الترهيب بالانضمام إليه، ويعتبر ذلك الفيلق جزءا من تشكيلات القوات المسلحة الايرانية وقام بعمليات عسكرية ضد الجيش العراقي خاصة وان معظم أعضائه من ذوي الأصول الايرانية.


* وفي مقابل ذلك تلهث وسائل الاعلام الغربية ومن يقف من ورائها لتشويه صورة المقاومة العراقية ومحاولة الربط بينها وبين بعض التنظيمات الارهابية.. في رأيكم لماذا؟
ـ الاعلام الغربي يحاول تشويه المقاومة المشروعة وخلط أوراقها من أجل نزع الشعبية عنها، وذلك من خلال ربطها بجماعة «أبو مصعب الزرقاوي» مثلا أو بالعمليات التي تستهدف المدنيين، ولكن المقاومة الحقيقية تعرف أمريكا حجمها، تمام كما صرح رامسفيلد وزير الدفاع واعترف بأن بلاده غير قادرة على هزيمتها، وعندما تنفق أمريكا أكثر من 200 مليار دولار في مواجهة المقاومة العراقية، فهذا يدل على حجم المأزق الذي تعيشه أمريكا حاليا في العراق.
وأرجو من الجميع ملاحظة أنه لا توجد مقاومة تحظى باحترام شعبي وعالمي مثل المقاومة الوطنية في العراق لدرجة جعلت قلوب الناس كلها معلقة ببطولات المقاومة العراقية، إضافة إلى ان الادارة الأمريكية نفسها لا تسمي المقاومة ارهابا، فبوش نفسه قال إن هذه قاومة مشروعة وأنه لو كان هناك من يحتل وطنه لقاتله، وهناك محاولة أمريكية لإقامة حوار مع المقاومة.
أما الذي يدعي أن المقاومة إرهابا فهدفه تشويه صورتها، ويتمثل هؤلاء في الأحزاب العميلة في الحكومة العراقية، والسبب واضح لأن الاعتراف بشرعية المقاومة يجعل منهم «عملاء لا أكثر».. وينهي مستقبلهم السياسي في العراق بعد كشف موقعهم الحقيقي.


صدام.. والمقاومة

* من خلال خبرتكم في الدراسات السياسية والاستراتيجية العراقية.. هل يمكنكم رسم خريطة المقاومة بوضعها الحالي؟
ـ المقاومة الوطنية العراقية بها شيء من التعقيد والغموض، وهو أمر مقصود تفرضه المتطلبات الأمنية للحفاظ على السرية في مواجهة الاحتلال والعملاء، وتضم المقاومة خليطا من الاسلاميين والوطنيين والبعثيين وأبناء المؤسسة العسكرية العراقية، والعشائر القبلية، اضافة إلى بعض العرب، وهناك جناح سياسي لها ولكنه مازال يعمل تحت الأرض، وتعمل وفق برنامج واضح، ولكن المشكلة تتمثل في وجود التعتيم الاعلامي والسياسي لاظهار المقاومة وكأنها أعمال فردية غير منتظمة تفتقد إلى البرنامج السياسي كجزء من حملة تشويه المقاومة.

* وهل تتفقون مع ما يقال بأن المقاومة هي من الجيش العراقي الذي تم حله؟
ـ تشير بعض المعلومات إلى أن الرئيس العراقي صدام حسين كان قد استعد لهذه المقاومة منذ زمن، وقد لمسنا ذلك من خلال حملة توزيع الأسلحة على العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم بعثيين أو غير بعثيين، وكذلك الاستعداد لتمويل المقاومة، كما يظهر ذلك في التشكيلات التي تم تنظيمها مثل فدائيي صدام وجيش القدس وحزب البعث النواة، وقد كان من المتوقع في ظل عدم تكافؤ الفرص مع قوات التحالف أن يتعرض العراق للاحتلال، وبالتالي كانت هذه التنظيمات تصرفا «احترازيا» واستباقيا لمواجهة حالة الاحتلال وكل هؤلاء يشكلون واحدا من أهم القوى المؤثرة والضاربة في المقاومة العراقية لخبرتهم العسكرية وشبكة العلاقات مع المجتمع العراقي.


