هند
31-03-2005, 08:32 PM
مع الأحداث 38 - إعلان حكومة العراق الوطنية،،، الآن!
شبكة البصرة
د. نوري المرادي
قد قامت الحرب في لبنان وسوريا فإلى السلاح والهجوم أيها الأحرار!
لا تبك غزوا نجح بينماك تركت الغازي يتجمع ويبني نفسه بهدوء على حدودك!
قد فشل الكيشوان* في لم الأحذية، فإعلني أيتها المقاومة العراقية الباسلة حكومتك،، الآن!
مرت فترة على آخر حلقة من سلسلة (مع الأحداث). وقد تسارعت الأحداث فلو تتبعناها لقرت عيوننا لمصير منكور يعانيه الآن شرطي أمريكا وخادمها المطيع سي حسني مبارك أبوحبظلم، الذي صار يخشى خياله. ومن جانب آخر فيقال والعهدة على الراوي أن الحكومة المصرية سنت قانونا نصفه خير ونصفه الآخر شر. فالقانون ألزم كل سيارات مصر بحمل مطفأة حريق. وهذا هو النصف الأول. أما النصف الثاني، فقد تبين أن من بين الـ 13 نوعا من مطافئ الحريق التي تنتجها مصر، هناك نوع واحد فقط مطابق للمواصفات التي حددها هذا القانون بشدة؛ وهو النوع الذي تنتجه شركة جمال حسني مبارك؛ مع أنه الأسوأ بينها جميعا. وجمال مبارك طبعا، هو مرشح السيدة شجرة الدرة – وتتمناه يخلف أباه، كما تمنت زوجة سوهارتو لإبنها المسجون حاليا. ومن الطرائف أيضا، أن جميع من ردد مسرحية الحفرة التي أسر بها الرئيس صدام حسين، من مطايا الإحتلال الأمريكي في العراق كعبدو حكيم وشامي كابور سستاني وأشيقر ثمود وبخر العلوج، كل هؤلاء أصبحوا الآن أسرى حفر حقيقية لا يغادرونها حتى للمرافق. وطريفة أخرى وصلتني اليوم بالهاتف، وهي أن بائعا مسكينا في سوق المريدي في مدينة (الثورة صدام الصدر) في بغداد، بارت عنده مجموعة من أفلام الأقراض المضغوطة. فعمد إلى خدعة طريفة حيث ألصق ورقة بيضاء على كل قرص وكتب عليها: (( الدكتور نوري المرادي يهاجم السستاني مجددا )) فنفذت منه الأفلام بسرعة وإختفى.
على إننا نركز على أحداث ثلاثة فقط، وعليه:
أولا:
المتابع لأخبار أفغانستان هذه الأيام لايشك بمسلمة غيرة الفتيان.
والفتيان عادة ما يغارون من بعضهم البعض بالفتوة والشجاعة والتحدي. وأخبار فتيان شنعار قد عمت الآفاق فصارت بغداد، إضافة إلى كونها قرة العين وعاصمة الخلافة القادمة لا محالة، صارت قبلة للمتدربين والمتعلمين من تجربة فتيانها الميامين في الأعظمية والفلوجة والرمادي والموصل وهيت وحديثة التي بدأت تبدع هي الأخرى غيرة من صويحباتها كسامراء وكربلاء وكركوك واللطيفية والقائم والزبير والمدائن،،، الخ من قائمة المدن الأقمار الساطعة في سماء العالمين، هي وأخواتها المجاهدات من مدن الجزيرة والخليج. تلك الأقمار التي لابد وعم سناها سماء أفغانستان، الأمر الذي أعلنه السيد حكمت يار بصراحة قائلا: (( لقد فاقتنا مقاومة العراق سرعة وشدة ومراسا،، فهي الآن معلّمنا ومِعلمنا في الجهاد))
وأفغانستان والحق يقال بلد شاسع ناء المسافات عسر الدروب جم المجاهل. وقد إبتلع في الماضي جيوشا وغزاة حتى إستحق هو واليمن لقب البلد الأعصى على الغازين. وفي نهاية القرن التاسع عشر هاجمته بريطانيا بأربعة عشر ألف جندي لم ينج منه سوى طبيب واحد عاد إلى بريطنيا. وفي سبعينات القرن الماضي إحتله السوفييت فإبتلع الكثير من عساكرهم فانسحبوا بعد خسائر عظيمة، وها قد إحتله الأمريكان. وسيبتلع جيوشهم. وقد بدأت العمليات تتصاعد وتتناهى إلى الأسماع رغم الحصار الإعلامي المحكم عليه، حيث لا هواتف جوالة ولا إنترنيت ولا كهرباء ولا طرق في أغلب مناطقه. إضافة إلى سيطرة المحتلين الأمريكان على كل وسائل إعلامه. من هنا فحين يضطر العدو لنشر خبر عملية واحدة فأما لكونها من الشدة والألم ما لم يستطع إخفاءه، أو هي واحدة من عشرات العمليات، وأعلنها العدو كي لا يتهم بالتعتيمية المطلقة.
على أية حال، إن إنتشار أخبار عمليات المقاومة الأفغانية ضد العدو الأمريكي شيء جيد. لكن عدم إنتشارها ليس بالأمر السيء، على إعتبار أن من يأكل العصي ليس كمن يذيع أخبارها. والألم على ظهور الجنود الأمريكان جراء ضربات المقاومة الأفغانية لن يقل لو كتم الإعلام الأمريكي أخبارها. المهم إنها الآن جارية وبشكل مكثف وشديد، ولا يمر يوم إلا ونسمع عن عملية أو إثنين. فالمقاومة ملتهبة إذن. ومن هنا فالسؤال موجه إلى غلامي الصحافة السيدين عبدالرحمن الراشد وبدرخان وهو: هل ما تمنيتماه بهفوت المقاومة الأفغانية الآن واقعيا، أم أنكما كنتما مجرد بوقين ينشران ما يتمناه ويتخيله سادتكما الأمريكان؟؟
ثانيا:
إن قلة منا إهتمت لمؤتمر القمة العربي في الجزائر. فالمؤتمر بدأ وقد انتهى واستهجنته الصحافة الحرة، وبصقت عليه صحافة الإنترنيت، وذكرته بحياء شديد الصحافة الرسمية للزعماء المشاركين. بل لم يعلم أحد متى وكيف إنتهى، لينطبق عليه بيت الشعر: ( خليفة مات لم يحزن له أحد وآخر قام لم يفرح به أحد )
هذا هو الظاهر،،، ولكن! وأعوذ بالله من كلمة ولكن!
فكم من دواه تحت السواهي!
