muslim
12-03-2005, 08:50 AM
بيان حزب البعث العربي الاشتراكي 11/03/2005
بسم الله الرحمن الرحيم
حزب البعث العربي الاشتراكي
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وحدة حرية اشتراكية
شبكة البصرة
عتب سياسي مشروع ومراجعة مستوجبة: الرئيس جاك شيراك والموقف الفرنسي من العراق
لم يكن في تاريخ البيانات السياسية الصادرة عن البعث وجهازه الإعلامي السياسي، أن تطرق لحالة عتب سياسي، في خضم المواجهة العسكرية المفتوحة والمستمرة مع الاحتلال وأعوانه الداخليين خونة العراق، وحلفائه الدوليين والإقليمين شركاء الكذب والاحتلال والنهب. وهنا أكثر ما نتمناه أن يتمكن السيد شيراك رئيس الجمهورية الفرنسية أن يترجم له هذا البيان بما يمكنه من قراءته.
المراجعة المستوجبة والعتب السياسي على طرف دولي مهم في سياق الفعل المقاوم، ينطلق من حرص المقاومين ووعيهم: بأن الإمبريالية الأميركية في عقيدتها المجددة والتي تحكم الولايات المتحدة منذ أربعة أعوام خلت، وستحكمها على الأقل لأربعة أعوام قادمة، قد تجاوزت وقفزت فوق "نظرية أمن الغرب" التي طالما احترمتها وساهمت في تفعيلها فرنسا، رغم تعارضها مع منطلقات وروح الثورة الفرنسية... وان "أمن الولايات المتحدة" ومصالحها "المشروعة" وغير المشروعة، المتعارضة مع الكل، وفقا لتأسيسها على قاعدة القطب الواحد المتفرد بالقوة واستراتيجيته الكونية، قد جعلت من نظرية أمن الغرب ومنطوقها والتمسك بها حالة غير نافذة، وبالتالي فأن موقع فرنسا وحكومتها إنما ينظر أليه من قبل الولايات المتحدة كمتمم شكلي بالأساس "وهو ما حاولت فعله في مجلس الأمن لاستصدار قرار تشريع الحرب قبل وقوعها"، أو يكون هذا الموقف متناغما وجزءا من الموقف الإمبريالي للولايات المتحدة "وهو ما يحصل الآن في موضوع تأكيد وتثبيت صيغ الاحتلال ومشروعاته في العراق المقاوم، أو ما يمكن أن يحدث في موضوع التواجد والانسحاب السوري من لبنان وتداعياته القادمة". من هذا المنطلق تكون السياسة الفرنسية الآن، واكثر من أي وقت مضى، في حالة امتحان فاصل، ينعكس بقوة على تأهيلها الأخلاقي واستيعابها السياسي الجمعي بين أبناء الأمة العربية والرأي العام فيها.
عندما نتحدث عن فرنسا وسياستها في المنطقة والعالم فأننا نتحدث عن الرئيس الفرنسي، خاصة في ظل انتهاء" حالة المساكنة" التي طالما حكمت الوضع السياسي في فرنسا في الفترة الرئاسية الأولى لحكم الرئيس شيراك. والكل يعرف أن ملف الخارجية هو ملف الرئيس والأليزية، وهذا ما حتم تغيير واستبدال وزير الخارجية في السنة الماضية. وأكثر من ذلك فان المبادرات البروتوكولية " الغير نمطية" للرئيس شيراك، وتحركاته الرئاسية، وعلاقاته الشخصية مع حكام وساسة عرب، تحتم أن يركز التحليل السياسي والتوقع المنبثق عنه ما يؤشر على شخصنة متزايدة في سياسات فرنسا ومواقفها تجاه القضايا العربية.
يعي الرئيس شيراك وبعمق وتفصيل مسار العلاقة العراقية الفرنسية منذ سبعينات القرن الماضي، وحاول هو جاهدا عندما كان رئيس للوزراء في ذلك الوقت، من أن يطبع تلك العلاقة بطابعه الشخصي، في الوقت الذي كانت فيه قيادة العراق الوطنية قد قيمت ثقل فرنسا السياسي والاقتصادي وحددت ورسمت مسار علاقة العراق مع فرنسا التي أثمرت بما هو في مصلحة البلدين والشعبين اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، ولم يتأثر ذلك بتغير الرئاسة والحكومة الفرنسيتين بعد نجاح الاشتراكيين واستلامهم الحكم برئاسة الراحل ميتران... وكان ذلك تأكيدا على نضوج وصحة التقييم العراقي لفرنسا ودورها، وبغض النظر عن شخوص الحكم فيها. ومنذ ذلك الوقت أطر البعث قائد الدولة والمجتمع في العراق، علاقته بفرنسا تأسيسا على تقييم دقيق، أخذ فيما أخذ بعين الاعتبار "في حينه وفيما بعد" محددات النظرة الموضوعية لفرنسا الدولة:
- دولة أوروبية غربية متمسكة بمبدأ أمن الغرب .
- لاتينية الثقافة وليبرالية الفكر وعلمانية المنهج الحياتي.
- دولة مستعمرة تاركة بصمات ثقافية واجتماعية على المجتمعات التي استعمرتها.
- الدولة الأوروبية ذات التنوع العرقي والديني والثقافي الأوسع بسبب عدد المهاجرين من المستعمرات السابقة.
- متآمرة ومشاركة رئيسية في تقسيم الشرق العربي بعد الحرب الكونية الأولى.
- دعمت تاريخيا وبشكل مبكر الكيان الصهيوني عسكريا وعلميا فكانت نواة التجهيز للتفوق الجوي والأب الشرعي للبرنامج النووي "الإسرائيلي".
- منظومتها الأمنية مخروقة وقابلة للتعاون مع متطلبات الآخرين حتى بما هدد سيادة وهيبة الدولة الفرنسية في العديد من الحالات والوقائع: اختطاف وتصفية المهدي بن بركة، تهريب الزوارق الحربية من ميناء شيربورغ "لإسرائيل"، تفجير المفاعل النووي السلمي العراقي في الأراضي الفرنسية قبل شحنه، تصفية المعارض الإيراني شاهبور بختيار.
- قوة الجالية اليهودية الفرنسية وتأثيرها الواسع خاصة على الحزب الاشتراكي ووسائل الإعلام، واستغلالها الابتزازي المستمر لحقبة حكومة فيشي.
- الانتشار الواسع والتأثير الواضح للماسونية على مراكز القرار السياسية والاقتصادية.
- دورها الأوروبي الذي يشكل محورا في توجهاتها السياسية الدولية.
- تراجع دورها السياسي وتخليها عن مواقع النفوذ التقليدي في مستعمراتها الأفريقية لصالح الولايات المتحدة.
- استمرارها في تبني سياسة دفاعية خاصة بها، ودعمها لنشوء سياسة دفاعية أوروبية موازية للولايات المتحدة، ولها في ذلك مبرراتها السياسية والاقتصادية التي لا تتناقض مع روح مبدأ أمن الغرب.
وفي مرحلة لاحقة، كانت فرنسا جزاء من تحالف الحرب الأمريكية على العراق في العام 1991 وكانت جزاء فاعلا بما يتعارض ومصلحة شعب العراق في مرحلة الحصار ومرحلة مبكرة من فرض مناطق حظر الطيران في شمال وجنوب القطر، وشكلت فرنسا وضمن شخصنة واضحة متأثرة بالصهيونية حالة مبكرة متناغمة مع مسعى الأحزاب الكردية لسلخ شمال العراق عندما بادر ميتران وزوجته لترويج ودعم "الملاذات الكردية الآمنة".
فرنسا في عهد شيراك "الرئاسي" وفيما يخص العراق، كانت محكومة بتناقضية واضحة، مردها مؤسس على شخصية الرئيس شيراك المتأثرة بتأخر وصوله إلى الرئاسة كطموح شخصي حكم مساراته منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، وعلى خلفيته الماسونية في فترة مبكرة من عمره، وعلى ضغوط حالة المساكنة مع الاشتراكيين في الفترة الرئاسية الأولى. ومن ناحية موضوعية فقد اصبح شيراك رئيسا "لفرنسا صديقة العراق" كما حاول هو في ذلك الاتجاه جاهدا في عهد رئاسته للحكومة الفرنسية، لكن بعد أن أصبحت فرنسا حليفا للولايات المتحدة في عدوانها الثلاثيني، وبعد أن أضحت فرنسا دولة مهمة في لعب الأدوار الأممية "المصممة أمريكيا" لتعزيز وإدامة الحصار الجائر المفروض على العراق. وهنا لابد لنا من أن نؤشر محطات هامة في دور فرنسا في مرحلة الحصار الذي فرض على العراق والذي أفضى لمرحلة الاحتلال:
أولا، في البداية لابد من الإشارة إلى أن العراق بقيادته الوطنية قد بادر مؤثرا في رسم وتطوير العلاقات مع فرنسا منطلقا من التعامل التفضيلي الذي أعطى للجانب الفرنسي في قرار تأميم النفط العراقي عام 1972. ومع تعاقب الرئاسات الفرنسية منذ الراحل جورج بومبيدو وحتى رئاسة شيراك الجارية، كان التطور الحاصل في العلاقات العراقية الفرنسية إيجابا أو سلبا، مرتبطا بالمبادرة العراقية المنطلقة من مواقف العراق تجاه قضايا قومية وإقليمية، ومدى تطابق أو تعارض المواقف الفرنسية مع نظرة ومواقف العراق تجاه هذه القضايا. أما خصوصية العلاقة العراقية الفرنسية فقد بنيت على وقع من تحين أو منح الفرص الاقتصادية للمصالح الفرنسية في متطلبات العراق الاقتصادية والدفاعية في مرحلة ما قبل الحصار، ومن ثم كان يحدث ذات الشيء ضمن تطبيقات مذكرة التفاهم المؤسسة على برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء الذي روجت وركزت فرنسا لأجل تطبيقه في عهد الرئيس شيراك.
ثانيا، إن الترويج الفرنسي لبرنامج النفط مقابل الغذاء والدواء قد انصب على مرحلية البرنامج، ومن ثم فقد روجت فرنسا أيضا وساهمت في صياغة القرار الأممي 1284 والذي سعى لتجاوز مرحلية برنامج النفط مقابل الغذاء، باتجاه إدامة شروط فرض الحصار من خلال تطبيق آلية نستهدف التحكم المستمر بموارد العراق المالية وتحديد أوجه إنفاقها، بما كان يخدم مصلحة فرنسية مؤملة بسداد الديون الفرنسية على العراق. هنا تؤكد صحة ما ذهبنا أليه بتناقضية الموقف الفرنسي من العراق في عهد شيراك الرئاسي، حيث امتثلت فرنسا لمطلب الولايات المتحدة المحتلة للعراق والمتحكمة الآن في نفطه نهبا، و أسقطت الديون الفرنسية المتراكمة على العراق.
البعث والمقاومة العراقية المسلحة ومعهما شعب العراق يؤشرون لسياسة فرنسا بعد الاحتلال في سياق التقابل القتالي الجاري والمستمر مع المحتل وأعوانه وحلفائه، حيث أن الآنية والقطع السياسي هما الميزتان اللتان يمكن إطلاقهما على مواقف وسياسة فرنسا ورئيسها شيراك، وبالتالي فلا تعويل على المواقف الملفتة والمحقة التي تأخذ في اللحظة ولا تستمر لأكثر منها.
جهاز الإعلام السياسي والنشر
حزب البعث العربي الاشتراكي
العراق في الحادي عشر من آذار 2005
بسم الله الرحمن الرحيم
حزب البعث العربي الاشتراكي
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وحدة حرية اشتراكية
شبكة البصرة
عتب سياسي مشروع ومراجعة مستوجبة: الرئيس جاك شيراك والموقف الفرنسي من العراق
لم يكن في تاريخ البيانات السياسية الصادرة عن البعث وجهازه الإعلامي السياسي، أن تطرق لحالة عتب سياسي، في خضم المواجهة العسكرية المفتوحة والمستمرة مع الاحتلال وأعوانه الداخليين خونة العراق، وحلفائه الدوليين والإقليمين شركاء الكذب والاحتلال والنهب. وهنا أكثر ما نتمناه أن يتمكن السيد شيراك رئيس الجمهورية الفرنسية أن يترجم له هذا البيان بما يمكنه من قراءته.
المراجعة المستوجبة والعتب السياسي على طرف دولي مهم في سياق الفعل المقاوم، ينطلق من حرص المقاومين ووعيهم: بأن الإمبريالية الأميركية في عقيدتها المجددة والتي تحكم الولايات المتحدة منذ أربعة أعوام خلت، وستحكمها على الأقل لأربعة أعوام قادمة، قد تجاوزت وقفزت فوق "نظرية أمن الغرب" التي طالما احترمتها وساهمت في تفعيلها فرنسا، رغم تعارضها مع منطلقات وروح الثورة الفرنسية... وان "أمن الولايات المتحدة" ومصالحها "المشروعة" وغير المشروعة، المتعارضة مع الكل، وفقا لتأسيسها على قاعدة القطب الواحد المتفرد بالقوة واستراتيجيته الكونية، قد جعلت من نظرية أمن الغرب ومنطوقها والتمسك بها حالة غير نافذة، وبالتالي فأن موقع فرنسا وحكومتها إنما ينظر أليه من قبل الولايات المتحدة كمتمم شكلي بالأساس "وهو ما حاولت فعله في مجلس الأمن لاستصدار قرار تشريع الحرب قبل وقوعها"، أو يكون هذا الموقف متناغما وجزءا من الموقف الإمبريالي للولايات المتحدة "وهو ما يحصل الآن في موضوع تأكيد وتثبيت صيغ الاحتلال ومشروعاته في العراق المقاوم، أو ما يمكن أن يحدث في موضوع التواجد والانسحاب السوري من لبنان وتداعياته القادمة". من هذا المنطلق تكون السياسة الفرنسية الآن، واكثر من أي وقت مضى، في حالة امتحان فاصل، ينعكس بقوة على تأهيلها الأخلاقي واستيعابها السياسي الجمعي بين أبناء الأمة العربية والرأي العام فيها.
عندما نتحدث عن فرنسا وسياستها في المنطقة والعالم فأننا نتحدث عن الرئيس الفرنسي، خاصة في ظل انتهاء" حالة المساكنة" التي طالما حكمت الوضع السياسي في فرنسا في الفترة الرئاسية الأولى لحكم الرئيس شيراك. والكل يعرف أن ملف الخارجية هو ملف الرئيس والأليزية، وهذا ما حتم تغيير واستبدال وزير الخارجية في السنة الماضية. وأكثر من ذلك فان المبادرات البروتوكولية " الغير نمطية" للرئيس شيراك، وتحركاته الرئاسية، وعلاقاته الشخصية مع حكام وساسة عرب، تحتم أن يركز التحليل السياسي والتوقع المنبثق عنه ما يؤشر على شخصنة متزايدة في سياسات فرنسا ومواقفها تجاه القضايا العربية.
يعي الرئيس شيراك وبعمق وتفصيل مسار العلاقة العراقية الفرنسية منذ سبعينات القرن الماضي، وحاول هو جاهدا عندما كان رئيس للوزراء في ذلك الوقت، من أن يطبع تلك العلاقة بطابعه الشخصي، في الوقت الذي كانت فيه قيادة العراق الوطنية قد قيمت ثقل فرنسا السياسي والاقتصادي وحددت ورسمت مسار علاقة العراق مع فرنسا التي أثمرت بما هو في مصلحة البلدين والشعبين اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، ولم يتأثر ذلك بتغير الرئاسة والحكومة الفرنسيتين بعد نجاح الاشتراكيين واستلامهم الحكم برئاسة الراحل ميتران... وكان ذلك تأكيدا على نضوج وصحة التقييم العراقي لفرنسا ودورها، وبغض النظر عن شخوص الحكم فيها. ومنذ ذلك الوقت أطر البعث قائد الدولة والمجتمع في العراق، علاقته بفرنسا تأسيسا على تقييم دقيق، أخذ فيما أخذ بعين الاعتبار "في حينه وفيما بعد" محددات النظرة الموضوعية لفرنسا الدولة:
- دولة أوروبية غربية متمسكة بمبدأ أمن الغرب .
- لاتينية الثقافة وليبرالية الفكر وعلمانية المنهج الحياتي.
- دولة مستعمرة تاركة بصمات ثقافية واجتماعية على المجتمعات التي استعمرتها.
- الدولة الأوروبية ذات التنوع العرقي والديني والثقافي الأوسع بسبب عدد المهاجرين من المستعمرات السابقة.
- متآمرة ومشاركة رئيسية في تقسيم الشرق العربي بعد الحرب الكونية الأولى.
- دعمت تاريخيا وبشكل مبكر الكيان الصهيوني عسكريا وعلميا فكانت نواة التجهيز للتفوق الجوي والأب الشرعي للبرنامج النووي "الإسرائيلي".
- منظومتها الأمنية مخروقة وقابلة للتعاون مع متطلبات الآخرين حتى بما هدد سيادة وهيبة الدولة الفرنسية في العديد من الحالات والوقائع: اختطاف وتصفية المهدي بن بركة، تهريب الزوارق الحربية من ميناء شيربورغ "لإسرائيل"، تفجير المفاعل النووي السلمي العراقي في الأراضي الفرنسية قبل شحنه، تصفية المعارض الإيراني شاهبور بختيار.
- قوة الجالية اليهودية الفرنسية وتأثيرها الواسع خاصة على الحزب الاشتراكي ووسائل الإعلام، واستغلالها الابتزازي المستمر لحقبة حكومة فيشي.
- الانتشار الواسع والتأثير الواضح للماسونية على مراكز القرار السياسية والاقتصادية.
- دورها الأوروبي الذي يشكل محورا في توجهاتها السياسية الدولية.
- تراجع دورها السياسي وتخليها عن مواقع النفوذ التقليدي في مستعمراتها الأفريقية لصالح الولايات المتحدة.
- استمرارها في تبني سياسة دفاعية خاصة بها، ودعمها لنشوء سياسة دفاعية أوروبية موازية للولايات المتحدة، ولها في ذلك مبرراتها السياسية والاقتصادية التي لا تتناقض مع روح مبدأ أمن الغرب.
وفي مرحلة لاحقة، كانت فرنسا جزاء من تحالف الحرب الأمريكية على العراق في العام 1991 وكانت جزاء فاعلا بما يتعارض ومصلحة شعب العراق في مرحلة الحصار ومرحلة مبكرة من فرض مناطق حظر الطيران في شمال وجنوب القطر، وشكلت فرنسا وضمن شخصنة واضحة متأثرة بالصهيونية حالة مبكرة متناغمة مع مسعى الأحزاب الكردية لسلخ شمال العراق عندما بادر ميتران وزوجته لترويج ودعم "الملاذات الكردية الآمنة".
فرنسا في عهد شيراك "الرئاسي" وفيما يخص العراق، كانت محكومة بتناقضية واضحة، مردها مؤسس على شخصية الرئيس شيراك المتأثرة بتأخر وصوله إلى الرئاسة كطموح شخصي حكم مساراته منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، وعلى خلفيته الماسونية في فترة مبكرة من عمره، وعلى ضغوط حالة المساكنة مع الاشتراكيين في الفترة الرئاسية الأولى. ومن ناحية موضوعية فقد اصبح شيراك رئيسا "لفرنسا صديقة العراق" كما حاول هو في ذلك الاتجاه جاهدا في عهد رئاسته للحكومة الفرنسية، لكن بعد أن أصبحت فرنسا حليفا للولايات المتحدة في عدوانها الثلاثيني، وبعد أن أضحت فرنسا دولة مهمة في لعب الأدوار الأممية "المصممة أمريكيا" لتعزيز وإدامة الحصار الجائر المفروض على العراق. وهنا لابد لنا من أن نؤشر محطات هامة في دور فرنسا في مرحلة الحصار الذي فرض على العراق والذي أفضى لمرحلة الاحتلال:
أولا، في البداية لابد من الإشارة إلى أن العراق بقيادته الوطنية قد بادر مؤثرا في رسم وتطوير العلاقات مع فرنسا منطلقا من التعامل التفضيلي الذي أعطى للجانب الفرنسي في قرار تأميم النفط العراقي عام 1972. ومع تعاقب الرئاسات الفرنسية منذ الراحل جورج بومبيدو وحتى رئاسة شيراك الجارية، كان التطور الحاصل في العلاقات العراقية الفرنسية إيجابا أو سلبا، مرتبطا بالمبادرة العراقية المنطلقة من مواقف العراق تجاه قضايا قومية وإقليمية، ومدى تطابق أو تعارض المواقف الفرنسية مع نظرة ومواقف العراق تجاه هذه القضايا. أما خصوصية العلاقة العراقية الفرنسية فقد بنيت على وقع من تحين أو منح الفرص الاقتصادية للمصالح الفرنسية في متطلبات العراق الاقتصادية والدفاعية في مرحلة ما قبل الحصار، ومن ثم كان يحدث ذات الشيء ضمن تطبيقات مذكرة التفاهم المؤسسة على برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء الذي روجت وركزت فرنسا لأجل تطبيقه في عهد الرئيس شيراك.
ثانيا، إن الترويج الفرنسي لبرنامج النفط مقابل الغذاء والدواء قد انصب على مرحلية البرنامج، ومن ثم فقد روجت فرنسا أيضا وساهمت في صياغة القرار الأممي 1284 والذي سعى لتجاوز مرحلية برنامج النفط مقابل الغذاء، باتجاه إدامة شروط فرض الحصار من خلال تطبيق آلية نستهدف التحكم المستمر بموارد العراق المالية وتحديد أوجه إنفاقها، بما كان يخدم مصلحة فرنسية مؤملة بسداد الديون الفرنسية على العراق. هنا تؤكد صحة ما ذهبنا أليه بتناقضية الموقف الفرنسي من العراق في عهد شيراك الرئاسي، حيث امتثلت فرنسا لمطلب الولايات المتحدة المحتلة للعراق والمتحكمة الآن في نفطه نهبا، و أسقطت الديون الفرنسية المتراكمة على العراق.
البعث والمقاومة العراقية المسلحة ومعهما شعب العراق يؤشرون لسياسة فرنسا بعد الاحتلال في سياق التقابل القتالي الجاري والمستمر مع المحتل وأعوانه وحلفائه، حيث أن الآنية والقطع السياسي هما الميزتان اللتان يمكن إطلاقهما على مواقف وسياسة فرنسا ورئيسها شيراك، وبالتالي فلا تعويل على المواقف الملفتة والمحقة التي تأخذ في اللحظة ولا تستمر لأكثر منها.
جهاز الإعلام السياسي والنشر
حزب البعث العربي الاشتراكي
العراق في الحادي عشر من آذار 2005