منصور بالله
16-04-2005, 11:26 AM
أولاد الحرام
بقلم : محمود شنب
mahmoudshanap@yahoo.com
mahmoudshanap@hotmail.com
تعيش مصر وسائر الدول العربية حالة من الفوضى الأخلاقية والإنفلات الأدبى والفساد الخلقى الذى لم نعرف له مثيلاً لعصور طويلة والذى لا يتناسب أبدًا مع ما يأمرنا به ديننا الحنيف الذى يحضنا على مكارم الأخلاق ، وصلاح أمر المسلمين وفساده يعود بالدرجة الأولى إلى الأخلاق .. يقول الشاعر : صلاح أمرك للأخلاق مرجعه ، فقوم النفس بالأخلاق تستقم ، ويقول آخر : وإذا أصيب القوم فى أخلاقهم فأقم عليهم مأتمًا وعويلاً ، وما نراه اليوم من انحطاط وتعرى وفجور يعود فى الأساس لإنهيار منظومة الأخلاق داخل نفوسنا ، واتباعنا لنهج الغرب شبرًا شبر وذراعًا بذراع .
ولقد انبهر شبابنا بالغرب أيما إنبهار ، وحاكوه فى كل ما يفعل ، وجعلوه المعلم والمرشد والنموذج والقدوة ، وما يجعل صورة الغرب مبهرة فى عيون شبابنا هو امتلاكه لتلك الثروة العلمية والتكنولوجية التى بهر بها أعين الناس وجعلها دليل عظمة ورقى ... هذه الطفرة الصناعية والعلمية التى يمتلكها الغرب الآن هى التى تدارى سوءة الغرب وتبعد الأنظار عن أفعاله القبيحة وإنحلاله الخلقى ، ولو قـُدر لهذا العلم الذى لا يحميه أدب ولا ترعاه فضيلة أن يضمحل ويختفى ما بقى من الغرب إلا النفايات والتفكك والضياع ، وما أصبح له رأى ولا غلبه ..
والكارثة أن شبابنا لم يأخذ من الغرب إلا أسوأ ما فيه ، ولم يحاكيه فى جهد أو علم أو تميز او إبداع !!
لقد قايضنا كل تراثنا وكل ما تميزنا به من قيم واخلاق بتعرى وسفور ولهو وضياع .. تركنا كنز وأخذنا وباء مثلما يقول الدكتور المجاهد محمد عباس .
نعم فى الغرب قيادات رائعة ورائدة فى شتى مجالات الحياة ، ولكن فيه أيضًا قيادات ساقطة ومنحطة تعمل عمل العصابات التى تسوق العالم إلى الهلاك وتغذيه بأدوات اللهو وتيسر له سبل البغاء .
وفى ظل الإنهيار الأخلاقى لا يمكن لعاقل الإنبهار بأى شئ فالأخلاق الحميدة تظل دائمًا الحصن الحصين لأى إبداع ، وبدونها لا يمكن ضمان أى شئ ، والتاريخ خير شاهد على ذلك فكم من ممالك أسقطها الفساد ، وكم من معاقل دمرها الفسق والفجور ، والغرب الآن يقترب من النهاية المحتومة التى لا يمكنه الفكاك منها .. إنه يفعل كل الموبقات تحت دعاوى الحرية ، وأصبحنا نرى العجب العجاب من تلك البلدان التى تسمى نفسها بدول العالم الأول وهى لا تخجل من أفعالها الوضيعة وتصرفاتها القبيحة .... فى العديد من كنائس الغرب الآن يعقد قران الرجل على الرجل والمرأة على المرأة ، ويقام لهذا الشذوذ أعظم المراسم وأكبر الحفلات ، وفى بعض الدول الغربية تم إباحة زواج المحارم وأصبح من حق الرجل أن يتزوج إبنته أو أخته أو إبنة أخيه أو عمته أو خالته أو حتى أمه !!
حياتهم فى الجنس صارت أقرب بعلاقات الأنعام بل هى أضل سبيلاً ، وزواج المحارم فى هذه البلدان لم يكن هدف وإنما كان وسيلة قصد منها تدمير كل ما تبقى من صور الحياة الأسرية والقيم النبيلة وذلك من خلال إباحة العلاقات الآثمة وفرضها على المجتمع وإقرارها فى صورة زواج رسمى ، حتى إذا ما أقر ذلك رسميًا أصبح انتشاره مقبولاً وعاديًا خارج نطاق الزواج .
والغرب منذ أمد بعيد لا يعترف بما يسمى غشاء البكارة ، وأسقط من تفكيره هذا الجزء الغالى من التكوين الطبيعى للفتاة وتعامل معه على أنه زائدة دودية وحالة مرضية يجب التخلص منها ، وذلك بغية إفساح المجال للقبول وإفساد كل الضوابط التى كانت تحول بين الفتاة وبين مقاصد الغرب الدنيئة ، فأصبح لا فرق بين الفتاة الساقطة والفتاة الملتزمة ، ولا فرق بين من تحتفظ بغشاء بكارتها أو من تفقده !!
فعلوا ذلك ثم قاموا بتصدير ثقافتهم المنحلة إلى أوطاننا المحتلة وتم محاربتنا بالغزو الفكرى جنبًا إلى جنب مع الغزو العسكرى ، وتساقطت قلاعنا الأخلاقية عن طريق عملاء جعلهم الغرب فى كل المواقع ، وغشاء البكارة الذى استطاع أن يصمد طويلاً فى بلادنا أصبح الآن يتساقط وتتساقط معه دماء الشرف على أعتاب الزواج العرفى الذى بلغ حد التدمير .
إن غشاء البكارة الذى استطاع الغرب التخلص منه فى مراحل الطفولة المبكرة وسنوات المراهقة يعد من أهم رموز الشرف فى حياة الأنثى ، لأنه دليل الشرف والفضيلة ورمز الحياء والطهارة ، ولو فكرنا فى ذلك جيدًا لاكتشفنا أن الأمر ليس عبثا لكنه يحتوى على حقائق سامية ومذهلة ومعجزة ، فالمرأة على فطرتها تمثل معرضًا لكل الفنون الجميلة التى أبدعها الخالق ، وهى شئ عظيم أبدعه فاطر السماوات والأرض .. هذا المعرض أودعه الله كل ما تصبو إليه الروح وترتاح إليه النفس .. هذا المعرض البديع جعل الله له حارس من القيم والحياء وضوابط من الشرع والدين ، وحتى لا تصل أصابع العبث إلى هذا الكنز الثمين وتنهب محتوياته وضع الخالق على باب هذا المعرض شريط رقيق لا يُـقص إلا يوم الافتتاح فيما يعرف لدينا بإسم "ليلة الزفاف" تمامًا كالذى يفعله المبدعون عند افتتاح معارضهم حيث يتم وضع هذا الشريط بمجرد استكمال كل شئ فى المعرض والانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة لهذا الحدث المتميز فيتم وضع الشريط على باب هذا المعرض لحين افتتاحه ، وذلك من أجل أن نضمن سلامة محتوياته ومن أجل الفصل بينه وبين من يريد أن يعبث به ، ولا يحق لكائن مهما كان أن يقص هذا الشريط إلا صاحب الشخصية المرموقة ، والزوج فى هذه الحالة هو صاحب الشخصية التى أحل الله لها التمتع بهذا المعرض والاطمئنان على كل محتوياته ، وفى الحياة العامة إن لم تجد الشخصيات الكبيرة هذا الشريط مشدود على أبواب المعارض والمشروعات الكبيرة لا يتم الافتتاح ولا تقام الإحتفالات ولا يُلتفت لهذا الحدث ، والفتاة التى تفقد غشاء بكارتها تصبح كالمعرض المستباح الذى نـُهبت مكوناته واستبيحت حرماته وصارت بضاعته مغشوشة ومستعملة وفاقدة القيمة ومستهلكة .
هذه القيمة العظيمة جعلها الغرب دليل تخلف للفتاة ، وبمثل هذه الأفعال أفسد الغرب علينا كل شئ وسلب من الأشياء النبيلة المعنى والهدف .
وللأسف لم ينتقل إلينا الانحلال الخلقى عن طريق الجهل والإنغلاق وإنما وصلنا عن طريق العِلم والإعلام وولاة الأمر فينا ، وما يبنيه الوالد فى عام يهدمه الإعلام فى لحظة ، وما ترعاه الأم طيلة عمرها يخطفه غراب البين فى غمضة عين ، وللأسف لم تجد دعاوى الإنحلال الخلاقى فى أوطاننا ما يتصدى لها من الأقلام الشريفة ويقومها بعدما انشغل شرفاء الأمة بالمعارك التى تدور من حولنا ... إنشغلنا بالمعارك العسكرية عن المعارك الأخلاقية على الرغم من الأخيرة أشد ضررًا وفتكـًا بمجتمعاتنا الإسلامية ، فالأولى تهدم البنيان والثانية تدمر الإنسان .. لقد ألهتنا مصائبنا الخارجية عن مصائبنا الداخلية بعد أن غطى قصف الطائرات على فعل العاهرات ونجحت انفجارات الصواريخ فى التغطية على انفجارات القيم والمبادئ ، وتركنا الخوارج والعملاء يعبثون فى أمن الوطن وقيم الأمة حتى تغيرت لبنات المجتمع واهتزت ثوابته وتساقطت أعمدته وخر علينا السقف وأصبحنا نتحرك كالزواحف ونسلك شقوق الغرب التى لا تؤدى إلا للهلاك .
ومثلما ضاع الانتماء من صدور المثقفين ضاع الحياء من عيون الشباب وافتقدناه رويدًا رويدًا دون أن نشعر بعد أن تحولت كل وسائلنا التربوية والثقافية والإعلامية إلى أدوات هدم وتدمير تحض على الرذيلة وتشجع على البغاء ، والحياء شعبة من شعب الإيمان ، ولكل دين خـُلق وخلق الإسلام الحياء فأين ذهب هذا الحياء وكيف تحول المجتمع إلى وكر للساقطات والشواذ ومحترفى البغاء ، وعندما ينزع الحياء من أمة تصبح الأمة خاوية وخالية من كل خلق وفضيلة وتتحول فيها عيون البشر إلى عيون وقحة تتعامل مع الحرام وكأنه حلال .. لا تستحى من منكر ولا تخجل من عار ، وفى الأسابيع الأخيرة تناولت قنواتنا الفضائية بشكل مبالغ فيه قضية هند الحفناوى التى أخطأت مع إبن الفيشاوى وارتكبت جريمة الزنا وأنجبت إبنة من الحرام .. هذه القضية تعمد الإعلام المصرى أن يتناولها بالتفصيل من أجل نشر ثقافة جديدة تهدف إلى نشر الإباحية والشذوذ وتتناول هذه الأمور بصورة علنية تكسر حاجز الحياء والأدب وتنشر الفوضى والرذيلة .. لقد تعمدت هذه القنوات وكثيرًا من الصحف والمجلات استضافة هذه الفتاة والإحتفاء بها لتحكى بعيون وقحة تفاصيل سفالتها ، ثم يفجر والدها الدكتور المفاجأة ويعلن بأنه أقام لحفيدته ـ بنت الحرام ـ "سبوع أسطورى" لم تشهد له البلاد مثيلاً ، فى الوقت الذى رفعوا فيه قضية إثبات نسب لهذه الطفلة ضمن 20 ألف حالة مماثلة تشهدها المحاكم المصرية هذا العام ، وهذا مؤشر خطير يدلنا على ما آلت إليه أحوالنا الداخلية ، ولنا أن نتخيل حجم المشكلة الحقيقى حيث لا يمثل الرقم المذكور إلا النسبة المحدودة ممن لديهم الجرأة والقدرة على التعامل مع مثل هذه القضايا والمجاهرة بالفواحش بغية إثبات نسب "أولاد الحرام" بينما يختفى الرقم الحقيقى فى الأزقة والحوارى الضيقة وعلى الأرصفة والنواصى وفتحات المجارى ووسط أكوام الزبالة ، حيث يلقى كل يوم أطفال حديثى الولادة فى مجتمع أصبحت إحدى سماته البلادة وأغلقت فى وجهه دور العبادة .
إن ما نعيشه من محن وكروب ليس بعيدًا عن ما تقترفه أيادى الإجرام والفواحش فى بلادنا .. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة )) ويقول أيضا : (( ويل للعرب من شر قد اقترب ... قالوا يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟؟ .. قال : نعم إذا كثر الخبث )) .
وما فعلته هند الحناوى لم يعد غريبًا على المجتمع المصرى ، فحكايتها حكاية مكررة فى كل بيت وجامعة لكن الغريب فى الأمر هو المجاهرة بالسوء وهو ما جعل الصحف الأمريكية والبريطانية تهتم بهذه القضية حيث اعتبرتها جريدة "الجارديان" ميلادًا جديدًا لمصر وأنها إحدى مؤشرات الإصلاح الذى يدعو إلى تدشين ثقافة الجنس الآمن فى مجتمعاتنا الإسلامية ... هند اعتبرت هذا الأمر أمرًا عاديًا ، وظهرت على القنوات الفضائية لتعلن أنها لم تفعل شيئـًا مشينـًا ، وقالت بالحرف الواحد : ( بنات كتير بتبات خارج منازلهم ) ... هذا الكلام الساقط وصفه النائب زكريا عزمى بأنه مسخرة فى برنامج "البيت بيتك" الذى استضاف أحمد الفيشاوى ، واعترف أحمد على الهواء بارتكاب الزنا وانه لم يتزوج هذه الفتاة ، بينما أصرت هند على أنها متزوجة منه عرفيًا !!
والآن وأنت تقرأ هذه السطور تقام ندوات "للجنس الآمن" بمدارسنا ونوادينا ، ومنذ أيام قلائل شهدت مدينة السادات ندوة أقيمت لطلبة وطالبات مدرسة على بن أبى طالب للتعليم الأساسى ، وندوة مماثلة بنادى النجوم الرياضى بنفس المدينة ... أتدرون من المحاضر فى هذه الندوات ؟؟ ... إنها صفيه العمرى ـ صاحبة ليالى الحلمية ـ والأفلام الساقطة وسفيرة النوايا القذرة لدى الأمم المتحدة ومعها مجموعة من أساتذة جامعة عين شمس ممن يهرولون خلف العطايا والمنح الغربية .. كان الموضوع الذى اجتمعوا من أجله مع فتية وفتيات لم يبلغن أربعة عشر عامًا يدور حول "الثقافة الجنسية والصحة الإنجابية" .. فى هذا المؤتمر تم توزيع كتيبات تتعلق بالجنس الآمن وصحة المراهقين ، وعندما علم أولياء الأمور بذلك احتجوا وأعلنوا رفضهم لهذه الأعمال القذرة تم إلغاء محاضرة أخرى بمدرسة السادات الثانوية بنفس المدينة والتى كان من المقرر أن يحاضر فيها كل من فيفى عبده وصفيه العمرى مثلما نشرت جريدة آفاق عربية !!
أرأيتم مهازل بلغت مثل هذا الحد ؟!! ... إنهم يفسدون الفطرة ويدمروا الأخلاق !! ... مجموعة تعلم الأبناء الثقافة الجنسية والصحة الإنجابية والحمل الآمن ، ومجموعة أخرى تحتفى بمن يفعل الحرام ويرتكب الفواحش !!
فى كل إنسان منا قانون أخلاقى يسمى الفطرة .. هذا القانون تتساقط دعائمه وأعمدته كلما ابتعد الانسان عن تعاليم ربه وخالقه .. تتساقط مثلما تتساقط أوراق الأشجار التى انقطع عنها المدد وسلبت منها أسباب الحياة .
يقول "كانط" ( شيئان يثيران فى نفسى الإعجاب والإحترام : السماء ذات النجوم من فوقى ، والقانون الأخلاقى فى داخلى ) .
الآن لا أحد ينظر إلى السماء من كثرة ما يحمل من خطايا وذنوب ، ولا أحد يشعر بأن بداخله قانون أخلاقى من كثرة ما تساقطت أوراق الخير فيه .
أطالع بعض جرائدنا وأقرأ العجب :
على جمعه مفتى الجمهورية يطالب على صفحات "المصرى اليوم" بتنحية الحدود الإسلامية لإختلاف العصر الذى نعيش فيه !!
على صفحات مجلة "الأهرام العربى" تقول نوال السعداوى المرشحة لرئاسة الجمهورية : ( إننى لم أختار دينى حتى الآن ) !!
فى "آفاق عربية" أقرأ قول الرئيس مبارك : ( إن الاخوان المسلمون هم آخر من تحتاجهم مصر ) !!
فى "أخبار اليوم" الصادرة فى 2/4/2005 شاب يعرض مشكلته ويقول : ( إن سمعة أمى التى كانت تعمل راقصة تطاردنى فى كل مكان حتى بعد موتها ورحيلها عن الدنيا ) وترد عليه الجريدة قائلة له ولباقى القراء : ( إن مهنة الرقص ليست عيبًا ، وأن الرقص مهنة مثل كل المهن الأخرى وأن الرقص فى المجتمعات الأخرى يحظى بكل احترام وتقدير ) !!
هذا قليل من كثير ، وما خفى كان أعظم ..
وما يصمت عنه شيخ الأزهر أشد جرمًا مما ينطق به ، فأين موقفه من فتيات النصارى الذين دخلن فى الإسلام فأسلمهم مبارك إلى حراس ملتهم الأولى وأجبرهم على الرجوع إلى الكفر وحلق شعرهن على الزيرو !!
أين موقف شيخ الأزهر من احتلال أمريكا للعراق وما يفعله الأوغاد فى بلاد الرافدين ؟!!
أين موقفه من الزواج العرفى وأولاد الحرام الذين تتضاعف أعدادهم كل يوم فى مصر ؟!!
أين موقفه من مسابقات ملكات الجمال التى تقام كل عام على أرض مصر ؟!!
أين موقفه من فضائح شرم الشيخ وشواطئ العراة ؟!!
إن ما يصمت عنه شيخ الأزهر أكثر بكثير من الكفر الذى ينطق به فى أمور كثيرة ليس أولها موقفه من العمليات الاستشهادية فى فلسطين ولن يكون آخرها موقفه من قضية الحجاب فى فرنسا !!
يريد الله أن يتوب على المسلمين ويريد الذين يتبعون الشهوات أن نميل ميلا عظيمًا نحو الجنس واللهو والضياع والفجور وشيوخنا وحكامنا يساعدوهم على ذلك !!
أسأل نفسى كثيرًا : إن كانت دول أوروبا وأمريكا على هذا القدر من التطور والتقدم والرقى فما الذى يجبرهم على السكوت وإغماض العين على كل ما يحدث فى العراق وفلسطين وسائر ديار المسلمين ؟!!
لماذا تتجه أنظارهم صوب دارفور ولا تلتفت أبدًا إلى ما يحدث فى فلسطين أو العراق ؟!!
إننى لا أخشى على الأمة من الأعداء لأن الله لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا ، إنما أخشى عليها من أصحاب الجلالة والفخامة لكونهم العدو الحقيقى الذى يحيط بالأمة ... لقد فرط الحكام الخونة فى القرآن ، فكيف لا يفرطوا فى الإنسان ؟!! ... إنهم يتعاملون من القرآن على أنه العدو الكاشف لهم والدال عليهم ، وعداوتهم للقرآن أشد من عداوتهم لأمريكا وإسرائيل !!
وأنا أتحدى أى نظام عربى يقبل الاحتكام إلى الله ورسوله .. أتحدى ظالم الحرمين وخائن مصر وأتحدى كل حاكم عربى يتمسح فى الإسلام أن يحتكم إلى الإسلام فى كل ما يحدث فى بلاده وفى المنطقة !!
إنهم يحتكمون إلى قوات الأمن فى تعاملهم مع شعوبهم فى الوقت الذى يتعاملون فيه مع اليهود والنصارى بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار وطول البال على الرغم من أن إسرائيل لا تتعامل معهم إلا بالأحذية !!
نحن لا نطالب الحكام بالمستحيل .. لا نطالبهم بأكثر من تنفيذ شرع الله ... ليست لنا مطالب أخرى ولا حقوق لنا عليهم إلا ما أقره الإسلام ، وبدون ذلك سيظل الإرهاب المحمود ما بقيت المظالم واغتصبت الحقوق .
إن الصراع الدائر الآن على أرض السعودية ومصر واليمن ودول الخليج وكل أرجاء الدنيا هو صراع بين الخير والشر والحق والباطل والإيمان والكفر وبين من يريد أن يحكم بما أنزل الله وبين من يريد أن يحكم بما أراد الطاغوت ..
الحكام العرب لا يؤمنوا بالله من قريب أو بعيد ، فالإيمان شئ لا يقبل القسمة ، وما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه ـ إما إيمان وإما كفر ... إنهم ينطقون بالشهادة مثلما نطق بها نابليون أثناء الحملة الفرنسية على مصر .. ينطقون بها مثلما نطق بها فرعون يوم أن قال وهو يغرق ( وأنا من المسلمين ) ... إنهم يعبدون أمريكا ولا يشركوا بها أحدًا ، وخشيتهم من بوش أشد من خشية الله ، وخوفهم من مخالفة القرارات الدولية أشد من خوفهم من مخالفة القرآن والسنة .. إنهم يوالوا الغرب دون تحفظ ويبالغوا فى الموالاة بطريقة مخزية جعلتهم يبالغوا فى الانحناء حتى أصبح الحاكم منهم يمشى مكبًا على وجهه لا يبصر من الحقيقة شيئـًا .
وموالاة الغرب لا تجلب إلا نكدًا ، والمتابع للخط البيانى لحركة الإسلام سيجد أن سنوات التسيد والإزدهار الإسلامى كانت فى السنوات التى اعتمد فيها المسلمون على انفسهم وخالقهم ، وان خط الإنكسار الإسلامى بدأ من يوم أن والينا الغرب وسرنا على هداه ، والمتدبر فى الأمر ستهوله النتائج التى ألمت بالأمة منذ تركنا الاعتماد على الله واعتمدنا على الكفرة والفسقة وقطاع الطرق .
إن للغرب أطماع كثيرة لا تتوقف عند حد ، ولقد حذرنا الله تعالى من موالاة الكفار والسير على هداهم وأخبرنا جل شأنه بحقيقة هامة ذكرها فى القرآن الكريم وقال وهو القادر على كل شئ : (( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ )) 71 ـ المؤمنون .
فهل سينجح مبارك وظالم الحرمين فيما أقره الله على نفسه إذا إتبع أهواء الكفره ؟!!
ويقول تعالى مخاطبًا أحب الخلق إليه وليس حسنى مبارك أو ظالم الحرمين : (( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ )) 120 ـ البقرة .
إن ما يحدث فى مصر بصفة خاصة وسائر الدول العربية بصفة عامة ، لم يعد خافيًا على أحد ، وصارت الجرائم ترتكب بوضوح لا يليق معه الصبر أو الصمت أو التحلى بالحكمة والموعظة الحسنة ... نحن لسنا أمام بشر .. إننا أمام كلاب من جهنم لا ترقب فى الأمة إلاً ولا ذمة ، وأغلب جرائمهم صارت ترتكب فى العلن وتتناقلها كل وسائل الإعلام دون خوف أو حياء ، ومن قبل عمل الخونة فى الخفاء مع أمريكا من أجل إذلال عبدالناصر وتركيع مصر ، وما فعلوه بالأمس مع عبدالناصر يفعلوه اليوم مع صدام ولكن جهارًا نهارًَا وليس فى الخفاء .. إنهم يساعدوا أمريكا على احتلال وتمزيق العراق ولا يشعرون بأى إثم أو خطيئة .
إننى لا أرى أى فضيلة فى الصبر على الحكام أكثر من ذلك ، والمصيبة اننا نجادل فى أمر تجديد ولايتهم فى وقت كان من المفترض أن نجادل فى طريقة حسابهم وعقابهم ومحاكمتهم !!
هل سننتظر حتى يأتى اليوم الذى نستخرج فيه مبارك من قبره لنحاكمه بعد أن تتكشف أبعاد جرائمه ؟!!
وهل فعلنا ذلك مع السادات الذى أوردنا موارد العار حتى نفعله مع مبارك الذى أوردنا موارد التهلكة ؟!!
إن الحاكم إذا لم يحاسب وهو على كرسى الحكم فلن يحاسب أبدًا حتى لو أشعلنا النار فى قبره ـ الشعوب الحية هى التى تحاسب حكامها وقت حدوث الخطأ حتى لا يستفحل الداء ويعم البلاء ... يقول رسولنا الكريم : (( أفضل الجهاد كلمة حق فى وجه سلطان جائر )) وليس على قبر سلطان راحل !!
بقلم : محمود شنب
mahmoudshanap@yahoo.com
mahmoudshanap@hotmail.com
تعيش مصر وسائر الدول العربية حالة من الفوضى الأخلاقية والإنفلات الأدبى والفساد الخلقى الذى لم نعرف له مثيلاً لعصور طويلة والذى لا يتناسب أبدًا مع ما يأمرنا به ديننا الحنيف الذى يحضنا على مكارم الأخلاق ، وصلاح أمر المسلمين وفساده يعود بالدرجة الأولى إلى الأخلاق .. يقول الشاعر : صلاح أمرك للأخلاق مرجعه ، فقوم النفس بالأخلاق تستقم ، ويقول آخر : وإذا أصيب القوم فى أخلاقهم فأقم عليهم مأتمًا وعويلاً ، وما نراه اليوم من انحطاط وتعرى وفجور يعود فى الأساس لإنهيار منظومة الأخلاق داخل نفوسنا ، واتباعنا لنهج الغرب شبرًا شبر وذراعًا بذراع .
ولقد انبهر شبابنا بالغرب أيما إنبهار ، وحاكوه فى كل ما يفعل ، وجعلوه المعلم والمرشد والنموذج والقدوة ، وما يجعل صورة الغرب مبهرة فى عيون شبابنا هو امتلاكه لتلك الثروة العلمية والتكنولوجية التى بهر بها أعين الناس وجعلها دليل عظمة ورقى ... هذه الطفرة الصناعية والعلمية التى يمتلكها الغرب الآن هى التى تدارى سوءة الغرب وتبعد الأنظار عن أفعاله القبيحة وإنحلاله الخلقى ، ولو قـُدر لهذا العلم الذى لا يحميه أدب ولا ترعاه فضيلة أن يضمحل ويختفى ما بقى من الغرب إلا النفايات والتفكك والضياع ، وما أصبح له رأى ولا غلبه ..
والكارثة أن شبابنا لم يأخذ من الغرب إلا أسوأ ما فيه ، ولم يحاكيه فى جهد أو علم أو تميز او إبداع !!
لقد قايضنا كل تراثنا وكل ما تميزنا به من قيم واخلاق بتعرى وسفور ولهو وضياع .. تركنا كنز وأخذنا وباء مثلما يقول الدكتور المجاهد محمد عباس .
نعم فى الغرب قيادات رائعة ورائدة فى شتى مجالات الحياة ، ولكن فيه أيضًا قيادات ساقطة ومنحطة تعمل عمل العصابات التى تسوق العالم إلى الهلاك وتغذيه بأدوات اللهو وتيسر له سبل البغاء .
وفى ظل الإنهيار الأخلاقى لا يمكن لعاقل الإنبهار بأى شئ فالأخلاق الحميدة تظل دائمًا الحصن الحصين لأى إبداع ، وبدونها لا يمكن ضمان أى شئ ، والتاريخ خير شاهد على ذلك فكم من ممالك أسقطها الفساد ، وكم من معاقل دمرها الفسق والفجور ، والغرب الآن يقترب من النهاية المحتومة التى لا يمكنه الفكاك منها .. إنه يفعل كل الموبقات تحت دعاوى الحرية ، وأصبحنا نرى العجب العجاب من تلك البلدان التى تسمى نفسها بدول العالم الأول وهى لا تخجل من أفعالها الوضيعة وتصرفاتها القبيحة .... فى العديد من كنائس الغرب الآن يعقد قران الرجل على الرجل والمرأة على المرأة ، ويقام لهذا الشذوذ أعظم المراسم وأكبر الحفلات ، وفى بعض الدول الغربية تم إباحة زواج المحارم وأصبح من حق الرجل أن يتزوج إبنته أو أخته أو إبنة أخيه أو عمته أو خالته أو حتى أمه !!
حياتهم فى الجنس صارت أقرب بعلاقات الأنعام بل هى أضل سبيلاً ، وزواج المحارم فى هذه البلدان لم يكن هدف وإنما كان وسيلة قصد منها تدمير كل ما تبقى من صور الحياة الأسرية والقيم النبيلة وذلك من خلال إباحة العلاقات الآثمة وفرضها على المجتمع وإقرارها فى صورة زواج رسمى ، حتى إذا ما أقر ذلك رسميًا أصبح انتشاره مقبولاً وعاديًا خارج نطاق الزواج .
والغرب منذ أمد بعيد لا يعترف بما يسمى غشاء البكارة ، وأسقط من تفكيره هذا الجزء الغالى من التكوين الطبيعى للفتاة وتعامل معه على أنه زائدة دودية وحالة مرضية يجب التخلص منها ، وذلك بغية إفساح المجال للقبول وإفساد كل الضوابط التى كانت تحول بين الفتاة وبين مقاصد الغرب الدنيئة ، فأصبح لا فرق بين الفتاة الساقطة والفتاة الملتزمة ، ولا فرق بين من تحتفظ بغشاء بكارتها أو من تفقده !!
فعلوا ذلك ثم قاموا بتصدير ثقافتهم المنحلة إلى أوطاننا المحتلة وتم محاربتنا بالغزو الفكرى جنبًا إلى جنب مع الغزو العسكرى ، وتساقطت قلاعنا الأخلاقية عن طريق عملاء جعلهم الغرب فى كل المواقع ، وغشاء البكارة الذى استطاع أن يصمد طويلاً فى بلادنا أصبح الآن يتساقط وتتساقط معه دماء الشرف على أعتاب الزواج العرفى الذى بلغ حد التدمير .
إن غشاء البكارة الذى استطاع الغرب التخلص منه فى مراحل الطفولة المبكرة وسنوات المراهقة يعد من أهم رموز الشرف فى حياة الأنثى ، لأنه دليل الشرف والفضيلة ورمز الحياء والطهارة ، ولو فكرنا فى ذلك جيدًا لاكتشفنا أن الأمر ليس عبثا لكنه يحتوى على حقائق سامية ومذهلة ومعجزة ، فالمرأة على فطرتها تمثل معرضًا لكل الفنون الجميلة التى أبدعها الخالق ، وهى شئ عظيم أبدعه فاطر السماوات والأرض .. هذا المعرض أودعه الله كل ما تصبو إليه الروح وترتاح إليه النفس .. هذا المعرض البديع جعل الله له حارس من القيم والحياء وضوابط من الشرع والدين ، وحتى لا تصل أصابع العبث إلى هذا الكنز الثمين وتنهب محتوياته وضع الخالق على باب هذا المعرض شريط رقيق لا يُـقص إلا يوم الافتتاح فيما يعرف لدينا بإسم "ليلة الزفاف" تمامًا كالذى يفعله المبدعون عند افتتاح معارضهم حيث يتم وضع هذا الشريط بمجرد استكمال كل شئ فى المعرض والانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة لهذا الحدث المتميز فيتم وضع الشريط على باب هذا المعرض لحين افتتاحه ، وذلك من أجل أن نضمن سلامة محتوياته ومن أجل الفصل بينه وبين من يريد أن يعبث به ، ولا يحق لكائن مهما كان أن يقص هذا الشريط إلا صاحب الشخصية المرموقة ، والزوج فى هذه الحالة هو صاحب الشخصية التى أحل الله لها التمتع بهذا المعرض والاطمئنان على كل محتوياته ، وفى الحياة العامة إن لم تجد الشخصيات الكبيرة هذا الشريط مشدود على أبواب المعارض والمشروعات الكبيرة لا يتم الافتتاح ولا تقام الإحتفالات ولا يُلتفت لهذا الحدث ، والفتاة التى تفقد غشاء بكارتها تصبح كالمعرض المستباح الذى نـُهبت مكوناته واستبيحت حرماته وصارت بضاعته مغشوشة ومستعملة وفاقدة القيمة ومستهلكة .
هذه القيمة العظيمة جعلها الغرب دليل تخلف للفتاة ، وبمثل هذه الأفعال أفسد الغرب علينا كل شئ وسلب من الأشياء النبيلة المعنى والهدف .
وللأسف لم ينتقل إلينا الانحلال الخلقى عن طريق الجهل والإنغلاق وإنما وصلنا عن طريق العِلم والإعلام وولاة الأمر فينا ، وما يبنيه الوالد فى عام يهدمه الإعلام فى لحظة ، وما ترعاه الأم طيلة عمرها يخطفه غراب البين فى غمضة عين ، وللأسف لم تجد دعاوى الإنحلال الخلاقى فى أوطاننا ما يتصدى لها من الأقلام الشريفة ويقومها بعدما انشغل شرفاء الأمة بالمعارك التى تدور من حولنا ... إنشغلنا بالمعارك العسكرية عن المعارك الأخلاقية على الرغم من الأخيرة أشد ضررًا وفتكـًا بمجتمعاتنا الإسلامية ، فالأولى تهدم البنيان والثانية تدمر الإنسان .. لقد ألهتنا مصائبنا الخارجية عن مصائبنا الداخلية بعد أن غطى قصف الطائرات على فعل العاهرات ونجحت انفجارات الصواريخ فى التغطية على انفجارات القيم والمبادئ ، وتركنا الخوارج والعملاء يعبثون فى أمن الوطن وقيم الأمة حتى تغيرت لبنات المجتمع واهتزت ثوابته وتساقطت أعمدته وخر علينا السقف وأصبحنا نتحرك كالزواحف ونسلك شقوق الغرب التى لا تؤدى إلا للهلاك .
ومثلما ضاع الانتماء من صدور المثقفين ضاع الحياء من عيون الشباب وافتقدناه رويدًا رويدًا دون أن نشعر بعد أن تحولت كل وسائلنا التربوية والثقافية والإعلامية إلى أدوات هدم وتدمير تحض على الرذيلة وتشجع على البغاء ، والحياء شعبة من شعب الإيمان ، ولكل دين خـُلق وخلق الإسلام الحياء فأين ذهب هذا الحياء وكيف تحول المجتمع إلى وكر للساقطات والشواذ ومحترفى البغاء ، وعندما ينزع الحياء من أمة تصبح الأمة خاوية وخالية من كل خلق وفضيلة وتتحول فيها عيون البشر إلى عيون وقحة تتعامل مع الحرام وكأنه حلال .. لا تستحى من منكر ولا تخجل من عار ، وفى الأسابيع الأخيرة تناولت قنواتنا الفضائية بشكل مبالغ فيه قضية هند الحفناوى التى أخطأت مع إبن الفيشاوى وارتكبت جريمة الزنا وأنجبت إبنة من الحرام .. هذه القضية تعمد الإعلام المصرى أن يتناولها بالتفصيل من أجل نشر ثقافة جديدة تهدف إلى نشر الإباحية والشذوذ وتتناول هذه الأمور بصورة علنية تكسر حاجز الحياء والأدب وتنشر الفوضى والرذيلة .. لقد تعمدت هذه القنوات وكثيرًا من الصحف والمجلات استضافة هذه الفتاة والإحتفاء بها لتحكى بعيون وقحة تفاصيل سفالتها ، ثم يفجر والدها الدكتور المفاجأة ويعلن بأنه أقام لحفيدته ـ بنت الحرام ـ "سبوع أسطورى" لم تشهد له البلاد مثيلاً ، فى الوقت الذى رفعوا فيه قضية إثبات نسب لهذه الطفلة ضمن 20 ألف حالة مماثلة تشهدها المحاكم المصرية هذا العام ، وهذا مؤشر خطير يدلنا على ما آلت إليه أحوالنا الداخلية ، ولنا أن نتخيل حجم المشكلة الحقيقى حيث لا يمثل الرقم المذكور إلا النسبة المحدودة ممن لديهم الجرأة والقدرة على التعامل مع مثل هذه القضايا والمجاهرة بالفواحش بغية إثبات نسب "أولاد الحرام" بينما يختفى الرقم الحقيقى فى الأزقة والحوارى الضيقة وعلى الأرصفة والنواصى وفتحات المجارى ووسط أكوام الزبالة ، حيث يلقى كل يوم أطفال حديثى الولادة فى مجتمع أصبحت إحدى سماته البلادة وأغلقت فى وجهه دور العبادة .
إن ما نعيشه من محن وكروب ليس بعيدًا عن ما تقترفه أيادى الإجرام والفواحش فى بلادنا .. يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة )) ويقول أيضا : (( ويل للعرب من شر قد اقترب ... قالوا يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟؟ .. قال : نعم إذا كثر الخبث )) .
وما فعلته هند الحناوى لم يعد غريبًا على المجتمع المصرى ، فحكايتها حكاية مكررة فى كل بيت وجامعة لكن الغريب فى الأمر هو المجاهرة بالسوء وهو ما جعل الصحف الأمريكية والبريطانية تهتم بهذه القضية حيث اعتبرتها جريدة "الجارديان" ميلادًا جديدًا لمصر وأنها إحدى مؤشرات الإصلاح الذى يدعو إلى تدشين ثقافة الجنس الآمن فى مجتمعاتنا الإسلامية ... هند اعتبرت هذا الأمر أمرًا عاديًا ، وظهرت على القنوات الفضائية لتعلن أنها لم تفعل شيئـًا مشينـًا ، وقالت بالحرف الواحد : ( بنات كتير بتبات خارج منازلهم ) ... هذا الكلام الساقط وصفه النائب زكريا عزمى بأنه مسخرة فى برنامج "البيت بيتك" الذى استضاف أحمد الفيشاوى ، واعترف أحمد على الهواء بارتكاب الزنا وانه لم يتزوج هذه الفتاة ، بينما أصرت هند على أنها متزوجة منه عرفيًا !!
والآن وأنت تقرأ هذه السطور تقام ندوات "للجنس الآمن" بمدارسنا ونوادينا ، ومنذ أيام قلائل شهدت مدينة السادات ندوة أقيمت لطلبة وطالبات مدرسة على بن أبى طالب للتعليم الأساسى ، وندوة مماثلة بنادى النجوم الرياضى بنفس المدينة ... أتدرون من المحاضر فى هذه الندوات ؟؟ ... إنها صفيه العمرى ـ صاحبة ليالى الحلمية ـ والأفلام الساقطة وسفيرة النوايا القذرة لدى الأمم المتحدة ومعها مجموعة من أساتذة جامعة عين شمس ممن يهرولون خلف العطايا والمنح الغربية .. كان الموضوع الذى اجتمعوا من أجله مع فتية وفتيات لم يبلغن أربعة عشر عامًا يدور حول "الثقافة الجنسية والصحة الإنجابية" .. فى هذا المؤتمر تم توزيع كتيبات تتعلق بالجنس الآمن وصحة المراهقين ، وعندما علم أولياء الأمور بذلك احتجوا وأعلنوا رفضهم لهذه الأعمال القذرة تم إلغاء محاضرة أخرى بمدرسة السادات الثانوية بنفس المدينة والتى كان من المقرر أن يحاضر فيها كل من فيفى عبده وصفيه العمرى مثلما نشرت جريدة آفاق عربية !!
أرأيتم مهازل بلغت مثل هذا الحد ؟!! ... إنهم يفسدون الفطرة ويدمروا الأخلاق !! ... مجموعة تعلم الأبناء الثقافة الجنسية والصحة الإنجابية والحمل الآمن ، ومجموعة أخرى تحتفى بمن يفعل الحرام ويرتكب الفواحش !!
فى كل إنسان منا قانون أخلاقى يسمى الفطرة .. هذا القانون تتساقط دعائمه وأعمدته كلما ابتعد الانسان عن تعاليم ربه وخالقه .. تتساقط مثلما تتساقط أوراق الأشجار التى انقطع عنها المدد وسلبت منها أسباب الحياة .
يقول "كانط" ( شيئان يثيران فى نفسى الإعجاب والإحترام : السماء ذات النجوم من فوقى ، والقانون الأخلاقى فى داخلى ) .
الآن لا أحد ينظر إلى السماء من كثرة ما يحمل من خطايا وذنوب ، ولا أحد يشعر بأن بداخله قانون أخلاقى من كثرة ما تساقطت أوراق الخير فيه .
أطالع بعض جرائدنا وأقرأ العجب :
على جمعه مفتى الجمهورية يطالب على صفحات "المصرى اليوم" بتنحية الحدود الإسلامية لإختلاف العصر الذى نعيش فيه !!
على صفحات مجلة "الأهرام العربى" تقول نوال السعداوى المرشحة لرئاسة الجمهورية : ( إننى لم أختار دينى حتى الآن ) !!
فى "آفاق عربية" أقرأ قول الرئيس مبارك : ( إن الاخوان المسلمون هم آخر من تحتاجهم مصر ) !!
فى "أخبار اليوم" الصادرة فى 2/4/2005 شاب يعرض مشكلته ويقول : ( إن سمعة أمى التى كانت تعمل راقصة تطاردنى فى كل مكان حتى بعد موتها ورحيلها عن الدنيا ) وترد عليه الجريدة قائلة له ولباقى القراء : ( إن مهنة الرقص ليست عيبًا ، وأن الرقص مهنة مثل كل المهن الأخرى وأن الرقص فى المجتمعات الأخرى يحظى بكل احترام وتقدير ) !!
هذا قليل من كثير ، وما خفى كان أعظم ..
وما يصمت عنه شيخ الأزهر أشد جرمًا مما ينطق به ، فأين موقفه من فتيات النصارى الذين دخلن فى الإسلام فأسلمهم مبارك إلى حراس ملتهم الأولى وأجبرهم على الرجوع إلى الكفر وحلق شعرهن على الزيرو !!
أين موقف شيخ الأزهر من احتلال أمريكا للعراق وما يفعله الأوغاد فى بلاد الرافدين ؟!!
أين موقفه من الزواج العرفى وأولاد الحرام الذين تتضاعف أعدادهم كل يوم فى مصر ؟!!
أين موقفه من مسابقات ملكات الجمال التى تقام كل عام على أرض مصر ؟!!
أين موقفه من فضائح شرم الشيخ وشواطئ العراة ؟!!
إن ما يصمت عنه شيخ الأزهر أكثر بكثير من الكفر الذى ينطق به فى أمور كثيرة ليس أولها موقفه من العمليات الاستشهادية فى فلسطين ولن يكون آخرها موقفه من قضية الحجاب فى فرنسا !!
يريد الله أن يتوب على المسلمين ويريد الذين يتبعون الشهوات أن نميل ميلا عظيمًا نحو الجنس واللهو والضياع والفجور وشيوخنا وحكامنا يساعدوهم على ذلك !!
أسأل نفسى كثيرًا : إن كانت دول أوروبا وأمريكا على هذا القدر من التطور والتقدم والرقى فما الذى يجبرهم على السكوت وإغماض العين على كل ما يحدث فى العراق وفلسطين وسائر ديار المسلمين ؟!!
لماذا تتجه أنظارهم صوب دارفور ولا تلتفت أبدًا إلى ما يحدث فى فلسطين أو العراق ؟!!
إننى لا أخشى على الأمة من الأعداء لأن الله لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا ، إنما أخشى عليها من أصحاب الجلالة والفخامة لكونهم العدو الحقيقى الذى يحيط بالأمة ... لقد فرط الحكام الخونة فى القرآن ، فكيف لا يفرطوا فى الإنسان ؟!! ... إنهم يتعاملون من القرآن على أنه العدو الكاشف لهم والدال عليهم ، وعداوتهم للقرآن أشد من عداوتهم لأمريكا وإسرائيل !!
وأنا أتحدى أى نظام عربى يقبل الاحتكام إلى الله ورسوله .. أتحدى ظالم الحرمين وخائن مصر وأتحدى كل حاكم عربى يتمسح فى الإسلام أن يحتكم إلى الإسلام فى كل ما يحدث فى بلاده وفى المنطقة !!
إنهم يحتكمون إلى قوات الأمن فى تعاملهم مع شعوبهم فى الوقت الذى يتعاملون فيه مع اليهود والنصارى بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار وطول البال على الرغم من أن إسرائيل لا تتعامل معهم إلا بالأحذية !!
نحن لا نطالب الحكام بالمستحيل .. لا نطالبهم بأكثر من تنفيذ شرع الله ... ليست لنا مطالب أخرى ولا حقوق لنا عليهم إلا ما أقره الإسلام ، وبدون ذلك سيظل الإرهاب المحمود ما بقيت المظالم واغتصبت الحقوق .
إن الصراع الدائر الآن على أرض السعودية ومصر واليمن ودول الخليج وكل أرجاء الدنيا هو صراع بين الخير والشر والحق والباطل والإيمان والكفر وبين من يريد أن يحكم بما أنزل الله وبين من يريد أن يحكم بما أراد الطاغوت ..
الحكام العرب لا يؤمنوا بالله من قريب أو بعيد ، فالإيمان شئ لا يقبل القسمة ، وما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه ـ إما إيمان وإما كفر ... إنهم ينطقون بالشهادة مثلما نطق بها نابليون أثناء الحملة الفرنسية على مصر .. ينطقون بها مثلما نطق بها فرعون يوم أن قال وهو يغرق ( وأنا من المسلمين ) ... إنهم يعبدون أمريكا ولا يشركوا بها أحدًا ، وخشيتهم من بوش أشد من خشية الله ، وخوفهم من مخالفة القرارات الدولية أشد من خوفهم من مخالفة القرآن والسنة .. إنهم يوالوا الغرب دون تحفظ ويبالغوا فى الموالاة بطريقة مخزية جعلتهم يبالغوا فى الانحناء حتى أصبح الحاكم منهم يمشى مكبًا على وجهه لا يبصر من الحقيقة شيئـًا .
وموالاة الغرب لا تجلب إلا نكدًا ، والمتابع للخط البيانى لحركة الإسلام سيجد أن سنوات التسيد والإزدهار الإسلامى كانت فى السنوات التى اعتمد فيها المسلمون على انفسهم وخالقهم ، وان خط الإنكسار الإسلامى بدأ من يوم أن والينا الغرب وسرنا على هداه ، والمتدبر فى الأمر ستهوله النتائج التى ألمت بالأمة منذ تركنا الاعتماد على الله واعتمدنا على الكفرة والفسقة وقطاع الطرق .
إن للغرب أطماع كثيرة لا تتوقف عند حد ، ولقد حذرنا الله تعالى من موالاة الكفار والسير على هداهم وأخبرنا جل شأنه بحقيقة هامة ذكرها فى القرآن الكريم وقال وهو القادر على كل شئ : (( وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ )) 71 ـ المؤمنون .
فهل سينجح مبارك وظالم الحرمين فيما أقره الله على نفسه إذا إتبع أهواء الكفره ؟!!
ويقول تعالى مخاطبًا أحب الخلق إليه وليس حسنى مبارك أو ظالم الحرمين : (( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ )) 120 ـ البقرة .
إن ما يحدث فى مصر بصفة خاصة وسائر الدول العربية بصفة عامة ، لم يعد خافيًا على أحد ، وصارت الجرائم ترتكب بوضوح لا يليق معه الصبر أو الصمت أو التحلى بالحكمة والموعظة الحسنة ... نحن لسنا أمام بشر .. إننا أمام كلاب من جهنم لا ترقب فى الأمة إلاً ولا ذمة ، وأغلب جرائمهم صارت ترتكب فى العلن وتتناقلها كل وسائل الإعلام دون خوف أو حياء ، ومن قبل عمل الخونة فى الخفاء مع أمريكا من أجل إذلال عبدالناصر وتركيع مصر ، وما فعلوه بالأمس مع عبدالناصر يفعلوه اليوم مع صدام ولكن جهارًا نهارًَا وليس فى الخفاء .. إنهم يساعدوا أمريكا على احتلال وتمزيق العراق ولا يشعرون بأى إثم أو خطيئة .
إننى لا أرى أى فضيلة فى الصبر على الحكام أكثر من ذلك ، والمصيبة اننا نجادل فى أمر تجديد ولايتهم فى وقت كان من المفترض أن نجادل فى طريقة حسابهم وعقابهم ومحاكمتهم !!
هل سننتظر حتى يأتى اليوم الذى نستخرج فيه مبارك من قبره لنحاكمه بعد أن تتكشف أبعاد جرائمه ؟!!
وهل فعلنا ذلك مع السادات الذى أوردنا موارد العار حتى نفعله مع مبارك الذى أوردنا موارد التهلكة ؟!!
إن الحاكم إذا لم يحاسب وهو على كرسى الحكم فلن يحاسب أبدًا حتى لو أشعلنا النار فى قبره ـ الشعوب الحية هى التى تحاسب حكامها وقت حدوث الخطأ حتى لا يستفحل الداء ويعم البلاء ... يقول رسولنا الكريم : (( أفضل الجهاد كلمة حق فى وجه سلطان جائر )) وليس على قبر سلطان راحل !!