المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فى 9 نيسان القائد صدام كان محميا بشعبه !



ابو تحرير
11-04-2005, 06:29 PM
عندما وصله خبر إسقاط التمثال من قبل أحد مرافقيه، علق على ذلك بالقول إن من قام بهذا الفعل الخسيس ليس عراقيا، العراقيون منشغلون بالاستعداد للدفاع عن وطنهم، أما هؤلاء فهم خدم الاحتلال وعملاؤه الذين جاءوا على ظهر الدبابات الأميركية الغازية.

كانت الساعة تشير إلى الثالثة وخمسة وعشرين دقيقة من بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 11 نيسان/إبريل عام 2003، هي لحظة لا تنسى، كما يصفها الملازم الأول خالد السلطاني من فريق حماية الرئيس صدام حسين، حين وقف الرئيس وسلم علينا وقبلنا وأمرنا بالانصراف إلى أهلنا، كنا ثلاثة يقول الملازم، وقد تناولنا طعام الغداء للمرة الأولى والأخيرة مع الرئيس صدام حسين، كان في تلك اللحظات طيبا يفيض بالإنسانية، رغم كل ملامح الحزن التي كانت تلف ملامح وجهه.

ذهب لؤي، زميلنا من فريق الحماية، وأحضر كميات من اللحم المشوي من أحد مطاعم حي الأعظمية، وبعد انتهاء الغداء، حيث أصر الرئيس أن نجلس معه على المائدة ذاتها، أعطانا مبالغ من المال وقال انتبهوا لأنفسكم، فالأيام القادمة صعبة وقاسية.

ويضيف خالد، حاولنا التشبث بالرئيس واستحلفناه أن نبقى معه لمواصلة حمايته، لكنه قال سأتدبر أمري، وعليكم أنتم أن تتدبروا أموركم أيضا، أديت التحية العسكرية للمرة الأخيرة للرئيس صدام الذي كان في تلك اللحظة ما زال يرتدي ثيابه العسكرية، ويحمل معه بندقية آلية إضافة إلى مسدسه الشخصي.

قبل ذلك بيوم واحد، يقول خالد، اجتمع الرئيس مع ولده قصي ومع سكرتيره الشخصي عبد حمود، استغرق الاجتماع حوالي خمسة وأربعين دقيقة، بعدها غادر الاثنان، كانت لحظة وداع رهيبة، حيث تعانق الرئيس وولده طويلا، وقال له دير بالك على حالك، كان قصي وعبد حمود آخر من تبقوا مع الرئيس بعد احتلال بغداد، وكانا برفقته أيضا عندما أدى صلاة العصر في جامع الإمام الأعظم في حي الأعظمية، يوم التاسع من نيسان/إبريل أي يوم الإعلان عن احتلال بغداد، وقتها كانت الأعظمية تعيش مشهدا مختلفا عن ذلك المشهد الذي يحدث في ساحة الفردوس. حيث العالم كله ينظر إلى التمثال الذي يسقط قبالة فندق فلسطين، بينما الرئيس صدام حسين في الأعظمية يفتح صفحة جديدة من صفحات المعركة المتواصلة.

المجهول

عراقيون من كل الأعمار، ومقاتلون عرب، التفوا حول الرئيس يهتفون بحياته وحياة العراق، ونحن لم نكن قادرين على منع الناس من الاقتراب منه، وقتها أمرنا بترك المواطنين يعبرون عن مشاعرهم بسجيتهم، استمر المشهد طويلا، وامتلأ الجامع وساحته بآلاف المواطنين الذين كانوا يرون الرئيس للمرة الأخيرة، يومها واجهتنا مشكلة كبيرة كيف نجعل الرئيس يركب سيارته ويغادر بأمان، كانت سيارة المرسيدس البيضاء تقف على مدخل الجامع، وسائقها سلمان مستعد للانطلاق، لكنني اعتقد أنه لم يكن يعرف إلى أين يتجه، وهو في لحظة ترقب ينتظر أوامر الرئيس وتعليماته.

في تلك اللحظة أمرنا قصي بأن نؤمن دخول الرئيس إلى السيارة، بعد أن كنا رفعناه على أكتافنا ليقف فوقها لتحية الجماهير التي ملأت المكان، ساعدناه في النزول بهدوء وفتحنا له الباب الأمامي، وركب إلى جوار السائق، وحين بدأت عجلات السيارة تتحرك، انطلقنا نحن فريق الحماية في سيارة أخرى سوداء اللون خلفه، ولم نكن نعرف أين نمضي.
صحيح أنه في كل المرات السابقة، لم يكن أحد منا يعرف طبيعة تحركات الرئيس، غير أننا شعرنا في ذلك التاسع من نيسان/إبريل، وقد اقتربت الساعة من الخامسة مساء، إن الموضوع مختلف، وأن الأمور غارقة في المجهول.
في إحدى المزارع الواقعة في ضواحي بغداد، وقريبا من حي الأعظمية، وفي منطقة يسميها أهل بغداد "سبع أبكار" وقفت سيارة الرئيس ووقفنا خلفها، لم تكن تلك المزرعة تبعد كثيرا عن منزل صالح مهدي عماش نائب رئيس الجمهورية الأسبق، ومنزل الزعيم الوطني العراقي رشيد عالي الكيلاني.

انتبهنا أن الشوارع فارغة، فلم يكن أحد قد رصد دخولنا إلى المزرعة، حيث سارعنا بإخفاء السيارتين حتى لا يراهما الناس وتثيران فضولهم، وبعد أقل من عشر دقائق أمر الرئيس سائقي السيارتين بالذهاب بهما خارج المزرعة، وإخفائهما في مكان آمن، ولم يمض على ذلك سوى خمسين دقيقة تقريبا حتى عاد الرجلان وكان أحدهما يقود سيارة من نوع (برازيلي) موديل 1984، والآخر يقود سيارة (تويوتا) موديل 1986.

أول رسالة للمقاومة الشعبية

أعود هنا للمشهد المؤثر في حي الأعظمية، يقول الملازم أول خالد، وقتها سألت نفسي لماذا اختار الرئيس التوجه إلى هذا المكان دون غيره، وماذا كان يدور في خلده في تلك اللحظة.

لم يكن أي منا يجرؤ على توجيه هذا السؤال أو غيره لرجل يحمل مواصفات صدام حسين. لكن حينما وصلت أخبار للرئيس بأن منطقة الرصافة قد تم احتلالها وأن الدبابات الأميركية تتجول في شوارع بغداد، قرر مغادرة المقر البديل الذي كان يتخذه مقرا للاجتماعات، كان هذا المكان في حي زيونة، سلكنا وقتها شارع فلسطين وصولا إلى شارع المغرب قبل أن نواصل السير يمينا إلى حيث مرقد الإمام الأعظم، لم أكن وقتها مع الرئيس، كنت في سيارة الحماية التي تسير خلفه، لكنني أعتقد أن الأعظمية التي تعد معقلا تاريخيا لحزب البعث التي يقطنها بغداديون أصلاء هي التي دفعت الرئيس إلى اختيارها ليقدم منها أول رسالة للمقاومة الشعبية التي انطلقت بعد ذلك عنيفة، وصارت الأعظمية من المناطق شبه المحررة في بغداد.

رغم ملامح الحزن القاسي التي غطت وجه الرئيس وبدت واضحة في نبرة صوته، إلا أنه قال للمواطنين الذين تحلقوا حوله في الجامع، اليوم بدأت معركتنا الحقيقية مع الأعداء، هذه المعركة نحن الذين سنحدد مسارها، وأنتم العراقيين الذين ستلقنون الأميركيين الغزاة دروسا لن ينسوها.

كان واضحا أن الرئيس يريد إيصال رسالة للمواطنين وللأعداء، ويبدو أنه كان واثقا من كلامه، بدليل الانطلاقة السريعة للمقاومة العراقية، وهي التي خطط لها الرئيس وكان حريصا على إشعال فتيلها مبكرا، كي لا يشعر الأعداء وعملاؤهم بحلاوة النصر .

معركة نفق الشرطة

ويضيف الملازم أول خالد السلطاني أنه رافق الرئيس صدام حسين الذي شارك المقاتلين العراقيين والمجاهدين العرب بشكل فاعل في معركة نفق الشرطة يوم العاشر من نيسان/إبريل، كان ذلك في ظهيرة يوم الخميس، وقد استخدم الرئيس قاذفة (آر. بي. جي) واستطاع أن يدمر بقذيفة مصوبة جيدا واحدة من دبابات العدو.

وكان في تلك اللحظة ثائرا ومقاتلا ومتماسكا، وقد خاطب رفاقه من المقاتلين بكلمات واضحة ومتوازنة، دعاهم فيها إلى حماية أشقائهم من المقاتلين العرب والاستمرار في قتال الأعداء، حيث أن الوطن اليوم ينادي رجاله الشجعان، وقد هتف المقاتلون بحياة الرئيس وعاهدوه على الاستمرار في المعركة، وملاحقة العدو في كل مكان.

بعد توقف معركة نفق الشرطة التي استشهد فيها عدد من المقاتلين العرب والعراقيين، غادر الرئيس المنطقة في سيارة (تويوتا) متوجها إلى حي المنصور، وهناك التحق مع رفاقه من جيش القدس الذين كانوا يخوضون معركة ضارية في شارع 14 رمضان، قرب الأسواق المركزية، وقد صوب بيديه عددا من قذائف (آر. بي. جي) تجاه دبابات العدو التي احترق بعضها وهرب ما تبقى من أرض المعركة، في تلك المعركة تقدم الرئيس وسلم على المقاتلين جميعا، وقدم مبلغا كبيرا من المال لقائد المجموعة وأمره أن يقوم بتوزيعه بالتساوي على رفاقه الذين رفعوا رأس العراق، كما وصفهم الرئيس.
اقتربت الساعة من الخامسة مساء، وصار لزاما علينا أن ننطلق قبل أن يحل الظلام، فالحركة بعد مغيب الشمس فيها الكثير من المخاطرة، بسبب منع التجول الذي فرضته قوات الاحتلال على المدينة.

خبر إسقاط التمثال

وقال السلطاني في سياق حديثه حول ردة فعل الرئيس صدام حسين على حادثة إسقاط تمثاله في ساحة الفردوس عصر يوم الأربعاء الموافق للتاسع من نيسان/إبريل 2003، إن الرئيس في تلك اللحظة كان بين أبناء شعبه في مدينة الأعظمية، كان يسلم عليهم ويتحدث معهم، وعندما وصله خبر إسقاط التمثال من قبل أحد مرافقيه، علق على ذلك بالقول إن من قام بهذا الفعل الخسيس ليس عراقيا، العراقيون منشغلون بالاستعداد للدفاع عن وطنهم، أما هؤلاء فهم خدم الاحتلال وعملاؤه الذين جاءوا على ظهر الدبابات الأميركية الغازية.

قال الرئيس صدام حسين هذا الكلام في اللحظة نفسها الذي كان فيه جنود الاحتلال وعملاؤهم يحاولون إسقاط التمثال، قبل أن تنكشف الحقيقة، وقبل أن تنشر ذلك الصحف العربية والعالمية، وقبل أن يتحدث عن الموضوع محمد حسنين هيكل، لقد كان الرئيس صدام حسين وما يزال يعرف أبناء شعبه جيدا، ويعرف حجم ولائهم للوطن والمبادئ، أما أولئك فليس فيهم من العراق أي شيء.
المقرات البديلة

وقال المكلف بحماية الرئيس صدام حسين أنه كان يتنقل مع الرئيس أثناء المعركة في عدد من المقرات البديلة التي اختارتها القيادة بعناية فائقة، لتكون مقرا للاجتماعات، وقد اختيرت هذه المقرات في عدد من أحياء بغداد، حيث كانت منتشرة في أحياء المنصور واليرموك والسيدية والإعلام والأعظمية والجهاد والدورة وزيونة وسبع أبكار، وغالبا ما كنا نتنقل عدة مرات في اليوم الواحد بين هذه المقرات.

ومن الأشياء التي ما تزال عالقة في ذهن السلطاني أن الرئيس صدام حسين كان يقضي الجزء الأكبر من وقته، في الليل والنهار، أثناء المعركة، بالمرور على مواقع المقاتلين ليتحدث معهم ويرفع من معنوياتهم ويذكرهم بالدور التاريخي الذي يقومون به، وهو بهذا كان يريد ضخ المعنويات العالية لدى جنوده الذين كانوا يقاتلون بأسلحة لا يمكن مقارنتها بأسلحة العدو.

إن أكثر الاجتماعات التي كان يعقدها الرئيس أثناء المعركة كان يحضرها ولده قصي وأحيانا ولده عدي، وكذلك وزير الدفاع الفريق سلطان هاشم وقائد جيش القدس اياد الراوي وعدد من قادة الصنوف العسكرية من الجيش والحرس الجمهوري، الذين كانوا يتلقون التعليمات مباشرة من الرئيس، وهي تعليمات تصب في رفع الروح المعنوية، تاركا تقدير الأمور العسكرية لهم، كل في مجال اختصاصه.

وأكد السلطاني أنه طوال أيام المعركة لم نفارق الرئيس، ولذلك يستطيع القول أن معنوياته كانت عالية، ولا يعرف سر هذا الارتفاع في معنوياته، لم يبد عليه أنه خائف ولو للحظة واحدة، ولم يكن مستفزا في أي وقت، كان هادئا باستمرار، وكان يلاطف رفاقه ويستمع إليهم جيدا، وكان يوصيهم باستمرار بالاهتمام بجنودهم وتذليل كل العقبات التي يمكن أن تعترض طريق صمودهم.

كان الرئيس يصلي الصلوات في أوقاتها، وإذا صدف موعد الاجتماع مع وقت الصلاة، فإن الأولوية للصلاة، كما كان يصوم يومي الاثنين والخميس، وطوال فترة المعركة وقبلها بعدة أسابيع لم يلتق الرئيس عائلته، بل كان يبعث بتحياته لهم من خلال ولديه عدي وقصي وصهره جمال زوج ابنته الصغرى حلا.

في مدينة المنصور

وقال السلطاني في وصفه لتصرفات الرئيس أثناء المعركة أننا تفاجأنا به يوم الرابع من نيسان وقد نزل إلى الشارع في مدينة المنصور، كانت المهمة صعبة جدا بالنسبة لنا، غير أن الرئيس أراد من خلال ذلك المشهد إيصال رسالة لكل الأعداء بأن صدام يتجول بحرية بين أبناء شعبه، وكان الجميع مسلحين ببنادق محشوة بالرصاص الحي، وبقدر حالة الإرباك التي أصابتنا نحن فريق الحماية، كان الرئيس بكامل هدوئه واتزانه وشخصيته التي يعرفها العراقيون.

ويضيف السلطاني إن الرئيس صدام حسين كان فخورا بالصمود البطولي لمدينة أم قصر وحاميتها، ولمدن الجنوب التي قال الأعداء أن أهلها سيستقبلونهم بالورود، فكان استقبالهم بالبنادق والرصاص، وكان يتحدث طويلا مع معاونيه وقادته العسكريين عن ضرورة الاستفادة من درس أم قصر في الصمود، محاولا التقليل من حجم الدمار الذي لحق بالعاصمة بغداد، جراء القصف الجوي المدمر الذي لم يتوقف على مدار ساعات الليل والنهار.

الأماكن التي قضى فيها الرئيس لياليه

ونفى السلطاني أن تكون الحلقة الضيقة المحيطة بالرئيس والمقربة منه قد تم اختراقها من قبل أجهزة الاستخبارات المعادية، وقال إن الدليل على ذلك أن أي مكان صدف أن تواجد فيه الرئيس لم يتعرض إلى قصف مباشر، وهذا يؤكد عدم وجود معلومات عن تحركات الرئيس، والمرة الوحيدة التي سقطت فيها قذائف وصواريخ أميركية بالقرب من مكان وجودنا، كانت قريبة من أحد المقرات البديلة في حي الإعلام، حيث سقط عدد من الصواريخ على بعد خمسمائة متر من البيت الذي كنا نجلس فيه، ما دفعنا إلى مغادرته بشكل سريع.

وقال الملازم الأول خالد السلطاني من فريق حماية الرئيس صدام حسين في إن الرئيس لم ينم ليلتين متتاليتن في مكان واحد، وكان يغير مكان مبيته باستمرار، تنفيذا لاقتراحات واضحة من أجهزة الاستخبارات التي كانت معنية بتوفير الحماية الشخصية له، وأن الأماكن التي قضى فيها الرئيس لياليه أثناء المعركة كانت في بيوت عادية جدا، منتشرة في أحياء بغداد، ولم يكن دخول الرئيس إلى هذه البيوت أو خروجه منها يثير أي اهتمام للجيران أو المواطنين.
كان الرئيس ينام على سرير عادي، غير السرير الذي اعتاد النوم فيه في الأيام العادية، وكان يعيش حياة متقشفة تماما، مثله مثل ملايين العراقيين الذين يعانون من ويلات الحرب.

كنا نحرص أن تتوفر في المكان طاولة اجتماعات، وحينما يتعذر ذلك كان الرئيس ومعاونوه يجلسون على "طاولة السفرة" ليناقشوا المستجدات السياسية والعسكرية للحرب المدمرة التي يوجهها العراق.

الرئيس صدام حسين لم يتحدث عبر الهاتف

وقال السلطاني إن الرئيس صدام حسين لم يتحدث عبر الهاتف مطلقا طيلة أيام العدوان على العراق، لاعتقاده بأن أجهزة الاستخبارات المعادية بما يتوفر لها من تكنولوجيا متطورة يمكن أن ترصد مكالمته، وتحدد مكان وجوده، وكان يستعيض عن ذلك بإرسال الرسل إلى من يريد أن يلتقيهم، وكان كل عضو في القيادتين السياسية والعسكرية قد اختار مكانا بديلا لمقره الأصلي، وكانت كل هذه الأمكنة معروفة لدى سكرتارية الرئيس، وهي منتشرة في كل أحياء بغداد.

خبر هروب طارق عزيز

بعد الأسبوع الأول للحرب تناقلت بعض وسائل الإعلام خبرا كاذبا يشير إلى هروب نائب رئيس الوزراء طارق عزيز إلى منطقة كردستان، وقد سرى ذلك الخبر مثل النار في الهشيم، عندما سمع الرئيس الخبر ضحك بصوت عال، وقال لقد بانت كذبتهم، لأنني أعرف معدن الرفيق طارق عزيز، وفي اليوم نفسه جاء طارق عزيز برفقته طه ياسين رمضان إلى حيث مكان الرئيس، واتفق الثلاثة على أن لا يقوم العراق بنفي الخبر، وقد تم إبلاغ وزير الإعلام محمد سعيد الصحاف بذلك، غير أن الرئيس أشار على طارق عزيز أن يشارك الصحاف في مؤتمر صحفي، وأن يتحدث بعدة مواضيع تم تحديدها والاتفاق عليها.

الصحاف قائد شجاع لفيلق الإعلام

كان الرئيس مرتاحا جدا للأداء الإعلامي الذي قدمه الصحاف خلال أيام العدوان، وكان حريصا على متابعة مؤتمرات الصحاف الصحفية، ووصفه بالقول إنه قائد شجاع لفيلق الإعلام.

في أوقات متفاوتة كان الرئيس يبعث بملاحظات ومجموعة أوراق لوزير الإعلام، بعضها يتعلق بخطة الهجوم الإعلامي التي يقودها الصحاف، وبعضها الآخر كانت تحمل خطبا بخط يد الرئيس ليقرأها الصحاف في التلفزيون.

في تلك الأيام الاستثنائية يقول السلطاني انكسرت بعض جوانب البروتوكول في حياة الرئيس الذي لم يعد موجودا في قصره الرئاسي، وفي كل الأيام كان جميع من يتواجد في المكتب يتناولون الطعام بمعية الرئيس، وبعد أن ينفض رفاقه وقادته العسكريون، كان الرئيس يحرص على قضاء ساعة أو ساعتين في قراءة القرآن، الذي رافقه في كل المقرات التي تواجد فيها، ولم يكن يستسلم للنوم أكثر من أربع ساعات يوميا، فهو دائم الحركة على مدار الليل والنهار، وهذا ما كان المقربون منه يعرفون ذلك تماما.

ولدت على أرض العراق سأموت على أرض العراق

الذين كانوا يتمعنون في جسم الرئيس، يقول السلطاني، اكتشفوا دون عناء، أنه فقد شيئاً من وزنه، وربما يعود ذلك لسبب عدم انتظامه في النوم، أو في نوع الغذاء الذي يتناوله، أو بسبب حالة القلق التي يعيشها، وهو يعرف أنه يخوض معركة خاسرة، بالمعنى العسكري التقليدي.

وفي تعليقه على بعض المبادرات العربية وغير العربية التي طالبته بالتنحي، كان الرئيس يضحك وهو يخاطب معاونيه، ويقول لهم، يعتقدون أن صدام حسين مثلهم، أي مثل الزعماء العرب، الذين تنصبهم أميركا وتستغني عن خدماتهم وقت تشاء، أنا عراقي، انتدبني الشعب لهذه المهمة، ومثلما ولدت على أرض العراق سأموت على أرض العراق.

نادرا ما كان الرئيس يرسل في طلب معاونيه السياسيين، فالضرورات الأمنية تتطلب عدم اجتماع القيادة في مكان واحد، ثم إن ترددهم على المقر قد يلفت أنظار وبالتالي ينكشف المقر.

أكثر الذين تواجدوا مع الرئيس، بالإضافة إلى سكرتيره عبد حمود هم ولده قصي والفريق سلطان هاشم وزير الدفاع وطاهر جليل الحبوش مدير المخابرات العامة، وقادة الصفوف العسكرية المختلفة.

ومن القيادة السياسية كان أكثر المترددين على المقرات البديلة للرئيس السيدان طه ياسين رمضان وطارق عزيز، أما عزة الدوري فلم يلتق الرئيس طيلة أيام المعركة بسبب وجوده في مدينة الموصل قائدا عسكريا للمنطقة الشمالية، وإن كانت الاتصالات عبر شبكة الهواتف العسكرية مستمرة بين الدوري ومكتب الرئيس.

كان الرئيس حريصا على متابعة كل شيء

وأضاف السلطاني في سرد ذكرياته عن تلك الأيام العصيبة إن الرئيس التقى مرة واحدة مع علي حسن المجيد الذي عاد لبغداد بعد احتلال البصرة، حيث كان قائدا عسكريا للمنطقة الجنوبية، حيث عينه مسؤولا لمنطقة الرصافة في بغداد.
لقد كان الرئيس حريصا على متابعة كل شيء، وعندما وصل إليه أن هناك خللا في قيادة قاطع محافظة المثنى أمر بإعفاء مسؤول المحافظة سيف الدين المشهداني من مهمته وعين مكانه نوري اسماعيل الويس غير أن تطور الأحداث بشكل سريع واحتلال مدينة السماوة منع الويس من ممارسة مهامه.

كان مكتب وزير الدفاع هو المكان الأكثر اتصالا مع مكتب الرئيس، وكانت المعلومات دائمة الحركة، جيئه وذهابا، بين المكتبيين، حيث كان الفريق سلطان هاشم العسكري المخضرم يحظى باحترام كبير عند الرئيس، الذي كان حريصا على سماع كل المعلومات المتعلقة بجبهات القتال.

تحركات الرئيس

أذكر أن الرئيس بعث مرتين في طلب الفريق أول الركن عبد الجبار شنشل أحد أهم القادة التاريخيين للجيش العراقي، وكان الرئيس يستمع باهتمام إلى ملاحظات شنشل، ويأمر بتنفيذ ما يطلبه هذا العسكري العريق.

وقال السلطاني إن المخابرات العراقية أعدت عددا كافيا من السيارات لتحرك الرئيس ومعاونيه ومرافقيه، توزعت هذه السيارات بين (التكسي) والـ(بيك أب) وسيارات (الصالون) العادية التي كانت من موديلات قديمه، مثل التي يستعملها المواطنون العراقيون، لإبعاد الشبهة عن موكب الرئيس وحرمان العدو من رصد تحركاته.