مستقبل العراق

* وماهي فرص المقاومة في دحر الاحتلال؟
ـ تاريخيا لم يدم الاحتلال في أي دولة من دول العالم على الرغم من عدم تكافؤ الفرص، ولو نظرنا إلى الاحتلال الأمريكي سنجد أن هناك تحييدا للسلاح المتقدم فهي لا يمكنها على سبيل المثال استخدام قاذفات مثل الـ بي 52 أو الصواريخ المتطورة وفي المقابل فإن المقاومة رغم إمكانياتها المتواضعة تمتلك قوة معنوية عالية فضلاعن معرفتها الكاملة بالبلد.
وتفكر أمريكا حاليا في استراتيجية للهروب العسكري من العراق ولو عدنا إلى أحداث العامين الأخيرين سنجد أنه في البداية لم يكن لديها ما يشير إلى تشكيل حكومة عراقية بل فرحت بصدور قرار مجلس الأمن بوصفها قوة احتلال لاستئثارها بالكعكعة العراقية بمفردها، ولكن أمام قوة ضربات المقاومة قدمت تنازلات كبيرة جدّا فظهر لنا مجلس الحكم... ثم ما سمي بإعادة السيادة إلى العراقيين وحكومة مؤقتة وقانون انتقالي ثم انتخابات، ويدلل لنا كل ذلك أن أمريكا تعيد أوراقها لكي تهرب وليس هناك سوى المقاومة التي كانت وراء انسحاب القوات الإسبانية والكرواتية وغيرهما، إلا أن أمريكا تخشى من عواقب الانسحاب غير المنظم وكذلك هيبتها، ولذلك فهي تكابر، ولكن ذلك لن يطول خاصة أن أرقام الخسائر أضعاف ما هو معلن.. وبالتالي... فالمقاومة.. والمقاومة فقط هي القادرة على إنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق.


* في تقديركم كيف ترى وضع العراق في المستقبل؟
ـ العراق أمام مفترق طرق إما جلاء الاحتلال أو حرب أهلية محتملة ذات صبغة طائفية أو بمعنى أدق حربا سياسية بين الأحزاب الطائفية، وهناك قوى خارجية مثل ايران واسرائيل تتمنى ذلك، ولكن المطلوب هو اجلاء الاحتلال وخروج الأحزاب العميلة التي جاءت فوق الدبابات الأمريكية وعندها تظهر أهمية المشروع الوطني العراقي الذي سيحدد مستقبل العراق.



الدكتور ظافر العاني :

مشروع الشرق الأوسط الكبير رهين نتائج المشهد العراقي

حوار فاطمة بن عبد الله الكراي - الشروق
غادر العراق بعد معركة حاسمة مع الاحتلال يوم 9 افريل 2003 في الأعظمية مقر سكناه، وقد ترك وراءه ذكرى تسكنه وذكرى تتملّك بلده: لابدّ للاحتلال من مقاومة...
هو ابن العراق وأحب بلده ودافع عن الحرية والشرعية والقانون ولايزال، مؤمنا بهذه القيم الحضارية والأكاديمية لا لأنه استاذ العلاقات الدولية في جامعة بغداد والى يوم رحيله عن العراق باتجاه «دبي» الامارات، بل لأن منطق الاشياء هو كذلك.
خرّيج جامعة بغداد يقول عن نفسه انه «صناعة محلية» ويجزم انه لم يغادر العراق الا متى وقع احتلاله من الامريكان. واجزم انا من جهتي وقد استضفته لحديث الاحد عبر الهاتف من مقر اقامته بدبي، ان الرجل يعطي انطباعا بأنه له صولات وجولات في كل انحاء العالم، وانه لما يحدّثك عن «كوريا الشمالية» او عن فلسفة الحكم في امريكا تظنه جاب الغرب والشرق... مطّلع شديد الاطلاع على احوال بلده الجريح مفعم بالثقة وبالتفاؤل تجاه مستقبل الامة والعراق وفلسطين... هو قومي التوجه عروبي الهوى لكنه ليس متحزّبا ولا ينتمي قبلا ولاحقا لحزب «البعث» الذي حكم العراق... وفي ذلك لا يرى الدكتور ظافر العاني نقصا ولا «سُبّة» كما يقول..
استاذ العلاقات الدولية بجامعة بغداد فترة ما قبل 9 افريل 2003 وهو الآن مدير برنامج الدراسات العراقية بمركز الخليج للأبحاث بدبي، بعد الاحتلال بشهور وصل العرض من الامارات فخرج وقلبه وكيانه في وطنه، وعقله وفكره في المقاومة التي يرى فيها الحصن المنيع للعراق وللأمة وحتى لبعض الأنظمة في المنطقة... أب لثلاثة أولاد يسكنه فخر فيهم ومنهم انهم كانوا من اول ابناء العراق الذين صدموا الامريكان، وكسّروا الكذبة القائلة ان العراقيين سيعترضون جلاّديهم ومحتلّيهم بالورود، فكان نصيب جنود امريكان في الأعظمية حجارة مباركة من يد ابن العاني الذي لم يبلغ وقتها (افريل 2003) سنّ العاشرة فأشهر في وجه البريء كمشة من المارينز سلاحهم القاتل.. ولاحقوه حد المنزل... كلهم مقاومون ابناء «العاني» وابناء كل العراق، وحتى الذين اخذتهم العاطفة والاندفاع وتأثروا بخطاب موال للاحتلال، فأنهم سيستفيقون وتكون نتيجة المحاسبة: خروج الدبابات الامريكية وعلى ظهرها من ركب صهوتها وأذّى «بلده» العراق... الدكتور ظافر العاني، رأيناه محللا سياسيا هادئا، ومحبّا لوطنه وأمته كما لا يحبّها احد..
قبل لقاء «الشروق» في «حديث الاحد» وقد كان لبنان وسوريا وايران وكوريا الشمالية الى جانب المشهدين العراقي والفلسطيني مواضيع ماثلة في البال والجواب والسؤال..
«لست منتميا حزبيا لا لحزب البعث ولا لغيره من الاحزاب، وليست لي ارصدة في العراق ولا بيت املكه بالعراق» ولكن كل العراق ساكن فيه فتحسّه المدافع عن القانون والشرعية والحقيقة وعن التاريخ وعن الهوية... يردف كلامه وهو يمرّ: هم (الامريكان ومن معهم) يعرفون من هو المنتمي من اللامنتمي الى حزب «البعث» ولهم قائمة بل قوائم بكل ما يريدون من معلومات، لكن ان يكفّ عن حبّ العراق ونصرة المقاومة فهذا ما لا يقدر عليه اي طرف.. السؤال الاول كان كالتالي عن المشهد العام في العراق، اذ قلت لمحدثي بعد التحدث عن المشهد العام.


* دكتور العاني، الآن انتهت حلقة سياسية في المشهد العراقي هي الانتخابات، وبكل ما فيها من نواقص او ايجابيات وسلبيات هي محطة وحدثت. هل لك ان تكشف لنا مدى ارتباط هذه المحطة بحاضر ومستقبل العراق من حيث انه بلد محتل ومن حيث انه بلد مقاوم للمحتل؟
ـ علينا ان نقرّ بحقيقة انه ما كان من المتخيّل ان قوات الاحتلال ستسمح للقوى السياسية بأن تستلم شيئا من السلطة لولا المقاومة اي ان الانتخابات وعلى هناتها القانونية، ما كانت لتجد لها مكانا في الأجندة الامريكية لولا المقاومة الوطنية العراقية.. كانت امريكا تتحدث عن احتلال عسكري للعراق لمدة 5 سنوات وعندما رأت المخالب المؤذية للمقاومة اجرت مثل هذه التعديلات على الخطة الاصلية. والآن امريكا في هذه الانتخابات تحاول ان تفكر في مخرج. الانتخابات في المحصلة هي نجاح لجهد المقاومة العراقية ليس هناك قوى سياسية عراقية من التي شاركت أو التي لم تشارك ليست لها رغبة في الديمقراطية فهناك مطالب المصالحة الوطنية واعلان جدول زمني لخروج القوات الأمريكية من العراق والمقاومة تعتقد ان الاولوية في ايذاء الاحتلال ومقارعته وليست السلطة والمناصب الحكومية او العراق كعكة يتقاسمه الفرقاء. أمريكا لا تريد نشأة أفكار وحساسيات سياسية في العراق، والذين قاطعوا الانتخابات برهنوا على انهم كتلة سياسية وسكانية هائلة اي أكثر من من الشعب العراقي. وهؤلاء ليسوا كلهم سنّة ولكن تصطف الى جانبهم قوى وطنية مسيحيون وشيعة وأكراد...
الانتخابات بهذه الصفة وحتى وإن كانت موصوفة بالقانونية فهي ناقصة الشرعية.
أولا : لأنها تجري في ظروف احتلال.
ثانيا : لأن قانون الانتخاب وضعته قوة الاحتلال ذاتها.
ثالثا : لأن هناك تسجيلا لا لمقاطعة واسعة.
رابعا : غياب الرقابة الدولية عن هذه الانتخابات.
هذا اضافة الى انها انتخابات تجري في ظروف عنف غير عادية، فهذه مدرعات تجوب الشوارع وحظر للتجول، وهناك تدخل من مرجعيات دينية، أدت الى وضع بصمة طائفية واثنية على عملية الانتخابات بحد ذاتها. حتى التصويت جرى وفق تأثير مباشر في قوى دينية واثنية بحيث تجد ان الناس لم يصوّتوا وفق انتماءات سياسية، بل وفق مرجعيات اثنية ودينية. أما القائمات ففيها «شخصنة» : هذه قائمة «الباجه جي» وهذه قائمة «السيستاني» وأخرى قائمة «العلاّوي»... هذا مؤسف إن كنا نريد الحديث عن ديمقراطية... بهذا الشكل تبدو الديمقراطية وكأنها نبتة شيطانية والا كيف نتصور حرية بالإكراه؟
يا سيدتي، هناك انقلاب فلسفي تام على كل الأسس الفكرية والمرجعية القانونية، لهذه الديمقراطية وبقطع النظر عن الذين يسقطون جرّاءها من اجل نيلها فلا نظن ان هناك ديمقراطية نناضل من اجلها وتكون خالية من الحرية والبناء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الحر... لكن ما لا تقوله أمريكا ولا تجاهر به هو انها أرادت «ديمقراطية» في العراق تخدم مصالحها وليس لمصلحة العراقيين.
هناك طبعا قوى سياسية طائفية أرادت ان تستهوي وتستميل عاطفيا ذاك الزخم الشعبي والعاطفي للحصول على مصالح ضيقة وقصيرة المدى، لكنها لن تفلح في ماأرادت وخططت لأن الشعب مآله ان يستفيق من هذه الكبوة وهذا الزلزال العنيف الذي مس بلدنا ووطننا العراق.


* هل تقصد استمالة الزخم العاطفي والشعبي، الطائفة الشيعية التي تحدثت باسمها عشرات القائمات واستند كلهم الى المرجعية الدينية العليا؟ ثم هل تقصد ان ايران مثلا هي الرابح او المستغل لهذه الفرصة التي ذكرت الآن في العراق؟
ـ يعني ما فشلت فيه ايران طوال سنوات منذ مجيء الخميني في «« الى احتلال العراق، ما فشلت فيه لخلق حكومات عميلة لها الآن أمريكا تساعدها في ذلك. أمريكا تعارض مثل هذا النهج الايراني، لكنها ساعدت الآن على ايجاد «آية الله» عراقي.. طبعا قلت لك في ظل هذا المناخ المشحون بالعاطفية والادعائية واستغلال معاناة السكان لكسب أصواتهم لصالحهم مع التهديد بسحب البطاقة التموينية، لكن هذا الامر سينتهي.
العراقيون في النهاية سيضعون هذه القوى على المحك، وسوف تتغلب مصالحهم الطبقية على الانتماءات المفروضة عليهم. وفي المحصلة هؤلاء عراقيون من أرادوا ان يتلاعبوا بمصالح الشعب، لأن هذه القوى لم تحاك عقول الناس بل استفزت غرائزهم... تآلفت هذه القوى (الائتلاف العراقي الموحد) في ائتلاف لعشرات الاحزاب واستعانت بـ»السيستاني» ليقنع العراقيين المغيّب ذهنهم الواعي لاصطياد انتماءاتهم البدائية... لكن لم يدم هذا الامر، اذ يبقى الواعز الوطني هو الأساس وسوف يطفو على السطح ثانية ليفرز الخناق وليفرز المشهد العراقي جيدا...


* هذا يعني ان دكتور العاني له ثقة لا حدود لها بالعراقيين، هل لك ثقة بهذا النهج الذي يسكن عقول العراقيين أبناء وطنك؟
ـ سوف يستعيد العراقيون وعيهم، ليس لأنهم أصحاب حضارة فقط، بل لأن الشعب العراقي مثله مثل شعوب الدنيا، عندما تمر بعملية الزلزلة تكون عقلية القطيعة هي المسيطرة ثم بعد مدة ستهدأ هذه الفورة وسيفكر العراقيون بمصالحهم الوطنية دون شيء اخر وسيكنسون الاحتلال ومن ساند الاحتلال بلا رجعة.


* المشهد العربي الاقليمي في تداعياته نجده يتماسك ويترابط تارة وينقسم على ذاته طورا آخر. فهذا مشروع شرق أوسط يزلزل العراق ويدمي لبنان وسوريا، وهذه مقاومة في العراق وأخرى في فلسطين تتكسر على صخورها أمواج الاحتلال والمؤامرة، من جهتك كيف تربط هذه الامور او كيف تراها في كليتها وفي جزئياتها؟
ـ هناك مشروع أمريكي شرق أوسطي معروفة أهدافه، لكن كل مشاريعها (أمريكا) معلقة على النتائج التي تجري في العراق. هيبة أمريكا وسمعتها الدولية، كلها امام امتحان عسير في العراق سيحدد مصير امريكا في العراق. هذا الامر أدى الى :
أولا أمريكا التي كانت مهووسة بالتغيير السريع في الشرق الاوسط، تثاقلت خطاها الآن بسبب ما تتكبده في العراق، لقد أرادت للعراق أن يكون أنموذجا للتغيير فإذا بالمقاومة العراقية هي التي تصبح أمثولة للمقاومة الوطنية التحررية في العالم. لو لم يكن هناك رفض عراقي ينشط يوما بعد آخر، لأصبحت أمريكا مفترسة. لكنها الآن تضغط هنا وتسترضي هناك، وأقدامها مقيدة بالمأزق العراقي.
على العرب الذين يعون الخطر الكبير الذي تطوي عليه الاستراتيجية الامريكية عليهم ان يعترفوا ان الذي عرقل أنياب أمريكا عنهم هي المقاومة الوطنية العراقية، وبالتالي من العيب ان لا تجد هذه المقاومة التي تدافع عن الامة بأسرها، اي نظام عربي يسندها بالرغم من التلويث الذي تتعرض له، الا انها كسبت قلوب وتوجهات الجماهير العربية، بحيث أصبحت «الفلوجة» رمزا وانتماء، قد تجدين تونسيا يقول لك فخرا أنا من «الفلوجة» وبصريا يقول لك أنا من «الفلوجة»، ومصريا يقول نفس الشيء لأن الجميع عاش لحظات العز والكبرياء في الفلوجة... ولأنها أصبحت ترميزا لمعنى المقاومة.
أنا أظن ان هناك واجبا أخلاقيا ومصلحيا على الامة العربية حكاما ومحكومين ان يقدّموه بالمساعدة الجدية والحقيقية للمقاومة العراقية...


* الاحداث في الوطن العربي تأخذ منحى لولوبيا، فهذه بؤرة جديدة في لبنان وأخرى في السودان وثالثة في سوريا والقادم أعظم... كيف تفسر لنا هذه الاحداث من حيث مراميها ومن الجهة او الجهات المتحكمة فيها؟ ثم وعلى نفس الوتيرة، أردت منك ربطا وتعليقا بما حدث للرئيس الحريري وردات الفعل التي تلت الحادث؟
ـ الادارة الأمريكية تدخل الآن مرحلة أخرى في استراتيجيتها فهي لا تستطيع ان تدخل في مقاومة النظم العربية الوطنية، وبذلك تمارس سياسة جديدة بأن تبعد هي عن الصورة في مقتل المرحوم الشهيد الحرير نجد بعض القوى السياسية هيأت نفسها مسبقا. ليس فيها انتهاز للفرصة بل ترتيب مسبقا وفق خطة قديمة وليست وليدة الحدث. هنا اذا جاز المقام ان أقدّم نصيحة من واقع العراق، أقول ان الحكومات العربية وبالذات تلك التي ذات المسحة الثورية في علاقتها بأمريكا وكلما قدمت تنازلا كلما طولبت بالمزيد الى ما لا نهاية له، اذا لم تقبض على جمر المبادئ فإنها ستنتهي وستكون في النهاية مطالبة بالمزيد والمزيد...
التصلب في الموقف المبدئي هو الوحيد الذي يضمن تواصل المبادئ.
لاحظنا ان العراق وبمجرد ان أبدى مرونة كيف اصبح مطالبا بالمطالب المهينة، وكلما قدّم واعطى رسالة الى الطرف المقابل في انه اصبح ضعيفا كلما ازدادت طلباتهم...
لاحظي سيدتي، «كوريا الشمالية» تركل أمريكا كل يوم وأمريكا ما تزال تتحدث عن حل ديبلوماسي.
عندما أظهرت سوريا شيئا من المرونة تجاه الصراع العربي ـ الصهيوني بدأت السهام توجه اليها ومن كل حدب وصوب.

* لكن يا دكتور، لكوريا جبل يحميها، وظهر يقيها، إن أردت اسمه الصين، وإن ابتعدت اكثر في الجغرافيا السياسية تجد ان اسمه اليابان، فهذا الحليف الامريكي لن يرضى بزلزال جديد على ضفافه مهما عاد نظام كوريا الشمالية. فهؤلاء قوم يفكّرون ولا يعبثون؟
ـ سوريا لها ظهر كبير، ومهم وهو العمق العربي. ولكن هذا الظهر ليس مكسورا بل القائمون عليه فتّتوه. لذلك اعتقد اننا نعيش اليوم في اكثر الفترات في غياب التضامن العربي حتى في حده الادنى. بل نحن نزلنا تحت سقف الخط الاحمر في الحد الادنى. عندما تقبل دول عربية ان تنطلق جيوش احتلال لبلد عربي من أراضيها، ماذا بقي في الحد الادنى؟ المؤسف ان في الوقت الذي يظهر فيه الشعب العربي وعيا بالمخاطر تكون الانظمة دونه.
هناك احساس شعبي بالتضامن اعلى بكثير من التضامن ا لرسمي.
سوريا تستطيع ان تستند على الدعم الشعبي ولكن لسوريا ايضا مخالبها... فلا يظنن ان سوريا ضعيفة...


* إيران دعت الى جبهة تصدي وقد طالعت المقترح، هل يمكن ان يفيد السوريين في هذا التوقيت؟
ـ نحن جرّبنا ايران في العراق. وأقول بضمير مطمئن ان من يتكئ على الجدار الايراني فانه سيتهاوى سريعا معه. ايران صاحبة مواقف متلوّنة، وهي مستعدة للتنازل عن اخلص حلفائها حالما تقتضي مصالحها. والتحالف الايراني السوري هو تحالف هش وغير مبدئي.


* القضية الفلسطينية افرزت حالة مقاومة شعبية والقضية العراقية أفرزت حالة مقاومة متجددة، ألا تخاف امريكا واسرائيل من هذه الحالة وامتداداتها.
ـ طبعا امريكا مرعوبة الآن من أن تكون للمقاومة امتداداتها العربية ـ الاسلامية لذلك هي تتحدث عن اجانب (العرب) في العراق، ولا تستطيع ان تقدّم تفسيرا لوجودها العسكري كأكبر اجنبي في العراق.
التضامن العراقي الفلسطيني بمستوى المقاومة، ليس ظرفيا ولا هو مصلحي، بل هو تضامن مبدئي وقيمي وديني، فشواهد قبور العراقيين ما تزال في فلسطين، جنين .
وقبور الشهداء العراقيين ما تزال شواهد في «الجزائر» وفي «مصر» وفي «اليمن» وفي «فلسطين». بالنسبة للقضيتين لهما خصوصيتهما الان. لأن الخصوم متحالفان ومشتركون. هذا الاحساس هو الذي يعبّر عن نفسه بالتضامن الواسع بين شعبين يشعران بغبن الاحتلال وبأنهما يدفعان ضريبة قاسية نيابة عن أمته بأكملها.
وهنا ارجع وأعود الى موضوع الجبهة مع ايران، نعم رأيته واطلعت عليه. لا بأس ان تناور هاتان الدولتان، لكني غير مرتاح الى ان تضع سوريا بيضها في السلة الايرانية. لأن طهران ستكسره ما إن وجدت ان ذلك يصب في مصلحتها.


* لسائل ان يسأل عن الموقف الايراني في الاحتلال الامريكي، فهي تغضّ الطرف عنه في العراق، والآن تريد او تعلن محاربته في لبنان وسوريا. كيف تفسّر هذا الموقف المتناقض؟
ـ حقيقة اولا ايران تدرك تماما ان خروج الامريكان من العراق يعني خروج حلفائها ايضا على الدبابات الامريكية مثلما جاؤوا اليها. وبالتالي ليس متصوّرا ان يكون هناك طلب من هذا النوع في العراق، هي تريد ان تترسخ الاحزاب والقوى السياسية المرتبطة بها في العراق وان تنصّب حكومة تكون اشبه بكيس الرمل الذي يمنع عنها أذى السياسة الامريكية.
فهذه جبهة الصد التي تتحدث عنها ايران ليست حقيقية. فتجارب ايران في العراق وفي افغانستان وفي اذربيجان تؤكد بان ليس للايرانيين اصدقاء حقيقيين. فهي مستعدة للتنازل عن الاصدقاء مثلما هي مستعدة بشكل اكبر التنازل عن المبادئ بسهولة. ايران تتفاخر حتى الآن على لسان مسؤوليها، أنه لولا ايران لما استطاعت امريكا فعل شيء في افغانستان والعراق.
هل يمكن ان تصدّق الان انها تريد من امريكا أن تخرج من العراق. هناك فتوى صدرت في 91 بايران حول الجهاد المقدّس ضد امريكا ايتني بشخص واحد طبّق هذه المقولة. إيران تعتمد مبدأ التقية في علاقاتها الدولية وفي سياساتها الخارجية.


* دكتور، سيقولون ان كلامك هذا كلام فيه حقد بعثي، وانك تنظر للأمور من منظار حزبي ضيّق او ربما «شوفيني»؟
ـ حقيقة أولا اتحدث عن سياسات حكومة وليس عن شعب، تربطنا به علاقات تاريخية وأخوّة دينية تمتد لقرون. ثانيا انا لست حربيا ولا بعثيا بل مواطن عراقي ساءه ما رأى فيه بلده، وأنا اتحدّث عن سياسات لحكومات تدفع ثمنها الشعوب الايرانية والعربية انا اتحدّث عن دوائر صنع القرار، ثم انه ليس عيبا أني عروبي وقومي وعراقي، فهذه ليست «سبّة»، الآن هناك محاولة لبث نزعة شوفينية داخل ايران ذاتها.
الآن كل الدول المسلمة غير العربية تدين بالفضل للعرب بأنهم كانوا حملة راية الاسلام اليهم الا ايران لا تقرّ بذلك.


* الآن وبعد هذا الذي حدث هل انت متفائل بعروبة العراق ام بك خوف عليها؟
ـ لا شك هناك خطر على عروبة العراق، لا أحد يسطتيع ان ينكره. هناك قوى محلية تحاول ان تفصل العراق عن محيطه العربي وهناك من يحاول ان يضع الخنادق ما بين العرب انفسهم في العراق، مثل التمذهب والقبلية والاثنية. ولكن انتماء العراق العروبي هو انتماء فطري مثلما هو مصلحي ايضا. لذلك لاحظنا مثلا، أنه حتى وزير خارجية العراق الآن، ككردي اول شيء. فعله هو ان يستعيد العراق مقعده في الجامعة العربية. السلطة تفرض موجباتها على صنّاع القرار، وتؤكد ان مصالح العراق العليا هي في الوعاء القومي. فهناك شدّ وجذب بين اسرائيل وايران واحزاب سياسية مشبوهة الان في العراق لانهاء العراق بعروبته، ولكن العراقيين ما يزالون حتى اليوم متمسكين.
هناك تأكيد في الاعلام زورا والعراقيون دفعوا ثمن انتمائهم القومي، او شعارات مثل العراق اولا. والعراق للعراقيين، لكن العراقي ما يزال الى اليوم اول نشيد يسمعه في المدرسة: بلاد العرب اوطاني. والعراقيون عرب اقحاح كلّما تشتد التحديات على العراقيين كلما يجدون انفسهم اكثر التصاقا بأمتهم وعالم اليوم هو عالم متكتل التكتلات الكبرى. والشعوب والدول الصغيرة ليس لها مكان تحت الشمس، وبالتالي على العرب ان يدركوا بغياب وحدتهم سيكونون نكرات او كائنات غريبة في عالم الكتل الكبيرة.

شبكة البصرة

الجمعة 27 ربيع الاول 1426 / 6 آيار 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس

http://www.albasrah.net/maqalat_mukhtara/arabic/0505/dafr_060505.htm

محمد دغيدى
07-05-2005, 01:11 PM
ظافر العانى كنت باشوفه فى الفضائيات بيندد بنظام صدام ويقوم فى نفس الحلقة بالدفاع عن العراقيين