المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بذور الفتنة



منصور بالله
13-03-2005, 10:41 AM
بذور الفتنة



بقلم : محمود شنب

mahmoudshanap@yahoo.com

mahmoudshanap@hotmail.com



اكتفى مبارك بعدد المسلمين فى مصر ، وقال لمن حوله : لن أسمح بعد اليوم بزيادة عدد المسلمين فى بلادى فردًا واحدًا مهما كانت الأسباب ، ثم نظر لمن حوله وقال لهم : عليكم مساعدتى فى ذلك ، وليعمل كل منكم فى تخصصه نحو تحقيق هذا الهدف .. لابد أن تكون المواليد أقل من الوفيات وإلا فسيذهب جهد يوسف والى هباء .. على الطبيب أن يتحدث عن تدهور صحة الأم ، ووزير التعليم يتحدث عن عدم قدرة المدارس على استيعاب التلاميذ ، وشيخ الأزهر يتحدث عن وجوب طاعة أولى الأمر وحرية الحاكم فى تقنين الأمور ، وصفوت الشريف يكثر من إعلانات أنظر حولك وأسرة صغيرة ..

قال صفوت : لكننى تركت الإعلام يا ريس ..

قال له مبارك : منذ متى ؟؟

قال : من مدة طويلة ..

قال : كيف ؟!!

ابتسم شيخ الأزهر لمبارك وقال له : كان الله فى عونك يا ريس .. مشاغلك كثيرة .. إنه ترك الإعلام منذ أمد بعيد !!

تعجب مبارك ثم أكمل : وعلى وزير الداخلية منع أى مسيحى من دخول الإسلام ... عليكم جميعًا مساعدتى فى تحقيق هذا الأمر .. أنتم لا تشعرون بحجم الضغوط التى تمارس علىَّ ... ثم تنهد وسحب كرسى وجلس أمام الزنزانة التى حدودها مصر ، وقبل أن يجلس نهض شيخ الأزهر ونظف له الكرسى "بكـُم الجبه" التى يلبسها وأزال ما على الكرسى من غبار وأتربة وجعلها على ملابسه ، وبعد أن جلس مبارك ووضع ساق على ساق وجلس من حوله دكتور نظيف على الأرض ، وصفوت الشريف تحت الأقدام ، وزقزوق وكمال الشاذلى وفتحى سرور وشيخ الأزهر وطنطاوى والعادلى .. نظر إليهم جميعًا وقال : من يريد أن يخرج من الإسلام فليخرج وهو حر فى ذلك ...

قال شيخ الأزهر بصوت منخفض : نعم يا سيادة الرئيس يقول المولى : (( لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى )) .

تبسم مبارك ثم أكمل : أما الذى يريد أن يدخل إلى الإسلام فعليه أن يتحمل عواقب ما أعددت له .

قال كمال الشاذلى : توكل على الله يا ريس .. نحن معك بكل ما أوتينا من قوة ..

لم يلتفت إليه مبارك وغير من جلسته وجعل الحذاء فى وجه الشاذلى ثم أكمل : إن دخل فى الإسلام شابًا سأخصيه ، وإن دخلت فتاة فسأحلق لها شعرها وأدفنها بالحياة ، ثم أشار لهم بالإنصراف وقال لهم : نفذوا ما قلته لكم بالحرف الواحد وإلا سأجعل أيامكم سوداء .

لم تمضى أيام قليلة حتى أعلنت كل من ماريان مكرم وتريزا عياد إسلامهما فى الفيوم ، وفى لمح البصر تم تنفيذ الحد عليهن وقامت أجهزة الأمن المصرية بتسليمهما إلى الكنيسة التى قامت بدورها وحلقت شعر رأس الفتاتين تمامًا وعلى "الزيرو" وتم ترحيلهما قسرًا إلى أحد الأديرة !!

قال قائل : يا قوم .. كيف تحلقوا لهن شعرهن وهن فتاتان فى عمر الزهور ؟!!

قالوا : ولو ..

قال : إنهن متعلمات !!

قالوا : ولو ..

قال : إنهن طبيبات !!

قالوا : ولو ..

قال الرجل : أين حقوق الإنسان ؟!!

أين المنظمات الدولية ؟!!

أين المنظمات النسائية التى تنادى بحقوق المرأة العربية ؟!!

أين سيدة مصر الأولى ؟!!

همس من حوله فى أذنه وقالوا : كلها منظمات تنادى بالتعرى والتبرج ونشر الرذيلة والتمرد ... هل رأيت أىٍ من هذه المنظمات تدافع عن الفضيلة ؟!!

هل رأيت أى من هذه المنظمات اهتم بحقوق المرأة فى العراق أو فلسطين ؟!! ... لقد قاموا من أجل مساندة السفور والفجور !!

صمت الرجل قليلاً ثم قال : وهل يرضى ذلك حسنى مبارك ؟!! ... إن الله تعالى يقول : (( لا إكراه فى الدين )) فمن باب أولى ألا يكون هناك إكراه على الكفر !!

قالوا له : مبارك هو الذى أصدر بنفسه هذه التعليمات ..

صمت الرجل ثم قال : لقد انتهى عهد الرجال .. انتهى الزمن الذى كان يقول فيه عمر بن الخطاب الذى ملأ الأرض رحمة وعدلا لأبى بكر : ( ليتنى كنت شعرة فى صدرك يا أبا بكر ) !!

قال آخر : وأين شيخ الأزهر ؟!!

قالوا : إنه الآن مع مبارك يقول له : ( ليتنى كنت مسمار فى نعلك يا سيدى ) .

قال الرجل : لا حول ولا قوة إلا بالله ... وما العمل ؟!!

قالوا : إنها مسئوليتنا جميعًا وليست مسئولية مبارك أو شيخ الأزهر ...

إن كل منا يحمل قدرًا من وزر ما حدث لوفاء وماريان وتريزه ، وسيحاسبنا الله عن تقصيرنا وعدم إغاثتنا لهن ... نسألك اللطف يا رب .. نسألك اللطف يا رب .. نسألك اللطف يا رب .

قال آخر : الويل من غضب الله الذى سيحل بمصر قريبًا .. إن الله يمهل ولا يهمل .. لقد فاقت المظالم فى مصر كل حد ، وفاق التفريط كل تصور ، وفاق الكفر كل تخيل ، وما نزل بلاء إلا بذنب ، وما رفع إلا بتوبة .

قال رجل مسيحى يكتم إيمانه : ومن قال لكم إن حسنى مبارك مسلم ؟!! ... إنه مثل كمال أتاتورك وكرزاى وعلاوى..

ألم يقل فرعون عندما أدركه الغرق : أنا من المسلمين ، فهل هو حقـًا من المسلمين ؟؟ ... إن شأنه شأن مبارك الذى ألجمه العرق الأمريكى وأصبح من الهالكين ، واسألوا عنه من فى الزنازين !!

انصرف الناس وجلست وحدى أصور هذا المشهد الرهيب ولا أصدق ما يحدث على أرض الكنانه وبلد الأزهر ... قلت فى نفسى : كان علينا أن نفرح بدخول الناس إلى الإسلام ، فكيف انقلبت المناسبة إلى حزن علينا وعلى من أسلم ؟!!

تذكرت السورة القرآنية الكريمة (( إذا جاء نصر الله والفتح ـ ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجًا ـ فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا )) .

هذا مشهد مما يحدث الآن فى مصر .. مشهد ربما لا يوجد ما هو أدل وأصدق منه على ما آلت إليه أحوال البلاد فى عهد مبارك ، وعلينا من هذه اللحظة أن نتجاوز الحديث عن البطالة التى كان مبارك سببًا رئيسيًا فيها بإنحيازه للصوص على حساب الشعب ، وعلينا أن نتجاوز الحديث عن المرض الذى نشره يوسف والى فى كل ربوع مصر ، ونتجاوز الحديث عن الإنهيار الخلقى والشذوذ الذى يمثله فاروق حسنى فى الثقافة ، ونتجاوز الحديث عن الفقر الذى يعشش الآن على كل بيوت الكادحين فى مصر ، ونتجاوز هواننا مع إسرائيل وذل أمريكا لنا وتفريطنا فى دعم الأهل فى كل من العراق وفلسطين ... لنتجاوز عن كل ذلك ونصل إلى ما يحدثه مبارك فى الدين .. الدين الذى أصبح يهان صباح مساء على يد كتاب وفنانين ومثقفون وحاكم جربوع لا ندرى إن كان يهوديًا أو نصرانيًا أو يعيش من غير دين .

لقد بلغ التفريط من مبارك مداه وبلغت الخيانة ذروتها ، ولعل فيما يحدث الآن تنبيه لكل من ترك أفعال الأحياء وذهب ليمارس الجلد على الأموات وسكان المقابر .

إن ذنوب عبد الناصر كلها لا ترقى لجريمة واحدة من جرائم مبارك سواء تلك التى كانت فى العراق أو فى فلسطين أو ما يحدث هنا على أرض مصر من شرم الشيخ إلى الفيوم !!

لم أتصور يومًا أن يأتى حاكم لمصر أسوأ من السادات ... اليوم أرى السادات ملاكـًا إذا ما قورن بمبارك ..

لقد وقف مبارك مكتوف الأيدى أمام قضية زينب عصام محمد مصطفى ـ تلك الفتاة المسلمة التى تركت الإسلام وتنصرت عن طريق جماعات مشبوهة تتحرك فى مصر طولاً وعرضًا وتغرى الشباب بالتنصير مقابل ضمانات مالية لا يمكن تخيلها وذلك من أجل جعل الأمور سيجال ما بين الكفر والإيمان ورفع رؤوس الكفره التى تقف على الجانب الآخر فى ذل وانكسار .

إن الفتنة التى ستصيب مصر إن آجلا أو عاجلا يؤسس لها الآن مبارك وشيخ الأزهر ، ولولا حكمة المسلمين فى مصر لحدث للبلاد ما لا يحمد عقباه ، ولنا أن نتخيل لو تظاهر المسلمون وعبروا عن غضبهم مثلما يتظاهر الآن المسيحيون ، ولنا أن نتخيل أكثر لو ردد المتظاهرون عبارات وشعارات ترد على عبارات النصارى وشعاراتهم والتى نقل بعض منها الأستاذ مصطفى بكرى رئيس تحرير "الأسبوع" فى عددها الأخير مثل : ( النهارده إحنا فى الدار لكن بكره تولع نار ) و ( بابا شنوده قوم واهتم احنا وراك نفديك بالدم ) و ( لا عراق ولا فلسطين قولوا فينكم يا مسيحيين ) و ( يا أمريكا فينك فينك أمن الدولة بينا وبينك ) ...

إنها الكارثة التى ستحدث على يد مبارك .. يقول الأستاذ مصطفى بكرى : ( صرخت الطبيبتان حينما علمتا بقرار التسليم وانهمرت الدموع من عينيهما وقالتا بصوت مشترك ( بس احنا لازلنا على دين الإسلام .. حرام عليكم تسلمونا للكنيسة .. فين الدولة .. فين القانون .. دول حايقتلونا .. حانموت على الإسلام ولن نتراجع .. دمنا فى رقبة الدولة ) ثم يكمل : كان الضباط يكتمون غيظهم بينما الحسرة تبدو واضحة على الوجوه والكلمات تنطق مكتومة "حسبنا الله ونعم الوكيل" ..

هل سيستمر الصبر طويلاً ؟؟ ... لا أعتقد ..

هل سيتحكم الشعب فى أعصابه إلى ما لا نهاية ؟؟ ... لا أعتقد ..

إن المرض وصل القلب ، والخطر يحيط بالأمة من كل جانب فالإنهيار فى مصر يغطى كل الجوانب ، وأصبحنا نعيش أمام حاكم لا يهمه من خرج من الإسلام ولا من دخل فيه .. أمام حاكم وصف هذه القضية بأنها موضوع هايف وتافه .. أمام حاكم لا يهمه إرضاء الله بقدر ما يهمه إرضاء أمريكا ، وإلى جوار هذا الحاكم يقف شيخ ملعون يلقب بشيخ الأزهر يصمت عندما يهان الدين وينطق عندما تهان إسرائيل .

نسأل الله اللطف ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .