عبدالغفور الخطيب
30-04-2005, 08:15 PM
بمناسبة عيد العمال
قليلة هي الإشارات التي قبل الاسلام عن العمال ، فقد كانت قبله تندرج تحت باب العبودية .. فكان الأفراد يقسمون أيام حمورابي واليونانيين الى أحرار وعبيد .. فكانت قوانين حمورابي تشير الى ذلك ( من ضرب امرأة واسقط ما في جوفها عليه أن يدفع عشرة شواقل من الفضة اذا كانت حرة وخمسة اذا كانت غير حرة (عبدة) . وعند اليونان والرومان كان لا يحق للعبيد أن يشتركوا في اختيار مجالس الحكم ولا تؤخذ لهم مشورة .
أما في صدر الاسلام فقد ورد على لسان الرسول الكريم ( أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) . كما ورد في سرد سير القضاء أشكال من قضايا الأجراء والعمال مما يوحي باحتلالها مساحة واسعة في الشأن الاسلامي . وقد كانت ثورة الزنج وحركة القرامطة ، على هامش قضايا عمالية في أساسها .
أما بعد الثورة الصناعية ، وانتقال الحرف من البيوت الى المصانع والمشاغل الكبرى ، ففي حين كان الخياط يفتح دكانه البسيط على الشارع ، وهناك باب يوصل الى داخل بيته ، تساعده زوجته في تثبيت بعض الأزرار ، وتناوله لقمة او كوب عصير .. فكان يمتزج العمل بروح الأسرة وحنانها ، حتى لا يزال يقول الناس هذا أكل بيت وليس أكل سوق ، وهذا عمل بيتي وليس تجاري !
وبعد عدم قدرة أصحاب العمل البيتي ، على الصمود في وجه المصانع والمشاغل الكبرى ، كان لا بد لهم ان ينضموا الى تلك الكيانات الجديدة ضمن تنافس الكثير منهم على الدخول إليها ، فكان الاستبداد والضغط وطول ساعات العمل والأجر البسيط ، مما جعلهم ينتجوا فكرا ، يتلمس خلاصهم فكانت أول نقابة لعمال الخياطة في بريطانيا أواسط القرن الثامن عشر .
ثم تلتها نقابات عدة وفي مناطق أوروبا و أمريكا واستراليا ، حيث بدت معالم التغيير الصناعي (الثورة الصناعية ) . حتى جاء 1أيار من عام 1886 م عندما تجمع أكثر من 350 ألف عامل في الولايات المتحدة الأمريكية مطالبين بتخفيض ساعات العمل واعتبار ذلك اليوم عيدا للعمال ، ما لبث وأن أصبح عيدا وطنيا لكل العمال في العالم .
أما في بلادنا العربية ، والتي جاءت لها فكرة النقابات كتقليعة لا كضرورة ، فان النقابات العمالية تنفرد بمظاهر قد لا تشاركها فيه أي تجمعات عمالية في العالم :
1ـ ان النقابات العمالية تتشكل في إرادات خارج الجسم العمالي ، وربما قبله في بعض الأحيان . فتأتي بقرار من الدولة لغاية التباهي أمام العالم ، او تأتي بقرار من نخب فكرية تحاول رسم صور مجتمع مدني وفق ثقافتها لا وفق الواقع.
2ـ ان الناطقين الثقافيين أو مثقفين العمال في البلاد العربية ، لم يكونوا مثقفين عضويين ، بل كانوا باستمرار ناطقين باسم جماعات تتزين بالعمال وتتخلف عنهم بفهم حالهم ، وتتباهى على العمال كونها قادرة على التعبير دون فهم ، في حين ان العمال يفهموا أوضاعهم دون القدرة على التعبير !
3 ـ ان عمال البلاد العربية ، لا يتشبثون بمهنهم كثيرا ، فسرعان ما يغيرونها من صنف الى صنف آخر ، مما أفقد الأمة فرص تراكم مهني أو حرفي يسهل ، تدوينه وتوثيقه من أجل تطويره ، وزجه بقوانين تتماشى مع روح التطور العالمي ، فبات الفكر العمالي متخلفا عما هو لدى الحكومات العربية !
4ـ رغم أن أدبيات الأحزاب العربية ، لا تخلو فقرة من فقراتها من نص يشير الى الحرص على العمال ومصالحهم ، إلا انه في الحقيقة ، لم تظهر هذا الحرص من خلال تطوير الخطاب السياسي الذي يشير الى فهم جاد لمثل ذلك الحرص .
5ـ لغياب قيادات عضوية عمالية ، تأخذ حقها كشريك صميمي لكل دوائر صنع الفقه السياسي في الأقطار العربية ، فقد استقوت الحكومات على معارضيها ، وأصبحت تغير من سياسات لا تتماشى مع مصالح أقطارها كالخصخصة ، واستجلاب المستثمرين وبيع مؤسسات الشعب ، والأمثلة كثيرة ، مصر الأردن الجزائر .
6ـ لم تزل الأحزاب غافلة لموضوع دعم استنهاض مؤسسات العمال والكف عن التدخل بشؤونها الى يومنا هذا ، ولو وعت لتلك الحقيقة لقدمت خير خدمة ، ليس للعمال فحسب بل ولها أيضا ، حيث تكون أما استحثاثها لتطوير خطابها الإنتاجي ، ولتطوير وسائل تعاطيها السياسي ، وهذا من شأنه ان يدفع بعجلة تقدم الأقطار العربية ، ويفتح المجال أمام حوار من أجل وحدة واعية ..
بهذه المناسبة نتقدم بأسمى التبريكات والتهاني لكل عمال الوطن العربي ، ونشد بأيدينا على أيدي عمال فلسطين والعراق ، داعين المولى عز وجل ان يفرج همومهم وهموم الأمة .
قليلة هي الإشارات التي قبل الاسلام عن العمال ، فقد كانت قبله تندرج تحت باب العبودية .. فكان الأفراد يقسمون أيام حمورابي واليونانيين الى أحرار وعبيد .. فكانت قوانين حمورابي تشير الى ذلك ( من ضرب امرأة واسقط ما في جوفها عليه أن يدفع عشرة شواقل من الفضة اذا كانت حرة وخمسة اذا كانت غير حرة (عبدة) . وعند اليونان والرومان كان لا يحق للعبيد أن يشتركوا في اختيار مجالس الحكم ولا تؤخذ لهم مشورة .
أما في صدر الاسلام فقد ورد على لسان الرسول الكريم ( أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) . كما ورد في سرد سير القضاء أشكال من قضايا الأجراء والعمال مما يوحي باحتلالها مساحة واسعة في الشأن الاسلامي . وقد كانت ثورة الزنج وحركة القرامطة ، على هامش قضايا عمالية في أساسها .
أما بعد الثورة الصناعية ، وانتقال الحرف من البيوت الى المصانع والمشاغل الكبرى ، ففي حين كان الخياط يفتح دكانه البسيط على الشارع ، وهناك باب يوصل الى داخل بيته ، تساعده زوجته في تثبيت بعض الأزرار ، وتناوله لقمة او كوب عصير .. فكان يمتزج العمل بروح الأسرة وحنانها ، حتى لا يزال يقول الناس هذا أكل بيت وليس أكل سوق ، وهذا عمل بيتي وليس تجاري !
وبعد عدم قدرة أصحاب العمل البيتي ، على الصمود في وجه المصانع والمشاغل الكبرى ، كان لا بد لهم ان ينضموا الى تلك الكيانات الجديدة ضمن تنافس الكثير منهم على الدخول إليها ، فكان الاستبداد والضغط وطول ساعات العمل والأجر البسيط ، مما جعلهم ينتجوا فكرا ، يتلمس خلاصهم فكانت أول نقابة لعمال الخياطة في بريطانيا أواسط القرن الثامن عشر .
ثم تلتها نقابات عدة وفي مناطق أوروبا و أمريكا واستراليا ، حيث بدت معالم التغيير الصناعي (الثورة الصناعية ) . حتى جاء 1أيار من عام 1886 م عندما تجمع أكثر من 350 ألف عامل في الولايات المتحدة الأمريكية مطالبين بتخفيض ساعات العمل واعتبار ذلك اليوم عيدا للعمال ، ما لبث وأن أصبح عيدا وطنيا لكل العمال في العالم .
أما في بلادنا العربية ، والتي جاءت لها فكرة النقابات كتقليعة لا كضرورة ، فان النقابات العمالية تنفرد بمظاهر قد لا تشاركها فيه أي تجمعات عمالية في العالم :
1ـ ان النقابات العمالية تتشكل في إرادات خارج الجسم العمالي ، وربما قبله في بعض الأحيان . فتأتي بقرار من الدولة لغاية التباهي أمام العالم ، او تأتي بقرار من نخب فكرية تحاول رسم صور مجتمع مدني وفق ثقافتها لا وفق الواقع.
2ـ ان الناطقين الثقافيين أو مثقفين العمال في البلاد العربية ، لم يكونوا مثقفين عضويين ، بل كانوا باستمرار ناطقين باسم جماعات تتزين بالعمال وتتخلف عنهم بفهم حالهم ، وتتباهى على العمال كونها قادرة على التعبير دون فهم ، في حين ان العمال يفهموا أوضاعهم دون القدرة على التعبير !
3 ـ ان عمال البلاد العربية ، لا يتشبثون بمهنهم كثيرا ، فسرعان ما يغيرونها من صنف الى صنف آخر ، مما أفقد الأمة فرص تراكم مهني أو حرفي يسهل ، تدوينه وتوثيقه من أجل تطويره ، وزجه بقوانين تتماشى مع روح التطور العالمي ، فبات الفكر العمالي متخلفا عما هو لدى الحكومات العربية !
4ـ رغم أن أدبيات الأحزاب العربية ، لا تخلو فقرة من فقراتها من نص يشير الى الحرص على العمال ومصالحهم ، إلا انه في الحقيقة ، لم تظهر هذا الحرص من خلال تطوير الخطاب السياسي الذي يشير الى فهم جاد لمثل ذلك الحرص .
5ـ لغياب قيادات عضوية عمالية ، تأخذ حقها كشريك صميمي لكل دوائر صنع الفقه السياسي في الأقطار العربية ، فقد استقوت الحكومات على معارضيها ، وأصبحت تغير من سياسات لا تتماشى مع مصالح أقطارها كالخصخصة ، واستجلاب المستثمرين وبيع مؤسسات الشعب ، والأمثلة كثيرة ، مصر الأردن الجزائر .
6ـ لم تزل الأحزاب غافلة لموضوع دعم استنهاض مؤسسات العمال والكف عن التدخل بشؤونها الى يومنا هذا ، ولو وعت لتلك الحقيقة لقدمت خير خدمة ، ليس للعمال فحسب بل ولها أيضا ، حيث تكون أما استحثاثها لتطوير خطابها الإنتاجي ، ولتطوير وسائل تعاطيها السياسي ، وهذا من شأنه ان يدفع بعجلة تقدم الأقطار العربية ، ويفتح المجال أمام حوار من أجل وحدة واعية ..
بهذه المناسبة نتقدم بأسمى التبريكات والتهاني لكل عمال الوطن العربي ، ونشد بأيدينا على أيدي عمال فلسطين والعراق ، داعين المولى عز وجل ان يفرج همومهم وهموم الأمة .