حقاني
14-04-2004, 11:44 PM
. بصمة صدام حسين وانتحار أمريكا
هذا تقرير طويل، وأعرف جيدا أن الكثير منكم قد يضيق صدره به، لكنني أظن أنه تقرير مهم ويستحق القراءة، لاستشفاف ما يحويه من حقيقة أو زيف. كتبه باحث مناهض للإدارة الأمريكية التي يعتبرها خائنة للشعب الأمريكي ومتآمرة ضده. كلامه منطقي، وإن كنت لا أوافق على جميع ما ورد فيه. فهو من ناحية يؤكد شكوكنا حول حقيقة هوية الشخص الذي أسره الأمريكان وادعوا أنه صدام حسين، ومن ناحية أخرى يرى أن نحر الأمريكان سيتم على يد الشيعة! قد تكون رؤيته الخارجة عن نطاق دائرة رؤيتنا العربية منطقية، وقد تكون سطحية لأنه لم يعش في البيئة التي يتحدث عنها، لكنه في جميع الأحوال يثير نقطة أو عدة نقاط جديرة بالتأمل والنقاش.
مرة أخرى، اعذروني على طول الموضوع، ويمكن للمهتمين به منكم أن يقطعوا الاتصال بالشبكة أثناء قراءته، أما الذين يتقنون الإنجليزية فقد يفضلون قراءته بلغته الأصلية بعد العودة إلى العنوان الموجود في نهاية الموضوع.
أمريكا تنتحر في العراق
كان ينبغي عليهم أن يتركوا (المزعوم) الملتحي في الحفرة
تقرير: جو فيلاس Joe Vialls في 20 ديسمبر 2003
نعرف جميعنا أنه عندما تقبض الشرطة على متهم ما، فإن آخر ما تفكر به في حال الشك بهويته، هو إخضاع المشتبه به (المزعوم) إلى اختبار دي إن إي المعقد، والذي يستغرق – في أدنى الأحول – يومين كاملين ، سواء أرادت التأكد من نسبه، أو بغية دحض مزاعمه فيما إذا ادّعى أنه مصاب بمرض النسيان (ألزهايمر)، أو أي مشاكل مرضية أخرى. إن هذا الإجراء لا يحدث بكل تأكيد، فما تفعله الشرطة، عندما يكون لديها أدنى شك بهوية (المزعوم) هو أخذ بصماته ، ثم مقارنتها ببصمات المتهمين التي تنتزع عادة من مواقع الجرائم المختلفة.
كل ما عليك أن تفعله في حالات كهذه، لتحصل على النظير المثالي لبصمة ما، هو أن تمتلك بعض خصائص تلك البصمة أو علامات متطابقة فيها.
وبالنسبة إلى الرئيس صدام حسين الحقيقي ، يمكن القول إن هذا الإجراء إنما هو "البساطة بعينها" ، فنُسخ بصمات إبهام الزعيم العراقي متوافرة بكثرة في أنحاء مختلفة من بغداد، وهي موجودة أيضا في خزائن مؤسسة ألمانية ومؤسستين بريطانيتين، من ضمنها مؤسسة موريس سنغر Morris Singer للسبك، ففي سنة 1986 كان موريس سنغر عضوا في مؤسسة اتحاد مالي برئاسة ألمانية، وهي المؤسسة التي سبكت الأذرع البرونزية ليدي صدام حسين الهائلتين اللتين تمسكان قوس النصر في بغداد. ولنا عودة لهذه القصة الساحرة لاحقا.
لسوء الحظ، كان يمكن لمطابقة البصمات أن يبرهن على زيف خدعة تكريت الرهيبة التي اشترك فيها كل من تشيني وولفويتز ورامسفلد ، والتي اعتمدوا فيها أساسا على تمويه "الدخان والمرايا" لإقناع عالم شكاك جداً بأن أمريكا تربح الحرب في العراق، وبالتالي لإرغام جميع الدول المعارضة للغزو الأمريكي غير الشرعي على الإسراع في الانضمام إلى صف أمريكا، والبدء في رمي بعض العملة المالية الثقيلة في اتجاه واشنطن.
أما الهدف الثاني من خدعة تكريت الرهيبة فيتجلى في تحطيم نفسية الشعب العراقي ، وقد خطط لهذا الهدف بدقة بالغة، وذلك بالتأكيد القاطع على أن (المزعوم) زحف خارجا من حفرته الأرضية بدون أن يحاول إطلاق رصاصة واحدة، ثم أذعن بوداعة للفحص الطبي الحميم الذي أخذ مجراه على يدي طبيب حليق الرأس من العيار الأمريكي الثقيل . وهذا الهراء هو من القواعد الأولية التي يتم تعليمها في معاهد دراسة السلوك البشري . وبذلك كانت الرسالة الضمنية الموجهة للعراقيين تقول: أي نوع من القادة يختبئ في حفرة أثناء احتدام المعركة، ويرفض أن يبدي مقاومة؟
إن القارئ سيجد ذاكرته تصر على العودة – وبدون وعي منه – إلى يوم 11 سبتمبر 2001 عندما هرع الرئيس جورج دبليو بوش إلى الاختباء في جحر عنكبوت تحت قاعدة أوفت للقوى الجوية Offutt AFB في نبراسكا، حيث قبع هناك يمص إبهامه إلى أن بُلّغ بزوال الخطر. بالطبع، كان جحر العنكبوت الذي اختبأ فيه بوش أكبر بكثير ومجهز بتكييف كامل، وفيه أيضا مساحة زائدة عن الحاجة لتتلاءم مع "أناه" شديدة الانتفاخ.
أما على مستوى الثلاثي المشترك في خديعة تكريت الهائلة، فإن خديعتهم هذه تسببت بالأذى البالغ للديموقراطيين الأمريكيين الذين تُركوا بدون أي شيء بنّاء يستطيعون قوله أثناء الاستعداد للانتخابات الرئاسية.
ما من شك هناك في أن تشيني وولفويتز ورامسفلد ظنوا أنهم بخدعتهم هذه كانوا يقتلون ثلاثة عصافير بحجر واحد ، ولا بدّ أن أنظار هؤلاء الأكاديميين المعوقين كانت تتجه شمالا من بغداد إلى تكريت عندما (فقّسوا) مخططهم، ونسوا أن يلتفتوا ليتطلعوا إلى مراياهم الخلفية. ولو فعلوا هذا، لربما انتهى الأمر إلى دفن (المزعوم) للمرة الثانية بسرعة وإلى الأبد هذه المرة، بوساطة نصل جرافة دي 9 العملاقة.
ينقسم سكان العراق على نحو متساو تقريبا بين المسلمين السنة في شمال البلاد والذين يعتبرون تحت سيطرة حزب البعث عموما، وبين المسلمين الشيعة في الجنوب، وهم القسم الذي يخضع تماما لرجال الدين الشيعة، ويأتمر بأمرهم. وفي أواخر سنة 1990 وأوائل سنة 1991 كان شيعة الجنوب هم الذين تقربت منهم وكالة المخابرات المركزية (سي آي إي)، وشجعتهم على إعلان الثورة على صدام ، الذي، كما طمأنتهم السي آي إي، أضعفته حرب الخليج كثيرا جدا. وكان أن وعد الفتيان الطيبون من قاعدة لانغلي Langley الاستخباراتية أولئك الشيعة التعساء بإمدادهم بكميات غير محدودة من النقود والأسلحة والذخيرة والكوكا كولا والهمبورغر.
قد لا نعرف أبدا لماذا اختار الشيعة تصديق السي آي إي على الرغم من وضوح ارتباطها بالموساد . ولكن ما نعرفه أنهم حملوا أسلحتهم (Ak-47 و آر بي جي) وتوجهوا شمالا، وبدأوا يذبحون كل شيء يرونه أمامهم ولو لمجرد الاشتباه في أنه من المحتمل أن يكون مسلما سنيا . لم تكن هذه الأنباء مما يسر الرئيس صدام حسين كثيرا، فسارع إلى إرسال حوالي ثلاث فرق دبابات من الحرس الجمهوري لمواجهة الشيعة فورا. وعلى الرغم من أن الأرقام الفعلية ما زالت مبهمة، هناك اعتقاد كبير بأن النتيجة كانت قتل ما بين 15000 إلى 20000 شيعي في أقل من شهر واحد.
استمات الشيعة آنذاك للاتصال بأصدقائهم الجدد في السي آي إي، أملا بالحصول على الدعم الجوي والذخيرة وبقية الأشياء الأخرى التي وعدتهم لانغلي بتوفيرها بالأطنان. لكنهم للأسف لم يحصلوا سوى على جهاز تسجيل مكالمات ، إذ يبدو أن الأشباح كانت تقضي إجازة في فلوريدا، وليس لديها مزاج في أن تزعجها شرذمة من العرب الذين نسوا أمرهم منذ أسابيع. بمعنى آخر، ووفق أدق أعراف مجتمع الاستخبارات الأمريكي، كانت السي آي إي قد تراجعت عن المضي في الصفقة.
وبذلك، وفي أقل من شهر تقويمي، اختبر المسلمون الشيعة في جنوب العراق عاطفتين قويتين جدا، الأولى : الخوف الشديد من صدام حسين، والثانية : الكراهية الحادة للسي آي إي وجميع الأمريكان عموما.
لنفهم الخراب الأبدي الذي سبّبه تشيني وولفويتز ورامسفلد في خدعة تكريت الهائلة، من المهم أن نفهم الفرق بين هاتين العاطفتين، والنتائج الناجمة عنهما.
إن السبب الوحيد الذي يمنع شيعة جنوب العراق من مقاتلة الغزاة الأمريكيين هو خوفهم من أنه عندما تدحر أمريكا في النهاية من العراق، سيعمل صدام حسين على سحقهم مرة أخرى كما فعل سنة1991. وقد أزال الأمريكان هذا الخوف من نفوس الشيعة "بأسر صدام"، وبالتالي، وجهوا دعوة إلى مقتدى الصدر ليفتح على الغزاة جبهة مقاومة جنوبية.
وهنا تبدأ الكراهية بلعب دورها ، ليس فقط لأن الشيعة يلومون أمريكا على مقتل 15000 إلى 20000 منهم سنة 1991، بل أيضا لأنهم يلومونها اليوم على مقتل وتشوه ألاف منهم بشظايا القنابل منذ أن بدأ الاحتلال غير الشرعي الحالي، وما من رجل شيعي في جنوب العراق إلا ويريد الظفر بقطعة أو عدة قطع من جسم الجندي الأمريكي، خصوصا وأن هؤلاء الشيعة، بعد أن أصبح صدام حسين قيد الأسر، قد تخلصوا أخيراً من ضغوط الكبت، وما عادت تصرفاتهم محكومة به. فالشيعة إن كانوا يخشون صدام، فهم بكل تأكيد لا يخشون الأمريكان، بل ويزدرونهم بالإجماع، ويعتبرونهم مجرد رعاع غير منضبط.
النقطة الجوهرية هنا تتجلى في أن ما فعله تشيني وولفويتز ورامسفلد هو نزع الكوابح عن ماكينة حرب عملاقة تتألف من مليون شيعي واسمها جيش المهدي، وكل ما على مقتدى الصدر أن يفعله الآن ليجعلها تعمل هو إدارة مفتاح تشغيلها. ولا تنسوا أن جيش المهدي الشيعي يحيط بجميع دروب الجنوب المؤدية إلى الكويت، والتي تعتبر مخرج التراجع الوحيد لما يزيد عن 110000 جندي أمريكي.
