المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمريكا والانهيار الحضاري...حقيقة أم وهم؟! 1-2



الفرقاني
24-04-2005, 08:09 PM
أمريكا والانهيار الحضاري...حقيقة أم وهم؟! 1-2

23-4-2005
بقلم: خباب بن مروان الحمد

إنَّ أمريكا بتجاهلها لدساتير الحروب، والعمل على إزهاق الأرواح دون أدنى تحرٍ في كشف ملابسات الحدث، يُسَيِّرها ذلك إلى التبلد في مواجهة البشرية، والتصلب تجاه الآخر في كشف أسباب الرد الأمريكي على الدول والشعوب..ومن الجيد أن نقارن بين واقع الإدارة الأمريكية بواقع الأمم الكافرة التي تكبرت على منهج ربها وآذت عباده، فلعل الربط بين الواقع الحاضر وتاريخ الماضي يوضِّح لنا دلالات، ويجلي لنا أمورا غامضات،

إنَّ التاريخ -وبالدقة ذاتها- لا يكرر أبداً نفسه، ولكنه غالباً ما يوجه صفعاته، إلى أولئك الذين يتجاهلونه كلياً.


بهذا سطَّر أحد أشهر المؤرخين المعاصرين الأمريكان [بول كينيدي] مدير مركز الدراسات الأمنية الدولية بجامعة بيل، وأستاذ التاريخ فيها، وصدق! فإنَّ أمريكا تتجاهل تاريخ الأمم السابقة التي سادت ثمَّ بادت: "فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين".


ومن الجيد أن نقارن بين واقع الإدارة الأمريكية بواقع الأمم الكافرة التي تكبرت على منهج ربها وآذت عباده، فلعل الربط بين الواقع الحاضر وتاريخ الماضي يوضِّح لنا دلالات، ويجلي لنا أمورا غامضات، وقد أمرنا تعالى في محكم التنزيل بأن نعتبر بما وقع للمؤمنين والكافرين من قصص وأخبار حيث قال: (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى*إنَّ في ذلك لعبرة لمن يخشى)، ومن هذا المنطلق فلعلي أربط بين منطق الطغاة في القرآن الكريم وأفعالهم مع المؤمنين، بمنطق طغاة أمريكا وأفعالهم مع عباد الله كافرهم ومسلمهم، كي يُعْلَمَ أنَّ التأريخ يعيد دورة الأيام ولكن بأسماء أخر، وأفعال تبتكر، وجرائم تحضَّر، وما أشبه الليلة بالبارحة!!


ومن جميل كلام الإمام ابن تيمية -رحمه الله-:(فأمرنا أن نعتبر بأحوال المتقدمين علينا من هذه الأمَّة، وممن قبلها من الأمم، وذكر في غير موضع أنَّ سنَّته في ذلك مطَّردة وعادته مستمرة، فينبغي للعقلاء أن يعتبروا بسنَّة الله وأيَّامه في عباده، ودأب الأمم وعادتهم) (انظر:كتاب الجهاد لابن تيمية2/7ـ جمع الدكتور/ عبد الرحمن عميرة). وعليه فقد أزمعت الرأي مستعيناً بالله في البحث والكتابة لتوضيح سياسات هذه الدولة ليعتبر المسلم قبل الكافر، مستشرفاً في ذلك المستقبل الذي بدأت خيوط نوره تلمع، وحجب ظلامه تزول وتُقْشَع، بأنَّ مصير هذه الدولة إلى سفال، ولو امتدت الأيام ، فحقٌ على الله ما ارتفع شيء إلا وضعه، ولن يبقى إلا الإسلام العظيم يحكم البشرية في أرض الله.


فلن ألتفت إلى الزفَّة الإعلامية الصاخبة التي تظهر هذه الدولة بمظهر الكابوس المخيف ، والإمبراطورية التي لا تقهر أو التي بدأت تعيد عهد سالفتها بريطانيا بأنها الدولة التي لا تغيب عنها الشمس، فإنِّي موقن حتماً بأنَّنا في زمن حجب الحقائق، وتكميم الأفواه، وتغطية العيون، ولن يمنعنا مانع بأن نصدح بحقنا، ونرفع به عقيرتنا، ما أحيانا الله، وقد قال تعالى:(إنَّما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)، وما دمنا أحياء نرزق، وأقلامنا في أيدينا توثق وتطلق، فلنوضح الحقائق، وإذا كانت العبارة الفرنسية تقول: "أعطني سطراً واحداً لأكثر الناس حرصاً، وأنا أجد كلمة واحدة يستحق عليها الشنق"؛ فإنَّ كلام خير الحاكمين يقول:(فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون*ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون).


ولعلي أستعرض في ثنايا هذا المقال شيئاً من الجرائم الأمريكية مقارناً مع جرائم من سبقهم من طغاة الأرض، وفراعين الدهر، سائلاً المولى التوفيق في العرض، والسداد في الطرح.


1ـ ادِّعاء أمريكا بأنَّها الدولة التي لن تقهر، والتي توقف التاريخ عندها، فلن تزول حضارتها، ولن يفنى شبابها، فهي باقية أبد الدهر -عياذاً بالله من ذلك- فلا مانع من التوسع والهيمنة على جميع الدول ولعلَّ أشهر من كتب في هذا العصر عن هذه النبوءة؛ فرانسيس فوكوياما في كتابه (نهاية التاريخ والرجل المريض)، فقد ألَّف كتابه محتفلاً فيه بسقوط الشيوعية واندحارها أمام الحضارة الغربية الحديثة ! فالعالم بزعمه لم يعد أمامه شيء جديد سوى هذه الحضارة الغربية وبالذات الأمريكية، ولهذا فقد أغلق باب التاريخ ولم يعد هناك من يمسك زمامه سوى القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا وسينتهي التاريخ عندها ولن تقوم قائمة لأي حضارة بعدها، والحقيقة أنَّ كلام فوكوياما وغيره ممن يتمنطق بذلك، مبني على مقولة أمريكية قديمة تقول:(إنَّ أمريكا هي العالم، والعالم هو أمريكا)، ولا ريب أنَّ الرجل وقومه يعيدون كلام من سبقهم من الأمم الكافرة حين نظروا لقوتهم وجبروتهم فاستكبروا وقالوا ليس لنا نهاية ولن نزول، حيث قال تعالى عنهم:(أولم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال!!).


تأمل خطاب (ألبرت بيفريدج) ممثِّل ولاية (إنديانا) في مجلس الشيوخ الأمريكي وهو يقول:(لقد جعل الله منَّا أساتذة العالم! كي نتمكن من نشر النظام حيث تكون الفوضى، وجعلنا جديرين بالحكم لكي نتمكن من إدارة الشعوب البربرية الهرمة، وبدون هذه القوة، ستعمُّ العالم مرَّة أخرى البربرية والظلام، وقد اختار الله الشعب الأمريكي دون سائر الأجناس كشعب مختار!! يقود العالم أخيراً إلى تجديد ذاته).


والشاهد من ذلك أنَّ هؤلاء القوم قد أعادوا سيرة سلفهم حين نظروا لقوتهم وجبروتهم وخيراتهم وحضاراتهم، فافتخروا بها، وظنَّوا أنهم بذلك أولياء الله وأحباءه، ففي الزمن السابق قال أحدهم حين رأى أملاكه وخيراته بكل كبر وعجرفة: (ما أظنٌّ أن تبيد هذه أبداً*وما أظنُّ الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً).


لكنَّ الحق سبحانه لن يحيي إلا الحق وسيجعل الباطل غثاء زبداً زائلاً ، فلم يبق لهذا المفتخر بماله وملكه إلا حطام ما مَلَكْ ، (وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحداً*ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصراً).


2ـ اعتزاز أمريكا بأنَّها الدولة القوية والتي لن تقف أمامها أي قوة، وفي أدبياتها أنَّ أيَّ تفكير لدولة ما تريد أنْ تتقوى أو تقف مناوئة لها ، فإنَّها ستجلب على نفسها الدمار قبل بداية الحرب بواسطة الحروب الاستباقية الوقائية. وهذا بالضبط حال فرعون ومنطقه حين خاف أن يأتي من بني إسرائيل ابن يقتله ويقضي على ملكه ، فما كان منه إلأَّ أن استحل دماء الناس وفرضها حرباً وقائية له تنجيه من ذلك القتل،وحين نمعن النظر في كلام قادة هذه الدولة المارقة، أو بحالها العملي مع الدولالمخالفة لها فسنجد ذلك واضحاً جداً ، فهاهي مادلين أولبرايت تقول في إحدى المقابلات معها في جامعة أمريكية:(في هذا الكون قوة عظمى واحدة؛ الولايات المتحدة!!). وهذا ستيفن إيه دوجلاس يذكِّر مجلس الشيوخ الأمريكي عام(1858)م بحقيقة المنطق الطاغوتي القائل:(من أشدُّ منَّا قوة) حيث يقول:( إنَّ أمريكا أمَّة شابة نامية، تعج مثل خلية النحل،وكما أنَّ النحل في حاجة إلى الخلايا ليتجمع وينتج العسل، أقول لكم: إنَّ التكاثر والتضاعف والتوسع هو قانون وجود هذه الأمة).


ومِمَّا يصدِّق كلام (دوجلاس) السابق ذكره ويدلِّلُ على حب هؤلاء الغزاة للتوسع والسيطرة على بلاد الله ، ما قاله السيناتور هارت بنتون في القدم، في خطاب ألقاه أمام مجلس الشيوخ عام1846م:((إنَّ قدر أمريكا الأبدي هو الغزو والتوسع، إنَّها مثل عصا هارون [يقصد موسى] التي صارت أفعى ، ثمَّ ابتلعت كلَّ الحبال. فهكذا ستغزو أمريكا الأراضي، وتضمُّها إليها، أرضاً بعد أرض. ذلك هو قدرها المتجلي: أعطها الوقت، وستجدها تبتلع، كلَّ بضع سنوات مفازات بسعة معظم ممالك أوروبا، ذلك هو معدَّل توسعها).


ويقول المؤرخ (ريتشارد إيميرمان):(القوَّة والأمن الأمريكيين يعتمدان بشكل أساسي على الحصول على المواد الأولية من العالم ، وبالتدخل في أسواقه الداخلية، وبالأخص في دول العالم الثالث التي يجب أن تبقيها الولايات المتحدة تحت السيطرة الشديدة).


وهاهو نيكسون يقول:(على أعداء الولايات المتحدة الأمريكية أن يدركوا أننا نتحول حمقى إذا ضربت مصالحنا...بحيث يصعب التنبؤ بما قد نقوم به مما لدينا من قوة تدميرية غير تقليدية، وعندها سوف ينحنون خوفاً منَّا)، ويقول وزير الخارجية كولن باول بعد ضربة سبتمبر:(نحن الآن القوة الأعظم، نحن الآن اللاعب الرئيس على المسرح الدولي، وكل ما يجب علينا أن نفكر به الآن هو مسؤوليتنا عن العالم بأسره، ومصالحنا التي تشمل العالم كلَّه).


بل سبقه بذلك بوش الأب حينما ألقى خطاباً عقب انتصار الحلفاء على العراق في حرب الخليج الثانية في إحدى القواعد العسكرية 13/4/1991م حيث يقول: (إنَّ النظام العالمي الجديد لا يعني تنازلاً عن سيادتنا الوطنية، أو تخلياً عن مصالحنا، إنَّه ينبئ عن مسئولية أملتها علينا نجاحاتنا)، ثمَّ صرَّح في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 23/9/1991م(بأنَّ أمريكا ستقود العالم).


وبعد هذه الكلمات، فهل يشكُّ أحد في مشابهة منطق الأمريكان بمنطق الطغاة الغابرين (ذرية بعضها من بعض)، فإنَّهم اعتقدوا مقتنعين أنَّهم رب الكون ومسَيِّري أحداثه -تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علواً كبيراً- ولهذا من يقرأ كلام نيكسون حين قال:(نحن نقبض على ناصية المستقبل بأيدينا)، يوقن يقيناً بأنَّ هذا (يتوائم مع اعتقاد الأمريكيين بأنَّ قيادتهم للعالم هي قدرهم المحتوم، الذي اختاره لهم الرب، وباركته من أجلهم الملائكة).


3ـ الكبر والتعالي على الرب وعلى العباد بمنطق من قال: (أنا ربكم الأعلى)، ومن قال:(ما علمت لكم من إله غيري)، ومن قال: (ما أريكم إلَّا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، يقول أحد كبراءهم وهو متحدث باسم البيت الأبيض في حرب الخليج: (جئنا نصحح خطأ الرب الذي جعل البترول في أرض العرب)، وهذا بوش يخاطب الرئيس الباكستاني برويز مشرَّف بمنطق القوة والتهديد ليركع له وينحني: (أمامك خياران إمَّا أن تدخل في حلف أمريكا ضد الإرهاب، وإمَّا أن نعيد باكستان للعصر الحجري)، وحقاً إنَّها سياسة من لا يفتح مجال الحوار والأخذ والرد ، وهي القاسم المشترك الذي جمع طواغيت الأرض على كرسي التجبُّر، وسيف القهر، والكبرياء البغيضة.


ولهذا فإنَّ الأمريكان جعلوا أنفسهم بمنزلة الرب، واستقوا من الفكرة الثيوقراطية مبدأً؛ بأن يُطاعوا ويُخدموا من قبل الناس وإلا فالجحيم ينتظرهم لأنَّهم مفوضون حسب ادعائهم عن الله بالحكم والقتل، وتابع معي كلاماً لنيكسون:(إنَّ محور علاقات أمريكا مع ألمانيا وأوروبا وآسيا والعالم كلِّه هو مصالح أمريكا، وعلى العالم كلَّه أن يخدم مصالح أمريكا).


4ـ القتل والتدمير واستحلال دماء الشعوب، وهو حال فرعون (إنَّ فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نسائهم)، وهذا حين لم تنتشر دعوة الله في الأرض، فكان فرعون يقتل الأبناء ثمَّ حين وجد بعضاً من النساء يشهدن بأنه طاغوت وأن الرب هو الله جلَّ جلاله وليس فرعون، فما كان منه إلا أن مكر بسيدتنا آسية وقتلها بكل وحشية وإجرام -رضي الله عنها وأرضاها- ولا شكَّ أنَّ أمريكا كانت كذلك، فكم من رجلٍ كبيرٍ أو امرأةٍ مسنةٍ أو طفل ٍصغيرٍ استخدمت أمريكا في حق إنسانيتهم وسائل البطش والإجرام، ولم يكن ذلك في حقِّ المسلمين فحسب، بل إنَّ إخوانهم في الكفر لم يسلموا من أذاهم وشرهم، وكانت خطاباتهم فيها صراحة واضحة بحبِّ سفك الدماء، والإفساد في الأرض، وخير شاهد على ذلك ما قاله الجنرال الأمريكي سميث الذي كُلِّف بتحطيم الحركة الفلبينية مصدراً أوامره لقواته: (إنني لا أريد أسرى...أريدكم أن تحرقوا وتقتلوا وكلَّما زدتم في الحرق والقتل كلَّما جلبتم السرور إلى قلبي)، وكذلك فنحن لا ننسى مذبحة الهنود الحمر في أمريكا والتي قال عنها المؤرخ الأمريكي ديفيد ستارند: (إنَّها أكبر مذبحة جماعية في العالم)، وما خبر مذابح فيتنام عنَّا ببعيد، وهذا كلَّه في حق الكفار فما البال بألد أعدائهم المسلمين ،فلم يكن لهم قرار في أرض من بلاد المسلمين إلا وعاثوا فيها الفساد، وأبادوا فيها العباد سواء بطرق مباشرة أو بتوكيل غيرهم على المسلمين أو بالدعم المادي والعسكري والمعنوي، ولن أعدَّ البلاد الإسلامية التي أفسدت في حقها أمريكا فإنَّ هذا في عقلية المسلم أمر معلوم، ثمَّ إنه أمر يصعب حصره في مقال ، فجميع بلاد الإسلام تأذَّت من سياسات هذه الدولة.


أمَّا عن الشعب الأمريكي فقد ربَّاه أسياده على حب الجريمة، وحببت إليه وقائعها ولهذا فلا عجب حين نجد 85 % من الشعب الأمريكي يؤيدون الحرب على بلاد أفغانستان المسلمة، وكان هذا الاستفتاء في شهر رمضان المبارك عام(1422هـ)، بل إنَّ 8%من الشعب الأمريكي أيَّد بوش على حرب العراق وفقاً لاستطلاع وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون في العراق، فإذا كان شعب أغلبيته يؤيد المحرقة للعالم الإسلامي وكيِّه بنار الموت، ولا يعارض ما تقترفه سياسات دولته، فإنَّ حكَّامهم سيمضون في مقاصل حمَّامات الدماء هنا وهناك ولن يردهم شعبهم عن ذلك، وقد قيل لفرعون من فرعنك؟! فقال: لم أجد من يردَّني!!، ولا يستغرب حين يرى حكَّام أمريكا شعوبهم بهذه العقيدة الإجرامية تجاه الشعوب الإسلامية بأن يفعلوا بها كلَّ ما خبث وفحش ذكره من المآسي والكوارث، ولا عجب أن يوافق مجلس الشيوخ الأمريكي على إنتاج قنابل ذرِّيَّة صغيرة يعادل كل ثلاث منها القنبلة التي ضربت هيروشيما!!


لقد أعجبني حين زار الملاكم العالمي المسلم (محمد علي كلاي) مبنى التجارة العالمي، فواجهه أحد المتطفلين قائلاً:ألا تستحي من دين ينتمي إليه ابن لادن؟! فأجابه كلاي: (ألا تستحي أنت من الانتماء إلى دين ينتمي إليه هتلر)، وقد أجاد كلاي فإنَّ هؤلاء الهتلريون ينسون جرائمهم الماضية في حق البشرية ثمَّ يتساءلون تساؤل الأغبياء عن سبب ضربة سبتمبر، أو يُعَرِّضُونَ بأنَّ دين الإسلام دين الدموية والإرهاب، وكأنهم قد برؤوا من أي عمل إرهابي اقترفوه في حق البشرية كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب!!


إنَّ أمريكا بتجاهلها لدساتير الحروب، والعمل على إزهاق الأرواح دون أدنى تحرٍ في كشف ملابسات الحدث، يُسَيِّرها ذلك إلى التبلد في مواجهة البشرية، والتصلب تجاه الآخر في كشف أسباب الرد الأمريكي على الدول والشعوب، ومن يقرأ مقال (سحب من الشك...شهادة أمريكية على الإرهاب الأمريكي) فإنَّه (يبين بإجماع عدد من الفنِّيين الأجانب الذين عملوا بمصنع الشفاء في السودان الذي دمَّرته الطائرات الأمريكية على خلوه من المواد الكيماوية المشبوهة، وهذا ما يعلل رفض أمريكا للتحقيق حول المصنع حتَّى لا يظهر كذبها على الجميع).


ولا أدري كيف يتعامل هؤلاء القوم مع واقع الناس، فإنَّهم قد نصُّوا في قوانينهم الأرضية الوضعية بأنَّ دولتهم علمانية ترعى الحرية، وتنشر الديمقراطية، وحين ضُرِبُوا في سبتمبر صاحوا بأنَّهم سيشنون حرباً صليبية واسعة النطاق، عريضة الجبهة، تمتد إلى مالا نهاية، فالعجب لا ينقضي حين يقول هؤلاء بأنها حرب صليبية، يعنون بذلك رجوعهم لديانتهم المحرفة النصرانية، مع أنَّ في مدوناتهم، أهمية الرفق بالبشرية، والرحمة للإنسانية، بل نص الإنجيل لأبناء المسيح -عليه السلام- وأتباعه بأنَّ( من ضربك على خدِّك الأيمن فأدر له خدَّك الأيسر)، فأين هذا من هذا،وهم يريدون أن يوسعوا جبهة الحرب بل عدُّوا ستين دولة سيأتيها الدور لمحاربتها، ومكافحة الإرهاب فيها ، والسؤال:هل شاركت هذه الدول الستين وأمدت الجهاديين بالعدة والعتاد ليقوضوا صرح أمريكا المتمثل في برجي التجارة العالمي، بل لوضيَّقنا السؤال وقلنا: هل من دولة واحدة من هذه الدول أمدتهم لتحطيم مجد أمريكا!!وثبتت بذلك دلائله ؟!


إننا نحن المسلمين نحتار حقاً في تعاملات هذه الدولة مع شعوب الأرض، ولكنَّنا نقول كما قال السيد المسيح:(من ثمارهم تعرفونهم) فلا جرم حينئذٍ أن يوصفوا بأنهم مجرمو حرب، وتجار أسلحة، وقد بان كذب بعض العلمانيين العرب حين قالوا بأنهم أصحاب الحرية، وأهل العدالة، وإذا كان هؤلاء صادقون في هذا الطرح، فليربوا أبناءهم على مناهج التعليم الأمريكية، وليرضعوا من ثقافة الإجرام، ويصوبوا أسلحتهم لبلادهم!!


وتبَّاً لهذه الحضارة الأمريكية، فهي أولى بأن تسمى حقارة، فلا دين يقودهم، ولا أعراف دولية تحكمهم، ولا قيم خلقية تسوسهم، وجزى الله الشاعر النحوي خيراً حين قال عن حضارتهم:


حضارة بالية كبعض ثوب خلق


ما قيمة العلم الذي يُلهب حُمَّى السبق


يبني ويعلى ما بنى شواهقاً في أفق


ثمَّ تراه ينثني في لحظة من نزق


يهدمها إلى الثرى كأنَّها لم تَسْمُقِ


فهذه حضارة واهية من ورق


وإنَّ من أكثر من بيَّن جرائم أمريكا في حقِّ شعوب الأرض المثقف اليهودي الأمريكي (نعوم تشومسكي) حيث أفاض في كتابه (ماذا يريد العم سام) في ذكر الجرائم التي ارتكبتها أمريكا في العالم والمؤامرات التي حاكتها، والممارسات السياسية التي لا تستند إلى أي خلق أو قانون، وكان من جملة ما قاله:(أعتقد من وجهة النظر القانونية أنَّ هناك ما يكفي من الأدلة لاتهام كل الرؤساء الأمريكيين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بأنهم مجرمو حرب، أو على الأقل متورطون بدرجة خطيرة في جرائم حرب). ويقول أيضاً:(إنَّ الولايات المتحدة الأمريكية، قضت على سكَّانها الأصليين -الهنود الحمر- عبر القرون، واجتاحت نصف المكسيك، وتدخلت بعنف في المنطقة، واحتلت هاواي وفيتنام ، وقامت خلال الخمسين سنة الأخيرة باللجوء إلى القوة في جميع أنحاء العالم تقريباً...هذه هي المرَّة الأولى التي توجَّهُ فيها البنادق إلى الاتجاه الآخر..-يقصد ضربة سبتمبر- لا يمكن اعتبار الولايات المتحدة ضحية بريئة إلا إذا تجاهلنا لائحة أفعالها وأفعال خلفائها...علينا أن نُعيرَ اهتماماً أكبر لما نفعل في العالم...علينا أن نتساءل: لماذا حصل لنا ما حصل؟).


وهذا هو السؤال الوجيه الذي يجب أن يطرحه الساسة الأمريكان لو كانوا يعقلون: لماذا حصل لنا ما حصل؟!

عاشق بغداد
24-04-2005, 09:42 PM
ولن يبقى إلا الإسلام العظيم يحكم البشرية في أرض الله.

نعم ،،،
لا دين غير دين الله ، ولا شرع غير شرع الله وسنّة نبيّه المصطفى