المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأرحام الفلسطينية.. قنابل موقوتة ستنسف الكيان الصهيوني



عبدالغفور الخطيب
23-04-2005, 04:01 PM
اهتزت المحافل الاسرائيلية، من ساسة ومؤرخين وخبراء، واحتدم الجدل بينهم الى الحد الذي تحسر بعضهم على عدم اقامة دولة اسرائيل في غينيا الافريقية بدل فلسطين، وذلك بعد نشر «نبوءة» الصحافي الاميركي المخضرم بنيامين شفارتس، بشأن اختفاء اسرائيل خلال 40 عاما جراء الضغط السكاني الفلسطيني، اذ شبه ارحام الامهات الفلسطينيات بقنبلة ستنسف الجدار الفاصل.


يعد شفارتس، احد اكبر محرري مجلة «اتلانتيك» الاميركية الصادرة في بوسطن، من الخبراء القلائل المطلين بعمق على النزاع في فلسطين. وكتب مقاله لعدد مايو تحت عنوان: «هل ستبقى اسرائيل قائمة بعد مئة عام؟». وكتبت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية في تعليقها


على مقاله: «اذا تحققت، لا سمح الله، نبوءة شفارتس، فهذا يعني ان حزم الحقائب لن يقتصر على غوش قطيف(في قطاع غزة) وشمالي السامرة (الضفة الغربية). بامكاننا جميعا ان نبدأ في حزم أمتعتنا».


يقول شفارتس، مستندا الى محادثات مع جهات مختلفة في اسرائيل وبالأساس على التوقعات الديمغرافية الاسرائيلية، ان الرحم الفلسطيني هو «قنبلة موقوتة فعلا»، وستؤدي في نهاية المطاف الى ترجيح كفة الميزان ومنع اسرائيل من الحفاظ على التوازن في مايو 2048.


ويضيف «المشروع الصهيوني لم ينجح أبدا في التغلب على العقبة الديمغرافية التي تقلقه منذ تأسيسه. الاحتياجات الوجودية للسكان الفلسطينيين ذوي الخصوبة العالية التي تفوق اسرائيل بعدة مرات، ستلزم كل دولة فلسطينية مستقبلية بأن تحاول توسيع حدودها، الامر الذي سيكون على حساب اسرائيل وربما على حساب الاردن ايضا».


«الواقع الديمغرافي فاض من الوعاء» حسب الصحافي الاميركي «على آباء الصهيونية الذين آمنوا بفكرة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض. خلال عام واحد فقط سيتحول اليهود الى أقلية في المساحة الممتدة بين البحر وحدود الاردن كدولة. وخلال 15 عاما ستصل نسبتهم الى 42 في المئة من السكان فقط».


ويتابع «العملية الديمغرافية ستؤدي الى ان يتخلى الفلسطينيون عن فكرة الدولة المستقلة، وان يتبنوا فكرة الدولة ثنائية القومية حسب مبدأ: صوت واحد للشخص الواحد، الامر الذي يضمن لهم اغلبية في الدولة العربية اليهودية».


ويشير الى ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، «يدرك الخطر الديمغرافي جيدا، وخطته للفصل الاحادي وتمترسه من خلف الجدار الفاصل، هما نتيجتان اثنتان من ادراكه هذا، ولكن الديمغرافيا الفلسطينية ستقوم بتفجير هذا الجدار».


والدولة الفلسطينية ايضا لن تستطيع الصمود في المناطق بسبب التكاثر الطبيعي الفلسطيني الهائل، حيث سيبحثون، طبقا لشفارتس، عن كل طريقة ممكنة ومتوفرة نحو سوق العمل والاقتصاد الاسرائيلي القوي، «اسرائيل لن تستطيع اغلاق الثغرات إلا اذا حاولت حماية نفسها بوسائل مشابهة لتلك التي استخدمتها جنوب افريقيا العنصرية، ولكنها ستفقد في هذه الحالة دعم الولايات المتحدة والغرب، ولن تستطيع البقاء».


وتشير «معاريف» الى ان هذه «النبوءة» تجد التعزيز لدى شفارتس من خلال مشاعر اليأس المتزايدة التي يلمسها في الآونة الأخيرة عند «الوطنيين الاسرائيليين» الذين يكررون على مسامعه عبارة: «لماذا لم نأخذ أوغندا»، في اشارة الى المشروع الصهيوني الاول باقامة دولة اسرائيل في احدى الدول الافريقية.


شفارتس قال هذا الاسبوع في مقابلة أجريت معه ان التفاؤل الذي يظهر في اسرائيل من خلال الصحف والتصريحات، سطحي، ولكن المشاكل الحقيقية لا تجد طريقها للحل. هو في الثانية والاربعين من عمره، من مواليد نيويورك، ويقطن في بوسطن مع تجربة غنية في الصحافة والعلاقات الدولية سواء لكونه باحثا في معهد «راند» أو من خلال تحريره للصحيفة الاكاديمية الفصلية «سياسة العالم».


شفارتس على قناعة ان كل شيء يكمن في التاريخ، وهو لا يعرف اذا كانت الأجيال المقبلة من الفلسطينيين ستقبل الاتفاقات التي سيوقع عليها قادتهم. اتفاق السلام مع اسرائيل سيبقى قائما حسب رأيه طالما لم يتمكن الفلسطينيون من تغيير الواقع.


ويتساءل «ما الحل؟» قبل ان يجيب «التاريخ يُعلمنا، ان هناك مشاكل كثيرة بقيت بلا حل، وكل المؤشرات تدل على ان الصراع الصهيوني ـ الفلسطيني ليس قابلا للحل. ليس من الممكن إلا الوصول الى استنتاج واحد: التطلع القومي اليهودي والفلسطيني لتحقيق الذات على نفس قطعة الارض الصغيرة، لا يمكن ان يتحقق، واسرائيل لن تستطيع البقاء حتى عيد ميلادها المئة».


ولم يفاجأ افيغدور ليبرمان رئيس حركة «اسرائيل بيتنا» والاتحاد الوطني، من استنتاجات شفارتس وقال: لقد حذرت قبل ثلاث سنوات من أن دولة اسرائيل تسير نحو الخراب، وأنه ليس مضموناً بالمرة أن تبقى بعد عشرين عاماً، عندئذ قالوا عني انني مجنون ومهووس، ولكن يبدو أن هناك اشخاصاً مثلي ينظرون إلى الأمام. واستغل ليبرمان ذلك لتجديد دعوته الى طرد فلسطينيي 48 من اسرائيل.


بيد أن رئيس حركة «ياحد» اليسارية الاسرائيلية، يوسي بيلين، يقول ان شفارتس يقع في خطأ كبير. صحيح أن استمرار السيطرة الاسرائيلية على المناطق سيُدخلنا في مشكلة ديمغرافية صعبة، ولكن خلافي الأكبر معه هو انه يقول انه لا توجد امكانية لبقاء دولة فلسطينية مستقلة اقتصادياً، وأن هذه الدولة ستنفجر باتجاه اسرائيل . هذه توقعات بلا أساس في الواقع. هناك بالتأكيد امكانية لإدخال عدد كبير من السكان الى منطقة صغيرة اذا قمنا بتوفير العمل لهم. الدول الصغيرة أيضا تستطيع البقاء، وسنغافورة هي مثال على ذلك.


كبير الديمغرافيين المختص في ديمغرافيا الشعب اليهودي، البروفيسور سيرغي ديلا فرغولا، يقول، من جانبه، ان شفارتس لم يطرح أي شيء جديد باستثناء إدخاله للرؤية التدميرية. أبحاث ديلا فرغولا تعطي صورة واضحة للوضع: خلال سنوات معدودات سيتحول اليهود الى أقلية في المساحة الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن.


«لدينا اليوم أغلبية 51 في المئة يهود بصعوبة. وكل ما تبقى هم فلسطينيون، و3 في المئة مهاجرون جدد غير يهود من الاتحاد السوفييتي سابقا. الفجوة بيننا وبين الفلسطينيين آخذة في التناقص. حتى عام 2010 سنصل الى التكافؤ المطلق، ومن بعد ذلك سنفقد صفة الاغلبية».


ويتابع التاريخ يُعلمنا أن الدول تختفي عن الوجود أحيانا ببساطة شديدة. هل يذكر أحد ما اليوم أن دولة البابا كانت قائمة على ثلث مساحة ايطاليا حتى عام 1861؟ الظروف الداخلية والخارجية قررت أنها لا تملك حقاً في الوجود. وهذا الأمر حدث ايضا مع الاتحاد السوفييتي، وهو، خلافاً لنا، كان دولة عظمى عالمية. ولذلك يتوجب علينا أن ننظر الى الأمام، وإن نراقب المجريات التي تحدث.


الأشد من ذلك هو كلام الديمغرافي البروفيسور أمنون سوفير، الذي يحذر منذ سنوات من الخطر الديمغرافي. وهو يقول إن شفارتس قد استند في نبوءاته على ابحاثه، ويؤيده في توقعاته، وان اسرائيل تسير نحو الانتحار. ولكنه يخالفه الرأي في عدم وجود حل للمعضلة. والحل في نظره، مثل ديلا فرغولا، يكمن في التخلي عن المناطق ومبادلة السكان واقامة الجدار.


سوفير يقول انه لا يوجد أي منطق في إبقاء السيطرة على شرقي القدس.


هذه المواقع ليست اماكن مقدسة ويعيش فيها ربع مليون عربي، ولذلك يتوجب على اسرائيل التخلص منها، حسب قوله. «قلت ذلك لشارون ولم يسقط عن كرسيه. نحن سنضم ذات يوم اريئيل ومعاليه ادوميم والكنا وألفيه منشه. هيا نتخلص من النزعة الخلاصية ومن الجنون. فقد آن الأوان لاتخاذ قرارات قاطعة. في اللحظة التي سيدرك فيها الفلسطينيون انهم لا يستطيعون التغلب علينا من خلال الديمغرافيا، سيبدأون بالتفاوض معنا لانه لن يكون لديهم خيار آخر».


القدس ـ «البيان»: