المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خالد عبد الجبار ... شهيد جديد يلحق بقافلة شهداء المفكرة



خطاب
10-04-2005, 02:43 PM
خالد عبد الجبار ... شهيد جديد يلحق بقافلة شهداء المفكرة



تقارير رئيسية :عام :السبت 29 صفر 1426هـ -9 أبريل 2005 م







مفكرة الإسلام : ولد خالد عبد الجبار محمد رحمه الله عام 1972 في مدينة سامراء لأب حرم من إنجاب الأولاد لست سنوات، حيت كان والده عبد الجبار يسمى 'أبو البنات' وهي كلمة اعتاد عليها العراقيون لكل من لا ينجب الذكور، ولد ـ رحمه الله ـ على ست بنات، وكان الابن الأول لوالده . عاش وتربى في سامراء في كنف والديه عاش حياة خشنة صعبة على الرغم من حالة والده المادية الجيدة، وكان ذلك بسبب أن عبد الجبار والد خالد أراده أن يكون قويًا شجاعًا حسب ما يرويه لنا والده.



أكمل الابتدائية ثم الدراسة الثانوية ليلتحق باختصاصه الذي عشقه من كل قلبه وهو الصحافة، أكمل كلية الإعلام عام 1995، ليلتحق بالجيش العراقي لمدة سنتين حيث الخدمة الإلزامية، وتسرح من الجيش ليعمل في عدة صحف، منها جريدة نبض الشباب السابقة وجريدة القادسية، وكان من كتاب الصفحة الثانية، تم ترفيعه في عهد الرئيس السابق صدام حسين ليصل إلى وظيفة معاون رئيس التحرير في صحيفة بابل العراقية لمدة سنة ونصف، بسبب كفاءته في العمل، وكان الصحفي الأول الذي اكتشف إدخال الزوار الإيرانيين إلى أضرحة أهل البيت في الجنوب المخدرات ومواد الحشيشة، وكتب عنها في صحيفته بابل، فكان لأجهزة الأمن العراقية متابعة القضية واكتشاف صدق كلامه، على الرغم من الحملة التي شنها عليه بعض الشخصيات الشيعية في العراق، ومن ذلك الوقت ومن تلك الحادثة أصبح خالد من الأسماء اللامعة في عالم الصحافة العراقية، حصل خالد على ثلاث جوائز تقديرية إحداها دولية عام 2002 من الأردن في مؤتمر الصحافة الدولي.



رفض رحمه الله أن يعمل مع الصحف التي دخلت إلى العراق بعد احتلاله، وقد قدمت له رواتب مغرية تصل إلى 1000 دولار شهريًا، حيث إن لقلمه قراء كما يعلم جميع العراقيين، وكان يصف تلك الصحف بأنها ' أخطر من الاحتلال وبنادقه ' ، وغالبًا ما يصفها بأوصاف 'الفرق الهدامة' أو 'الأقلام الهدامة'، عمل كمصور صحفي لتصوير الأحداث العسكرية في العراق في محافظته لحساب وكالة رويترز للأخبار، والفرنسية للأخبار، حيث كان يبيع لهم ما يصوره من جثث لجنود قتلى وآليات مدمرة، ورفض التعين معهم وبقي لمدة سنة كاملة يعمل لحسابه الخاص، وكانوا يحبونه كثيرًا ويسمونه بالصياد، حيث كان كثيرًا ما يقتنص صورًا لأوضاع مأساوية يمر بها جنود الاحتلال في العراق، كما يقول عنه الأستاذ إيهاب أحمد أحد رفاقه في الوكالة. له ديوان شعري غير مطبوع أكمله قبل استشهاده بأربعة أشهر تقريبًا يحمل عنوان 'صدق الوعد قد جاء الدجال' وهو ديوان شعري نضالي صادق .



كان خير رفيق وخير صديق ، وصفه أحد أصدقائه بأنه من الأشخاص الذين يسكتون كثيرًا، أما إذا تكلم فاعلم أنه سيتكلم بما يفيدك، لم يكن لديه سوى ثلاثة أصدقاء ، وكان جوابه على قلة أصدقائه:إنهم يفرون مني لأنني لا أجامل أحدًا ولا أتملق لأحد.



يقول مدير مكتب ' مفكرة الإسلام ' في بغداد : كدت أطير فرحًا عندما توجهت إلى محافظة صلاح الدين وفاتحته بالموضوع، أن يعمل مع مفكرة الإسلام كمراسل ، وكنت خائفًا وخوفي هذا نابع من سببين: الأول: هو أني أخاف أن يرفض، والثاني: أن اسم خالد عبد الجبار أصبح من الشهرة التي تضعه في مراتب المديرين ورؤساء التحرير لا مراسل عن محافظة عراقية من بين 18 محافظة، تفاجأت عندما قال لي: أنا أتشرف بالعمل معكم في أشرف موقع إعلامي كمنظف مكتب، وليس كمراسل، أنا أشكرك لأنك تذكرتني على هذا العمل. عندها بدأت أتفق معه على صيغة العمل وما نريده منه، وأنا خجل منه لأن خالد في يوم من الأيام كان يعطيني محاضرة عن ارتجال الأسئلة الصحفية عام 2000 في كلية الإعلام بجامعة بغداد.



وافق رحمه الله على العمل مع مفكرة الإسلام براتب 130 دولار شهريًا مع أجور الاتصالات، كان قنوعًا بما يأتيه من مفكرة الإسلام كثير الحياء صادق الأخبار حريصًا على وقت وقوعها ومكانها، سبق أن تحدى في يوم الانتخابات أي صحفي أو مصدر إعلامي أو مسؤول يقول: إن محافظة صلاح الدين صوت فيها أو ذهب إلى مراكز الاقتراع فيها أكثر من 2 % ولم يذهب أحد أو يقبل تحديه أحد من الصحفيين الذين يعملون في مدينته.



أبو ريم أو أبو ريمة كما يحب أن نسميه ، ويسميه مدير الموقع بالأمين نتيجة ماعرفنا عنه من الخوف من الحرام وأن يدخل في جيبه ما لايحل له ، توفي رحمه الله وهو يغطي اشتباكات الثلاثاء 16 مارس 2005 م بين الاحتلال والقوات الأميركية على 'تلة سعد' قرب الاشتباك بمسافة 100 متر تقريبًا على ضفاف دجلة في مدينة بلد بعد أن أصر على الاقتراب وتصوير مروحية أباتشي كانت المقاومة قد أسقطتها خلال الاشتباك مع الاحتلال.



كانت رصاصة قناص توجهت إلى قلبه مباشرة، ولو علم ذلك القناص ما في قلب خالد لما كان أطلقها. كما يقول والده صبّره الله يصف أحد الأشخاص الذين هرعوا إليه رحمه الله عندما سقط من فوق التلة وتدحرج منها إنه كان يحمل كاميرته بين يديه والدم ينزف من صدره، وعندما حمله رفاقه وتركوا الكاميرا على الأرض صاح بهم : لا تتركوها إنها ليست لي ... إنها أمانة عندي ... أعطوني إياها، وكانت الدماء قد غطتها .



توفي رحمه الله قبل وصوله إلى المستشفى بدقائق قليلة لتفيض روحه الطاهرة إلى ربها، شاكية من كذب وتملق الإعلاميين العرب في حرب العراق الدائرة رحاها يوميًا هناك. أقيم مجلس للعزاء في دار والده عبد الجبار محمد، الذي رفض أن يسميه مجلس عزاء، بل أسماه مجلس وداع الشرفاء.



دفن رحمه الله في مقبرة الشهداء بسامراء وقد شارك بالجنازة عدد من مراسلي مفكرة الإسلام في بغداد وصلاح الدين . والده حمُل مراسلي مفكرة الإسلام أمانة تقول: ولدي فداء لمفكرة الإسلام والله أعطاه والله أخذه لا حول ولا قوة إلا بالله إنا لله وإنا إليه راجعون.



لم يبقَ من أثر خالد إلا ابنته الصغيرة ريم ذات الأشهر التسعة وكاميرته المعلقة الآن في مكتب مفكرة الإسلام في بغداد، لتظل شاهدة على أن مراسلي مفكرة الإسلام اخترقوا ما لم يخترقه أي صحفي آخر.



رحم الله شهيدنا وفقيدنا الأخ خالد عبد الجبار وأسكنه فسيح جناته ، ونسأل الله أن يلحقه بالشهداء والصالحين