من الصعب معرفة متى سينقضّ مقتدى الصدر . قد يبدأ بمهاجمة أرتال القوافل خلال أسابيع، أو ربما برى أنه من الأفضل الانتظار عدة شهور إلى أن تمعن المقاومة السنية في الشمال في إضعاف عزيمة الجنود الأمريكان. وفي أي من الحالتين، سينال مقتدى الصدر من جميع الفرق الأمريكية وهي تهرع لمغادرة العراق، ويعني هذا، بالتعبير العسكري القديم استهداف محيط دسم جدا. هل تتذكرون الدمار الرهيب على طرق الموت السريعة خارج الكويت خلال حرب الخليج الأولى؟ هذا ما سيحدث تماما، مع اختلاف بسيط، وهو أن تستبدلوا الجثث العراقية التي شاهدتموها هناك قبل 13 سنة بالجثث الأمريكية.
الطريقة الوحيدة التي يمكن إيقاف هذه الفوضى بها، ستكون بالسماح لـ (المزعوم) بالهروب من الحراسة في مطار بغداد ، قبل أن يطالب الروس والفرنسيون والألمان وغيرهم من الأمم المتبرعة والمغشوشة بأخذ بصماته أمام الجميع في محكمة علنية، من قبل فريق نزيه من خبراء الطبّ العدلي يستعمل أدوات بسيطة في فحص البصمات. ينبغي على عملية الفرار أن تكون مقنعة ، بمعنى آخر، مثيرة ومسجلة بوضوح على الفيديو، حيث يظهر (المزعوم) وهو يخوض طريقه بجسارة عبر الكثبان الرملية بالغة الارتفاع، وسط قعقعة شرارات الرصاص الأمريكي الحمراء.
ونظرا إلى نجاحات مخرجي هوليود الساحقة في المسرحية الدرامية المثيرة: حفرة عنكبوت في تكريت ، لا شك أن لديهم القدرة على إدارة هذا الفلم بسهولة، بل وربما يكون له تأثير قمعي على الشيعة من جديد. وبذلك، يصبح من المحتمل أن يتم تأخير أو منع تكرار كارثة Tet Offensive هجوم تيت (1968 فيتنام) في سنة 2003.
في يوم الثلاثاء 16 ديسمبر، أدعى رامسفلد خلال مؤتمر صحفي أن اختبارات الـ دي إن أي أكدت أن الرجل الذي زحف خارج فتحة عنكبوت تكريت هو صدام، وقال: أعتقد أنكم ستسمون هذا مجرد دليل، أما أنا فأرى أنه دليل إيجابي صحيح بنسبة ما يزيد عن 99 بالمئة.
وهذا الادعاء سخيف ، لأنك حتى لو اقتنعت بأن اختبار الـ دي إن أي قد يكون فعالا في بعض الظروف المحدودة، فإن المقارنة المضبوطة تستغرق أكثر من يومين كاملين في مختبر كامل التجهيز. لقد ظهر ادعاء البيت الأبيض الأول بمطابقة الـ دي إن إي الخاص بصدام في فترة تقل عن 12 ساعة من لحظة إيقاف (المزعوم)، وهو أمر مستحيل قطعا، إضافة إلى أنه ما عاد مهما كثيراً بشكل أو بآخر، فقبل بضعة شهور فقط، صعق العلماء في نيوزلندا عندما اكتشفوا أن أناسا لا يمتون إلى بعضهم بأي صلة في الجزر الشمالية والجنوبية لديهم دي إن أي "متطابق"، وهذا الاكتشاف أنهى الادعاءات المسعورة التي زعمت مؤخرا أن الـ دي إن أي هو "رصاصة سحرية" جديدة في مجال التحري العدلي.
أما بصمات الأصابع فهي شيء مختلف تماما، لأنها فريدة حتما لدى كل شخص موجود على وجه الأرض. ومن المؤكد أن شارون بنك Sharon Pink المديرة التنفيذية لمؤسسة موريس سنغر للمسبوكات البريطانية أدركت هذه الحقيقة عندما شاهدت في التلفزيون الدبابات الأمريكية تطوي الأرض تحت قوس النصر في بغداد . وتذكرت أن لديهم في خزنة المؤسسة نسخة من بصمة إبهام صدام . كانت تعرف أنهم يمتلكون دي إن أي صدام، لكنها مع ذلك تساءلت عما إذا كان يجدر بالمؤسسة إبلاغ الحكومة لمعرفة ما إذا كانت أجهزة الأمن تريد بصمة الإبهام للتعريف.
في ذلك الوقت، قبل بضعة شهور من اليوم، أبدى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ارتياحه، ووجه رسالة لشارون بنك شكرها فيها على عرضها غير العادي لبصمة إبهام صدام حسين. وأعلمها أن مسؤولي وزارة الخارجية نقلوا المعلومات إلى كرستوفر سيغر Segar Christopher، رئيس المكتب البريطاني في بغداد. وتقول شارون أنها نقلت نسخة بصمة الإبهام من مؤسسة السبك للاحتفاظ بها في مكان أمين، وهي تنتظر لترى إذا كانت وزارة الخارجية مهتمة بالأمر. إضافة إلى هذه النسخة، هناك نسخ سيلكون silicone أخرى لبصمة إبهام سنة 1986 موجودة في ألمانيا.
إن الأمريكيين والبريطانيين مستميتون جدا الآن لتخليد أسطورة صدامهم (المزعوم)، ومن المحتمل أن تحظى أجهزة الأمن بنسخ السيلكون هذه وتدمرها بأسرع ما يمكن، ولكن هذا التصرف لا ينبغي أن يثني العازمين على التعرف على هوية (المزعوم) في أي مسرحية قضائية وشيكة للنظر في جرائم الحرب. وكل ما عليهم القيام به يتلخص في إرسال خبير بنسخ الطبعات النحاسية إلى إحدى الذراعين الموجودتين في قوس النصر في بغداد، مسلحا بمتر مربع من الورق وبعض أقلام الفحم. وما يجب أن يفعله هو طبع بصمة إبهام صدام العملاقة على الورق، ثم تصغير الرسم عن طريق التصوير إلى حجمه الحقيقي (البشري).. وانتهينا!
ولدي طلب أوجهه للمقاومة العراقية : إذا رأيتم باحثا أكاديميا يتسلق نصب الحرب التذكاري مع ورقة عملاقة وأقلام فحم، أرجوكم دعوه بسلام، لأنه يعمل لصالح الأمن القومي العراقي. أما إذا رأيتم شرذمة من الأمريكان يقومون بالمحاولة نفسها وهم مسلحون بمجالخ ضخمة مخصصة للأعمال الثقيلة، فهم بدون شك عملاء من السي أي إي يريدون إتلاف الدليل ، وينبغي أن يستهدفهم قناصوكم فورا، رجاءً.. لا تنسوا استعمال ذخيرة خاصة يمكنها أن تمزق أولئك الأشباح إربا من غير أن تلحق الضرر ببصمة الإبهام البرونزية الثمينة والضرورية للتعرف على صدام حسين.. شكرا لكم.
مع ذلك، وفي حال فوجئتم بظهور مباغت لمجموعة من قنابل فئة 2,000 رطل الأمريكية الموجهة بالليزر في سماء ليلة حالكة الظلام، ورأيتموها تنهمر على قوس النصر لتحطيمه ، لا تهتموا، فهناك ست بصمات إبهام أخرى لصدام مبعثرة في أنحاء العراق، وأعتقد أنكم ستتفهمون سبب امتناعي عن الكشف عن مواضعها كلها لأسباب أمنية. على كل حال، هناك بصمة إبهام أخرى لصدام ظاهرة للجميع، وهي موجودة في البركة العاكسة لمسجد أم المعارك ، وهو نصب حرب تذكاري فائق الجمال. بصمة إبهام الرئيس صدام حسين هنا تظهر في الفسيفساء العملاق الذي يبلغ عرضه 24 قدم، وهي كبيرة وواضحة بما يكفي لتصويرها من السماء ، مما يجعل تصغير الصورة بعد ذلك سهلا جدا.
لقد قادتك بداية هذا التقرير أيها القارئ إلى الاقتناع بأن ادعاءات تشيني وولفويتز ورامسفليد المتعلقة بخديعة تكريت الجسيمة كانت مجرد تصرفات خرقاء لأكاديميين بسطاء ليس لديهم خبرة قتالية. أي بمعنى آخر؛ ثلاث دمى سياسية تفتقر إلى مهارات تحليلية عسكرية كافية لمعرفة الأخطار المميتة التي سيثيرها أسر صدام لأكثر من مئة ألف جندي أمريكي، منقطعون في العراق تحت رحمة مقتدى الصدر وجيش المهدي المؤلف من مليون شيعي حاقد. لكن من المؤسف القول أن هناك دليلا قاطعا يؤكد أن هذا ليس إلا الوجه الآخر من الحقيقة الفعلية.
بعد أن غادر فريق عملية الفجر الأحمر السرية الأمريكية قواعده إلى تكريت، وقبل ساعتين فقط من الإعلان الرسمي عن إخراج (المزعوم) من حفرة العنكبوت، وضعت تقريرا في الانترنت بعنوان: "حصن الأمريكتين – الدولة الصهيونية الحقيقية لـ بن غوريون". وهذا التقرير كشف علنا، ولأول مرة على الإطلاق، المخططات الأصلية الوحيدة للصهيونية في اجتياح وغزو الأمريكتين.
يستدعي جزء من مخطط قلعة صهيون هذا، إحداث شلل بيولوجي في حوالي 50 بالمئة من وحدات الخدمة العسكرية الأمريكية الفعالة، وذلك لتقويض جهاز الدفاع العسكري الأمريكي ، ولهذا السبب نفسه يتم إرسال معظم أفراد الجيش الأمريكي خارج البلاد واستدراجهم إلى الفخ، بناء على أسس زائفة بوجود طوارئ إرهابية في النصف الشرقي من الكرة الأرضية.
فكروا بهذا، فكروا به جيدا. ديك تشيني، زعيم ثالوث خدعة تكريت العملاقة ، مضى عليه أكثر من عقدين وهو يقوم بدور ممسحة الأرجل المتزلفة للصهاينة، وباعتباره نائب رئيس الولايات المتحدة لديه صلاحية الوصول المباشر لجميع المعلومات الاستراتيجية والتكتيكية في العراق، وهذا يسري أيضا على كل من ولفويتز ورامسفلد.
ولذلك، فمن المستحيل أن نصدق أن هؤلاء المتآمرين الثلاثة لم يكونوا مدركين للخطر المميت الذي سينتج عن مقتدى الصدر وجيش المهدي الشيعي ذي المليون حاقد، والذي تتوافر لديه المقدرة على تمزيق الجيش الأمريكي في العراق إلى إرب دامية، وبذلك، يساهم بقوة في مؤامرة تقويض المقاومة العسكرية الأمريكية عندما يحين دور الغزو الصهيوني للأمريكتين.
بتعبير أبسط؛ إن القيادة السياسية الأمريكية تتعمد إفناء الجيش الأمريكي، لتساعد في إخضاع الشعب الأمريكي وتدميره.
هذا تقرير طويل، وأعرف جيدا أن الكثير منكم قد يضيق صدره به، لكنني أظن أنه تقرير مهم ويستحق القراءة، لاستشفاف ما يحويه من حقيقة أو زيف. كتبه باحث مناهض للإدارة الأمريكية التي يعتبرها خائنة للشعب الأمريكي ومتآمرة ضده. كلامه منطقي، وإن كنت لا أوافق على جميع ما ورد فيه. فهو من ناحية يؤكد شكوكنا حول حقيقة هوية الشخص الذي أسره الأمريكان وادعوا أنه صدام حسين، ومن ناحية أخرى يرى أن نحر الأمريكان سيتم على يد الشيعة! قد تكون رؤيته الخارجة عن نطاق دائرة رؤيتنا العربية منطقية، وقد تكون سطحية لأنه لم يعش في البيئة التي يتحدث عنها، لكنه في جميع الأحوال يثير نقطة أو عدة نقاط جديرة بالتأمل والنقاش.
مرة أخرى، اعذروني على طول الموضوع، ويمكن للمهتمين به منكم أن يقطعوا الاتصال بالشبكة أثناء قراءته، أما الذين يتقنون الإنجليزية فقد يفضلون قراءته بلغته الأصلية بعد العودة إلى العنوان الموجود في نهاية الموضوع.
أمريكا تنتحر في العراق
كان ينبغي عليهم أن يتركوا (المزعوم) الملتحي في الحفرة
تقرير: جو فيلاس Joe Vialls في 20 ديسمبر 2003
نعرف جميعنا أنه عندما تقبض الشرطة على متهم ما، فإن آخر ما تفكر به في حال الشك بهويته، هو إخضاع المشتبه به (المزعوم) إلى اختبار دي إن إي المعقد، والذي يستغرق – في أدنى الأحول – يومين كاملين ، سواء أرادت التأكد من نسبه، أو بغية دحض مزاعمه فيما إذا ادّعى أنه مصاب بمرض النسيان (ألزهايمر)، أو أي مشاكل مرضية أخرى. إن هذا الإجراء لا يحدث بكل تأكيد، فما تفعله الشرطة، عندما يكون لديها أدنى شك بهوية (المزعوم) هو أخذ بصماته ، ثم مقارنتها ببصمات المتهمين التي تنتزع عادة من مواقع الجرائم المختلفة.
كل ما عليك أن تفعله في حالات كهذه، لتحصل على النظير المثالي لبصمة ما، هو أن تمتلك بعض خصائص تلك البصمة أو علامات متطابقة فيها.
وبالنسبة إلى الرئيس صدام حسين الحقيقي ، يمكن القول إن هذا الإجراء إنما هو "البساطة بعينها" ، فنُسخ بصمات إبهام الزعيم العراقي متوافرة بكثرة في أنحاء مختلفة من بغداد، وهي موجودة أيضا في خزائن مؤسسة ألمانية ومؤسستين بريطانيتين، من ضمنها مؤسسة موريس سنغر Morris Singer للسبك، ففي سنة 1986 كان موريس سنغر عضوا في مؤسسة اتحاد مالي برئاسة ألمانية، وهي المؤسسة التي سبكت الأذرع البرونزية ليدي صدام حسين الهائلتين اللتين تمسكان قوس النصر في بغداد. ولنا عودة لهذه القصة الساحرة لاحقا.
لسوء الحظ، كان يمكن لمطابقة البصمات أن يبرهن على زيف خدعة تكريت الرهيبة التي اشترك فيها كل من تشيني وولفويتز ورامسفلد ، والتي اعتمدوا فيها أساسا على تمويه "الدخان والمرايا" لإقناع عالم شكاك جداً بأن أمريكا تربح الحرب في العراق، وبالتالي لإرغام جميع الدول المعارضة للغزو الأمريكي غير الشرعي على الإسراع في الانضمام إلى صف أمريكا، والبدء في رمي بعض العملة المالية الثقيلة في اتجاه واشنطن.
أما الهدف الثاني من خدعة تكريت الرهيبة فيتجلى في تحطيم نفسية الشعب العراقي ، وقد خطط لهذا الهدف بدقة بالغة، وذلك بالتأكيد القاطع على أن (المزعوم) زحف خارجا من حفرته الأرضية بدون أن يحاول إطلاق رصاصة واحدة، ثم أذعن بوداعة للفحص الطبي الحميم الذي أخذ مجراه على يدي طبيب حليق الرأس من العيار الأمريكي الثقيل . وهذا الهراء هو من القواعد الأولية التي يتم تعليمها في معاهد دراسة السلوك البشري . وبذلك كانت الرسالة الضمنية الموجهة للعراقيين تقول: أي نوع من القادة يختبئ في حفرة أثناء احتدام المعركة، ويرفض أن يبدي مقاومة؟
إن القارئ سيجد ذاكرته تصر على العودة – وبدون وعي منه – إلى يوم 11 سبتمبر 2001 عندما هرع الرئيس جورج دبليو بوش إلى الاختباء في جحر عنكبوت تحت قاعدة أوفت للقوى الجوية Offutt AFB في نبراسكا، حيث قبع هناك يمص إبهامه إلى أن بُلّغ بزوال الخطر. بالطبع، كان جحر العنكبوت الذي اختبأ فيه بوش أكبر بكثير ومجهز بتكييف كامل، وفيه أيضا مساحة زائدة عن الحاجة لتتلاءم مع "أناه" شديدة الانتفاخ.
أما على مستوى الثلاثي المشترك في خديعة تكريت الهائلة، فإن خديعتهم هذه تسببت بالأذى البالغ للديموقراطيين الأمريكيين الذين تُركوا بدون أي شيء بنّاء يستطيعون قوله أثناء الاستعداد للانتخابات الرئاسية.
ما من شك هناك في أن تشيني وولفويتز ورامسفلد ظنوا أنهم بخدعتهم هذه كانوا يقتلون ثلاثة عصافير بحجر واحد ، ولا بدّ أن أنظار هؤلاء الأكاديميين المعوقين كانت تتجه شمالا من بغداد إلى تكريت عندما (فقّسوا) مخططهم، ونسوا أن يلتفتوا ليتطلعوا إلى مراياهم الخلفية. ولو فعلوا هذا، لربما انتهى الأمر إلى دفن (المزعوم) للمرة الثانية بسرعة وإلى الأبد هذه المرة، بوساطة نصل جرافة دي 9 العملاقة.
ينقسم سكان العراق على نحو متساو تقريبا بين المسلمين السنة في شمال البلاد والذين يعتبرون تحت سيطرة حزب البعث عموما، وبين المسلمين الشيعة في الجنوب، وهم القسم الذي يخضع تماما لرجال الدين الشيعة، ويأتمر بأمرهم. وفي أواخر سنة 1990 وأوائل سنة 1991 كان شيعة الجنوب هم الذين تقربت منهم وكالة المخابرات المركزية (سي آي إي)، وشجعتهم على إعلان الثورة على صدام ، الذي، كما طمأنتهم السي آي إي، أضعفته حرب الخليج كثيرا جدا. وكان أن وعد الفتيان الطيبون من قاعدة لانغلي Langley الاستخباراتية أولئك الشيعة التعساء بإمدادهم بكميات غير محدودة من النقود والأسلحة والذخيرة والكوكا كولا والهمبورغر.
قد لا نعرف أبدا لماذا اختار الشيعة تصديق السي آي إي على الرغم من وضوح ارتباطها بالموساد . ولكن ما نعرفه أنهم حملوا أسلحتهم (Ak-47 و آر بي جي) وتوجهوا شمالا، وبدأوا يذبحون كل شيء يرونه أمامهم ولو لمجرد الاشتباه في أنه من المحتمل أن يكون مسلما سنيا . لم تكن هذه الأنباء مما يسر الرئيس صدام حسين كثيرا، فسارع إلى إرسال حوالي ثلاث فرق دبابات من الحرس الجمهوري لمواجهة الشيعة فورا. وعلى الرغم من أن الأرقام الفعلية ما زالت مبهمة، هناك اعتقاد كبير بأن النتيجة كانت قتل ما بين 15000 إلى 20000 شيعي في أقل من شهر واحد.
استمات الشيعة آنذاك للاتصال بأصدقائهم الجدد في السي آي إي، أملا بالحصول على الدعم الجوي والذخيرة وبقية الأشياء الأخرى التي وعدتهم لانغلي بتوفيرها بالأطنان. لكنهم للأسف لم يحصلوا سوى على جهاز تسجيل مكالمات ، إذ يبدو أن الأشباح كانت تقضي إجازة في فلوريدا، وليس لديها مزاج في أن تزعجها شرذمة من العرب الذين نسوا أمرهم منذ أسابيع. بمعنى آخر، ووفق أدق أعراف مجتمع الاستخبارات الأمريكي، كانت السي آي إي قد تراجعت عن المضي في الصفقة.
وبذلك، وفي أقل من شهر تقويمي، اختبر المسلمون الشيعة في جنوب العراق عاطفتين قويتين جدا، الأولى : الخوف الشديد من صدام حسين، والثانية : الكراهية الحادة للسي آي إي وجميع الأمريكان عموما.
لنفهم الخراب الأبدي الذي سبّبه تشيني وولفويتز ورامسفلد في خدعة تكريت الهائلة، من المهم أن نفهم الفرق بين هاتين العاطفتين، والنتائج الناجمة عنهما.
إن السبب الوحيد الذي يمنع شيعة جنوب العراق من مقاتلة الغزاة الأمريكيين هو خوفهم من أنه عندما تدحر أمريكا في النهاية من العراق، سيعمل صدام حسين على سحقهم مرة أخرى كما فعل سنة1991. وقد أزال الأمريكان هذا الخوف من نفوس الشيعة "بأسر صدام"، وبالتالي، وجهوا دعوة إلى مقتدى الصدر ليفتح على الغزاة جبهة مقاومة جنوبية.
وهنا تبدأ الكراهية بلعب دورها ، ليس فقط لأن الشيعة يلومون أمريكا على مقتل 15000 إلى 20000 منهم سنة 1991، بل أيضا لأنهم يلومونها اليوم على مقتل وتشوه ألاف منهم بشظايا القنابل منذ أن بدأ الاحتلال غير الشرعي الحالي، وما من رجل شيعي في جنوب العراق إلا ويريد الظفر بقطعة أو عدة قطع من جسم الجندي الأمريكي، خصوصا وأن هؤلاء الشيعة، بعد أن أصبح صدام حسين قيد الأسر، قد تخلصوا أخيراً من ضغوط الكبت، وما عادت تصرفاتهم محكومة به. فالشيعة إن كانوا يخشون صدام، فهم بكل تأكيد لا يخشون الأمريكان، بل ويزدرونهم بالإجماع، ويعتبرونهم مجرد رعاع غير منضبط.
النقطة الجوهرية هنا تتجلى في أن ما فعله تشيني وولفويتز ورامسفلد هو نزع الكوابح عن ماكينة حرب عملاقة تتألف من مليون شيعي واسمها جيش المهدي، وكل ما على مقتدى الصدر أن يفعله الآن ليجعلها تعمل هو إدارة مفتاح تشغيلها. ولا تنسوا أن جيش المهدي الشيعي يحيط بجميع دروب الجنوب المؤدية إلى الكويت، والتي تعتبر مخرج التراجع الوحيد لما يزيد عن 110000 جندي أمريكي.
من الصعب معرفة متى سينقضّ مقتدى الصدر . قد يبدأ بمهاجمة أرتال القوافل خلال أسابيع، أو ربما برى أنه من الأفضل الانتظار عدة شهور إلى أن تمعن المقاومة السنية في الشمال في إضعاف عزيمة الجنود الأمريكان. وفي أي من الحالتين، سينال مقتدى الصدر من جميع الفرق الأمريكية وهي تهرع لمغادرة العراق، ويعني هذا، بالتعبير العسكري القديم استهداف محيط دسم جدا. هل تتذكرون الدمار الرهيب على طرق الموت السريعة خارج الكويت خلال حرب الخليج الأولى؟ هذا ما سيحدث تماما، مع اختلاف بسيط، وهو أن تستبدلوا الجثث العراقية التي شاهدتموها هناك قبل 13 سنة بالجثث الأمريكية.
الطريقة الوحيدة التي يمكن إيقاف هذه الفوضى بها، ستكون بالسماح لـ (المزعوم) بالهروب من الحراسة في مطار بغداد ، قبل أن يطالب الروس والفرنسيون والألمان وغيرهم من الأمم المتبرعة والمغشوشة بأخذ بصماته أمام الجميع في محكمة علنية، من قبل فريق نزيه من خبراء الطبّ العدلي يستعمل أدوات بسيطة في فحص البصمات. ينبغي على عملية الفرار أن تكون مقنعة ، بمعنى آخر، مثيرة ومسجلة بوضوح على الفيديو، حيث يظهر (المزعوم) وهو يخوض طريقه بجسارة عبر الكثبان الرملية بالغة الارتفاع، وسط قعقعة شرارات الرصاص الأمريكي الحمراء.
ونظرا إلى نجاحات مخرجي هوليود الساحقة في المسرحية الدرامية المثيرة: حفرة عنكبوت في تكريت ، لا شك أن لديهم القدرة على إدارة هذا الفلم بسهولة، بل وربما يكون له تأثير قمعي على الشيعة من جديد. وبذلك، يصبح من المحتمل أن يتم تأخير أو منع تكرار كارثة Tet Offensive هجوم تيت (1968 فيتنام) في سنة 2003.
في يوم الثلاثاء 16 ديسمبر، أدعى رامسفلد خلال مؤتمر صحفي أن اختبارات الـ دي إن أي أكدت أن الرجل الذي زحف خارج فتحة عنكبوت تكريت هو صدام، وقال: أعتقد أنكم ستسمون هذا مجرد دليل، أما أنا فأرى أنه دليل إيجابي صحيح بنسبة ما يزيد عن 99 بالمئة.
وهذا الادعاء سخيف ، لأنك حتى لو اقتنعت بأن اختبار الـ دي إن أي قد يكون فعالا في بعض الظروف المحدودة، فإن المقارنة المضبوطة تستغرق أكثر من يومين كاملين في مختبر كامل التجهيز. لقد ظهر ادعاء البيت الأبيض الأول بمطابقة الـ دي إن إي الخاص بصدام في فترة تقل عن 12 ساعة من لحظة إيقاف (المزعوم)، وهو أمر مستحيل قطعا، إضافة إلى أنه ما عاد مهما كثيراً بشكل أو بآخر، فقبل بضعة شهور فقط، صعق العلماء في نيوزلندا عندما اكتشفوا أن أناسا لا يمتون إلى بعضهم بأي صلة في الجزر الشمالية والجنوبية لديهم دي إن أي "متطابق"، وهذا الاكتشاف أنهى الادعاءات المسعورة التي زعمت مؤخرا أن الـ دي إن أي هو "رصاصة سحرية" جديدة في مجال التحري العدلي.
أما بصمات الأصابع فهي شيء مختلف تماما، لأنها فريدة حتما لدى كل شخص موجود على وجه الأرض. ومن المؤكد أن شارون بنك Sharon Pink المديرة التنفيذية لمؤسسة موريس سنغر للمسبوكات البريطانية أدركت هذه الحقيقة عندما شاهدت في التلفزيون الدبابات الأمريكية تطوي الأرض تحت قوس النصر في بغداد . وتذكرت أن لديهم في خزنة المؤسسة نسخة من بصمة إبهام صدام . كانت تعرف أنهم يمتلكون دي إن أي صدام، لكنها مع ذلك تساءلت عما إذا كان يجدر بالمؤسسة إبلاغ الحكومة لمعرفة ما إذا كانت أجهزة الأمن تريد بصمة الإبهام للتعريف.
في ذلك الوقت، قبل بضعة شهور من اليوم، أبدى رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ارتياحه، ووجه رسالة لشارون بنك شكرها فيها على عرضها غير العادي لبصمة إبهام صدام حسين. وأعلمها أن مسؤولي وزارة الخارجية نقلوا المعلومات إلى كرستوفر سيغر Segar Christopher، رئيس المكتب البريطاني في بغداد. وتقول شارون أنها نقلت نسخة بصمة الإبهام من مؤسسة السبك للاحتفاظ بها في مكان أمين، وهي تنتظر لترى إذا كانت وزارة الخارجية مهتمة بالأمر. إضافة إلى هذه النسخة، هناك نسخ سيلكون silicone أخرى لبصمة إبهام سنة 1986 موجودة في ألمانيا.
إن الأمريكيين والبريطانيين مستميتون جدا الآن لتخليد أسطورة صدامهم (المزعوم)، ومن المحتمل أن تحظى أجهزة الأمن بنسخ السيلكون هذه وتدمرها بأسرع ما يمكن، ولكن هذا التصرف لا ينبغي أن يثني العازمين على التعرف على هوية (المزعوم) في أي مسرحية قضائية وشيكة للنظر في جرائم الحرب. وكل ما عليهم القيام به يتلخص في إرسال خبير بنسخ الطبعات النحاسية إلى إحدى الذراعين الموجودتين في قوس النصر في بغداد، مسلحا بمتر مربع من الورق وبعض أقلام الفحم. وما يجب أن يفعله هو طبع بصمة إبهام صدام العملاقة على الورق، ثم تصغير الرسم عن طريق التصوير إلى حجمه الحقيقي (البشري).. وانتهينا!
ولدي طلب أوجهه للمقاومة العراقية : إذا رأيتم باحثا أكاديميا يتسلق نصب الحرب التذكاري مع ورقة عملاقة وأقلام فحم، أرجوكم دعوه بسلام، لأنه يعمل لصالح الأمن القومي العراقي. أما إذا رأيتم شرذمة من الأمريكان يقومون بالمحاولة نفسها وهم مسلحون بمجالخ ضخمة مخصصة للأعمال الثقيلة، فهم بدون شك عملاء من السي أي إي يريدون إتلاف الدليل ، وينبغي أن يستهدفهم قناصوكم فورا، رجاءً.. لا تنسوا استعمال ذخيرة خاصة يمكنها أن تمزق أولئك الأشباح إربا من غير أن تلحق الضرر ببصمة الإبهام البرونزية الثمينة والضرورية للتعرف على صدام حسين.. شكرا لكم.
مع ذلك، وفي حال فوجئتم بظهور مباغت لمجموعة من قنابل فئة 2,000 رطل الأمريكية الموجهة بالليزر في سماء ليلة حالكة الظلام، ورأيتموها تنهمر على قوس النصر لتحطيمه ، لا تهتموا، فهناك ست بصمات إبهام أخرى لصدام مبعثرة في أنحاء العراق، وأعتقد أنكم ستتفهمون سبب امتناعي عن الكشف عن مواضعها كلها لأسباب أمنية. على كل حال، هناك بصمة إبهام أخرى لصدام ظاهرة للجميع، وهي موجودة في البركة العاكسة لمسجد أم المعارك ، وهو نصب حرب تذكاري فائق الجمال. بصمة إبهام الرئيس صدام حسين هنا تظهر في الفسيفساء العملاق الذي يبلغ عرضه 24 قدم، وهي كبيرة وواضحة بما يكفي لتصويرها من السماء ، مما يجعل تصغير الصورة بعد ذلك سهلا جدا.
لقد قادتك بداية هذا التقرير أيها القارئ إلى الاقتناع بأن ادعاءات تشيني وولفويتز ورامسفليد المتعلقة بخديعة تكريت الجسيمة كانت مجرد تصرفات خرقاء لأكاديميين بسطاء ليس لديهم خبرة قتالية. أي بمعنى آخر؛ ثلاث دمى سياسية تفتقر إلى مهارات تحليلية عسكرية كافية لمعرفة الأخطار المميتة التي سيثيرها أسر صدام لأكثر من مئة ألف جندي أمريكي، منقطعون في العراق تحت رحمة مقتدى الصدر وجيش المهدي المؤلف من مليون شيعي حاقد. لكن من المؤسف القول أن هناك دليلا قاطعا يؤكد أن هذا ليس إلا الوجه الآخر من الحقيقة الفعلية.
بعد أن غادر فريق عملية الفجر الأحمر السرية الأمريكية قواعده إلى تكريت، وقبل ساعتين فقط من الإعلان الرسمي عن إخراج (المزعوم) من حفرة العنكبوت، وضعت تقريرا في الانترنت بعنوان: "حصن الأمريكتين – الدولة الصهيونية الحقيقية لـ بن غوريون". وهذا التقرير كشف علنا، ولأول مرة على الإطلاق، المخططات الأصلية الوحيدة للصهيونية في اجتياح وغزو الأمريكتين.
يستدعي جزء من مخطط قلعة صهيون هذا، إحداث شلل بيولوجي في حوالي 50 بالمئة من وحدات الخدمة العسكرية الأمريكية الفعالة، وذلك لتقويض جهاز الدفاع العسكري الأمريكي ، ولهذا السبب نفسه يتم إرسال معظم أفراد الجيش الأمريكي خارج البلاد واستدراجهم إلى الفخ، بناء على أسس زائفة بوجود طوارئ إرهابية في النصف الشرقي من الكرة الأرضية.
فكروا بهذا، فكروا به جيدا. ديك تشيني، زعيم ثالوث خدعة تكريت العملاقة ، مضى عليه أكثر من عقدين وهو يقوم بدور ممسحة الأرجل المتزلفة للصهاينة، وباعتباره نائب رئيس الولايات المتحدة لديه صلاحية الوصول المباشر لجميع المعلومات الاستراتيجية والتكتيكية في العراق، وهذا يسري أيضا على كل من ولفويتز ورامسفلد.
ولذلك، فمن المستحيل أن نصدق أن هؤلاء المتآمرين الثلاثة لم يكونوا مدركين للخطر المميت الذي سينتج عن مقتدى الصدر وجيش المهدي الشيعي ذي المليون حاقد، والذي تتوافر لديه المقدرة على تمزيق الجيش الأمريكي في العراق إلى إرب دامية، وبذلك، يساهم بقوة في مؤامرة تقويض المقاومة العسكرية الأمريكية عندما يحين دور الغزو الصهيوني للأمريكتين.
بتعبير أبسط؛ إن القيادة السياسية الأمريكية تتعمد إفناء الجيش الأمريكي، لتساعد في إخضاع الشعب الأمريكي وتدميره.