فقد تحركنا مرات عديدة في سيارات (التكسي) وكان الرئيس يضع الكوفية الحمراء على رأسه، من أجل التمويه، وكان دائما يتمنطق بسلاحه الشخصي الكامل، المكون من المسدس والكلاشنكوف.
وفي مرات أخرى تحركنا في سيارة (بيك أب) وسيارة (برزيلي) موديل 1983، وكذلك استعملنا سيارة (تويوتا)، وسيارات أخرى تحمل لوحات حكومية مثل الزراعة، المنظمات الشعبية، التربية وغيرها، وفي إحدى المرات ركبنا في (باص كوستر) من النقل العام داخل البلاد.
وفي كل هذه المرات لم يكن ينتبه إلينا أحد، ربما لأن الناس منشغلون بتطورات الحرب ونتائجها القاسية، أو أنهم يستبعدون أن يقود الرئيس صدام حسين سيارة (بيك أب) قديمة من تلك التي يستعملها المزارعون.

العناية الإلهية حمت الرئيس

ويؤكد الملازم أول خالد السلطاني أن الرئيس قاد بنفسه دبابة عراقية ضمن رتل من الدبابات كان متجها للمشاركة في معركة المطار يوم الخامس من نيسان/إبريل 2003، وقد طلب وقتها من قيادة طيران الجيش أن تؤمن بعض السميات، أي المروحية المقاتلة لحماية الدبابات، لكن تلك الأوامر لم يتم تنفيذها لسبب لا أعرفه حتى الآن، غير أن العناية الإلهية هي التي حمت الرئيس ومن معه من الجنود في تلك اللحظة، حيث ثارت عاصفة هوائية قوية محملة بالتراب، ساهمت في حجب الرؤية عن المكان، وهو ما عطل حركة الطائرات الأميركية المعادية.
وصل الرئيس بدبابته إلى المطار، وخاض جنوده معركة من طراز رفيع، معركة لم يكشف النقاب بعد عن تفاصيلها كاملة، لأن القوات الأميركية تكتمت على خسائرها الفادحة جدا في تلك المعركة، والرواية العراقية الرسمية والدقيقة حول هذه المعركة البطولية لم تكتب بعد.

حسنات رئيس لا يشبه غيره

وقال السلطاني أنه قضى في فريق حماية الرئيس صدام حسين ثمانية عشر شهرا، لم يشعر أنه مهتم بحماية الرئيس والحفاظ على حياته، مثلما شعر بذلك في أيام المعركة، وزاد إحساسه بهذا الشعور بعد احتلال العراق، وكان يتمنى أن يظل مع الرئيس وبحمايته حتى في أثناء فترة الاحتلال، لكن رغبة الرئيس بإعفائه من هذه المهمة كان يحب أن تنفذ، وأضاف إن وجوده بالقرب من الرئيس، مع صعوبة المهمة التي كان يقوم بها، قد منحته الثقة بالنفس، وجعلته يتعرف على جوانب شخصية من حياة الرئيس، لا يعرفها الآخرون، وهو الآن بصدد تدوين مذكراته وانطباعاته حول عمله في جوار الرئيس، لكنه يعتقد أن دور النشر العربية قد لا تتشجع لإصدار كتاب يبرز حسنات رئيس لا يشبه غيره، في زمن أخذ فيه الكذب والافتراء مساحة واسعة في الهجوم على الرئيس واختلاق روايات كاذبة عنه.

نجلاء
12-04-2005, 01:07 AM
آه ذكرتني بتلك الايام الحزينة والله قلبي يعتصر الما كلما تذكرتها
الله يفك اسر الرئيس الغالي صدام حسين ويرحم الشهيدين عدي وقصي
اشكرك

ابو قصي
12-04-2005, 03:16 AM
يا طير الطاير من فوق بغداد
ودي سلامي لكل الثوار
الرمادي والفلوجة وكل الانبار
لكل امريكي بعثو انزار
انزار الحرب علمهم رفعو
وقالو يارب انت الدبار
نرجى من الرب يسمع دعاهم
يحرر العراق ويرجع صدام


ابو قصي