خطاب
19-04-2005, 07:43 AM
أبو غريب بين الأمس واليوم
شبكة البصرة
المحامي مهند علاونة - الأردن
لقد كانت المرة الأولى التي حطت إقدامي بها على ثرى العراق العظيم كان ذلك في الثاني من تشرين الثاني عام 2001 في صبيحة ذلك اليوم التالي لوصولي إلى بغداد توجهت إلى مكان ما غرب العاصمة العراقية بغداد،وكان هذا المكان سجن أبي غريب وكان السبب في ذلك لزيارة احد المساجين هناك،وقد كان يدور في مخيلتي أن أقوم بزيارة أماكن جميلة أخرى في بغداد خاصة أنها كانت الزيارة الأولى لي،لكن القدر قادني إلى هذا المكان الذي أصبح ألان من أكثر مناطق العالم ذكرا،سواء على السن الناس أو على محطات التلفاز و الإذاعات في مشارق الأرض ومغاربها، وإنني بكل أمانة أسجل ما شاهدته في هذه البقعة من ارض العراق بتاريخ 3/11/2001 في سجن أبو غريب.
فقد ذهلت منذ البداية منذ دخولي إلى مبنى السجن وهو مبنى ضخم محاط بأسوار عالية فقد كانت إجراءات الدخول سهلة جدا ولم ننتظر أكثر من دقائق حتى دخلنا إلى داخل مبنى السجن، وعند دخولنا إلى الجناح الذي يوجد فيه السجين الذي كنت أود زيارته وجدنا كل احترام من المسئولين هناك، وكانوا يدخلون عائلات بأكملها من أطفال ونساء وقد كنت أتوقع أن جميع هؤلاء الزوار ومن ضمنهم نحن سوف نذهب إلى مكان معين ويؤتى بالسجناء لنا ونتكلم معهم من خلف حاجز أو شباك كما هو مألوف في جميع السجون في جميع دول العالم حتى في الدول التي تدعي أنها أكثر الدول ديمقراطية، وهذا ما نشاهده في حياتنا اليومية، وكانت المفاجأة الكبيرة أن جميع الزوار سوف يدخلون إلى ذويهم داخل السجن وداخل الغرف، وسالت من معي عن الأمر فقال إن نظام الزيارة هنا إن يقوم الزوار بالدخول إلى الداخل ويقضي الزائر يومه بالكامل مع السجين ويقومون بالطبخ والغسيل حيث إن الزوار يجلبون معهم كل ما يحتاجون إليه من طعام وشراب وكأنهم ذاهبون في نزهة، وبالدخول إلى داخل غرف السجناء، فقد كانت غرف متعددة منها ما هو فردي ومزدوج وهنالك غرف على شكل صالات ينام فيها أكثر من شخص وللسجين الحرية في النوم في المكان الذي يناسبه وحسب رغبته الشخصية وهذا ما أفاده السجناء وما شاهدناه على ارض الواقع، وهذه الغرف مزوده بكل وسائل الراحة فيوجد بها تلفاز ومكيف خاص بكل غرفة يعمل ليلا نهارا ومسجل ويوجد سرير لكل شخص وكل وسائل الراحة، هذا ناهيك عن النظافة التي شاهدناها سواء كانت شخصية التي تظهر بادية على السجناء أو على المكان، فقد كنت أتوقع أن يكون السجين الذي نود زيارته بوضعية السجناء المعتادة التي نشاهدها في حياتنا العملية كمحامين أو ما نشاهده على شاشات التلفاز أو أن يكون السجين بحالة سيئة، وللأمانة فقد كان السجناء يلبسون الملابس التي نلبسها يوميا، وليس ملابس خاصة بالسجن وكان السجين الذي ذهبت إليه يضع ربطة عنق ويضع قلم في جيب قميصه وكأنه طالب جامعي يستعد للذهاب لدراسته أو موظف في شركة .
وتجولنا داخل السجن بكل حرية بدون أية قيود، وقد تجولنا في بساتين الورود التي توجد في السجن حيث إن الورود كان تغطي مساحات كبيرة من ارض السجن بالإضافة إلى شتى أنواع الخضروات المزروعة في السجن والتي تستخدم في اعداد الوجبات للسجناء، والتقينا من خلال تجوالنا بحرس السجن وتكلموا معنا بكل أخوية وكان من بين من تكلمنا معه مدير السجن، وكانت علاقة المساجين مع الحرس علاقة أخوية ،فقد كان يتبادلون أطراف الحديث والمزاح كأنهم زملاء لهم، وأثناء تجوالنا أيضا شاهدت ملاعب واسعة لكرة القدم والطائرة لمن يرغب باللعب فيها، ومن الأمور التي لفتت انتباهي وجود مصور خاص داخل السجن فأي سجين يستطيع التقاط صور داخل السجن ويبعث بها لذويه لوجود الأماكن الجميلة الكثيرة، فقد قمنا بالتقاط صور عديدة بين الورود والأشجار وداخل غرف السجن، ومن يشاهد هذه الصور من المستحيل أن يصدق أنها قد أخذت في سجن بل في حدائق غناء، بالإضافة إلى ما تقدم يستطيع السجين أن يقوم بالاتصال هاتفيا مع ذويه مقابل مبلغ من المال ومن خلال هاتف مخصص لذلك، ومن النظر إلى داخل الغرف فلا تجد مكتوب على جدرانها إلا كلمات العز والفخر وهي تذكر السجين بمعاني الرجولة والصبر، وجميع ما ذكرته آنفا ينطبق على جميع السجناء دون تمييز فقد كان السجين الذي قمت بزيارته سجين سياسي مدان بقضية تجسس ولا اعتقد انه يوجد أقبح منها جريمة وبالرغم من ذلك كان يعيش بنفس الظروف هذه التي ذكرتها، مثله مثل أي سجين آخر، وبالمقارنة بين هذه الظروف التي ذكرتها وبين ما نشاهده اليوم من مشاهد فظيعة تندى لها جبين الإنسانية فلا مجال للمقارنة مع التعذيب والقهر والإذلال الذي يتعرض له الأبطال المجاهدين في سجون الاحتلال اليوم وخصوصا سجن أبو غريب على يد جلاوزة الاحتلال الأمريكي والبريطاني الصهيوني، وان الأقلام المأجورة التي تحاول أن تربط ما بين وضع السجن قبل الاحتلال وبعده أقول لهم أن يتقوا الله كونهم لم يشاهدوا ما شاهدته لأنهم لم يكونوا يتجرءوا في يوم من الأيام أن تطأ أقدامهم ارض العراق العظيم لأنها كانت عصية على أمثالهم من الخونة والمأجورين الذين باعوا أنفسهم للشيطان، وأما ألان وللأسف أصبحت ارض العراق مرتعا خصبا للخونة والعملاء والصهيونية والرجعية والشعوبية، لكن ليعلم هؤلاء أن أيامهم في العراق قليلة بفضل المقاومة البطلة وان يوم دحرهم لقريب إن شاء الله.
شبكة البصرة
الاثنين 9 ربيع الاول 1426 / 18 نيسان 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
شبكة البصرة
المحامي مهند علاونة - الأردن
لقد كانت المرة الأولى التي حطت إقدامي بها على ثرى العراق العظيم كان ذلك في الثاني من تشرين الثاني عام 2001 في صبيحة ذلك اليوم التالي لوصولي إلى بغداد توجهت إلى مكان ما غرب العاصمة العراقية بغداد،وكان هذا المكان سجن أبي غريب وكان السبب في ذلك لزيارة احد المساجين هناك،وقد كان يدور في مخيلتي أن أقوم بزيارة أماكن جميلة أخرى في بغداد خاصة أنها كانت الزيارة الأولى لي،لكن القدر قادني إلى هذا المكان الذي أصبح ألان من أكثر مناطق العالم ذكرا،سواء على السن الناس أو على محطات التلفاز و الإذاعات في مشارق الأرض ومغاربها، وإنني بكل أمانة أسجل ما شاهدته في هذه البقعة من ارض العراق بتاريخ 3/11/2001 في سجن أبو غريب.