فلنعد الآن إلى المؤتمر ثانية ونتملـعـن جيدا في تقصي آثاره. فإن فعلنا فسننتبه إلى ثلاث حالات ظاهرة. الأولى: ما بدا من صراع حضوة بين الأرادنة والسعادنة. حيث تقدم أهل الأردن بمبادرة لاحظ مندوب السعودية جرأتها وميلها الفاضح لإسرائيل، فذكر الحضور بمبادرته السابقة والموافق عليها والموقع من قبلهم جميعا. ومعلنا أن: (( لو كثرت مبادراتنا فهذا يعني أننا لا نحترمها ولا يعود أحد يثق بنا )). والظاهرة الثانية: ما بدى وكأنه خلاف بين مصر وسوريا على عضوية لجنة ثلاثية فرعية مهمتها متابعة قرارات أو تشاور أو شيء من هذا القبيل. والثالثة: ضحكات مفتعلة وإبتسامات غير مبررة للسيد فاروق الشرع خارج وداخل قاعة مؤتمر الوزراء الملحق بالقمة.
هذه الظواهر ما كانت لتلحظ أو تعطى إعتبارا في الحالة الطبيعية. فلو ملك الزعماء والملوك العرب زمام أمرهم بيدهم حقا، ولو كانوا ملوكا ورؤساء بالمعنى الحرفي للكلمة، لكفت مبادرة واحدة لترسم سلوكهم. ولو إستطاع السعادنة تنفيذ مبادرتهم (مشروع فهد) لعام 1982 لما إحتجنا لما لايقل عن 20 مباردة تلتها، تدعم كل تالية منها دلالة سابقتها على أن أنها أما صراع حضوة أو أمر من أمريكا لا يجد تنفيذا بفعل المقاومة المسلحة وضغط الشارع. وكل ما رافق هذه المبادرات ومنذ ترهل ورخص قيم القمم العربية من صراعات وجدال حاد هو حالة من تنافس خصيان على ود السلطان. ولو شبهته، فكتماحك الدجاج مع بعضه حين ترمي له الحب.
ما أعنيه أن أمر الملوك والزعماء لم يعد بيدهم، لذا بدأوا يتجادلون حتى على التفاهات. فلنتصور مثلا أن جمال عبد الناصر وعبدالكريم قاسم وهواري بو مدين كانوا سيختلفون على عضوية لجنة فرعية. ما بالك ومهمة هذه اللجنة الفرعية التي إختلف عليها رئيس جمهورية مصر حسني ورئيس جمهورية سوريا بشار وملك الأردن عبدالله، لا مهمة لها ولا مقر، إنماها لجنة متابعة ما يصدر من قرارات من مجلس الأمن وأمريكا بصدد سوريا. بدليل قد صدر قرار مجلس الشيوخ الخاص بـتحرير(!!) لبنان وسوريا ولم نجد لهذه اللجنة أثرا رغم أن حبر التوقيع على تكوينها لم يجف بعد.
إن تفاهة الأمور المتناقض أو المتجادل عليها بين ملوك ورؤساء تدل على توتر بالغ في نفوسهم وخوف من مجهول جعلهم يرون حتى بالصغائر تهديدا لعروشهم. أو، إن ما يبدو من جدل وخلاف بينهم هو حالة مفتعلة كمعادل نفسي لذلة فرضت عليهم من سيد أكبر. والمماليك والخدم والمهتوكين، غالبا ما يرون بأبسط الصغائر جرحا لكرامتهم وإهانات لابد من ردها ولو بالقتال. والمماليك أشد قسوة على بعضهم البعض، مثلهم مثل الخدم؛ وكذلك المهتوكين الذين يرون حتى بالمزح طعنا بشرفهم.
ويقال، أن وثيقة تنقلت ليلا بين غرف الملوك في الفندق، لكنها وبسابقة غير معهودة تخطت هذه المرة غرفة الرئيس بشار الأسد، أو غرفة الوفد السوري عموما، وغرفة الوفد الكويتي. ولا ندري ما إحتوت. لكن وثائق كهذه إعتادت أن تتنقل سابقا في القمم العربية بين غرف رؤساء وفود: سوريا، مصر، الأردن، الكويت، السعودية، الجزائر، المغرب، وعمان، وكانت نتائجها وفي كل مرة أما غزو لبلد عربي أو ضربة للبنان أو هزة بأسعار النفط.
ودور الكويت إنتهى ولم تعد حكومة آل الصباح ذات شأن لا دوليا ولا عربيا ولا منطقيا. والنفط قد إرتفع وبسبب من آلية تسارع الأزمات نتيجة العولمة. وليس عند سوريا نفط. لذا فالورقة التي ووزعت ستخص غزوا أمريكيا محتوما. ومن غير المعقول أن تخبر سوريا بهذا الغزو، لأنها أصلا تعرفه. تعرفه مذ أن شاركت بغزو العراق وقدمت كل التسهيلات لكلابه الضالة وللأمريكان. والمثل يقول: (( أكلوني منذ أكلوا الثور الأبيض )). وسوريا أُكِلت من يوم ساهمت كبراقش بأكل العراق. ورؤساء الوفد السوري يعرفون تبعات توزيع هكذا أوراق ليلا وعلى الغرف في القمم العربية. لذا، والدبلوماسية فنون وتمثيل، بالغ رئيس الدبلوماسية السورية السيد فاروق الشرع بالظهور مبتسما أو ضاحكا أحيانا بمحاولة فردية وجهد مشكور منه لإظهار أن سوريا غير عابئة بقرار مصيرها المحتوم الذي وقع عليه بقية الزعماء. سوى أن ضحكاته كانت مفتعلة غالبا وهستيرية، فعكست وجلا ورهبة وليس قرارة وثقة بالقدرة على مواجهة الغزو القادم. وعلى أية حال فقد صدر قانون تحرير(!) سوريا(!) وتأسست له بعض القواعد العسكرية في بكركي وجبل الدروز، وهو أصلا نسخة طبق الأصل من قانون تحرير العراق الذي إطلعت سوريا على تفاصيله وساهمت بآراء بناءة لتقويم مثالبه ناصحة صديقتها المخلصة أمريكا.
وقد ألقى أمس جورج بوش خطابه وأمام 5 أشخاص عراقيين، ليعلن فيه نيته تجاه سوريا. والغزو إذن قد بدأ!
وربما يجوز لي الإعتبار بأن الله سبحانه وتعالى إستجاب لدعائي وأوحى لأمريكا بغزو سوريا.
وربما لا.
لكني بكل الأحوال لن أشمت بسوريا التي جنت على نفسها كبراقش، ولن أشمت لاحقا بالدول العربية التي وقعت كبراقش أيضا موافقة على قرار غزو سوريا، ولن أنبه الجميع أنهم قد أكلوا من يوم تعاونوا على أكل العراق. لن أشمت بهؤلاء ولا بسوريا حصرا إذا لا شماتة بمحتضر ولا عتب، ولا فرحة لغزو بلد، وأنا واثق من فتيان الشام ومقدرتهم على جعل أمريكا تتذكر حليب أمها. إنما أتوجه بالسؤال إلى قادة أمريكا ومفاتيح قرارها، وأقول: صحيح أن الموافقين على الغزو من العرب هم كبراقش،،، لكنكم كالحمير. فهل حقا لم تتعظوا بعد من خسائركم في العراق؟! ألم يخبركم أحد أن خلايا المقاومة في سوريا ولبنان قد تدربت على أيدي نبراسها ومنارها فتيان شنعار؟!
ثالثا:
عام 2002 كما هو معلوم دعت أمريكا كلابها الضالة مما سمي معارضة عراقية، إلى مؤتمر في لندن، تحت إشراف وقيادة زلماي خليل زادة. ولإزالة الحرج تعذر الكيشوان التائه محمد باقر الحكيم بعدم تمكن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية من المشاركة في هذا المؤتمر دون تفويض من الشعب العراقي. لذاه سيرسل وكالاءه إلى العراق لهذا الغرض. لكن، وبعد ثلاثة أيام من تعذره، وفي تصريح لفضائيتي الجزيرة والمنار، أعلن نائبه بيان جبر (باقر صولاغ) بأن فاتحنا الشعب العراقي فأخبرنا أنه كله وبلا إستثناء يفوضنا للإشتراك بالمؤتمر. ويومها، ومن قبيل المماحكة كتبت قائلا: (( سأقبل أن باقر حكيم وفي غضون 3 أيام فقط أرسل وكلاءه من طهران إلى عموم مدن العراق متجاوزين صعوبات حجز تذاكر السفر وطول الطرق وإجراءات الحدود، ثم سألوا 15 مليون عراقي بالغ شخصيا أو مكاتبة وفردا فردا عن آرائهم وعرفوا أنهم جميعا فوضوا المجلس الأعلى بالإشتراك بالمؤتمر، إذا تم كل هذا في غضون 3 أيام فقط، فعلام إذن نشتكي إلى العالم من دكتاتورية النظام وقمعه؟ فها هو سمح لوكلاء حكيم وبكل حرية بالإتصال بالعراقيين واستفسارهم عن رأيهم بمؤتمر لندن المعد أساسا لإسقاطه وإحتلال العراق، فأين سنجد شفافية وحرية وتسامح أكثر من هذا؟! وهل سيسمح باقر حكيم بمثل هذه الشفافية لو ترأس العراق؟! ))
هذه المبالغة من آل الحكيم كانت وقتها قد تلت مبالغة أخرى منهم عن سرقة أسرار العراق النووية من حاسوب الرئيس صدام حسين وتقديمها للأمريكان، كما إدعى علنا عبدالعزيز حكيم وبمؤتمر صحفي. ويومها أيضا علقت من قبيل المماحكة، أن عبد العزيز لو صدق فقد أقر بجرم الخيانة على نفسه، حيث سلم أسرار بلاده إلى أجانب. وهو من هنا محكوم بالإعدام حسب القانون العراقي. وهذه المبالفة تلت تصريحا مبالغة ثالثة، أعطاه حميد بياتي (طاهر أصفهاني) لفضائية المنار عن أن جيش بدر يتكون من 29 الف مقاتل وعدى الصوارئخ بعيدة المدى فلديه كافة الأسلحة.
وفي مرة سابقة، وبمبالغة ولكن دنيئة جدا إدعى آل الحكيم بتمزيق الشيوعيين للقرآن، فبالغوا في قتل العراقيين على هذا الجرم، حتى فاجأهم القدر بتمزيق حقيقي للقرآن وعلى يد جندي أمريكي سحب قرآن فتاة عراقية من حقيبتها ومزقه ودعسه وأمام الكامرة أيضا، لكن آل حكيم وآل سستان وكل من تبعهم سكتوا أما مباركين أو جبنا.
وهكذا!
والظاهر إن المبالغات تربية حوزوية ينشؤون عليها أنفسهم وأتباعهم. وربما تعود إلى خصوصية الخيال الفارسي أو النفس الحوزوي، أو شيء من هذا القبيل. ونحن على أية حال في غنى عن معالجتها، على الأقل من باب أننا سنحتاج شهورا لتعداد أنواعها فقط. لكني سأركز على واحدة منها وحسب.
ففي مناظرة الإتجاه المعاكس التي أعقبت إنتخابات القولون، خاطب باسم عوادي، الأستاذ سمير عبيد وجماهير المشاهدين قائلا: (( إن السنة جاؤونا يبكون لأجل أن نشركهم في كتابة الدستور)). وباسم هنا يشير إلى ما إعتبره إنتصارا ساحقا حققه الشيعة في الإنتخابات بفوز قائمتهم بـ 141 من 266 صوتا، وسيحكمون العراق لوحدهم، لذا ندم السنة على مقاطعتهم للإنتخابات، وجاؤوا يبكون ويتوسلون.
وهي دعوى مبالغة ممجوجة. فالمناظرة مثلا جرت بعد أسبوع من إعلان نتائج إنتخابات القولون، ولم تتضح الأمور بعد وقد وجهت للإنتخابات 500 طعن ناهيك عن أن باسم لم يسم واحدا ممن جاء ولا متى وإلى من. بل وقد سبقها باسم عوادي وفي مناظرة معي، على فضائية المستقلة، بمبالغة ممثالة مدعيا أن لدى الحوزة نصف مليون جندي مسلح ستلقي بهم إلى شوارع بغداد وحدها إذا تأجلت الإنتخابات. وحقيقة، لا أنا ولا أي من الجانب الوطني العراقي راغب للتنازل ومجادلة عضروطا كباسم عوادي كان جنديا في حماية محافظ النجف حتى عام 2000 وقبلها ولخمسة عشر عاما كان شرطي أمن. وعادة ما يتم حشره في آخر لحظة بالمناظرات. وهو لا ينتبه حتى إلى ما يقول. فمن لديه نصف مليون جندي في بغداد وحدها ومستعد أن ينزلهم إلى الشوارع وضد المواطنين إذا تأجلت الإنتخابات بينما يفتي بعدم رفع السلاح بوجة المحتلين الأمريكان، فهذه خيانة وطنية ونذالة لابدها متشربة في أصول الحوزة وفروعها إذن.
لكن هذه المبالغات كانت لازالت أهون من مبالغة، عزفت لألف عام وكانت مبعثا لخيانات، وأهمها وأقذرها خيانتان لم تحدثا عند شعب من الشعوب على مر التاريخ. وأعني بهما خيانة إبن العلقمي لصالح التتر، والخيانة التي تمت على مدى العقدين الأخيرين لصالح أمريكا من قبل الكيشوان التائه باقر حيكم، والكيشوان الصائع مجيد خوئي والكيشوان الحائر إبراهيم الأشيقر، وأخيرا مرجعهم الأعلى الكيشوان الضائع – علي سستاني.
وجوهر المبالغة، كما هو معلوم حق مغدور وأكثرية مهضومة الحقوق. وفي الآونة الأخيرة قيل ما قيل عن تمثيلهم لـ 80% من الشعب، وأنهم الأكفأ والأقدر على حكم العراق، وأن المرجعية تعلم وتستطيع ما يعجز عنها غيرها.
ولا مراء بأن الحديث هنا لا يجري عن مذهب التشيع ولا عن الشيعة، إنما عن حوزة لا عراقية يراسها ويتبعها أراذل مدعين التشيع بينما التشيع والإسلام والإنسانية منهم براء.
المهم إنهم قالوا وعددوا وناحوا ولطموا، ثم هددوا بغداد وحدها بنصف مليون جندي ما لم تنزل عند شروطهم. حتى إذا ما بلغت الشدة قصواها لعب القدر لعبته ونزل عن شرطهم ومرر لعبة الإنتخابات، فارتدت المبالغة عليهم ولكن بمهزلة ما بعدها مهزلة.
فليس مهما أن هذه الإنتخابات أثبتت رهافة إيمانهم وإستصغارهم حدود الله حيث جعل مرجعهم الفرق بين الحلال والحرام ورقة إنتخاب وحسب. وليس مهما أنها أثبتت وبلا أدنى شكوك أنهم لا يزيدون مع كل التزويرات عن 30% وأنهم مستعدون لأدنى أنواع الكذب والتزوير، وأنهم سوى حفنة من عملاء خدام للماسونية العالمية،،الخ.
هذه كلها ليست مهمة، لأنها أصلا معروفة.
لكن أهم ما كشفته هذه الإنتخابات أنهم عاجزون عما يستطيعه غيرهم. فها قد مر شهران على إنتخاباتهم، وهم في عجز تام وشلل عن تشكيل حكومة أو أرضاء أطراف. بل قد إكتشف هؤلاء المهددون بنصف مليون جندي، وجاءهم السنة مساءً يبكون، إكتشفوا أن الحل الوحيد المتاح لهم لدرء الفضيحة وإتقاء الموت المحقق بالإحتراب فيما بين فروع قائمتهم، هذا الحل هو أن يسدلوا الستار على دعاوى المهضومية وقدرة المرجعية على تطريز أرض العراق بالسمن والماكدونالد والعسل والببسي كولا.
أي إن الحل الوحيد المتاح أمامهم ليثبتوا أنهم نجحوا ولو في شيء، هذا الحل هو أن يأتوا هم يبكون إلى السنة ويتوسلوهم قبول المحاصصة الطائفية في الحكم!!!
أي أن الحل الوحيد هو أن يرسلوا كل نتائج الإنتخابات وأوراقها إلى التواليتات، مصداقا لنبوئتي يوم سميتها بإنتخابات القولون.
أي أنهم أثبتوا عجزهم التام عن الحكم ورد المهضومية، وأن الشيء الوحيد الذي إستطاعوه ويستطيعوه هو الخيانة ومعاداة العراق والإسلام والعرب، إضافة إلى اللطم والبكاء والهرطقة التي يسمونها زورا وبهتانا عزاءً حسينيا.
والسؤال الملح هو: هل سيتجرأ الكيشوان التائه عبدالعزيز حكيم أو الكيشوان الحائر إبراهيم الجعفري على غسل العار بالإنتحار ولو ببلع جلدة نعال عتيق؟!!
والسؤال الأكثر إلحاحا هو: أين هو الكيشوان الضائع علي سستاني؟!
ملخصا:
لاشك أن أمريكا قررت غزو سوريا مفترضة أن ما فشلت به في العراق ستنجح به في سوريا ولبنان.
وهيهات! فالأمم دول وأيام، إن كبت فلن تنهض إلا بعد قرون! ولتنتظر أمريكا قرونها القادمة! لكن الكبوة والأفلول بأسباب. والأسباب تهيأت في العراق، وها هي تلوح في سوريا ولبنان. وعلى اللبنانيين تجنب غلطتي العراق خلال عقد. ففي الغزو الثلاثيني كان على العراق البدء بضرب تجمعات العدو وهي على الأرض السعودية أو الكويت، مثلها مثل ما قبل غزو 2003. فالنية كانت ظاهرة ولن يرحمونا لو بدأناهم بالقتال. فهم آتون لإبادتنا. والحكمة اليمنية تقول: (( من أرد لك الموت لا تمنحه الحياة )) والمثل الشعبي يقول: (( تغدى به قبل أن يتعشى بك )) ومن هنا، فعلى أحرار لبنان وسوريا البدء بالهجوم الآن، وتصفية كل عناصر الخيانة أولا، ثم ضرب أية تجمعات حتى وإن تحت ستار الدبلوماسية، يقوم بها الأمريكان في بكركي وغيرها. والمعادلة القادمة ستتغير، ولن تبقى الرموز الحالية، فلا داعي للتهيب!
الهجوم ثم الهجوم والمباغتة سلاح رهيب!
أما في العراق، فأزاء عجز الطرف العميل حتى بعد لعبة الإنتخابات والحيازة على الشرعية، أزاء عجزه التام على لم شتات نفسه أو الظهور إلى الشارع بشيء، وأزاء قوتها وكونها صاحبة القرار على الأرض، فلم يبق للمقاومة الوطنية العراقية الباسلة من عذر لإعلان حكومتها. لابد من إعلان الحكومة العراقية الوطنية، داخل العراق. ولتكن أسماء الوزراء سرية. ما بالك والرئيس الشرعي موجود وهو صدام حسين، لذا فالحاجة فقط إلى بضعة وزراء، يمثلهم ناطق في الداخل وآخر أو أكثر في الخارج. ولا عذر في التأخير!
المهم إن مجمل الأحداث يدل على أن أمريكا غاصت بالوحل، وبدأت تتدحرج إلى الهاوية كالكرة.
فسلمت أياديكم يا فتيان شنعار يا من دفعتموها إلى هذه الهاوية!
وحيث ثقفتموهم!
-----
* الكيشوان: كلمة فارسية تعني حارس أحذية رواد المساجد.
شبكة البصرة
الاربعاء 19 صفر 1426 / 30 آذار 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة
شبكة البصرة
د. نوري المرادي
قد قامت الحرب في لبنان وسوريا فإلى السلاح والهجوم أيها الأحرار!
لا تبك غزوا نجح بينماك تركت الغازي يتجمع ويبني نفسه بهدوء على حدودك!
قد فشل الكيشوان* في لم الأحذية، فإعلني أيتها المقاومة العراقية الباسلة حكومتك،، الآن!
مرت فترة على آخر حلقة من سلسلة (مع الأحداث). وقد تسارعت الأحداث فلو تتبعناها لقرت عيوننا لمصير منكور يعانيه الآن شرطي أمريكا وخادمها المطيع سي حسني مبارك أبوحبظلم، الذي صار يخشى خياله. ومن جانب آخر فيقال والعهدة على الراوي أن الحكومة المصرية سنت قانونا نصفه خير ونصفه الآخر شر. فالقانون ألزم كل سيارات مصر بحمل مطفأة حريق. وهذا هو النصف الأول. أما النصف الثاني، فقد تبين أن من بين الـ 13 نوعا من مطافئ الحريق التي تنتجها مصر، هناك نوع واحد فقط مطابق للمواصفات التي حددها هذا القانون بشدة؛ وهو النوع الذي تنتجه شركة جمال حسني مبارك؛ مع أنه الأسوأ بينها جميعا. وجمال مبارك طبعا، هو مرشح السيدة شجرة الدرة – وتتمناه يخلف أباه، كما تمنت زوجة سوهارتو لإبنها المسجون حاليا. ومن الطرائف أيضا، أن جميع من ردد مسرحية الحفرة التي أسر بها الرئيس صدام حسين، من مطايا الإحتلال الأمريكي في العراق كعبدو حكيم وشامي كابور سستاني وأشيقر ثمود وبخر العلوج، كل هؤلاء أصبحوا الآن أسرى حفر حقيقية لا يغادرونها حتى للمرافق. وطريفة أخرى وصلتني اليوم بالهاتف، وهي أن بائعا مسكينا في سوق المريدي في مدينة (الثورة صدام الصدر) في بغداد، بارت عنده مجموعة من أفلام الأقراض المضغوطة. فعمد إلى خدعة طريفة حيث ألصق ورقة بيضاء على كل قرص وكتب عليها: (( الدكتور نوري المرادي يهاجم السستاني مجددا )) فنفذت منه الأفلام بسرعة وإختفى.
على إننا نركز على أحداث ثلاثة فقط، وعليه:
أولا:
المتابع لأخبار أفغانستان هذه الأيام لايشك بمسلمة غيرة الفتيان.
والفتيان عادة ما يغارون من بعضهم البعض بالفتوة والشجاعة والتحدي. وأخبار فتيان شنعار قد عمت الآفاق فصارت بغداد، إضافة إلى كونها قرة العين وعاصمة الخلافة القادمة لا محالة، صارت قبلة للمتدربين والمتعلمين من تجربة فتيانها الميامين في الأعظمية والفلوجة والرمادي والموصل وهيت وحديثة التي بدأت تبدع هي الأخرى غيرة من صويحباتها كسامراء وكربلاء وكركوك واللطيفية والقائم والزبير والمدائن،،، الخ من قائمة المدن الأقمار الساطعة في سماء العالمين، هي وأخواتها المجاهدات من مدن الجزيرة والخليج. تلك الأقمار التي لابد وعم سناها سماء أفغانستان، الأمر الذي أعلنه السيد حكمت يار بصراحة قائلا: (( لقد فاقتنا مقاومة العراق سرعة وشدة ومراسا،، فهي الآن معلّمنا ومِعلمنا في الجهاد))
وأفغانستان والحق يقال بلد شاسع ناء المسافات عسر الدروب جم المجاهل. وقد إبتلع في الماضي جيوشا وغزاة حتى إستحق هو واليمن لقب البلد الأعصى على الغازين. وفي نهاية القرن التاسع عشر هاجمته بريطانيا بأربعة عشر ألف جندي لم ينج منه سوى طبيب واحد عاد إلى بريطنيا. وفي سبعينات القرن الماضي إحتله السوفييت فإبتلع الكثير من عساكرهم فانسحبوا بعد خسائر عظيمة، وها قد إحتله الأمريكان. وسيبتلع جيوشهم. وقد بدأت العمليات تتصاعد وتتناهى إلى الأسماع رغم الحصار الإعلامي المحكم عليه، حيث لا هواتف جوالة ولا إنترنيت ولا كهرباء ولا طرق في أغلب مناطقه. إضافة إلى سيطرة المحتلين الأمريكان على كل وسائل إعلامه. من هنا فحين يضطر العدو لنشر خبر عملية واحدة فأما لكونها من الشدة والألم ما لم يستطع إخفاءه، أو هي واحدة من عشرات العمليات، وأعلنها العدو كي لا يتهم بالتعتيمية المطلقة.
على أية حال، إن إنتشار أخبار عمليات المقاومة الأفغانية ضد العدو الأمريكي شيء جيد. لكن عدم إنتشارها ليس بالأمر السيء، على إعتبار أن من يأكل العصي ليس كمن يذيع أخبارها. والألم على ظهور الجنود الأمريكان جراء ضربات المقاومة الأفغانية لن يقل لو كتم الإعلام الأمريكي أخبارها. المهم إنها الآن جارية وبشكل مكثف وشديد، ولا يمر يوم إلا ونسمع عن عملية أو إثنين. فالمقاومة ملتهبة إذن. ومن هنا فالسؤال موجه إلى غلامي الصحافة السيدين عبدالرحمن الراشد وبدرخان وهو: هل ما تمنيتماه بهفوت المقاومة الأفغانية الآن واقعيا، أم أنكما كنتما مجرد بوقين ينشران ما يتمناه ويتخيله سادتكما الأمريكان؟؟
ثانيا:
إن قلة منا إهتمت لمؤتمر القمة العربي في الجزائر. فالمؤتمر بدأ وقد انتهى واستهجنته الصحافة الحرة، وبصقت عليه صحافة الإنترنيت، وذكرته بحياء شديد الصحافة الرسمية للزعماء المشاركين. بل لم يعلم أحد متى وكيف إنتهى، لينطبق عليه بيت الشعر: ( خليفة مات لم يحزن له أحد وآخر قام لم يفرح به أحد )
هذا هو الظاهر،،، ولكن! وأعوذ بالله من كلمة ولكن!
فكم من دواه تحت السواهي!
فلنعد الآن إلى المؤتمر ثانية ونتملـعـن جيدا في تقصي آثاره. فإن فعلنا فسننتبه إلى ثلاث حالات ظاهرة. الأولى: ما بدا من صراع حضوة بين الأرادنة والسعادنة. حيث تقدم أهل الأردن بمبادرة لاحظ مندوب السعودية جرأتها وميلها الفاضح لإسرائيل، فذكر الحضور بمبادرته السابقة والموافق عليها والموقع من قبلهم جميعا. ومعلنا أن: (( لو كثرت مبادراتنا فهذا يعني أننا لا نحترمها ولا يعود أحد يثق بنا )). والظاهرة الثانية: ما بدى وكأنه خلاف بين مصر وسوريا على عضوية لجنة ثلاثية فرعية مهمتها متابعة قرارات أو تشاور أو شيء من هذا القبيل. والثالثة: ضحكات مفتعلة وإبتسامات غير مبررة للسيد فاروق الشرع خارج وداخل قاعة مؤتمر الوزراء الملحق بالقمة.
هذه الظواهر ما كانت لتلحظ أو تعطى إعتبارا في الحالة الطبيعية. فلو ملك الزعماء والملوك العرب زمام أمرهم بيدهم حقا، ولو كانوا ملوكا ورؤساء بالمعنى الحرفي للكلمة، لكفت مبادرة واحدة لترسم سلوكهم. ولو إستطاع السعادنة تنفيذ مبادرتهم (مشروع فهد) لعام 1982 لما إحتجنا لما لايقل عن 20 مباردة تلتها، تدعم كل تالية منها دلالة سابقتها على أن أنها أما صراع حضوة أو أمر من أمريكا لا يجد تنفيذا بفعل المقاومة المسلحة وضغط الشارع. وكل ما رافق هذه المبادرات ومنذ ترهل ورخص قيم القمم العربية من صراعات وجدال حاد هو حالة من تنافس خصيان على ود السلطان. ولو شبهته، فكتماحك الدجاج مع بعضه حين ترمي له الحب.
ما أعنيه أن أمر الملوك والزعماء لم يعد بيدهم، لذا بدأوا يتجادلون حتى على التفاهات. فلنتصور مثلا أن جمال عبد الناصر وعبدالكريم قاسم وهواري بو مدين كانوا سيختلفون على عضوية لجنة فرعية. ما بالك ومهمة هذه اللجنة الفرعية التي إختلف عليها رئيس جمهورية مصر حسني ورئيس جمهورية سوريا بشار وملك الأردن عبدالله، لا مهمة لها ولا مقر، إنماها لجنة متابعة ما يصدر من قرارات من مجلس الأمن وأمريكا بصدد سوريا. بدليل قد صدر قرار مجلس الشيوخ الخاص بـتحرير(!!) لبنان وسوريا ولم نجد لهذه اللجنة أثرا رغم أن حبر التوقيع على تكوينها لم يجف بعد.
إن تفاهة الأمور المتناقض أو المتجادل عليها بين ملوك ورؤساء تدل على توتر بالغ في نفوسهم وخوف من مجهول جعلهم يرون حتى بالصغائر تهديدا لعروشهم. أو، إن ما يبدو من جدل وخلاف بينهم هو حالة مفتعلة كمعادل نفسي لذلة فرضت عليهم من سيد أكبر. والمماليك والخدم والمهتوكين، غالبا ما يرون بأبسط الصغائر جرحا لكرامتهم وإهانات لابد من ردها ولو بالقتال. والمماليك أشد قسوة على بعضهم البعض، مثلهم مثل الخدم؛ وكذلك المهتوكين الذين يرون حتى بالمزح طعنا بشرفهم.
ويقال، أن وثيقة تنقلت ليلا بين غرف الملوك في الفندق، لكنها وبسابقة غير معهودة تخطت هذه المرة غرفة الرئيس بشار الأسد، أو غرفة الوفد السوري عموما، وغرفة الوفد الكويتي. ولا ندري ما إحتوت. لكن وثائق كهذه إعتادت أن تتنقل سابقا في القمم العربية بين غرف رؤساء وفود: سوريا، مصر، الأردن، الكويت، السعودية، الجزائر، المغرب، وعمان، وكانت نتائجها وفي كل مرة أما غزو لبلد عربي أو ضربة للبنان أو هزة بأسعار النفط.
ودور الكويت إنتهى ولم تعد حكومة آل الصباح ذات شأن لا دوليا ولا عربيا ولا منطقيا. والنفط قد إرتفع وبسبب من آلية تسارع الأزمات نتيجة العولمة. وليس عند سوريا نفط. لذا فالورقة التي ووزعت ستخص غزوا أمريكيا محتوما. ومن غير المعقول أن تخبر سوريا بهذا الغزو، لأنها أصلا تعرفه. تعرفه مذ أن شاركت بغزو العراق وقدمت كل التسهيلات لكلابه الضالة وللأمريكان. والمثل يقول: (( أكلوني منذ أكلوا الثور الأبيض )). وسوريا أُكِلت من يوم ساهمت كبراقش بأكل العراق. ورؤساء الوفد السوري يعرفون تبعات توزيع هكذا أوراق ليلا وعلى الغرف في القمم العربية. لذا، والدبلوماسية فنون وتمثيل، بالغ رئيس الدبلوماسية السورية السيد فاروق الشرع بالظهور مبتسما أو ضاحكا أحيانا بمحاولة فردية وجهد مشكور منه لإظهار أن سوريا غير عابئة بقرار مصيرها المحتوم الذي وقع عليه بقية الزعماء. سوى أن ضحكاته كانت مفتعلة غالبا وهستيرية، فعكست وجلا ورهبة وليس قرارة وثقة بالقدرة على مواجهة الغزو القادم. وعلى أية حال فقد صدر قانون تحرير(!) سوريا(!) وتأسست له بعض القواعد العسكرية في بكركي وجبل الدروز، وهو أصلا نسخة طبق الأصل من قانون تحرير العراق الذي إطلعت سوريا على تفاصيله وساهمت بآراء بناءة لتقويم مثالبه ناصحة صديقتها المخلصة أمريكا.
وقد ألقى أمس جورج بوش خطابه وأمام 5 أشخاص عراقيين، ليعلن فيه نيته تجاه سوريا. والغزو إذن قد بدأ!
وربما يجوز لي الإعتبار بأن الله سبحانه وتعالى إستجاب لدعائي وأوحى لأمريكا بغزو سوريا.
وربما لا.
لكني بكل الأحوال لن أشمت بسوريا التي جنت على نفسها كبراقش، ولن أشمت لاحقا بالدول العربية التي وقعت كبراقش أيضا موافقة على قرار غزو سوريا، ولن أنبه الجميع أنهم قد أكلوا من يوم تعاونوا على أكل العراق. لن أشمت بهؤلاء ولا بسوريا حصرا إذا لا شماتة بمحتضر ولا عتب، ولا فرحة لغزو بلد، وأنا واثق من فتيان الشام ومقدرتهم على جعل أمريكا تتذكر حليب أمها. إنما أتوجه بالسؤال إلى قادة أمريكا ومفاتيح قرارها، وأقول: صحيح أن الموافقين على الغزو من العرب هم كبراقش،،، لكنكم كالحمير. فهل حقا لم تتعظوا بعد من خسائركم في العراق؟! ألم يخبركم أحد أن خلايا المقاومة في سوريا ولبنان قد تدربت على أيدي نبراسها ومنارها فتيان شنعار؟!
ثالثا:
عام 2002 كما هو معلوم دعت أمريكا كلابها الضالة مما سمي معارضة عراقية، إلى مؤتمر في لندن، تحت إشراف وقيادة زلماي خليل زادة. ولإزالة الحرج تعذر الكيشوان التائه محمد باقر الحكيم بعدم تمكن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية من المشاركة في هذا المؤتمر دون تفويض من الشعب العراقي. لذاه سيرسل وكالاءه إلى العراق لهذا الغرض. لكن، وبعد ثلاثة أيام من تعذره، وفي تصريح لفضائيتي الجزيرة والمنار، أعلن نائبه بيان جبر (باقر صولاغ) بأن فاتحنا الشعب العراقي فأخبرنا أنه كله وبلا إستثناء يفوضنا للإشتراك بالمؤتمر. ويومها، ومن قبيل المماحكة كتبت قائلا: (( سأقبل أن باقر حكيم وفي غضون 3 أيام فقط أرسل وكلاءه من طهران إلى عموم مدن العراق متجاوزين صعوبات حجز تذاكر السفر وطول الطرق وإجراءات الحدود، ثم سألوا 15 مليون عراقي بالغ شخصيا أو مكاتبة وفردا فردا عن آرائهم وعرفوا أنهم جميعا فوضوا المجلس الأعلى بالإشتراك بالمؤتمر، إذا تم كل هذا في غضون 3 أيام فقط، فعلام إذن نشتكي إلى العالم من دكتاتورية النظام وقمعه؟ فها هو سمح لوكلاء حكيم وبكل حرية بالإتصال بالعراقيين واستفسارهم عن رأيهم بمؤتمر لندن المعد أساسا لإسقاطه وإحتلال العراق، فأين سنجد شفافية وحرية وتسامح أكثر من هذا؟! وهل سيسمح باقر حكيم بمثل هذه الشفافية لو ترأس العراق؟! ))
هذه المبالغة من آل الحكيم كانت وقتها قد تلت مبالغة أخرى منهم عن سرقة أسرار العراق النووية من حاسوب الرئيس صدام حسين وتقديمها للأمريكان، كما إدعى علنا عبدالعزيز حكيم وبمؤتمر صحفي. ويومها أيضا علقت من قبيل المماحكة، أن عبد العزيز لو صدق فقد أقر بجرم الخيانة على نفسه، حيث سلم أسرار بلاده إلى أجانب. وهو من هنا محكوم بالإعدام حسب القانون العراقي. وهذه المبالفة تلت تصريحا مبالغة ثالثة، أعطاه حميد بياتي (طاهر أصفهاني) لفضائية المنار عن أن جيش بدر يتكون من 29 الف مقاتل وعدى الصوارئخ بعيدة المدى فلديه كافة الأسلحة.
وفي مرة سابقة، وبمبالغة ولكن دنيئة جدا إدعى آل الحكيم بتمزيق الشيوعيين للقرآن، فبالغوا في قتل العراقيين على هذا الجرم، حتى فاجأهم القدر بتمزيق حقيقي للقرآن وعلى يد جندي أمريكي سحب قرآن فتاة عراقية من حقيبتها ومزقه ودعسه وأمام الكامرة أيضا، لكن آل حكيم وآل سستان وكل من تبعهم سكتوا أما مباركين أو جبنا.
وهكذا!
والظاهر إن المبالغات تربية حوزوية ينشؤون عليها أنفسهم وأتباعهم. وربما تعود إلى خصوصية الخيال الفارسي أو النفس الحوزوي، أو شيء من هذا القبيل. ونحن على أية حال في غنى عن معالجتها، على الأقل من باب أننا سنحتاج شهورا لتعداد أنواعها فقط. لكني سأركز على واحدة منها وحسب.
ففي مناظرة الإتجاه المعاكس التي أعقبت إنتخابات القولون، خاطب باسم عوادي، الأستاذ سمير عبيد وجماهير المشاهدين قائلا: (( إن السنة جاؤونا يبكون لأجل أن نشركهم في كتابة الدستور)). وباسم هنا يشير إلى ما إعتبره إنتصارا ساحقا حققه الشيعة في الإنتخابات بفوز قائمتهم بـ 141 من 266 صوتا، وسيحكمون العراق لوحدهم، لذا ندم السنة على مقاطعتهم للإنتخابات، وجاؤوا يبكون ويتوسلون.
وهي دعوى مبالغة ممجوجة. فالمناظرة مثلا جرت بعد أسبوع من إعلان نتائج إنتخابات القولون، ولم تتضح الأمور بعد وقد وجهت للإنتخابات 500 طعن ناهيك عن أن باسم لم يسم واحدا ممن جاء ولا متى وإلى من. بل وقد سبقها باسم عوادي وفي مناظرة معي، على فضائية المستقلة، بمبالغة ممثالة مدعيا أن لدى الحوزة نصف مليون جندي مسلح ستلقي بهم إلى شوارع بغداد وحدها إذا تأجلت الإنتخابات. وحقيقة، لا أنا ولا أي من الجانب الوطني العراقي راغب للتنازل ومجادلة عضروطا كباسم عوادي كان جنديا في حماية محافظ النجف حتى عام 2000 وقبلها ولخمسة عشر عاما كان شرطي أمن. وعادة ما يتم حشره في آخر لحظة بالمناظرات. وهو لا ينتبه حتى إلى ما يقول. فمن لديه نصف مليون جندي في بغداد وحدها ومستعد أن ينزلهم إلى الشوارع وضد المواطنين إذا تأجلت الإنتخابات بينما يفتي بعدم رفع السلاح بوجة المحتلين الأمريكان، فهذه خيانة وطنية ونذالة لابدها متشربة في أصول الحوزة وفروعها إذن.
لكن هذه المبالغات كانت لازالت أهون من مبالغة، عزفت لألف عام وكانت مبعثا لخيانات، وأهمها وأقذرها خيانتان لم تحدثا عند شعب من الشعوب على مر التاريخ. وأعني بهما خيانة إبن العلقمي لصالح التتر، والخيانة التي تمت على مدى العقدين الأخيرين لصالح أمريكا من قبل الكيشوان التائه باقر حيكم، والكيشوان الصائع مجيد خوئي والكيشوان الحائر إبراهيم الأشيقر، وأخيرا مرجعهم الأعلى الكيشوان الضائع – علي سستاني.
وجوهر المبالغة، كما هو معلوم حق مغدور وأكثرية مهضومة الحقوق. وفي الآونة الأخيرة قيل ما قيل عن تمثيلهم لـ 80% من الشعب، وأنهم الأكفأ والأقدر على حكم العراق، وأن المرجعية تعلم وتستطيع ما يعجز عنها غيرها.
ولا مراء بأن الحديث هنا لا يجري عن مذهب التشيع ولا عن الشيعة، إنما عن حوزة لا عراقية يراسها ويتبعها أراذل مدعين التشيع بينما التشيع والإسلام والإنسانية منهم براء.
المهم إنهم قالوا وعددوا وناحوا ولطموا، ثم هددوا بغداد وحدها بنصف مليون جندي ما لم تنزل عند شروطهم. حتى إذا ما بلغت الشدة قصواها لعب القدر لعبته ونزل عن شرطهم ومرر لعبة الإنتخابات، فارتدت المبالغة عليهم ولكن بمهزلة ما بعدها مهزلة.
فليس مهما أن هذه الإنتخابات أثبتت رهافة إيمانهم وإستصغارهم حدود الله حيث جعل مرجعهم الفرق بين الحلال والحرام ورقة إنتخاب وحسب. وليس مهما أنها أثبتت وبلا أدنى شكوك أنهم لا يزيدون مع كل التزويرات عن 30% وأنهم مستعدون لأدنى أنواع الكذب والتزوير، وأنهم سوى حفنة من عملاء خدام للماسونية العالمية،،الخ.
هذه كلها ليست مهمة، لأنها أصلا معروفة.
لكن أهم ما كشفته هذه الإنتخابات أنهم عاجزون عما يستطيعه غيرهم. فها قد مر شهران على إنتخاباتهم، وهم في عجز تام وشلل عن تشكيل حكومة أو أرضاء أطراف. بل قد إكتشف هؤلاء المهددون بنصف مليون جندي، وجاءهم السنة مساءً يبكون، إكتشفوا أن الحل الوحيد المتاح لهم لدرء الفضيحة وإتقاء الموت المحقق بالإحتراب فيما بين فروع قائمتهم، هذا الحل هو أن يسدلوا الستار على دعاوى المهضومية وقدرة المرجعية على تطريز أرض العراق بالسمن والماكدونالد والعسل والببسي كولا.
أي إن الحل الوحيد المتاح أمامهم ليثبتوا أنهم نجحوا ولو في شيء، هذا الحل هو أن يأتوا هم يبكون إلى السنة ويتوسلوهم قبول المحاصصة الطائفية في الحكم!!!
أي أن الحل الوحيد هو أن يرسلوا كل نتائج الإنتخابات وأوراقها إلى التواليتات، مصداقا لنبوئتي يوم سميتها بإنتخابات القولون.
أي أنهم أثبتوا عجزهم التام عن الحكم ورد المهضومية، وأن الشيء الوحيد الذي إستطاعوه ويستطيعوه هو الخيانة ومعاداة العراق والإسلام والعرب، إضافة إلى اللطم والبكاء والهرطقة التي يسمونها زورا وبهتانا عزاءً حسينيا.
والسؤال الملح هو: هل سيتجرأ الكيشوان التائه عبدالعزيز حكيم أو الكيشوان الحائر إبراهيم الجعفري على غسل العار بالإنتحار ولو ببلع جلدة نعال عتيق؟!!
والسؤال الأكثر إلحاحا هو: أين هو الكيشوان الضائع علي سستاني؟!
ملخصا:
لاشك أن أمريكا قررت غزو سوريا مفترضة أن ما فشلت به في العراق ستنجح به في سوريا ولبنان.
وهيهات! فالأمم دول وأيام، إن كبت فلن تنهض إلا بعد قرون! ولتنتظر أمريكا قرونها القادمة! لكن الكبوة والأفلول بأسباب. والأسباب تهيأت في العراق، وها هي تلوح في سوريا ولبنان. وعلى اللبنانيين تجنب غلطتي العراق خلال عقد. ففي الغزو الثلاثيني كان على العراق البدء بضرب تجمعات العدو وهي على الأرض السعودية أو الكويت، مثلها مثل ما قبل غزو 2003. فالنية كانت ظاهرة ولن يرحمونا لو بدأناهم بالقتال. فهم آتون لإبادتنا. والحكمة اليمنية تقول: (( من أرد لك الموت لا تمنحه الحياة )) والمثل الشعبي يقول: (( تغدى به قبل أن يتعشى بك )) ومن هنا، فعلى أحرار لبنان وسوريا البدء بالهجوم الآن، وتصفية كل عناصر الخيانة أولا، ثم ضرب أية تجمعات حتى وإن تحت ستار الدبلوماسية، يقوم بها الأمريكان في بكركي وغيرها. والمعادلة القادمة ستتغير، ولن تبقى الرموز الحالية، فلا داعي للتهيب!
الهجوم ثم الهجوم والمباغتة سلاح رهيب!
أما في العراق، فأزاء عجز الطرف العميل حتى بعد لعبة الإنتخابات والحيازة على الشرعية، أزاء عجزه التام على لم شتات نفسه أو الظهور إلى الشارع بشيء، وأزاء قوتها وكونها صاحبة القرار على الأرض، فلم يبق للمقاومة الوطنية العراقية الباسلة من عذر لإعلان حكومتها. لابد من إعلان الحكومة العراقية الوطنية، داخل العراق. ولتكن أسماء الوزراء سرية. ما بالك والرئيس الشرعي موجود وهو صدام حسين، لذا فالحاجة فقط إلى بضعة وزراء، يمثلهم ناطق في الداخل وآخر أو أكثر في الخارج. ولا عذر في التأخير!
المهم إن مجمل الأحداث يدل على أن أمريكا غاصت بالوحل، وبدأت تتدحرج إلى الهاوية كالكرة.
فسلمت أياديكم يا فتيان شنعار يا من دفعتموها إلى هذه الهاوية!
وحيث ثقفتموهم!
-----
* الكيشوان: كلمة فارسية تعني حارس أحذية رواد المساجد.
شبكة البصرة
الاربعاء 19 صفر 1426 / 30 آذار 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة