منصور بالله
27-04-2005, 11:04 AM
انسحاب سوري حزين
2005/04/26
عبد الباري عطوان
انسحبت يوم امس آخر القوات السورية من لبنان، منهية مرحلة استمرت تسعة وعشرين عاما من الدور السوري الامني والسياسي المهيمن. انه يوم سعيد بالنسبة الي الكثيرين ممن يقفون في صفوف المعارضة، ويوم حزين بالنسبة الي اولئك الذين يقفون، او من بقي منهم، في معسكر الموالاة .
لبنان اصبح حرا من الناحية النظرية، خاليا من اي قوات اجنبية، وسورية اصبحت معفاة من اي مسؤولية تجاه تطبيق قرار مجلس الامن الدولي رقم 1559. فقد نفذت الشق المطلوب منها بالكامل، واكملت الانسحاب في موعده مثلما اصر الامين العام للامم المتحدة السيد كوفي عنان، ومثلما طالب الرئيس الامريكي جورج بوش وبعض حلفائه العرب.
لم يعد الرئيس بوش يستخدم الوجود السوري في لبنان كذريعة للتهديد والوعيد، ولكنه لن تعوزه الذرائع علي اي حال طالما ان المشروع الامريكي في العراق يصطدم بالفشل المضاعف يوما بعد يوم.
انه امر محزن ان ينتهي الدور السوري في لبنان بهذه الطريقة الكئيبة، فقد كان من المفترض ان يتم هذا الانسحاب وسط احتفالات شعبية ضخمة، يقذف اثناءها اللبنانيون الجنود السوريين المنسحبين بالورود والرياحين والارز بسبب دورهم في انقاذ بلادهم من الحروب الاهلية ولكن هذا لم يحدث للأسف، بل ان قطاعا عريضا من اللبنانيين ابدي شماتة ملحوظة.
ليس اغتيال السيد رفيق الحريري هو الذي اخرج القوات السورية من لبنان بهذه الطريقة المهينة، ولا هي بطولات المعارضة او مظاهراتها الضخمة، وانما السياسات السورية قصيرة النظر، والممارسات الوحشية عديمة التقدير والحصافة، وفوق هذا وذاك تغير المعادلات الاقليمية والدولية.
غزو العراق جعل الرئيس الامريكي بوش جارا لصيقا لسورية، وشريكا اقليميا لها، يملك مئة وخمسين الف جندي، وعتادا عسكريا ضخما، ومجموعة من الحلفاء العرب ينفذون سياساته بالكامل ويطلبون رضاه، ونحن هنا لا نتحدث عن الحلفاء الصغار في العراق الذين كانوا حتي الامس القريب حلفاء سورية، ويمرحون ويسرحون في دمشق، وانما نتحدث عن الحلفاء الكبار في العواصم العربية الفاعلة، الذين كانوا ايضا الشركاء الاستراتيجيين لها في الظاهر، والعملاء الدائمين المخلصين لواشنطن.
الضغوط علي النظام السوري لن تتوقف، كما انه لن يجد حليفا عربيا او حتي داخليا لمواجهتها، لان النظام في حال من الجمود المطلق ، وبات بسببه عاجزا عن قراءة ما يجري حوله قراءة صحيحة، تؤدي الي سياسات صحيحة تخرج البلاد من ازمتها الحالية.
النظام السوري لا يريد ان يعترف بأن الممارسات الخاطئة التي اخرجته من لبنان بهذه الطريقة المهينة والمذلة، هي نفسها التي قد تخرجه من دمشق، واولاها تحالفه مع الانتهازيين والمرتزقة واصحاب المواقف المتقلبة المطروحة للبيع والشراء.
هل لاحظ هذا النظام وحراسه، القدماء منهم والجدد، كيف بدأ بعض حلفائه الخلص في بيروت ينقلون البندقية من كتف الي آخر، ويقفزون الي الخنادق الاخري بسرعة البرق، وقبل ان يكتمل الانسحاب؟
هل انتبه الي السرعة التي تخلي عنه فيها اصدقاؤه في الرياض والقاهرة، وكانوا عونا لواشنطن في الضغط عليه، وهل لاحظ ان الشيخ سعد الدين الحريري وصل الي واشنطن علي ظهر طائرة ولي العهد السعودي الامير عبد الله، وكان ضمن الوفد الرسمي المرافق، باعتباره سعوديا وليس لبنانيا، او ربما الاثنين معا.
النظام السوري في مأزق، ساهم في وضع نفسه فيه، لان قادته الجدد والقدامي يعيشون اسري الماضي، ولم يخلقوا لانفسهم ولبلدهم حاضرا مشرفا، لانهم انشغلوا معظمهم في الصراع علي مراكز النفوذ وجمع المال، والتستر علي الفساد في اوساط اهل البيت ، ونسوا دور سورية الحقيقي العربي والاسلامي في غمرة هذا الصراع.
عودة هذا المعارض السابق او ذاك، واعادة جواز سفر الي هذه الشخصية السياسية او تلك، واستقبال بعثة محطة الحرة الامريكية التلفزيونية لبث برامج من دمشق، كلها امور شكلية لا تعكس تغييرا بقدر ما تعكس ارتباكا، والشيء نفسه يقال ايضا عن اجتماع الحزب الحاكم الشهر المقبل وما يتردد من مخططات حول اعفاء بعض الشخصيات، والقيادة القومية، وتبني بعض السياسات الجديدة السطحية.
سورية بحاجة الي مصالحة حقيقية، وتغييرات جذرية، وحوارات تؤدي الي مبدأ المشاركة الكاملة في المسؤولية، واقامة نظام ديمقراطي حقيقي تسوده الشفافية والتعددية والمحاسبة وحقوق الانسان.
الجدل الدائر حاليا بين اوساط منظري النظام حول اتباع النموذج الصيني او الماليزي، والتحذير من النماذج الروسية والالبانية، هذا جدل مضلل وسفسطائي. لان سورية ليست الصين، وحزبها الحاكم ليس الحزب الشيوعي الصيني، ورئيسها ليس مهاتير محمد. فلا الوقت يسمح لسورية بالاقتداء بهذه النماذج، ولا هي تملك الادوات الصحيحة.
النموذج الصيني الناجح الذي جعل من الصين دولة عظمي، نووية واقتصادية، تبلور علي مدي عقود، وارتكز علي قطع دابر الفساد، ونفذته شخصيات قيادية ذات رؤية واضحة، والشيء نفسه ينطبق علي مهاتير الذي كانت اولي خطواته التي اتخذتها قيادته الغاء دكتاتورية الاقلية، وتكريس التعددية والقضاء العادل المستقل، واقامة مؤسسات دستورية حقيقية.
سورية بحاجة الي اصلاحات جذرية، وحوارات معمقة، وانفتاح حقيقي علي المعارضـة الوطنية، وعقد مؤتمر وطني شامل تشارك فيه جميع القوي، بما فيها الاسلامية، يبلور قيادة جديدة، ويكرس المصالحة الحقيقية، والا فان سورية ستواجه مصير البانيا، ان لم يكن مصير العراق.
هذا لا يشكل الخلاص لسورية، ويوفر القدرة والحصانة لمواجهة المؤامرة الامريكية ـ الاسرائيلية فقط، وانما يكون ارضية صلبة لاستعادة الدور والقيادة. قيادة الأمة بأسرها نحو مستقبل مشرف.
***************
تعليق
سوريا تدفع اليوم ثمن طعن العراق من الوراء منذ 1991 و حرب الكويت...و اليوم اصبح السكين فوق الرقبة و ليس هنالك طريق لنجاة الا بالمقاومة...و نحن ندعو القيادة السورية الي الكف عن ملاحقة المجاهدين و تسليمهم الي الخونة و العملاء... و دعم المقاومة العراقية بكل فصالها و الانفتاح و تحضير الشعب السوري للمقاومة المسلحة ...
هذا هو الحل هذا هو الطريق....و نصائح عطوان مسمومة
2005/04/26
عبد الباري عطوان
انسحبت يوم امس آخر القوات السورية من لبنان، منهية مرحلة استمرت تسعة وعشرين عاما من الدور السوري الامني والسياسي المهيمن. انه يوم سعيد بالنسبة الي الكثيرين ممن يقفون في صفوف المعارضة، ويوم حزين بالنسبة الي اولئك الذين يقفون، او من بقي منهم، في معسكر الموالاة .
لبنان اصبح حرا من الناحية النظرية، خاليا من اي قوات اجنبية، وسورية اصبحت معفاة من اي مسؤولية تجاه تطبيق قرار مجلس الامن الدولي رقم 1559. فقد نفذت الشق المطلوب منها بالكامل، واكملت الانسحاب في موعده مثلما اصر الامين العام للامم المتحدة السيد كوفي عنان، ومثلما طالب الرئيس الامريكي جورج بوش وبعض حلفائه العرب.
لم يعد الرئيس بوش يستخدم الوجود السوري في لبنان كذريعة للتهديد والوعيد، ولكنه لن تعوزه الذرائع علي اي حال طالما ان المشروع الامريكي في العراق يصطدم بالفشل المضاعف يوما بعد يوم.
انه امر محزن ان ينتهي الدور السوري في لبنان بهذه الطريقة الكئيبة، فقد كان من المفترض ان يتم هذا الانسحاب وسط احتفالات شعبية ضخمة، يقذف اثناءها اللبنانيون الجنود السوريين المنسحبين بالورود والرياحين والارز بسبب دورهم في انقاذ بلادهم من الحروب الاهلية ولكن هذا لم يحدث للأسف، بل ان قطاعا عريضا من اللبنانيين ابدي شماتة ملحوظة.
ليس اغتيال السيد رفيق الحريري هو الذي اخرج القوات السورية من لبنان بهذه الطريقة المهينة، ولا هي بطولات المعارضة او مظاهراتها الضخمة، وانما السياسات السورية قصيرة النظر، والممارسات الوحشية عديمة التقدير والحصافة، وفوق هذا وذاك تغير المعادلات الاقليمية والدولية.
غزو العراق جعل الرئيس الامريكي بوش جارا لصيقا لسورية، وشريكا اقليميا لها، يملك مئة وخمسين الف جندي، وعتادا عسكريا ضخما، ومجموعة من الحلفاء العرب ينفذون سياساته بالكامل ويطلبون رضاه، ونحن هنا لا نتحدث عن الحلفاء الصغار في العراق الذين كانوا حتي الامس القريب حلفاء سورية، ويمرحون ويسرحون في دمشق، وانما نتحدث عن الحلفاء الكبار في العواصم العربية الفاعلة، الذين كانوا ايضا الشركاء الاستراتيجيين لها في الظاهر، والعملاء الدائمين المخلصين لواشنطن.
الضغوط علي النظام السوري لن تتوقف، كما انه لن يجد حليفا عربيا او حتي داخليا لمواجهتها، لان النظام في حال من الجمود المطلق ، وبات بسببه عاجزا عن قراءة ما يجري حوله قراءة صحيحة، تؤدي الي سياسات صحيحة تخرج البلاد من ازمتها الحالية.
النظام السوري لا يريد ان يعترف بأن الممارسات الخاطئة التي اخرجته من لبنان بهذه الطريقة المهينة والمذلة، هي نفسها التي قد تخرجه من دمشق، واولاها تحالفه مع الانتهازيين والمرتزقة واصحاب المواقف المتقلبة المطروحة للبيع والشراء.
هل لاحظ هذا النظام وحراسه، القدماء منهم والجدد، كيف بدأ بعض حلفائه الخلص في بيروت ينقلون البندقية من كتف الي آخر، ويقفزون الي الخنادق الاخري بسرعة البرق، وقبل ان يكتمل الانسحاب؟
هل انتبه الي السرعة التي تخلي عنه فيها اصدقاؤه في الرياض والقاهرة، وكانوا عونا لواشنطن في الضغط عليه، وهل لاحظ ان الشيخ سعد الدين الحريري وصل الي واشنطن علي ظهر طائرة ولي العهد السعودي الامير عبد الله، وكان ضمن الوفد الرسمي المرافق، باعتباره سعوديا وليس لبنانيا، او ربما الاثنين معا.
النظام السوري في مأزق، ساهم في وضع نفسه فيه، لان قادته الجدد والقدامي يعيشون اسري الماضي، ولم يخلقوا لانفسهم ولبلدهم حاضرا مشرفا، لانهم انشغلوا معظمهم في الصراع علي مراكز النفوذ وجمع المال، والتستر علي الفساد في اوساط اهل البيت ، ونسوا دور سورية الحقيقي العربي والاسلامي في غمرة هذا الصراع.
عودة هذا المعارض السابق او ذاك، واعادة جواز سفر الي هذه الشخصية السياسية او تلك، واستقبال بعثة محطة الحرة الامريكية التلفزيونية لبث برامج من دمشق، كلها امور شكلية لا تعكس تغييرا بقدر ما تعكس ارتباكا، والشيء نفسه يقال ايضا عن اجتماع الحزب الحاكم الشهر المقبل وما يتردد من مخططات حول اعفاء بعض الشخصيات، والقيادة القومية، وتبني بعض السياسات الجديدة السطحية.
سورية بحاجة الي مصالحة حقيقية، وتغييرات جذرية، وحوارات تؤدي الي مبدأ المشاركة الكاملة في المسؤولية، واقامة نظام ديمقراطي حقيقي تسوده الشفافية والتعددية والمحاسبة وحقوق الانسان.
الجدل الدائر حاليا بين اوساط منظري النظام حول اتباع النموذج الصيني او الماليزي، والتحذير من النماذج الروسية والالبانية، هذا جدل مضلل وسفسطائي. لان سورية ليست الصين، وحزبها الحاكم ليس الحزب الشيوعي الصيني، ورئيسها ليس مهاتير محمد. فلا الوقت يسمح لسورية بالاقتداء بهذه النماذج، ولا هي تملك الادوات الصحيحة.
النموذج الصيني الناجح الذي جعل من الصين دولة عظمي، نووية واقتصادية، تبلور علي مدي عقود، وارتكز علي قطع دابر الفساد، ونفذته شخصيات قيادية ذات رؤية واضحة، والشيء نفسه ينطبق علي مهاتير الذي كانت اولي خطواته التي اتخذتها قيادته الغاء دكتاتورية الاقلية، وتكريس التعددية والقضاء العادل المستقل، واقامة مؤسسات دستورية حقيقية.
سورية بحاجة الي اصلاحات جذرية، وحوارات معمقة، وانفتاح حقيقي علي المعارضـة الوطنية، وعقد مؤتمر وطني شامل تشارك فيه جميع القوي، بما فيها الاسلامية، يبلور قيادة جديدة، ويكرس المصالحة الحقيقية، والا فان سورية ستواجه مصير البانيا، ان لم يكن مصير العراق.
هذا لا يشكل الخلاص لسورية، ويوفر القدرة والحصانة لمواجهة المؤامرة الامريكية ـ الاسرائيلية فقط، وانما يكون ارضية صلبة لاستعادة الدور والقيادة. قيادة الأمة بأسرها نحو مستقبل مشرف.
***************
تعليق
سوريا تدفع اليوم ثمن طعن العراق من الوراء منذ 1991 و حرب الكويت...و اليوم اصبح السكين فوق الرقبة و ليس هنالك طريق لنجاة الا بالمقاومة...و نحن ندعو القيادة السورية الي الكف عن ملاحقة المجاهدين و تسليمهم الي الخونة و العملاء... و دعم المقاومة العراقية بكل فصالها و الانفتاح و تحضير الشعب السوري للمقاومة المسلحة ...
هذا هو الحل هذا هو الطريق....و نصائح عطوان مسمومة