فقد ذهلت منذ البداية منذ دخولي إلى مبنى السجن وهو مبنى ضخم محاط بأسوار عالية فقد كانت إجراءات الدخول سهلة جدا ولم ننتظر أكثر من دقائق حتى دخلنا إلى داخل مبنى السجن، وعند دخولنا إلى الجناح الذي يوجد فيه السجين الذي كنت أود زيارته وجدنا كل احترام من المسئولين هناك، وكانوا يدخلون عائلات بأكملها من أطفال ونساء وقد كنت أتوقع أن جميع هؤلاء الزوار ومن ضمنهم نحن سوف نذهب إلى مكان معين ويؤتى بالسجناء لنا ونتكلم معهم من خلف حاجز أو شباك كما هو مألوف في جميع السجون في جميع دول العالم حتى في الدول التي تدعي أنها أكثر الدول ديمقراطية، وهذا ما نشاهده في حياتنا اليومية، وكانت المفاجأة الكبيرة أن جميع الزوار سوف يدخلون إلى ذويهم داخل السجن وداخل الغرف، وسالت من معي عن الأمر فقال إن نظام الزيارة هنا إن يقوم الزوار بالدخول إلى الداخل ويقضي الزائر يومه بالكامل مع السجين ويقومون بالطبخ والغسيل حيث إن الزوار يجلبون معهم كل ما يحتاجون إليه من طعام وشراب وكأنهم ذاهبون في نزهة، وبالدخول إلى داخل غرف السجناء، فقد كانت غرف متعددة منها ما هو فردي ومزدوج وهنالك غرف على شكل صالات ينام فيها أكثر من شخص وللسجين الحرية في النوم في المكان الذي يناسبه وحسب رغبته الشخصية وهذا ما أفاده السجناء وما شاهدناه على ارض الواقع، وهذه الغرف مزوده بكل وسائل الراحة فيوجد بها تلفاز ومكيف خاص بكل غرفة يعمل ليلا نهارا ومسجل ويوجد سرير لكل شخص وكل وسائل الراحة، هذا ناهيك عن النظافة التي شاهدناها سواء كانت شخصية التي تظهر بادية على السجناء أو على المكان، فقد كنت أتوقع أن يكون السجين الذي نود زيارته بوضعية السجناء المعتادة التي نشاهدها في حياتنا العملية كمحامين أو ما نشاهده على شاشات التلفاز أو أن يكون السجين بحالة سيئة، وللأمانة فقد كان السجناء يلبسون الملابس التي نلبسها يوميا، وليس ملابس خاصة بالسجن وكان السجين الذي ذهبت إليه يضع ربطة عنق ويضع قلم في جيب قميصه وكأنه طالب جامعي يستعد للذهاب لدراسته أو موظف في شركة .
وتجولنا داخل السجن بكل حرية بدون أية قيود، وقد تجولنا في بساتين الورود التي توجد في السجن حيث إن الورود كان تغطي مساحات كبيرة من ارض السجن بالإضافة إلى شتى أنواع الخضروات المزروعة في السجن والتي تستخدم في اعداد الوجبات للسجناء، والتقينا من خلال تجوالنا بحرس السجن وتكلموا معنا بكل أخوية وكان من بين من تكلمنا معه مدير السجن، وكانت علاقة المساجين مع الحرس علاقة أخوية ،فقد كان يتبادلون أطراف الحديث والمزاح كأنهم زملاء لهم، وأثناء تجوالنا أيضا شاهدت ملاعب واسعة لكرة القدم والطائرة لمن يرغب باللعب فيها، ومن الأمور التي لفتت انتباهي وجود مصور خاص داخل السجن فأي سجين يستطيع التقاط صور داخل السجن ويبعث بها لذويه لوجود الأماكن الجميلة الكثيرة، فقد قمنا بالتقاط صور عديدة بين الورود والأشجار وداخل غرف السجن، ومن يشاهد هذه الصور من المستحيل أن يصدق أنها قد أخذت في سجن بل في حدائق غناء، بالإضافة إلى ما تقدم يستطيع السجين أن يقوم بالاتصال هاتفيا مع ذويه مقابل مبلغ من المال ومن خلال هاتف مخصص لذلك، ومن النظر إلى داخل الغرف فلا تجد مكتوب على جدرانها إلا كلمات العز والفخر وهي تذكر السجين بمعاني الرجولة والصبر، وجميع ما ذكرته آنفا ينطبق على جميع السجناء دون تمييز فقد كان السجين الذي قمت بزيارته سجين سياسي مدان بقضية تجسس ولا اعتقد انه يوجد أقبح منها جريمة وبالرغم من ذلك كان يعيش بنفس الظروف هذه التي ذكرتها، مثله مثل أي سجين آخر، وبالمقارنة بين هذه الظروف التي ذكرتها وبين ما نشاهده اليوم من مشاهد فظيعة تندى لها جبين الإنسانية فلا مجال للمقارنة مع التعذيب والقهر والإذلال الذي يتعرض له الأبطال المجاهدين في سجون الاحتلال اليوم وخصوصا سجن أبو غريب على يد جلاوزة الاحتلال الأمريكي والبريطاني الصهيوني، وان الأقلام المأجورة التي تحاول أن تربط ما بين وضع السجن قبل الاحتلال وبعده أقول لهم أن يتقوا الله كونهم لم يشاهدوا ما شاهدته لأنهم لم يكونوا يتجرءوا في يوم من الأيام أن تطأ أقدامهم ارض العراق العظيم لأنها كانت عصية على أمثالهم من الخونة والمأجورين الذين باعوا أنفسهم للشيطان، وأما ألان وللأسف أصبحت ارض العراق مرتعا خصبا للخونة والعملاء والصهيونية والرجعية والشعوبية، لكن ليعلم هؤلاء أن أيامهم في العراق قليلة بفضل المقاومة البطلة وان يوم دحرهم لقريب إن شاء الله.
شبكة البصرة
الاثنين 9 ربيع الاول 1426 / 18 نيسان 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس