عبدالغفور الخطيب
09-03-2005, 04:21 PM
من هم أعداء الوحدة ؟
الوحدة عنصر مباهاة وفخر يبدأ ممارسته الطفل منذ نعومة أظفاره ، والرجل العادي والسياسي والمثقف ، كل حسب طريقته ، فسرد أفراد الأسرة او ذكر عدد ابناء العشيرة ، او التفاخر بعدد سكان المدينة او القطر او الأمة كلها أشكال ترنو بشكل او بآخر نحو وحدة ما .
وعندما يتعرض قطر عربي ، او شعب قطر عربي ، لحيف دولي او صهيوني ، فورا فان لسان المواطن والمثقف بشكل خاص ، ينطق بلوم الأمة وتقاعسها عن درء الخطر عن هؤلاء الأشقاء المعتدى عليهم ، لا بل يتعدى الأمر فيصل لرجال الحكم ، الذين يبادرون للتصريح الإعلامي لمناغاة الشعور الشعبي العام ، مطالبين بروح التضامن والوقوف الى جانب الأشقاء الخ .
لقد تدربت شعوب الأرض ، على أشكال وحدوية ، واكتشفوا ان تلك الأشكال والممارسات هي ضرورة تاريخية تحقق عدة وظائف هامة تصب في تقدم تلك الشعوب ، فاندماج الشركات الاقتصادية الصغيرة التي تكبر شيئا فشيئا من خلال خطوات اندماجية ( وحدوية ) جديدة ، دفع معه تطور القوانين التي تنظم علاقات الإنتاج بين الدولة وتلك المؤسسات التي لا يمكن إنكارها كعناصر مهمة في قوة البلاد ، ودفع معه موقف تفاوضي جيد ومتقدم في العلاقات الدولية .
وبالرغم من ان العناصر الطبيعية لتوحد العرب هي أكثر منها عند شعوب أوروبا والهند ، فان عملية توحدهم باتت كأنها ضرب من المستحيل والخيال . وقد يعود ذلك الى اكتفاءهم بالتذكير بتلك العناصر الطبيعية ، ولم تأتي مطالب التوحد الا بشكل إثارة الهمم الطيبة ، دون التركيز على وظائف وضرورات الوحدة التاريخية .
من كان يعادي تحقيق الوحدة ؟ ان التسرع بالإجابة على السؤال ستضر بالغاية من طرح الموضوع نفسه . فلم تكن هناك دعوة للوحدة أصلا وان ادعى احد ان هذا الكلام غير دقيق ، فانه يكون محقا اذا قصد منه الجوانب الأدبية التي أدرجناها ضمن إثارة الهمم الطيبة ، التي كانت تمجد بماضي تليد ، ومستقبل أميبي غير واضح الشكل في مخيال من يدعو للوحدة ومن يتلقى تلك الدعوة .
ان تراكم تلك الدعوات الثقافية والشعرية والأدبية ، قد اسهم في تعطيل الدعوة لتحقيق الوحدة . واخذ أعداء الوحدة يستخدمونها كتراث للهجوم على مشروع الوحدة ووصفها بالدعوات العبثية .
لم يكن هناك دعوات إجرائية ، آتية من قوى او مجموعات تستطيع ضمان الوصول لمشروع الوحدة لنهايته ، فكانت إما ان تصدر من قائد دولة قطرية مزاجي ، لا يستطيع تحويل أمنياته التي قد يكون آمن بها فعليا ، او جاهر بها لمناغاة الجماهير التي تحلم بها .
وعندما نتذكر انه كان في الستينات مجموعة حكام في ست دول هي الجزائر و مصر والعراق وسوريا و السودان واليمن ، كان هؤلاء الحكام يكادون ان يكونوا متطابقين في نظراتهم نحو الوحدة بشكل إيجابي ( أي وحدويون ) . لكنهم انكفئوا نحو قطريتهم وتفننوا في حماية حدود الدولة القطرية دون ان يتقدموا بشكل ملحوظ نحو الوحدة ، الا في خطاباتهم الملتهبة . علما بأنهم كانوا يحكمون حوالي 80% من مجموع الشعب العربي . لقد أضاعوا إحدى الفرص التاريخية النادرة ، حيث انهم كانوا يعيشون في وقت لا تزال معظم دول العالم التي اشتركت في الحرب العالمية الثانية منشغلة في لملمة جراحها واعادة توظيب بيوتها ، لدرجة لم تكن فيها متفرغة للتخطيط لمؤامرات ضدنا كأمة ، كما هي الحال عليه الآن .
ومن هنا فقد تصلبت بعض المهارات المعادية للوحدة بحيث أصبحت قوتها اكبر من تلك التي تطالب بالوحدة ، وتناغم أداءها مع أداء القوى التي أوجدت ( سايكس بيكو ) وحمتها . لكن من هي تلك القوى وكيف يمكن التعرف عليها ؟
1 ـ القوى الخارجية ، وهذه معروفة بنواياها وتناقض مصالحها مع مصلحة الوحدة .
2 ـ النخب العشائرية التي تحكم بعض الأقطار ، وتستفيد من الحالة القطرية لضمان ديمومة مصالحها ، من خلال معرفتها الحصرية ، بادارة عينة محددة من الشعب العربي ، ولا تريد المغامرة بتوسيع دائرة نفوذها ، حتى لا تفتح عليها أبواب قد لا تستطيع القدرة على سدها ، هذا بالإضافة لاصطدامها بإرادة القوى الإقليمية الأخرى .
3 ـ مواطنين دول قطرية بعينها تخشى ان تفقد امتيازاتها بمشاركة الآخرين لها في نعيمها ، وهذا خطاب تم التركيز من قبل الحكومات القطرية لتعبئة مواطنيها ضد أشقاءها في الأقطار الأخرى .
4 ـ النخب الثقافية الملتصقة بالحكومات القطرية ، والتي تزين خطاب الدولة القطري ، حرصا على مكاسبها التي اذا ما تمت السيطرة على مراقبتها من دولة مؤسسات وحدوية ، فانها تصبح في خطر .
5 ـ الأقليات غير العربية ، التي تهب بين فترة و أخرى لشطب كلمة عروبة من اسم القطر او الوطن ، او الانتماء ، الأقطار المغربية ، والسودان والعراق وغيرها من الأقطار التي تظهر بها تلك المسألة ، والغريب ان تلك الأقليات كانت باستمرار من أوائل مؤسسين الأحزاب الشيوعية ( الأممية ) .
6 ـ القوى الاسلامية التي تسفه الخطاب الوحدوي ، وتدعو لوحدة إسلامية ، وهي نفسها تسفه تلك الطائفة الاسلامية التي لا تلتقي معها في المذهب وتتهمها احيانا بالكفر ، أيهما اكثر قابلية للتحقيق الوحدة العربية ، أم الوحدة الاسلامية .
من هنا كنا نرى الجامعة العربية الحد الأدنى من أشكال العمل الوحدوي لم يرتق الى حتى تطوير السوق العربية المشتركة الذي كتب عنه أوراق قد تغطي مساحة قطر عربي بكامله ، دون ان نرى لها وجود .
هذا هو حال الوحدة المطلب الجليل لكل ابناء الأمة ، وما لاقى من جهود شوهت أصالة المطلب وقدسيته بقصد خبيث او قصد شريف .
الوحدة عنصر مباهاة وفخر يبدأ ممارسته الطفل منذ نعومة أظفاره ، والرجل العادي والسياسي والمثقف ، كل حسب طريقته ، فسرد أفراد الأسرة او ذكر عدد ابناء العشيرة ، او التفاخر بعدد سكان المدينة او القطر او الأمة كلها أشكال ترنو بشكل او بآخر نحو وحدة ما .
وعندما يتعرض قطر عربي ، او شعب قطر عربي ، لحيف دولي او صهيوني ، فورا فان لسان المواطن والمثقف بشكل خاص ، ينطق بلوم الأمة وتقاعسها عن درء الخطر عن هؤلاء الأشقاء المعتدى عليهم ، لا بل يتعدى الأمر فيصل لرجال الحكم ، الذين يبادرون للتصريح الإعلامي لمناغاة الشعور الشعبي العام ، مطالبين بروح التضامن والوقوف الى جانب الأشقاء الخ .
لقد تدربت شعوب الأرض ، على أشكال وحدوية ، واكتشفوا ان تلك الأشكال والممارسات هي ضرورة تاريخية تحقق عدة وظائف هامة تصب في تقدم تلك الشعوب ، فاندماج الشركات الاقتصادية الصغيرة التي تكبر شيئا فشيئا من خلال خطوات اندماجية ( وحدوية ) جديدة ، دفع معه تطور القوانين التي تنظم علاقات الإنتاج بين الدولة وتلك المؤسسات التي لا يمكن إنكارها كعناصر مهمة في قوة البلاد ، ودفع معه موقف تفاوضي جيد ومتقدم في العلاقات الدولية .
وبالرغم من ان العناصر الطبيعية لتوحد العرب هي أكثر منها عند شعوب أوروبا والهند ، فان عملية توحدهم باتت كأنها ضرب من المستحيل والخيال . وقد يعود ذلك الى اكتفاءهم بالتذكير بتلك العناصر الطبيعية ، ولم تأتي مطالب التوحد الا بشكل إثارة الهمم الطيبة ، دون التركيز على وظائف وضرورات الوحدة التاريخية .
من كان يعادي تحقيق الوحدة ؟ ان التسرع بالإجابة على السؤال ستضر بالغاية من طرح الموضوع نفسه . فلم تكن هناك دعوة للوحدة أصلا وان ادعى احد ان هذا الكلام غير دقيق ، فانه يكون محقا اذا قصد منه الجوانب الأدبية التي أدرجناها ضمن إثارة الهمم الطيبة ، التي كانت تمجد بماضي تليد ، ومستقبل أميبي غير واضح الشكل في مخيال من يدعو للوحدة ومن يتلقى تلك الدعوة .
ان تراكم تلك الدعوات الثقافية والشعرية والأدبية ، قد اسهم في تعطيل الدعوة لتحقيق الوحدة . واخذ أعداء الوحدة يستخدمونها كتراث للهجوم على مشروع الوحدة ووصفها بالدعوات العبثية .
لم يكن هناك دعوات إجرائية ، آتية من قوى او مجموعات تستطيع ضمان الوصول لمشروع الوحدة لنهايته ، فكانت إما ان تصدر من قائد دولة قطرية مزاجي ، لا يستطيع تحويل أمنياته التي قد يكون آمن بها فعليا ، او جاهر بها لمناغاة الجماهير التي تحلم بها .
وعندما نتذكر انه كان في الستينات مجموعة حكام في ست دول هي الجزائر و مصر والعراق وسوريا و السودان واليمن ، كان هؤلاء الحكام يكادون ان يكونوا متطابقين في نظراتهم نحو الوحدة بشكل إيجابي ( أي وحدويون ) . لكنهم انكفئوا نحو قطريتهم وتفننوا في حماية حدود الدولة القطرية دون ان يتقدموا بشكل ملحوظ نحو الوحدة ، الا في خطاباتهم الملتهبة . علما بأنهم كانوا يحكمون حوالي 80% من مجموع الشعب العربي . لقد أضاعوا إحدى الفرص التاريخية النادرة ، حيث انهم كانوا يعيشون في وقت لا تزال معظم دول العالم التي اشتركت في الحرب العالمية الثانية منشغلة في لملمة جراحها واعادة توظيب بيوتها ، لدرجة لم تكن فيها متفرغة للتخطيط لمؤامرات ضدنا كأمة ، كما هي الحال عليه الآن .
ومن هنا فقد تصلبت بعض المهارات المعادية للوحدة بحيث أصبحت قوتها اكبر من تلك التي تطالب بالوحدة ، وتناغم أداءها مع أداء القوى التي أوجدت ( سايكس بيكو ) وحمتها . لكن من هي تلك القوى وكيف يمكن التعرف عليها ؟
1 ـ القوى الخارجية ، وهذه معروفة بنواياها وتناقض مصالحها مع مصلحة الوحدة .
2 ـ النخب العشائرية التي تحكم بعض الأقطار ، وتستفيد من الحالة القطرية لضمان ديمومة مصالحها ، من خلال معرفتها الحصرية ، بادارة عينة محددة من الشعب العربي ، ولا تريد المغامرة بتوسيع دائرة نفوذها ، حتى لا تفتح عليها أبواب قد لا تستطيع القدرة على سدها ، هذا بالإضافة لاصطدامها بإرادة القوى الإقليمية الأخرى .
3 ـ مواطنين دول قطرية بعينها تخشى ان تفقد امتيازاتها بمشاركة الآخرين لها في نعيمها ، وهذا خطاب تم التركيز من قبل الحكومات القطرية لتعبئة مواطنيها ضد أشقاءها في الأقطار الأخرى .
4 ـ النخب الثقافية الملتصقة بالحكومات القطرية ، والتي تزين خطاب الدولة القطري ، حرصا على مكاسبها التي اذا ما تمت السيطرة على مراقبتها من دولة مؤسسات وحدوية ، فانها تصبح في خطر .
5 ـ الأقليات غير العربية ، التي تهب بين فترة و أخرى لشطب كلمة عروبة من اسم القطر او الوطن ، او الانتماء ، الأقطار المغربية ، والسودان والعراق وغيرها من الأقطار التي تظهر بها تلك المسألة ، والغريب ان تلك الأقليات كانت باستمرار من أوائل مؤسسين الأحزاب الشيوعية ( الأممية ) .
6 ـ القوى الاسلامية التي تسفه الخطاب الوحدوي ، وتدعو لوحدة إسلامية ، وهي نفسها تسفه تلك الطائفة الاسلامية التي لا تلتقي معها في المذهب وتتهمها احيانا بالكفر ، أيهما اكثر قابلية للتحقيق الوحدة العربية ، أم الوحدة الاسلامية .
من هنا كنا نرى الجامعة العربية الحد الأدنى من أشكال العمل الوحدوي لم يرتق الى حتى تطوير السوق العربية المشتركة الذي كتب عنه أوراق قد تغطي مساحة قطر عربي بكامله ، دون ان نرى لها وجود .
هذا هو حال الوحدة المطلب الجليل لكل ابناء الأمة ، وما لاقى من جهود شوهت أصالة المطلب وقدسيته بقصد خبيث او قصد شريف .