عبدالغفور الخطيب
20-04-2005, 12:41 AM
حيوية الفكر تقتضي الالتزام بشروط
استمرار الحياة في أي جسم ، تقتضي تفاعل أعضاء وخلايا الجسم مع بعضها أولا ومع المؤثرات الخارجية ، بسرعة وبردة فعل مناسبة ، فأحيانا يتم خدر في أحد اليدين ، فلا يعضها صاحبها أو يبترها ، بل يصبر عليها ويعاملها برفق بواسطة اليد الأخرى ، أو يستعين بمن يثق ليسعفه .
وفي التأثير الخارجي ، يتقي كل جسم عاقل المؤثرات الخارجية كعوامل الجو او الوحوش او الزلازل ضمن إمكانياته المتاحة ، فان كان خطرها لا يمهله ردة فعل عقلانية ، تكون ضامنة له في درء تلك الأخطاء ، عليه أن يستثمر كل إمكانية متاحة في جسمه كفرد او في رصيده كجماعة .
كل ذلك عند معشر بني آدم ، يحتاج الى مزيد من الفقه الذي يصبح فيما بعد بمثابة دستور أو نظام اجتماعي ، ينظم علاقات الناس كأفراد او كمجموعات بما يضمن لهم تعايش سلمي يتم بعده توزيع الأدوار ضمن تحركهم كمجموعات تعيش في بقعة محددة أو حتى تنظيم علاقات تلك المجموعات المتعايشة ، مع بقية شعوب الأرض .
وكل ما كان الفقه العام الذي يسود الفضاء الذهني محصنا بضوابط قانونية سواء كانت سماوية او وضعية ، تسمح بتدفق نتاج العقل كإبداع ، كلما اقترب المجتمع من حالة الاستقرار في التعايش بين أفراده ، وساد الود والسلام بين كافة ابناء المجتمع ، واسهم كل أبناءه في دفع عجلة التقدم فيه بروح المسؤولية التي تكون تتحرك كشريك رضي بقيادته ورضي بدوره ، ودون أن يحسب حساب فيما لو كان مراقبا أم طليقا . بعكس روح الواجب التي تخشى القائد ومن يبلغه عدم قيام الآخرين بواجبهم ، وحتى وان تم القيام بالواجب فان إتمامه سيكون دون إبداع ودون إحساس بالمواطنة .
إن من يتسلح بفكر جماعة ، ويحب ذلك الفكر ، فان عليه ان يدافع عن فكره بتفنن كبير ودون ردات فعل يراد منها إسقاط الآخر ، بما أوتي صاحب الفكر من عوامل تحسسه أنه اكثر قوة من غيره . فيحاول ان يختصر عملية إقناع ذلك الآخر بقمعه بشكل مبكر . فان كان هو الأقوى وفكره أكثر إقناعا ولديه وسائل لا يملكها ( خصمه) الذي هو بالحقيقة ليس خصمه ، بل مواطنه ، ويشكل خلية من خلايا جسم الأمة ، التي ستكون رصيدا آنيا ومستقبليا لكل طارئ لم يتم التدرب على إكتناه قوته .
ان حيوية الفكر فيما لو أتقن العمل بها ، فانها لن تذر سنبلة في أرض الوطن تذهب هباء ، لمن يحرص على حشد عوامل القوة في الأمة . واذا ما تم ذلك فان مخازن الأمة ستمتلئ بالمحاصيل ، وعندما يكون الحاصد والراجد غير مهتم بتلك السنبلة او غيرها ، فان من يلتقط من وراءه ستمتلئ مخازنه من أرضنا أكثر مما تمتلئ مخازننا .
ان الحكم على حيوية الفكر ، لا يتم من خلال ما يطرح في الكتب من أفكار ، ولا ما ينظم من قصائد ولا ما يصاغ من أعمال فنية من أفلام ومسلسلات وريبورتاجات ، بل ما يتمثل به سلوك من يؤمن بالفكر نفسه ، وما يتراكم لدى شهادات الناس حول مجموع المسلكيات العامة للمؤمنين بالفكر ، او من يدعون انهم آمنوا به بالأصل . فكتاب الله هو أسمى من أن يقارن بأي فكر ، والمدعون بالإيمان به كثيرون على مر تاريخ الأمة ، ومع ذلك فقد دب الضعف تدريجيا بالأمة قبل أمريكا والكيان الصهيوني ، عندما لم يتطابق السلوك مع ما يستوجب به الإيمان بكتاب الله .
أما في حالة الفكر الموضوع من قبل البشر ، فانه يسود في حالات ، عندما يراعي شرع الله و يتوافق مع طموحات ابناء المجتمع . ولكن لن يكون هناك إقرار بأي فكر بشكل كامل ، حتى الرسل كان هناك من يعصاهم و يضع العراقيل بطرقهم . وقد نظم الله للناس سبل التعامل مع هؤلاء العصاة ، و تدرجت الطرق باللين و الموعظة والرفق ، وكان يتم تحول من جانب العدو الى جانب الإيمان وتدفع محصلة قوى المؤمنين الى الأمام .. فكان ما كان من نشر للدعوة وكان ما كان من نمو معرفي وحضاري ، و إتمام للرسالة .
أما في العصر الحاضر ، فإن ابتلاء الأمة بأنصاف الواعين و أدعياء الفكر ، الذين يبدءون حديثهم ب ( اذا ما عملوا الناس كذا فمصيرهم الى كذا ) ، وماذا حصل ؟ لقد تم تجيير تلك الحماقات وما أنتجته الى حساب المشروع النهضوي الكبير الذي كانت الأمة ترقبه كمخلص لها مما هي فيه .
واليوم يتم كل يوم التعرف على نماذج من خلال كتابات ، تصر على إلغاء الآخر ، وان كانت لا تختلف معه من أصل مائة نقطة الا على مجموعة قليلة من نقاط الاختلاف لا تصل الى عشرة في أحسن الأحوال .
ألم نكتسب من تجربة الهند و جنوب إفريقيا التي استوعبت كل من ضد المحتل ، بلاد العرب كلها محتلة ، ولو ان التي تعرف بأنها محتلة أملها في النهوض أكثر من تلك التي تتدعي الاستقلال ، والتي تحت الاحتلال صنعت تجربة التعايش وتعاطي الفكر بحيوية أكثر من تلك التي ليست بالظاهر أنها تحت الاحتلال .
والدعوة لكل أبناء الأمة ان يستمعوا لبعض ، وليتنازل كل منا عن جزء من علياءه طالما وثق في مواطنه المفارق حسن النية ، وتوجهه الى نفس القبلة ، فكلهم خلايا و أعضاء في جسم الأمة لهم الحق كما لدى كل واحد الحق ، ولا يمكن لجسم ان يرضى ببتر عضو منه ، الا اذا كان في حالة ( الغرغرينا )، فبتره عندها يضمن عدم تهاوي الجسم . لكن لنحذر المبالغة بالتشخيص .
استمرار الحياة في أي جسم ، تقتضي تفاعل أعضاء وخلايا الجسم مع بعضها أولا ومع المؤثرات الخارجية ، بسرعة وبردة فعل مناسبة ، فأحيانا يتم خدر في أحد اليدين ، فلا يعضها صاحبها أو يبترها ، بل يصبر عليها ويعاملها برفق بواسطة اليد الأخرى ، أو يستعين بمن يثق ليسعفه .
وفي التأثير الخارجي ، يتقي كل جسم عاقل المؤثرات الخارجية كعوامل الجو او الوحوش او الزلازل ضمن إمكانياته المتاحة ، فان كان خطرها لا يمهله ردة فعل عقلانية ، تكون ضامنة له في درء تلك الأخطاء ، عليه أن يستثمر كل إمكانية متاحة في جسمه كفرد او في رصيده كجماعة .
كل ذلك عند معشر بني آدم ، يحتاج الى مزيد من الفقه الذي يصبح فيما بعد بمثابة دستور أو نظام اجتماعي ، ينظم علاقات الناس كأفراد او كمجموعات بما يضمن لهم تعايش سلمي يتم بعده توزيع الأدوار ضمن تحركهم كمجموعات تعيش في بقعة محددة أو حتى تنظيم علاقات تلك المجموعات المتعايشة ، مع بقية شعوب الأرض .
وكل ما كان الفقه العام الذي يسود الفضاء الذهني محصنا بضوابط قانونية سواء كانت سماوية او وضعية ، تسمح بتدفق نتاج العقل كإبداع ، كلما اقترب المجتمع من حالة الاستقرار في التعايش بين أفراده ، وساد الود والسلام بين كافة ابناء المجتمع ، واسهم كل أبناءه في دفع عجلة التقدم فيه بروح المسؤولية التي تكون تتحرك كشريك رضي بقيادته ورضي بدوره ، ودون أن يحسب حساب فيما لو كان مراقبا أم طليقا . بعكس روح الواجب التي تخشى القائد ومن يبلغه عدم قيام الآخرين بواجبهم ، وحتى وان تم القيام بالواجب فان إتمامه سيكون دون إبداع ودون إحساس بالمواطنة .
إن من يتسلح بفكر جماعة ، ويحب ذلك الفكر ، فان عليه ان يدافع عن فكره بتفنن كبير ودون ردات فعل يراد منها إسقاط الآخر ، بما أوتي صاحب الفكر من عوامل تحسسه أنه اكثر قوة من غيره . فيحاول ان يختصر عملية إقناع ذلك الآخر بقمعه بشكل مبكر . فان كان هو الأقوى وفكره أكثر إقناعا ولديه وسائل لا يملكها ( خصمه) الذي هو بالحقيقة ليس خصمه ، بل مواطنه ، ويشكل خلية من خلايا جسم الأمة ، التي ستكون رصيدا آنيا ومستقبليا لكل طارئ لم يتم التدرب على إكتناه قوته .
ان حيوية الفكر فيما لو أتقن العمل بها ، فانها لن تذر سنبلة في أرض الوطن تذهب هباء ، لمن يحرص على حشد عوامل القوة في الأمة . واذا ما تم ذلك فان مخازن الأمة ستمتلئ بالمحاصيل ، وعندما يكون الحاصد والراجد غير مهتم بتلك السنبلة او غيرها ، فان من يلتقط من وراءه ستمتلئ مخازنه من أرضنا أكثر مما تمتلئ مخازننا .
ان الحكم على حيوية الفكر ، لا يتم من خلال ما يطرح في الكتب من أفكار ، ولا ما ينظم من قصائد ولا ما يصاغ من أعمال فنية من أفلام ومسلسلات وريبورتاجات ، بل ما يتمثل به سلوك من يؤمن بالفكر نفسه ، وما يتراكم لدى شهادات الناس حول مجموع المسلكيات العامة للمؤمنين بالفكر ، او من يدعون انهم آمنوا به بالأصل . فكتاب الله هو أسمى من أن يقارن بأي فكر ، والمدعون بالإيمان به كثيرون على مر تاريخ الأمة ، ومع ذلك فقد دب الضعف تدريجيا بالأمة قبل أمريكا والكيان الصهيوني ، عندما لم يتطابق السلوك مع ما يستوجب به الإيمان بكتاب الله .
أما في حالة الفكر الموضوع من قبل البشر ، فانه يسود في حالات ، عندما يراعي شرع الله و يتوافق مع طموحات ابناء المجتمع . ولكن لن يكون هناك إقرار بأي فكر بشكل كامل ، حتى الرسل كان هناك من يعصاهم و يضع العراقيل بطرقهم . وقد نظم الله للناس سبل التعامل مع هؤلاء العصاة ، و تدرجت الطرق باللين و الموعظة والرفق ، وكان يتم تحول من جانب العدو الى جانب الإيمان وتدفع محصلة قوى المؤمنين الى الأمام .. فكان ما كان من نشر للدعوة وكان ما كان من نمو معرفي وحضاري ، و إتمام للرسالة .
أما في العصر الحاضر ، فإن ابتلاء الأمة بأنصاف الواعين و أدعياء الفكر ، الذين يبدءون حديثهم ب ( اذا ما عملوا الناس كذا فمصيرهم الى كذا ) ، وماذا حصل ؟ لقد تم تجيير تلك الحماقات وما أنتجته الى حساب المشروع النهضوي الكبير الذي كانت الأمة ترقبه كمخلص لها مما هي فيه .
واليوم يتم كل يوم التعرف على نماذج من خلال كتابات ، تصر على إلغاء الآخر ، وان كانت لا تختلف معه من أصل مائة نقطة الا على مجموعة قليلة من نقاط الاختلاف لا تصل الى عشرة في أحسن الأحوال .
ألم نكتسب من تجربة الهند و جنوب إفريقيا التي استوعبت كل من ضد المحتل ، بلاد العرب كلها محتلة ، ولو ان التي تعرف بأنها محتلة أملها في النهوض أكثر من تلك التي تتدعي الاستقلال ، والتي تحت الاحتلال صنعت تجربة التعايش وتعاطي الفكر بحيوية أكثر من تلك التي ليست بالظاهر أنها تحت الاحتلال .
والدعوة لكل أبناء الأمة ان يستمعوا لبعض ، وليتنازل كل منا عن جزء من علياءه طالما وثق في مواطنه المفارق حسن النية ، وتوجهه الى نفس القبلة ، فكلهم خلايا و أعضاء في جسم الأمة لهم الحق كما لدى كل واحد الحق ، ولا يمكن لجسم ان يرضى ببتر عضو منه ، الا اذا كان في حالة ( الغرغرينا )، فبتره عندها يضمن عدم تهاوي الجسم . لكن لنحذر المبالغة بالتشخيص .